مستقبل الإسلام في الغرب
مترجم من اللغة الإنجليزية
ترجمة: جمعة مهدي فتح الله
قال الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ﴾ [النصر: 1 - 3].
لقدْ نشأتْ حركةُ المهاجرين واللاجئين والعمالة المهاجِرة والمنفيين من جميعِ أنحاء العالَم الإسلامي قاصدين الأُمم الغربيَّة بعدَ الحرْب العالميَّة الثانية، إضافةً إلى العدد الكبيرِ من الأوروبيِّين والأمريكيِّين الذي يَدخُلون الإسلام، كل هؤلاء غيَّروا العَلاقة القديمة بيْن "الإسلام" و"الغرب"، وأنشؤوا علاقةً جديدة فعَّالة، "الإسلام والمسلِمون ليسوا محصورين فقط هناك، أو محصورين في أيِّ مكان آخر، فقد أصْبحوا جزءًا لا يتجزَّأ من الغرْب، لم يكنِ الإسلام في مطلعِ القرن الحادي والعشرين فقط هو ثانيَ أكبرِ الدِّيانات في العالَم، وإنما أصبح أيضًا ثاني أو ثالث أكبر الدِّيانات في أوروبا وأمريكا الشمالية.
إنَّ المسلمين في الغرْب يستحقُّون المساندةَ العاطفيَّة من الأمَّة المسلِمة جمعاء، وهؤلاء الذين يشعرون بالقلقِ تُجاهَ مسلِمي الغرْب يجب أن يفهموا أنَّهم لن يفعلوا إلا ما يَضرُّهم، لو كانتْ دوافعهم تسير نحوَ دفْع المسلمين في الغرْب إلى العيش في بُقْعة معيَّنة من الكُرة الأرضيَّة.
وأدلُّ مثال لدَيْنا على ذلك: أئمَّة القَرْية الذين جاؤُوا مِن باكستان وبنجلادش إلى المجتمعاتِ البِريطانية، فهم لم يُقدِّموا أيَّ مساعدة من أجلِ اتِّحاد المسلمين، الإسلام الذي يُقدِّمونه لمَن يُريد أن يتعرَّفَ على الإسلام ليس هو العقيدةَ الإسلامية التي يَعرِفها ويمارسها المسلمون في الغرْب.
يجب على كلِّ شخص ألاَّ يخوضَ في مِثل هذه القضايا، إلا إذا كان قادرًا على تبنِّي وجهة نظر إيمانيَّة سمْحة وواسعة جدًّا، أو إلا إذا كان على درايةٍ ببعض التجاوُزات الشرعيَّة؛ نتيجةَ صعوبة اتِّباع الشريعة كليًّا في مِثل هذا المجتمع الغريب، إنَّ ما نحتاجه حقًّا هو الوَحْدَة بين الجاليات الإسلامية مِن المهاجرين المختلفين، والوحدة أيضًا بين ذَراريهم.
إنَّ الشيءَ الأساسي الذي غلَب على اهتمامِ المسلمين في الغرب هو الاتفاقُ على الاختلاف، ليس مِن المعقول أن نتوقَّع أن تمارسَ جمهرةُ المسلمين في
أوروبا وفي الغرب الإسلامَ كما يُطبَّق في بلدِهم الأصلي تمامًا، والإصرار على ذلك يعدُّ طريقًا أكيدًا لطردِ الشباب إلى البرية. (المصدر: المسلمون في الغرب، كتَبه: تشارلز جي إيتون (حسان عبد الحكيم).
أمَّا عن مستقبلِ الإسلام في
الغرْب، فهي قضيةٌ اختَلف حولَها العلماءُ المسلمون، فالكثرةُ تعتقد أنَّ شمس الإسلام ستبزُغ من الغرْب، وأنَّ العالَم الغربي سيعتنق الإسلام، لكن هناك طائفة أخرى لا تتَّفق مع هذا الرأي، فتعتقد أنَّ الغرب عاشَ الحياة العلمانية، وسيظلُّ يعيش هذه الحياةَ، وأنَّ الإسلام لن يستطيعَ التغلبَ على العقبات التي تُوضَع في طريقه.
يقول د. الفاروقي - أستاذ الدراسات الإسلامية بالجامعة الأمريكيَّة: "إنَّ أعظم انتصار إسلامي سيكون فتْحَ أمريكا عن طريقِ اعتناق شعبِها للإسلام، ولكن هل هذا مُمكن؟ هل ستصبح أمريكا المنغمِسة في عالَم الماديات دولةً إسلامية؟
إنَّنا نرجو اليومَ الذي نرى فيه الكثيرَ والكثيرَ من الغربيِّين الذين يدخُلون دِينَ الإسلام.
يقول د. الفاروقي: إنَّ أمريكا ستُصبح بالتأكيدِ يومًا ما مسلمة؛ لأنَّ فشل المسيحية والرأسمالية قد يؤدِّي إلى تحقيقِ هذه الغاية، إنَّ الغرب سيبحَثُ - على حدِّ قوله - عن بديل آخَر لطريقة الحياة التي يعيشونها.
يُمكن أيضًا أن ننظرَ بعين الاعتبار إلى العلماءِ الغربيِّين الذين يعتنقون الإسلامَ، ويقدمونه إلى الغرْب، فها هو الدكتور مراد هوفمان - السفير الألماني السابق لدَى المغرِب - كتَب كتابًا وأسماه "الإسلام هو الحل"، كتب يقول: "أعتقدُ أنَّ حركة الصحوة الإسلاميَّة ستأتي مِن أوروبا في القرن الحادي والعشرين"، أيضًا الفيلسوف الفَرَنسي
روجيه جارودي اعتَنَق الإسلام، وقد أصيبتْ أوروبا يومَها بصدمةٍ كبيرة؛ لأنَّ المفكر الشيوعي والمادي اعتنَق الإسلام.
أما الدكتور كمال عبدالحميد النمر - أستاذ آخر في الأكاديمية السعودية بواشنطن - فيختلِف مع الدكتور الفاروقي، ويقول: "لقد أخطأ كلُّ مَن يحلُم بأنْ تُشرق شمسُ الدولة الإسلامية من أمريكا؛ لأن الحرية الدِّينيَّة التي تُمارَس في أمريكا، والتي منعوا منها في أوطانهم تقودهم إلى الضَّلال، فبُزوغُ الإسلام من أمريكا ما هو إلا مجرَّد حُلمٍ جميل"، كما أنَّه يقول: مِن المستحيل أن تُؤسَّس الدولة الإسلامية في مِثل هذا المجتمع الأناني والمادي بدرجةٍ كبيرة جدًّا.
وأضاف أنَّ الغرْب سيبقَى كما هو عليه - عدوَّ الإسلام - والذي دفعَه إلى هذا الاستنتاج هو ما أصبح عليه الغرْبُ الآن مِن ضياع للأخلاق، وكُفْر بالله، ورفْض للإيمان، وهي ملامحُ بارزةٌ في الغرب، كما يرى الدكتور مراد: أنَّ تأثيرَ الحضارة الغربية والكم الهائل مِنَ المفاهيم الخاطئة عن الإسلام ستكون عائقًا في سبيل تلبية دعوة الإسلام.
لكن على أيِّ حال يجب أن نتفاءَل، وننظر إلى عددِ الأشخاص الذين يدخُلون كلَّ يوم في الإسلام مِنَ الدول الغربية، كما يجب أنْ نثقَ بالله - سبحانه وتعالى - فهو لا يَخذل عبادَه، أو يتركهم دون مساعدةٍ، شريطةَ أن يَبذُلوا جهدًا مُتواضعًا يُؤهِّلهم لنَيلِ هذه المساعَدة - إنْ شاء الله.
• تعليق المترجم:
إنَّ قضيةَ مُستقبل الإسلام في الغرْب قضيةٌ تَحكُمها سُننُ الله الكونيَّة، التي يَحكُم بها هذا العالَم، وليس مِن العجيب أن تطلع شمسُ الإسلام من الغرب، فإنَّنا نشاهد الكثيرَ منَ الأوروبيِّين الذين يعتنقون الإسلامَ كلَّ يوم، وهم في الحقيقة يكونون أشدَّ التزامًا وأكثرَ تديُّنًا مِن غيرهم، حتى إنَّ بعضهم قد يسأل في أقلِّ الأمور: أَفَعَلَ النبيُّ محمد - صل الله عليه وسلم - كذا أم لا؟ فإنْ كان فعَل اتَّبعه، وإلا ترَك هذا الأمر، ولو كان فيه رغبتُه، وهذا - على حدِّ تَجرِبتي - حالُ الكثير منهم.
أمَّا عنِ الفساد المستشري في الغرْب، فلن يكونَ - إنْ شاء الله - عائقًا في سبيلِ هذا الدِّين، والدليل على ذلك هو حالُ هذه الأمَّة زَمنَ بعثة نبيِّنا - صل الله عليه وسلم - فقد كان المسلِمون في مَكَّةَ قِلةً مستضعفة، والمشرِكون هم أصحاب الحَوْل والطَّوْل، والجاه والسلطان، فكان القرآن الكريم ينزل ليضعَ الموازين الحقيقيَّة للقُوى والقِيَم؛ ليُقرِّر أنَّ هناك قوةً واحدةً في هذا الوجود، هي قوة الله، وأنَّ هناك قيمةً واحدة في هذا الكون، هي قيمة الإيمان، فمن كانتْ قوة الله معه فلا خوفَ عليه، ولو كان مجرَّدًا من كلِّ مظاهر القوة، ومَن كانتْ قوَّة الله عليه فلا أمْنَ له ولا طُمأنينة، ولو ساندتْه جميعُ القُوى، ومن كانتْ له قيمة الإيمان فله الخيرُ كلُّه، ومَن فقَدَ هذه القيمةَ فليس بنافعِه شيءٌ أصلاً، بل هذه السُّنَّة كائنةٌ منذ خَلَق اللهُ الخَلْقَ.
فهذا فرعون رغمَ جبروته وقوته وطغيانه، رغمَ تذبيح الأبناء وتقتيل النِّساء، لم يستطعِ الوقوفَ في وجه طِفل صغير لا يملك لنفسِه حولاً ولا قُوَّة، فيُربَّى في حجْرِه، فيَخرُج نورُ التوحيد من بيته! وهي هي السُّنة التي أعادتْ نفسها يومَ أن تربَّى النبيُّ - صل الله عليه وسلم - في بيت عمِّه أبي طالب، وهو على كُفْر، ثم يعود ليقول لكبراءِ المشركين: ((ما تظنُّون أني فاعل بكم؟... اذهبوا أنتم الطلقاء)).
النص الأصلي:
ISLAM AND ITS FUTURE
" When Allah's succour and the triumph cometh, and you see mankind entering the religion of God in troops, then hymn the praises of your Lord and seek forgiveness. Lo! He is ever ready to show mercy. >
The movement of immigrants, refugees, migrant labor and exiles from all over the Muslim world to Western nations in the post-World War II era, coupled with the conversion of Europeans and Americans to Islam, has created a new dynamic, transforming the old relationship between "Islam" and "the West." Islam and Muslims are not exclusively "over there" or "the other." They have become part and parcel of the West. At the dawn of the twenty-first century, Islam is not only the second largest religion in the world, it has become the second- or third-largest religion in Europe and North America.
The Muslims in the West deserve the sympathetic support of the Muslim community (ummah) as a whole. And the ones who do feel concern for Muslims in the West must understand that they will only do harm if their motive is to force Western Muslims into any particular mold. We have the example of the village Imams imported from Pakistan and Bangladesh in the British communities, who do not help to integrate. The "Islam" which they offer to anyone who shows interest is not the Islamic Faith that Muslims in the West recognize or share. Another example is also those of our Saudi brothers who would like us all to adopt a Wahabi, or should I say Muwahid, understanding of Islam. No one should involve himself in this matter unless he is able to adopt a very broad and tolerant view of the Faith and unless he is prepared to make allowances for the difficulty in following the Shari‘ah fully in such an alien environment. What we most need is unity between the different communities of Muslim immigrants and also their offspring. We do not need the creation of further divisions and further conflict.
The essential, so far as Muslims in the West are concerned, is an agreement to differ. It is pointless to expect the majority of Muslims in Europe and America to practice Islam exactly as they did or should have done in their country of origin, and to insist that they do so is a sure way to drive the young out into the wilderness.
(source:The Muslims in the West by Charles Gai Eaton (Hassan Abdul Hakeem))
As for the future of Islam, many scholars and Muslims differ on its trend in the West. Many think that Islam will rise, anew, from the West and that the West will convert to Islam. Other scholars disagree. They think that the West lived and will still live as a secular world and that Islam cannot overcome the obstacles it has set forth.
Al-Faruqi, a Professor of Islamic studies in an American university, said: “The best of Islamic victories will be conquering America through its conversion to Islam. But is this feasible? Will America, so engrossed in materialism, become a Muslim country? We can hope that many more Westerners will one day convert to Islam.
He thinks that America will certainly be Muslim one day. The failure of Christianity and Capitalism may lead to that end. According to him, the West will soon seek another alternative to its way of life. Also, it can be seeen that many Western scholars are converting to Islam and trying to introduce Islam to the West. Dr. Murad Hoffman, former Germany’s ambassador to Morocco, wrote a book he called, “Islam is the Alternate Solution.” He wrote: “I think that the movement to revive Islam will come from Europe in the 21st century.” Also, when Roger Garaudy (a French philosopher) became a Muslim, Europe was shocked because a materialist and a communist thinker became a Muslim!
Dr. Kamal Abdul-Hamid Nimr, another professor with the Saudi Academy in Washington, disagrees. He said: “Those who dream of the rise of the Islamic state from America are misguided. The religious freedom, that they experience in America and were prevented from in their own homelands, is misleading. The rise of Islam from America is but a sweet dream!”. He thinks that it is impossible that Islam can be established in such a society so deeply egocentric and materialistic. He thinks that the west will stay as it is, an enemy of Islam, and is driven to this conclusion by what the West has become. He sees the collapse of morality, disbelief and rejection of faith that the West is experiencing. They think that the effect of Western Civilization and the huge number of misconceptions about Islam will prevent them from answering the call to Islam.
However the case, we shall be optimistic, given the number of people converting to Islam everyday in the Western countries, and we shall put our trust in God, who will not leave His people without help provided they make some humble effort to deserve this help. Insha Allah!