تلك القناة هي مخطط مدمر: أيظنون أننا أغبياء!
24 أغسطس 2017 | الكاتب:إبراهيم كاراغل
تركيا بوست
ألم يوجد أي علاقة بين مشروع الخريطة الجديدة التي تشكل على شمال سوريا وفق تعليمات أمريكا وتنفيذ تنظيم الـ بي كا كا والتي تستهدف تركيا وبين مخطط استفتاء استقلال كردستان العراق المنفذ من قبل مسعود البرازاني؟
أليست حدود هذه الخريطة تمتد من حدود إيران إلى البحر الأبيض المتوسط؟ من الذي حدد هذه القناة؟ ومن الذي خطط إلى شمال العراق بعد احتلال العراق؟ ومن الذي خطط لعمليات سوريا بعد عمليات العراق؟ أليست القوات التي حددت شمال العراق وشمال سوريا كقاعدة عسكرية أساسية والتي قامت بتصميم المخططات التدخلية ضد المنطقة هي القوات ذاتها؟
تم القضاء على دولتين من أجل تلك الخريطة وسيتم القضاء على دولتين تاليتين
أليست السياسة التي تنفذ في شمال سوريا اليوم هي سياسة متممة للمخطط العام الذي يتم تنفيذه خطوة وراء خطوة منذ احتلال العراق عام 2003؟ أليست كل هذه المخططات هي تابعة لخريطة أساسية واحدة؟ لقد قُضي على دولتين كاملتين في سبيل هذه الخريطة، وهناك دولتين أخرتين مستهدفتان ليتم إكمال هذه الخريطة، أليس كل ما نراه اليوم هو دليل على وجود تجهيزات لهذا المشروع.
ألم يحن الوقت لنجتاز المسائل العابرة من تأييد طرف ومعارضته ونلتفت إلى ما هو في الواقع؟ هل يوجد في هذه البلد أي شخص يعترض على حقيقة أن إحدى تلك الدولتين في الخطوة التالية للمخطط المدمر ستكون دولة تركيا؟ طيلة سنين وهم يعززون تنظيم الـ بي كا كا داخل تركيا ويمدونه بالأسلحة سرًّا كما قاموا بتنفيذ العمليات الإرهابية داخل تركيا سرًّا.
مخطط تشكيل “جبهة تركيا” أيظنون أننا أغبياء!
دعونا نفترض أننا نثق بهم لكن ألم يقومون بتمديد الأسلحة إلى تنظيمي الـ بي كا كا والـ بي يي دي في سوريا عبر مئات الشاحنات أمام أعيننا؟ تلك الأسلحة الثقيلة والصواريخ والقواعد الصاروخية والمخيمات العسكرية المتواجدة هناك هل هي كلها من أجل تنظيم داعش؟ أيظنون أننا أغبياء!
إنهم يشكلون جبهة تبلغ مئات الكيلومترات أمام أعيننا إضافة إلى جيش يقومون بتدريبه وتركيزه على حدودنا مباشرة، كما أنهم يرسلون خبراءًا عسكريين ومؤسسات أمنية وضباط متقاعدين من أمريكا وأوربا إلى هذه المناطق وذلك بهدف تشكيل الهيكل الأساسي لتنظيم الـ بي كا كا ليتم إطلاق الحرب الكبرى.
افتحوا أعينكم وشاهدوا الحقيقة هذه التعزيزات والمخططات ليست من أجل سوريا بل من أجل تركيا ومن أجل تشكيل “جبهة تركيا” التي سيتم إطلاقها بعد المخططات السورية، ولا يمكن بعد الآن حل هذه المسألة بـ”شراكات استراتيجية” أو اتفاقات دبلوماسية لأن قرارات هذا المخطط تم اتخاذها وتنفيذها ولا أحد منهم ينوي الانسحاب.
علينا إجراء عمليات دفاعية حالًا
في مثل هذه الحالات على الدول أن تقوم بتنفيذ “عمليات دفاعية”، ولا يمكن لأي اتفاق أو تعاقد دولي أن يضمن أمن الدولة التي وصلت إلى هذه الحالة، وعلينا أن نقوم بما يجب أن نقوم به بأنفسنا وألا نعتمد على أحد، لأنه بعد هذه اللحظة لم يعد يوجد “خطر مقترب” بل الخطر هو الآن على حدودنا يطرق أبوابنا.
وفي هذه الحالات لا يوجد اتفاقات وشراكات دائمة بل هي متقبلة حسب المصلحة الأمنية، لأنه لم يعد يوجد أي علاقة اتفاقية تضمن أمن دولة باستمرار لذا تكون العلاقات في مثل هذه الظروف علاقات متقلبة وفي مثل هذه الحالات يتم إعادة الحسابات دائمًا وفق الأزمات المتقلبة ويتم إعادة العلاقات والتحالفات وفقًا للظروف الجديدة، لذا علينا أن نقوم بذلك وأن نتحرر من عاداتنا القديمة وعلاقاتنا التقليدية من صداقة أو عداوات.
نفس الجهات تقوم بتعتيم الحقيقة!
لو أن عملية 15 يوليو/تموز نجحت لتجزأت دولة تركيا أشتاتًا وانطلقت الجبهات ضدها وتشكلت الخرائط التركية الجديدة والحمدلله أنها فشلت لكنهم هم اليوم أمامنا بسيناريو ومؤامرة جديدة ويحاولون الوصول إلى نفس النتيجة من جنوب بلدنا.
والآن يحاولون إظهار هذه الحقيقة للرأي العام على أنها أمر معقول مثلما قاموا في أحداث عين العرب/كوباني حيث أن قوات البرازاني مرت وقتها من أراضي الأناضول براحة تامة، واليوم نفس الجهات تقوم بتعتيم هذا الخطر الكبير وتحاول لفت أنظار تركيا إلى مسائل أخرى، ونحن نعرف جيدًا الجهات التي قامت بتعتيم أحداث قوباني في تركيا.
إلى الآن لم نجتاز موضوع “الملابس الداخلية”
وحينما أراقب هذه الجهات أجدها تحاول الآن تشتيت انتباه الرأي العام التركي وتبذل أقصى جهدها لتشتيت انتباه تركيا عن “الخطر المقترب” وأرى رجال الإعلام الذين يجب أن يقوموا الآن بتحذير الشعب اليوم من هذا الخطر يقضون أيامهم وأنفاسهم بمسألة “الملابس الداخلية” وذلك بهدف تعتيم أذهان الرأي العام.
ويبدو أن المسائل الخطيرة التي طرقت أبواب تركيا ليست مربحة ولن تأتي بالشهرة والدليل أننا لا نقرأ اليوم من أي كاتب قدير أوخبراء ولو جملة واحدة عن هذا الخطر.
انظروا إلى هذا المستوى، لا يوجد حتى جملة واحدة
ويقوم بعض الكتاب اليوم بتدنيس جدية المسألة بتوجيه اتهامات عمياء وجاهلة من تسميتها بـ “تحالف إيراني أو روسي” أو “اتفاق مع نظام الأسد” وذلك لتشتيت الانتباه عن التحذيرات، لكن علينا أن نعلم مدى خطورة مؤامرة سوريا وجديتها لدرجة أن “الأسد” لم يعد فيها سوى مجرد عامل أو عنصر، ولا شك عدم رؤية هذه الحقائق رغم أننا “مواطنون أتراك” هو أمر مريع.
ومن المؤسف أن المثقفين لدينا والكتاب والمعلقين لا يفهمون ولا يرون هذه المنطقة ولا يتابعون العالم! ولم يعد لدينا تقريبًا أي صحيفة أو قناة إعلامية تصرف في أخبارها جملًا بناءة حول الخطوة التالية.
بيد أنه لم يعد هناك شيء اسمه “تحالف” في هذا العالم، وصراع القوات الذي لم يأت بنتيجة ما لم يؤثر على منطقتنا فحسب بل سيؤثر على جميع الدول وهو الآن يسبب اهتزاز القوات المركزية، ولم يعد هناك أي معادلة أو تعاملات دولية بعد الآن لأننا في طريقنا إلى عالم خطير لأبعد الحدود.
إنه نظام عالمي شبيه نوع ما بنظام قطاع الطرق، ولا يمكننا أن نتوقع من الآن على أي دولة سيؤثر هذا النظام ومدى تأثيره عليها، لذلك نبذل أقصى جهدنا لنشير إلى البدل والثمن المحتمل دفعه من قبل تركيا نتيجة هذا النظام.
هذه قناة تهدف إلى احتلال المنطقة والقضاء على تركيا
إنها قناة هادفة إلى القضاء على تركيا لذا علينا إيقافها حالًا ويجب ألا نسمح بإتمام القناة وتنفيذ تلك الخريطة وهذه مسألة وطنية تفوق الشخصيات والجهات والمفاهيم السياسية، ومن السذاجة أن نبرر هذه الخريطة بقضية كردية لأن الخطر يحيط كافة دول المنطقة.
هناك قوة دولية تحتل المنطقة وهو احتلال أجنبي وكل من يشارك هذه القوات يعتبر عنصرًا احتلاليًا واستيلائيًا وعدوًا لمنطقتنا، لذا تنظيمي الـ بي كا كا والـ بي يي دي هما قوات احتلالية ومنفذي للاستيلاء الغربي.
علينا أن نصمد ونحذّر شعبنا..
هناك فترات انكسار يمر منها التاريخ حيث تؤثر هذه الانكسارت على جميع زوايا المنطقة وتؤدي إلى إعادة تشكيلها وفق خرائط جديدة وذلك بناء على درجة الانكسار، وبعد الانكسار الذي تعرضنا له في الحرب العالمية الأولى نحن اليوم أمام فترة انكسار أخرى ولكن علينا في هذه المرة أن نمنع من أن يكون هذا الانكسار سبب للدمار والتشتيت والانحلال بل يجب علينا أن نصدّه ليكون دافعًا لانطلاق فترة ازدهار جديدة وحتمًا هذا ما سيكون.
إذًا علينا أن نضع تحيزاتنا وحساباتنا الشخصية على جنب وأن نخوض في هذه الحملة، وعلينا أن نحذر شعبنا ونصرف جملًا جديدة لتصد المحاولات الاحتلالية التي تستهدف بلدنا ومنطقتنا، هذه مسؤولية لا يمكن الهروب منها، وكل من لديه اطلاع بسيط على الحروب العالمية الماضية يعرف جيدًا أن أي إهمال بسيط أو تردد يؤدي إلى انهيارات عظيمة.
العاصفة الخبيثة قبل عام 2019 ومحور المقاومة الوطنية
تلك القناة هي أكبر خطر واجهناه طيلة فترة الجمهورية التركية، والخطوة التالية حتمًا ستكون إطلاق “جبهة تركيا” لذا من المستحيل أن نتنازل لأمريكا أو لأي دولة أخرى عن دفاعنا الوطني ولا يمكننا أن نقع ضحية لتآمر الشركاء الداخليون لتلك القناة، وفي ذكرى انتصار ملاذكرد علينا أن نرجع لأصولنا التاريخية والسياسية حتى ولو بعد قرون وعلينا أن نتخذ قراراتنا بناء على جذورنا التاريخية.
وعلينا أن نكون حذرين ويقظين تجاه التحالف المحلي الجديد وتجاه العاصفة الخبيثة المقتربة قبل عام 2019 التي ستستهدف تركيا وتجاه الخريطة الجديدة التي تشكل على شمال سوريا لتطلق “جبهة تركيا”.
ولا تنسوا أن هذه مقاومة وطنية مرتبطة ببقاء تركيا، يجب تشكيل محور المقاومة الوطنية حالًا.
المصدر:يني شفق