فلسطينيات بسجون الاحتلال: من الانتهاكات الحقوقية إلى التحرش والاغتصاب
عرب ٤٨/ أريج حكروش
تحرير : محمود مجادلة
تتعرض النساء الفلسطينيات إلى المضايقات والاعتداءات خلال عمليات الاعتقال والتحقيق من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلية، دون مراعاة للوضع الصحي أو النفسي أو البعد الاجتماعي لأي من المعتقلات الفلسطينيات، لتصل الاعتداءات إلى حد ارتكاب جرائم تحرش جنسي واغتصاب، وانتهاك صريح لحقوق الإنسان الطبيعية.
مؤخرا، عُرض تقرير لشبكة "الجزيرة"، حول تعرض امرأة فلسطينية مقدسية إلى الاغتصاب أثناء احتجازها بأحد مراكز الشرطة في القدس المحتلة، لم تعرض المرأة خلال فترة احتجازها (التعسفي أصلًا)، على المحقق، بل قام أحد أفراد الشرطة باغتصابها بشكل مفجع، الأمر الذي شكل أداة للضغط عليها فيما بعد.
ذلك بالإضافة إلى شهادات المربية والناشطة المقدسيّة، خديجة خويص، حول تعرضها للانتهاكات النفسية، حين أجبرت على خلع حجابها في الزنزانة رغم توسلاتها المستميتة بالرفض، بانتهاك صريح لحرية المعتقد الديني والمس الواضح بخصوصية المعتقلة، مما استخدم، كذلك، كأداة ضغط قوية.
وحول هذا الموضوع، قالت المحامية شهرزاد عودة، عن جمعية كيان النسوية لـ"عرب 48"، "إننا كجسم نسائي نحرص دائما على سلك المسلك القضائي في ما يتعلق بالانتهاكات المتكررة للنساء الفلسطينيات في السجون الإسرائيلية".
جمعيات نسوية وحقوقية: "اعتداءاتكم الجنسية لن تُجهض مقاومة الاحتلال"
جمعيات وأطر نِسويّة وحقوقيّة يطالبون المستشار القانوني للحكومة بمتابعة التحقيق في ظروف اغتصاب امرأة فلسطينية وتعذيبها جنسيا من قبل رجال الشرطة
وأضافت عودة أنه "نحن نستنكر الظروف التي تتعرض لها النساء في السجون من اعتداءات وتحرشات تبلغ حد الاغتصاب الصريح، ليستخدموا ذلك فيما بعد كأداة ضغط على الرجل المقاوم الفلسطيني، ولردع المقاومة، الأمر الذي يشكل خطرا جسيما على النساء المعتقلات داخل السجون وأيضا على النساء بشكل عام".
وأوضحت عودة أن "هذه السياسة تحرم النساء من حرية التنقل وممارسة حياتهن العادية، كما وتحرمهن من ممارسة حقهن بالنشاطات الاحتجاجية، علما بأن غالبية النساء المعتقلات لم تثبت بحقهن تهم أمنية، بل هي اعتقالات سياسية بالدرجة الأولى".
ونوهت عودة بأن "ظروف الاعتقال لا تراعي الفروقات الجندرية أو العمرية للمعتقل، فالنساء يتعرضن لظروف مشابهة يتعرض لها الرجال والأطفال دون سن الـ18، فالسجون الإسرائيلية همها الأول والأخير هو الضغط على المعتقل لانتزاع الاعترافات، وذلك يشمل الجميع".
وحول الخطوات المستقبلية التي ستتخذها جمعية كيان، أوضحت عودة أنه "في الأيام القادمة نحن بصدد تقديم كتاب للمستشار القضائي للمحكمة العليا، نطالب من خلاله بمباشرة التحقيق حول الانتهاكات التي تتعرض لها النساء الفلسطينيات وقضايا الاغتصاب".
ارتفاع مستمر في أعداد المعتقلات في سجون الاحتلال
هذا وبلغ عدد النساء اللواتي تعرضن للاعتقال خلال العام 2015 نحو 106 معتقلة بين فتاة وامرأة، مقابل 164 معتقلة منهن 79 أسيرة مقدسية خلال العام 2016.
وفي نهاية العام 2016 بلغ عدد المعتقلات 53 معتقلة، بينهن 11 معتقلة قاصر، و14 معتقلة مقدسية، وثلاث معتقلات إداريًا، الأمر الذي دفع مصلحة سجون الاحتلال إلى افتتاح سجن الدامون خلال العام 2015، لاستيعاب المعتقلات، إلى جانب سجن الشارون، في إشارت إلى الارتفاع المستمر في نسب المعتقلات في سجون الاحتلال.
يذكر أن هذه الأعداد هي الأعلى منذ عملية تبادل "وفاء الأحرار"، والتي انجزت بتاريخ 18 تشرين الأول/ أكتوبر من العام 2011، بين الحكومة الإسرائيلية وحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، بحسب التقرير السنوي للانتهاكات الإسرائيلية الذي أجراه مركز "الضمير".
أما حول الإحصائيات التي ترصد حوادث الاغتصاب للأسيرات الفلسطينيات، قالت عودة لـ"عرب 48"، إنه "ليس هناك معطيات واضحة حول النساء اللواتي تعرضن لجرائم الاغتصاب، فهناك بعد اجتماعي ونفسي يمنع الضحية للكشف عن ظروف اعتقالها والاعتداء عليها، للأسف".
وفي سياق متصل، صدر عام 2015 تقرير أجرته المحامية شهرزاد عودة، يرصد الانتهاكات من خلال بحث أجرته اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في السجون الإسرائيلية عام 2012، وتضمن التقرير شهادات لأسيرة فلسطينية تعرضت للتعذيب وظروف اعتقال مهينة، الأمر الذي يتخالف مع الشروط والمعايير الدولية للأسر والاعتقال.
وتنتهك السلطات الإسرائيلية جميع معاهدات والقوانين الدولية للاعتقال، فلا تراعي الفروقات الجنسانية وفقا لنتائج البحث الذي أجرته اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في السجون، والذي رصد أساليب عقابية مثل عمليات تفتيش خلايا السجن في وقت متأخر من الليل من قبل السجانين الذكور، الأمر الذي يزيد المخاوف لدى الأسيرات من تعرضهن للأذى الجسدي أو التحرش والانتهاك الجنسي، وكثيرا ما تنتهي عمليات التفتيش بتهديد النساء الأسيرات بالاغتصاب العلني والصريح.
وتعاني الأسيرات الفلسطينيات في السجون الإسرائيلية من ظروف لا تأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات النسائية في مراحل الحمل والولادة وفترات العادة الشهرية مثلاً، ووفقا لشهادات عدد من الأسيرات، تتلقى كل أسيرة لفافتين من ورق التواليت وعشر فوط صحية شهريا، دون مراعاة للاحتياجات الفردية.
وتتفشى بين الأسيرات الفلسطينيات العديد من الأمراض، وخاصة تلك التي تؤثر سلبًا على الأعضاء التناسلية للإناث، ما يعتبر انتهاك صارخ للقوانين والمعاهدات الدولية التي كانت إسرائيل جزءًا منها، مثل قوانين وتوصيات الأمم المتحدة التي تقر على مراعاة الفوارق الجنسانية، والذي وقعت عام 1955، وقواعد "احتجاز السجينات" التي تعرف "بقواعد بانكوك"، عام 2010.
وفي هذا السياق، أصدرت اللجنة العامة لمناهضة التعذيب بالسجون الإسرائيلية، تقريرًا يرصد عدد حالات التعذيب الممنهج بين عامين 2011 - 2015، وجاء فيه أن هناك 658 حالة تم رصدها عن طريق شهادات المعتقلين أو ذويهم أو محامييهم، و460 حالة تم رصدها خلال العام 2014 من قبل المؤسسات الحقوقية الفلسطينية و137 حالة رصدتها منظمات إسرائيلية مختلفة.