منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 درس مهاتير محمد الذي لم يقرأه حكام مصر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75477
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

درس مهاتير محمد الذي لم يقرأه حكام مصر  Empty
مُساهمةموضوع: درس مهاتير محمد الذي لم يقرأه حكام مصر    درس مهاتير محمد الذي لم يقرأه حكام مصر  Emptyالثلاثاء 23 مايو 2017, 10:02 pm

درس مهاتير محمد الذي لم يقرأه حكام مصر  933


درس مهاتير محمد الذي لم يقرأه حكام مصر  871

قواعد الاستبداد الأربعة
محمد حماد

المستبد يعشق أربعة، ويكره أربعة، ويستخدم أربعة.
 
يعشق المستبد القوة والسيطرة والسلطة وإصدار الأوامر، ويتوَّلَه برأيه، يحتكم إليه، ويحكم به، مستغنياً عن كل رأيٍ لا يوافق هواه، رأبه صواب، والآخرون لا رأي لهم عنده، يحب الظهور في صورة أن كل ما يجري بتوجيهاته، وبناء على تعليماته، وتنفيذاً لأوامره، يفضل طول الوقت أن يخشاه الناس من أن يحبه بعضهم، الخوف مقدم عنده على المحبة، يظهر القوة مداراة للضعف.
 
والمستبد جاهل، لا يحب العلم وأهله، ويكره الحرية ولا يرى فيها إلا الفوضى، يتمنى لو أنه استطاع أن يضع كمامات فوق كل الأفواه، حتى لا يخرج منها غير ما يرضيه، ويرضي غروره.
 
يكره المستبد كل الحدود والقيود، لا يحده قانون، ولا يقيده دستور، يشرع القوانين لحكم ريعاه، ويبقى هو فوق كل قانون، متجاوزاً لكل دستور، قانونه هو السلطة، ودستوره هو الحفاظ عليها بين يديه، لا تحده إلا القوة، ولا دستور له غير الخشية من أن ينزع منه الملك الذي صار إليه.
 
الشعب عند المستبد رعايا لا مواطنين، والرعية الأفضل عنده هي الرعية التي تمضي وراءه بأعين مغلقة، وأفواه مكممة، وطاعةٍ عمياء، والدستور عنده مجرد أحبار فوق أوراق لا قيمة لها، والقانون في خدمة الحاكم، وسوط على المحكومين.
 
رواية "السيد الرئيس" تدور حول جريمة قتل أحد المقربين من الرئيس، ولم يكن السؤال المطروح على الأجهزة السيادية والأمنية هو: من المسئول عن جريمة القتل، ومن هم مرتكبيها، وكشف غموضها، بل تحول كل عملها للإجابة على سؤال: كيف يتم توظيفها لصالح "السيد الرئيس"، وصار محور اللعبة أن يتم توجيه الاتهام ليس إلى المتهم الحقيقي، ولا إلى الفاعل الأصلي، ولكن يوجه الاتهام إلى هؤلاء المطلوب التخلص منهم.
 
في ظل الحاكم الفرد يصبح الفرد مجرد شيء، والمجتمع هو مجموع هذه الأشياء، ومن يحاول أن يخرج من "شيئيته" إلى كينونة فاعلة رافضة يكون جزاؤه الموت أو الانتحار أو الإخفاء القسري من دون أثر.
 
أربعة خطوات للحاكم المستبد يحرص عليها حرصه على حياته، وتشبثه بالتمسك بالكرسي الذي يجلس عليه، وهي دليل الحاكم إلى الاستبداد، وهي المنهج المعتمد في مدارس الاستبداد.
 
يقيم المستبد دولة الاستبداد على قواعد أربعة: رأي عام مغيب، مع غياب آليات الحساب للحكام، واستخدام الدين، وقمع المجتمع المدني.
 
تلك هي أسس الاستبداد وقواعده، وهي الروشتة المعتمدة للإجابة على سؤال: كيف تصبح ديكتاتوراً في أربع خطوات، يبدأ بإغلاق المجال العام، وتجريم أنشطة جمعيات وجماعات المجتمع المدني، خاصة تلك التي تراقب ممارسته للسلطة.
 
وينطلق المستبد من غلق المجال العام إلى استخدام الدين في خدمة السياسة، فالمستبد يستخدم الدين ولا يخدمه، وإصلاح الدين أو تجديده مجرد شعار يهدف المستبد من وراءه إلى جعل الدين في خدمة الاستبداد، وتاريخنا يقدم من الشواهد الكثير، ما من مستبد إلا وتزيا بأردية دينية، وأول ما يرتديه من مسوح التدين أن يرجع ولايته على الناس إلى الله وقدرته ومشيئته، لا إلى أصوات الناس وعهدهم معه، وعهوده التي قطعها على نفسه لخدمتهم، يخرج نفسه من خدمة الناس، ويدخل نفسه إلى خدمة الله، إن لم يحكم باسم الله فهو يحكم بإرادته، وجوده في السلطة قرار إلهي، قبل أن يكون إرادة شعبية، ويرجئ حسابه إلى اليوم الآخر، أمام الله، وليس في الدنيا وأمام محكمة الناس والرأي العام.
 
يستعين المستبد بفقهاء الاستبداد ومشايخ السلاطين، وهم موجودون في كل وقت وحين، يعينونه على ظلم الناس، يرفعون عنه مقام المسئولية، وينزلون الناس إلى مقام الحامدين له إذا أحسن، الصابرين على ظلمه طول الوقت، ويخرجون كل معارض له من الملة، ويُكَّفرون مخالفيه، ويبيحون دماءهم على الجملة.
 
يمسك المستبد في إحدى يديه قوة السلاح، وفي اليد الأخرى يقبض على قوة الاعلام، وعلى حجره يضع مجالس التشريع لتشرع له البقاء في السلطة حتى النفس الأخير.
 
العلم هو عدو المستبد الأول، والجهل هو سنده الأقوى في الحكم، والإعلام هو سلاحه للسيطرة على عقول الناس، وتغييب وعيهم، في عصر الاستبداد تتحول أجهزة الاعلام إلى أبواق دعاية، وممنوع عليها أن تكون أدوات تنوير، فالرأي العام المغيب أسلس قياداً، وأطوع في يد المستبدين.
 
والاستبداد في نظري ليس ظاهرة سياسة فقط، بل هو في الأساس ظاهرة مجتمعية، والحل كما هو في تداول سلمي للسلطة على المستوى السياسي، فهو على المستوى المجتمعي يتجلى في بيت منفتح، يتساوى فيه الذكر والأنثى، وأسرة ديمقراطية، تعرف لغة الحوار وتنكر لغة الإملاء.
 
الاستبداد هو أم المشاكل وأبوها، منه تنشأ كل العوائق نحو التقدم، وبحله تحل كل المشاكل، هو أصل الداء، والقضاء عليه هو أول الطريق إلى انعتاق الأمة، وأول طريق الانعتاق هو إخراج الوطن من جعبة المستبد.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75477
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

درس مهاتير محمد الذي لم يقرأه حكام مصر  Empty
مُساهمةموضوع: رد: درس مهاتير محمد الذي لم يقرأه حكام مصر    درس مهاتير محمد الذي لم يقرأه حكام مصر  Emptyالثلاثاء 23 مايو 2017, 10:05 pm

درس مهاتير محمد الذي لم يقرأه حكام مصر
محمد حماد

جيلنا، نحن والرئيس السيسي، سمعنا هذا الكلام من الرئيس السادات ومن بعده من الرئيس مبارك، قالها السادات أولاً، استلمت مصر خرابة، دخلنا حروباً كثيرة، اقتصادنا منهار، والبنية التحتية منهارة، وانغلاقنا تسبب في فقرنا، ثم وعدنا بالرخاء الذي سيأتي مع الانفتاح الاقتصادي، والاقتراب من أمريكا، والصلح مع إسرائيل، وشرع في تفكيك القطاع العام المصري.
 
وقتل السادات وتولى مبارك وكان أول ما قاله إن الفساد استشرى، والبنية التحتية تحت الصفر، واقتصادنا على حافة الهاوية، وعقد مؤتمراً اقتصادياً، ولم يأخذ بمقرراته ومضى على طريق سلفه، وطرح الإصلاح الاقتصادي حلا لكل مشاكلنا، وبدأ في بيع ما تبقى من القطاع العام، وشرع في تنفيذ روشتة صندوق النقد الدولي ببطء مخافة انفجار شعبي في وجه السلطة، وبقي في الحكم لمدة 30 سنة، زاد خلالها الفقراء فقرا، واستوحش الفساد، وضرب في كل مفاصل الدولة والمجتمع، وكانت حجته الدائمة هي الزيادة السكانية التي تأكل عائد النمو.
 
ثم قامت ثورة يناير التي أطاحت به وبمشروع التوريث، ويأتي الرئيس السيسي ليقول بعد ست سنوات نفس الحجج القديمة التي حفظناها، ومضى على الطريق نفسه الذي بدأه السادات ومبارك من بعده، لتظل المشاكل بدون حل، رغم أننا لم نجرب مرة واحدة الطريق العكسي لكل ما طرح من حلول ثبت على أرض الواقع فشلها، ويثبت كل يوم من جديد أن روشتة الإصلاح التي يرعاها صندوق النقد الدولي ليست حلاً، بل هي المشكلة، وتثبت كل ساعة أن فاتورتها فادحة على فقراء هذا الشعب المسكين الذي لم يجد من يحنو عليه حتى اليوم.


هل كانت مصر منهارة حين استملها السادات؟، وبافتراض صحة كلام السادات، فماذا فعل هو من أجل النهوض بالاقتصاد وتحسين أحوال الناس؟
 

حديث الرئيس السيسي عن مسئولية الحروب والزيادة السكانية عن أزماتنا الاقتصادية، وأن مصر ذبحت في يونيو 1967 يطرح سؤالاً عن الوعي الزائف بمشاكلنا، هذا الوعي الذي يتأسس على حجج مغلوطة، ويؤسس لسياسات خاطئة.
 
هل كانت مصر منهارة حين استملها السادات؟، وبافتراض صحة كلام السادات، فماذا فعل هو من أجل النهوض بالاقتصاد وتحسين أحوال الناس؟، وهل ترك مصر في حال أفضل من الحال التي استلمها عليه.
 
الإجابة بالأرقام تنفي الزعم بانهيار مصر حين تسلمها السادات، وتؤكد أنه لم يفعل شيئاً في سبيل إخراجها من أزمتها التي تحدث عنها، بل زادها تأزماً، وكلام مبارك من بعده يؤكد أنه ترك له بلداً تحت الصفر.
 
الأرقام تكذب هذه الحجج وتدحضها، والأرقام لا تكذب ولا تتجمل، ونحن ندعو الرئيس السيسي إلى العودة إلى تلك الأرقام، وأن يعهد إلى كلية الاقتصاد، وأساتذة الاقتصاد في كل جامعات مصر بمهمة لتقصي الحقائق حول تلك القضية المهمة والتي يترتب عليها الكثير من السياسات الخاطئة والإجراءات التي لا تحل الأزمات بل تعقدها وتزيدها إشكالاً.
 
مبارك حكم مصر، وتحكم فيها وفي شعبها طوال 30 سنة كانت كافية لانتشالها من الصفر لتضعها في مكانها تحت الشمس، ولكنه لم يفعل، وتركها أكثر سوءاً وأشد فساداً، والدولة في أسوأ أوضاعها، والمجتمع في حال يرثى لها.
 
مهاتير محمد تولى رئاسة الوزراء في ماليزيا في السنة نفسها التي تولى فيها مبارك حكم مصر سنة 1981، وظل في موقعه عقدين من الزمان، وصلت ماليزيا خلالهما إلى ذرى لم تصل إليها دولة إسلامية أخرى قبله، حتى اقترب نصيب الفرد الماليزي من الدخل القومي إلى 10 آلاف دولار سنوياً، وحقق السلام الداخلي من خلال سياسات إنتاجية وتنموية، ورفض تطبيق وصفات البنك والصندوق الدوليين على اقتصاد بلاده، وتحدى الصلف الأمريكي، وأسمع أمريكا وإسرائيل ما لم تسمعه من أي حاكم عربي.
 
وبعدما أحس أن ماليزيا على الطريق الصحيح، وقد أنجزت ما حققته من تقدم ورقي في عهده خرج على الناس وقال: وقتي انتهى، وترك مهاتير محمد الموقع الذي لا يتركه أحد، ويتشبث به الكثيرون سواء حققوا شيئاً لشعوبهم أو لم يحققوا، يبقون إلى أن توافيهم المنية، يقفون بكل ما أوتوا من قوة وتسلط ضد فكرة التغيير.
 
لم يفعل مبارك ما فعله مهاتير محمد، بل مضى على الطريق العكسي لطريق التنمية الذي نجح في ماليزيا، فقامت ضده وضد سياساته وانحيازاته وقراراته وإجراءاته ثورة هي الأنبل في تاريخ ثوراتنا المصرية.
 
لم تكن ثورة يناير نتيجة وعي مفقود، بل انفجرت في وجه الفساد والاستبداد والقهر والافقار، لم تأت نتيجة لوعي زائف بحقيقة الأمور، بل هي على الحقيقة ثورة الوعي الحقيقي بحقيقة كل ما يجري، وخرجت ضد استبداد سلطة مبارك بالشعب، وتصاعد منسوب القهر والتعذيب يوماً بعد يوم في عهده حتى وصل إلى حدود فاقت قدرة الشعب على الصبر والاحتمال، وتزايد منسوب الغضب، وتراكم مخزون الألم، فوق مخزون الظلم الاجتماعي الكبير، فخرجت جموع الشعب تطالب بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.
 
خلطة مهاتير محمد التي لم يعرف سرها حسني مبارك، ويبدو أنها غائبة عن وعي الذين يحكمونا اليوم، قامت على ثلاثة قوائم، مجتمع موحد، وتنمية مستقلة، وديمقراطية سليمة.
 
وضع مهاتير محمد هدف تصنيع ماليزيا وتحديثها وإدخال التكنولوجيا إليها في مقدمة أهداف خطة التنمية الطموحة التي دأب على تنفيذها بصبر وتصميم كبيرين، واختارت ماليزيا في عهده الديمقراطية كأسلوب للحكم، وكان هذا هو التحدي الكبير الذي واجه التجربة الماليزية وقد حققت بشهادة الجميع شوطا كبيراً في التقدم على الطريق الديمقراطي.
 
وما زلت أذكر حديثه إلينا في زيارته إلى مصر بعد 25 يناير 2011 وكلامه البليغ عن الديمقراطية باعتبارها نموذجاً للحكم معروف ومجرب، ولفتني يومها أنه أشار إلى أن الديمقراطية ليست الطريق الأسهل للحكم، فالاستبداد نموذج أكثر سهولة لحكم أي دولة، وقال فلنبدأ بإقرار سلطة التصويت، وتوفير الضمانات الكاملة ليمارس الشعب سلطته عبر تصويت صحيح، ينصب عبره الحكومات عبر صناديق الانتخابات، أو عن طريق الاقتراع بحجب الثقة أو منحها في البرلمان، وفي المقابل يجب الإقرار بمبدأ أن الحكومات لا تأتي بالعنف، ولا يكون بقاءها في السلطة عبر العنف.


لم يفعل مبارك ما فعله مهاتير محمد، بل مضى على الطريق العكسي لطريق التنمية الذي نجح في ماليزيا، فقامت ضده وضد سياساته وانحيازاته وقراراته وإجراءاته ثورة.


وكان من أجمل ما قال أنه: "يجب عليك تقبل أنك لن تبقى في السلطة إلى ما لا نهاية، ولا يجوز أن يفوز الحزب الحاكم بنسبة 99 % من الأصوات في الانتخابات، لأنه يجب أن يكون هناك معارضة حقيقة في المجتمع، معارضة تلعب دورها في إبقاء الحكومة على المسار الصحيح، وصحيح أن المعارضة يمكن أن تكون غير منطقية في بعض الأحيان ولكن هذه هي الديمقراطية، وهي كما تأتي بالحكومات يمكنها أن تخلعها، وتأتي بغيرها.
 
حديث الرجل بديهي، ولكن حكامنا جعلوا كل ما هو بديهي قابلاً للنقاش والأخذ والرد، وسيَّدوا الوعي الزائف وروَّجوه، وكذَّبوا الأرقام التي تقول إن السادات استلم مصر وهي أفضل ألف مرة من الحال التي تركها عليه، ومبارك ترك مصر أسوأ ألف مرة من الحال التي استلمها عليه، ولو بقينا من دون تغيير الاتجاه وتعديل التوجهات ستمضي مصر إلى أسوأ حال وصلت إليه.
 
اللهم هل بلغت، اللهم فاشهد.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75477
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

درس مهاتير محمد الذي لم يقرأه حكام مصر  Empty
مُساهمةموضوع: رد: درس مهاتير محمد الذي لم يقرأه حكام مصر    درس مهاتير محمد الذي لم يقرأه حكام مصر  Emptyالثلاثاء 23 مايو 2017, 10:08 pm

60 سنة من حكم العسكر.. مقولة جاهلة ومتجاهلة

ينطلق البعض في تقييمه للأوضاع التي جرت بعد ثورة يناير إلى القول بأن من يسميهم "العسكر" يحكمون مصر منذ ستين سنة، وهي مقولة تجهل التاريخ، وتتجاهل حقائق الأمور، ولا تعبر عن موقف أو موقع فكري ناضج، وتكاد تكون كلاماً سياسياً يراد به خلط ما لا يختلط، وتعبر عن خصومة تاريخية مع الفترة الناصرية، ولا تصدر عن تقييم موضوعي وجاد لمسيرة من تاريخ مصر المعاصر تبدأ من ثورة 23 يوليو سنة 1952 التي يصفونها بـأنها انقلاب عسكري، وتنتهي مع بداية تسلم المشير عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم في مصر الذي ينظرون إليه باعتباره امتداداً لحكم عسكري طال لستين سنة على زعمهم.
 
أول تلك القوى صاحبة الخصومة التاريخية مع عبد الناصر ونظامه هي جماعة الاخوان، ومعهم بعض الماركسيين، (في حين أنصف كثير منهم تجربة عبد الناصر)، وبعض من القوى الشبابية التي شاركت بفاعلية مشهودة في اشعال فتيل ثورة يناير سنة 2011، (بينما هناك قوى شبابية أخرى كثيرة تقدر التجربة وتحترم انجازاتها)، ويردد البعض هذه المقولة عن جهل كالببغاوات من دون فهم ولا اطلاع على وقائع التاريخ الحقيقية، ويروجون لوقائع مفتراة وأخرى مفبركة.
 
يتورط البعض في ترديد تلك المقولة إلى حد الدفاع عن الملكية قبل ثورة يوليو، ويقدمون مصر تحت حكم الأسرة العلوية كجنة جاء الضباط الأحرار ليحولوها إلى جحيم مقيم تحت حكم العسكر، لا يفرقون في ذلك بين عهد وآخر، ويدمجون عصر عبد الناصر بعصر السادات ومن جاءوا بعده على طريقه وتحت أعلام جمهوريته التي هي النقيض الحصري لجمهورية عبد الناصر.


يتورط البعض في ترديد تلك المقولة إلى حد الدفاع عن الملكية قبل ثورة يوليو، ويقدمون مصر تحت حكم الأسرة العلوية كجنة جاء الضباط الأحرار ليحولوها إلى جحيم.
 

والحق ـ فيما نرى ـ أن التقسيم الموضوعي لتاريخنا الحديث يتضمن صراعاً مستديماً بين قوى الثورة والتغيير، وبين القوى المضادة للثورة والمساندة لبقاء الحال على ما هو عليه، بدءاً من إنتفاضة أحمد عرابي ضد الخديوي توفيق، ومن بعده هبة المصريين الجبارة في سنة 1919 بقيادة سعد زعلول، ضد التسلط الانجليزي على القرار والثروات المصرية، ثم حركة الجيش في يوليو سنة 1952، كلها حلقات متواصلة من الثورة المصرية تتبنى آمال الشعب وطموحاته ومطالبه، كل واحدة منها في وقتها، ولكنها تشكل معاً سلسلة واحدة متصاعدة من أجل تحقيق الاستقلال الوطني وحكم الشعب نفسه بنفسه، والعدل الاجتماعي، والكرامة الانسانية، وهي جوهر الأهداف نفسها التي خرجت من أجلها الملايين في 25 يناير سنة 2011، التي تعد واحدة من أروع وأنبل حلقات الثورة المصرية.
 
على الجانب الآخر كانت هناك الثورة المضادة، وعلى مدار تاريخنا الحديث كله، ظل الصراع قائماُ بين الطرفين، وما يجري اليوم على أرض مصر هو أحد تجليات هذا الصراع، حيث استطاعت القوى المضادة للثورة أن تستعيد زمام المبادرة التي اقتنصت منها في يناير، وهي ما تزال تقاتل معركتها الأخيرة ضد التغيير، وهي امتداد، ليس لثورة 23 يوليو، بل هي على الحقيقة امتداد للانقلاب على تلك الثورة الذي قاده أنور السادات في مايو سنة 1971، ذلك الانقلاب الذي كان ارتداداً على النظام الناصري، وليس امتدادا له بحال من الأحوال.
تنتسب تجربة جمال عبد الناصر إلى تاريخ طويل من نضالات الشعب المصري من أجل حياة كريمة في وطن مستقل، بينما يشكل نظام أنور السادات، المستمر حتى اليوم، أحد حلقات الثورة المضادة، بل هو ثورة على الثورة المصرية.
 
قاد عبد الناصر إحدى مراحل الثورة المصرية، وحقق خلالها الكثير من الانجازات، وكان له فيها العديد من الاخفاقات، وأسس للجمهورية الأولى، ثم جاء من بعده السادات ليؤسس للجمهورية الثانية التي انتفضت ضدها الميادين في يناير، تلك الجمهورية التي تكرست في أعقاب أكتوبر سنة 1973، على انفتاحين، اولهما سياسي وثانيهما اقتصادي، كان الانفتاح على الغرب هو مقدمة الانفتاح الاقتصادي الذي أباح الاستثمار لرأس المال، الخاص والأجنبي الذي كان محظوراً من قبل، وفي مجالات كانت مقصورة على القطاع العام المصري، وبدأت مرحلة تطويق القطاع العام من داخله، وتوافدت على مصر فئات من السماسرة والوكلاء والعملاء للاحتكارات المصرفية الأجنبية والعربية وظهرت طبقة من الطفيليين، في الوقت الذي تسارعت خطوات تبعية نظام السادات إلى الغرب وأمريكا، وبدا عام 1974 وكأنه اعلان عن تاسيس الجمهورية الجديدة، بعد التغيير النوعي في بنية النظام وتوجهاته وسياساته وانحيازاته، سواء في الداخل أم في الخارج.
 
صحيح أن جمال عبد الناصر وأنور السادات، كلاهما محسوبان على حركة الجيش في يوليو سنة 1952، لكنهما على الحقيقة مختلفان حد التاقض، ليس على المستوى الشخصي والانساني والقيمي فقط، ولكنهما مختلفان كذلك في السياسات والانحيازات وطرائق الحكم، ولم يكن السادات امتداداً لعبد الناصر، ولم تكن فترة حكمه امتداداً لما قبلها، بل كانت قطعاً لما اتصل من حلقات الثورة المصرية، واجهاضاً لواحدة من أهم حلقاتها، تلك التي انطلقت في يوليو سنة 1952.
 
ضرب السادات القوى الاجتماعية التي انحاز لها نظام عبد الناصر في مقتل، وأستبدلها بقوى اجتماعية أخرة تابعة، أدخلت مصر في عصر من الفساد والاستبداد وتسببت في افقار الغالبية العظمى من الشعب، وأودعت مصر رهينة في حظيرة التبعية للهيمنة الامريكية التي ما تزال سارية المفعول حتى يومنا هذا، وتم القضاء على أسس التنمية المستقلة، على أيدي التحالف الاجتماعي الجديد الذي رعت أمريكا خطوات تشكله ودعمت استمراره في السلطة حتى يومنا هذا.
 
وصحيح أيضاً أن السادات استخدم آليات سلطة عبد الناصر الاستثنائية ليقود مصر إلى الطريق العكسي للتوجه الذي سار عليه جمال عبد الناصر، وكان قد ارتدى في البداية لبوساً ديمقراطية، ورفع شعارات سيادة القانون، وسمح بتشكيل بعض الاحزاب المستأنسة، ولكنه احتفظ بأدوات النظام السابق ليستكمل بها دوره في هدم ذلك النظام والانقلاب على كل سياساته وانحيازاته وإنجازاته.
 
الاتحاد الاشتراكي (التنظيم السياسي الواحد في دولة عبد الناصر)، والذي قاد به عبد الناصر عملية التحول إلى الاشتراكية، قاده أنور السادات للتحول العكسي على طريق السوق المفتوح والارتباط بالغرب والصلح مع إسرائيل.
 
استغل السادات ومن ورائه القوى المضادة للثورة فجوات واسعة في النظام الناصري أحدثتها سياسة الاعتماد على الشعبية الطاغية للزعيم وعدم اشراك الشعب اشراكاً حقيقياً ومؤسسياً في تقرير وقيادة مسيرة الثورة، كما استغل كل سلبيات تلك المسيرة لكي ينقض على انجازاتها ويغير بوصلة سياستها المعتمدة طوال عهد سلفه.
 
ونحن لا ننكر أن القوى الاجتماعية التي اعتمد عليها أنور السادات في الانقضاض على الثورة وتصفيتها، كانت موجودة في عهد عبد الناصر، ولقد حاولت مراراً الانقلاب عليه، ولم تتوقف محاولاتها منذ حادث المنشية بالاسكندرية سنة 1954، وحاول بعدها تنظيم سيد قطب في صيف سنة 1965، وكانت هناك محاولات من داخل الجيش نفسه للانقلاب على عبد الناصر، آخرها كانت المحاولة التي قادها عبد الحكيم عامر بعد أن تأكد ـ بعد هزيمة يونيو سنة 1967 ـ من اتجاه نية عبد الناصر إلى إبعاده من السلطة ، وخارج دائرة النفوذ.


اقتباس :
غلطة عبد الناصر أنه اكتفى بالتصفية الأمنية للقوى المضادة للثورة، على حساب التصفية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والفكرية لهذه القوى.
 

غلطة عبد الناصر أنه اكتفى بالتصفية الأمنية للقوى المضادة للثورة، على حساب التصفية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والفكرية لهذه القوى، ما ترك لها المجال حين جاءت ساعتها لكي تنقلب على الثورة وتبني نظامها البديل الذي وضع أسسه وسياساته وانحيازاته أنور السادات.
 
ولاشك أن وفاة عبد الناصر المفاجئة، (مات وعمره لم يتعد الثانية والخمسين)، وقبلها قراره بتعيين السادات نائباً له شكلا معاً لحظة مارثون الانقلاب على نظامه.
 
لقد وسع عبد الناصر مجال مشاركة القوى الاجتماعية صاحبة المصلحة في الثورة ضمن عملية الإنتاج وخطة التنمية التي كانت من نتيجتها بناء ألف مصنع وتكوين نواة قطاع عام قوي وقادر على الوفاء بمتطلبات وحاجيات الشعب الأساسية، بينما ضاق المجال أمام المشاركة السياسية الفاعلة في الحفاظ على منجزات الثورة، وكانت تلك هي الثغرة التي نفذت منها القوى المضادة للثورة فضربت ضربتها واستطاعت تحويل المسيرة وتعديل المسار، واعتمد خلفه على تلك القوى في تغيير بنية النظام وإعادة بناءه وتمكن من إقامة الجمهورية الثانية التي استمرت من بعده وحتى اليوم.
 
الحديث يطول حول تلك المقولة الظالمة، وقد نعود إليه فيما بعد، وأختم هنا فأقول إنه من قبيل التبسيط المخل بالتاريخ أن نقول 60 سنة من حكم العسكر، ومن الظلم القول بأننا ما زلنا في دولة يوليو، والظلم الأفدح أن ننظر إلى تاريخنا بكل هذا التجني على نقاط مضيئة فيه، حتى ولو شابها الكثير من الاخفاقات.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
درس مهاتير محمد الذي لم يقرأه حكام مصر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» هذا ما توصلت اليه تنقيباتهم في فلسطين ولم يقرأه حكام العرب ومفتوهم
» مهاتير محمد مهندس و باني ماليزيا الحديثة
»  هذا هو دين محمد الذي تحاربوه!
» الطريق إلى الطوفان.. ما الذي أراده محمد الضيف؟
» محمد بن عبد الكريم الخطابي.. أسد الريف المغربي الذي قاوم استعمارين

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: مواضيع ثقافية عامة :: مقالات-
انتقل الى: