الأعمال تجري كالمعتاد في الشرق الأوسط
- منظر عام للدمار في الرقة السورية بعد طرد "داعش" منها مؤخراً
- أليسون فيدريكا – (جيوبوليتيكال فيوتشرز) 27/10/2017
- ترجمة: علاء الدين أبو زينة
- أصبح "داعش" على الجانب الدفاعي في سورية. وقد تم انتزاع السيطرة منه على ما تدعى عاصمته في الرقة، وشرع في التراجع إلى مناطق في الجنوب الشرقي من سورية، بالقرب من الحدود مع العراق. ويعني ذلك أنه أصبح بوسع الكيانات المنغمسة في شؤون "الدولة الإسلامية" –العراق، وإيران، ولبنان، وتركيا، وروسيا، والولايات المتحدة والأكراد- أن تعود إلى العمل كالمعتاد، أليس كذلك؟
- حسناً، نعم، ولا. حتى نكون واضحين، فإن "الدولة الإسلامية" لم تُدمَّر؛ إنها، كما يمكن القول، لم تعد مركز الجاذبية الذي كانته ذات مرة. وإذا لم تقم باستعادة الأراضي التي خسرتها، فإن مقاتليها سيختلطون ببساطة مع سكان جيرانها وسوف يواصلون شن التمرد. وعلى أي حال، كان العمل كالمعتاد في الشرق الأوسط فوضوياً. كانت المنطقة منذ قرون مكاناً للعداء وعدم الثقة، والخصومات العرقية والطائفية، والحدود سيئة الترسيم. وقد ترك تراجع "داعش" فجوة صغيرة يتنافس عليها أصحاب الحصص في المنطقة لتعزيز مصالحهم. وبينما يفعلون ذلك، فإنهم سيعيدون إشعال هذه الخصومات التي كانوا قد وضعوها جانباً ذات مرة لفترة وجيزة، ولو أن ذلك الاستبعاد لم يكن أصيلاً. وقد يبدو الشرق الأوسط مختلفاً الآن، بينما تتشكل تحالفات جديدة وتتلاشى آخرى قديمة، لكن السعي إلى خدمة المصالح الشخصية على حساب الآخرين سوف يبقى.
- في الحقيقة، صنع وجود "الدولة الإسلامية" رفاقاً غريبين. فعلى سبيل المثال، تعاونت الولايات المتحدة مع خصوم سابقين في الحكومتين السورية والروسية. والأكثر جدارة بالملاحظة أنها تعاونت مع إيران. وكان الاتفاق النووي الإيراني في جزء منه، بعد كل شيء، نتيجة للتهديد الذي شكله "داعش". كما أن روسيا وتركيا، اللتين توترت العلاقات بينهما بعد إسقاط أنقرة طائرة مقاتلة روسية في العام 2015، أصبحا أكثر تقارباً في وقت لاحق. لكن العدو المشترك تم ترويضه الآن (إذا لم يكن القضاء عليه تماما؟ً)، وكذلك أيضاً حال حماسة هذه الأطراف إلى التعاون مع بعضها بعضا.
- ولنأخذ مسألة الأكراد. كانت حكومة إقليم كردستان سريعة إلى العمل بينما تراجع "داعش". ومستمدة الشجاعة من الدعم الأجنبي والمكاسب في الأراضي التي أحرزتها في القتال ضد "داعش"، عمدت هذه الحكومة مباشرة تقريباً إلى عقد استفتاء على الاستقلال، والذي اختار فيه الناخبون الأكراد الحصول على المزيد من الحكم الذاتي. وكان النجاح بهذا الخصوص غير مرجح دائماً، لكن أربيل خلصت، بمنطق معقول، إلى أن مغادرة "داعش" شكلت أفضل فرصة لها –وأن هذه الفرصة لن تدوم.
- لكن ذلك المنطق لم يدُم طويلاً في واقع الأمر. فقد عارضت الحكومة في بغداد المسعى الكردي إلى الاستقلال بقوة. واضطرت إلى استعادة المناطق الشمالية التي كانت قد فقدتها في خضم القتال ضد "داعش". وانضمت تركيا وإيران إلى العراق في معارضتها. بل إن تركيا شرعت مسبقاً بدعم الحركات المناهضة للأكراد في المنطقة، وهو ما لم يكن مفاجئاً بما أنها تعتقد بأن كردستان عراقية مستقلة سوف تشجع السعي إلى إقامة كردستان تركية. وفي الأثناء، أسست أنقرة لنفسها نقاطاً أمامية في إدلب ومحافظة حلب، مع أنه ليس من الواضح كم هو حجم التواجد العسكري الذي تخطط له في سورية. وقد طوت الحكومة في أربيل منذ ذلك الحين خططها للاستقلال.
- ثم هناك السعودية، المنخرطة دائماً في منافسة مع خصمها الإقليمي، إيران. والآن وقد تراجع "داعش"، تعتقد الرياض أنها وجدت الفرصة لكسب نفوذ على إيران. ومع أن السعودية تعادي سورية، فإن ذلك لم يوقف مسؤولاً سعودياً رفيع المستوى من السفر إلى الرقة للاجتماع مع المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص للتحالف العالمي ضد "داعش". وفي الاجتماع، ناقش المسؤولان احتمال تمويل الرياض لإعادة إعمار المدينة التي دمرتها الحرب. وسوف يعطي ذلك السعودية موطئ قدم في بلد متحالف تقليدياً مع إيران. ومن جانبها، كانت إيران سريعة إلى ملء الفراغات المتاحة للسيطرة. وكانت منذ وقت طويل داعمة للعراق وسورية. وتقوم قواتها العسكرية التقليدية بدعم الوكلاء في هذين البلدين، بمن فيهم حزب الله، والمجموعات الشيعية العراقية، والمقاتلين الشيعة من العالم الإسلامي الأوسع، بما في ذلك في أفريقيا، وشرق ووسط آسيا، في القتال إلى جانب قوات النظام السوري. (ويبدو أن وكيل إيران، حزب الله، قد أصبح أقوى منذ سقوط الرقة). ويهيمن على الدولة العراقية الحالية فصيل شيعي موالٍ لإيران، والذي كان له دور أساسي في دفع الأكراد إلى التراجع عن مسعاهم للاستقلال. وتواصل طهران دعم المجموعات اليمنية التي تحارب الجماعات التي تدعمها السعودية. وفي الأثناء، قال ولي العهد السعودي مؤخراً أن بلده لن يتوقف عن المشاركة في الحرب الأهلية اليمنية، لأنه لا يستطيع المخاطرة بتشكل جماعة أخرى شبيهة بحزب الله على حدوده –في إشارة ضمنية إلى الثوار الحوثيين الذين تدعمهم إيران.
- أين تقف المنطقة
- يبدو أن الجيش الإيراني التقليدي هو شيء لا تستطيع السعودية تجاهله. وتشكل الرياض القوة السنية الوحيدة في المنطقة، لكن نفوذها يتراجع. وقد أدت أسعار النفط إلى خفض الإيرادات الحكومية، وحدَّت من قدرتها على إدارة الإصلاح الاقتصادي والسياسي المنطوي على مخاطر في الوطن، والاضطرابات في الخارج. ويجعل ذلك منها مرشحاً مناسباً تريد إسرائيل التحالف معه، بوصفها مهددة بالمثل من إيران. وحتى الآن، كانت هناك ردود فعل محسوبة على التواجد العسكري الإيراني التقليدي المتنامي. في سورية، بدأت إسرائيل توجيه ضربات جوية أكثر تكراراً ضد أهداف لحزب الله، مثل القوافل ومرافق التخزين. ويقال أن الأسلحة التي يُعتقد أن هذه المرافق تضمها أو تنقلها تذهب إلى المليشيات التي تدعمها إيران في سورية والتي تدعم الأسد بدورها. ويشكل مجرد وجودها وحده تهديداً لإسرائيل، ولذلك يمكن توقع استمرار الضربات الجوية الإسرائيلية.
- في كل هذه الأمور تتورط الولايات المتحدة. ولا يشكل الجيش الإيراني التقليدي تهديداً جدياً لواشنطن، لكن واشنطن تنوي إخضاع الشرق الأوسط لإرادتها أيضاً، وهي لا تريد أن تصبح إيران قوية أكثر من اللزوم. ويفسر ذلك إلى حد كبير لماذا لم يشهد الرئيس ترامب المصادقة على الاتفاق النووي. وقد سمح الاتفاق لإيران بالهرب من العقوبات المفروضة عليها، بينما مكّن الولايات المتحدة من خفض تورطها العسكري في المنطقة. وأصبح التعامل مع هاتين الحاجتين أكثر إلحاحاً لكل فريق مع وجود "داعش" قوي في المنطقة، وساعد ذلك في حفز التعاون.
- لكن الظروف تغيرت، وكذلك تغيرت مكانة الاتفاق النووي أيضاً. ومن الجدير بالملاحظة أن إلغاء الاتفاق سيكون صعباً، لكن لدى الولايات المتحدة خيارات أخرى لإخضاع إيران. وعلى سبيل المثال، أقر مجلس النواب الأميركي مسبقاً تشريعاً لفرض عقوبات على حزب الله. وعلى الرغم من أن القانون بالغ الدقة، فإن الرسالة واضحة: تريد الولايات المتحدة العمل ضد إيران وجماعاتها الوكيلة، وهي تدرك تحالف المصالح مع إسرائيل والسعودية.
- وإذن، هذا هو المكان الذي تقف فيه المنطقة. لا يُسمح للأكراد بإقامة دولة. وتكرس تركيا كل وقتها لمحاولة التغلب على النفوذ الإيراني في سورية والعراق. وتتحرك إيران لتكون قوة إقليمية أكثر بروزاً. وتعارض السعودية صعود إيران. والولايات المتحدة تريد توازناً للقوى.
- إذا كان كل هذا يبدو مربكاً، فهو لأنه كذلك حقاً. فالشرق الأوسط مكان معقد. ومع ذلك، فإن الفكرة الأكبر هي أن الوقت يمضي ببطء في المجال الجيو-سياسي. لا شك في أن حدثاً محورياً يقع من وقت لآخر، والذي تمكن بسهولة معرفة أن له تداعيات طويلة الأمد، لكن مثل هذه الأحداث نادرة الحدوث. وتظل تغيرات الاتجاه شؤوناً مراوغة، أقرب إلى التحولات البيولوجية منها إلى الطفرات الجينية. وهو أمر يصعب تعديله في منطقة بمثل تقلب الشرق الأوسط. ونحن نعرف أنه سيتم ترويض "داعش" في نهاية المطاف، وكنا نعرف أن اللاعبين في المنطقة سوف يتسابقون إلى توجيه الموقف حسب ما يريدون. ويشير ما حدث على مدى الأسابيع الأخيرة في المنطقة إلى الطريقة التي تتجسد بها جهودهم لتحقيق ذلك.
- Business as Usual in the Middle East
By Allison Fedirka
The Islamic State is on the defensive in Syria. It’s so-called capital in Raqqa has been wrested from its control, and it has begun to retreat to areas in the southeast near the border with Iraq. This means all the entities embroiled in Islamic State affairs – Iraq, Iran, Lebanon, Turkey, Russia, the United States and the Kurds – can go back to business as usual, right?
Well, yes and no. The Islamic State, to be clear, has not been destroyed; it is just, conservatively, no longer the center of gravity it once was. If it doesn’t reclaim territory it has lost then its fighters will simply blend into the populations of its neighbors and it will continue waging its insurgency. In any case, business as usual in the Middle East is messy. It is a region of centuries-old animosity and distrust, of ethnic and sectarian rivalry, and of poorly drawn borders. The IS retreat has left a small void for stakeholders in the region to advance their interests. As they do, they will rekindle these rivalries they had once briefly, if disingenuously, set aside. The Middle East may look different as new alignments form and old ones fade, but the pursuit of interests at the expense of others will remain.
[url][/url]
A picture taken on Oct. 20, 2017, shows a general view of heavily damaged buildings in Raqqa, after a Kurdish-led force expelled Islamic State fighters from the northern Syrian city. BULENT KILIC/AFP/Getty Images
Strange Bedfellows
Indeed, the presence of the Islamic State made strange bedfellows. The U.S., for example, has cooperated with erstwhile adversaries in the Syrian and Russian governments. It has, more notably, cozied up to Iran. The Iran nuclear deal was, after all, partly the result of the threat IS posed. Russia and Turkey, once acrimonious after Ankara downed a Russian fighter jet in 2015, had subsequently become closer. But now that the common enemy is tamed (if not eliminated), so too is the enthusiasm for cooperating with one another.
Take the Kurds. In Iraq, the Kurdistan Regional Government was quick to act as IS retreated. Emboldened by foreign support and territorial gains made in the fight against IS, the KRG nearly immediately held an independence referendum, during which Kurdish voters elected to have more autonomy. Success in that regard may have always been unlikely, but Irbil reasonably concluded that the IS departure was its best opportunity – and that it wouldn’t last.
It was in fact short-lived. The government in Baghdad strongly opposed the Kurdish push for independence. It needed to reclaim the northern territories it had lost amid the fight with IS. Turkey and Iran have joined Iraq in its opposition. Turkey, in fact, has already begun to support anti-Kurdish movements in the region, unsurprising since it believes an independent Iraqi Kurdistan could encourage the creation of a Turkish Kurdistan. Meanwhile, Ankara has established outposts in Idlib and Aleppo province, though it is unclear exactly how much of a military presence it plans to have in Syria. The Kurdish government in Irbil has since backpedaled on its plans for independence. Then there is Saudi Arabia, always in competition with its regional rival, Iran. Now that IS has retreated, Riyadh believes it may have found an opportunity to gain leverage on Tehran. Saudi Arabia is enemies with Syria, but that didn’t stop a high-ranking Saudi official from traveling to Raqqa to meet with the U.S. special presidential envoy for the global coalition to counter IS. They discussed the possibility of Riyadh funding the reconstruction of the war-torn city. This would give Saudi Arabia a foothold in a country traditionally aligned with Iran.
For its part, Iran has been nimble in filling the voids that are up for grabs. It has long been a supporter of Iraq and Syria. Its conventional military forces are backing proxies in these countries, including Hezbollah, Iraqi Shiite groups and Shiite fighters from the wider Muslim world including Africa, Southeast Asia and Central Asia, to fight alongside the Syrian regime’s armed forces. (Hezbollah, its go-to proxy, appears to have gotten stronger since the fall of Raqqa.) The current Iraqi state is dominated by a pro-Iranian Shiite faction, which was instrumental in getting the Kurds to back off their push for independence. Tehran continues to back groups in Yemen that are fighting groups backed by Saudi Arabia. The Saudi crown prince, meanwhile, recently said his country would not stop participating in the Yemeni civil war because it cannot afford the risk of another Hezbollah-like group forming on its border – a veiled reference to the Houthi rebels that Iran is backing.
Where It Stands
Iran’s conventional military, it seems, is something Saudi Arabia cannot ignore. Riyadh is the region’s only Sunni power, but its influence is fading. Oil prices have curbed government revenue, undermining its ability to manage risky economic and political reform at home and upheaval abroad. Iran is trying to exploit Saudi decline. This makes it a suitable candidate for Israel, likewise threatened by Iran, to align with. So far there have been only measured responses to Iran’s growing conventional military presence. In Syria, Israel has begun to strike Hezbollah targets, such as convoys and storage facilities, more frequently. The weapons these targets are believed to be housing or transporting are reportedly going to Iranian-backed militia in Syria that support Assad. Their presence alone is a threat to Israel, so airstrikes can be expected to continue.
Involved in all these affairs is the United States. Iran’s conventional military is less of a threat to Washington, but Washington intends to bend the Middle East to its will too, and it does not want Iran to become too powerful. This largely explains why President Donald Trump decertified the Iran nuclear deal. The deal allowed Iran to escape its sanctions while enabling the United States to reduce its military involvement in the region. Addressing both of these needs became more urgent for each party with a strong IS in the region, and that helped drive cooperation. But the conditions have changed, and so the status of the deal has also changed. Notably, revoking the deal would be difficult, but the U.S. has other options for bringing Iran to heel. The U.S. House of Representatives, for example, has already approved legislation to sanction Hezbollah. Though subtle, the message is clear: The U.S. wants to work against Iran and its proxy groups and acknowledges this alignment of interests with Israel and Saudi Arabia.
So here is where it stands. The Kurds are not being allowed to make a state. Turkey is biding its time as it tries to overcome Iranian influence in Syria and Iraq. Iran is moving to be a more prominent regional power. Saudi Arabia opposes Iran’s rise. The U.S. wants a balance of power.
If all this sounds confusing, it’s because it is. The Middle East is complicated. The larger point, though, is that in geopolitics, time moves slowly. Sure, every so often a pivotal event takes place, easily identifiable with long-term consequences, but such events are rare. Changes in direction are subtle affairs, more akin to biological evolutions than genetic mutations. That’s hard to square in a region as volatile as the Middle East. We knew that the Islamic State would eventually be subdued, and we knew that after it was, the region’s actors would scramble to bend the situation to their will. What has happened over the past few weeks is how their efforts are taking shape.