هذا المقال عن معاهدة ڤرساي في 28 يونيو 1919, في نهاية الحرب العالمية الأولى. إذا كنت تبحث عن استخدامات أخرى
مـعـاهـدة ڤـِرسـايTreaty of Versailles«تحية لكم يا أبنائي.. لقد استدعيتم إلي هذا الاجتماع الخاص لإطلاعكم علي الخطوط الرئيسية لمنهاجنا الجديد، وهو المنهاج المتعلق بالحرب المقبلة كما تعلمون، والتي كان مخططنا الأصلي يقضي بإرجائها عشرين عاما، حتى نتمكن خلال ذلك من تدعيم مكاسبنا التي حصلنا عليها نتيجة للحرب العالمية الثانية.. ولكن ازدياد أعددنا في بعض المناطق الحيوية يسبب معارضة شديدة، لذلك صار لزاما علينا أن نستعمل جميع الوسائل التي في حوزتنا، لإشعال حرب عالمية ثالثة في مدة لا تتجاوز خمس سنوات.
يجب أن أبلغكم أن الهدف الذي لا زلنا نعمل من أجله منذ ثلاثة آلاف عام قد أصبح في متناول يدنا الآن..
أستطيع أن أعدكم أنه لن تمر عشر سنوات، حتى يأخذ شعبنا مكانه الحقيقي في العالم، ويصبح كل يهودي ملكا، وكل جوييم عبدا.. [تصفيق من الحضور].. إنكم لا تزالون تذكرون نجاح حملاتنا الدعائية التي طبقناها خلال الثلاثينيات، والتي أوجدت شعورا معاديا للأمريكيين في ألمانيا، وشعورا بالكره الشديد للألمان عند الأمريكيين.. وتعلمون أن هذه الحملة أعطت ثمارها بقيام الحرب العالمية الثانية.
أما الآن فهناك حملة مماثلة نشنّها بقوة عبر العالم.. فنحن نثير الآن حمّى الحرب عند الشعب الروسي، بخلق ميل معاد لأميركا، التي يجتاحها في الوقت نفسه شعور معاد للشيوعية.. هذه الحملة ستجبر الدول الصغيرة علي الاختيار بين أن تصبح شريكة لروسيا أو متحالفة مع الولايات المتحدة.. أما أكثر المشاكل التي نواجهها في الوقت الحالي، فهي إتارة الروح العسكرية عند الأمريكيين، الذين أخذوا يبدون كرها شديدا للحرب..
ومع أننا فشلنا في تحقيق خطتنا في تعميم التدريب العسكري علي كل الشعب الأمريكي، إلا إننا سنأخذ كل الاحتياطات للحصول علي موافقة الكونگرس علي مشروع بهذا الصدد بعد انتخابات 1952مباشرة.
إن الشعب الروسي والشعوب الآسيوية هم تحت سيطرتنا، ولا يقفون حائلا ضد قيام الحرب.. ولكننا يجب أن ننتظر حتى يصبح الشعب الأمريكي هو أيضا مستعدا لمثل هذه الحرب.. ونحن نأمل بتحقيق هدفنا هذا باستعمال قضية العداء للسامية، بنفس الطريقة التي جعلت الأمريكيين يتحدون ضد الألمان أعداء السامية في الحرب العالمية الثانية.. ونحن ننتظر قيام موجات عداء للسامية في روسيا، بشكل يسبب تلاحم الشعب الأمريكي ضد القوة السوفياتية.. كما أننا سنقوم بنفس الوقت عن طريق الإغراء المالي، باستخدام عناصر مؤيدة للروس في عدائهم للسامية، ونبث هذه العناصر في المدن الأمريكية الكبرى.. وستخدم هذه العناصر غرضين نسعى لهما،
وهما فضح المعادين لنا حتى نتمكن من إسكاتهم، وتوحيد الشعب الأمريكي في بُوتقة واحدة ضد الشعب الروسي.. وفي خلال خمس سنوات سيحقق منهاجنا هذا أغراضه، وتقوم الحرب العالمية الثالثة التي ستفوق في دمارها جميع الحروب السابقة.. وستكون إسرائيل، بالطبع، بلدا محايدا.. حتى إذا تم تدمير وإهلاك الطرفين المتحاربين، سنقوم نحن بعملية التحكيم والرقابة علي بقايا أشلاء جميع الدول.. وستكون هذه الحرب معركتنا الأخيرة في صراعنا التاريخيّ ضد الجوييم.. بعد ذلك سنكشف عن هويتنا لشعوب آسيا وأفريقيا..
وأستطيع أن أعلن لكم جازما، بأن الجيل الأبيض الذي ولد في الأيام التي نعيشها الآن سيكون آخر الأجيال البيضاء.. ذلك لأن لجنة التحكيم والرقابة ستمنع التزاوج بين البيض، بحجة نشر السلام والقضاء علي الخلافات بين الأجناس البشرية.. وبهذا يتم القضاء علي العنصر الأبيض، عدونا اللدود، ويصبح مجرد خيال وذكرى.. وسنعيش بعد ذلك في عهد السلام والرخاء الذي لن يقل عن عشرة آلاف من السنين.. وسنحكم العالم بأسره، لأنه سيكون من السهل علي عقولنا المحركة، السيطرة الدائمة علي العالم من الملونين ذوي البشرية السوداء".» مصير الأديان المختلفة بعد الحرب العالمية الثالثة؟
رابينوڤتش: "لن تكون هناك أديان بعد الحرب العالمية الثالثة، كما لن يكون هناك رجال دين.. فإن وجود الأديان ورجال الدين خطر دائم علينا، وهو كفيل بالقضاء علي سيادتنا المقبلة للعالم، لأن القوة الروحية التي تبعثها الأديان في نفوس المؤمنين بها ـ وخاصة الإيمان بحياة أخري بعد الموت ـ يجعلهم يقفون في وجهنا.. بيد أننا سنحتفظ من الأديان بالشعائر الخارجية فقط.. وسنحافظ على الدين اليهوديّ،
وذلك لغاية واحدة، هي الحفاظ علي الرباط الذي يجمع أفراد شعبنا، دون أن يتزوجوا من غير سلالتهم أو أن يزوجوا بناتنا لأجنبي.. وقد نحتاج في سبيل هدفنا النهائي إلي تكرار نفس العملية المؤلمة التي قمنا بها أيام هتلر.. أي أننا قد ندبر وقوع بعض حوادث الاضطهاد ضد مجموعات أو أفراد من شعبنا.. أو بتعبير آخر سوف نضحي ببعض أبناء شعبنا، حتى نحصل بذلك علي الحجج الكافية التي تبرر محاكمة وقتل القادة في أميركا وروسيا كمجرمي حرب، وذلك بعد أن نكون قد فرضنا شروط السلام.. ونحن اليوم بحاجة إلي الإعداد لهذه المهمة وهذه التضحيات.. لقد تعود شعبنا على التضحية دائما.. ولن تكون خسارة بضعة آلاف من اليهود خسارة جسيمة، إذا قارناها بما سيحصل عليه شعبنا من السيطرة علي العالم وقيادته.
وحتى تستيقنوا من قدرتنا علي السيطرة علي العالم، انظروا إلي اختراعات الرجل الأبيض، كيف حولناها إلى سلاح خطير ضده.. فالراديو والمطبعة أصبحنا اليوم المعبر والمتحدث عن رغباتنا، كما أن معامل الصناعات الثقيلة ترسل الأسلحة إلي آسيا وأفريقيا لتحارب شعوبها الرجل الأبيض نفسه صانع هذه الأسلحة.. واعلموا أننا طورنا برنامج النقطة الرابعة في واشنطن، ليشمل التطوير الصناعي للمناطق المتخلفة من العالم، بحيث يصبح الرجل الأبيض تحت رحمة المجموعات الضخمة من الشعوب السوداء، التي ستفوقه تكنولوجيا بعد أن تدمر الحرب النووية وزراعته الصناعية.
وبهذه الرؤية للنصر النهائي يتوهج أمام أعينكم، عودوا إلي مناطقكم وباشروا العمل بجد ودون هوادة، حتى يحل أخيرا اليوم الذي ستكشف فيه إسرائيل عن مهمتها الحقيقية، وهي أن تكون النور الذي يضيء العالم" ـ [النوراني تعني حامل النور].
هذا الخطاب يؤكد أيضا استنتاجاتي ومعلوماتي السابقة التي أوردتها، وهي أن القوي الخفية هي التي أثارت العداء للسامية، وبنفس الوقت العداء للشيوعية، بشكل يخدم أهدافها.. كما أن الخطاب يبرهن علي أن النورانيين استعملوا الشيوعية والنازية والفاشية للوصول إلي طموحهم الخفيّ.. وهم، يستعملون الديمقراطية المسيحية ضد الشيوعية للوصول إلي المرحلة التالية من خطتهم البعيدة، وهي الحرب العالمية الثالثة. ولقد استطاع الممولون الدوليون ـ باختفائهم وراء بنود معاهدة فرساي ـ التحكم بإعادة بناء الجيش الألماني، وإعادة تحسين اقتصاديات البلاد.. بعد ذلك دخلوا مع القيادة الألمانية العليا في اتفاقية Abmachungen، وبموجبهات تمّ الاتفاق علي أن يزود الروس الجنرالات الألمان سرا بجميع الأسلحة والذخائر اللازمة لبناء جيش حديث مؤلف من عدة ملايين.. واتفقوا علي أن يضع الديكتاتور السويتي تحت تصرفهم جميع التسهيلات، لتدريب جميع الضباط الألمان.
هذا وقد تم تحقيق بنود اتفاقية Abmachungen، بعد أن قام الممولون الدوليون بتمويل هذا المشروع الضخم.. هكذا استطاع هؤلاء أن يؤمّنوا بناء القوة العسكرية والاقتصادية في الدول الشيوعية والفاشية علي السواء.. واستطاعوا أن يهيئوا الظروف للقيادة الألمانية لكي تتخطي بنود معاهدة فرساي، وخصوصا القيود العسكرية المفروضة عليهم.
وعن طريق معامل السلاح والذخيرة الشيوعية وراء جبال الأورال، ثم تزويد المؤسسات الألمانية بكل ما تحتاجه.. وهذه المؤامرة لا يمكن إن تعني إلا النية المبيتة للممولين الدوليين بإضرام نار الحرب العالمية الثانية.. ولم تكن الدول المسماة بالحليفة بمعزل عما يجري وراء الستار، ولكنها كانت تعلمه أولا بأول.. وهذا لمسته بنفسي عندما حضرت مؤتمر نزع السلاح البحري في لندن عام 1930.. وهو برهان آخر علي صدق ديزرائيلي عندما قال: "الحكومات المنتخبة لا تحكم".
والحقيقة أن هذه الفترة من التاريخ معقدة جدا وليس من السهل علي المواطن العادي أن يفهما.
فالشيوعية والنازية تجمع بينمها صفات مشتركة عديدة: فكلامها مبدأ إلحادي ينكر وجود القوّة الإلهية.. وكلاهما ينادي ويشجع الحرب والكراهية والقوة.. ومبادئهما مناهضة للمبادئ المسيحية في السلام والحب والتربية.. وهذا يجعل من قادة كلا المعتقدين العميقين في الإلحاد والمادة عملاء للشيطان.. وهم جميعا ينفذون المؤامرة الشيطانية في إبعاد البشر عن طاعة العلي القدير.. وكلا المعتقدين يستعمل أيضا شكلا من أشكال محافل الماسونية في الشرق الأكبر، لرد الناس عن أديانهم.
وتبين لنا الدراسة التحليلية للتاريخ بين عام 1914 و1943، أن جماعة المرابين العالميين وجهوا جهودهم في هذه المرحلة لتحقيق الأهداف التالية: 1- إثارة الحرب العالمية الثانية، الأمر الذي يسمح بخلق جو مناسب للعمل الثوري، يسمح لهم بالسيطرة الكاملة علي الإمبراطورية الروسية.
2- تغيير الرؤوس الحاكمة في أوروبا، قبل أن تبدأ أي مجموعة مجموعاتهم بالسيطرة، وإقامة الحكم المطلق.
3- إجبار حكومتي بريطانيا وفرنسا علي الموافقة علي إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.
لقد أجبرت الحكومة البريطانية علي مساعدة الممولين الدوليين لتنفيذ مخططهم في إنجاح الثورة البلشقية، وذلك كي تحصل بريطانيا علي مساعدة الولايات المتحدة الأمريكية في الحرب.. ويمكننا أن نجزم بأن السفينة لويزيانا أغرقت لتبرر السياسة الأميركية تجاه الحرب، تماما كان حادث بيرل هاربر المبرر لدخولها في الحرب العالمية الثانية.. ((كشفت الوثائق التي أفرجت عنها بريطانيا في التسعينيات، أنّ البريطانيين هم الذين دفعوا اليابانيين للهجوم على أمريكا، وذلك باستخدام سفينة بحرية بريطانية ترفع علم أمريكا، استخدمت شفرة أمريكية يعلم البريطانيون أنّ اليابانيين قد حلّوا شفرتها، في تناقل رسائل كاذبة تؤكد عزم أمريكا على الهجوم على اليابان، ممّا دفع هؤلاء لأخذ زمام المبادرة.. ويقال إن الرئيس الأمريكيّ كان على علم مسبق بنية اليابان مهاجمة بيرل هاربور، ولكنّه تجاهل الأمر لرغبته في إيجاد مبرر لدخول الحرب!))
وجاء في النسخة الأصلية بشأن الانتداب البريطاني علي فلسطين ما يلي: "لتحويل فلسطين إلي وطن قومي لليهود".. ولكن هذه العبارة تغيرت في اللحظة الأخيرة، لتكون "لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين".. وقد تم هذا لإخفاء الطموح السرّيّ للصهيونية.
وكما أخفى الصهاينة طموحهم في الاستيلاء علي فلسطين كلها، أخفوا أيضا حقيقة الثروات المعدنية الطائلة الموجودة علي شواطئ البحر الميت، ولم يكشفوا عن ذلك إلا بعد إعلان الانتداب من قبل فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة.
وهكذا استعمل المرابون الدوليون الصهيونية، لكي يتحكموا بسيادة الدولة ذات المركز الجغرافي المتوسط، ليمدوا سيطرتهم علي بقية دول العالم، كما مدوا سيطرتهم علي الاتحاد السوفياتي.
الحرب العالمية الثانية
هتلر وموسوليني
كانت شرارة الحرب العالمية الثانية النزاع (الألماني – البولندي) حول ممر وميناء دانتزج، إلا أن الأسباب الحقيقية لتلك الحرب كانت أبعد من ذلك؛ إذ يرجع بعضها إلى تسويات ما بعد الحرب العالمية الأولى، والتي أدت إلى تغير في رسم خريطة العالم، وبخاصة أوروبا، فأبرمت معاهدات عقابية أخذت طابع الانتقام ضد ألمانيا، ودفعت بأحد أعضاء الوفد الألماني في مؤتمر الصلح في "ڤرساي" سنة 1919 إلى القول للحلفاء: "سنراكم مرة ثانية بعد عشرين عامًا"، وصدقت نبوءة الرجل؛ فكانت الحرب العالمية الثانية التي طالت أغلب دول العالم، وكانت الأعنف في حروب البشر وصراعاتهم.
ألمانيا بعد صلح فرساي
كان الألمان يأملون في صلح عادل بعد هزيمتهم في الحرب العالمية الأولى، غير أن هذا الصلح كان بمثابة قاصمة للشعب الألماني؛ إذ خسرت ألمانيا 12.5% من مساحتها، و12% من سكانها، وحوالي 15% من إنتاجها الزراعي، و10% من صناعتها، و74% من إنتاجها من خام الحديد، وتقلَّصت مساحة السواحل الألمانية على بحر البلطيق وبحر الشمال، ونصَّ هذا الصلح أيضًا على الحيلولة دون قيام الوحدة بين ألمانيا والنمسا التي تضم أكبر مجموعة من الألمان تعيش خارج ألمانيا، ودخل نحو مليوني ألماني في حدود بولندا، ونحو ثلاثة ونصف مليون ألماني في حدود دولة تشيكوسلوفاكيا التي نشأت بعد الحرب العالمية الأولى، وكانت هذه الأقليات الألمانية سببًا في عدم الاستقرار، وفرضت على ألمانيا تعويضات قُدِّرت بستة مليارات وستمائة مليون جنيه بخلاف فوائدها. وحددت معاهدة فرساي الجيش الألماني بأن لا يزيد على مائة ألف، وحددت سفن الأسطول الألماني، وحرمته من امتلاك سلاح الجو، مع دفع تعويضات ضخمة للحلفاء. وبالإضافة إلى ذلك تقرر أن تخلي ألمانيا المناطق الواقعة على الضفة اليمنى لنهر الراين بعرض ثلاثين ميلا من القوات العسكرية، وكانت فرنسا تريد فصل هذه المنطقة عن ألمانيا، وإقامة دولة مستقلة فيها تكون حاجزا بينها وبين ألمانيا التي أُجبرت على التخلي عن مستعمراتها فيما وراء البحار.
وأصبحت ألمانيا بعد هذا كله لا حول لها ولا قوة، أما فرنسا فرأت أن ألمانيا لم تتحطم بعد، فأقدمت عام 1923 على احتلال إقليم الرور الألماني الغني بالمناجم، وعللت ذلك بأن هذا الأمر سيرغم ألمانيا على دفع التعويضات.
الأزمة الاقتصادية وصعود هتلر
هذه الضربات المتلاحقة للاقتصاد الألماني تسببت في عدم استقرار سياسي، ثم تعمقت هذه الأزمات سنة 1929 عندما تعرض العالم لأزمة اقتصادية طاحنة بدأت في الولايات المتحدة، وانتقلت منها إلى جميع دول العالم، إلا أن ألمانيا كانت معاناتها أشد؛ إذ توقفت أغلب مصانعها، وزاد عدد العاطلين بها عن ستة ملايين عامل، وانتشرت روح القلق والسخط في نفوس العمال، وخرجت المظاهرات ترفع الأعلام الحمراء (التي كانت تعبر عن الشيوعية)؛ فتطلعت الأنظار إلى حزب العمال الاشتراكي الوطني الذي يرأسه أودلف هتلر، وانضم إليه الجنود القدامى، وكثير من أرباب المهن، وأُعجب هؤلاء بالنازية التي تنادي بتوحيد الألمان في دولة واحدة تتساوى مع الدول الكبرى، وإلغاء معاهدات الصلح المهينة، وإبعاد اليهود والأجانب من الحياة الاقتصادية والاجتماعية في ألمانيا، واتخذ هذا الحزب من شارة الصليب المعقوف رمزًا له. وقد تضاعف عدد النازيين أثناء الأزمة الاقتصادية، فحصل حزب هتلر على المركز الثاني في مقاعد الرايخستاج (البرلمان) عام 1930، ثم حصل هتلر على أغلب الأصوات (24 مليون صوت) في انتخابات 1932، وتولى منصب المستشارية (رئاسة الوزراء) في ألمانيا في 1933. ولم يكد يتسلم مهام منصبه حتى عزم على السيطرة على زمام الحكم في البلاد، فاستصدر أمرًا بحل الرايخستاج وإجراء انتخابات جديدة، وبدأ في عملية إرهاب ضد أعدائه ومعارضيه –خاصة الشيوعيين-، ثم أعلن أن الحزب الوطني الاشتراكي النازي هو الحزب القانوني الوحيد في البلاد، ثم تولَّى سنة 1934 منصب الرئاسة في ألمانيا مع احتفاظه بمنصب المستشارية، وكان ذلك تمهيدا لطريق الحرب العالمية الثانية. الفاشية - موسوليني
نشأت الفاشية في إيطاليا في ظروف الخطر الشيوعي الذي هددها، وكانت إيطاليا قد انضمت إلى الحلفاء أثناء الحرب العالمية الأولى لتحقيق مغانم استعمارية في أفريقيا والشرق الأدنى والساحل الأدرياتيكي، وفقدت في تلك الحرب حوالي 650 ألف جندي، غير أن الحلفاء عاملوها كشريك صغير عند توزيع الغنائم، فلم تفُز في الصلح بغير تسعة آلاف ميل مربع من الأرض في أوروبا، ومليون ونصف في جهات مختلفة، ولم تقنع روما بهذه المكاسب التي أثارت استياء الإيطاليين. وفي نفس الوقت ساد جو من الاضطراب وعدم الاستقرار في الحكم؛ فتعاقبت الوزارات، وتفشَّت البطالة وتراكمت الديون، وأصبحت غالبية الشعب تميل نحو الشيوعية، عندها تقدم اليمين المتطرف بزعامة "موسوليني" للسيطرة على الحكم، وقاد عملية الزحف على روما في أكتوبر 1922، واستطاع أن يُسقط الحكومة ويؤلف الوزارة، ومنذ ذلك التاريخ بدأت الفاشية في إيطاليا، وقاد سياسة توسعية خارجية، وطالب بإعادة النظر في مشكلة التعويضات، ومعاهدات الصلح.
ألمانيا الهتلرية
مع تولِّي النازيين بزعامة هتلر للحكم في ألمانيا تعرض ميزان القوى في أوروبا للخطر، وكانت سياسة هتلر الخارجية تهدف في البداية إلى إزالة عار الهزيمة وتبعاتها عن ألمانيا؛ لكي تحتل مكان الصدارة بين الأمم، وتقوم بتصفية حسابها مع من أذلُّوها –خاصة فرنسا-، ويتم توحيد وضم الشعوب الألمانية في دولة واحدة، وكانت خطواته لتحقيق ذلك تحطيم معاهدة فرساي، والقضاء على بنودها، ثم بسط السيطرة الألمانية على أوروبا سواء بالوسائل السلمية أم الحرب.
لذا شرع هتلر في إعادة تسليح ألمانيا، فأعلن في مارس 1935 امتلاك السلاح الجوي، ثم عقد اتفاقًا بحريًا مع بريطانيا في نفس العام، ألغى فيه التحديد الصارم للقوات البحرية الألمانية مقابل اعترافه بتفوق القوات البحرية البريطانية، وتساهلت معه بريطانيا في عدد وحمولات الغواصات التي يمكن لألمانيا امتلاكها، وبذلك استطاع أن يفصل بريطانيا عن الحلف الذي أقامته فرنسا مع الاتحاد السوفيتي، كذلك زاد عدد الجيش الألماني إلى 300 ألف مقاتل بدلاً من 100 ألف، ثم فرض الخدمة العسكرية الإجبارية، وإقامة جيش دائم في السلم يُقدر بنصف مليون جندي. ثم شرع هتلر في احتلال أراضي الراين في مارس 1936 رغم أن صلح فرساي ينص على أن تكون منطقة محايدة منزوعة السلاح ضمانًا لأمن فرنسا. وفي نفس الفترة احتلت إيطاليا الحبشة، وبذلك فسدت العلاقة بين إيطاليا والحلفاء، وكانت تلك بداية تكوين تحالف "المحور"، الذي تدعم بمساندة هتلر وموسوليني لثورة فرانكو في الحرب الأهلية الأسبانية بحوالي ثمانين ألف جندي.
بدايات تكوين المحور
جاء تكوين المحور بسبب فساد العلاقات بين إيطاليا وكل من بريطانيا وفرنسا؛ بسبب احتلال إيطاليا للحبشة، بالإضافة إلى عوامل أخرى؛ منها التشابه الأيديولوجي بين النازية والفاشية، وحاجة الدولتين إلى التوسع الخارجي لامتصاص الزيادة السكانية، وجاءت الحرب الأسبانية لتوحد جهودهما، وجاءت كلمة المحور في خطاب لموسوليني في نوفمبر 1936، وفي نفس الشهر وقَّعت إيطاليا واليابان وألمانيا معاهدة ضد الشيوعية، ثم تطورت عام 1939 إلى تحالف سياسي وعسكري كامل عُرف باسم "محور روما-برلين"، ويقضي بتوسع إيطاليا في البحر المتوسط وتوسع ألمانيا في وسط وشرقي أوروبا. ثم بدأت عملية استقطاب دولي سريع في تلك الفترة بين المعسكرين الكبيرين (المحور والحلفاء)؛ فانضمت اليابان ثم المجر وبلغاريا ورومانيا وسلوفاكيا وكرواتيا إلى المحور، أما الحلفاء فكان يأتي في مقدمتهم بريطانيا وفرنسا.