ظاهرة الأمير الشاب تتدحرج.. ولي عهد الأردن الأسبق يصلّي الجمعة بلا حراسة ودون ترتيبات بعد تغريدته “الحراكية” المثيرة للجدل: استذكار لعهد الشريف زيد بن شاكر وسؤالٌ عن احتمالات انخراطه بالشأن المحلي بعد “تبرؤ” ملكي من مُغرّدة أساءت للأمير حمزة بن الحسين
September 29, 2018
برلين – “رأي اليوم” – فرح مرقه:
رسالة جديدة يتبادلها ولي عهد الأردن السابق الأمير حمزة بن الحسين مع الشارع الأردني في غضون أسبوع، الا انها هذه المرة وجهاً لوجه، حيث أمير شاب يركن سيارته بنفسه ودون طقم حراسة ويصلّي الجمعة مع الناس في مسجد شهير في دابوق يحمل اسم والده الملك الحسين. ظاهرة الأمير الشاب بهذا المعنى تعود للتدحرج في المجتمع الأردني ككرة ثلج، وفق توصيف أحد الناشطين.
الأمير الشاب، والذي غاب عن الأنظار لفترة طويلة عاد للمشهد الأردني بقوة عملياً بُعيد الحراك الشعبي الأخير، حيث القى كلمة ارتجالية في مدرسة الليوبيل التي تخرج منها أثناء غياب شقيقه الملك عبد الله الثاني في الولايات المتحدة في إجازة خاصة. ولاقت الكلمة صدى واسع بعدما تحدث فيها عن الإحباط الذي ينتاب الشباب وانه يدرك انهم يشعرون ان الوطن “لفئة معينة تسيطر عليه بالشللية والمال والمعارف”، مطالباً إياهم بعدم فقدان الامل ومستذكراً عهد والده الملك الراحل الحسين بن طلال والملقّب بـ “ملك القلوب”.
الكلمة المذكورة في حينها أثارت شجون الأردنيين، أولا لأنها لامست واقعهم، وفق تقييمات استمعت اليها مباشرة “رأي اليوم”؛ وثانياً، لان الأمير يحمل الكثير من صفات والده، بما في ذلك صوته العميق، الامر الذي جعل وسائل التواصل الاجتماعي تعجّ بمقاطع من الكلمة التي القاها في حينها.
لاحقاً ظهر الأمير مجدداً في اعقاب أحداث السلط الدموية وهو في بيت عزاء الرائد معاذ الحويطات يبكي بحرقة وينعى “رفيق السلاح”. ثم عاد بالتغريدة التي اعتبرها المراقبون “إشارة” لدور جديد سيبرز فيه ولي العهد السابق الهاشمي، فتحدث بسقف مرتفع عن محاربة الفساد وفشل الإدارة في القطاع العام والابتعاد عن جيوب الأردنيين لدرء “الهاوية”.
التغريدة المذكورة اثارت عاصفة من الجدل، خصوصا وهي تأتي بالتزامن مع غياب عاهل الأردن في نيويورك في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. أحد المراقبين أكد لـ “رأي اليوم” ان تغريدة ناشطة تُحسب على القصر، “ساهمت في حرف مسار الجدل، ونقلته لمستوىً لم يكن أحد يريد له ان يكون”، فبدأت وسائل التواصل الاجتماعي تتداول” تأويلات لمآلات التغريدة في العائلة المالكة” قبل ان يصدر الجمعة خبر على صحيفة الرأي الأردنية شبه الحكومية، يفيد بتبرؤ مكتب الملكة رانيا (زوجة الملك عبد الله الثاني) من الناشطة التي كانت قد هاجمت الأمير حمزة، الأخ غير الشقيق للملك عبد الله.
بهذا التصريح، وان كان على لسان مصادر، ترجح كفة تفسيرات “رأي اليوم” للعودة الأميرية، حيث ولي العهد الأسبق يستعد لتولي مهمة لا تزال غير واضحة المعالم تختص بالشأن الداخلي وترتيباته وقرارات صعبة، يبدو أن شخصية الدكتور عمر الرزاز لم تفلح في اتخاذها في الوقت المناسب، حيث وفقا لتوصيف الكاتب والناشط السياسي محمد عمر فقد لجم رئيس الوزراء الحالي الدكتور الرزاز عقله وفكره “كما فعل العالم ستيفين هوكنغ. الذي رثاه الرزاز في مقالة استذكر فيها قصة “بلد العميان” البريطاني هربرت جورج عندما اكتشف بطل القصة بانه مجبر على العمى ليتم تقبله في بلد العميان، وهكذا فعل هوكينغ عندما كبح جماح عقله في عالم الذهنيات البسيطة.”
رئيس الوزراء الأردني والذي عوّل عليه عاهل البلاد في إحداث “نهضة وطنية شاملة”، يبدو أنه لا يزال يعمل ببطء شديد، في وقت يلتقط فيه الأمير اللحظة، وعلى الأرجح بترتيب مع القصر، ويبني الصدمة المطلوبة، إما ليستغلها رئيس الوزراء- الذي أضاع سلفاً العديد من الفرص واللحظات برأي مقربين ورؤساء وزراء سابقين- أو ليصنع منها بالتوافق مع القصر لحظةً يدخل هو منها على المشهد الأردني، بغطاء ملكي شامل يدعم فيها التغيير والتعديل بصورة قد تعيد نماذج الأمراء المساندين للقصر ورؤاه في مرحلة الملك حسين كنموذج الشريف زيد بن شاكر، الذي كان من العائلة المالكة وذو خبرة وخلفية عسكرية واستعان به العاهل الأردني الراحل الملك الحسين بعدما خلت الساحة من رجال سياسية مقبولين للشارع في أزمة عام 1989.
الأمير حمزة ذو شخصية مهتمة تماماً في الشأن الداخلي ولديها القبول الذي يثبته الأمير الشاب وهو ينزل للجنوب لعزاء رفيق السلاح ويصلّي في العاصمة بلا موكب او حرس، ويغرّد منتقداً كل المستويات في القطاع العام وإدارته، ما يجعل الخيار وارداً بأن تصنع التحركات من الأمير صاحب مكانة مختلفة وموقع رسمي- قد يُستحدث له- للإطلالة رسميّاً على المشهد الداخلي، بينما يستمر الملك في تولي الملفات الخارجية الكثيرة والمتشعبة والتي تغدو أكثر تعقيداً شيئاً فشيئا.
بكل الأحوال، ارهاصات دخول الأمير حمزة بن الحسين للمشهد السياسي الأردني واضحة رغم ان الكيفية والالية لا تزال حتى اللحظة قيد الترقب والتنبؤ، خصوصاً إذا ما كانت الرغبة الملكية لا تزال تصرّ على شخصية مدنية وليست ذات خلفية عسكرية لتدير المشهد المحلّي من منصب رئيس الوزراء، الأمر الذي لا ينفي بروز الحاجة المحلية لغطاء حاسم ومتابِع من شخصية مقبولة وتوافقية قد تحمل الخلفيتين العسكرية والآميرية التي يحملهما الأمير الشاب، مستشار قائد الجيش الأردني والقريب جداً من المؤسسة العسكرية قلباً وقالباً.
ظاهرة الأمير الشاب لا تزال تتدحرج في الوقت الذي وصل فيه عاهل الأردن لبلاده، الامر الذي يعجّل بحسم الجدل خصوصاً مع اقتراب لحظة الصفر المتوقعة حين تبدأ الاعتصامات الشعبية ضد البرلمان والحكومة معاً مع رفع أسعار المحروقات المقبل، والذي- إن تم- سيستنسخ احتجاجات ما قبل 100 يوم، وعلى الاغلب سينهي عهد حكومة الدكتور الرزاز مع البرلمان، وفق قراءة مراقبين.