منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 سعيد الناصر صناعة الفكر والأفكار

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75520
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

سعيد الناصر  صناعة الفكر والأفكار Empty
مُساهمةموضوع: سعيد الناصر صناعة الفكر والأفكار   سعيد الناصر  صناعة الفكر والأفكار Emptyالسبت 10 يونيو 2017 - 23:26

اللغة وصناعة الأفكار
سعيد الناصر  صناعة الفكر والأفكار 47386164000000_original


إن اللغة أحد وجهيْ الفكر، فإذا لم تكن لنا لغة تامة صحيحة، فلن يكون لنا فكر تام صحيح. ابن خلدون
نتحدث في هذا المقال عن موضوع غاية في الأهمية في صناعة الفكر والأفكار، وإن قل النظر إليه من جهة مفكرينا وكتابنا، بل لم أر من كتب فيه إلا القليل على أهميته في صناعة الفكر وصناعة الأجيال ونشوء الأمم والحضارات وبناء المدينة؛ ألا وهو اللغة، فإن اللغة هي قالب الفكر ومن أتقن لغة فقد أتقن فكر هذه اللغة وفهم حضارتها، بل اللغة في كثير من الأحيان هي من تصنع الفكر، فإن الإنسان الخالي من الأفكار إذا أتقن لغة معينة قرأ ما فيها من أفكار فغلب عليه، وصقلت شخصيته بما فيها من معاني تختزن في العقل، وهذا ما أشار إليه الفيلسوف الفرنسي هنري دلاكروا عندما قال :"إن الفكر يصنع اللغة وهي تصنعه".
يقول الفيلسوف والمعلم الأول أرسطو :"ليس ثمة تفكير بدون رموز لغوية"، فالفكر يبقى أسير الذهن حتى تحرره اللغة، والفكر يبقى حبيس النفس ولا يؤثر في الآخرين حتى ينطلق من حبسه في لغة تأسر عقول الآخرين.
ومن هنا جاءت أهمية اللغة عند الأمم التي أرادت الدخول في الإسلام في العصر الأول، فقد قامت بتعلم اللغة العربية لتفهم حضارة الإسلام وتفهم القرآن وأحاديث الرسول محمد صلـى الله عليه وسلم، وكي تتفهم الإنتاج الفكري لعلماء المسلمين والبنية المعرفية الخاصة بالإسلام، وعندما اقتنعت بالإسلام وآمنت به بقيت متمسكة باللغة التي تمثل الإسلام وأفكاره وهي اللغة العربية، بل إن كثيرا من هذه الأمم تركت لغتها الأم واندثرت كثير من اللغات لهذه الأمم وفي أقل الأحوال نجد أن اللغة الأم لهذه الشعوب التي دخلت في الإسلام عن إيمان واقتناع قد تأثرت باللغة العربية، فنجد فيها كثيرا من الكلمات والعبارات العربية ولا أدل على ذلك من اللغة الفارسية واللغة التركية.
ومن جهة أخرى نجد المستعمر يفرض لغته على الشعوب التي استعمرها ليفرض عليها فكره وثقافته؛ فنجد تلك الشعوب قد تأثرت بالاستعمار بقدر ما اكتسبت من لغة المستعمر، فدول المغرب العربي مثلا كان أخذها للغة المستعمر أكثر من غيرها فيلاحظ تأثرها بالثقافة التي اكتسبتها من تلك اللغة، وكان هذا هو هدف المستعمر وهو تمزيق اللغة العربية ليمزق فكرها وثقافتها ويغرس بديلا عنها ثقافته وفكره، وقد شبه الفيلسوف الفرنسي فرديناند دي سوسير الفكر واللغة بالورقة النقدية فلا يمكن تمزيق الوجه إلا إذا مزقت الصورة وهذا ما أراده المستعمر تمزيق اللغة لتمزيق الفكر.
وبهذا الانتقال من اللغة العربية إلى لغة المستعمر انتكست شعوبنا الإسلامية وذلت لأنها نسيت فكرها وثقافتها واستعارت شيئا غريبا عنها، فلا هي لحقت بالغرب في تقدمه التقني ولا هي بقيت كما كانت أمة عزيزة، يقول الأديب مصطفى صادق الرافعي في كتابه الشيّق وحي القلم :"ما ذلّت لغة شعبٍ إلاّ ذلّ، ولا انحطّت إلاّ كان أمره في ذهابٍ وإدبارٍ، ومن هذا يفرض الأجنبيّ المستعمر لغته فرضاً على الأمّة المستعمَرة، ويركبهم بها، ويُشعرهم عظمته فيها، ويستلحِقهم من ناحيتها، فيحكم عليهم أحكاماً ثلاثةً في عملٍ واحدٍ: أمّا الأول فحَبْس لغتهم في لغته سجناً مؤبّداً، وأمّا الثاني فالحكم على ماضيهم بالقتل محواً ونسياناً، وأمّا الثالث فتقييد مستقبلهم في الأغلال التي يصنعها، فأمرُهم من بعدها لأمره تَبَعٌ".
فما أدق هذا الكلام فهو يصور الواقع الذي نعيش، فإن ماضينا بما فيه من بنية معرفية وتاريخ عميق قد كتب عليه النسيان وحكم عليه بالقتل، فنجد شبابنا وأبنائنا يتقمصون أفكاراً ويتبعون قدواة ليست إلا من بيئة المستعمر، وأي أمة نسيت فكرها وتاريخها ومعارفها إلا ذلت ولن تصنع لنفسها حضارة ومستقبلا؛ لأنها تخلت عن أهم شيء في وجودها وما أتاها ما أتاها إلا من ناحية اللغة.
وقد أشار ابن خلدون إلى أن البلدان والأمصار تكون على لغة المتغب فيها والناس تبع للسلطان، فالأمة المتغلبة هي من تحدد وجهة اللسان واللغة وترسم طريقها، واللغة هي صورة لمادة؛ والمادة هي الدين والفكر والثقافة، فاللغة تصنع الفكر والثقافة في عقول المتغلَب عليهم وتجعل المتغلِب هو المتقدم والمتغلَب عليه تابع، فالصورة متقدمة على المادة فإذا نجح المتغلِب في نشر لغته في بداية الأمر نجح في النهاية في فرض مادة هذه الصورة وهي الفكر والثقافة.
وإذا كنّا أمة نبحث عن وجودنا وعن عزنا، وإذا كان مفكرونا يبحثون عن رقي هذه الأمة ويريدون لها الصدارة من جديد، وإذا كان مسؤولوا هذه الأمة يسعون إلى تحقيق رفعتها وتقدمها فعلى الجميع العودة إلى اللغة وإلى اللسان العربي، فيبدؤون بتدريسه بطريقة تضمن للجيل الذي نبنيه أن يتكلم بلسان عربي فصيح كي يستطيع الاطلاع على فكره وثقافته وعلى بنائه المعرفي الذي لا يوجد في التاريخ بناء معرفي متكامل كهو.
واللغة مَلَكَة والمَلَكَة تُكتسب بالممارسة وكثرة الحفظ والاطلاع، فالواجب لا يقع على المسؤول وحده ولا على صاحب القرار فحسب وإن كان له الدور الأكبر ولكن الدور الذي يناط بالأسرة والبيت دور مهم في إعادة هذه الملكة إلى الجيل الذي سيعيد عزنا وأمتنا إلى سابق مجدها، يقول ابن خلدون في هذا المجال :"اعلم أن اللغات كلها ملكات شبيهة بالصناعة، إذ هي ملكات في اللسان، للعبارة عن المعاني وجودتها وقصورها بحسب تمام الملكة أو نقصانها. وليس ذلك بالنظر إلى المفردات، وإنما هو بالنظر إلى التراكيب. فإذا حصلت الملكة التامة في تركيب الألفاظ المفردة، للتعبير بها عن المعاني المقصودة، ومراعاة التأليف الذي يطبّق الكلام على مقتضى الحال، بلغ المتكلم حينئذ الغاية من إفادة مقصوده للسامع. والملكات لا تحصل إلا بتكرار الأفعال، لأن الفعل يقع أولاً وتعود منه للذات صفة، ثم تتكرر فتكون حالاً. ومعنى الحال أنها صفة غير راسخة، ثم يزيد التكرار فتكون ملكة أي صفة راسخة".
وهذه الملكة المكتسبة تقع مسؤولية اكتسابها وتعليمها لأجيال الأمة على الأسرة، فنحن نرى كثيرا من الآباء والأمهات يتكلمون بلغة عامية ممزوجة بلغة أجنبية فتكون التراكيب لا هي عربية ولا هي أجنبية وبذلك يتشتت النشؤ، إذ يقول ابن خلدون مشيرا إلى معنى قريب مما نتكلم فيه بل هو يشير إلى فساد اللغة العربية عندما خالطها غيرها فيقول :"إن الناشىء من الجيل، صار يسمع في العبارة عن المقاصد كيفيات أخرى غير الكيفيات التي كانت للعرب، فيعبر بها عن مقصوده لكثرة المخالطين للعرب من غيرهم، ويسمع كيفيات العرب أيضاً، فاختلط عليه الأمر وأخذ من هذه وهذه، فاستحدث ملكة وكانت ناقصة عن الأولى. وهذا معنى فساد اللسان العربي".
ثم إن ابن خلدون يركز على السماع والتلقين من جيل إلى جيل، فما نتحدث به نحن الآباء هو ما يتلقنه الأبناء وبصورة لا نحس بها فيقول رحمه الله :"فالمتكلم من العرب حين كانت ملكة اللغة العربية موجودة فيهم، يسمع كلام أهل جيله، وأساليبهم في مخاطباتهم وكيفية تعبيرهم عن مقاصدهم، كما يسمع الصبي استعمال المفردات في معانيها، فيُلقنها أولاً، ثم يسمع التراكيب بعدها فيلقنها كذلك. ثم لا يزال سماعهم لذلك يتجدد في كل لحظة ومن كل متكلم، واستعماله يتكرر إلى أن يصير ذلك ملكة وصفة راسخة ويكون كأحدهم، هكذا تصيرت الألسن واللغات من جيل إلى جيل وتعلمها العجم والأطفال".
وترى الأسرة في وقتنا الحالي تركز في تعليم أبنائها على اللغة الأجنبية ويهملون اللغة العربية فنرى الطالب من أبنائنا يشقى في تعلم اللغة الأجنبية في المقابل هو لا يهتم باللغة العربية.
وهنالك قصور في التعليم من قبل المعلمين فنجدهم يُدَرِّسون اللغة جافة وكأنها قوالب من القواعد ولا يهتمون بصياغة العبارات والحوار باللغة العربية، فترى الطالب يمل من هذه اللغة لما فيها من جفاف؛ والجفاف الحقيقي في تعليم اللغة لا في اللغة، فلغتنا العربية من أجمل اللغات وأوسعها، فهي لغة شاعرية كما يقول الأديب عباس محمود العقاد، بل هي لغة لينة سهلة فلا تجد فيها كلمة صعبة المخرج شديدة الحروف وإن وجد فتكون كلمة معربة لا عربية الأصل كما يقول الرافعي الأديب.
يقول المستشرق الفرنسي إرنست رينان :"من أغرب المُدْهِشات أن تنبتَ تلك اللغةُ القوميّةُ وتصل إلى درجة الكمال وسط الصحاري عند أمّةٍ من الرُحّل، تلك اللغة التي فاقت أخواتها بكثرةِ مفرداتها ودقّةِ معانيها وحسنِ نظامِ مبانيها، ولم يُعرف لها في كلّ أطوار حياتها طفولةٌ ولا شيخوخةٌ، ولا نكاد نعلم من شأنها إلاّ فتوحاتها وانتصاراتها التي لا تُبارى، ولا نعرف شبيهاً بهذه اللغة التي ظهرت للباحثين كاملةً من غير تدرّج وبقيت حافظةً لكيانها من كلّ شائبة" فهذي لغتنا بكل جمالها فندعها ونتكلم بغيرها فنفقد الجمال والثقافة والفكر.
فكيف نحصّل هذه الملكة ونعلم أبنائنا هذه اللغة العظيمة؟
أما أنا فسأترك الكلام لابن خلدون ليعطينا طريقة نكتسب بها هذه الملكة ونعلم أبنائنا بهذا الميزان والطريق الذي يضعه مفكر ينظر إلى العلوم بشمولية لم يُسبَق إليها فيقول:"ووجه التعليم لمن يبتغي هذه الملكة ويروم تحصيلها أن يأخذ نفسه بحفظ كلامهم القديم الجاري على أساليبهم من القرآن والحديث، وكلام السلف، ومخاطبات فحول العرب في أسجاعهم وأشعارهم، وكلمات المُوَلِّدِين أيضاً في سائر فنونهم، حتى يتنزّل لكثرة حفظه لكلامهم من المنظوم والمنثور منزلة من نشأ بينهم ولقن العبارة عن المقاصد منهم، ثم يتصرف بعد ذلك في التعبير عما في ضميره على حسب عباراتهم، وتآليف كلماتهم، وما وعاه وحفظه من آساليبهم وترتيب ألفاظهم، فتحصل له هذه الملكة بهذا الحفظ والاستعمال، ويزداد بكثرتهما رسوخاً وقوة".
ثم أضاف رحمه الله :"ويحتاج مع ذلك إلى سلامة الطبع والتفهم الحسن لمنازع العرب وأساليبهم في التراكيب ومراعاة التطبيق بينها وبين مقتضيات الأحوال. والذوق يشهد بذلك، وهو ينشأ ما بين هذه الملكة والطبع السليم فيهما. وعلى قدر المحفوظ وكثرة الاستعمال تكون جودة المقول المصنوع نظماً ونثراً. ومن حصل على هذه الملكات، فقد حصل على لغة مُضَر، وهو الناقد البصير بالبلاغة فيها، وهكذا ينبغي أن يكون تعلمها. والله يهدي من يشاء بفضله وكرمه".
ثم لا تنسى ما أشرنا إليه سابقا من قضية التلقين من جيل إلى جيل ومن الآباء للأبناء في تعلم اللغة؛ وهذا الطريق إن سلكناه وبذلنا المجهود فيه فهو طريق عودة الأمة الإسلامية الى حضارتها، وطريق غرس الأفكار والثقافات والبنية المعرفية في أجيالنا القادمة وإن كان بصورة غير مباشرة أحيانا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
سعيد الناصر صناعة الفكر والأفكار
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  كيف فكك إدوارد سعيد جذور الفكر الصهيوني؟
»  بين البندقية والأفكار الأوسلوية
» الشيوعية - التعريف - والأفكار والمعتقدات
»  جمال عبد الناصر
» رسالة جونسون للرئيس عبد الناصر

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث متنوعه-
انتقل الى: