تعاونيات التمور بالمغرب .. تسويق عصري وطموح الاكتفاء الذاتي
هسبريس - محمد بلقاسم
الأحد 05 نونبر 2017
[rtl]قبل سنوات من اعتماد المملكة لمخطط "المغرب الأخضر"، كان فلاحو مناطق الجنوب الشرقي والمعتمدين أساسا على التمر، يسعون فقط إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من التمور في إطار الفلاحة العائلية فقط؛ لكن اليوم أصبح حلمهم هو تحقيق المغرب لاكتفائه الذاتي من هذه المادة التي يتم استيراد جزء مهم منها من مناطق الجوار، وخصوصا تونس والسعودية.[/rtl]
[rtl]ويسعى المغرب، بحلول سنة 2020، إلى غرس ثلاثة ملايين نخلة، في إطار برنامج أطلقه الملك محمد السادس. وتؤكد وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أن الهدف هو ضرورة رفع الإنتاج إلى حوالي 60 ألف طن سنويا؛ وهو ما سيمكن من تحقيق الاكتفاء الذاتي من هذه المادة.[/rtl]
[rtl]ويعد المغرب من بين البلدان الغنية بالتمور من خلال توفره على حوالي 453 نوعا؛ لكن تبقى حصة الأصناف الممتازة منها ضعيفة، حيث لا تتجاوز 35 في المائة من الإنتاج الوطني، وصل منها الاستهلاك على المستوى الوطني أزيد من 3 كيلوغرامات للفرد مقابل 15 كيلوغراما بالنسبة إلى الأفراد الموجودين في مناطق الإنتاج.[/rtl]
[rtl]وتحتل المملكة الرتبة الـ11 عالميا في إنتاج التمور خلال السنة الجارية، بما يزيد عن 111 ألف طن من التمور سنويا كمتوسط، على مساحة مزروعة تصل 51 ألف هكتار، بعدد نخيل يصل إلى 6.6 ملايين نخلة.[/rtl]
[rtl]ويتوفر المغرب على حوالي 16 نوعا من أجود التمور التي تتركز في ثلاث جهات رئيسة هي ورزازات وتافيلالت وطاطا، في حين أن الرقعة الجغرافية لزراعة النخيل المثمر تشمل 13 إقليميا تقع بالمنطقة الجنوبية والجنوبية الشرقية للمغرب، يهمين من خلالها بوطيوب على منطقة طاطا، والجيهل وأكليد وبوسكري وبوستحمي وإيكلان في درعة، أما تافيلالت فيهمن عليها بوسليخن والمجهول.[/rtl]
[rtl]
[/rtl]
[rtl]حلم التنظيم[/rtl]
[rtl]من أكبر الرهانات التي يعتمد عليها الفلاحون الصغار في مناطق إنتاج التمور بالجنوب الشرقي، وتحديدا منطقة تافيلالت وزاكورة وطاطا وفكيك، هو تنظيم الفلاحين في التعاونيات بهدف الرفع من مستويات الإنتاج والتسويق؛ وذلك حسب علي سعو، أمين تعاونية بدائرة أقا في إقليم طاطا.[/rtl]
[rtl]وقال سعو، في تصريح لهسبريس، إن "التسويق قبل إنشاء التعاونيات كان تقليديا، حيث كان يتم بيعه بـ"العبرة" وفي القفة "والخنشة" فقط"، مضيفا أنه "بعد تأسيس التعاونيات، أصبحنا أمام تسويق عصري، وهو ما زكته وحدات التبريد الموجودة في مناطق إنتاج التمور".[/rtl]
[rtl]وفي الوقت الذي يرى فيه الفلاح سعو أن هذه "التعاونيات أسهمت في مشاركة فلاحي مناطق إنتاج التمور بدعم من الوزارة الوصية ووكالة التنمية الفلاحية، في المعارض الدولية والوطنية، وهو ما أدى إلى إشعاع المنتوجات سواء بالنسبة إلى المستهلك المغربي أو الخارجي"، يواجه الفلاح إشكالية ضعف منتوجية النخيل.[/rtl]
[rtl]وحسب محمد المحامدي، مديرية تنمية سلاسل الإنتاج بوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، فإن "إنتاجية النخيل لا تزال ضعيفة، إذ لا يتجاوز عطاء النخلة الواحدة سنويا ما بين 20 و25 كلغ وهو رقم ما زال دون التطلعات"، موضحا أن "الإنتاج الإجمالي من التمر منذ انطلاق مخطط المغرب الأخضر يتراوح بين 90 ألف طن و120 ألف طن".[/rtl]
[rtl]وأوضح المسؤول عن تنمية سلاسل الإنتاج أن الهدف هو "تغطية الطلب الداخلي، حيث إن الواردات تفوق 60 ألف طن، والهدف هو سد باب الواردات"، معتبرا أن سلسلة التمر مهمة وخصوصا بعد إعطاء الملك لانطلاقة مخطط غرس ثلاثة ملايين، وذلك لتحقيق إنتاج 160 ألف طن بحلول 2020".[/rtl]
[rtl]ولتحقيق هدف تثمين مادة التمر وضمان تسويقها، وضعت وكالة التنمية الفلاحية إستراتيجية لتنمية تسويق المنتوجات المجالية ضمنها التمور، والتي تقوم أساس على تأهيل المجموعات المنتجة للمنتوجات المجالية، من خلال إنشاء منصات لوجستيكية تجارية، وتحسين ولوج المنتوجات المجالية إلى الأسواق الحديثة على الصعيدين الوطني والدولي.[/rtl]
[rtl]
[/rtl]
[rtl]ترميز التمور[/rtl]
[rtl]ومن مقومات الإستراتيجية التي وضعتها الوزارة الوصية، دعم جهود الترميز بما في ذلك ضمان التعريف بالعلامات الرسمية للمستهلكين، حيث تمت مواكبة المجموعات المنتجة للتمور وتأهيلها من أجل الاستجابة لمتطلبات السوقين الداخلية والدولية؛ وذلك على صعيد الإنتاج، الجودة، السلامة الصحية، التتبع، التعليب، تقنيات التسويق، الماركتينغ، الحكامة الجيدة والإدارة المالية.[/rtl]
[rtl]وتبعا لذلك، حصلت سبعة أنواع من التمور على رمز الجودة في المغرب، والتي تمنحها وزارة الفلاحة؛ وهو ما مكنها من رفع مستوى التسويق لديها، بمناسبة موسم جني التمور خلال الموسم الحالي الذي حقق رقما تجاوز 112 ألف طن.[/rtl]
[rtl]الاعتراف بسبعة أصناف من التمور مكن، حسب معطيات لوزارة الفلاحة، من استفادة 17 فلاحا من منتجي المجهول؛ وهو الأمر الذي مكن ترميز 188 طنا من تمور المجهول، معتبرة أن ذلك يعد من الآثار الإيجابية للإجراءات المتخذة لتطوير التثمين تجسدت على أرض الواقع.[/rtl]
[rtl]رشيد بوزركي، فلاح من منتجي تمر المجهول في الريصاني وواحد من الـ17 فلاحا الذين اعترف لهم بجودة التمر المنتج، يرى، في حديث مع هسبريس، أنه "بعد حصول المجهول على شهادة التثمين والعلامة المميزة في المغرب سنة 2010، (وهي علامة مرتبطة بالبيان الجغرافي المحمي) أعطت قيمة مضافة للمجهول، وخصوصا على مستوى البيع، مضيفا أن "البيع اليوم مرتفع والإقبال عليه مطلوب، ومع الإرشادات التي تقوم بها وزارة الفلاحة تم الرفع من قيمة علامة البيان الجغرافي المحمي على مستوى منتوجات المنطقة".[/rtl]
[rtl]"الفلاح الصغير استفاد كثيرا من هذه العلامة من خلال تطوير مراحل تتبع المنتوج الذي أصبح بسمعة دولية"، يقول بوزركي، قبل أن يضيف: "اليوم يتم تجميع المنتوج بالإضافة إلى وحدات التبريد"، معتبرا أن "الفلاح الصغير كان يواجه إشكالية التخزين؛ لكن اليوم هذا الإشكال أصبح متجاوزا مع الوحدات التي أشرفت عليها وزارة الفلاحة".[/rtl]
[rtl]وفي هذا الصدد، يرى الفلاح في منطقة الريصاني أن "كل هذا يعطي قيمة مضافة لتمر المجهول، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي، وهذا الأمر فتح مجال فتح العلاقات، كما يقدم إشعاعا لهذا المنتوج"، موردا أن "التمر، في السابق، كان يباع بـ3 دراهم أو أقل؛ لكن اليوم أصبحت له قيمة مضافة".[/rtl]
[rtl]
[/rtl]
[rtl]عصرنة القطاع[/rtl]
[rtl]بعدما أكد رشيد بوزركي، وهو فلاح من منتجي تمر المجهول، أن "العمل التقليدي أصبح متجاوزا بفضل التكوين الذي يتلقاه الفلاح، وكذلك الإرشادات الكثيرة المقدمة من لدن الوزارة الوصية من التخصيب (الذكار) إلى الجني مرورا بتنقية النخيل"، تسعى وزارة الفلاحة من خلال الإستراتيجية التي وضعتها وكالة التنمية الفلاحية إلى "إعادة النظر في المزيج التسويقي عن طريق إدخال تحسينات على المنتوجات، التعبئة، التغليف، التسعير، الترويج وتحسين وضع العلامات"، مشددة على ضرورة "إيجاد سبل الولوج إلى الأسواق من خلال خلق تواصل بين المنتجين والموزعين بالأسواق الوطنية والدولية".[/rtl]
[rtl]ومن نتائج ذلك، باعتراف الفلاحين أنفسهم، تسهيل ولوج المنتوجات المجالية إلى الأسواق التجارية الكبرى والمتوسطة، حيث جرى توقيع 3 اتفاقيات سنة 2013 من أجل تسهيل تسويق التمور على مستوى الأسواق التجارية الكبرى والمتوسطة لفائدة 23 مجموعة ذات نفع اقتصادي.[/rtl]
[rtl]سياسة العصرنة في مجال تسويق التمور جاءت كذلك من خلال تنظيم مشاركة المجموعات المنتجة في المعارض الوطنية (المعرض الدولي للفلاحة بمكناس والمعرض الدولي للتمور بأرفود والمعرض الوطني للاقتصاد الاجتماعي والتضامني بالدار البيضاء) والدولية (المعرض الدولي للفلاحة بباريس والأسبوع الأخضر ببرلين والمعرض الدولي للتغذية بالشرق الأوسط ـ أبوظبي).[/rtl]
[rtl]
[/rtl]
[rtl]تحسين دخل الفلاحين[/rtl]
[rtl]لم يعد الفلاح في هذه المناطق التي تنتج التمور يحقق الاكتفاء الذاتي لنفسه فقط، بل أصبح التمر موردا للفلاحين وأسرهم، حسب ما أكده يوسف الزياني وهو فاعل جمعوي في منطقة زاكورة، مؤكدا أن الدور اليوم على الدولة ممثلة في وزارة الفلاحة لدعم الفلاحين الصغار في مجال التمور.[/rtl]
[rtl]وفي هذا الصدد، كشفت الوزارة الوصية أن عقد برنامج في إطار مخطط "المغرب الأخضر" بين الدولة والمهنيين هدفه تأهيل سلسلة النخيل ويتوخى تطوير تثمين قوي ومستدام للتمر، مشددة على أن الهدف المحدد لهذا المحور يتمثل في تثمين كمية إجمالية قدرها 110 آلاف طن، أي ما يقارب 70 في المائة من الإنتاج المتوقع في أفق سنة 2020.[/rtl]
[rtl]ويرى توفيق بنمومن، من فكيك وهو من منتجي تمر عزيرة، أن "الإنتاج السابق كان يباع فقط بما معدله 50 درهما اليوم مع الإستراتيجية الفلاحية الجديدة تجاوز التمر 150 درهما"، معتبرا أن النخل اليوم أصبح موردا لرزق العديد من الفلاحة الصغار حيث لم يكن في السابق اهتمام كبير.[/rtl]
[rtl]وفي هذا الصدد، قال بنمومن: "اليوم، التنافس في زراعة النخيل أصبح كبيرا بعدما فقدنا في وقت سابق الأمل في إمكانية الاعتماد على النخيل كمورد رزق"، موردا أن "الهجرة في منطقة فكيك كانت مرتفعة، بسبب عدم اهتمام الساكنة كثيرا بالتمور؛ لكن بفضل هذه الاستراتيجيات، ومع ما أصبح للتمر من جاذبية على المستوى الخارجي تحولت نظرة الساكنة مما ساعد على استقرار الساكنة في مناطقها الأصلية".[/rtl]
[rtl]وتوقعت المعطيات، التي أماط اللثام عنها معرض التمور في دورته الثامنة بمدينة أرفود، إنتاج 70 ألف طن من التمر الطري و20 ألف طن من المنتوجات المصنعة و20 ألف طن لتغذية الماشية، حيث عبأت وزارة الفلاحة موارد مالية في إطار صندوق التنمية الزراعية لدعم تشييد وتجهيز وحدات التثمين المزودة بمستودعات التبريد، كما تم وضع إطار قانوني لترميز وتصديق التمور ومشتقاتها عبر علامات مميزة للأصل والجودة.[/rtl]
[rtl]وتسعى الوزارة الوصية إلى الرفع من القيمة المضافة لحلقة التثمين ضمن سلسلة القيم ومن تحسين مساهمة سلسلة التمور في تطوير اقتصاد الواحات، حيث يشغل قطاع التمور أكثر من 12 ألف شخص ويوفر ما بين 40 في المائة إلى 60 في المائة من دخل حوالي مليوني مغربي، حيث يتوفر المغرب على أكثر من 6،6 ملايين شجرة نخيل التمر موزعة على ما يقارب 51 ألف هكتار.[/rtl]
[rtl]وفي هذا الاتجاه، أوضح الفلاح علي سعو أن "انعكاس كل هذه الإجراءات على معيشي فلاحي المنطقة أصبح باديا، سواء لدى المنخرطين في التعاونيات أو غير المنخرطين والذين أصبحوا واعين بأهمية المنتوج الذي بين يديهم"، مضيفا أن "الحاجة اليوم مبنية أساسا على عقد اتفاقيات خارج الوطن".[/rtl]