ميكانيكا السيارات لم تعد حكرا على الرجال في الأردن
“كراج زهرة إربد لكهروميكانيك سيارات السيدات فقط”، لوحة تجذب الانتباه وتشدّ كل من يقرأها، شيء لم يعهده الأردنيون على الإطلاق.
من الطبيعي أن تجد صالون تجميل للسيدات وأن ترى مقاهي خاصة بهن وأندية رياضية كذلك، لكن كراج خاص بإصلاح سيارات النساء، فهذا أمر غير مسبوق في مدينة إربد شمالي الأردن، بل في طول المملكة وعرضها، والأغرب أن من تعمل به سيدة أردنية ، كسرت قاعدة احتكار الرجال لمهنة الميكانيكي، وغيرت النظرة التقليدية للمرأة.
“بلقيس بني هاني” شابة تبلغ من العمر 35 عاماً، تتنظر كباقي نساء العالم، قدوم اليوم الثامن من شهر مارس؛ للاحتفال بيوم المرأة العالمي، فمنجزها يستحق ذلك، فقد أدخلت على مجتمع بلادها في شهر نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي مشروع جديد كسر التقليد.
تقول بلقيس: “افتتحت هذا الكراج في 29 نوفمبر الماضي لسيارات النساء فقط، وقد جاءت الفكرة لأنني لم أجد عملاً بعد أن تركت عملي السابق كمديرة لعيادة طبية تتبع لإحدى المنظمات الدولية”.
وتضيف وهي مشغولة بإصلاح سيارة خاصة “التحقت بدورة ميكانيك لمدة ستة شهور وتعلمت الأساسيات، لكن الميكانيك يحتاج لممارسة”.
وتشير بلقيس الحاصة على دبلوم بتخصص العلوم المالية والمصرفية أن “كثير من الأردنيات يقدن السيارات ويذهبن لعملهن، وعندما تتعطل سياراتهن لا يجدن سبيلاً إلا الميكانيكي وما يرافق ذلك من ضغوط نفسية عليهن؛ لدخولهن أماكن خاصة بالرجال”.
وتمضي قائلة “عندما تجد السيدة كراجاً تعمل به سيدة وخاص بالسيدات أيضاً ، فهي لن تضطر لانتظار زوجها أو شقيقها أو أي أحد من أقربائها للذهاب معها كي تصلح سيارتها”.
تقول بلقيس وهي أم لطفلين إن “فكرة الكراج لم تلق أي اعتراضاً من أهلي ، وهم من شجعوني، وأكثر زبائني في الكراج أهلي وجيراني وأصدقائي وكثيرون ممن يدعمون فكرتي ويرون بأنني أضفت بصمة واضحة لسوق عمل النساء في البلاد”.
“مهن النساء التقليدية ليست بالأمر الغريب وسوق المنافسة فيها كبير جداً، ورغم أنه أسهل ويتناسب مع قدرات النساء، إلا أن مهنة الميكانيك التي أعمل بها شيء جديد على المجتمع، وله أثر كبير في نفسي”، تتابع السيدة الأردنية.
ونظرا لعدم خبرة بلقيس الواسعة في مجال تصليح السيارات، فإنها تعمل جنبا إلى جنب مع ميكانيكي (رجل)، وتوضح “كي أتعلم منه ما ينقصني ولكسب ثقة الزبائن أيضاً كونهم لا يؤمنون بقدرة المرأة في هذه المجال، فضلاً عن أن وجود ميكانيكي في الكراج دليل على تشاركية عمل الرجل مع المرأة ، وأن العمل هو من يثبت الإنسان وليس جنسه”.
رغدة عبد الكريم، موظفة في أحد البنوك الأردنية، وزبونة لدى بلقيس، جاءت لاستلام سيارتها، تلفت في حديثها للأناضول أنه “يجب على المجتمع أن يدعم أم أسامة (بلقيس)، فهي بهذا الكراج توفر مكانا آمنا يمكن للنساء إصلاح سياراتهن فيه”.
وتستدرك رغدة “لا أقصد هنا الإساءة للرجال في هذه المهنة، بل لأن وجود كراج كهذا وسيدة تعمل به، يعطي الأريحية للسيدات في تصليح سياراتهن دون الحاجة لمرافقة قريب”.
وتعاني المرأةَ الأردنية وفق أرقام وزارة العمل، من نسبة بطالةٍ تتجاوز 30 بالمائة من الباحثات عن العمل والقادرات عليه، وتحمل 65 بالمائة من النساء العاطلات عن العمل شهادات جامعية.
ومؤخرا أظهر تقرير صادر عن دائرة الإحصاءات الأردنية (حكومية) أن نسبة البطالة في السوق الأردنية استقرت عند 18.5 بالمائة.
وبلغ معدل بطالة الذكور 16.1 بالمائة، مقابل 27.5 بالمائة للإناث في الربع الأخير من 2017، بحسب المصدر ذاته.
ويحتفل العالم في الثامن من شهر مارس/ آذار من كل عام، باليوم العالمي للمرأة؛ تقديراً لإنجازاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغير ذلك.