اسماء - شهداء عملية المسجد الأقصى بالقدس من بلدة "أم الفحم"
القدس المحتلة: كشفت مصادر اعلامية أن شهداء عملية القدس المحتلة، صباح يوم الجمعة 14 يوليو (تموز) هم:
وعلم أن الشهداء هم كل من محمد أحمد محمد جبارين (29 عاما)، محمد حامد عبد اللطيف جبارين (19 عاما) ومحمد أحمد مفضل جبارين (19 عاما).
وجميعهم من بلدة "أم الفحم" في الداخل 48.
إشتباك الأقصى النوعي .. سيادة الرصاص ورفضاً للتدنيس
وسط ضجيج اللاهثين للتسوية مع العدو , وإرتفاع صخب المهرولين للتطبيع مع الصهاينة , وسيل الإتهامات المرجفة والكاذبة ضد المقاومة الفلسطينية , وتجرأ البعض على إتهام المقاومة بـ "الإرهاب" , ومع إشتداد الحصار الظالم على قطاع غزة , قلعة المقاومة وحصنها الأخير, تشرق مع صباح الجمعة المباركة 14- 7 ثلاثة شموس ناصعات , تتقاطر قطرات الدم الطاهرة بخيوطها النارية عبر رصاصات الكارلو في باحات المسجد الأقصى المبارك , سعياً لإحقاق الحق الفلسطيني المقدس , وإبطال الرواية الصهيونية الخبيثة , وصرخة في وجه كل المفرطين والخانعين , أن توقفوا فنحن أصحاب الحق , نجود بدمائنا ونضحي بأرواحنا , دفاعاً عن مقدساتنا في فلسطين , ولا يعنينا وصفكم لنا , ولن تثنينا إتهاماتكم لنا , عن مواصلة واجبنا في الدفاع عن شعبنا وأرضنا ووطننا ومقدساتنا , هذا ما أراد فرسان عائلة جبارين الفحماوية المجاهدة الأصيلة , أن يأكدوا عليه , لتكون إبتسامة الغد أفضل وأجمل بدون إحتلال , وهذا آخر ما كتبه شهداء إشتباك الأقصى على صفحات الفيس بوك , وهم يلتقطون الصور بخلفية قبة الصخرة المشرفة في المسجد الأقصى المبارك , فالمقاومة فعل إنساني حضاري يدفع من خلالها الإنسان المقاوم , العدوان الواقع عليه أو على وطنه من عدو خارجي , يحاول السيطرة عليه وإخضاعه لمخططاته بقوة الإرهاب , ومحصلة الفعل المقاوم إعادة البهجة والسرور والإبتسامة للوطن والشعب بعد الإنعتاق الحقيقي من الإحتلال , والذي لن يكون الا بطرد المحتل نهائياً , وبالتالي جلب الإستقرار والهدوء والتنمية والتفاعل الحضاري الإنساني , وبالتالي تكون النتيجة أن الإحتلال هو الإرهاب , فمن يريد عربياً أن يحارب الإرهاب , ما عليه الا المساهمة الجادة في دعم الشعب الفلسطيني ومقاومته , من أجل محاربة الإرهاب الممثل بالمحتل الغاصب لفلسطين ومقدساتها .
مقاومي إنتفاضة القدس المباركة , يملكون رؤية سياسية وطنية , فالإنتفاضة المباركة لها جملة من الأهداف الوطنية التي في مقدمتها حماية المسجد الأقصى من مؤامرة التقسيم الصهيونية , ورفض تهويد مدينة القدس المحتلة , ومواجهة الإستيطان الصهيوني في الضفة المحتلة , لذلك ترى المقاومين الأبطال يتفاعلون مع الإحداث السياسية والإجراءات الإحتلالية , ويسجلون بعملياتهم الفدائية الرد الشعبي الفلسطيني , ولعل المتابع للعمليات الفدائية منذ إندلاع إنتفاضة القدس , يجد بكل وضوح الرسائل السياسية الوطنية , التي يحاول منفذي العمليات البطولية إيصالها للعدو الصهيوني ولكافة الأطراف ذو العلاقة بالقضية الفلسطينية , فعلى سبيل المثال كانت عملية " وعد البراق " الإستشهادية بتاريخ 17-6-2017م , رداً على تصريحات البعض التي أعطت اليهود الحق في حائط البراق , الذي هو جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى المبارك , وقد سجلت منظمة الإيونسكو بتاريخ 13-10-2016م , أن لا علاقة لليهود بالمسجد الأقصى وحائط البراق , ومع ذلك يظهر علينا من ينطق بلغة الضاد ولهجة أهل فلسطين , ليوافق الصهاينة على إدعائهم وتزويرهم بخصوص حائط البراق , ورفضاً لهذا الهذيان والتخريف يخرج مقاومي إنتفاضة القدس في عملية " وعد البراق" , من قرية دير أبو مشعل قرب رام الله , الشهداء الأبرار براء إبراهيم صالح عطا, وأسامة أحمد مصطفى عطا , والشهيد عادل حسن أحمد عنكوش , فكانوا رحمهم الله , أبلغ من تحدث بلهجة الحق الفلسطيني , وخير من أناب للدفاع عن طهر القضية والأرض الفلسطينية .
وعلى ذات النهج الثوري الواعي والفعل المقاوم اليقظ , تقدم فرسان أم الفحم البطلة , الشهداء المحمديين " الشهيد محمد أحمد جبارين , والشهيد محمد حامد جبارين , وأيضا الشهيد محمد أحمد جبارين أبناء عمومة تطابقت أسمائهم وتلاقت همهم وتزاحمت بينهم هموم الأقصى وفلسطين , وتناسقت أفكارهم وتكاملت مقاومتهم فأبدعت إرادتهم القوية إشتباك الأقصى البطولي , ليؤكدوا على السيادة الإسلامية الأصيلة على المسجد الأقصى المبارك , وأن هذا الفعل الجهادي النوعي والغير مسبوق يأتي رفضاً لحملات التدنيس اليومي من قطعان المستوطنين وغلاة الصهاينة , وتحدياً لقرار المحاكم الصهيونية , القاضي بالسماح مجدداً للنواب الكنيست الصهيوني بإقتحام المسجد الأقصى , بعد أن تم منعهم من تدنيس الأقصى بعد إندلاع إنتفاضة القدس المباركة .
وعبر قراءة سريعة لعملية إشتباك الأقصى , نستطيع القول بأن رسالة عديدة أوصلتها العملية النوعية في طليعتها أن المسجد الأقصى خط أحمر , ولا يمكن القبول بإستمرار تدنيسه اليومي , أو التخطيط لتقسيمه في محاولة لوضع موطئ قدم للصهاينة فيه , وخاصة أن العملية جاءت كما ذكرنا سابقاً بعد إعادة السماح للنواب والوزراء الصهاينة بإقتحام الأقصى , ومن الرسائل ذات الدلالة بأن شعبنا الفلسطيني لازال يتمسك بالمقاومة وأن شباب فلسطين يؤمنون بحتمية المعركة مع العدو الصهيوني , لذا فإن التعويل على الوقت والرهان على الزمن , من أجل إنهاء الإنتفاضة أو قمع المقاومة سيبوء بالفشل, وأن من سيتبرع بالمجان لتجريم مقاومة شعبنا عبر الإدانة الآثمة للفعل البطولي في الأقصى , هي أصوات خارجة عن الإجماع الوطني , ليس لها رصيد في الشارع الفلسطيني , وأصبحت أقوالهم والعدم سواء, ورسالة أخرى تؤرق الأمن الصهيوني, وهي أن فلسطينيو48 على عهدهم مع قضيتهم ومقدساتهم, وأن المساس بالمسجد الأقصى سيشعل فلسطين التاريخية غضباَ وثورة وإنتفاضة شاملة في الجليل والمثلث والنقب , فأكثر من ميلوني فلسطيني هم القنابل الموقوتة التي ستتفجر ثأراً للأقصى المبارك إذ تعرض لأي مكروه أو مساس غادر من الصهاينة .
ولعل الرسالة الأبلغ أن مقاومتنا الباسلة وإنتفاضتنا المجيدة , تسعى نحو تطهير مقدسات المسلمين في فلسطين , وأن الفلسطيني ليس بالمعتدي , بل هو صاحب الحق , نقول ذلك لتجلية الحقائق , بعد محاولات التضليل الممنهج , عبر وسائل الإعلام المدفوعة الأجر , والتي تحاول الترويج للتعايش مع العدو المحتل والتطبيع معه , وأن من حقه أن يعيش بأمان وسلام , تناسياً متعمداً للحقائق الدامغة , بأن الصهيوني محتل جاء من أصقاع الأرض , ليتحل بقوة الإرهاب بلد العروبة والإسلام , وأن من الواجب علينا جميعاً كفلسطينيين وعرب ومسلمين مقاومته وطرده, لا التعايش معه أو الترويج لإقامة العلاقات الدبلوماسية , تنفيذا لرغبات شيطان البيت الأبيض , ترامب إلى زوال ويبقى التاريخ يكتب , بحروف العزة أصحاب مواقف الثبات والبطولة , ويكتب بحروف الخسة والنذالة , أسماء من سقطوا في وحل التبعية والإنحياز للعدو والإنصياع للأجنبي المعتدي , ومسار التاريخ يسرد لنا , من كان مع فلسطين كانت له الكرامة والرفعة , ومن تولى أعدائها وناصر محتليها , كُتب في قوائم الخزي والعار .
بوركت دمائكم يا فرسان آل الجبارين , بوركت أم النور " الفحم" , منارة للمنتصرين للأقصى المبارك , وتستمر المقاومة ويتواصل جهاد شعبنا وتمضي إنتفاضة القدس .
عملية القدس واهداف اسرائيل الامنية والاعلامية
تسيطر الأجهزة الأمنية الإسرائيلية على السياسة الإعلامية الاسرائيلية؛ كون إسرائيل بكافة مكوناتها، كانت ولازالت، تنظر للعلاقة مع الفلسطينيين خاصة، والعرب عموما، من منظار امني بحت. ويستخدم الإعلام الإسرائيلي أسلوب التبرير لكل الأعمال العدوانية التي يقوم بها الجيش ضد العرب والفلسطينيين من خلال بثه لكم هائل من الأخبار والمعلومات تتضمن رسائل محددة الاهداف.
من الملاحظ أن المواطن الفلسطينيّ يتابع باهتمام ما ينشر في وسائل الإعلام الإسرائيليّة ويعتمد عليها في ما يتعّلق بالأخبار، خاصة الأخبار والتّصريحات الصادرة عن مسؤولين أمنيّين إسرائيليّين أو ما تنقله الصحافة الإسرائيليّة عن المسؤولين الفلسطينيّين.
وعادة ما يعتبر كثير من الاعلاميين الفلسطينيين ان نقل هذه الأخبار وترجمتها، في شكل سريع من دون تحرير أو مراجعة، سبقاً إعلاميّاً وصحفيا فلسطينيّاً، يتباهى الكثيرون بالقيام به.
وكما هو معروف فان معظم وسائل الإعلام الفلسطينيّة المعروفة تتبع إلى الفصائل الفلسطينيّة، كثير من طواقمها من الصحافيّين الشباب الجدد، الّذين لا يتمتّعون بالخبرة الكافية في العمل الإعلامي. تعمل هذه الوسائل على نشر الأخبار الّتي تساعد على التّحشيد لهذه الاحزاب ولدعم رأيها ووجهة نظرها، كما تستخدم للمناكفة البينية. وهذا يعكس ضعفاً عامّاً لدى وسائل الإعلام الفلسطينيّة، وعدم قدرة الصحافيّين الفلسطينيّين العاملين فيها على إنتاج موادّ إعلاميّة خاصّة. لذلك اصبحت الصحافة الإسرائيليّة، للاسف الشديد، تتمتع بمصداقية اعلى لدى المواطن الفلسطينيّ لكونها تتمتع بمساحة حريّة وامكانيات اكبر من وسائل الإعلام الفلسطينيّة.
صباح اليوم الجمعة اعلنت اسرائيل عن قتل ثلاثة شبان الفلسطينيين، ادعت انهم قد شاركوا في عملية عسكرية في القدس، كما ادعت انهم من ام الفحم.
التقط الاعلام الاسرائيلي والجهات الامنية المتخصصة هذه العملية المفترضة في القدس، والتي يدعي انه قتل فيها شرطيين إسرائيليين، لبث سمومها وتحقيق اهدافها الاستراتيجية نحو خنق القدس والمسجد الاقصى، وتحميل الشعب الفلسطيني في ٤٨ مسؤولية هذه العملية والنتائج المترتبة عليها.
الدعوة للسيطرة على المسجد الاقصى ومنع دخول اليه
عقب وزير الأمن الداخلي "الإسرائيلي" جلعاد اردان فورا على هذه العملية قائلاً :" إن هذه العملية خطيرة وصعبة جدا وهي تجاوزا للخطوط الحمراء، وهي تفرض علينا إعادة النظر ودراسة كافة أسس الأمن والحراسة في منطقة المسجد الاقصى".
فيما حمل نائب وزير الجيش الاسرائيلي، الحاخام المتطرف ايلي دهان في تصريحات صحافية، السلطة الفلسطينية والحركة الاسلامية في مناطق عام 1948 المسؤولية المباشرة عن العملية، معتبرا التوجه الى اليونسكو من قبل السلطة فيما يتعلق بالمسجد الاقصى ومدينة الخليل بمثابة "تحريض"، والذي انتهى بتنفيذ العملية اليوم من قبل "متطرفين"، ما يدفعنا لبسط سيطرتنا على المسجد الاقصى المكان الاكثر قدسية لليهود ومنع " المتطرفين" المسلمين من الدخول اليه.
في حين قال وزير ما يسمى "شؤون القدس" زاف الكين بأنه يتوجب وقف استخدام المسجد الاقصى "للتحريض والمخربين" حسب قوله، وسوف تعمل قوات الأمن "الإسرائيلية" على منع هذا الاستخدام،
ودعا عضو الكنيست اليمين المتطرف يهودا كيلك الى منع المسلمين الذين وصفهم "بالمتطرفين" من الدخول الى المسجد الاقصى، وبارك اغلاق المسجد الاقصى من قبل الشرطة "الإسرائيلية" في أعقاب العملية ومنع المسلمين من اداء صلاة الجمعة.
من الواضح ان المسؤولين الاسرائيلين والاعلام الاسرائيلي عملا فورا ودون انتظار لاستغلال هذه العملية من اجل تنفيذ المخطط الاسرائيلي المتواصل في خنق القدس والاقصى، وشيطنة فلسطيني ٤٨ ، من اجل التضييق عليهم وسلب حقوقهم السياسية والاجتماعية وصولا لتهجيرهم.
عمل الجيش الاسرائيلي والشرطة الاسرائيلية من اللحظات الاولي على غلق القدس القديمة بالكامل، وحولها الى ثكنة عسكرية مدججة بأفراد الشرطة والجيش، وقامت شرطة الاحتلال فورا باحتجاز حراس المسجد الأقصى.
كما دعا نتنياهو فورا لعقد جلسة مشاورات عاجلة بحضور وزير الدفاع ووزير الأمن الداخلي ورئيس هيئة الأركان ورئيس الشاباك ومفوض عام الشرطة ومنسق الأعمال الحكومية وقرر إغلاق الحرم القدسي اليوم الجمعة والقيام بحملة تفتيش للتأكد من عدم وجود المزيد من الأسلحة فيه؟!. كما تتدارس الجهات الامنية الاسرائيلية امكانية تشديد الدخول للأقصى على غرار الحرم الابراهيمي بالخليل ووضع ترتيبات أمنية جديدة؟!.
وسائل الاعلام الفلسطيني
لقد سارعت كثير من وسائل الاعلام والمواقع الاعلامية الفلسطينية، الى الاشادة بهذه العملية دون اي تبين او معلومات تستقيها من مصادر فلسطينية حول هذه العملية واهدافها، هذا النهج المتواصل في التعامل مع مثل هذه العمليات، يبين تسرع وسائل الاعلام الفلسطيني لترديد ما يبثه الاعلام الاسرائيلي، دون تحليل او تروي او تحرير مناسب، متناسين الدور الامني والدعائي الذي يقوم به هذا الاعلام.
اننا نذكر وسائل الاعلام والجهات المسؤولة الفلسطينية ، خاصة التنظيمات الفلسطينية التي تقدس تبني العمل العسكري دون التدقيق في نتائجه، من خطأ الوقوع المتكرر في شرك الاعلام الاسرائيلي، ومن يقف خلفه من جهات امنية، والوقوع في مخططات اسرائيل، وان نعمل، دون ان ندري، بوقا لاعلامهم الموجه. اننا نردد ما يبثونه ببلاهة، ونخسر الكثير دون اكتراث، وهم يجنون الكثير، دون عناء او تعب.
اننا نتمنى على التنظيمات الفلسطينية ان تتروى قبل ان تشيد بمثل هذه العمليات، او قبل ما تسارع وتدعي بتبنيها، كما تفعل في كثير في مثل هذه الاحداث.
ان المقدسيين بصفة عامة واهلنا في ٤٨، والذين يقعون تحت سياط الاحتلال الاسرائيلي، يتنبهون دائما ويشككون في الرواية الاسرائيلية، ويعرفون اهدافها والذرائع المشبوهة التي يعمل من اجلها هذا الاعلام والجهات الامنية التي تسيره. ان الوجود المكثف للمصليين الفلسطينيين، وحراس الاقصى المتطوعيين من ابناء وبنات شعبنا الفلسطيني من المقادسة ومن اهلنا في ٤٨، هو الهدف وهو من يقلق المحتل الاسرائيلي، وليس ادعاء العمليات العسكرية من داخل باحات الاقصى لانها لا تنفع، بل بالعكس سيكون لها اضرار كارثية، مباشرة وغير مباشرة، لن يستطيع شعبنا تحملها. كما تهدف اسرائيل لتؤكد للعالم خطأ الينوسكو باتخاذها قراراتها الاخيرة بشأن القدس والاقصى والحرم الابراهيمي، هذه القرارات التي أضرت باسرائيل وازعجت قيادتها.
ان الحفاظ على صمود شعبنا الفلسطيني داخل اسرائيل والحفاظ على مكتسباته السياسية والاجتماعية يجب ان يكون هدفا مقدسا ومن الخطورة بمكان استغلال ظروف هذه الجماهير لتمكين اسرائيل ويمينها المتطرف من تنفيذ مخططاته المتواصلة ضدهم. كما انه من الهام الحفاظ على التواصل الفلسطيني والعربي مع القدس واقصاها حتى لا يتم خنق المدينة وتفريغها من سكانها الفلسطينيين كما تخطط اسرائيل. الحذر من الوقوع في الشرك الاسرائيلي.
تداعيات ما بعد عملية القدس
الإرتباط عميق جداً ما بين الشعب الفلسطيني خاصة والأمة العربية والإسلامية عامة وما بين المسجد الأقصى فهو أولى القبلتين وثالث الحرمين الذي تشد الرحال إليه ومسرى الرسول محمد (صلعم)وكذلك دائما هو في قلب الإستهداف للإحتلال الإسرائيلي على المستوى الحكومي والحزبي والجمعيات التلمودية والتوراتية...على إعتبار أنه حسب الزعم التلمودي التوراتي "جبل الهيكل" وأقدس مكان لليهود، ولذلك كمقدمة للحلم الصهيوني جرى السيطرة على ساحة البراق بعد الإحتلال مباشرة من خلال هدم حارة الشرف المقدسية والسيطرة على مفاتيح باب المغاربة ..ومنذ ذلك التاريخ لم تتوقف المشاريع الصهيونية للسيطرة على الأقصى،ليس فقط عبر شرعنة عملية الإقتحامات للمستوطنين والحفريات أسفل وحول المسجد الأقصى وإقامة الكنس والأبنية التلمودية والتوارتية حوله،لتغيير الطابع العروبي الإسلامي للمدينة،ولكي يبدو المشهد والفضاء اسرائيلياً وليس عربياً إسلامياً وترافق ذلك مع محاولات لنزع الوصاية الأردنية عن المسجد الأقصى وكذلك إنهاء مسؤولية وسيطرة وإدارة الأوقاف الإسلامية عن وللمسجد الأقصى....ومنع المسلمين والفلسطينيون من حرية الوصول إليه وممارسة العبادة فيه ..وانا هنا لست بصدد شرح التفاصيل حول الإستهداف للأقصى ولكن نحاول ان نسلط الضوء على التطورات والتداعيات والسيناريوهات الممكن ان يلجأ اليها الإحتلال بعد العملية التي نفذت صباح اليوم بالقرب من بوابة باب الإسباط المؤدية للمسجد الأقصى وما تبعها من اشتباك عسكري داخل المسجد الأقصى..مدركين تماماً بان الإحتلال ليس بحاجة الى حجج او ذرائع او مخططات قد يقدم عليها ما بعد هذه العملية لفرض حقائق ووقائع جديدة في الأقصى والقدس،فالمحتل عقليته قائمة على العنجهية والتطرف والإقصاء ورفض الإعتراف بحقوق شعبنا الفلسطيني ..ولسان حاله يقول الفلسطيني الذي لا يخضع بالقوة سيخضع بالمزيد من القوة ..وهناك الآن هدف اخر تحديداً سعى ويسعى الإحتلال اليه،هو نقل الصراع والنقاش الى داخل بيتنا المقدسي والفلسطيني،بأن الإحتلال ليس جذر وأساس المشاكل والبلاء،بل من يقومون بالعمليات او حتى مقاومة مشاريع الإحتلال ومخططاته لتهويد المدينة وأسرلتها،هم من يورطون شعبنا الفلسطيني ويجلبون له المشاكل والعقوبات،ووجدنا مثل هذا النقاش والصراع قد انتقل الى البيت الفلسطيني بعد العملية التي نفذها ثلاثة شبان فلسطينيون من منطقة دير ابو مشعل برام الله في شهر رمضان الفضيل،حيث هناك من رأى بان تلك العملية،جعلت الإحتلال يلغي عشرات الآلاف التصاريح الممنوحة لسكان الضفة الغربية،وبالتالي أثر ذلك على الأوضاع الإقتصادية للمدينة والحركة التجارية فيها،وعلى الوصول للأقصى للصلاة فيه... ولذلك الإحتلال دائماً يريد ان يجعل الضحية جلاداً والجلاد ضحية،وحتى الضحية هي ضحية ممارسة شعبها او من يقاومون اجراءاته وممارساته القمعية والتنكيلية بحق قدسنا ومقدساتنا وشعبنا العربي الفلسطيني فيها...
واليوم جاءت هذه العملية في القدس ونحن هنا لسنا بالصدد التحليل للعملية من زاوية المكان ومكان التنفيذ أو التوقيت لها...فنحن هنا نحتاج الى معطيات دقيقه وحاسمة قد يكون من السابق لآوانه بناء تحليل عليها. او الغوص فيها ...ولكن بخبرتنا في عقلية المحتل جزء اساسي من عقليته قائم على نقل الصراع الى داخلنا الفلسطيني...وتذكروا جيداً الرئيس الراحل ابا عمار كان واحد من المرشحين لنيل جائزة نوبل وعندما رفض المشروع الأمريكي- الصهيوني للحل أصبح قائداً إرهابياً ويدعم الإرهاب والتخلص منه سيجلب اللبن والعسل للشعب الفلسطيني ...وها هي بركات لبن وعسل الإحتلال تلمسونها بمشاريع تصفية للقضية وتفكيك للمشروع الوطني الفلسطيني....ولذلك الإحتلال له مشاريعه ومخططاته لمدينة القدس والأقصى وللداخل الفلسطيني – 48 -....مشاريع قائمة على اعتبار ان القدس عاصمة لدولة الإحتلال،بل لكل يهود العالم ولن تقسم او يجري التخلي عن أية أحياء عربية فيها،بل يجب تعزيز السيطرة عليها وتوسيعها،لتص مساحتها الى 10% من مساحة الضفة الغربية بضم المزيد من المستوطنات لها من مجمع "غوش عتصيون" جنوباً على مشارف الخليل وحتى "معاليه ادوميم" شرقاً،وبما يمنع تحولها لمدينة ثنائية القومية،او يكون فيها اغلبية عربية مستقبلاً،ولكن لا مانع من اخراج احياء عربية خارج جدار الفصل العنصري مثل كفر عقب عناتا قلنديا ومخيم شعفاط.
وفيما يتعلق بالأقصى الإحتلال ماض في إجراءاته وممارساته بحق الأقصى حتى في ظل قرارات دولية واخرى صادرة عن منظمة " اليونسكو " ولجنة التراث العالمية،والتي تؤكد على بطلان كل إجراءاته وممارساته بحق الأقصى،باعتباره ارث حضاري وتاريخي وتراثي عربي اسلامي ومكان مقدس لأتباع الديانة الإسلامية دون غيرهم من أتباع الديانات الأخرى بما في ذلك حائط البراق....وبالتالي أي اجراء سيتخذ بحق الأقصى يجب ان يفهم في إطار السياسة الممنهجة والمدروسة التي تتبعها حكومة الإحتلال ضد الأقصى وليس في إطار ان ما قام وسيقوم به هو ردة فعل وفرتها له ذريعة تنفيذ عملية هنا او هناك،فالمحتل يتعاطى ويتعامل ضمن استراتيجيات وليس ردات فعل.
تذكروا جيداً يجري الحديث الآن عن تنفيذ ما يسمى بصفقة "القرن" وليبرمان لديه مشروع سياسي حول التبادل السكاني والجغرافي،والحديث جرى عن موافقة السلطة على التبادل الجغرافي،ولذلك ما بعد تنفيذ هذه العملية من قبل ثلاثة شبان فلسطينيين من منطقة ام الفحم،سيعود طرح هذا المشروع مجدداً بملحاحية كبيرة ،فهناك مخططات تطبخ للقضية الفلسطينية في غرف مظلمة كثيرة عربية وإقليمية ودولية.
دائماً الإحتلال سعى ويسعى بأن تكون القضية الفلسطينية هامشية وليس أساس الصراعات في المنطقة،وظل يعيش الأوهام بأن الظروف المتوفرة له فلسطينيا من حالة ضعف وتشظيٍ وإنقسام،والحالة العربية المنهارة والداخلة في حروب التدمير الذاتي،وتعطل الإرادة الدولية والإنحياز الأمريكي الأعمى ستوفر له الفرصة السانحة لرسم مشاريع تصفية القضية الفلسطينية بعيداً عن خيار حل الدولتين أو المواطنة الكاملة في دولة واحدة،ولكن يعود ليكتشف بأن ما يحلم به مجرد أوهام،وبأن القضية الفلسطينية عصية على التصفية والتهميش وستبقى متصدرةً للمشهد العربي والإقليمي والدولي ما دام هناك صراع وإحتلال قائمين.
الإحتلال جرب كل أشكال العقوبات الجماعية بحق المقدسيين،والتي بلغت ذروتها برفع قضايا مدنية من قبل دولة الاحتلال على عائلتي الشهيدين فادي القنبر ومصباح أبو صبيح تطالبهم فيها بتعويضات تصل عشرات ملايين الشواقل كتعويض عن الجنود والمواطنين الذين قتلوا او اصيبوا في هاتين العمليتين،وبعد هذه العملية سيستأسد على شعبنا الأعزل في مدينة القدس،وسيواصل حربه ظاناً ومتوهماً بان المقدسيين سيرفعون الراية البيضاء، سالكاً نفس الخيار والممارسات القمعية والتنكيلية،دون ان يكلف نفسه إعادة النظر في هذه الخيارات،التي من شانها فقط صب الزيت على النار والدفع بالأوضاع في المدينة نحو انفجار أشمل وأعم.