«صفقة القرن»: هل انتفت حاجة العرب لفلسطين؟
رأي القدس
في خطابه الذي ألقاه أمس تحدّث زعيم حركة «حماس» إسماعيل هنية عما سمّاه «صفقة القرن» التي تتم بموجبها تصفية القضية الفلسطينية من خلال غطاء عربي ـ إسلاميّ وفلسطيني.
حسب هنية فإن إشارات هذه الصفقة تبدأ من أمريكا التي أظهرت التزامها بالأجندة الإسرائيلية، ومن ذلك، إضافة إلى قضايا أخرى، إجبارها السلطة الفلسطينية على التخلّي عن عوائل الأسرى والشهداء.
ربط هنيّة بين «التكالب الدولي» و»الصراعات الداخلية التي تمرّ بها أمتنا»، وهذا يقدم وعيا ضروريّاً لما يحصل، فهذه «الصراعات الداخلية»، والمقصود بها طبعاً، ما يجري في الخليج من حصار السعودية والإمارات والبحرين (… ومصر) لقطر، بشكل رئيسي، وما يجري في فلسطين، التي تأثرت أوضاع شعبها، وخاصة في غزّة، بتأثيرات تلك «الصراعات»، ومن هنا كان مفهوماً توجيه هنيّة التحيّة للدوحة على دعم الشعب الفلسطيني «والوقوف إلى جانب غزة»، وكذلك لحليفتها تركيا، «التي ساندتنا سياسياً وماليّاً وإنسانيا».
لكن ما هي «صفقة القرن» حقّاً وما علاقة فلسطين بها؟
يلخّص أحد كتاب صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية المعادلة بـ»الرياض مقابل يتزهار»، حيث تحظى تل أبيب عبرها بالعاصمة السعودية، التي ستقود حلفاً إقليميا تتواجد ضمنه إسرائيل علناً (لأن التعاون الإقليمي السرّي مع إسرائيل موجود، حسب الصحيفة)، مقابل التنازل عن مستوطنات الضفّة الغربية التي تُعتبر يتزهار، القريبة من نابلس (والتي يسكنها أشرس المستوطنين من اليهود الأرثوذكس) علماً عليها.
للصفقة أيضاً جانبها الماليّ طبعاً المتمثل في عقود بمئات مليارات عقدتها الرياض مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال زيارته إليها الشهر الماضي ولكنّ التصريحات التي سبقتها عن اعتزام السعودية، بدعم من واشنطن، إعلان «تحالف عسكري عربيّ إسلامي» لمواجهة إيران، ما لبث أن تمخّض عن تحالف متواضع يضم السعودية والإمارات والبحرين تم تشكيله على عجل ليحاصر قطر (وهو ما سيقضي على أي فرصة لتحالف عربي ـ إسلامي)، من جهة، وليعطي إشارات صريحة إلى ضرورة التحالف مع إسرائيل (وهو أمر آخر سيجعل الرياض وحلفاءها محطّاً لانتقادات عربية وإسلامية هائلة!).
وإذا كانت الغرائب السابقة لـ»صفقة القرن» غير كافية فإن لسان حال إسرائيل، التي تعتبر المقالة المستشهد بها مثالا عليها، على هذا العرض التراجيكوميدي يقول إن تل أبيب غير مضطرة لإعطاء «مقابل فلسطيني» لترضية العرب الراكضين للتحالف معها وذلك «لأن المنفعة متبادلة»، أوّلاً، ولأن الشعوب العربية ستبقى على كراهيتها لإسرائيل حتى لو عمل زعماؤها على التطبيع العلنيّ معها، ثانياً.
ما يقوله الكاتب الإسرائيلي هو أن الساعين للتحالف مع إسرائيل ما عادوا بحاجة لركوب حصان الحرب الفلسطيني لأن «الحاجة لفلسطين انتهت»، وإذا كانوا يصرّون على صداقة تل أبيب فعليهم ألا يشغلوا أنفسهم بترضية الفلسطينيين أو ممالأة شعوبهم التي تكره إسرائيل؟
لإتمام الصفقة، إذن، ما على الزعماء العرب، الراغبين بالتحالف مع إسرائيل، إلا أن يخرجوا عنصرين من المعادلة: الفلسطينيين أنفسهم، والشعوب العربية التي تكره إسرائيل.
لكن السؤال: أين سيذهب الزعماء المذكورون بالفلسطينيين… وبشعوبهم؟