سنن الصلاة
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارًا به وتوحيدًا، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صل الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا،أما بعد:
فإن للصلاة سننًا يستحب للمصلي أن يحرص عليها لينال ثوابها، نوجزها فيما يلي:
(1) رفع اليدينِ:
روى البخاري عن نافعٍ: أن ابن عمر كان إذا دخل في الصلاة كبَّر ورفع يديه، وإذا ركع رفع يديه، وإذا قال: سمع الله لمن حمده رفع يديه، وإذا قام من الركعتين رفع يديه، ورفع ذلك ابنُ عمر إلى نبي الله صل الله عليه وسلم؛ (البخاري - حديث: 739).
ويُستحب أن يرفع المصلي يديه ممدودة الأصابع، ويجعلها حَذْو منكبيه أو حَذْو أذنيه.
روى البخاري عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، قال: رأيت رسول الله صل الله عليه وسلم إذا قام في الصلاة رفع يديه حتى يكونَا حَذْو منكبيه، وكان يفعل ذلك حين يكبر للركوع، ويفعل ذلك إذا رفع رأسه من الركوع، ويقول: ((سمع الله لمن حمده))، ولا يفعل ذلك في السجود؛ (البخاري - حديث: 736).
روى النسائيُّ عن مالك بن الحويرث، قال: رأيتُ رسول الله صل الله عليه وسلم حين دخل في الصلاة رفع يديه، وحين ركع، وحين رفع رأسه من الركوع، حتى حاذتَا فروع أذنيه؛ (حديث صحيح) (صحيح سنن النسائي للألباني جـ 1 صـ 292).
(2) وضع اليد اليُمنى على اليسرى فوق الصدر:
روى البخاريُّ عن سهل بن سعدٍ، قال: كان الناس يؤمرون أن يضع الرجلُ اليدَ اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة؛ (البخاري - حديث: 740).
روى ابن خزيمة عن وائل بن حُجر، قال: صليت مع رسول الله صل الله عليه وسلم ووضَع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره؛ (حديث صحيح) (صحيح ابن خزيمة جـ 1 صـ 243 رقم 479) (إرواء الغليل للألباني جـ 1 رقم 352).
(3) نظر المصلي يكون إلى مكان سجوده:
روى الحاكم عن عائشة، قالت: لما دخل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الكعبةَ ما خلَّف بصرُه موضعَ سجوده؛ (حديث صحيح) (مستدرك الحاكم جـ 1 صـ 479) (صفة صلاة النبي صل الله عليه وسلم للألباني صـ 69).
لم يكن مِن سنة النبي صل الله عليه وسلم تغميض عينيه في الصلاة، والسنَّة أن يكون نظر المصلي إلى موضع سجوده، فإن كان تفتيح العينين لا يُخِلُّ بالخشوع في الصلاة فهو أفضل، وإن كان تفتيح العينين يحُولُ بين المصلي وبين الخشوع، كأن يكون في القِبلة أو الجدران أو الفرش، زخارف تَشغَل المصلي، ففي هذه الحالة يستحب تغميض العينين؛ (زاد المعاد لابن القيم جـ 1 صـ 293).
(4) دعاء الاستفتاح:
هناك أذكارٌ كثيرة يمكن للمصلي أن يستفتح بها الصلاة، منها: (اللهم باعِدْ بيني وبين خطاياي كما باعدتَ بين المشرق والمغرب، اللهم نَقِّني من الخطايا كما يُنقَّى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسِلْ خطاياي بالماء والثلج والبرد)؛ (البخاري - حديث: 744).
ومنها أيضًا: (سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمُك، وتعالى جَدُّك، ولا إله غيرك)؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني - حديث: 702).
(5) الاستعاذة قبل قراءة الفاتحة:
قال الله تعالى: ﴿ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ﴾ [النحل: 98]؛ (المغني لابن قدامة جـ 2 صـ 145).
(6) قول آمين عقب الفاتحة:
يُسَنُّ للإمام والمأموم والمنفرد قول آمين عقِبَ قراءة الفاتحة، ومعناها: اللهم استجِبْ.
روى أبو داودَ عن وائل بن حُجرٍ، قال: كان رسولُ الله صل الله عليه وسلم إذا قرأ: ﴿ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ [الفاتحة: 7]، قال: ((آمين))، ورفَع بها صوته؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني - حديث: 824).
(7) القراءة بعد الفاتحة:
للإمام والمنفرد في الركعتين الأُوليَيْنِ في الصلوات.
روى مسلم عن أبي قتادة: أن النبي صل الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعتين الأُوليَيْنِ مِن الظهر والعصر بفاتحة الكتاب وسورةٍ، ويُسمعنا الآية أحيانًا، ويقرأ في الركعتين الأُخريَيْنِ بفاتحة الكتاب؛ (مسلم - حديث: 421).
(
التسبيح في الركوع والسجود:
روى أبو داود عن حذيفة: أنه صلى مع النبيِّ صل الله عليه وسلم، فكان يقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم، وفي سجوده: سبحان ربي الأعلى؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني - حديث: 774).
(9) ذِكر الله تعالى عقب الرفع مِن الركوع:
ويُسَنُّ أن يقول: (ربنا لك الحمد، ملء السموات وملء الأرض، وملء ما شئتَ من شيءٍ بعدُ، أهلَ الثناء والمجد، لا مانع لما أعطيتَ، ولا معطيَ لما منعت، ولا ينفع ذا الجَدِّ منك الجَدُّ)؛ (مسلم - حديث: 477).
(10) الدعاء بين السجدتينِ:
روى ابن ماجه عن حذيفة: أن النبي صل الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين: ((ربِّ، اغفر لي، ربِّ، اغفر لي))؛ (حديث صحيح) (صحيح ابن ماجه للألباني - حديث: 731).
روى أبو داود عن ابن عباسٍ: أن النبيَّ صل الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين: ((اللهم اغفر لي، وارحمني، وعافني، واهدِني، وارزقني؛ (حديث حسن) (صحيح أبي داود للألباني - حديث: 756).
(11) الصلاة على النبي صل الله عليه وسلم في التشهُّد الأخير؛ (مسلم - حديث: 746).
(12) جَلسة الاستراحة:
يُستحَبُّ للمصلي بعد الرفع من السجود الثاني من الركعة الأولى والثالثة: أن يجلِسَ جَلسة خفيفة قبل أن يقوم إلى الركعة الثانية والرابعة.
روى الشيخانِ عن مالك بن الحويرث الليثي: أنه رأى النبي صل الله عليه وسلم يصلي، فإذا كان في وترٍ من صلاته لم ينهض حتى يستويَ قاعدًا؛ (البخاري - حديث: 823 / مسلم - حديث: 829).
(13) افتراش القدم اليسرى ونصب اليُمنى عند التشهد الأول، ونصب القدم اليمنى والجلوس على المقعدة عند التشهد الأخير:
روى البخاري عن أبي حميدٍ الساعدي، قال: أنا كنتُ أحفَظَكم لصلاة رسول الله صل الله عليه وسلم، رأيتُه إذا كبَّر جعل يديه حِذاءَ مَنكبيه، وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه، ثم هصر ظهره، فإذا رفع رأسه استوى حتى يعود كل فَقارٍ مكانه، فإذا سجد وضع يديه غير مفترشٍ ولا قابضهما، واستقبل بأطراف أصابع رِجليه القبلة، فإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى ونصب اليمنى، وإذا جلس في الركعة الآخرة قدَّم رجله اليسرى ونصب الأخرى وقعد على مقعدته؛ (البخاري - حديث: 828).
(14) الاعتماد على الأرض باليدينِ عند القيام للركعة التالية:
روى البخاريُّ عن مالك بن الحويرث - وهو يصِفُ صلاة النبي صل الله عليه وسلم -: وإذا رفع رأسَه عن السجدة الثانية جلس واعتمد على الأرض ثم قام؛ (البخاري - حديث: 824).
(15) الإشارة بالسبَّابة اليُمنى في التشهد مِن أوله إلى آخره:
روى مسلم عن ابن عمر: أن النبيَّ صل الله عليه وسلم كان إذا جلس في الصلاة وضع يديه على ركبتيه، ورفَع إصبَعه اليمنى التي تلي الإبهام فدعا بها، ويده اليُسرى على ركبته اليسرى باسطها عليها؛ (مسلم - حديث: 580).
(16) الدعاء عقِب التشهد الأخير:
روى مسلم عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم: ((إذا فرغ أحدكم من التشهد الآخر، فليتعوَّذ بالله من أربعٍ: من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المَحْيا والممات، ومن شر المسيح الدجال))؛ (مسلم - حديث: 588).
(17) التسليمة الثانية: التسليمة الأولى ركنٌ من أركان الصلاة، وأما التسليمة الثانية فهي سنَّة.
روى الترمذي عن عائشة: أن رسولَ الله صل الله عليه وسلم كان يسلِّم في الصلاة تسليمةً واحدةً تلقاء وجهه، يميل إلى الشِّقِّ الأيمن شيئًا؛ (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني - حديث: 242).
(18) تكبيرات الانتقال عند الخَفْض والرفع:
وهذا قول أكثر الفقهاء؛ (المغني لابن قدامة جـ 2 صـ 180).
(19) اتخاذ سُترة أمام المصلي:
يُسَنُّ للمصلي أن يجعل أمامه سترة تمنَعُ المرورَ أمامه.
روى أبو داود عن سهل بن أبي حثمة - يبلغ به النبي صل الله عليه وسلم - قال: ((إذا صلى أحدكم إلى سترةٍ، فليَدْنُ منها، لا يقطع الشيطان عليه صلاته))؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني - حديث: 643).
وهذه السترة قد تكون جدارًا أو عمودًا أو كرسيًّا أو عصًا أو نحو ذلك.
مقدار السترة:
روى البخاري عن نافعٍ: أن عبدالله بن عمر كان إذا دخل الكعبة مشى قِبل وجهه حين يدخل، وجعل الباب قِبل ظهره فمشى حتى يكون بينه وبين الجدار الذي قِبل وجهه قريبًا من ثلاثة أذرعٍ، صلى يتوخى المكان الذي أخبره به بلال أن النبي صل الله عليه وسلم صلى فيه، قال: وليس على أحدنا بأس إن صلى في أي نواحي البيت شاء؛ (البخاري - حديث: 506).
وسترة الإمام سترة لمن خلفه، ويجوز المرور بين الصفوف عند الضرورة؛ (المغني لابن قدامة جـ 3 صـ 80: صـ 85).
روى البخاري عن عبدالله بن عباسٍ: أنه قال: أقبلت راكبًا على حمارٍ أتانٍ وأنا يومئذٍ قد ناهزت الاحتلام، ورسول الله صل الله عليه وسلم يصلي بالناس بمنًى إلى غير جدارٍ، فمررت بين يدي بعض الصف، فنزلتُ وأرسلت الأتان ترتع، ودخلت في الصف، فلم ينكر ذلك عليَّ أحدٌ؛ (البخاري - حديث: 493).
المرور بين المصلي وسترته:
يحرُمُ المرور بين المصلي وسترته.
روى البخاري عن أبي جهيمٍ، قال رسول الله صل الله عليه وسلم: ((لو يعلم المارُّ بين يدي المصلي ماذا عليه، لكان أن يقف أربعين خيرًا له من أن يمر بين يديه))؛ (البخاري - حديث: 510).
وإذا لم يتخذ المصلي سترة، حرُمَ المرور أمامه بمسافة ثلاثة أذرع، وتقدر بمقدار مترين من مكان وقوفه.
منع مَن يريد المرور أمام المصلي:
روى مسلم عن أبي سعيدٍ الخدري: أن رسولَ الله صل الله عليه وسلم قال: ((إذا كان أحدكم يصلي فلا يدَعْ أحدًا يمر بين يديه، وليدرَأْه ما استطاع، فإن أبى فليقاتِلْه؛ فإنما هو شيطان))؛ (مسلم - حديث: 338).
(20) الأذكار عقب الصلاة:
هناك أذكار سنَّها النبي صل الله عليه وسلم عقب التسليم مِن الصلاة، نجملها فيما يلي:
(1) أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام، تباركتَ يا ذا الجلال والإكرام؛ (مسلم - حديث: 592).
(2) اللهم أعنِّي على ذِكرك، وشُكرك، وحُسن عبادتك؛ (حديث صحيح) (صحيح الجامع للألباني - حديث: 7969).
(3) قراءة آية الكرسي: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾ [البقرة: 255]؛ (حديث صحيح) (صحيح الجامع للألباني - حديث: 6464).
(4) بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 1 - 4].
بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ﴾ [الفلق: 1 - 5].
بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ﴾ [الناس: 1 - 6]؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني - حديث: 1348).
(5) سبحان الله (ثلاث وثلاثون)، الحمد الله (ثلاث وثلاثون)، الله أكبر (ثلاث وثلاثون)، ثم نقول تمام المائة: (لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير)؛ (مسلم - حديث: 597).
مِن سنَّة نبينا صل الله عليه وسلم أن يكون التسبيح باليد اليُمنى.
روى أبو داود عن عبدالله بن عمرو بن العاص قال: رأيتُ رسول الله صل الله عليه وسلم يعقِدُ التسبيح بيمينه؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني - حديث: 1330).
(6) لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير،اللهم لا مانعَ لما أعطيت، ولا معطيَ لما منعت، ولا ينفع ذا الجَدِّ منك الجَدُّ؛ (البخاري - حديث: 884/مسلم - حديث: 593).
(7) لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدِّين، ولو كره الكافرون؛ (مسلم - حديث: 594).
(
اللهم إني أعوذ بك من الجُبن، وأعوذ بك أن أُرَدَّ إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من عذاب القبر؛ (البخاري - حديث: 6374).
(9) ربِّ، قِني عذابك، يوم تبعث عبادك؛ (مسلم - حديث: 709).
(10) اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر وعذاب القبر؛ (حديث صحيح) (صحيح النسائي للألباني جـ 1 صـ 432).
القنوت في صلاة الفجر:
يُشرَع القنوت (الدعاء) جهرًا في الصلوات الخمس عند النوازل فقط.
روى أبو داود عن ابن عباسٍ، قال: قنَت رسول الله صل الله عليه وسلم شهرًا متتابعًا في الظهر والعصر والمغرب والعشاء وصلاة الصبح، في دبر كل صلاةٍ، إذا قال: سمع الله لمن حمده من الركعة الآخرة، يدعو على أحياءٍ من بني سليمٍ؛ على رعلٍ وذكوان وعُصَيَّة، ويُؤمِّن مَن خلفه؛ (حديث حسن) (صحيح أبي داود للألباني - حديث: 1280).
وروى مسلمٌ عن البراء بن عازبٍ: أن رسولَ الله صل الله عليه وسلم كان يقنُتُ في الصبح والمغرب؛ (مسلم - حديث: 678).
وأما القنوت باستمرار في صلاة الصبح فقط، فغير مشروع إلا في النوازل، ففيها يقنت وفي سائر الصلوات الخمس.
روى النسائي عن أنسٍ: أن رسولَ الله صل الله عليه وسلم قنت شهرًا يدعو على حيٍّ من أحياء العرب ثم ترَكه؛ (حديث صحيح) (صحيح النسائي للألباني جـ 1 - حديث: 1035).
روى الترمذي عن أبي مالكٍ الأشجعي، قال: قلت لأبي: يا أبة، إنك قد صليت خلف رسول الله صل الله عليه وسلم وأبي بكرٍ وعمر وعثمان وعلي بن أبي طالبٍ ها هنا بالكوفة نحوًا من خمس سنين، أكانوا يقنتون؟ قال: أيْ بنيَّ، مُحدَث؛ (حديث صحيح) (صحيح الترمذي للألباني - حديث: 330).
قال الترمذي: العملُ عليه عند أكثر أهل العلم؛ (سنن الترمذي للألباني جـ 2 صـ 235)، (زاد المعاد لابن القيم جـ 1 صـ 273: صـ 285).
هذا هو الرأيُ الراجح، ويجب على المسلم العاقل ألا يُحدِثَ فتنة بسبب القنوت في صلاة الفجر، ويجب عليه أيضًا احترام آراء الفقهاء من سلفنا الصالح من أهل السنَّة والجماعة؛ كمالك والشافعي والنووي وغيرهم - رحمهم الله جميعًا، الذين يقولون بأن القنوت في صلاة الفجر سنَّة مؤكدة، يستحب المواظبة عليها.
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله رب العالمين.
وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدِّين.