منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

  فتنة النساء

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75822
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 فتنة النساء  Empty
مُساهمةموضوع: فتنة النساء     فتنة النساء  Emptyالأحد 29 أكتوبر 2017, 8:50 pm

 فتنة النساء 
د. أمين بن عبدالله الشقاوي

الحمدُ لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

وبعد:
فإن من الفتن العظيمة التي يواجهها المسلم في هذه الحياة: فتنة النساء، وهذه الفتنة تواجهه في السوق وفي الطرقات وفي الأماكن العامة، وفي الجرائد والمجلات وفي وسائل الإعلام، قال تعالى: ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ﴾ [آل عمران: 14].

وقد حذّر النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته من فتنة النساء، روى البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -: أن النبي - صل الله عليه وسلم - قال: ((ما تركت بعدي فتنة، أضر على الرجال من النساء))[1].

وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء، فروى مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -: أن النبي - صل الله عليه وسلم - قال: ((إنّ الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون؟ فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء))[2].

وأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الصابر على هذه الفتنة، من السبعة الذين يظلهم الله في ظله، روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صل الله عليه وسلم - قال: ((سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله))، وذكر منهم: ((رجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله))[3]، قال القاضي عياض: "وخصَّ ذات المنصب والجمال؛ لكثرة الرغبة فيها وعسر حصولها، وهي جامعة للمنصب والجمال، لا سيما وهي داعية إلى نفسها طالبة لذلك، قد أغنت عن مشاق التوصل إلى مراودة ونحوها، فالصبر عنها لخوف الله تعالى – وقد دعت إلى نفسها مع جمعها المنصب والجمال- من أكمل المراتب وأعظم الطاعات، فرتَّب الله عليه أن يظله الله في ظله، وذات المنصب: هي ذات الحسب والنسب الشريف"[4]. قال تعالى- في هذا وأمثاله -: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾ [النازعات: 40- 41].

وقدوة هذا الصابر على فتنة النساء:
نبي الله الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم: يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام، قال تعالى: ﴿وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾ [يوسف: 23]، بل إن يوسف عليه السلام آثر السجن على أن ينقاد لهذه الفتنة، قال تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ [يوسف: 33].

قال ابن القيم: "وقد ذكر الله سبحانه وتعالى عن يوسف الصديق - صلى الله عليه وسلم - من العفاف أعظم ما يكون، فإن الداعي الذي اجتمع في حقه لم يجتمع في حق غيره، فإنه - صل الله عليه وسلم - كان شاباً، والشباب مركب الشهوة، وكان عزباً ليس عنده ما يعوضه، وكان غريباً عن أهله ووطنه، والمقيم بين أهله وأصحابه يستحي منهم أن يعلموا به فيسقط من عيونهم، فإذا تغرب زال هذا المانع، وكان في صورة المملوك، والعبد لا يأنف مما يأنف منه الحر، وكانت المرأة ذات منصب وجمال، والداعي مع ذلك أقوى من داعي من ليس كذلك، وكانت هي المطالبة فيزول بذلك كفلة تعرض الرجل وطلبه وخوفه من عدم الإجابة، وزادت مع الطلب الرغبة التامة والمراودة التي يزول معها ظن الامتحان والاختبار لتعلم عفافه من فجوره، وكانت في محل سلطانها وبيتها بحيث تعرف وقت الإمكان ومكانه الذي لا تناله العيون، وزادت مع ذلك تغليق الأبواب؛ لتأمن هجوم الداخل على بغتة، وأتته بالرغبة والرهبة، ومع هذا كله عفَّ لله ولم يطعها، وقدَّم حق الله وحق سيّدها على ذلك كله، وهذا أمر لو ابتلى به سواه لم يعلم كيف تكون حاله؟"[5].

قال الشاعر:
وإني لتنهاني خلائق أربع 
عن الفحش فيها للكريم روادع 
حياء وإسلام وشيب وعفة 
وما المرء إلا ما حبته الطبائع 

والصبر على هذه الفتنة وإيثار رضا الله على هوى النفس من أفضل الأعمال التي تقرب العبد إلى ربه، قال تعالى: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾ [النازعات: 40- 41].

روى الإمامان البخاري ومسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي - صل الله عليه وسلم - قال: ((بينما ثلاثة نفر يتمشون أخذهم المطر، فأووا إلى غار في جبل، فانحطت على فم غارهم صخرة من الجبل فانطبقت عليهم، فقال بعضهم لبعض: انظروا أعمالاً عملتموها صالحة لله، فادعوا الله تعالى بها لعل الله يفرجها عنكم، فقال أحدهم: اللهم إنه كانت لي ابنة عم أحببتها كأشد ما يحب الرجال النساء، وطلبت إليها نفسها فأبت حتى آتيها بمئة دينار، فتعبت حتى جمعت مئة دينار فجئتها بها، فلما وقعت بين رجليها، قالت: يا عبدالله، اتق الله، ولا تفتح الخاتم إلا بحقه! فقمت عنها، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فافرج لنا منه فرجةً، ففرج لهم))[6]الحديث.

وقد أمر الله المؤمنين الذين لم يستطيعوا النكاح بالصبر والعفة، قال تعالى: ﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [النور: 33].

ومن أسباب دفع فتنة النساء غض البصر، وحفظ الفرج، والنكاح الحلال، قال تعالى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ﴾ [النور: 30].

روى البخاري ومسلم من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -: أن النبي - صل الله عليه وسلم - قال: ((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة – أي النكاح – فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج))[7].
قال الشاعر:
كل الحوادث مبداها من النظر 
ومعظم النار من مستصغر الشرر 
والمرء ما دام ذا عين يقلبها 
في أعين الغيد موقوف على الخطر 
كم نظرة فتكت في قلب صاحبها 
فتك السهام بلا قوس ولا وتر 
يسر ناظره ما ضر خاطره 
لا مرحباً بسرور عاد بالضرر 

وقد جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجنة ثواباً لمن حفظ فرجه، روى البخاري في صحيحه من حديث سهل بن سعد - رضي الله عنه -: أن النبي - صل الله عليه وسلم - قال: ((من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه، أضمن له الجنة))[8].

والحمدُ لله رب العالمين، وصل الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75822
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 فتنة النساء  Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتنة النساء     فتنة النساء  Emptyالأحد 29 أكتوبر 2017, 8:54 pm

ملامسة النساء
 فتنة النساء  Haram




المرأة والفتنة بها


اتَّقوا الله تعالى حقَّ تَقواه، فما فازَ إلاَّ المتقون، ولا رَبِح إلاَّ المؤمنون الموصوفون في كتاب الله العزيز: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُون ﴾ [الأنفال: 2].
 

عباد الله:
شريعة الله تعالى كاملة لا نقصَ فيها ولا عيبَ، وما من خيرٍ إلاَّ ودلَّت عليه، وما من شرٍّ إلاَّ وقد بيَّنت أمره؛ ليكون العباد على بصيرة؛ ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3].
 

﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [آل عمران: 164].
 

ولله تعالى حدودٌ شرَعها، لا يجوز تعدِّيها: نقصًا ولا زيادة؛ ﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾ [النساء: 13، 14].
 

ومُراعاة هذه الحدود يَكفل للنفس والمجتمع الخير والسَّداد، ويَنشر الأمن والسلامة الفكرية والنفسية، ويَضبط العلاقة الاجتماعية بين أفراد المجتمع، وقد نظَّم الشرع العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع من رجال ونساء، ولكلٍّ وظيفته ومسؤوليَّته، ومتى طغَى أحدهما على الآخر، واقتحَم الحدود، فإن المجتمع يَجني آثارها، ويَقطف ثمارًا مُرَّة لا يَستسيغها إلاَّ أرباب الشهوات، ممن حذَّرنا الله تعالى من مسالكهم، فقال: ﴿وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 27].
 

ومما لا يَخفى على مسلم أنَّ المرأة لَقِيت من الإسلام عنايةً فائقة، بما يَصون عِفَّتها، ويَجعلها عزيزة الجانب، سامية المكانة، طاهرة القلب والجسد، وإنَّ الضوابط التي فرَضها الإسلام عليها في مَلبسها وزينتها، وعلاقتها بالرجال - لَم تكن إلاَّ لحِفظ مكانتها، وسدًّا لذريعة الفساد، وتجفيفًا لمنابع الافتتان بها، وقد أشار القرآن الكريم إلى خطر الافتتان بالمرأة، فقال - سبحانه -: ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ﴾ [آل عمران: 14].
 

فقدَّم - سبحانه - النساء لأن أكثر الرجال إنما دخَل عليهم الخَلل من قِبَل هذه الشهوة، ويؤكِّد هذا المعنى قولُه - صل الله عليه وسلم - ناصحًا ومُحذِّرًا: ((ما ترَكت بعدي فتنة أضرَّ على الرجال من النساء))؛ البخاري، وعن ابن مسعود: ((المرأة عورة، فإذا خرَجت استشرَفها الشيطان))؛ الترمذي وحسَّنه.
 

والمعنى: أنها ما دامَت في بيتها، لَم يطمع الشيطان فيها وفي إغواء الناس بها، فإذا خرَجت طَمِع وأطمَع فيها؛ لأنها أعظم حبائله، وأقوى أسلحته، بل إن نبيَّنا - صل الله عليه وسلم - يُحذِّرنا من هذه الفتنة، ويُعلِّمنا أنَّ فتنة النساء من أعظم الفتن وأخطرها، فيقول: ((إن الدنيا حُلوة خَضِرة، وإن الله مُستخلفكم فيها، فناظر كيف تعملون، فاتَّقوا الدنيا، واتَّقوا النساء؛ فإن أوَّل فتنة بني إسرائيل كانت في النساء))؛ مسلم.
 

ولذا فإنَّ فتنة النساء وكيدهنَّ تؤثِّر في قلوب الرجال ذَوِي الحزم والعقل، فما بالكم بالسُّفهاء وضُعفاء العزم؟!



يقول - صل الله عليه وسلم -: ((ما رأيت من ناقصات عقلٍ ودين، أذهبَ للبِّ الرجل الحازم من إحداكنَّ))؛ يعني: النساء؛ رواه البخاري.
 

وهذا الشاعر يقول:
يَصْرَعْنَ ذَا اللُّبِّ حَتَّى لاَ حَرَاكَ بِهِ  فتنة النساء  Space
وَهُنَّ أَضْعَفُ خَلْقِ اللهِ أَرْكَانَا  فتنة النساء  Space

 

والله - سبحانه - خلَق الخلق وهو أعلم بما يَصلح لهم، وما يُصلحهم؛ ﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الملك: 14].
 

ولَمَّا كان من طبْع البشر مَيْلُ الرجال إلى النساء، وتعلُّق النساء بالرجال، وهذه فِطرة إلهيَّة لحِكم جليلة؛ ليَبقى الخلق، وتُعَمَّر الدنيا - فإنَّ الشريعة الإسلامية لَم تَدع الناس لأهوائهم ورغباتهم في إشباع هذه الشهوات؛ ففي ذلك خرابُ الأديان وهلاك المجتمعات، واختلاط القِيَم، وتَشبُّه بالبهائم، بل جاء الشرع مُنظِّمًا لهذه العلاقة بين الطرفين؛ لتكون في مأمنٍ من الفوضى، ولتُحاط بسياج رفيعٍ من الطُّهر والعِفَّة، وقد حذَّرنا ربُّنا - عزَّ وجلَّ - من كيد الشيطان، وأخبَرنا أنه حريصٌ على إيقاع الناس في حضيض الفحشاء؛ ﴿ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ ﴾ [البقرة: 268].
 

ولكنَّ الشيطان يَسلك في سبيل تزيين الفاحشة مَسْلك التدرُّج، عن طريق خُطوات قليلة يقود بعضها إلى بعض، وفي هذا يقول - سبحانه -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾ [النور: 21].
 

ومن هنا حفَلت الشريعة الإسلامية بالعديد من وسائل حماية المجتمع من خطر هذه الفتنة؛ تَمنع وقوعها، وتَسد المنافذ الموصلة إليها، متى ما رعاها المجتمع المسلم بَقِي محافظًا على نظافته الخلقية، وطهارته الحسيَّة والمعنويَّة، فنهى الشرع عن الفحش في الكلام، والرمي بالفاحشة بغير برهان، ونهى عن ظنِّ السوء بالمسلم، وشرَع الحجاب، ونهى عن التبرُّج والسفور، وجعَل قرار المرأة في بيتها هو الأصل؛ ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ﴾ [الأحزاب: 33].
 

وأمَر بالاستئذان، ونهى عن إطلاق البصر في المحرَّمات، وأمَر بغَضِّ البصر، ونهى عن الخلوة بالمرأة الأجنبيَّة، وعن سفر المرأة وحدها بلا مَحْرمٍ، أو اختلاطها بالرجال، كما نهى المرأة عن الخروج من منزلها مُتعطِّرة، وعن الخضوع في القول في مخاطبة الرجال الأجانب، إلى غير ذلك من الآداب والحدود، التي ورَد الأمر بمراعاتها، وأدلة ذلك مبسوطة في القرآن الكريم والسُّنة النبويَّة، فلنَكن على علم بذلك يا عباد الله، ولنُعاهد أنفسنا وأهلينا به، ففيه الخير والصلاح، والبُعد عن طُرق الشيطان وغوايته، ولنَحذر ممن حذَّرنا الله تعالى منهم، فقال: ﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ﴾ [النساء: 27- 28].
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75822
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 فتنة النساء  Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتنة النساء     فتنة النساء  Emptyالأحد 29 أكتوبر 2017, 8:59 pm

اختلاط النساء بالرجال (1)

الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل



الحُكْم والأدلَّة




الحمد لله العليم الخبير؛ شرع لعباده من الدين أحسنه، واختار لهم من الشرائع أكملَها، فأكمل لهم دينهم، وأَتَمَّ عليهم نعمتَه، ورَضِيَ لهم الإسلام دينًا، نحمدُه على ما شرَع وأَوْجَب، ونشكُرُه على ما أعطى وأَنْعَم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ خلق فأتقن الخلق، وحَكَم فأحسن الحُكْم؛ ﴿ أَفَحُكْمَ الجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ الله حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ [المائدة: 50] ﴿ أَلا لَهُ الخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ العَالَمِينَ ﴾ [الأعراف: 54].
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله؛ أنصح الخلق للخلق، وأتقاهم لله- تعالى- لا خير إلا دلَّنا عليه، وأَمَرنا به، ولا شرَّ إلاَّ حذَّرنا منه، ونهانا عنه، صل الله وسلَّم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه؛ أسرع هذه الأمة استجابة للأوامر الربانيَّة، وأشدُّهم التزامًا بالأحكام الشرعية، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أمَّا بعدُ:
فاتَّقوا الله أيُّها الناس وأطيعوه، واعملوا في دنياكم ما يكون زادًا لكم في أُخْرَاكُم، واعلموا أنَّ الدنيا إلى زَوَال، وأنَّ الآخرة هي دار القرار، وأنَّ الموت حقٌّ، وأنَّ الساعة آتيةٌ لا ريب فيها، وأنَّ الله يبعث من في القبور؛ ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ ﴾ [الحج:1].
أيُّها الناس:
من دلائل صدق إيمان العبد، وسلامة قلبه لله- تعالى-: الاستسلامُ لأمره- سبحانه- في الأمور كلها، وتعظيم نصوص الشريعة، والوقوف عندها، وتقديمها على أقوال الرجال مَهْمَا كانوا؛﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ المُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى الله وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ * وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الفَائِزُونَ ﴾ [النور: 51- 52].
وإنما تقع الرِّدَّة والضَّلال، ويتأصَّل الزَّيغ والنِّفاق في قلب العبد إذا عارض شرع الله- تعالى- تقليدًا لغيره، أو لرأيٍ أحدثه، مُتَبِّعًا فيه هواه، مُعْرِضًا عن شرع الله- سبحانه- {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63] ومع عظيم الأَسَى، وشديدِ الأَسَف فإنَّ الإعلام المعاصر في أكثر فضائيَّاته وإذاعاته، وصُحُفه ومِجَلاَّته، يُرَبِّي المُتَلَقِّين عنه على التَّمَرُّد على أوامر الله- تعالى- وانتهاك حُرُماته، والاجتراء على شريعته، في كثيرٍ من القضايا التي يُلْقِيها على الناس، من قضايا سياسية واقتصادية، واجتماعية وثقافية، ولا سيَّما إذا كان الحديث عن المرأة وقضاياها.
لقد اعتاد المُتَلَقُّون عن الإعلام وبشكلٍ يومي، بل وفي كل ساعة ولحظة- اعتادوا على مشاهدة سُفُور النِّساء، وظهورهنَّ بأبهى حُلَّة، وأجمل زينة، مُتَكَشِّفَات مبتسمات، مُخْتَلِطات بالرِّجال، تَجْلِس المرأةُ بجوار الرجل، وتُمازِحُه وتُضَاحِكُه، أمامَ ملايين المُشاهِدِين والمشاهدات، لا هي قريبته، ولا هو مَحْرَمٌ لها، وليس بينهما رِباطٌ إلاَّ رِبَاطُ الإعلام والشيطان، ولا يكاد يخلو بَرْنامَج أو فقرة من رجل وامرأة، في الأخبار والرياضة، والحوار والسياسة، والأزياء والطَّبخ، بل حتَّى برامج الأطفال لا بُدَّ فيها من فتًى وفتاة، وهذه الصورةُ المُتَكَرِّرَة في كلِّ لحظة تُهَوِّن هذا المنكرَ العظيمَ في نُفُوس المُشَاهِدِين، وتُحَوِّلُه من معصية وعيب إلى لا شيء، وتلك والله من الفتن التي يُرَقِّقُ بعضها بعضًا؛ كما جاء في الحديث.
واعتيادُ النَّاس على هذه المَشَاهِدِ الآثِمَة يجعل إنكارَهُم لها وانصرافَهم عنها ضعيفًا جدًّا، بل ربَّما أنكر أكثرُهم على مَنْ يُنْكِرها ومشاهدتها، فانْقَلَبَت من كونها مُنْكَرًا وباطلاً إلى معروفٍ وحقٍّ، لا يجوز أن يجادل فيه أحدٌ!
وهذا التَّهوين للمُنْكَرِ بالفعل والصورة الذي يَتَكرَّرُ في كلِّ ساعة ولحظة، يُصاحِبُه تسويغٌ له بالكلمة والمقالة؛ فينبري أجهل الناس بالشريعة، وأضعف الخلق ديانةً لمناقشة مسائل الحجاب والسفور، والخلوة والاختلاط، وسَفَر المرأة بلا مَحْرَمٍ، وليس نقاشهم علميًّا موضوعيًّا لإحقاق حق، وإبطالِ باطل، وإنما هو نسفٌ للشريعة، وإبطالٌ للقرآن والسنة، وإلغاء لِمَا سارَتْ عليه الأُمَّة المسلِمَة في قُرونِها السَّالِفَة، وإحلال للقوانين والعادات الغربية محلَّ شريعة الله- تعالى- في التعظيم والطاعة والامتثال باسم الانفتاح والرُّقِيِّ والتَّقدُّم.
ومن آثار هذا التَّجْيِيش الإعلامي للباطل، ونشر تلك الرَّذائل على أَوْسَعِ نِطاقٍ، نرى تَغَيُّرًا مُسْتَمِرًّا في كثير من بيوت المسلمين، يَتَجَلَّى في مظاهر عِدَّة، وأخلاق بديلة، لم يكن المسلمون يعرفونها قبل هذا الغزو الإعلامي، من التَّساهُل بالحجاب، وسَفَر الفتاة للدِّراسة بلا مَحْرَم، ومُزاحَمَة المرأة للرِّجال في العمل، واختلاطها بهم في كثيرٍ من المجالات والأعمال، بلا خجل ولا حياء.
وأهل الفساد يُوَسِّعُون دائرةَ الإفساد؛ ليجتاح الأمة بأكملها، ويأتي على البيوت والأُسَر كلها، وإذا لم يَسْعَ المسلمون لإيقاف هذه الأمراض التي تَفْتِك بالمجتمعات، ولم يأخُذُوا على أيدي دعاةِ الرَّذِيلَة وناشري الفساد، فإنه سيأتي اليوم الذي يفقد فيه الرجل سلطانه على نسائه وبَنَاته؛ فيخرجن متى أَرَدْن، ويصاحِبْنَ من شِئْنَ، ويَفْعَلْنَ ما يَحْلُو لهنَّ، كما وقع في كثيرٍ من بلاد المسلمين التي غزاها شياطينُ الإنس بأفكارهم، ودَمَّروها بمشاريعهم التغريبية التخريبية، وحينها لا ينفع ندمٌ ولا بكاء على عِفَّة فُقِدَتْ، وقد كانت من قبلُ تستصرخ أهل الغَيْرَة ولا مجيب لها، ونُعِيذ بالله- تعالى- بلادنا وبلاد المسلمين أن يحِلَّ بها ذلك.
إن الخطأ خطأٌ ولو كثر الواقعون فيه، وإن المنكر لا ينقلب إلى معروفٍ بمجرَّد انتشاره، وهكذا الباطل يبقى باطلاً ولو زيَّنه المزوِّرُون بزُخْرُف القول، وروَّجوه بالدِّعاية، والواجب على أهل الإسلام إنكارُ المنكر ولو كان المُتَجافِي عنه غريبًا في الناس، كما يجب عليهم إحقاقُ الحق ولو أعرض عنه أكثر الناس، فانتشار الباطل وانتشاء أهله، وغُرْبَة الحق وضعف حمَلَته- لا يُسَوِّغ السُّكُوت والتخاذل عنه، وإلا غرق المجتمع كله في حَمَأة الباطل، وطُوفان الرذائل.
واختلاط المرأة بالرِّجال هي القضية الأساس التي يسعى المُفْسِدُون لنشرها في المجتمع، ويستميتون في إقناع الناس بها، ويُوجِدُون لها المُسَوِّغات، ويجعلونها من الضَّرُورَات، ويَعْزُون كل بلاءٍ في الأُمَّة وتَخَلُّف وانحطاطٍ إلى ما سادَ من عَزْلِ المرأة عن الرجل في التَّعليم والعمل وغير ذلك.
ويَعْلَم المُفْسِدُون في الأرض أنَّهم إن نجحوا في نشر الاختلاط، وقَهْرِ النَّاس عليه بقوَّة القرارات الدولية، والتَّخويف بالدُّوَل المُسْتَكْبِرة، واستغلال نفوذهم في بلاد المسلمين، والتفافهم على أصحاب القرارات والتَّوْصِيات، مما يجعلهم قادِرِين على إلجاء الناس إليه عمليًّا في العمل والدراسة، وفرضه بقوة النظام- وهو ما يَسْعُون إليه بجدٍّ وقوة- فإنَّ ما بعد الاختلاط من الإفساد يكون أهون، والنِّساء إليه أسرع؛ كالخلوة المُحَرَّمة، وسفر المرأة بلا محرم، وسفورها وتبرُّجها، وعرض زينتها، وغير ذلك من الإثم والضلال، وانتهاك حُرُمات الكبير المتعال.
ولن يُوقِفَ ذلك إلا إنكارُ الناس عليهم، ورفضهم لمشاريعهم التغريبية، وكشف خُطَطِهم ومآربهم لعامَّة النَّاس، والأمرُ يعني الجميع، ولا يَختَصُّ بأحدٍ دون أحد، ومن حقِّ الناس أن يسعَوْا إلى ما فيه حفظُ بيوتهم وأُسَرِهم، وبناتهم ونسائهم من أسباب الفساد والانحراف، وأن يأخذوا على أيدي المفسِدِين والمفسِدات، من أَتْبَاع الغرب وعباد الشهوات.
ومَنْ نَظَر في شريعةِ الله- تعالى- يجد أنها أَوْصَدَتْ كلَّ الأبواب المؤدية إلى الاختلاط، وسدَّتِ الذَّرائِع لذلك، وحَمَتْ المجتمع من الفاحشة والرذيلة بتشريعات ربَّانيَّة تُبْقِي على المجتمع عفَّته وطهارته ونقاءه، واستقامة أُسَرِه، وصلاح بيوته، ما دام أفراده قائمين بأمر الله- تعالى- مُمْتَثِلِين لشرعه، مُسْتَسْلِمِين لنصوص الكتاب والسنة، ولم يسمحوا للمُفْسِدين أن ينخروا ذلك السياج الرباني بين الرجال والنساء.
يقول الله- تعالى-: ﴿ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ﴾ [الأحزاب: 53]، وهذا الخطاب الرباني لأطهر هذه الأمة قلوبًا، وهم الصحابة- رضي الله عنهم- وفي أعفِّ النساء، وهُنَّ أمَّهاتُ المؤمنين- رضي الله عنهن- فما بالُكم بمَن هم دونهم من الرجال، وبمَن هُنَّ دونهنَّ من النساء؟! ﴿ فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ﴾ [الأحزاب: 53]فالخالق الرازق- سبحانه- يأمر في كتابه بالحجاب بين الرجال والنساء، والمفسِدون يريدون تحطيمَه وإزالتَه.
وفي خطابٍ ربانيٍّ آخر: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ﴾ [النور: 30]، ثم قال- سبحانه-: ﴿ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ ﴾ [النور: 31]، فلو كان الاختلاط سائغًا في الشَّرع، لكان في هذه الأوامر الربانية تكليف بما لا يُطَاق؛ إذ كيف تختلط المرأة بالرجل، وتجلِس بجواره في العمل أو الدراسة، ولا ينظر كلُّ واحدٍ منهما للآخر وهما يتبادلان الأعمال والأوراق والدروس؟!
وذكر النبي- عليه الصلاة والسلام- أنَّ من حق الطريق: غضَّ البصر، فإذا كان غضُّ البصر واجبًا على الرجال إذا مرَّت بمجلسهم في الطريق امرأةٌ، فكيف يسوغ للمُزَوِّرِين أن يزعموا أن شريعة الله- تعالى- لا تمانع من اختلاط الرجال بالنساء؟!
وفي حديثٍ آخر: قال- عليه الصلاة والسلام-: ((إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ على النِّسَاءِ))؛ رواه الشيخان، فكيف إذًا بالمكث عندهنَّ وأمامهن وبجوارهن في ساعات العمل كل يوم؟!
بل إن النبي- صل الله عليه وسلم- عمل على منع الاختلاط في الطريق أثناء الخروج من المسجد، وما هو إلا لحظات، وعقب عبادة عظيمة، والرجال فيه والنساء من المُصَلِّين والمصليات، وهم وهنَّ أقرب للتَّقوى، وأبعد عن الرِّيبة، فكيف بغير ذلك؟!
رَوَتْ أمُّ سلمة- رضي الله عنها-: "أَنَّ النِّسَاءَ في عَهْدِ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كُنَّ إذا سَلَّمْنَ من الْمَكْتُوبَةِ قُمْنَ وَثَبَتَ رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم- وَمَنْ صلَّى من الرِّجَالِ ما شَاءَ الله فإذا قام رسول الله- صل الله عليه وسلم- قام الرِّجَالُ"؛ رواه البخاري.
وذات مرة وقع في الخروج من المسجد اختلاطٌ غير مقصود، فبادر- عليه الصلاة والسلام- إلى إنكاره، وأَوْصَى بما يزيله؛ كما روى أبو أُسَيْد الأنصاري- رضي الله عنه- أنه سمع رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم- يقول وهو خارجٌ من المسجد، فاختلط الرجال مع النساء في الطريق، فقال رسول الله- صل الله عليه وسلم- للنساء: ((استأخِرْن؛ فإنه ليس لَكُنَّ أن تَحْقُقْن الطريق عليكُنَّ بحافَّات الطِّريق))، فكانت المرأةُ تلتَصِق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلَّق بالجدار من لصوقها به؛ رواه أبو داود.
وفي المسجد منع النبي- صلى الله عليه وسلم- الاختلاط؛ كما في حديث أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله- صل الله عليه وسلم-: ((خيرُ صُفُوف الرِّجال أَوَّلها وشَرُّها آخرُها، وخيرُ صفوفِ النِّساء آخرُها وشَرُّها أوَّلها))؛ رواه مسلم.
والمسجد أجلُّ مكان وأشرفُه، والقلوب فيه متعلِّقة بالله- تعالى- بعيدة عن الفساد والشرِّ، ومع ذلك حُسِمَت فيه مادَّة الشر، وسُدَّت فيه ذرائع الفساد.
وفي الطَّواف بالبيت- وهو من أجلِّ العبادات وأشرفها- مُنِع الاختلاط؛ كما أخبر التابعيُّ الجليلُ عطاءُ بن أبي رباح- رحمه الله تعالى- أنَّ النساء فيه لم يَكُنَّ يخالِطْنَ الرجال وقال: "كانت عائشة- رضي الله عنها- تَطُوف حَجْرَةً من الرجال لا تخالطهم"؛ رواه البخاري، وقال- عليه الصلاة والسلام- لزوجه أم سلمة- رضي الله عنها-: ((طُوفِي من وراء الناس وأنت راكِبَةٌ)).
ولَمَّا وَقَع في عَهْدِ عمر- رضي الله عنه- شيءٌ من اختلاط الرجال بالنساء في الطَّواف نهى أن يطوف الرجال مع النساء، فرأى رجلاً معهن فضربه بالدرة.
تلك هي شريعة الله- تعالى- في قضيَّة الاختلاط التي يسعى المنافقون والشهوانيُّون لإقناع الناس أنَّ الاختلاط لا يُعارِضُ الدِّين، وأنَّه من أسباب الرُّقِيِّ والتَّقَدُّم، كَذَبوا والله وضَلُّوا وأَضَلُّوا.
أفبَعْد هذه النُّصوص المُحْكَمَة الواضحة، هل يَلِيق بالمؤمنين والمؤمنات أن يُصَدِّقوا أكاذيبَهم، ويَرضوا بمشاريعهم، ويستَسْلِموا لإفسادهم، وإخراجهم لنساء المسلمين وبناتهم، وقتلهم لحيائهنَّ وإحصانهنَّ وعفافهنَّ، ويَتْرُكُوهم ينخروا في المجتمع، ولا يُنْكِرون ذلك عليهم؟! وقد استَبَان لهم الحقُّ بأدلته، وبان لهم الباطل بدَجَلِه وعَوْرَتِه، وماذا بعد الحق إلا الضَّلال؟!
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا * يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: 26- 28]  بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.

الخطبه الثانيه




الحمد لله على إحسانه، ونشكره على فضله وإنعامِه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة نرجو بها النجاة يوم لقائه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صل الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعدُ:
فاتقوا الله- تعالى- وأطيعوه: ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 281].
أيُّها النَّاس:
عَزْلُ الرِّجال عنِ النساء، واختصاصهنَّ بأعمال المنزل وحضانة الأطفال، واختصاص الرجال بالعَمَل والاكتساب- هي الفطرة التي فطر الله- تعالى-النَّاس عليها، وسارَتْ عليها البشرية طوال تاريخها في الشرق والغرب، وعند سائر الأمم، قبل أن تأتي الحضارة المعاصِرَة بضلال الاختلاط، ومَنْ قرأ تواريخ الحضارات والأمم السالفة أيقن بحقيقة ذلك.
ونزلت شرائع الله- تعالى- على أنبيائه ورسله عليهم السَّلام بما يُوافِق هذه الفطرة، وقد أجمعت الشرائع كلُّها على حِفْظ النَّسْل من الاختلاط، وعلى حفظ المجتمعات من الفساد والانحلال؛ ولذا كان الزنا مُحَرَّمًا على لسان كلِّ المرسلين- عليهم السلام- ويُجْمِع كلُّ العقلاء من البشر على أن الاختلاط أكبر سببٍ للزنا، كما يُجْمِع البشر على أن الزنا سببٌ للأمراض والطَّواعين التي تَفْتِك بالناس، والواقع يدُلُّ على هذه الحقائق.
ولا يُمَارِي في شيءٍ من ذلك إلا جاهلٌ أو مُكابِرٌ، فمن دعا للاختلاط ورَضِيَه فهو يدعو للزنا وانتشار الفواحش، وهو يدعو كذلك لنشر الطاعون في الناس، وإهلاكهم به، شاء ذلك أم أبى؛ إذ إنَّ هذه الأمراض الخبيثة هي نِتَاج دعوته الخبيثة.
وإن تَعْجَبُوا فعَجَبٌ لأناس يدعون للاختلاط، وينشرون الرَّذِيلة في الناس، ثم يُحَذِّرُون من انتشار مَرَض الإيدز، ويَعْقِدُون المؤتمرات والنَّدَوات لمكافحته، فهل هم صادقون في تحذِيرهم؟! وهل يعقلون ما يقولون وما يفعلون؟! وهل هم إلاَّ كمَنْ يسقي الإنسان سُمًّا ثم يَصِيح به مُحَذِّرًا إيَّاه أن يموت ممَّا سقاه؟!
إنَّه لن تُجْدِي المؤتمرات والنَّدَوات والتوعِيَة الصحيَّة والاجتماعية في التَّخْفِيف من الأمراض المستعصية، النَّاجِمَة عن الممارسات الجنسية المُحَرَّمَة، إذا كان المُفْسِدُون يَخْلِطُون بين الرجال والنساء، ويُوسِعُون دائرةَ الاختلاط يومًا بعد يوم، ويَنْشُرون في إعلامهم ما يُسَعِّرُ الشَّهَوات، ويدعو إلى الرذيلة؛ ولذا نُوصِيهم ألاَّ يَكْذِبوا على الناس ويخدعوهم، ويحذِّروهم من انتشار الإيدز؛ لأنهم أكبرُ سببٍ من أسبابه حين شَرَعوا للاختلاط، وأفسدوا الإعلام، وفرضوا على الناس آراءهم الفكرية الشهوانية.
يقول العلامة ابن القيم- رحمه الله تعالى-: "ولا ريبَ أن تمكين النساء من اختلاطِهِنَّ بالرجال أصلُ كلِّ بليَّة وشرٍّ، وهو من أعظم أسباب نُزُول العقوبات العامَّة، كما أنَّه من أسباب فسادِ أُمُور العامة والخاصة، وهو من أسباب الموت العامِّ والطَّواعين المهلكة، ولمَّا اختلط البَغَايا بعسكر موسى- عليه السلام- وفَشَتْ فيهم الفاحشة، أرسل الله- تعالى- عليهم الطَّاعون، فمات في يوم واحد سبعون ألفًا، والقِصَّة مشهورة في كتب التفسير، فمِنْ أعظم أسباب الموت العامِّ: كثرةُ الزِّنا بسبب تمكين النساء من اختلاطهنَّ بالرجال، والمشي بينهم متبرجات مُتَجَمِّلات".
وكلام ابن القيم- رحمه الله تعالى- لا يُعْجِب أهل الشَّرِّ والفساد، ودعاة الرذيلة والانحلال؛ لأنهم مستعبدون في أفكارهم لما يمليه عليهم أهل الحضارة المُعَاصِرَة، ومُشْرَبُون بحب كتابات الغربيِّين، فلا بأس من نقل شيء من أقوال الغربيين من باب قول الله- تعالى-: ﴿ وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآَيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ المُجْرِمِينَ ﴾[الأنعام: 55].
وحيث إن المُفْسِدين يزعمون أنهم بمشاريعهم التغريبية التخريبية يَنْصُرون المرأة ويدافعون عن حقوقها في الاختلاط والفساد- فإنني سأنقل بعض أقوال النساء الغربيات حتى نعرف رأيهنَّ في الاختلاط وقد جرَّبنَه، وسبقن نساء العالمين إليه، ولسنَ مُتَّهَماتٍ بأنَّهنَّ (مؤدلجات) أو مُتَطَرِّفات، أو يَعِشْنَ عصور الظلام والحريم كما يقول المنافقون والمنافقات.
تقول الصحفية الأمريكية (هيليان ستانبري): "أنصحكم بأن تتمسَّكوا بتقاليدكم وأخلاقكم، امنعوا الاختلاط، وقيِّدوا حرية الفتاة، بل ارجعوا لعصر الحجاب، فهذا خيرٌ لكم من إباحيَّةٍ وانطلاق ومُجُون أوربا وأمريكا، امنعوا الاختلاط، فقد عانَيْنَا منه في أمريكا الكثير، لقد أصبح المجتمع الأمريكي مجتمعًا مليئًا بكل صور الإباحية والخلاعة، إن ضحايا الاختلاط يملؤون السُّجون، إن الاختلاط في المجتمع الأمريكي والأوروبي قد هدَّد الأسرة وزلزل القيم والأخلاق".
وتقول كاتبةٌ أخرى: إنه لَعَارٌ على بلاد الإنجليز أن تجعل بناتها مثلاً للرَّذائل بكثرة مخالطة الرجال.
وفي بريطانيا، حذَّرت الكاتبةُ الإنجليزية (الليدي كوك) من أخطار وأضرار اختلاط النساء بالرجال فقالت: "على قدر كَثْرة الاختلاط تكون كثرةُ أولاد الزنا"، وقالت: "علموهنَّ الابتعاد عن الرجال".
فهل يبقى لدُعَاة الاختلاط والفسادِ قولٌ وقد عارضوا شريعة الله- تعالى- وخالفوا الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وكَذَبوا على الناس فزَوَّرُوا الحقائق، وأخفَوا النتائج المُخْزِيَة للاختلاط في البلاد التي اكتَوَتْ بذلك.
حمى الله- تعالى- بلادَنا وبلادَ المسلمين من المُفْسِدين والمُفْسِدَات، والمنافقين والمنافقات، ورَدَّهُم على أعقابهم خاسرين، إنه سميع قريب.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75822
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 فتنة النساء  Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتنة النساء     فتنة النساء  Emptyالأحد 29 أكتوبر 2017, 9:00 pm

اختلاط النساء بالرجال (2)

الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل




نتائجه وآثاره



الحمد لله؛ ضرب للخلق آجالهم، وكفل لهم أرزاقهم، وشرع لهم دينهم، نحمده على نعمته وهدايته، ونشكره على رعايته وكفايته، فما من نعمة إلا وهو مسديها، ولا منحة إلا وهو معطيها ﴿ وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ﴾ [النحل: 53] وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ الخلق خلقه، والأمر أمره، والشرع شرعه، والعباد عباده، لا يسع أحدا الخروج عنه، أو إبدال غيره به ﴿ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأعراف: 54] وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وصفيه وخليله؛ لا خير إلا دل أمته عليه، ولا شر إلا حذرهم منه؛ رحمة بهم، وشفقة عليهم، وإحسانا إليهم، صل الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه؛ أسرع الناس التزاما بأمره، وأبعدهم عن نهيه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
 
أما بعد: فاتقوا الله تعالى ربكم، والتزموا شريعته، وارجوا رحمته، واحذروا معصيته، وخافوا نقمته، ولا تأمنوا مكره؛ فإنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون.

أيها الناس: من رحمة الله تعالى بعباده رفعه الحرج عنهم، وتكليفهم بما يطيقون، والتخفيف عنهم فيما يرهقهم ويشق عليهم ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾ [البقرة: 286] وفي الآية الأخرى ﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾ [الحج: 78] ولما ذكر سبحانه التخفيف في أحكام الصيام قال عز من قائل ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْر ﴾ [البقرة: 185] وفي شرعية التيمم عند عدم الماء قال تعالى ﴿ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [المائدة: 6] ووصف رسوله عليه الصلاة والسلام بأنه ﴿ يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ﴾ [الأعراف: 157].
 
ومن مظاهر الرحمة واليسر في شريعة الله تعالى: أن كلف العباد بما يطيقون من الواجبات، وخفف عنهم ما لا يطيقون، وهذا المظهر من مظاهر التخفيف بَيِّنٌ واضح لكل من يقرأ القرآن، ويعرف الأحكام.
 
وثمة مظهر آخر للتيسير يغفُل عنه أكثر الناس وهو لا يقل أهمية عن الأول؛ ذلكم - يا عباد الله - أن الله تعالى لما حرم المحرمات على العباد أوصد سبلها، ومنع وسائلها، وسد الطرق المفضية إليها؛ رحمة بالعباد، وعونا لهم؛ وذلك لئلا توجد في نفوسهم دواعيها، وقد حرمت عليهم فيرهقهم الامتناع عنها.
 
فالزنا حرمه الله تعالى في كل شرائع الرسل عليهم السلام؛ لما فيه من انتهاك العرض، وتدمير النسل، والشرائع الربانية جاءت بحفظ الضرورات التي منها العرض والنسل.
 
ولما كان من فطرة الإنسان وجبلته التي خلقه الله تعالى عليها ميل كل جنس من الرجال والنساء للجنس الآخر، ومحبته له، والأنس به، وتمني معاشرته؛ فإن الشرائع الربانية نظمت ذلك بالزواج، وحرمت السفاح، وأوصدت الطرق المسببة للزنا، فأمرت الشريعة السمحة بغض البصر، ومنعت الخلوة بالنساء، وسفرهن بلا محارم، كما منعت سفورهن وتبرجهن واختلاطهن بالرجال.
 
ولو كانت هذه الأسباب والوسائل مباحة مع تحريم ما تفضي إليه من الزنا لكان في ذلك من الرهق والعسر على العباد ما لا يعلمه إلا الله تعالى، ولكان حالهم كحال الجائع الذي يوضع أمامه ما لذَّ من الطعام ثم يقال له لا تأكل، والجائع يصبر عن الطعام إذا كان لا يراه ولا يَشْتَمُه، ولكن إذا رآه أو اشتمه لم يصبر عنه، والرجل يصبر عن المرأة في حال غيابها وتسترها، ولكنه لا يصبر عنها في حال سفورها وتبرجها واختلاطها به.
 
وحيثما كثر الاختلاط والعري والتفسخ في بلد من البلدان؛ مرضت القلوب، وفسدت الأخلاق، وازداد السعار الجنسي، وانتشرت جرائم الزنا والاغتصاب وأنواع الشذوذ.
 
وإذا أوصدت أبواب الفتنة والشر والفساد، وفصل النساء عن الرجال؛ صلحت القلوب، واستقامت الأخلاق، وانتشر في الناس الطهر والعفاف، والواقع يشهد لتلك الحقائق.
 
إن اختلاط النساء بالرجال هو البوابة التي ما فتحتها أمة من الأمم إلا ولجت إليها الجرائم الأخلاقية، وانتشر فيها الشذوذ الجنسي، وصارت عرضة للطاعون والأوبئة الفتاكة.

إن الاختلاط يفتح أنواعا من البلاء والشرور على الناس؛ فحياء المرأة الذي لا زينة لها إلا به يضعف شيئا شيئا كلما اقتربت من الرجال، وعاملتهم وخالطتهم.. تكلم الواحد منهم وتضاحكه وتمازحه أشد مما تفعل ذات المحرم مع محارمها، وما كانت بجاحتها وجرأتها إلا بسبب قلة حيائها.
 
والمرأة تعتني بحجابها لئلا يراها من لا يحل لهم رؤيتها من الرجال، فإذا كانت تقيم الساعات الطوال أمامهم، وتعايشهم في أماكنهم ومقرات أعمالهم فإنها تتخفف من حجابها الشيء بعد الشيء لأنها ألفتهم، ولا تراهم في منزلة من لا تعرفهم من الرجال، ومع كثرة المخالطة لا ترى حرجا في إلقاء حجابها أمامهم بحجة الزمالة، وقدم المعرفة، وثقتها بأخلاقهم، وغير ذلك من الحجج الواهية التي يزينها الشيطان لها، وتعصي بها ربها الذي أمرها بالحجاب ﴿ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ﴾ [النور: 31].
 
والمرأة تعتني أبدا بزينتها، ويهمها شكلها ومظهرها، وتضعف أمام المادحين لها، فإذا اختلطت بالرجال أبدت لهم ما يثنون به عليها، وتنافست هي وزميلاتها في هذا المجال، حتى يخيل لبعض من يراهن أنهن في دور عروض الأزياء، من كثرة أصباغهن، وعري ملابسهن، فيخالفن أمر الله تعالى ﴿ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ﴾ [النور: 31].
 
ولضعف المرأة أمام عواطفها فقد تعلق في مجال عملها برجل لجمال خلقته، أو حسن معاملته، أو قوة نفوذه، وهو لا يحل لها لأنها ذات زوج، أو لا تستطيع الوصول إليه، فتكون بين نارين: إما أن تشبع عواطفها ورغباتها بما حرم الله تعالى عليها، أو تكبت مشاعرها فتشقى بها.
 
ولا تسلم المرأة العاملة في مجالات مختلطة من الخلوة بزميل أو مدير لأي ظرف كان؛ فتقع بذلك في مخالفة النبي صل الله عليه وسلم وقد قال (لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم).

وأخطر ما في الاختلاط ما تتعرض له المرأة من الإغراء والإغواء، والمراودة والابتزاز، وقد يصل ذلك إلى التحرش والاعتداء بالقول أو بالفعل من زملائها أو أساتذتها أو رؤسائها، ولا سيما إذا كانت درجاتها وترقياتها بأيديهم، ولا دين يردعهم، ولا خلق يمنعهم، وفي الدول التي سبقت في الاختلاط، وزاحمت المرأة فيها الرجال تكثر الفضائح والمشكلات بين العاملين والعاملات، والطلاب والطالبات. حتى وصلت نسبة الاعتداءات والتحرشات إلى تسعين في المئة في بعض البلاد الغربية. وكم من فتاة عفيفة تركت دراستها، أو غيرت تخصصها، أو نقلت وظيفتها؛ لما تلقاه من ابتزاز في عرضها وعفافها؟!
 
والاختلاط سبب للعزوف عن الزواج؛ لأن الرجل إذا قدر على إرواء غريزته بغير زواج ولا نفقة ولا بيت ولا مسئوليات فلماذا إذا يتزوج؟! وعزوف الشباب عن الزواج في المجتمعات المختلطة من أبين الدلائل على ذلك، وفي البلاد الغربية أرقام مخيفة في ذلك.
 
والاختلاط من أكبر أسباب الخيانات الزوجية، وهو يوقد نار الخصام والجدال بين الزوجين؛ فلا الرجل يقنع بزوجته وهو في كل صباح يجالس الجميلات ويمازحهن، ولا المرأة تقنع بزوجها وهي ترى من زملائها من هم أجمل خلقة، وأرقى تعاملا من زوجها.
 
والاختلاط سبب لكساد المرأة، وعزوف الرجال عنها، وعدم رغبتهم فيها؛ لأن غيرتهم تمنعهم من قبول امرأة تعامل الرجال وتحادثهم وتجالسهم، فالرجل السوي يريدها له وحده ولا يريد أن يشاركه فيها أحد. وعزوف الشباب عن الزواج بالعاملات في المجالات الطبية المختلطة دليل على ذلك.
 
والاختلاط سبب لانشغال كل جنس بالآخر عن العمل أو الدراسة؛ فهو أبدا يفكر فيه، ويكرس عقله وجهده في كيفية الوصول إليه، وقد أثبتت كثير من الدراسات الحديثة أن من أهم أسباب ضعف التحصيل الدراسي في المدارس المختلطة انشغال كل جنس بالجنس الآخر.يقول أحد الأطباء الغربيين: عندما تتحرك الغريزة الجنسية لدى الإنسان تفرز بعض الغدد هرمونات تتسرب في الدم إلى أن تصل إلى الدماغ فتخدره فلا يصبح قادراً على التفكير والتركيز الصافي.
 
والغرائز الجنسية تتحرك بشكل أكبر حين يجتمع الرجال بالنساء في مكان واحد.

فعلم بذلك أن الاختلاط داء وبيل، وشر مستطير، لا يفتح على أمة من الأمم إلا أصاب دينها وأخلاقها في مقتل، وكان سببا لانتشار الرذائل والفواحش التي تنتج أولاد الحرام، وتسبب كثرة الإجهاض، وتنشر الطواعين والأمراض، وتفكك روابط الأسر، وتوجد الشكوك بين الزوجين.
 
والمفسدون في الأرض من المنافقين والشهوانيين يسعون جهدهم في توسيع مجالات الاختلاط في بلادنا؛ فبعد أن فرضوه واقعا في كليات الطب والمستشفيات والمراكز الصحية، ثم في البنوك وكثير من الشركات والمؤسسات؛ يريدون توسيعه في مجالات أخرى، ويعقدون المؤتمرات والمنتديات المختلطة لا لشيء إلا لتكريس هذه الصورة المنحرفة في أذهان الناس، والتقرب إلى الدول المستكبرة بالجهر بمعصية الله تعالى، وتعدي حدوده، وانتهاك حرماته. وود المفسدون في الأرض لو اجتاحت حمى الاختلاط كل المجالات حتى تصل إلى المدارس والجامعات!! وما يصيحون به في صحفهم وفضائياتهم يشي بما في نفوسهم نحو البلاد والعباد من محاولة الفساد والإفساد، وفرض المناهج الغربية المنحرفة على المجتمع، وقسر الناس عليها بالقوة والإرهاب، ولن يستكينوا أو يتوقفوا عن فسادهم وإفسادهم حتى يروا الحرائر العفيفات يبذلن أعراضهن بالمجان وبأبخس الأثمان.
 
ومن حق الناس أن يغاروا على نسائهم وبناتهم، وأن يقفوا في وجوههم، وينكروا على المفسدين خطواتهم المستفزة التي هي من خطوات الشيطان، ولا سيما أنهم في كل يوم يأتون بقارعة جديدة، ويجسون نبض الناس بخطوة يقدمون عليها في باب الاختلاط.
 
فإذا لم ينكر الناس عليهم كل منكر في حينه تقدموا خطوة أخرى، وهكذا.. حتى يصلوا إلى مرادهم من إفساد البلاد والعباد، وخلط النساء بالرجال.
 
رد الله تعالى عليهم كيدهم ومكرهم، وحفظ العباد والبلاد من إفكهم وشرهم إنه سميع قريب.
 
أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم....

الخطبة الثانية

الحمد لله حمد الشاكرين، ونستغفره استغفار المذنبين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صل الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.


أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].



أيها المسلمون: يرى المتبصر أن العالم بشرقه وغربه قد تجرع الآم الاختلاط ومفاسده، وأثبتت الدراسات تلو الدراسات أن عزل النساء عن الرجال، والطلاب عن الطالبات، خير للنساء وللرجال وللمجتمع بأسره، ونادى كثير من الباحثين والباحثات في الدول التي شرعت للاختلاط، نادوا بعزل النساء عن الرجال، وقام بعض الزعماء وأصحاب القرار في البلاد الغربية بخطوات عملية في هذا السبيل، إلا أن كثيرا من بني قومنا لا زالوا متخلفين، يعيشون بعقليات ما قبل مئة سنة من الآن، حين اجتاحت موجات الاختلاط كثيرا من الدول، وقامت كثير من الحركات التحررية النسوية بالمطالبة به وتشريعه، ولما بانت لهم أضراره بعد قرن رجع كثير من مفكريهم إلى مقاومته، والمطالبة بإلغائه، وتغير العالم ولم يتغير بنو قومنا، فهم أحق بوصف التخلف والرجعية من غيرهم.




لقد افترى المنافقون والشهوانيون فرية صدقوها ثم نشروها فانطلت على بعض الناس، وهذه الفرية هي قولهم: إن عزل الرجال عن النساء سبَّبَ سُعارا جنسيا في المجتمعات المنغلقة فأصبح الرجل لا يرى في المرأة إلا المعاني الجنسية، بخلاف المجتمعات المنفتحة المتحررة التي يختلط فيها الرجال بالنساء، وتتعرى النساء كما يحلو لهن، وتصاحب المرأة فيها من تشاء لا يوجد فيها هذا السُعَارُ لأن الرجل قد تعود على المرأة وألفها. هكذا يقولون!!

والسؤال هنا: إذا كان الأمر كما يقول المفترون فلماذا يكثر اغتصاب النساء بل الأطفال في المجتمعات المنحلة؟! أليس الوصول إلى المرأة سهلا؛ فالبغايا يملأن الحانات والخمارات، وينتظرن زبائنهن على نواصي الطرقات؟!




أليس الحصول على المتعة في بلادهم أسهل من شراء الخبز؟! فما على الرجل إلا أن يصادق من تعجبه فيأخذ منها ما يريد!! إذا فلماذا يكثر الاغتصاب في بلادهم؟! حتى إن الواحدة من نسائهم لا تخلو حقيبة يدها من سلاح تدافع به عن نفسها، وترد عدوان المعتدين عليها، ولماذا تظهر الفضائح تلو الفضائح للسياسيين وأصحاب النفوذ في بلادهم بتحرشاتهم بنساء يعملن عندهم، أو يتدربن في مكاتبهم؟!




بل لماذا يكثر الشذوذ والزواج المثلي وأنواع التقليعات الجنسية التي تأبها الحيوانات ويرضاها بشرهم؟ أليسوا غير معقدين ولا مكبوتين جنسيا كما يقول بنو قومنا، ومن قرأ أرقام الاغتصاب والشذوذ علم أن مجتمعاتهم تسير إلى الهاوية، وسبب ذلك هو الاختلاط، ولو قال المنافقون والشهوانيون غير ذلك. وكل الدراسات الاجتماعية، والإحصاءات الجادة في كل البلاد التي ينتشر فيها الاختلاط سواء كانت بلادا غربية أم شرقية، وسواء كانت بلادا مسلمة أم غير مسلمة تجمع على حقيقة مفادها: أن خلط الرجال بالنساء شر على الرجال والنساء والمجتمع بأسره، ويخلف كثيرا من المشكلات والأمراض الجنسية والاجتماعية التي تستعصي على العلاج.



فمتى يترك الكذابون كذبهم، ويتوقفوا عن افترائهم، ويقلعوا عن إفسادهم، ويقفوا موقف صدق مع أنفسهم، ونصح لمجتمعهم وأمتهم فيسألوا أنفسهم: لماذا ينشرون الفساد والاختلاط في بلاد حفظت منه طيلة العقود الماضية، وقد غرقت أكثر البلدان في مصيبته، وتجرعت مرارته، ورأى القريب والبعيد ما خلفه الاختلاط فيها من آثار سلبية، ومشكلات كثيرة مستعصية؟ ولم يعد ذلك خافيا على أحد فهل هم ناصحون غافلون؟ أم فاسدون مفسدون؟ أم تراهم أجراء حاقدون على مجتمعاتهم، لهم مهمة محددة في إفساد البلاد والعباد بأجر يقبضونه من منظمات مشبوهة، ودول متنفذة طامعة في المنطقة، لها مشاريعها وخططها؟!




وإلى متى يقف العقلاء والحكماء والصالحون، وأولو النصح لبلادهم وولاتهم، وأهل الغيرة على نسائهم وبناتهم، إلى متى يقفون مواقف المتفرجين السلبيين، الذين يتربصون وينتظرون حتى تحل القوارع بمجتمعاتهم، ويتمكن أهل الفساد والإفساد من بيوتهم ونسائهم؟! فلا هم ينكرون عليهم، ولا يناصحونهم، ولا يحولون بينهم وبين إفسادهم، ولا يبينون للناس خطر الاختلاط وقد فتك بكثير من الدول التي انتشر فيها.




ألا فاتقوا الله ربكم، وانصحوا لولاتكم، وأخلصوا لمجتمعاتكم، وخذوا على أيدي المفسدين منكم، وقفوا دون إفسادهم لنسائكم وبناتكم، وأطروهم على الحق أطرا، واعلموا أن السفينة إذا خُرقت غرق كل من كان فيها.
وصلوا وسلموا على نبيكم كما أمركم بذلك ربكم...
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75822
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 فتنة النساء  Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتنة النساء     فتنة النساء  Emptyالأحد 29 أكتوبر 2017, 9:00 pm

اختلاط النساء بالرجال (3)

الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل




آراء العقلاء ودراسات المختصين



الحمد لله العليم الحكيم؛ أتقن كل شيء خلقه، ورحم عباده في حُكمه وشرعه، له الحكمة الباهرة في قضائه وقدره، وله الحجة البالغة في أمره وشرعه ﴿ أَفَحُكْمَ الجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ الله حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ [المائدة: 50] نحمده حمد الشاكرين، ونستغفره استغفار المذنبين، ونسأله من فضله العظيم، فهو الجواد الكريم، البر الرحيم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، رب العالمين، وخالق الخلق أجمعين ﴿ ذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾ [الأنعام: 102] وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ لا خير إلا دلنا عليه، ولا شر إلا حذرنا منه، تركنا على بيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، صل الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، فإن تقواه وطاعته سبب لصلاح أمور العباد في الدنيا والآخرة ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70-71].

أيها الناس: شريعة الله تعالى جاءت بكل خير، ومنعت من كل شر، فهي الصلاح والرشاد للناس في العاجل والآجل، بلغها النبيون عن ربهم، واستنكف عنها المجرمون من البشر، وحاربوا أتباعها والدعاة إليها، وزينوا للناس كل طريق تخرج الناس من دينهم، وتصدهم عن شريعة ربهم.

ومن حكمة الله تعالى ورحمته بعباده أنه حرَّم الزنا ونهى العباد عنه؛ لما ينطوي عليه من المفاسد، ويؤدي إليه من الهلاك ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ﴾ [الإسراء: 32] وأخبر النبي صل الله عليه وسلم أن المرأة أعظم ما يفتن الرجل فقال عليه الصلاة والسلام: ((ما تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً هِيَ أَضَرُّ على الرِّجَالِ من النِّسَاءِ)) رواه مسلم.

ومن رحمة الله تعالى بعباده أنه لما جعل في كل من الرجل والمرأة ميلا إلى الآخر نظم العلاقة بينهما بما يحقق المصلحة، ويروي الشهوة، ويحافظ على النسل، ويصون العرض، ويدرأ الشر، فرغب في النكاح وحض عليه ﴿ فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ﴾ [النساء: 3] وأمر سبحانه وتعالى بالعفاف من لا يجد مؤنة النكاح ﴿ وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ ﴾ [النور: 33] وقال النبي صل الله عليه وسلم: ((من اسْتَطَاعَ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فإنه أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لم يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فإنه له وِجَاءٌ)) متفق عليه.

ثم أوصد الشارع الحكيم تبارك وتعالى كل طريق يؤدي إلى وقوع الفاحشة أو مقدماتها فحرم خلوة الرجل بالأجنبية عنه، ومنع من سفر المرأة بلا محرم، وأمر النساء بالحشمة والستر والحياء والعفاف، ونهى عن اختلاط النساء بالرجال؛ لما فيه من الفساد والانحلال؛ ولما يخلفه من ذهاب الأخلاق وقلة الحياء؛ ولأنه سبب في وقوع الفواحش ونشرها.

والأدلة على تحريم خلط النساء بالرجال تظاهرت بها نصوص الكتاب والسنة، وأجمع عقلاء البشر على ما يخلفه الاختلاط من مفاسد وكوارث دينية وأخلاقية واجتماعية وصحية واقتصادية، ولم يمار في ذلك إلا جاهل أو مكابر.

وقد اتجه جمع من الباحثين في الدول التي شرَّعت للاختلاط بعد عقود من تجربته لدراسة آثاره ونتائجه فأجمعت دراساتهم وإحصائياتهم على أن ضرره أعظم من نفعه، وأن المنافع التي توهمها من شرعوا للاختلاط خلفت من الأضرار الدينية والأخلاقية والاجتماعية والنفسية والاقتصادية ما لا يحصى.

ومن ذلك: أن معهد أبحاث علم النفس الاجتماعي في مدينة بون بألمانيا أجرى دراسة على المدارس المختلطة وغير المختلطة فتبين: أن تلاميذ وتلميذات المدارس المختلطة لا يتمتعون بقدرات إبداعية، وهم محدودو المواهب، قليلو الهوايات، وأنه على العكس من ذلك تبرز محاولات الإبداع واضحة بين تلاميذ مدارس الجنس الواحد غير المختلطة.

وفي تجربة أخرى تم فصل البنين عن البنات في الدراسة، فحقق الجميع نتائج أفضل في شهادة الثانوية العامة وأثبتت التجربة: أن عدد البنين الذين نالوا درجات مرتفعة تزايد أربع مرات على ما كان سيكون عليه الحال لو أن الفصل الدراسي كان مختلطا.

وفي دراسة أخرى بمعهد كيل بألمانيا تبين بعد الفصل بين الطلاب والطالبات أن البنات كن أكثر انتباها، ودرجاتهن أفضل كثيرا قبل فصلهن عن الطلاب.

وعلى إثر ذلك ذكرت الدكتورة كاولس شوستر خبيرة التربية الألمانية: أن توحد نوع الجنس في المدارس بحيث يكون البنين في مدارس البنين، والبنات في مدارس البنات يؤدي إلى استعلاء روح المنافسة بين التلاميذ، أما الاختلاط فيلغي هذا الدافع.

وهذه الدراسات المتعددة صدرت في ألمانيا وهي بلد نصراني علماني، ولم تصدر عن مسلمين حتى يقال إنهم منحازون للقيم الإسلامية، بل صدرت عن متخصصين يعنيهم الشأن الألماني أولا وأخيرا.
 
وفي مقام آخر أوفدت وزارة التربية السورية مهتما بشأن التعليم والتربية إلى بلجيكا في رحلة علمية زار فيها المدارس البلجيكية، وفي إحدى الزيارات لمدرسة ابتدائية للبنات سأل المديرة: لماذا لا تخلطون البنين مع البنات في هذه المرحلة؟ فأجابته: قد لمسنا أضرار اختلاط الأطفال حتى في سن المرحلة الابتدائية.

وفي أمريكا نشر الموقع الإخباري الأمريكي (سي إن إن) قبل سنتين خبرا تحت عنوان: (الطلاب الأمريكيون في الصفوف المختلطة يحصلون على علامات متدنية) وذكر فيه: أن إدارة الرئيس قد منحت مديري المدارس العامة في البلاد حق فصل الصفوف بين الجنسين حسب ما يرونه من المصلحة التربوية للطلاب والطالبات، وهذا يعد أكبر تعديل يطال النظام التربوي في أمريكا منذ عقود كثيرة.

واستندت الدوائر التربوية الأمريكية في موقفها هذا على تقارير إحصائية أثبتت حصول الطلاب في الصفوف غير المختلطة على علامات أعلى من نظرائهم في الصفوف المختلطة، خاصة في مادتي الرياضيات واللغات الأجنبية.

هذا؛ وقد اشتهر ابتزاز الضباط والجنود في الجيوش المختلطة للمجندات والعاملات في الجيش، وأُجري أكثر من تحقيق في اغتصابهن والتحرش الجنسي بهن، وإكراههن على ما يريده رؤساؤهن منهن، وسبب ذلك هو الاختلاط.

وكشف تقرير صحفي لجريدة (نيويورك تايمز) أن الجيش الأمريكي يواجه اتهامات كثيفة تتعلق بتحرشات جنسية، واعتداءات جنسية بحق مجندات أمريكيات من جانب زملاء لهن وخاصة في العراق والكويت و أفغانستان، كما تشير إحصاءات صادرة في إسرائيل إلى ارتفاع حاد في ظاهرة تحرش الجنود بزميلاتهم المجندات.

ولكثرة الشكاية من التحرشات الجنسية في وسائل المواصلات المختلطة عمدت بعض الدول الوثنية إلى تخصيص عربات خاصة للنساء في بعض القطارات.

وفي دراسة تربوية لبنانية تَبَين نتيجةً للاختلاط بين الطلاب والطالبات في المدارس والجامعات: أن الطالبة في المدرسة والجامعة لا تفكر إلا بعواطفها والوسائل التي تتجاوب بها مع هذه العاطفة... وأن أكثر من ستين في المائة من الطالبات سقطن في الامتحانات، وتعود أسباب الفشل إلى أنهن يفكرن في عواطفهن أكثر من دروسهن وحتى مستقبلهن.

وأشار تقرير حكومي ياباني إلى ارتفاع واضح في قضايا التحرش الجنسي بالنساء العاملات وصل إلى خمسة وأربعين في المائة، ونفس النسبة ثبتت في دراسة ميدانية في مصر على النساء العاملات، وهي نسبة تقارب النصف، أي: ما يقارب من نصف العاملات في أجواء مختلطة يتعرضن لمضايقات وتحرشات جنسية، وربما وصل الأمر إلى التهديد أو الاغتصاب.

وهناك مئات التقارير والدراسات تثبت أضرار الاختلاط ومآسيه في الغرب والشرق، والبلاد الإسلامية وغير الإسلامية، وبعد تجربة مريرة عانى النساء من آثارها معاناة شديدة يعود العالم من جديد إلى اكتشاف أن الاختلاط شر وبلاء على الرجال والنساء، وهو ما نهت عنه شريعة الله تعالى، فالحمد لله الذي هدانا لها وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، ونسأله تعالى أن يثبتنا عليها إلى الممات.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا ﴾ [النساء: 125].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.
 

الخطبة الثانية
الحمد لله حمدا طيبا كثيرا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صل الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى الله ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 281].

أيها المسلمون: من نظر إلى البحوث الأكاديمية والإحصائية، والدراسات المتخصصة الجادة فيما يتعلق بمشكلة خلط الفتيات بالفتيان في المدارس والجامعات، وخلط النساء بالرجال في الوظائف والمهن والأعمال وصل إلى ما قررته الشريعة الغراء من لزوم فصل الفتيات عن الفتيان، وإبعاد الرجال عن النساء، وإلا كانت المصائب والمشكلات.

وأكثر هذه البحوث والدراسات والإحصاءات صدرت في دول علمانية نصرانية سبقت العالم في الاختلاط، وجربته عقودا متتابعة، ثم صدرت بحوث أخرى في بلاد عربية وأخرى شرقية أثبتت بجلاء ووضوح أن منع الاختلاط خير للنساء والرجال والمجتمع بأسره.

ولكننا قد ابتلينا بصحفيين وإعلاميين لا ندري ما هم؟ ولا كيف يفكرون؟ ولا ماذا يريدون؟
لا يحفلون بشرع الله تعالى، ولا يرفعون به رأسا، ولا يرضون به حكما حتى نحتكم وإياهم في قضية الاختلاط إلى الشريعة التي ارتضاها لنا ربنا، وأمرنا بها!

وليسوا من عقلاء البشر حتى نحتكم وإياهم إلى بدائه العقل ومسلماته.

وليسوا من أهل الدراسات والبحوث والإحصاء حتى نعرض قضايا الاختلاف بيننا وبينهم على تلك الدراسات والبحوث والإحصاءات.

إنهم جهلة في تعليمهم، متخلفون في تفكيرهم، لم يتجاوز كثير منهم في تعليمه الأكاديمي الشهادة المتوسطة بسبب ضياعهم في الأندية والشوارع والأرصفة، ولا حظَّ لهم من تجربة وخبرة، وليس لديهم أثارة من علم ولا معرفة، ولم يكونوا من أهل القراءة والثقافة، غاية معرفتهم تتبع أخبار المغنيات والراقصات والممثلات في الملاحق الفنية والرياضية للصحف والمجلات.

ثم فجأة أُبرزوا للناس في هيئة خبراء ومفكرين ومثقفين، يلوكون كلاما لا يدركون أبعاده ولوازمه، ويستعملون ألفاظا ومصطلحات لا يفقهون أكثرها، وقد أُذِن لهم وربما شُجعوا على أن يخوضوا في القضايا الكبرى للأمة، وأن يردوا شرع الله تعالى بمحض أهوائهم وشهواتهم، وأن يناكفوا بهذيانٍ كهذيانِ البُلْه والمجانين كبار علماء الشريعة، والمختصين في علوم النفس والاجتماع والحضارة، لا زمام لمقولاتهم ولا خطام، ولا تستند إلى قواعد حتى يحاكمها عقلاء البشر إلى تلك القواعد؛ لنقص عقولهم ومعارفهم، ومرض قلوبهم ونفسياتهم، وحَقُ كثير منهم أن يُحجر عليهم في المصحات العقلية والنفسية للعلاج، لا أن يسودوا في الصحف والمجلات والفضائيات.

ومعهم لفيفٌ من العجائز الليبراليات المتشببات يردن إفساد بنات المسلمين باسم الإصلاح وانتزاع حقوق المرأة من المجتمع، وهن فاشلات في حياتهن، قد امتلأن بالعُقَد النفسية واليأس والإحباط بسبب عنوستهن فلا يرضاهن عقلاء الرجال زوجات لهم، والمتزوجات منهن فشلن في حياتهن الأسرية فأكثرهن مطلقات، ومع ذلك يزعمن أنهن مصلحات، فإنْ كان هؤلاء الشمط المتصابيات قد فشلن في إصلاح أحوالهن، والمحافظة على أزواجهن وبيوتهن فكيف يُصلحن غيرهن؟! ما أعرضها من دعوى!!

ولن يعطي المرأة حقوقها، ويضعها في مكانها اللائق بها إلا من خلقها ﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ ﴾ [الملك: 14] فمن عارض شريعته ضُرِب بكلامه عرض الحائط كائنا من كان، ووجب الأخذ على يده، ورده عن غيه وإفساده.

وإن من الواجب على عموم المسلمين أن يواجهوا الحملات المنظمة لإفساد المرأة والأسرة، وأن يدفعوا المحاولات المكرورة لتوسيع مجالات الاختلاط والفساد، وأن يسعوا في ردع المفسدين والمفسدات؛ ديانة لله تعالى في إنكار منكرهم، وصيانة لأعراضهم، وحفظا لنسائهم وبناتهم؛ فإن البلدان التي سبقت إلى الاختلاط يعاني نساؤها مشكلات تلو مشكلات، فإن استطاع المفسدون نشر الاختلاط وتعميمه أصابنا ما أصاب غيرنا، ولن يوقفهم عن غيهم إلا وقوفكم عباد الله في وجوههم، وفضح مخططاتهم، وبيان عوارهم، وكشف زيفهم، بالاحتساب عليهم، ونشر ما صدر من دراسات وإحصاءات تثبت ضرر الاختلاط، وذلك مسئولية الجميع، ولا يختص بأحد دون أحد؛ فإن الفساد إن انتشر عمَّ ضرره الجميع ﴿ يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 27].

وصلوا وسلموا على نبيكم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75822
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 فتنة النساء  Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتنة النساء     فتنة النساء  Emptyالأحد 29 أكتوبر 2017, 9:02 pm

الاختلاط عندما يكون منهجيا منظما

إبراهيم الأزرق







سمعتُ قبل مدة امرأةً تسأل أحدَ الذين تصدَّروا للفتوى في بعض الفضائيات - ولا أعدُّه مِن أهل الجهل - كانت المرأة مِن بلد عربي لم يُعرف نظامُه بالمحافظة، زعمَت المرأةُ أنها محجبة ولكن في غير وجهها، ثم قالت: حصلتُ على وظيفة في محلِّ عملٍ مختلط؛ يعمل في المكتب معها رجُلان وهي ثالثتُهما، إلَّا أنها في بعض الأحيان قد تدخُل على المدير في مكتبه بمفردها... فما الحُكم الشرعي في عملها هذا؟
 
وهذا السؤال له أشباهٌ تُطرح كثيرًا على الهواء.. وكثير مِن مُفتي الفضائيات - فيما يبدو - يَسْتَحُون مِن إحراج السُّؤال؛ فيلتمسون مخارج ضيِّقة مؤذية، وتخريجات وعرة خطرة وهم لا يشعرون، وبعضُهم ربما لَمَسْت منه خوفًا مِن الظهور أمام الشاشات بغير وجهٍ عصريٍّ مُنفتِح، إذ لا طاقة لِكثيرٍ منهم بمُخالفة ما أنكره الناسُ مِن المعروف، فلا غَرْوَ أن يلتمس أحدُهم المخارجَ للسائل أو السائلة! وإن كانت ضيقة لا تمرِّر شعرة! متكلفة باردة ساذجة! ولو استحيَى هؤلاء المَفتونون مِن ربهم الذي يُوَقِّعون عنه، واحتاطوا لدينهم وأديان الناس لكان خيرًا لهم، وأشدَّ تثبيتًا للأمَّة على الشريعة.
 
إن مِن الفِقه صيانةَ مَن نُراعي عن حِمى المشتبهات، ولا سيما إنْ عُلم مِن واقع الناس أن التوسع فيها بابٌ عريض لِشَرٍّ عظيم... والاختلاط اليوم؛ أعني: الاختلاط الشائع في المجتمعات، الاختلاط المطلق عن قيود الشرع أو بعضها، لا الاختلاط الذي تدعو إليه الحاجة، المنضبط بضوابط الشريعة، قد علم المنصِفون الذين يُعايشون واقعَه أنه ذريعة شرٍّ غالبة، وحوادث الجامعات المختلطة التي يَندى لها الجبين لا ينكرها إلَّا جاهل أو مُعاند.. وكذا غيرها[1].
 
قبل أيام قلائل زارني أحدُ المشايخ الأفاضل مِن أكابر المتصدِّرين للفتوى في بلد إسلامي أكثر محافظة من غيره، ولا تزال في رجاله بقية أخلاق، غير أن تلك البلاد لم تَسلم مِن آفة الاختلاط في التعليم، فأثار الشيخ في المجلس مسألة العقد على الحامل مِن زنا! فعجب بعض الحاضرين، فقال الشيخ: في الآونة الأخيرة قل أسبوع إلَّا وتَرِدُ عليه حالة حمْل مِن سِفاح يَجهد الأهلون في الستر عن مُقارفيها بالزواج! وجُلُّها جرَّاء الخلطة في نحو تلك الجامعات، و﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ ﴾!
 
ومفاسد الاختلاط المعاشة، لا تتسع لها هذه المقالة.. وعودًا إلى مفتي الفضائية.. ما كان منه إلَّا أن قال للسائلة عن العمل المذكور ما حاصله:
أولًا: الاختلاط ليس محرَّمًا مِن حيث الأصل، فقد عُهد وكان في عصور الصحابة فمَن بَعدهم على مرِّ تاريخ الإسلام، في المساجد، والأسواق وغيرها، لكن الإشكال في ممارسات ربما وجدت معه.
ثانيًا: بما أنه يُوجد في المكتب الذي وصفته موظفان فليست ثمة خلوة محرمة.
 
وحول تقرير هذه المعاني دندن مغفلًا أو متغافلًا غرفة المدير الواسعة! التي يقتضي عملُ المرأة دخولَها بمفردها! وكان حقًا عليه أن يغفلها فقد علِم أن لا مَخرج للمسكينة منها فالخلوة محرمة بالنص والإجماع[2].
 
وقد وقع هذا المسؤول في ضربٍ مِن اللبْس، وقارَف نوعًا مِن التلبيس - أحسبه بحُسن قصد - في جوابه عجيب! وذلك في جُزأي القضية التي بنَى عليهما حُكمه بصرف النظر عن المحرَّم الظاهر الذي تجاهله؛ أعني الخلوة؛ فقد جعل اختلاط الرجال بالنساء غيرَ محرَّم في الأصل بدعوَى إقراره في عهد النبوة والقرآن يتنـزَّل، وهذا فِقه قاصر التبَس على صاحبه حُكم الاختلاط المطلق غير المقيَّد بضابط الشرع، والاختلاط المقيَّد المنضبط، فاستَدلَّ لِحَلٍّ للاختلاط دون تقييد بواقع إما مقرٌّ؛ وهو المقيَّد المنضبط بضوابط الشرع، وإما محرَّم؛ غير مقرٍّ لا حجة فيه.
 
فالنساء في العصر الأول إنما كُنَّ يخرجن للضروريات التي لا بدَّ منها، وكذلك للحاجات الشرعية كالجماعات المشروعة ونحوها، أو الدنيوية كالسقي والاحتطاب وغيرهما، وخروج النساء إنما أبيح للحاجة بضوابط، وإلَّا فالأصل في الصالحات القانتات التزامُهن أمْرَ ربِّهن: ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ﴾ [الأحزاب: 33]، وقد استدل أهل العلم بهذه الآية على نهي النساء عن الخروج إلَّا لضرورة[3] أو حاجة، وقد نهى رسولُ الله صل الله عليه وسلم عن الدخول على النساء، وذلك ثابت في الصحيحين، ولا يمنع الدخول عليهن ويأذن في خروجهن بغير ضابط! فالأصل المقرَّر في حق المرأة القرارُ في البيت، وترْك الخروج إلَّا لحاجة، بضوابط شرعية، لا حل الاختلاط للنساء بالرجال أو العكس، وعلى أصل القرار كان شأن النساء في العهد الأول، ثم كان خروجهن للحاجات مشروعًا خلافًا للأصل بقيود تحقق مقصود الأصل، فمَن استدل بذلك الواقع المقيد بالحاجة والضوابط كالمحرم، أو مَن يقوم مقامه مع الستر والحشمة ومنع الخلوة وترك الزينة حال كونها تفلةً، مَن استدل بذلك الواقع المقر على جواز الاختلاط دون أن يقيده بها، فهو كمَن سُئل عن شراب عنب مَكَثَ شهرًا في وعاء جَرٍّ! فقال مُجيبًا: عصير العنب أصله حلال! فعمرك الله كم عقلًا أذهبتْ، وامرءًا أسكرتْ فتْواه!
 
وهذه السائلة سوف تمكث أشهرًا كل يوم تُقابل ذينك الرجُلين تسلِّم أو يسلِّمان، ينظران إليها وتنظر إليهما، يحادثانها في العمل – وربما غيره - وتُحادثهما، يُساعدانها وتُساعدهما، قد يغيب أحدهم فينفرد بها الآخر! وقد يخرج أحدهما فتبقى مع الثاني!! وقد يجاز أحدُهم شهرًا فأين تذهب؟ ثم تدخل على المدير لا لتلقي أوراقًا على وجهه أو طاولته ثم تغادر!! فعمرك الله! لو حصل لطالب عِلم اشتباه فلم يميِّز بين الاختلاط المُطلق وبين ما ساغ لحاجة مقيدًا بضوابط تؤمَن معها الفتنة، فهل تشتبه مثل هذه الحال المسؤول عنها على مَن تفقَّه ونظر ثم فكر وقدر؟!
 
إن مَن لم يفرق بين هذا الضرب مِن الاختلاط وبين ما يراه اختلاطًا في العهد الأول، حريٌّ به أن يُراجع نفسه، وإلَّا فلا يلومنَّ مَن اتَّهمَه في عقله، أو دَبَجَ المَراثيَ في نعْي فهمه! وهكذا مَن لم يفرق بين الاختلاط غير المنضبط بقيد الشرع أو بعض قيده، ثم هو مع ذك مُمنهَج مُتكرِّر... وبين خلطة عابرة اقتضتْها حاجة مُعتبَرة، مع التزام الرجال والنساء فيها بحدود الشريعة...
 
غير أن ثمَّة أمرًا لا بد مِن التفطُّن إليه والتنبيه عليه، وهو أن كثيرًا مِن الناس إذا ذكرت له مفاسِد الاختلاطِ والمحرماتِ التي يُؤدِّي إليها، لا يتبادر إلى ذِهنه غير الفاحشة الممقوتة، ولا شك أن الاختلاط مِن أعظمِ أسبابها بشهادة المنصِفين مِن الغربيِّين، وإحصائيات واقعِهم التي تفنِّد مزاعمَ الجاحدين، ولولا الإطالة لسردتُ بعضَ ذلك، ولِضِيق المقام أكتفي ببعض نصوص علمائنا رحمهم الله وهي وافية بالمقصود.
 
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "واختلاط الرجال بالنساء سببٌ لكثرة الفواحش والزنا"[4].
 
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم: "إن الله تعالى جَبَلَ الرجالَ على القوة والميلِ إلى النساء، وجَبَلَ النساءَ على الميل إلى الرجال مع وُجود ضعفٍ ولِينٍ، فإذا حصل الاختلاط، نشأ عن ذلك آثار تؤدي إلى حصول الغرض السيئ؛ لأن النفوس أمَّارة بالسوء، والهوى يُعمي ويصمُّ، والشيطان يأمر بالفحشاء والمنكر"[5].
 
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله: "فالدعوة إلى نزول المرأة في الميادين التي تخصُّ الرجال أمرٌ خطير على المجتمع الإسلامي، ومِن أعظمِ آثاره: الاختلاط الذي يُعتبر مِن أعظمِ وسائل الزنا الذي يفتك بالمجتمع، ويهدم قيَمَه وأخلاقه"[6].
 
غير أن ما يُغفل عنه هو أن الاختلاط يتضمَّن محاذيرَ أخرى، ومفاسدَ شتَّى، كزنا القلب والعين والأذن واللسان، كما أنه سبيلٌ إلى "مرض القلوب، وخطرات النفوس، وخنوثة الرجال، واسترجال النساء، وزوال الحياء، وتقلُّص العفَّة والحشمة، وانعدام الغيرة"[7]، كما أنه بابٌ لِمفاسد أخلاقية، وأضرار تربوية، وقد يكون عائقًا عن وظائف المرأة وواجباتها الأساسية، وكل واحدة من هذه المفاسد كفيلة بتحريم الاختلاط إذ هو ذريعة غالبة إلى بعضها، وأخطأ مَن ظنَّ أنَّ منْعه سدًا لذريعة الفاحشة الكبرى فحسب، فيرخص فيه إذا ظن انتفاء هذه الريبة، وينسى غيرها مِن الرِّيَب والآثام، والأمر على ما قال شيخ الإسلام: "واعلم أن كثيرًا مِن الناس يسبق إلى ذهنه مِن ذكْر الذنوب: الزنا والسرقة ونحو ذلك، فيستعظم أن كريمًا يفعل ذلك. ولا يعلم هذا المسكين أن أكثر عقلاء بني آدم لا يسرقون، بل لا يزنون حتى في جاهليتهم وكفرهم.."[8] إلخ ما قال رحمه الله.
 
غير أن خطر الاختلاط المنظَّم المُمَنهج يتجاوز هذه المحذورات إلى ما هو أكبر، فالنظرة مثلًا ذريعة محرمة، فإن تكررتْ حتى أُلِفتْ، وغدَا التملِّي في المُحَيَّا والقسمات، وتبادل الأحاديث والابتسامات شأنًا متكررًا معهودًا غير منكر، فما أقرب المنكر الأكبر حينها!
 
إن الميل البشريَّ بين الزوجين؛ الذكر والأنثى مركوز في الفِطَر، يجده كل إنسان سويٍّ، بل كلُّ حيوان بهيم، مع ذلك تكابر شرذمة من أدعياء العقلانية فلا تزال تزعم أن وضع الوقود قرب النار، ليس سببًا من أسباب الانفجار! بل السبب الفصل والإبعاد، فأبعد الله تلك العقول التي تجحد البدهيات، وتجادل في المسلمات الفطرية!
 
"إن الميل الفطري بين الرجل والمرأة ميل عميق في التكوين الحيوي؛ لأن الله قد ناط به امتداد الحياة على هذه الأرض، وتحقيق الخلافة لهذا الإنسان فيها، فهو ميل دائمٌ يسكن فترة ثم يعود، وإثارته في كل حين تزيد من عرامته؛ وتدفع به إلى الإفضاء المادي للحصول على الراحة، فإذا لم يتم هذا تعبت الأعصاب المستثارة"[9].
 
إن "هذا الدِّين لا يريد أن يعرِّض الناس للفتنة ثم يكلِّف أعصابهم عنتًا في المقاومة! فهو دِين وقاية قبل أن يقيم الحدود، ويوقع العقوبات. وهو دِين حماية للضمائر والمشاعر والحواس والجوارح. وربك أعلم بمَن خَلَق ﴿ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ .."[10].
 
"ولأن هذه الفواحش ذاتُ إغراء وجاذبية، كان التعبير: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا ﴾ [الأنعام: 151] للنَّهي عن مجرَّد الاقتراب، سدًا للذرائع، واتقاء للجاذبية التي تضعُف معها الإرادة؛ لذلك حرمت النظرة الثانية - بعد الأولى غير المتعمدة - ولذلك كان الاختلاط ضرورة تُتاح بقدْر الضرورة. ولذلك كان التبرُّج - حتى بالتعطُّر في الطريق - حرامًا، وكانت الحركات المثيرة، والضحكات المثيرة، والإشارات المثيرة، ممنوعة في الحياة الإسلامية النظيفة"[11].
 
لقد مَنع التشريعُ الحكيمُ النظرَ المتعمَّد، وأمَر بصرفه إنْ وقع فجأة، فقد صح عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه أنه قال: "سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجاءة فأمرني أن أصرف بصري"[12]؛ بل قيل لعلي - زوج البتول وناهيك به - : ((يا عليُّ، لا تُتبع النظرةَ النظرةَ؛ فإنما لكَ الأولى وليستْ لك الآخرة))[13]، وفي معناه عدة أحاديث، بل لم يرخص الشارع في الجلوس بالطرقات للرجال إلَّا بشرط إعطاء الطريق حقَّه؛ ومنه غضُّ البصر، ففي الصحيحين مِن حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه؛ أن النبي صل الله عليه وسلم قال: ((إياكم والجلوس بالطرقات))، فقالوا: يا رسول الله، ما لنا مِن مجالسنا بُدٌّ؛ نتحدث فيها. فقال: ((إذ أبيتُم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه))، قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: ((غضُّ البصر، وكفُّ الأذى، وردُّ السلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر))[14]... فالجلوس على الطرقات ممنوع من حيث الأصل إن أطلق مِن القيود الشرعية المنصوص عليها في الآثار النبوية، وإنما رخص فيه بضوابط.
 
فهل يستريب عاقل في النهي عن خلطة ممنهجة منظمة تقتضي الخضوع بالقول في الحديث، وتكرار النظر وإدمانه، وذلك أقلُّ خطرها!
 
لقد أوجبتِ الشريعةُ الفصلَ بضرْب الحجاب بين الرجال والنساء، وقال علَّام الغيوب: ﴿ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ﴾ [الأحزاب: 53]، "فلا يقُل أحدٌ غير َما قال الله، لا يقُل أحدٌ: إن الاختلاط، وإزالة الحجب، والترخص في الحديث، واللقاء، والجلوس، والمشاركة بين الجنسين أطهر للقلوب، وأعف للضمائر، وأعون على تصريف الغريزة المكبوتة، وعلى إشعار الجنسين بالأدب وترقيق المشاعر والسلوك... إلى آخر ما يقوله نَفَرٌ مِن خلْق اللهِ الضعاف المهازيل الجهال المحجوبين. لا يقُل أحدٌ شيئًا مِن هذا؛ والله يقول: ﴿ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ﴾ [الأحزاب: 53]... يقول هذا عن نساء النبي الطاهرات، أمهات المؤمنين، وعن رجال الصدر الأول مِن صحابة رسول الله - صل الله عليه وسلم - ممَّن لا تَتطاول إليهن وإليهم الأعناق، وحين يقول الله قولًا، ويقول خلْق مِن خلْقه قولًا، فالقول لله - سبحانه - وكل قول آخر هراء، لا يردده إلا مَن يجرؤ على القول بأن العبيد الفانين أعلم بالنفس البشرية مِن الخالق الباقي الذي خلَق هؤلاء العبيد!
 
والواقع العملي الملموس يهتف بصدق الله، وكذب المدَّعين غير ما يقوله الله، والتجارب المعروضة اليوم في العالم مصدقة لما نقول، وهي في البلاد التي بلغ الاختلاط الحر فيها أقصاه أظهر في هذا وأقطع مِن كل دليل، وأمريكا أول هذه البلاد التي آتى الاختلاط فيها أبشع الثمار"[15].




[1] ذكرتُ طرفًا من الإحصائيات في كتابي (الاختلاط في التعليم وأثره على التحصيل)، وهو مطبوع فلينظر، وثمة كتاب آخر شرعي يسَّر الله فسحه!
[2] انظر سبل السلام 2/305، والموسوعة الفقهية 19/269.
[3] للاستزادة انظر تفسيرها عند القرطبي 14/178، وابن كثير 3/483، والمدخل لابن الحاج 2/12، وأحكام القرآن للجصاص 3/529، ولابن العربي 3/568 وما بعدها، ونصوصهم على هذا المعنى كثيرة.
[4] الطرق الحكمية، لابن القيم، ص239.
[5] رسالة بعنوان حكم الاختلاط ص3، وانظر مجموع فتواه رحمه الله 10/35.
[6] خطر مشاركة المرأة للرجل في ميدان العمل، وهو من ضمن الفتاوى والمقالات المتنوعة للشيخ 1/419.
[7] حراسة الفضيلة 97-98.
[8] ينظر المستدرك على فتاوى شيخ الإسلام، لمحمد بن عبدالرحمن بن قاسم 1/209.
[9] في ظلال القرآن، تفسير سورة النور: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ... ﴾ الآيات.
[10] المرجع السابق، تفسير سورة الأنعام، قول الله تعالى: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ﴾.
[11] المرجع السابق.
[12] رواه مسلم 3/1699 وغيره.
[13] رواه الحاكم في مستدركه من طريق شريك 2/212 وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.
 
[14] صحيح البخاري 5/2300، ومسلم 3/1675.
[15] في ظلال القرآن، سورة الأحزاب، ﴿ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ﴾ [الأحزاب: 53]، وقد ساق الأستاذ شيئًا من إحصائيات الغربيين في تفسير سورة النساء:28، وقال بعدها: "والإحصاءات بعد ذلك لم أعثر عليها، ولكنها ولا شك مستمرة في الزيادة"، قلت: وقد أصاب، ذكرت طرفًا منها في كتابي عن الاختلاط في التعليم، والآخر عن الاختلاط بين الجنسين وحكْمه في الشريعة.



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75822
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 فتنة النساء  Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتنة النساء     فتنة النساء  Emptyالأحد 29 أكتوبر 2017, 9:04 pm

الاختلاط مفاسد وشبهات

الشيخ إبراهيم بن صالح العجلان



إخوة الإيمان:
لقد جاءتْ شريعةُ الإسلام هدايةً للبَشَر، ورَحْمة بالخلْق، وصيانةً للأخْلاق، وسَعَتْ إلى إيجاد مجتمعٍ محافِظٍ طاهرٍ عفيفٍ، لا تُهاج فيه الشَّهَوات، ولا تُثار فيه النَّزَوات، فحِفْظًا للعِفَّة، وصيانة للكرامة؛ أَمَرَ ربُّ الخلْق أضْعَفَ الخلْقِ ألاَّ يَخْضعْنَ بالقول؛ فيطمع الذي في قلبه مَرَضٌ، وألاَّ يَتَبَرَّجْنَ تبرُّج الجاهلية الأولى، وأنْ يضْربْنَ بِخُمرهنَّ على جُيُوبهنَّ، ولا يُبْدينَ زينتهنَّ إلا لمحارمِهِنَّ.
 
ووَجَّه اللطيفُ الخبير خِطابَه مِن فوق سبْعِ سمواته إلى أزواج النبيِّ وبناته ونساء المؤمنين: ﴿ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ ﴾ [الأحزاب: 59].
 
ونهى أغيرُ الخلْقِ - صل الله عليه وسلم - عن الدخول على النساء، حتى ولو كان أخَا الزَّوج، فقال: ((الحمو الموت))، وأمَرَ بغَضِّ الأبصار، وألا تتبعَ النظرةُ النظرةَ.
 
وحذَّر الناصحُ - صل الله عليه وسلم - أمته كلَّ طريقٍ يؤدِّي إلى الفاحشة، أو مقدِّماتها؛ فحَرَّم الخلْوة بالمرأة الأجنبية، ومَنَعَ مِن سفَر المرأة بلا مَحْرم، ونهى أن تخرجَ المرأةُ مُتَعَطِّرةً مُبدِيةً زينَتَها.
 
وجاءتْ نصوص الشريعة بمعانيها ودلالتها ناهيةً عن الاختلاط؛ سدًّا للذرائع الموصلة للفواحش، وحماية للمُجتمع من الرذائل، كل ذلك ليَبْقى للمجتمعِ عفَّته وطهارته، واستقامة أُسَرِه، وصلاح بيوته؛ لذا اتَّفَقَتْ أقوالُ العلماء وتَكَاثَرَتْ - سلَفًا وخلفًا - على تحريم الاختلاط بين الجِنْسَيْن.
 
هذا حُكْم الله، وهذه شريعةُ الله، مناسبة للخِلْقةِ، مُتلائمة مع الفِطْرة؛ ﴿ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ [المائدة: 50].
 
وها هي حقائقُ الواقع، ودروس الأيام، وتجارب الدول - تُحَدِّثُنا بلسان الحال: أن الاختلاط هو البوابةُ الكبرى التي دَلَفَتْ منها ألوانُ الشرور على المجتمعات.
 
الاختلاطُ - يا أهل الإيمان - بريدٌ إلى السفور، طريقٌ نحو الفُجُور، إذا حلَّ الاختلاطُ في المجتمعاتِ مرضَت القلوبُ، وفسدت الأخلاق، وانْتُزِعَ الحياء، وضعفت القِوامة، وانطفَأَتِ الغَيْرَةُ، وانتشرتِ المُحَرَّماتُ والموبقات، وفشتْ حالات الإغراء والابْتِزَاز.
 
الاختلاط - يا أهل الغَيْرة - عَمَلٌ غير صالح، فيه جنايةٌ على الرجل، وعلى المرأة، وعلى الأسرة، بل والمجتمع بأَسْرِه.
 
عباد الله:
وحين ينطق صوتُ العقل، وتتحدَّث لغةُ الأرقام، فلا تسمع عن الاختلاط إلا صيحات المشفقين، ونُذُر الناصحين، وتحذيرات المجرمين.
 
إنَّ الحديثَ عن معاناة الغرْب مع الاختلاط يبدأ ولا ينتهي، وما زالتِ الإحصائيات والدراسات تنادِي بعمليَّة الفَصْل بين الجنسَيْن في التعليم والعمَل:
ففي بريطانيا مثلاً: أَكَّدَتِ النقابة القومية للمدرِّسين، في دراسة أجرتْها: أنَّ التعليم المختلَط أدَّى إلى انتشار ظاهرة التلميذات الحوامل سفاحًا، وأنَّ استخدام الفتيات لِحُبُوب منْع الحمل يتزايَدُ بكثرة عند الطالبات.
 
وفي أستراليا: أُجْرِيَتْ دراسة على مائتين وسبعين ألف طالب وطالبة، تَبَيَّن فيها أنَّ طلاب التعليم غير المختلط تَفَوَّقُوا سلوكيًّا وأكاديميًّا على طُلاب التعليم المختلط.
 
أما في أمريكا، فقد ذكرتْ إحدى المجلات هناك: أن نسبة التلميذات الحوامل في المدارس والجامعات في بعض المدُن بلغتْ 48 %.
 
هذا الانحدارُ الأخلاقي جَعَل الرئيس الأمريكي السابق جون كندي يقول: "إنَّ الشباب الأمريكي مائعٌ ومُترَف وغارق في الشهوات، ومن بين كل سبعة شباب يَتَقَدَّمُون للتجنيد منهم ستة غير صالحين؛ وذلك لأننا سَعَيْنا لإباحة الاختلاط بين الجنسين في الجامعة بصوَر مستهترة؛ مما أدَّى إلى انهماكهم في الشهوات".
 
ولذلك رصدت الإدارة الأمريكية في عام 2002 ما يزيد على ثلاثمائة مليون دولار؛ لتَشْجِيع التعليم غَيْر المختلط.
 
إخوة الإيمان:
ولعلَّ مُفردة الاختلاط هي أكثر المفردات التي تداوَلَتْها الصحف، وبعضُ المواقع هذه الأيام، وهي التي من أجلها تحزَّبَتْ أحزاب، وشنَّتْ حرْبًا كلاميَّة غَيْر أخلاقية على مَن يُحَرِّم ويَرْفُض الاختلاط.
 
ولو كان هذا النقْد والنقاش مبنيًّا على الرُّوح العلمية والحوار المنطقي، فحيَّهلا به ومرحبًا، ولكن العجبَ الذي لا ينْقَضِي أنْ تَرْمِي أقليَّةٌ سوادَ المجتمع، وأهل العلم، بالانْغِلاق والتشدُّد وثقافة التطرُّف والفكر الطالباني، وعبارات معبَّأة بالهراء، ومليئة بالتساخف، متجاوزة كلَّ حدٍّ وحدود.
 
أين هي مفاهيم الحرية والتعدُّدية، ومشاريع الانفتاح، وخطورة الإقصاء، وغيرها من المصطلحات التي عُبِّئْنا بها ردحًا من الزمن؟! أم أن هذه المعاني لا تَتَحَرَّك إلا حين يَرَوْن منكرًا من القول، وزورًا من الفعل، فيُحَامون عنها بمثل هذه المفاهيم الخداعة؟! ناهيكم عن وصْف مَن يُخالفهم في قضيَّة الاختلاط أنه ضد مشروعات التطوير، ومصلحة الوطن، وضد التنمية والإصلاح، وكأن التقَدُّم والتطوُّر لا يتم إلا عبْر بوابة الاختلاط.
 
عباد الله:
لقد شَوَّش هؤلاءِ في موضوع الاختلاط وشغَّبُوا، وشرَّقوا وغربوا، وأوهموا أن الاختلاط مباحٌ، وبَرَّرُوا جواز ذلك بوُجُود الاختلاط في صدر الإسلام، في المساجد، والطواف، والأسواق، والطرقات.
 
وأمام هذا التلبيس يقال:
أولاً: إنَّ نُقطة الاختلافِ في قضيَّة الاختلاط هو الاختلاط في التعليم والعمَل، وليس في الأماكن العامة.
 
ثانيًا: هناك فرْق بين الاختلاط العام والاختلاط الخاص؛ فالاختلاط في الأماكن العامة المفتوحة تبْعُد فيها الريبة، وهي لَحَظات عابِرة، وليس فيها تبادل للأحاديث.
 
أمَّا الاختلاط الخاص في التعليم والعمل، والندوات والمنتديات، ففيه جُلُوس وانتظار، وأحاديث وكلام، فذرائعُ ميْل كلِّ جنس للآخر موجودة، ونزغات الشيطان حاضرة، ففَرْق بين هذا وهذا.
 
ثالثًا: لو أَتَيْنا إلى الاختلاط في الأماكن العامة، لَرَأَيْنا النُّصُوص الشرعية تُؤَكِّد على قضيَّة الفَصْل بين الجنسَيْن، فالمسْجدُ مع أنه مكانُ عبادة، والقُلُوب معلَّقَةٌ فيه بالله، وبعيدة عن هواها، مع ذلك ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسْمَحُ أن يصطفَّ الرجال مع النساء، بل قال: ((خيرُ صُفُوف الرجال أولها، وشَرّها آخرها، وخيْرُ صُفُوف النساء آخرها، وشرها أولها))، بل وأَمَر المصطفى - صل الله عليه وسلم - الرجال بالتأخُّر في الانصراف، حتى يخرج النِّساء من المسجد.
 
وفي يوم العيد خطب الرجال، ثم أتى النساء، فوعظهن وذكَّرهن، قال ابن حجر: "قوله: ((ثم أتى النساء)): مُشْعِر بأن النساء كن غير مُختلطات بالرجال". اهـ.
 
ومنْعًا لِمفاسد الاختلاط؛ أمرَ الفاروق - رضي الله عنه - بتَخْصِيص باب للنساء، لا يدخل منه إلا النساء.
 
وأمَّا في الطرُقات، فقد رأى المصطفى - صل الله عليه وسلم - يومًا ازدحام الرِّجال مع النساء فيها، فوجه خطابه للنساء: ((استأخِرْن، فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق، عليكن بحافَّات الطريق))، فكانت المرأةُ تلتصق بالجدار، حتى إن ثَوْبَها ليَتَعَلَّق بالجدار من لُصُوقها به.
 
وأما الطواف، فاسمع إلى خبر عطاء حين قال: كانتْ عائشة - رضي الله عنها - تطوف حجرة من الرجال (أي: مُعتزلة في ناحية، لا تخالطهم).
 
قال عطاء: وكن يخرجْنَ مُتنكرات بالليل، فيَطُفْنَ مع الرجال، ولكنهم كنَّ إذا دخَلْنَ البيت قُمْن حتى يدخلن، وأخرج الرجال؛ رواه البخاري.
 
وحين بلَغ عائشة أنَّ مولاتها استَلَمَتِ الركنين مرتين أو ثلاثًا، عاتَبَتْها، وقالتْ: لا آجرك الله، لا آجرك الله، تُدافعين الرجال، ألا كبَّرْتِ ومَرَرْتِ.
 
وجاء في "أخبار مكة"؛ للفاكهي، عن إبراهيم النخعي، قال: نَهَى عمر أنْ يَطُوفَ الرِّجالُ مع النساء، ورأى رجلاً يَطُوف مرةً مع النساء، فضَرَبَه بالدِّرة.
 
فهل يصحُّ بعد هذا أن يُسْتَدَلَّ بفِعْل السلَف في الطواف على مشروعية الاختلاط، ومجاورة المرأة للرجل في التعليم والعمل؟! سبحانك هذا بهتان عظيم!
 
رابعًا: دَنْدَنَ المدافعون على جواز الاختلاط: بأنَّ مفردة الاختلاط لَم توجدْ في الكتاب والسنة، وإنما انحدرتْ من أدبيات الخطاب الصحوي - كما يعبِّرون - وأن المُحَرَّمَ فقط هو الخلْوة دون الاختلاط.
 
فيا دعاة التلبيس:
تحريم الاختلاط ليس نتاج الفكر الصحوي، بل هو فتوى كل عالِمٍ راسخ، عرفته بلادُنا؛ كابن إبراهيم، وابن حميد، وابن باز، وابن عثيمين، وكل مَن أتى بعْدهم مِن أهْلِ العلْم، وفي تراثنا الفقهي والعلمي عبارات كثيرة، وكثيرة جدًّا، تَنُصُّ على نقطة الاختلاط.
 
فليست من بدَع فترة الثمانينات كما يزعمون، ولو سَلَّمْنا جدلاً أنَّ لفظة الاختلاط محدَثة، فالعبرَةُ بالمقاصد والمعاني، لا بالألفاظ والمباني، ومنَ المقَرَّرِ عند أهل العلم أن الشارع ينْهى عن الأدنى؛ ليدلَّ بمفهومِه على الأعلى.
 
فالشرعُ حين نهى عن قول: "أفٍّ" للوالدين، نهى أيضًا عمَّا هو فَوْق ذلك منَ السبِّ والضرب، وإن لَم ينطق به الكتابُ الحكيم، بل دلَّ ذلك بدلالة المفهوم.
 
وقلْ مثل ذلك في الاختلاط، فهل المظنون بالشَّرْع أنْ ينْهى عن خروج المرأة متعَطِّرة، ثم يأذن لها أن تخالِطَ الرجال في المتْجر والعمل، والقاعة والمعمل؟! هل الشرْعُ الذي نهى أنْ تَضْرِبَ المرأةُ برجلها ليُعْلم ما تخفي عن زينتها، يأذَن لها بعد ذلك أن تجلسَ بِجِوارِ الرِّجال جنبًا إلى جنب؟!
 
خامسًا: وإن تَعْجَب فعَجَبٌ قولُهم: إنَّ عزْل الرجال عن النساء سبَّبَ سعارًا جنسيًّا في المجتمعات المنغلقة، فأصبح الرجل لا يرى في المرأة إلا المعاني الجنسيَّة، بخلاف المجتَمَعات المتَحَرِّرة المنفتحة، فقد تَعَوَّدُوا على هذه المناظر وألفوها، فأصبح الرجل لا يرى في المرأة صور الجنْس، وحق لنا أن نسأل ونتساءل: يا رواد التحضر، فسِّرُوا لنا تلك الإحصائيات المتجَدِّدة، والأرقام المهولة، عن حالات اغتصاب النساء في البلدان المتطَوِّرة المتَحَضِّرة! لماذا يكثر الاغتصاب هناك، مع أن الوصول إلى الحرام سهل مُيَسَّر؟! لماذا يكثر الشذوذ الجنسي، وتكثر الأمراض الجنسية المعدية عندهم أكثر من غيرهم؟! أليسوا غير معقدين، ولا مكبوتين جنسيًّا؟!
 
سادسًا: بعض الأصوات والأقلام قد شرقتْ وغربت، فناقشت قضية الاختلاط بمثالية مُفرطة؛ فالطالبات والطلاب في سلك التعليم بمنأى عنْ مزالق الفاحشة؛ لأنَّ عقولَهم قد نضجتْ، وأخلاقهم قد كملت، وأهدافهم قد سمتْ؛ فالاختلاط هنا مسألة هامشية، ثم يطالبون أهل العلم بعَرْض قضية الاختلاط بواقعية، دون تشنُّج أو تخوُّف، فهل نسي هؤلاءِ الواقعيون أو تناسَوا أن الميل البشري بين الجنسين مركُوز في الفِطَر، يجدُه كلُّ إنسانٍ عليم، بل وحتى كل حيوان بهيم؟! هل المبالَغة في إحسان الظن، والتعويل على الأَخْلاق من الواقعية؟! وإذا كان الحديث عن الواقعية، فلماذا نتجاهَل واقع الاختلاطِ في بعْضِ الدول التي لا تَمْنع الاختلاط، مع صرامة القوانين هناك؟!
 
فيا أدعياء الواقعية:
الواقع والحال والسُّنَن تنطق: إنَّ اختلاط الشباب بالشابات يُحَرِّك عقارب الفتْنة في الصُّدور، ويزْرَع بذْرة الشهوة والعلاقات المحرَّمة، ثم مَن أعلم بالواقِع، وما يُصْلِح البَشَرَ مِن ربِّ البشرِ؟! ﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الملك: 14]، فقد قال - سبحانه - عنْ نساء النبي: ﴿ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ﴾ [الأحزاب: 53]، قال هذا عن نساء النبي الطاهرات، ولِمَن؟ لأَطْهَر جيلٍ عرفه التاريخ.
 
قال ابن القيم - رحمه الله -: ولا ريب أن تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال أصْلُ كلِّ بليَّة وشر، ومِن أسباب نُزُول العقوبات العامة، كما أنَّه من أسباب فساد أُمُور العامة والخاصة.
 
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيمًا ﴾ [النساء: 27].
 
بارك الله لي ولكم.
 

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على عبده المصطفى، وعلى آله وصحبه ومَن اجتبى.
 
أما بعدُ:
فيا إخوة الإيمان:
وتبلغ الانتهازية غايتها، حين تربط مسألة الاختلاط بقضايا الحِفاظ على الأمن، ومَصْلحة الوَطَن، فيزعم من يزعم أن إنكار أهل العلم على الاختلاط يُغذي فِكْر الغُلُو والتَّشَدُّد في المجتمع، هذه الانتهازيات والاستغلاليات أصْبَحَتْ مكشوفةً وممجوجة، فلا مُزايدة على مَوْقف العلماء ودورهم في حِفْظ أمن البلد وإيمانه.
 
هؤلاءِ العلماء الذين أنْكَرُوا الاختلاط ديانة وتوقيعًا عن رب العالمين، هم همْ العلماء الذين أعْلوا الصوت في مُواجهة مسالك الغُلُو والتطرُّف، وهم العلماء الذين كانوا - ولا زالوا - يحرصون على وَحْدة الصف، وجَمْع الكلمة، ورأب الصدع، والسير بالمجتمع إلى ما فيه الخَيْر في الدين والدنيا، فكيف يكون الطالب مطلوبًا؟!
 
بل لا يبالغ كلُّ عاقل ومتابع: أن مثل هذه الأُطْرُوحات التي تخالف الدين وعادات المجتمع، تصبُّ في تغذية الغُلُو في الجانب الآخر، فيجد أهْلُ الغُلُو مُبَرِّرًا لِمَسْلكهم؛ بسبب ما يَرَوْنه من فجور فكري، وتسلق على مُسلمات الشريعة، وجرْأة على الدين.
 
ثم هل من مصلحة البلد ووحدة الوطن استنقاص أهل العلم وتسفيههم وتقزيمهم؟!
 
هل هذه الحملات المنظَّمة المنسَّقة تصبُّ في مصلحة بلدنا؟! أو في مصلحة مَنْ شَرَعَ إعلامه في معاملتنا الآن؟!
 
ما جفَّت محابر مؤسسة راند الأمريكية، والتي أَوْصَتْ قبل سنتين بأهمية اختراق المجتمَعَات الإسلامية المحافِظة، من خلال التهوين من شأن العلماء، ومحاولة إسقاط مكانتهم في نفوس الناس، والإضرار برسالتهم - حتى رأينا حملات غير أخلاقية تتخطف أهل العلم واحدًا بعد آخر.
 
وأخيرًا عبادَ الله:
إذا لم يَسَعْ هؤلاءِ نصوص الوَحْيَيْن، وفتاوى العلماء الرسميين، أفلا يسعهم نصائح مؤسِّس هذا البلد، وتحذيره من الاختلاط؛ حيث قال - رحمه الله - ما نصه: "وأقبح مِن ذلك في الأخلاق ما حصَل من النساء في أمر اختلاط النساء، بدعوى تهذيبهن وترقيتهن، وفتح المجال لهن في أعمال لم يخلقن لها، حتى نبذن وظائفهن الأساسية، إلى أن قال: فلا والله ليس هذا التمدن في شرعنا، وعرفنا، وعاداتنا، ولا يرضى أحدٌ في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان أو إسلام أو مروءة - أن يرى زوجته، أو أحدًا من عائلته، أو من المنتسبين للخير في هذا الموقف المخزي.
 
هذه طريقة شائكة تدفع بالأمة إلى هوة الدمار، ولا يقبل السيْر عليها إلا رجل خارج من دينه، خارج من عقله، خارج من عربيَّته.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75822
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 فتنة النساء  Empty
مُساهمةموضوع: رد: فتنة النساء     فتنة النساء  Emptyالأحد 29 أكتوبر 2017, 9:06 pm

مفهوم الاختلاط بين التأصيل والتضليل

سعود بن محمد بن حمود العقيلي






من الأهمية بمكان معرفة مفهوم الاختلاط و محدداته لكي تتضح صوره، و من خلال ذلك يمكن أن نفرق بين ما هو اختلاط وما هو غير ذلك، حيث انه لا زال هناك عدم وضوح لهذا المصطلح، مما أدى إلى كثير من الالتباس عند العامة و الخاصة، نتج عنه تساهل كبير في تناول مصطلح الاختلاط، فجعل البعض يختزل حكم الاختلاط بأنه مباح بناء على ما يرونه أنه صورة من صورة، وهو الالتقاء العابر أو التقابل غير المقصود الذي يقع في الأماكن العامة كالشوارع و الأسواق و المساجد و نحوها، ثم هو بعد ذلك يقيس باقي صوره على هذه الصورة، ولاشك أن هذا تجن واضح و تحريف للكلم عن مواضعه.
 
إن الاختلاط في عالمنا الإسلامي و العربي في العصر الحاضر، أصبح له صور كثيرة و متعددة كما هو الحال في العالم الغربي الذي لا يقيم للدين و الأخلاق وزنا ، ذلك أن الاختلاط صنعة غربية تم تصديرها الينا ونمط اجتماعي غربي فرض علينا.
 
إن الاختلاط هي القضية الأساس التي يسعى المفسدون لنشرها في المجتمع و يستميتون في إقناع الناس بها، و يوجدون لها المسوغات بل و يجعلونها من الضرورات، و يعزون كل بلاء في الأمة و تخلف و انحطاط إلى ما ساد من عزل المرأة عن الرجل في التعليم و العمل و غيره!!.
 
و يعلم المفسدون أنهم إن نجحوا في نشر ثقافة الاختلاط فإن ما بعده من الإفساد سيكون أهون، والمجتمع إليه أسرع، وهنا مكمن الخطر.
 
إنني اعد الاختلاط نازلة من النوازل الفقهية في هذا العصر، جرت إلى مفاسد كثيرة، ومن قارن حال العالم الإسلامي قبل بدعة الاختلاط وبعدها، تبين له الفرق الكبير، ولكل قارئ أن يتساءل ما هو الاختلاط ومحدداته؟!
 
فأقول وبالله التوفيق:
يرتبط المعنى الاصطلاحي بمعناها اللغوي ارتباطاً وثيقا، وقد تكتسب الكلمة معان متعددة بحسب عوامل متعددة، إلا أنها تظل مرتبطة بمعناها اللغوي، ومن ثم يمكن الوقوف من خلال استعمالاته اللغوية السليمة على حقيقة المعنى الاصطلاحي.
 
الاختلاط لغة:
الخليط و المخالط كالنديم للمنادم و الجليس للمجالس، واختلط القوم في الحرب تشابكوا ، و خالط الذئب الغنم وقع فيها، ورجل خلط يتحبب إلى الناس و يختلط بهم قال طرفة:
خالط الناس بخلق واسع ♦♦♦ لا تكن كلباً على الناس تهر
 
و رجل خلط مختلط بالناس متحبب، وامرأة خلطة كذلك أي مختلطة بالناس متحببة لهم، و الخِلط المختلط بالناس يكون الذي يتملق و يتحبب إليهم والأنثى خلِطة، و العرب تقول اخلط من الحمى يريدون أنها متحببة إليه، متملقة بورودها إياه، واعتيادها له كما يفعل المحب الملِق.
 
قال السيوطي: "أصل الخلط تداخل أجزاء الأشياء بعضها في بعض وقد توسع فيه حتى قيل رجل خلط إذا اختلط بالناس كثيراً،وعليه فنلحظ في المعنى اللغوي أن الاختلاط يكون فيه تحبب و تودد وتوسيع للأخلاق و تحسينها".
 
لذا فهو قريب المعنى جدا لبعض معاني الاختلاط الاصطلاحي الذي سنذكره قريبا، و قد وردت الكلمة وبعض مشتقاتها في القرآن الكريم:
1- ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ ﴾ [البقرة: 220]؛ أي تشاركوهم في المطعم و المشرب و المسكن و الخدمة.
2- ﴿ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ﴾ [ص: 24]؛ فالخلطاء الشركاء و الأصحاب.
 
وكذلك وردت الكلمة و مشتقاتها الدالة على المعاني نفسها في السنة ومن ذلك ما يلي:
1- ما رواه ابن ماجه بسند صحيح عن ابن عمر أن النبي صل الله عليه و سلم انه قال (المؤمن الذي يخالط الناس و يصبر على آذاهم أعظم أجرا من المؤمن الذي لا يخالط الناس و لا يصبر على أذاهم).
2- ما رواه ابن ماجه بسند صحيح عن انس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كان رسول الله صل الله عليه و سلم يخالطنا حتى يقول لأخ لي صغير يا أبا عمير ما فعل النغير؟.
3- ما رواه البخاري في باب طواف النساء مع الرجال، قال عطاء: لم يكن يخالطن الرجال كانت عائشة رضي الله عنها تطوف حجرة من الرجال لا تخالطهم.
4- وقد اخرج أبو داود في سننه عن حمزة بن أبي أسيد الأنصاري عن أبيه انه سمع رسول الله صل الله عليه و سلم يقول وهو خارج المسجد فاختلط الرجال بالنساء فقال رسول اله صلى اله عليه و سلم استأخرن )؛ الحديث.
 
أما تعريف الاختلاط اصطلاحا:
فهو اجتماع الرجال بالنساء غير المحارم اجتماعاً يرفع الكلفة و يزيد الألفة وهو كذلك تزاحم بالأبدان و تماسها.
 
ففي هذا التعريف نلحظ انه أشار إلى نوعي الاختلاط سواء كان في تماس الأبدان و تقارب الأنفاس ولو لم يكن هناك سابق معرفة كما يحدث في الأماكن المزدحمة و الضيقة وهذا ما يسمى بالاختلاط الحسي، أو كان هذا الاختلاط بدون تماس غالبا كما هو الحاصل في التعليم المختلط والعمل المختلط، حيث تتكسر الكثير من الحواجز بين الجنسين بسبب طول الاجتماع، فقد يرى الرجل زميلته في العمل أكثر من زوجته و كذلك العكس، فينتج عن ذلك ارتفاع الكلفة و زيادة الألفة فيحصل بذلك تقارب القلوب و النفوس و استحسان للمحادثة و تلذذ بالجلوس و الحديث و تبادل النكات و الطرائف وقد يحصل بهم الأمر أن يدعوها أو تدعوه أن يتناولا الطعام سوياً ، كل ذلك بحجة الزمالة و قدم المعرفة و ثقتها بأخلاقه وهنا مكمن الخطر ذلك لأن الله قال في كتابه ﴿ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ ﴾ [الأحزاب: 32] وقال ﴿ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ ﴾ [النور: 31] فالخضوع بالقول و صوت الخلخال داعيان للزنا وأنهما طريقان إليه، فجاء تحريمهما سدا و حسما للشر من أصله، بل و جاء هذا الكلام في كتاب الله صريحاً لكي لا يختلف فيه المسلمون، ولكي يعلموا أن سد الطرق الموصلة للزنا، أمر أوجبه الله تعالى ليس خاضعاً لاجتهاد عالم ولا لإنكار منكر.
 
ولكل عاقل أن يقارن بين ما يحدثه خضوع المرأة بصوتها، و كذلك صوت خلخال إذا ضربت به الأرض، وبين ما يحصل في الاختلاط مما ذكرنا آنفاً من ارتفاع للكلفة و زيادة للألفة و تبسط في الكلام، أيهما أشد ضرراً على قلب الرجل؟!
 
فإذا كان الله قد حرم على المرأة أن تخضع بالقول ولو لمرة واحدة مع رجل لا تعرفه في سوق أو مكان عام، فما بالك بالخضوع بالقول بشكل دوري و يومي، بل وأشد من ذلك كالتبسم والضحك والتبسط في الحديث و طول المقابلة و الجلوس، و كذلك بالنسبة للخلخال فأيهما اشد أثرا هذا الذي يحدثه فرقعة الخلخال لامرأة مرت مروراً عابراً برجل أجنبي لا يعرفها أم الاختلاط بها لساعات طويلة؟
 
و كذلك بالنسبة للتطّيب والتعطر فالنبي صلى الله عليه و سلم يصف المرأة المتطيبة بالزانية، هكذا بكل وضوح و صراحة مع انه عليه الصلاة و السلام عفيف اللسان نظيف المنطق كما قال عنه عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، ما كان رسول الله صل الله عليه و سلم فاحشا ولا متفحشا، ومع ذلك يصف المرأة المتعطرة بهذا الوصف ، فالمرأة العاملة في مجمع الرجال، كيف لها أن تتقابل مع زملائها في العمل ورائحة العرق و نحوه تخرج منها بل و قل اشد من ذلك إذا كانت في فترة الحيض، وقل مثل عن الطالبة في قاعة الدراسة.
 
و كذلك بالنسبة للنظر فكيف يغض احدهما بصره عن الآخر و هما يجتمعان في مكان واحد طيلة الوقت وقد يمارسان عملا مشتركا كالطبيب مع زميلته الطبيبة أو الممرضة أثناء إجراء عملية أو تطبيب مريض، و كذلك الأستاذ مع طالباته أو الأستاذة مع طلابها في قاعة التدريس أو الطالب مع زميلته في قاعة المختبر، فكيف يمكن لهؤلاء أن يلتزموا بقول الله تعالى ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ... ﴾ [النور: 30] و قوله تعالى ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ... ﴾ [النور: 31].
 
وقول النبي صل الله عليه و سلم عندما سأله جرير بن عبدالله رضي الله عنه عن نظر الفجأة فقال علية الصلاة والسلام :اصرف بصرك، وقوله لعلي رضي الله عنه ياعلي لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولى و ليست لك الثانية.
 
كيف يستطيع الطالب أن يتابع شرح معلمته دون النظر إليها مرة بعد أخرى، وكذلك الحال مع زميلاته في القاعة ماذا عساه أن يفعل وكيف يستطيع غض بصره ؟، وهو كلما أرسله اصطدم بصره بهذه أو بتلك.
 
تلك بعض الإشكالات التي أفرزتها ثقافة الاختلاط، ذلك لأنه نمط اجتماعي غربي لا يتناسب وواقع المجتمعات التي تدين بالإسلام، ناهيك عن ما ينتج عنه من الفساد كالزواج السري الذي يتم بدون إذن الأهل والتحرش الجنسي والزنا وليس هذا مقام الحديث عن ذلك هنا .









الفرق بين بيت الله الكعبة وسائر الجامعات المختلطة

إبراهيم الأزرق



مقدمة
الحمد لله رب العالمين.
 
وبعدُ:
فقد اضطرني لاختيار هذا العنوان بعض المساكين الذين ضعُفت عقولهم، حتى بات بعضهم لا يفرق بينهما فيما يظهر! فيقولون: وماذا في الاختلاط بالجامعات؟ أليس هو حاصل في كذا وفي كذا وعند بيت الله؟
 
ولهؤلاء أقول: إن الاختلاط إذا أطلق - عن بعض أو كل قيود الشريعة - محرم عند أهل العلم من حيث الأصلُ، ومن أدلة ذلك أمر النساء بالقرار في البيوت[1]، مع منع الرجال من الدخول عليهن[2]، وقوله - صل الله عليه وسلم -: ((المرأة عورة))[3]، وعموم قوله - عليه الصلاة والسلام -: ((فاتَّقوا النساء))[4]، وقصة سالم مولى حذيفة والتحرج من دخوله على سهلة - رضي الله عنهم - مع تبنِّيه ونشوئه في حِجْر حذيفة زوجها[5]، إلى غير ذلك من الأدلَّة التي جمعها بعض أهل العلم في رسائل ومؤلفات مستقلَّة، ولا يتسع المقام لسردها، فضلاً عن بيان أوجه دلالتها[6].
 
الاختلاط المقيَّد:
غير أنَّ من المقرر كذلك عندهم جواز خروج النساء مع الرجال وذلك خلافًا للأصل، إن تقيَّد بضوابط الشريعة فعندها يجوز أَيْنَما كان، عند الكعبة أو غيرها، ومن الضوابط الشرعية التي كان عليها الشأن في العهد الأول - والذي يستدِلُّ به بعضُ الملبِّسين على الاختلاط المطلق المعاصر من قيود الشريعة، ولا يلتزمون الضوابط التي كانت مرعية عند الصحابة - رضوان الله عليهم - ما يلي:
1- وجود الضرورة أو الحاجة المقتضية لخروج النساء واختلاطهنَّ بالرجال، سواء أكانت هذه الحاجة دينية كشهود الجماعات، أم دنيوية كشراء ما يلزمها شراؤه، فإن لم تكن ثمة ضرورة أو حاجة فلا تقرّ مخالفة - كائنة مَنْ كانت - لأمر ربها الرحمن: ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ﴾ [الأحزاب: 33]، وقد فسر إمام التفسير مجاهد التبرُّج هنا بما دلَّ عليه صدرُ الآية فقال: "كانت المرأة تخرج فتمشي بين الرجال فذلك تبرج الجاهلية الأولى"[7]، وقد استدلَّ بالآية أئمة التفسير كالقرطبي وغيره على أن المرأة تلزم بيتها لا تخرج منه إلاَّ لضرورة، قال الجصَّاص: "وفيه الدلالةُ على أن النساء مأمورات بلزوم البيوت، منهيات عن الخروج"[8]، وقال ابن العربي المالكي - رحمه الله -: "قوله تعالى: ﴿ وَقَرْنَ فِي بيُوتكُنَّ ﴾؛ يعني: اسكُنَّ فيها ولا تتحرَّكن، ولا تبرحن منها"[9]، فمَن خالفت أمر ربها فقد أتت ذنبًا، قد يعتذر لها فيه لكن لا يحتجّ بفعلها، وهنا قد يقول قائل: إن التعليم حاجة معتبرة شرعًا، وجوابه إجمالاً بالتسليم؛ غير أن الجامعاتِ غيرَ المختلطة كثيرة، وإنشاء واحدة رائدة للنساء هو مقتضى العدل، أما افتعال الضرورة فلا يجوز، وأهل العلم لا يطالبون بإلغاء التعليم، ولكن يطالبون بحظر الاختلاط؛ إذ لا حاجة له توجبه وهو محرَّمٌ لغير حاجة، كالشأن في سائر جامعات المملكة السعودية، أمَّا الكعبة فلا يمكن إنشاء كعبة غيرها تخصص للنساء!
 
2- خروج النساء المُقَرُّ في التشريع كان بضابط التزامهنَّ الحجاب والستر، وحرصهن على الحشمة والأدب، ومن ذلك مشروعية الطواف لهن، أمَّا إذا خرجت المرأة متطيِّبة متزينة، غير ملتزمة بالحجاب الشرعي، فلا يشرع لها دخول المسجد، بل ولا تقبل منها الصلاة وهي على تلك الحال، ولا يقبل منها الطواف؛ فالطواف صلاة على ما أُثِر، وفيهما لابد للمرأة من ستر سائر البدن إلاَّ الوجه والكفين في الصلاة، فكيف يقاس هذا بالخروج إلى جامعة لا تشترط الحجاب والستر، بل بعض الجامعات على ما نُقِل تأذن في اختلاط الطلاب والطالبات بلباس البحر على الشاطئ أو عند المسبح، فهل يُجَوِّز هذا إلاَّ من سَفِه عقله؟! وهل يُعدُّ استدلاله بوقوع اختلاطٍ عند الكعبة إلاَّ تبجُّحًا بالجهل؟!
 
3- في الحج والعمرة عامَّة النساء يكُنَّ مع محارمهن وذويهن، ومَنْ لم تكن كذلك أو لم يكن كذلك يجد نفسه في هذا الجو، فتضعف التُّهَمة، ثم مَنْ يقصدون الكعبة يأتون راجين الأجر والمثوبة فاعلين للقربة، لا يجمعهم حديث مشترك وأشجان متبادلة، بل كُلٌّ في شأنه يناجي ربه، يسبح بحمده، يستغفره ويعلن توبته، أما في الجامعات المختلطة فلا يأتي الطالب أو الطالبة مع محرم، ولا يطلبون ما عند الله، ولا يبتغون ثواب الله، وليس في قلوبهم تعظيمُ بيت الله، ولا قلوبهن ملئت مهابة من حرم الله، فكيف يجعل هذا كهذا؟! ولمَّا كانت هذه المعاني ضعيفة في بعض المواطن التي تدعو الحاجة إلى دخولها، وليس فيها ما في تلك التي جاء بها التشريع من الحواجز التي تحول بين الناس والفتنة، كانت أبغض البقاع عند الله كالأسواق[10] التي قد يختلط فيها الحابل بالنابل وإن كان لحاجة، على أن واقع الأسواق غير مقرٍّ شرعًا كله إلاَّ ما انضبط بقيود الشريعة، وما خالفها يحتج له لا به، بل ليس كل ما يقع في الحرم مقر شرعًا.
 
الحرص على منع الاختلاط عند الطواف في العهد الأول:
ومع ما سبق يقال لهؤلاء: كانت عائشة - رضي الله عنها - تطوف حَجْرة من الرجال لا تخالطهم؛ كما في "البخاري"، فقالت امرأة: انطلقي نستلم يا أم المؤمنين، قالت: انطلقي عنك وأبت..."[11]، وهذا نصٌّ على أن الفاضلات لم يكنَّ يخالطن الرجال في الطواف.
 
والناظر في فتوى القرون المختلفة، وما قاله أهل العلم، وما فعله بعض الولاة - يجد مراعاة المنع من ذلك الاختلاط بينة، قال ابن جبير في رحلته: "وموضع الطواف مفروشٌ بحجارة مبسوطة كأنها الرخام حسنًا، منها سود وسمر وبيض قد ألصق بعضها ببعض، واتسعت عن البيت بمقدار تِسْعِ خُطًى إلاَّ في الجهة التي تقابل المقام، فإنها امتدَّت إليه حتى أحاطت به.
 
وسائر الحرم مع البلاطات كلها مفروش برمل أبيض، وطواف النساء في آخر الحجارة المفروشة"[12]، ونحوه ذكر البلوي[13]، وابن بطوطة[14]، وهذا يدلُّك على أن العمل القديم الذي تتابعت عليه عصورُ أهل الإسلام جرى قرونًا طوالاً على الفصل بين الطائفين والطائفات، فقد كانت رحلة ابن جبير إلى مكَّة من الأندلس عام 578هـ، ورحلة ابن بطوطة وخالد البلوي بعده بنحو قرنين إلاَّ ثلاثة عقود.
 
وربما جعل الولاة بعضَ يومٍ للنساء خاصة، تيسيرًا للطواف عليهن، وتمكينًا لهن من أن يصلن البيت دون مخالفة للشريعة، ونحو هذا مذكورٌ في بعض كتب أخبار مكة والمناسك[15].
 
وقد ذكر الأزرقي أن خالد بن عبدالله القسري أول من فرَّق بين الرجال والنساء في الطواف، وأجلس عند كل ركن حرسًا معهم السياط، يفرقون بين الرجال والنساء[16]، وأن ذلك استمرَّ إلى زمانه، ولعل المراد هو أنَّ خالدًا أوَّل من فرَّق بإلزامه وعقابه المخالف، وإن كان جريان العرف بذلك وتمسك الصالحات به مأثور من لدن عهود الصحابة المرضيين كما في أثر عائشة - رضي الله عنها - الماضي، وحمل بعض أهل العلم هذا على احتمال أنه فعله وقتًا ثم تركه[17]؛ لما ورد في "البخاري" من إنكار عطاء على ابن هشام منعه طواف النساء مع الرجال وسيأتي بيانه، ويحتمل أنه فعل مدة ولايته ثم اختلطت الأمور بعده إلى عهد ولاية ابن هشام على مكة.
 
ونقل ابن جماعة في "هداية السالك": أن عمر - رضي الله عنه - نهى أن يطوف الرجال مع النساء، فدخل المسجد ذات يوم، فإذا هو برجل يطوف مع النساء، فأقبل عليه ضربًا بالدِّرَّة، وقال: ألم أنْهَ عن هذا؟! قال: ما علمتُ، قال: أما بلغك عزمي؟ قال: ما بلغني لك عزم، قال: دونك فأمسك؛ يعني: فاقتص، قال: ما أنا بفاعل[18].
 
فإن صحَّ هذا، فلعلَّ عمر - رضي الله عنه - جعل لهن وقتًا ليس للرجال فيه نصيب، ويحتمل أنه طاف في موضعهن من المطاف.
 
كشف شبهة من استدل بإنكار عطاء على ابن هشام:
وأما ما رواه البخاري: "قال ابن جريج: أخبرني عطاء إذ منع ابن هشام[19] النساء الطواف مع الرجال، قال: كيف يمنعهنَّ وقد طاف نساءُ النبي - صل الله عليه وسلم - مع الرجال؟! قلت: أبعد الحجاب أو قبل؟ قال: إي لعمري، لقد أدركتُه بعد الحجاب، قلت: كيف يخالطن الرجال؟ قال: لم يكنَّ يخالطن، كانت عائشة - رضي الله عنها - تطوف حَجْرة من الرجال لا تخالطهم، فقالت امرأةٌ: انطلقي نستلم يا أم المؤمنين، قالت: انطلقي عنك، وأَبَت"[20]، فنصَّ على أنهن لم يكنَّ يخالطن الرجال.
 
وإنكار عطاء صنيعَ ابن هشام قد يفهم منه بادي الرأي خلاف ما روي من منع عمر - رضي الله عنه - الرجال من الاختلاط بالنساء في الطواف، ومثله ما جرى في عهد خالد بن عبدالله القسري وليس كذلك، فقد وقع في الحديث إثبات عطاء أنهن لم يكن يخالطن الرجال، فإن لم تكن الخلطة المريبة موجودة؛ لكون المرأة تطوف حَجْرة - أي: بعيدة - عن الرجال، زال الإشكال وارتفع المحظور، ثم إن قول عطاء نفسه في هذا الأثر: "وكنَّ يخرجن متنكرات بالليل، فيطفن مع الرجال؛ ولكنهنَّ كنَّ إذا دخلن البيت قمن حتى يدخلن وأخرج الرجال"، هذه الرواية تدل على إخراج الرجال ليلاً، والرواية في مصنف عبدالرزاق قال: "ولكنهن إذا دخلن البيت سترن حين يدخلن، ثم أخرج عنه الرجال"[21]، وقد ثبتت من طريق عبدالرزاق، وطريق البيهقي والفاكهي وغيرهم، ومقتضى هذا يحتمل أن عمر إنما أمر بإخراج الرجال ليلاً، أو حد للرجال حدًّا لا يتجاوزونه حال وجود النساء، كالذي كانت تطوف فيه عائشة - رضي الله عنها - حَجرة، وليس أحد من هذه الوجوه في الجمع موقوفًا على تصحيح الرواية في منع عمر للخلطة، بل رواية الصحيح وعبدالرزاق والبيهقي وغيرهما الآنفة تشعر بهذا المعنى؛ قال ابن حجر: "قوله: حين يدخلن في رواية الكُشْميهَنِيِّ: حتى يدخلن، وكذا هو للفاكهي، والمعنى: إذا أردن دخول البيت وقفن حتى يدخلن حال كون الرجال مخرجين منه"[22].
 
قال ابن حجر معلِّقًا على أثر منع عمر: "وهذا - إن صحَّ - لم يعارض الأول؛ لأن ابن هشام منعهن أن يطفن حين يطوف الرجال مطلقًا؛ فلهذا أنكر عليه عطاء"[23].
 
فظاهر قول عطاء - رحمه الله - إنكار تحكُّم ابن هشام دون مقتضًي في ذلك العهد، مع إمكان الطواف بغير خُلْطة من وراء الرجال.
 
والمحصلة أن قصد منع الخلطة المحرَّمة ثابت في حديث البخاري هذا، وفيما روي من صنيع المتقدمين من الخلفاء الراشدين المهديين ومن أتى بعدهم، تصوبه عموم نصوص الشريعة القاضية بمنع أسباب الفتنة وتزاحُم الرجال والنساء، وإنما ينكر التعنُّت إذا لم تكن الخُلطة المذمومة حاصلة، ولم يكن ثمة مقتضٍ للإلزام بما لم يلزم به الشرع.
 
على أنَّ مجرَّد إنكار عطاء - رحمه الله - ليس حجةً على غيره حتى يستمسك بها في مخالفة مقتضى النصوص.
 
وفيما نقله عن عائشة - رضي الله عنها - من ترك الاستلام الذي ندب إليه؛ اجتنابًا للخلطة ونفيها عنها بذكره طوافها ناحية كل ذلك - دليل على أنه لا تُسَوِّغ تلك العبادة اختلاط النساء بالرجال.
 
مراعاة فقهاء الإسلام على اختلاف مذاهبهم منع الخلطة ما أمكن في المناسك:
ولعل هذا يبدو جليًّا لمن أنار الله بصيرته في المسألة، ونظر في تشريع المناسك بإنصاف، وتأملَ ما وُضع من ضوابط لأجل صيانة النساء القاصِدات لهذه العبادة، صيانة تحفظ معها كرامتهن، وتمنع من اختلاطهنَّ بالرجال على الوجه المفضي للمفسدة بقدر الإمكان، ومن ذلك أن الشارع لم يوجب على المرأة حجًّا أو عمرة إلاَّ إذا كان معها محرم، ومن أباح لها السفر من الفقهاء مع رُفْقة من النساء مأمونةٍ قال: "لتستأنس بهنَّ ولا تحتاج إلى مخالطة الرجال"[24]، وكره مالك أن تركب البحر ولو للحج؛ لأنه مظنة خلطة، وفرق فقهاء المالكية بين ما إذا كان في السفينة مكان تستغني به عن مخالطة الرجال فجوَّزوا هذا، ومنعوا إذا لم يكن[25].
 
ثم جعلت الشريعة رُخَصًا لمن كانت معه نساء أو ضَعَفة ليست لغيره، كالدفع من مزدلفة بليل؛ فقد رُوِيت فيه أحاديث صحاح، ومن ذلك حديث عبدالله مولى أسماء عن أسماء: أنها نزلت ليلة جمع عند المزدلفة فقامت تصلي، فصلت ساعة ثم قالت: "يا بني، هل غاب القمر؟ قلت: لا، فصلَّت ساعة ثم قالت: يا بني هل غاب القمر؟ قلت: نعم، قالت: فارتحلوا، فارتحلنا ومضينا حتى رمت الجمرة ثم رجعت   فصلت الصبح في منزلها، فقلت لها: يا هنتاه! ما أرانا إلا قد غلَّسنا، قالت: يا بني إن رسول الله - صل الله عليه وسلم - أذن للظعن[26]، والأحاديث في هذا معروفةٌ، وقد رخص بها جمعٌ من أهل العلم للنساء في الرمي والطواف قبل طلوع الشمس.
 
ومن مراعاة الفقهاء لأصل المنع من الاختلاط في الشريعة استحبابهم للمرأة ما لم يستحبُّوا للرجل من نحو طوافها بعيدة عن البيت[27]، ورخَّصوا لها في تأخير طواف القدوم إلى الليل خشية الزحام[28].
 
ومع هذا فقد صرح أهل العلم قديمًا وحديثًا بأن الاختلاط غير المنضبط بما يعصم من الفتنة منكر لا يجوز، قال ابن جماعة في "منسكه الكبير": "ومن أكبر المنكرات ما يفعله جهلة العوام في الطواف من مزاحمة الرجال بأزواجهم سافرات عن وجوههن، وربما كان ذلك في الليل، وبأيديهم الشموع متقدة..." إلى أن قال: "نسأل الله أن يلهم ولي الأمر إزالة المنكرات"، قال ابن حجر الهيتمي بعد أن نقله: "فتأمله تجده صريحًا في وجوب المنع حتى من الطواف عند ارتكابهنَّ دواعي الفتنة"[29]، وتأمَّل كيف عد كشفهن عن الوجه - ولا يتصور من المحرِمة الطائفة غير كشف الوجه والكفين، لا يظن بهنَّ تبرجًا أو تهتكًا ومجونًا - مع إيقاد الشموع، ولو بصحبة الأزواج من أسباب الفتنة.
 
وقد نص بعض أهل العلم على كراهة الطواف مع مطلق الاختلاط؛ قال محمد بن إبراهيم بن فرحون المالكي في المسائل الملقوطة عن والده أنَّه يكره الطواف مع الاختلاط بالنساء[30].
 
ومن مراعاتهم للمنع من الاختلاط في النسك قولهم: لايستحب لها أن تزاحم الرجال لاستلام الحجر الأسود[31].
 
قال ابن جماعة: "ولا يستحب لها تقبيلٌ ولا استلامٌ مع مزاحمة الرجال، ولا يستحب لها الصلاة خلف المقام، أو في غيره من المسجد مزاحمة للرجال، ويستحب لها ذلك إذا لم تفض إلى مخالطة الرجال، وهذا مما لا يكاد يختلف فيه؛ لما يتوقع بسببه من ضرر"[32].
 
وقال أيضًا: "ولا تزاحم الرجال، وينبغي أن يكون سعيها بين الصفا والمروة بالليل، كما تقدم في طوافها بالبيت؛ لأنه أستر وأسلم من الفتنة.
 
وقال بعض الشافعية: إنها إذا سعت بالليل في حال خلوة المسعى، استحب لها شدة السعي في موضعه كالرجل... ولا ترقى على الصفا ولا على المروة عند الشافعية والحنابلة، وقال المالكية: تصعد إذا كان المكان خاليًا، وهو مقتضى كلام الحنفية، وقول بعض الشافعية المتقدم"[33].
 
وقولهم: لا تقف المرأة على الصفا للدعاء إلاَّ إذا خلا المكان عن مزاحمة الرجال، ويكون سنة في حقها إذا خلا المكان[34].
 
ومن مراعاة بعض أمهات المؤمنين للأمر بلزوم البيوت ونبذهن الاختلاط: اكتفاؤهن بحجة الفريضة، وترك القيام للتطوع، وهذا مأثور عن زينب وسودة - رضي الله عنهما - امتثالاً لقوله - صل الله عليه وسلم - لأزواجه: "هذه ثم ظهور الحُصر"[35].
 
خاتمة:
مما سبق نخلُص إلى أن الشارع حفَّ الحج والعمرة بأحكام تكفُل منع الخلطة المحرَّمة، ومن ذلك اشتراط المحرم، ومع ذلك ندب المرأة إلى ترك مزاحمة الرجال، واستحبَّ لها الفقهاء لأجل ذلك ما لم يستحبوه للرجال، حتى وضع بعض الحكام ضوابط تكفل ذلك، وهذا مع بُعْد الفتنة عند مَهْوَى أفئدة المسلمين، وقد كان خيرُ جيل بمن فيهم أمهات المؤمنين ونساء الصالحين يراعين ذلك فيمتزن عن الرجال، غير أنه تبقى نسوة في القديم والحديث يصدق فيهن قول الأول:
مِنَ اللاَّءِ لَمْ يَحْجُجْنَ يَبْغِينَ حِسْبَةً ♦♦♦ وَلَكِنْ   لِيَقْتُلْنَ   البَرِيءَ   المُغَفَّلاَ
 
فعلى أخت الإسلام ألاّ تغترَّ بهن، نسأل الله أن يصلح حال أخواتنا وأمهاتنا ونسائنا ونساء المسلمين.
 
وما سبق يدلُّك على أن مَن استدل على جواز الاختلاط في الجامعات بما يحدث في طواف الناس اليوم، فقد قاس مع الفارق أوَّلاً، على أمرٍ ليس كلُّه مقرًّا شرعًا، والله نسأل أن يلهم ولاة أمر المسلمين إزالة المنكرات، وأن ينجح مقاصد المصلحين الناصحين، والحمد لله رب العالمين.




[1] كما في آية الأحزاب: 33.
[2] كما في حديث عقبة بن عامر المتفق عليه: ((إياكم والدخول على النساء))؛ البخاري (4934)، ومسلم (2172).
[3] "صحيح ابن خزيمة" 3/93، ورواه أيضًا في "التوحيد" من حديث قتادة عن مورق، وقد صحح رفعه الإمام الدارقطني كما في "العلل"؛ له (5/314)، وقد رواه أيضًا ابن حبان في "صحيحه" من طريق ابن خزيمة 12/413، وكذلك الهيثمي في "موارد الظمآن" 1/103، ورواه الترمذي في "السنن" وقال: "حسن غريب" (3/476)، إلاَّ أن المنذري قال في "الترغيب والترهيب" 1/142: "رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح غريب"، وهذا تصحيح من الإمام الترمذي له، ولعله كذلك في بعض نسخ "الجامع" ومما يؤيِّده نقله من قبل غير المنذري كالزيلعي في "نصب الراية" 1/411، وكذلك ابن الهُمَام في "فتح القدير" 1/259، وكذلك ابن حجر في "الدراية في تخريج أحاديث الهداية" 1/123 نقل تصحيحه عنه، ويبعد وهم هؤلاء جميعًا، وقد عزاه المنذري في "الترغيب والترهيب" 1/141 للطبراني في "الأوسط"، وقال: "رجاله رجال الصحيح"، وكذا قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 2/34، وقال في التي بعدها: "رجاله موثقون، وهو في "الأوسط"؛ للطبراني 8/101، وفي "الكبير": 10/108"، وقد صحَّح هذا الحديث الدارقطني والترمذيُّ وابن خزيمة وابن حبان وجوَّده ابن كثير (التفسير 3/483) والمنذري والهيثمي وغيرهم، والظاهر أنه صحيح وقد خالف همامًا سليمان بن المعتمر فرواه عن قتادة عن أبي الأحوص، ولهذا شك ابن خزيمة في سماع قتادة هذا الحديث خاصَّة عن مورق، والأقرب صحة سماعه له منه، فالراوي عن قتادة همام، ولئن كان سليمان أجلَّ وأوثق في الجملة فإن همامًا من أوثق الناس في قتادة خاصة، فهو رابع أربعة في قتادة لا يقدم عليه فيه إلاَّ ابن أبي عروبة وهشام وشعبة (انظر: "الكامل": 7/129، و"تهذيب الكمال": 30/306، و"الجرح والتعديل": 9/108، وغيرها)، خاصَّة إذا حدَّث عن همام من روى عنه متأخِّرًا؛ لكونه من كتابه، وعمرو بن عاصم من طبقة من رووا عنه أخيرًا؛ كعفَّان بن مسلم، وحبان، وبهز، وقد احتجَّ البخاري برواية عمرو بن عاصم عن همام عن قتادة في خمسة مواضع من "صحيحه"، ويعزز صحة رواية همام أيضًا متابعة سعيد بن بشير وسويد بن إبراهيم، والأقرب أنهما صالحين للاعتضاد لها فهو لم يتفرد بها عن قتادة - والله أعلم - وقد صحَّ الأثر عن ابن مسعود موقوفًا كذلك، فلعل بعض الرواة مرة رفعه ومرة أخرى وقفه، ومثله إخبار عن غيب لعله لا يقال بالرأي - والله أعلم.
[4] "صحيح مسلم": (2742).
[5] متفق عليه؛ البخاري: (4800)، ومسم: (1453).
[6] منها رسالة مختصرة في حكم الاختلاط للشيخ محمد بن إبراهيم جمع فيها تسع عشرة دليلاً على تحريم الاختلاط، وقد أفردت في رسالة مستقلة وهي في مجموع فتاواه - رحمه الله - 10/35، وفي كتابي "الاختلاط بين الجنسين" بيان أوجه دلالة بعضها بشيء من البسط.
[7] انظر: تفسير ابن كثير للآية 3/483، وهو عند عبدالرزاق كما أشار الحافظ في "الفتح" 8/520، وسند عبدالرزاق الذي ذكر صحيح، وهو كذلك في "الطبقات الكبرى"؛ لابن سعد 8/198.
[8] "أحكام القرآن"؛ له 3/529.
[9] "أحكام القرآن": 3/568.
[10] ينظر: "صحيح الإمام مسلم": (671).
[11] صحيح البخاري 2/585 وغيره.
[12] "رحلة ابن جبير" ص63، ط دار صادر، بيروت، 1379.
[13] ينظر: "تاجُ المَفْرِق في تحلية علماء المشرق"؛ لخالد بن عيسى البلوي، 1/304؛ بتحقيق: الحسن السائح، ط صندوق إحياء التراث الإسلامي المشترك بين المغرب والإمارات.
[14] "رحلة ابن بطوطة" 1/128، المكتبة العصرية مع غيرها، 1425.
[15] كـ"رحلة ابن جبير"، وقد كانت في ذلك العهد مرة في العام، تنظر: "رحلته": ص115.
[16] روى معناه بطريقين في "أخبار مكة" 2/20-21، عن سفيان بن عيينة.
[17] "فتح الباري"؛ لابن حجر 3/480.
[18] ينظر "هداية السالك إلى المذاهب الأربعة في المناسك"، لابن جماعة، 2/866، وقد عزاه لسعيد بن منصور، ولم أقف عليه.
[19] يحتمل اثنين، قال ابن حجر: "ابن هشام هو إبراهيم، أو أخوه محمد بن هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومي، وكانا خالي هشام بن عبد الملك، فولَّى محمدًا إمرة مكة، وولَّى أخاه إبراهيم بن هشام إمرة المدينة، وفوَّض هشام لإبراهيم إمرة الحج بالناس في خلافته" "الفتح": 3/480.
[20] "صحيح البخاري": 2/585 وغيره.
[21] "المصنف": 5/67 (9018)، تنظر في: "سنن البيهقي": 5/78 (9030).
[22] "الفتح": 3/481.
[23] "الفتح": 3/481.
[24] انظر: "المبسوط"؛ للسرخسي، 4/111.
[25] "التاج والإكليل لمختصر خليل": 3/485، وكذلك "مواهب الجليل": 3/520، وكان ساحة بعض السفن كانت عندهم كالمجس الواحد.
[26] "البخاري": 2/603، و"مسلم": 2/940.
[27] انظر للحطاب المالكي: "مواهب الجليل في شرح مختصر خليل": 3/140، بل صرَّح المالكية بأن السنة لهن خلف الرجال كالصلاة، انظر: "شرح مختصر خليل"؛ للخراشي، 2/315، وللهيتمي الشافعي "تحفة المحتاج في شرح المنهاج": 4/92، وللزيلعي الحنفي انظر: "تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق": 2/16، وهو ما يفهم من كلام ابن قدامة والمرداوي من الحنابلة انظر: "المغني": 3/185، و"الانصاف": 4/8.
[28] انظر: "حاشية العدوي": 1/527، ونصَّ عليه الإمام الشافعي في "الأم" في حق الجميلة: 2/232، وأضاف الشريفة في "المجموع" نقلاً عن الإمام والأصحاب: 8/14، وكذلك في "أسنى المطالب": 1/476، وانظر: "المغني": 3/157، وهو في كتب فقهاء الحنابلة كثير.
[29] "الفتاوى الفقهية الكبرى"، لابن حجر الهيتمي، 1/202، وقد نقله موافقًا له، ومحله من منسكه: 2/868.
[30] تنظر: "المسائل الملقوطة": ص221، والنهي عن الطواف مختلطًا بالنساء كثير في كتب المالكية وغيرهم ينظر مثلاً كتاب "مواهب الجليل شرح مختصر خليل"؛ للحطاب المالكي 3/110 وكذلك "الفواكه الدواني": 1/358 و367، و"حاشيتا قيلوبي وعميرة" في فقه الشافعية: 2/134.
[31] "المغني": 3/183.
[32] "هداية السالك إلى المذاهب الأربعة في المناسك"؛ لابن جماعة، 2/864، وقوله: لا يستحبُّ المتوجه حمله على التحريم إذا أفضت المزاحمة إلى محرم كالتلامس فما فوقه.
[33] "هداية السالك إلى المذاهب الأربعة في المناسك"؛ لابن جماعة، 2/883- 884.
[34] "الفواكه الدواني": 1/359، وانظر: "المغني": 3/192.
[35] حديث صحيح فقد رواه جمعٌ من طريق زيد بن أسلم عن واقد بن أبي واقد عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد خرجها من هذا الطريق الإمام أحمد في "مسنده" 5/218 والتي تليها، وكذلك أبو يعلى 3/32، والبيهقي في "الكبرى" 4/327، 5/228 وأبو داود في "سننه" 2/140، وأرسلها عبدالرزاق عن زيد بن أسلم في "مصنفه" 5/8، وغيرهم وقد أعلَّ بعض أهل العلم كالذهبي في "الميزان": (7/119) هذا الطريق بتفرُّد زيد بن أسلم بالرواية عن ابن أبي واقد، غير أن ابن حجر في "الفتح" صححها وقال (4/74): "وإسناد حديث أبي واقد صحيحٌ وأغرب المهلب فزعم أنه من وضع الرافضة، وهو إقدام منه على رد الأحاديث الصحيحة بغير دليل"، ولعل لإعلال الذهبي لتلك الطريق وجه، بيد أن الحديث صح من طريق ابن أبي ذئب، عن صالح مولى التوءمة، عن أبي هريرة، عن النبي - صل الله عليه وسلم - وصالح وإن اختلط فإن رواية ابن أبي ذئب عنه قديمة كما قرَّر الحفاظ، قال ابن عدي: "لا بأس إذ سمعوه منه قديمًا"، "الفروع"؛ لابن مفلح، 1/530-531)، وقال الهيثمي في "المجمع" 3/214: "وفيه صالح مولى التوأمة ولكنه من رواية ابن أبي ذئب عنه وابن أبي ذئب سمع منه قبل اختلاطه"، وهو كما قال، وإليه أشار الحافظ في "التقريب"، وهو الذي عليه الأئمة كما أشار إليه ابن عبدالبر في "التمهيد" 23/361، ومن هذا الطريق خرجه الإمام أحمد 2/446، و 6/324، وهو في "مسند الحارث" 1/440، وعند الطيالسي 1/229، وأبي يعلى 13/80، 13/88، وغيرهم، وجاء من طريق ثالث لا بأس به فقد جاء من عدة أوجه عن عثمان الأخنسي، عن عبدالرحمن بن سعيد بن يربوع، عن أم سلمة كما عند أبي يعلى 12/312، والطبراني في "الكبير": 23/313، وغيرهما، فالحديث صحيح - إن شاء الله - وقد وثق رواته المنذري في "الترغيب والترهيب" 2/138، وصححه الهيثمي في "مجمع الزوائد" 3/214، وكذلك الألباني في "صحيح أبي داود" 1515، وقد تكلم أهل العلم في تأويله.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
فتنة النساء
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة البحوث والدراسات :: بحوث دينيه-
انتقل الى: