ماهر الخطيب لا تكشف الولايات المتحدة عادة الكثير من أوراقها السرية خلال فترة قصيرة، لا سيما إذا ما كانت مرتبطة بالحروب التي تشارك فيها بصورة مباشرة أو غير مباشرة، لكن ما تحدث عنه سفير واشنطن السابق في العاصمة السورية دمشق روبرت فورد، أمس، يحمل في طياته العديد من النقاط المهمة، خصوصاً أن الدبلوماسي الأميركي لم يتوقف عند سرد تفاصيل قد تكون باتت من الماضي، بل ذهب بعيداً في توقع السيناريوهات التي من الممكن أن تذهب إليها الأزمة السورية في المستقبل القريب. في هذا السياق هناك 3 نقاط رئيسية في حديث فورد الصحفي الذي نُشر ينبغي التوقف عندها، أبرزها الإعتراف بأن الرئيس السابق باراك أوباما لم يترك الكثير من الخيارات أمام الرئيس الحالي دونالد ترامب، بالإضافة إلى تأكيده بأن ما تقوم به بلاده مع الأكراد غير أخلاقي وخطأ سياسي، من دون تجاهل إعترافه بالدور الذي قام به حلفاء سوريا، لا سيما روسيا وإيران و"حزب الله"، في إسقاط المخطط الأميركي القاضي بالوصول إلى مرحلة التقسيم كأمر واقع. إنطلاقاً من هذه الإعترافات، تشير مصادر متابعة، عبر "النشرة"، إلى أن ما قاله فورد هو إعتراف بواقع بات الجميع يدركه، لا سيما لناحية عدم توقع الجانب الأميركي ذهاب الجيش السوري إلى الشرق أو إستعادة السيطرة على مدينة حلب التي تعتبر العاصمة الإقتصادية للبلاد، لكنها تستغرب عدم معرفة الإدارة الأميركية، في ذلك الوقت، بأن حلفاء دمشق سوف يتدخلون لمنع إسقاطها نتيجة الهجمات التي تقوم بها فصائل المعارضة المسلحة، بالرغم من أنها تدرك جيداً الأهمية الإستراتيجية التي تشكلها بالنسبة إلى موسكو وطهران بشكل أساسي. على الرغم من أن كلام السفير فورد هو إعتراف غير رسمي بإنتصار الرئيس السوري بشار الأسد، يبقى أن المهم هو الإطار المستقبلي الذي وضعه لهذه الأزمة، لناحية الصراع القائم على الحدود السورية العراقية والإعتماد الأميركي على "قوات سوريا الديمقراطية" في الحرب ضد تنظيم "داعش" الإرهابي، حيث لم يتردد بالكشف عن القلق من أن السيطرة على الشرق السوري لن تكون آمنة، بالنظر إلى أن القوات أو الفصائل المدعومة من جانب واشنطن قد تكون هدفاً سهلاً لدمشق وحلفائها، وهو الأمر الذي يظهر، بحسب ما ترى المصادر، من خلال الإحتكاكات المتكررة بين الجانبين في الفترة الأخيرة، سواء ما يتعلق منها بالصراع القائم في محيط معبر التنف الحدودي، أو الحادثة الأخيرة التي تمثلت بإسقاط طائرة سورية قالت قوات "التحالف الدولي" أنها كانت تستهدف مقاتلين من "قوات سوريا الديمقراطية". من وجهة نظر المصادر نفسها، ما تحدث عنه السفير الأميركي السابق في دمشق تأكيد على أن بعض المناطق قد تكون في المرحلة المقبلة ملتهبة، خصوصاً بعد النجاح في القضاء على "داعش"، بسبب الإختلاف في المصالح والرؤية حوله بين المحورين الدوليين والإقليميين المتناقضين، الأمر الذي قد يعرض القوات المتواجدة فيها، سواء كانت أميركية أو حليفة لواشنطن، للخطر، ما يعيد إلى الأذهان المقاومة التي تعرض لها الجيش الأميركي خلال فترة تواجده السابقة في العراق. من جهة ثانية، هناك نقطة أساسية ينبغي على الجانب الكردي إعادة قراءتها جيداً في حديث فورد، متعلقة بأن واشنطن لن تدافع عنهما في حال تعرضهم لهجوم من أنقرة أو طهران أو دمشق، حيث أنها تستخدمهم لتحرير الرقة فقط، مع العلم أن الولايات المتحدة أرسلت سابقاً إشارات متناقضة حول علاقاتها مع الأكراد بالرغم من أهمية الدور الذي يقومون به، فهي من جانب لم تتأخر في الدفاع عنهم عندما وقعت إشتباكات بين الجيش السوري و"قوات حماية الشعب الكردي" في الحسكة، لكنها في المقابل تجاهلت الغارات التي قامت بها الطائرات التركية قبل فترة قصيرة، والأكراد يدركون جيداً بأن أنقرة لن تسمح لهم في تحقيق أهدافهم الخاصة بعد الإنتهاء من المعركة مع "داعش"، لا سيما أنها أرسلت قواتها إلى الداخل السوري لمنعهم من ربط الكانتونات الثلاث التي يسيطرون عليها ببعضها البعض عبر عملية "درع الفرات"، الأمر الذي يدفع المصادر المتابعة إلى السؤال عما إذا كان عليهم التحضر لتكرار التجربة التي حصلت مع "الصحوات" في العراق في العام 2008، حيث إستفادت منها الولايات المتحدة في الحرب ضد "القاعدة"، لكنها فيما بعد تخلت عن الوعود التي كانت قد قطعتها لها. في المحصلة، تأتي الإعترافات التي تقدم بها السفير فورد في لحظة حرجة على مستوى المنطقة لتفتح الباب واسعاً أمام طرح جملة من التساؤلات، لكنها حكماً تثير الريبة في صفوف حلفاء واشنطن بالنسبة إلى مستقبل علاقاتهم معها، إلا أن خيار التسوية الأميركية الروسية في نهاية المطاف يبقى قائماً. عن النشرة اللبنانية
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
موضوع: رد: الأخطاء الأميركية "القاتلة": السفير فورد يعترف الإثنين 26 يونيو 2017, 11:06 am
حمد وفورد وماكرون .. في سورية انتهت اللعبة
رامز مصطفى سنوات سبعة من الحرب على سورية بهدف تدميرها وإسقاط الدولة ونظام الحكم فيها بمال البترول العربي الذي كان في يومٍ من الأيام " بترول العرب للعرب " ، وذلك كرمى لعيون الأمريكي و" الإسرائيلي " ومشروعهما النقيض لمشروعها التحرري المقاوم . حرب لم تُترك فيها وسيلة من الوسائل ، ولا درب من الدروب ، ولا خطة من الخطط التكتيكية والإستراتيجية ، إلاّ وسلكتها تلك المسميات من دول ومحميات وإمارات ومملوك ومشيخات ومجموعات إرهابية على تضنيفاتها ، بهدف تدمير ذاك البلد العربي المقاوم ، ولم يفلحوا في إسقاط دولته ومؤسساته وجيشه العقائدي ، وفي المقدمة منهم ذاك الشعب الصامد ، صمود دمشق وقاسيونها ، وحلب وقلعتها ، وتدمر وزنوبيا التي آثرت عدم الخضوع ، وحمص خالد بن الوليد ، وحماة بنواعيرها وصوتها الهادر . اليوم وبعد تلك السنوات السبعة ، تخرج علينا رموز تلك الحرب القذرة من ممولين ومشغلين ليقروا وبتلك الوقاحة المعهودة فيهم ، أنهم قد ارتكبوا أخطاءً جسيمة في سورية ، وبأن الحرب قد انتهت وانتصرت سورية ، وانتصر رئيسها بشار الأسد . شهادتان خرجتا إلى العلن بعد أن ظلت حبيسة الهمس في كواليس دوائر أصحاب تلك الشهادتين وغيرهم والحبل قد جرّ في طريقه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الحديث صراحة أن استقرار سورية والمنطقة بل وعلى ما يبدو العالم رهنُ ببقاء الرئيس الأسد على رأس الحكم في سورية . جاءت الشهادة الأولى على لسان حمد بن جاسم بن جابر آل ثاني رئيس الوزراء القطري السابق ، وأما الثانية فجاءت على لسان روبرت فورد السفير الأمريكي السابق في سورية حتى مغادرتها في العام 2012 . وصحيح أن السفير روبرت فورد كان كلامه الأوضح والأكثر دلالة على عمق المأزق الذي وصل إليه أصحاب مشروع إسقاط المنطقة عبر البوابة السورية ، وفي المقدمة منهم الإدارة الأمريكية ، حيث خاطب فورد الرئيس الأمريكي ترامب جازماً القول : " الأسد ربح ، إنه منتصر ، وسوف يبسط نفوذه على كل البلاد عاجلاً أم أجلاً ، فالقضية أصبحت مسألة وقت " ، مضيفاً " تريد تقليص النفوذ الإيراني ، وأنت تعرف أن اللعبة انتهت " . ولكن ما جاء على لسان حمد بن جاسم من كلام حول سوريا والأخطاء التي ارتكبتها إمارته والسعودية وتركيا والإمارات وحتى الولايات المتحدة في دعمهم لمجموعات اتضح أن لديها أجندات أخرى غير إسقاط الدولة والنظام في سوريا ، كلامه هذا كمن يقص شريطاً من الاعترافات التي ستتالى ، وها هو روبرت فورد أول المعترفين ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى أنه أي الحمد وإمارته لم تسمع الكلام السوري والإيراني أن الإرهاب الذي صنعوه سيأتي إليهم . مضيفاً بن جاسم القول : " لو نجح الإرهابيون في سوريا لأتوا إلى دول الخليج ، التي لم تكن خارج خطر الإرهابيين أبدا " . من اللافت أن كلام الحمد وفورد قد أنى بالتزامن مع احتدام الخلاف السعودي وحلفائه من جهة ، وقطر من جهة أخرى ، وعنوان الخلاف أن قطر متهمة بدعم الإرهاب ، متناسية المملكة السعودية أنها تقع من بين المُصدرين الأوائل للإرهاب وإلى جانبها الكيان الصهيوني . فالخلاف السعودي القطري قد كشف بما يدعو للشك أن تلك الدولتين وإلى جانبهما الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا جميعهم متورطون في تصدير الإرهاب والإرهابيين إلى سورية بهدف إسقاطها وتحويلها إلى دولة فاشلة على النسق الليبي والصومالي . الكلام الذي تحدث به بطل ما سمي ب" الربيع العربي " حمد بن جاسم ليفي ، ومن ثم السفير فورد والرئيس ماكرون أهميته تأتي في كشف الفضائح التي حاول الكثيرون من دوليين وإقليميين التستر عليها ، وقلب حقائقها البادية للعيان بفضل الإعلام المأجور ومؤسساته المرتبطة . وأهميته أيضاً لتقول لمن أغمض عينيه وأقفل عقله وغيبه في لحظة خلط غير موضوعي أو أخلاقي لها بأنكم بعتم أنفسكم لهؤلاء المارقين ، وها هم اليوم يتذابحون فيما بينهم لأن اللعبة كما قال عنها السفير فورد قد انتهت ، وخسروا رهاناتهم على مدار ما يزيد عن السنوات الستة . وبعد الذي قيل على لسان حمد ليفي والسفير فورد والرئيس الفرنسي ماكرون الذي كانت بلاده تحمل لواء إسقاط سورية بثالوثها الشعب والجيش والرئيس ، لربما ما سيقال في الأيام المقبلة . ماذا بقي لكم يا من تاجرتم بدماء الأبرياء من الشعب السوري العزيز ، ويا من دمرتم من حضارات عمرها من عمر البشرية على أرض هذا البلد الطهور . ويا من أشعبتم غزائر توحشكم قبل وحشيتكم في جسد وطن هو الأرفع والأسمى على مد الزمان والحضارات وتعاقبها . فاستقدمتم تلك الوحوش التي لا تعرف طريقاً إلاّ القتل والذبح والحرق والسحل وجهاد النكاح وبيع الأطراف الآدمية . وماذا بعد كل تلك الاعترافات المهولة ، هل بقي مكان للشك أن إسقاط المنطقة وتقسيمها ومذهبتها ، ومن ثم تصفية القضية الفلسطينية ، لا يمر إلاّ إذا أسقطوا سورية ، وهؤلاء المشغلين والممولين لكم ، يعترفون الواحد تلو الآخر ، لم يعد في الإمكان أكثر مما كان ، وسقوط سورية بالنسبة إليهم لم يعد أولوية لأنهم يستجدون الإبقاء على الرئيس الأسد ، لأنه يمثل والجيش والشعب السوري الركيزة الأساسية بل والحقيقية في مكافحة الإرهاب الآخذ بالتهاوي كما الأنظمة والدول الداعمة والراعية له .