"جذور" شريان الحياة لأشجار الجوّافة
الخليل-معا - الحجارة تملأ الأراضي، والعشب يستهلك ترابها دون ثمار، لم يكن يستطيع المزارع حسين غنيمات الوصول إلى أرضه، لذا بقي مجبراً على تركها بوراً لا يستفيد منها رغم حاجته للاستثمار فيها، فهو مزارع وقفت الطبيعة بجغرافيتها الصعبة حائلاً أمام إنتاجه الزراعي منها، وفي ذات الوقت فإن إمكانية أن يشق الطريق لوحده يعتبر أمراً شاقاً.
في منطقة تدعى "الجبعة"، ببلدة صوريف إلى الشمال من مدينة الخليل، يقف المزارع غنيمات على أرضه مبتسماً، ينظر بعين القرب إلى مشروعه في زراعة أشجار الجوّافة التي يقول أنها تثمر هنا، فالأرض أصبحت قريبة بعد أن شق مشروع "جذور" الطريق الزراعي، والذي ينفذه اتحاد لجان العمل الزراعي بتمويل من الاتحاد الأوروبي.
يصف المزارع غنيمات الطريق أنه شريان يضخ الحياة للأرض، وأن حركة المواطنين فيها باتت شبه يومية، وأن جيرانه يتطلعون لأهمية استصلاح الأرض وتطويرها، والاستثمار فيها.
وأضاف أن التكاليف الباهظة في شق الطريق، وفّرها لاستصلاح الأرض وتعميرها وزراعتها، حيث عمل على إدخال المعدات الزراعية إليها، وعاد تأهيلها وقلّب ترابها ليشم هواءً نقياً، "أريد زراعتها أشجاراً مثمرة، وخصوصاً الجوّافة".
غنيمات يجابه الاستيطان!
المنطقة تصنّف أراضي "ج"، مهددة باستيطان الاحتلال الإسرائيلي، فهي محاذية لجدار الفصل العنصري، لكنّ غنيمات يقول أنه وقف في وجه الاستيطان مراراً وأوقف الامتداد من خلال كسب أربع قضايا قانونية في محاكم الاحتلال الإسرائيلي، "تملك عائلتي طابو تركي في أرضنا"، وبذلك يحافظ على وجوده ضد قطعان المستوطنين في الاستيلاء عليها، إضافة إلى سعيه في تنفيذ المشروع بالتعاون مع جيرانه في المنطقة.
وأوضح أنه يزرع الخضار وأشجار الزيتون في أرض أخرى يملكها، مؤهلة بالبنية التحتية اللازمة للزراعة، "سيكون المشروع الجديد في الأرض التي تم شق الطريق إليها، كما أن هناك أراضي أخرى أملكها ولا تصلها طريق، أتمنى مستقبلاً وصول المزيد من المشاريع لشق الطرق وإيصالها لكافة المناطق".
وأشار إلى أن المزارعين في منطقة "جبعة" اتفقوا على تنفيذ المشروع مع اتحاد لجان العمل الزراعي، "دون إعاقة أو تردد من أحد، فالجميع مستفيد من تنفيذ المشروع، والحاجة كبيرة لوجود الطريق، ولم يكن هناك صعوبات يتم تسجيلها".
وأضاف أن المشروع لم يلزم المزارعين بتحمل تكاليف، حيث أن نسبة مشاركة المزارعين دفعتها بلدية صوريف.
وأكد خالد عابد عضو مجلس بلدي صوريف أن البلدية ساهمت في المشروع، بدفع 1200 يورو أوروبي لكل كيلو متر في الطريق.
وقال أن البلدية تقدّر الأهمية الكبيرة للمشروع، إذ إن الأراضي تقع في جبال جغرافيتها وعرة، وفي ذات الوقت يجب تعزيز صمود المواطن فيها لأنها مناطق مهددة بالمصادرة من قبل الاحتلال الإسرائيلي لصالح الاستيطان.
وأوضح أن المشروع عزز علاقات المزارعين مع البلدية، "قبل أيام كان هناك اجتماع للبلدية مع كافة المزارعين المستفيدين من المشروع، للاطلاع على آخر تطورات العمل في الأراضي التي يتم استصلاحها، وكذلك بحث إذا ما كان هناك صعوبات ليتم تذليلها أمامهم في طريق تحقيق التنمية".
وأضاف أن كافة أراضي "جبعة" يحدها جدار الفصل العنصري، معبراً عن استعداد البلدية في توفير الدعم والإسناد والمتابعة مع كافة الجهات التي توفّر مشاريع تنمية الأراضي والمناطق في بلدة صوريف.
مشاريع التنمية في مناطق "ج"، والتخطيط لشق الطرق وتنظيم الجهود لانجازها، يشجّع المواطنين على إعمار أراضيهم، ويؤشر على تقليل نسبة خطورة وجود الاستثمارات فيها وتطويرها.