ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75907 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: مشاجرات مدينة الرصيفة الأحد 03 سبتمبر 2017, 4:42 am | |
| |
|
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75907 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: مشاجرات مدينة الرصيفة الأحد 03 سبتمبر 2017, 4:42 am | |
| مشاجرات مدينة الرصيفة الأردنية وصلت إلى منعطف «حرج للغاية»
صعود لافت في اللغة العشائرية و«ضمور» في القانون المدني بسام البدارين عمان ـ «القدس العربي»: عدد قليل من الأردنيين مُطّلع على حيثيات وتفصيلات منظومة قوانين وأعراف العشائر. وعدد أقل يمكنه تفسير مفردة «تشميس القاتل» وهي عبارة بسيطة لكن دلالاتها الاجتماعية عميقة، حيث تعلن عشيرة ما تشميس أي من أفرادها المطلوبين بحقوق اعتداء على أفراد عشيرة أخرى. والمقصود بالتشميس هنا هو هدر دم المعتدي وبراءة عشيرته أو عائلته من جريمته، وعدم وجود حقوق عشائرية لذوي المعتدي أو المجرم بعدما تقرر عائلته تشميسه. والمعنى في الحالات كلها أن أهل الضحية يملكون في العرف الاجتماعي والعشائري الحق في مطاردة ومتابعة الشخص الذي يتم تشميسه وحتى معاقبة خصمهم من دون اللجوء لعشيرته التي لا تستطيع المطالبة بحقوقه بالنتيجة إذا ما قررت هي جزئية التشميس. صعد هذا الاصطلاح العشائري بقوة على سطح الأحداث السياسية والاجتماعية في الأردن عندما أعلن وعلى نحو غامض شقيق شاب قتل في حادثة لها علاقة بمجموعة بلطجية تشميس ثلاثة من المشاركين في قتل شقيقه. على نحو أو آخر المقصود هنا هدر دم المطلوبين الثلاثة، بسبب عدم وجود إطار عشائري يكفلهم ويدفع بدل حقوق الآخرين عليه. وبرغم الالتباس الذي أثاره شقيق المغدور فادي الخلايلة عندما أعلن تشميس ثلاثة من الزعران، إلا أن هذه اللغة العشائرية تصدر في العادة من عائلات هؤلاء وليس من خصمهم. لافت جدا هنا أن السلطات الأردنية بما فيها الأمنية والإدارية لم تعلق إطلاقا على واقعة التشميس، والهدف على الأرجح تبريد الأعصاب عند عشيرة الخلايلة في مدينة الرصيفة المكتظة بالسكان، إلى أن تأخذ العدالة مجراها بعد سلسلة من التطورات أعقبت الجريمة إياها. وبصورة وصلت إلى مناطق مغرقة في الحساسية عندما يتعلق الأمر بالتوازن الاجتماعي والديموغرافي، وبالنتيجة بالضربات التي تتلقاها منظومة الأمن والقانون والعدل، بسبب الاحتقانات التي تتخذ بدورها صيغة عشائرية أو جهوية. ما حصل في الجريمة التي عرفت باسم مدينة الرصيفة وأقلقت الجميع، خلال الأسبوعين الماضيين في الأردن، يبدو مثيرا للغاية. فعودة مفردات مثل التشميس والقوانين العشائرية والتكفيل تعني منطقيا ضمور خطير في المقابل في مؤسسة القانون المدنية وفي منظومة العدالة التي ينبغي لها أن تنظم الحقوق بين الأفراد والجماعات في المجتمع. قد تبدو العودة للصيغة العشائرية جرس إنذار حساس بالنسبة للدولة الأردنية التي تضطر إزاء ضعف الإمكانات الأمنية قياسا بعدد السكان واللاجئين والضيوف، إلى تمرير الصيغة العشائرية بسبب دورها الناتج أحيانا في احتواء التجاذبات والتشاحنات الجهوية في المجتمع. حدث ذلك قبل أكثر من شهرين في بلدة الصريح شمال المملكة. وحدث في معان جنوب المملكة، وحدث الأسبوع الماضي في مدينة الرصيفة شرق العاصمة، وبصورة تقرع جرس الإنذار لأن الملاذ الطبيعي عند حصول مشكلة يخفق الأمن في احتوائها هو الصيغة العشائرية بكل ما تعنيه من خير، وعكسه أو من تأمين سلامة المجتمع مقابل تثوير لتأزيم الهُويات الفرعية. الإشكال يحصل عندما تتجاوز ردود الفعل العشائرية شخصا أو حتى عائلة المعتدي والمجرم. هنا حصريا تضطر الدولة وعبر قوات الدرك للتدخل وهذا تماما ما حصل عند فورة أعصاب عشيرة الخلايلة بعد إلقاء مياه حارقة على إحدى بناتهم ومقتل ولدهم، حيث توسعت ردود الفعل فورا وانتقلت من منطقة إقامة المغدور في حي عوجان، إلى منطقة إقامة الغادر في حي اسمه إسكان طلال في المدينة عينها. تم أولا إحراق منزل المتهم بقتل الخلايلة، تطورت الأحداث لاحقا وهاجم مئات الأشخاص أهالي الحي الذي يقطن فيه البلطجي الأزعر وكادت تتحول المسألة إلى مشاجرة جماعية جهوية. في الأثناء أحرقت محال تجارية وأطلق الرصاص على ثلاثة من ضباط قوات الدرك، وحصلت معركة على طريقة الحارات الشامية بين أهالي حارتين بالهراوات والمولوتوف والحجارة. شعر أهالي حي الإسكان أن الطرف المغدور يظلمهم بصورة جماعية فاضطر بعضهم لتنظيم نفسه وتشكيل مجموعات للردع. لكن الدخول المنتج لنائبي البرلمان محمد ظهراوي وقصي الدميسي حال دون تطور الأحداث قبل أن توجه وزارة الداخلية تحذيرا شديدا لمشايخ الخلايلة بضبط شبابهم في الوقت الذي بدأت فيه اعتقالات البلطجية المتورطين في الجريمة، قبل أن يضع مئات الأردنيين أيديهم على قلوبهم من توسيع نطاق المشكلة في مدينة الرصيفة ووصولها إلى منحدر حرج جدا. سيطر الدرك لاحقا على الموقف وبدا أن عائلة المغدور أكثر هدوءًا بعد اعتقال ثلاثة من أفراد العصابة المعتدية وتشميس ثلاثة آخرين بقرار من عائلاتهم. لكن تلك التطورات أثبتت تراجعا قويا في مفهوم الدولة والقانون وسلطة الأجهزة الأمنية وهي تراجعات هزمت عمليا في المنطقة على الأقل مشروع المواطنة ودولة القانون والمؤسسات. الأهم أن هذه التراجعات انتهت بصعود في توقيت حرج جدا للغة والمفردات العشائرية التي لا يعرفها ولا يحتكم لها في الواقع مئات الأردنيين. وحصل ذلك بصورة أضرت كثيرا بمنظومة الخطاب المتواتر عن الإصلاح السياسي ودولة المؤسسات والقانون بحيث ظهرت طبقتان من المعلقين والمحللين؛ الأولى تمتدح الملاذ العشائري لأنه يوجه صفعة قوية لتقصير الدولة ومؤسساتها. والثانية تحذر من جملة الاسترسال في العشائرية والتــركـــيز على تجاذبات الهُوية الفرعيــة وســـط صمت الدولة وتواطــــؤ الحكومة وباتجاه واضح مضاد لمشروع الأردن الجديد أو العصري يكرس بعض الوقائع التي تنتمي إلى ما قبل الدولة. |
|