سيناريو «تفخيخ» السويداء والدروز بتنظيم «الدولة» يقلق الأردن والخطر الأكبر مجازفة بشار بملف «سد اليرموك» ومحاكاة مناورات الأسد المتأهب لمنطقة عازلة هي ما يقلق الإيرانيين
عمان ـ الرياض وجهاً لوجه ضد محور طهران ـ دمشق وعودة كواليس إسطوانة «غزو جنوب سوريا»
بسام البدارين
May 11, 2017
عمان ـ «القدس العربي»: إذا كان الهدف فنياً فالدلالة سياسية بامتياز عندما يتعلق الامر بأرفع وسام سعودي عسكري تم تقليده لرئيس الاركان الأردني الجديد الجنرال محمود فريحات الاسبوع الماضي.
تجاهل المراقبون وهم يتابعون تطورات التصعيد الكلامي بين الأردن ونظام دمشق هذه الجزئية في المشهد الأمني الاقليمي حيث يجتمع جنرالات الاركان في السعودية والأردن بعد لقاءات فنية ومهنية ومشاورات بالتفاصيل وتلتقط بعض الصور لتقليد الجنرال الأردني الوسام السعودي عشية الجدل الذي تثيره في الاقليم النسخة السابعة من مناورات الاسد المتأهب والذي يستضيفها الجنرال فريحات على أرض بلاده بمشاركة 23 دولة من ابرزها السعودية.
الجنرال فريحات طوال الوقت من الخبراء المباشرين والمطلعين على تفاصيل التفاصيل عندما يتعلق الامر بأزمة الحدود مع جنوب سوريا فقبل رئاسته للأركان كان الرجل قائداً للمنطقة الشمالية ومسؤولاً مباشراً عن تامين الحدود.
اليوم ثمة أنباء عن هواجس سعودية وأمنية مشتركة قد لا تكون لها علاقة بالنشاطات الاعتيادية في منطقة درعا بقدر ما لها علاقة بمنطقة صحراوية حدودية ضيقة أقصى شمال البادية الأردنية تنحصر أهميتها في أن الفاصل الجغرافي بسيط جداً وهو جزء من الأرض العراقية بين الحدود السورية وحدود الأردن الصحراوية مع السعودية.
هذه النقطة كانت طوال السنوات الثلاث الماضية مثاراً للبحث والتأمل لأن بعض مجموعات تنظيم «الدولة ـ داعش» الإرهابي قريبة منها وتأمينها عسكريا بقي طوال هذه السنوات الثلاث من محاور النقاش الدائمة بين العسكريين والأمنيين في الرياض وعمان وبغداد.
هذه التغطية هي التي تبرر ليس فقط التعاون العسكري بين الأردن والسعودية في المسالة السورية.
لكن تبرر في المقابل وايضا وجود نحو الف عسكري سعودي يتمركزون إلى جانب قوات اردنية داخل الحدود الأردنية الفاصلة مع البادية الشمالية وهي قوات كانت موجودة ومازالت بهدف التأمين والاحتياط ولا علاقة لها باستراتيجيات الأسد المتأهب.
وجود نقطة ملتهبة أمنياً في منطقة صحراوية ضيقة جغرافيا بين طرف حدود الأردن مع السعودية والعراق وأطراف جبل العرب والسويداء داخل سوريا لا يشكل الملف الابرز في الهموم الأمنية التي تشغل الأردن.
بعيدا عن تلويح النظام السوري والمعركة التي فتحت ضد الأردن عبر إيران وأذرعها مثل محطة «الميادين» وبيانات حزب الله يمكن القول بأن المواجهة الاساسية الأمنية التي تشغل الأردنيين بصفة حصرية قد لا تكون لها علاقة بكل الجدل المثار حول درعا وما يجري فيها او سيناريوات ما يمكن ان يجري فيها لاحقا.
ثمة خبراء عسكريون ومفاصل أخرى على أطراف حدود البادية الشمالية الأردنية تعتبر أكثر أهمية وأكثر خطورة عبر مناطق تثير اهتمام دول اخرى في الجوار من بينها إسرائيل ثم العراق والسعودية.
محور السويداء مثلا في امتداد شمال درعا من المحاور الأساسية التي يحتاط الأردن فيها ويراقبها، كذلك صحن السويداء في منطقة جبل العرب الوعرة الناشطة في التهريب وبدون حراسات عسكرية في الماضي في اتجاه شمال بادية الأردن.
حوض نهر اليرموك نقطة ملتهبة مهمة جداً لا تحظى بأضواء الإعلام يمكن اعتبارها من النقاط الساخنة حيث كتيبة «خالد بن الوليد» الموالية لتنظيم «داعش» والتي تبعد عن الأردن كما قال الفريحات نفسه نحو كيلو متر واحد.
طبعاً منطقة أقصى أطراف الأغوار الشمالية حيث الطرف الجنوبي من القنيطرة والجولان ايضا من النقاط المهمة لإسرائيل والأردن.
على نطاق واسع يمكن القول بأن هواجس الأردن العسكرية والأمنية الاستراتيجية غير متعلقة بالحدود العريضة المفتوحة مع درعا فقط.
الأهم من هذه الحدود وفقاً لمصدر مطلع هو ما يحتمل ان يجري في جبل العرب تحديدا واطراف السويداء، وما يحتمل ان يجري في سيناريو العبث في موضوع المياه الاستراتيجي والخطير من قبل النظام السوري حيث اخطار امنية مباشرة على الأردن هنا وحساسة ضمن معرفته بما كان يصفه رئيس الوزراء الاسبق الدكتور عبد الله النسور بخيارات شمشون عند النظام السوري.
يعتقد وعلى نطاق واسع في عمان بأن النظام السوري يتبع استراتيجية خبيثة بخصوص الدروز في السويداء ودير الزور وهم عملياً جيران بدو شمال الأردن وهي استراتيجية تستند إلى إلحاق الدروز قصراً في المواجهة لصالح النظام عبر فتح ثغرات في محيط السويداء وجبل العرب تسمح لتنظيم «داعش» للتسرب وعبر الضغط على «داعش» في بعض الأطراف وترك ملاذات لها باتجاه دير الزور والسويداء وجبل العرب، بمعنى آخر تفخيخ السويداء بتنظيم «الدولة ـ داعش» وهو الامر الذي يقلق الأردن فعلاً وجداً ودفعه منذ أكثر من عامين لمشروع تسليح الدروز كقاعدة دفاعية اولى ضد تنظيم «داعش» اذا ما حاول الاقتراب من بادية الشمال.
استراتيجيا مخاطر ملف المياه وسيناريو السويداء هو الأكثر قلقا للأردن وليس ما يجري في درعا ومن الواضح بأن عمان مرتابة بإصرار النظام السوري على بقاء قوات نظامية قليلة جداً وغير مسلحة بقوة في محيط محور السويداء وأي مشكلة أمنية لها علاقة بجغرافيا البادية الشمالية الأردنية تثير بالنتيجة اهتمام العراق والسعودية.
يفهم الأردنيون إزاء ذلك أن التصعيد الأخير إعلاميا ضدهم من قبل الرئيس بشار الاسد اولا والوزير وليد المعلم والسفير السابق بهجت سليمان ثانيا هو التصعيد الذي يمهد لنمط ثالث من التحريض تقف خلفه إيران واذرعها العسكرية والإعلامية التي تحاول التضخيم في عنوان واحد هو التحشيد العسكري شمالي الأردن لغزو جنوب سوريا.
التحريض الايراني والتصعيد السوري له مبرر هنا فمناورات الاسد المتأهب في نسختها السابعة تتضمن لأول مرة في برنامجها التدريبي مشاريع محددة له علاقة بالاشتباك الهجومي وليس الدفاعي كما كان يحصل سابقا ولها علاقة ـ وهذا الاهم بحماية وتامين المجتمع الاهلي والعمل بالتنسيق مع منظمات مدنية.
الامر الذي يؤشر على محاكاة محتملة لمشروع المنطقة العازلة جنوب سوريا وهي منطقة يعلم الجميع أن عمان تتحمس للاستثمار فيها وبانها اذا ما اصبحت واقعا موضوعيا ستقف عقبة جغرافية عسكرية في وجه طموحات الحرس الثوري الايراني وحزب الله اللبناني في التمترس في موطيء قدم جنوبي سوريا، هنا حصريا قد يكمن شياطين التفاصيل في المواجهة الجـديدة عـبر مـخالب الإعـلام وعلى الحـدود بين الأردن والسـعودية من جـهة وإيـران وأذرعها من جـهة أخرى.