بازار باب العمود
سما حسن 14 مايو 2017
في الوقت الذي تتعاظم فيه الهجمة الشرسة من
الاحتلال الإسرائيلي على مدينة القدس، وفي الوقت الذي يخوض فيه الأسرى الفلسطينيون إضرابهم المفتوح عن الطعام، تتحرك النساء المقدسيات لكي يؤكدن على وجودهن وحقهن في الحياة. وعلى سعيهنّ لإيجاد لقمة عيش شريفة وسط الظروف الصعبة التي تعيشها النساء المقدسيات خاصة أمهات الأسرى، وكذلك الأمهات والشابات القاطنات في المنطقة المصنفة "ج" سياسياً، وحيث يتفنن الاحتلال في قطع سبل العيش لقاطني هذه المنطقة.
هكذا أقيم في
رام الله بازار يحمل اسم "بازار باب العمود"، حيث قامت المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية - مفتاح، وبالتعاون مع الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، ومن خلال برنامجها تعزيز المشاركة المجتمعية، بتنفيذ مشروع "تنمية المجتمعات المحلية اقتصاديا في المناطق الفلسطينية المهمشة"، والذي يهدف إلى المساهمة في تنمية المجتمعات المحلية في المناطق المهمشة لأسباب كثيرة من خلال تقوية دور العضوات القياديات في المجالس المحلية، خصوصاً الشابات منهن، للقيام بدور فاعل ومؤثر يرفع من واقع النساء في مجتمعاتهن، وقد تم تنفيذ هذه الفعالية لسد احتياجات النساء المهمشات من خلال تمكينهن اقتصادياً، عبر منح اقتصادية تمرر لمجموعات النساء المصنفات أقل حظاً في المجتمعات المحلية، وهؤلاء النساء لم يخلقن فقيرات أو في أوضاع صعبة، ولكن الظروف المستجدة هي التي أوصلتهن ليصبحن قائدات لأسرهن وعائلات لعوائلهن مثل الفقد والسجن لرب العائلة.
وقد كانت إقامة هذا البازار تتويجاً لجهود مضنية قامت بها هذه الشريحة من النساء، واللواتي حرصن على تنويع منتجاتهن اليدوية، وكذلك مواكبة روح العصر، خاصة أن شابات صغيرات قد التحقن بهذه البرامج التي فتحت لهن منفذاً للعمل وباباً للرزق، والحرص على إقامة البازار ما هو إلا أحد أبواب الدعم للمقدسيات ولصمودهن، خاصة أن استغلال خامات الطبيعة الفلسطينية هو شعار البازار، والتركيز على المطرزات اليدوية الفلسطينية ودمجها بالحداثة كما في الأزياء التي تم عرضها، والتي قدمتها شابات عارضات ولاقت إعجاب الجمهور، حيث لوحظ أن التطريز الفلسطيني كان مدمجاً بطريقة سحرية وليس مقحماً في هذه الأزياء.
يشار إلى أن اختيار اسم "باب العمود" لهذا البازار قد جاء للإشارة لأهم أبواب المسجد الأقصى في القدس، باب العمود في الجدار الشمالي لسور القدس، حيث يعتبر الباب الرئيس للدخول إلى زهرة المدائن القدس، تميز هذا الباب عن جميع الأبواب بأبراجه الدفاعية المتينة، وبالجمال والثراء المعماري، بالغ الذوق، عظيم الزخرفات الجمالية الرائعة والأكثر استحقاقا للتأمل والتوقف عندها طويلا، فهو من أبرز نماذج العمارة العسكرية في القرن السادس عشر الميلادي، وقد تعرض هذا الباب للتدمير الكامل أثناء الحروب، وأعيد بناؤه بأمر من السلطان العثماني سليمان القانوني في العام 1538.