مخاوف «الخصوصية» تطارد مستخدمي «فيسبوك» وجدل حول كيفية حمايتها
لندن ـ «القدس العربي»: عادت أزمة الخصوصية إلى الأضواء مجدداً بالنسبة لمستخدمي شبكة التواصل الاجتماعي الأوسع انتشاراً في العالم «فيسبوك» وذلك بعد مزاعم عن سوء استخدام شركة «كامبريدج أناليتيكا» الإحصائية لبيانات 50 مليون شخص من مستخدمي «فيسبوك» وهو ما يعني في النهاية أن خصوصية المستخدمين باتت في مهب الريح.
وتضم شبكة «فيسبوك» حالياً نحو ملياري مستخدم من مختلف أنحاء العالم، فيما تسعى إلى الاستحواذ على مزيد من المستخدمين من مختلف أنحاء العالم بما في ذلك المناطق النائية التي لا تصل إليها شبكة الانترنت وذلك باستخدام طرق غير تقليدية لايصال خدمات الانترنت ومن ثم خدمات «فيسبوك» إلى تلك المناطق.
وكانت شركة «فيسبوك» الأمريكية أعلنت رسمياً في بداية العام الماضي أن عدد مستخدميها وصل إلى 1.86 مليار مستخدم، فيما قال المدير المالي للشركة ديفيد وينر إن الشبكة أضافت عدداً هائلاً من المستخدمين خلال الربع الأخير من العام 2016 وهو ما دفع تقارير صحافية إلى الاستنتاج أن الشبكة ستضم أكثر من ملياري شخص قبل نهاية العام 2017.
ويسود الاعتقاد أن شبكة «فيسبوك» باعت معلومات وبيانات تعود لأكثر من 50 مليون مستخدم لشركة «كامبريدج أناليتيكا» وشركات أخرى، فيما تم استخدام هذه البيانات في عمليات التأثير من أجل تحقيق مكاسب سياسية لأطراف على حساب أخرى في بعض الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة التي تشهد جدلاً كبيراً يتعلق بالانتخابات الرئاسية التي انتهت بفوز الرئيس دونالد ترامب وما إذا كان قد حدث تأثير فيها أم لا.
وأعادت هذه المعلومات والمزاعم مسألة الخصوصية إلى الواجهة مجدداً، حيث يتم استغلال وبيع المعلومات الشخصية المتعلقة بالأفراد على شبكة «فيسبوك» دون إذن منهم ودون معرفتهم.
أربع خطوات لحماية الخصوصية
وحسب تقرير صحافي نشرته الصحافة البريطانية وتم تداوله على نطاق واسع فإن ثمة أربع خطوات سهلة وبسيطة يتوجب على مستخدمي «فيسبوك» القيام بها من أجل حماية خصوصيتهم ومعلوماتهم أكثر في ظل تزايد القلق من تسريب هذه البيانات.
ويقترح التقرير الذي كتبه المحرر البريطاني المتخصص في شؤون التكنولوجيا روب ووغ أن يقوم المسـتــخدمون القــلـــقــون على الخصوصية بإلغاء حــســاباتهم على «فيـــســـبوك» مشيراً إلى أنه من حيث المبدأ فإن إلغاء الحــساب أو تجميده مسألة متاحة وواردة وهي الوسيلة الأنجع لحماية الخصوصية.
أما في حال التمسك بالنشاط على شبكة «فيسبوك» والإبقاء على الحساب فإن الخطوات الأربع المطلوبة لتعزيز الخصوصية وتوفير مزيد من الحماية لها تتلخص فيما يلي:
أولاً: في الاعدادات قم باختيار «private» لتدويناتك على صفحتك، وهو ما يضمن لك عدم ظهورها إلا للأصدقاء الذين تعرفهم والذين وافقتَ أنت سلفاً على صداقتهم.
ثانياً: قم بتقييد الجمهور الذي يمكنه الاطلاع على تدويناتك وأنشطتك القديمة. وحتى تفعل ذلك فكل ما عليك هو أن تذهب إلى الاعدادات وتقوم باختيار «Limit Old Posts» من أجل عدم إتاحة الفرصة للأصدقاء بالعودة إلى الأنشطة القديمة، وما عدا ذلك فعليك أن تعلم بأن ما لا يظهر على الصفحة لا يعني بالضرورة أن الوصول إليه غير ممكن، بل ممكن وسهل.
ثالثاً: قم بتقييد المعلومات التي يمكن استخدامها من قبل التطبيقات. حيث تبين أن جزءاً من البيانات التي حصلت عليها شركة «كامبريدج أناليتيكا» تم من خلال تطبيقات يتم تثبيتها على الهاتف المحمول ووافق صاحب الهاتف على إعطاء حق الدخول لهذه التطبيقات إلى البيانات الموجودة على هاتفه، بما فيها بياناته على «فيسبوك» وتم استخدام ذلك في النهاية بغرض التأثير في الانتخابات الأمريكية.
رابعاً: تريث قبل الضغط على زر «الاعجاب» فهو أكثر ما يظهر عند الشخص لدى متابعيه، كما أنه يمكن أن يظهر أيضاً في عمليات البحث ما لم يقم المستخدم بإلغاء هذه الخاصية من قائمة الاعدادات على حسابه على «فيسبوك».
مقاطعة «فيسبوك»
ولاحقاً لاشتعال المخاوف بشأن الخصوصية على «فيسبوك» أطلق آلاف النشطاء حول العالم حملة تدعو لإلغاء الحسابات على الشبكة الأوسع انتشاراً في العالم، وهو ما أدى سريعاً إلى هبوط حاد في أسعار أسهم الشركة وكبد قيمتها السوقية الاجمالية خسارة تجاوزت الـ35 مليار دولار أمريكي.
وأطلق نشطاء حملة على شبكات التواصل المنافسة تحت الهاشتاغ «deletefacebook#» وهي الحملة التي انضم إليها أيضاً مؤسس تطبيق «واتس آب» الذي يغزو الهواتف المحمولة في العالم والذي اشترته شركة «فيسبوك» مؤخراً.
وطالب مؤسس «واتس آب» براين أكتون جميع مستخدمي «فيسبوك» بضرورة إلغاء حساباتهم الشخصية من على الموقع من أجل حماية خصوصيتهم.
وقال في تغريدة له على «تويتر»: «لقد آن الأوان، أمسح فيسبوك».
وجاءت دعوة أكتون بالتزامن مع هبوط قيمة أسهم «فيسبوك» بسبب اتهامها بسوء استخدام المعلومات الخاصة بالمستخدمين، والفشل في تحديد الأخبار الزائفة.
وكانت شركة «فيسبوك» اشترت تطبيق «واتس آب» مقابل 16 مليار دولار، مما حول مؤسسي «واتس آب» براين أكتون وجان كوم لأصحاب ثروات طائلة.
جدل واسع
ونشرت شبكة «بي بي سي» البريطانية تقريراً موسعاً يناقش السبل الممكنة لحماية الخصوصية على «فيسبوك» وحاولت الإجابة على سؤال إن كانت المغادرة هي الطريقة الوحيدة لحماية البيانات وحماية الخصوصية.
ونقلت في التقرير عن بول بيرنال المحاضر في تكنولوجيا المعلومات وحقوق الملكية الفكرية في جامعة «إيست أنجيليا» قوله: «لا تضغط مطلقا على خيار (إعجاب) لصفحة منتج خدمي، وإن كنتَ ترغب في المشاركة في هذه الألعاب والمسابقات، لا تفعل ذلك عن طريق صفحة فيسبوك، بل اذهب مباشرة إلى الصفحة الإلكترونية الخاصة على الإنترنت».
ويعتقد بيرنال أنه توجد طريقة واحدة بالفعل تجعلك مطمئنا بأن بياناتك ما زالت سرّية بالكامل وهي «العزوف عن استخدام فيسبوك».
وأضاف: «إن الحافز الذي يمكن أن يجعل فيسبوك يوفر حماية للمستخدمين لن يتحقق إلا إذا عزف المستخدمون عنه. وحاليا لا يوجد حافز للتغيير».
ويعترف بيرنال أنه ليس من المرجح أن يعزف الكثيرون عن استخدام فيسبوك، خصوصا أولئك الذي يرون هذه الشبكة الاجتماعية «جزءا من البنية التحتية لحياتهم».
يشار إلى أنه بموجب قواعد حماية البيانات، يستطيع المستخدمون تقديم طلب لشركات فردية يُعرف بـ«طلب الوصول للموضوع» يهدف إلى تحديد كم المعلومات التي جمعتها جهة ما عنهم.
وتشير قوانين حماية البيانات في أوروبا إلى أن الشركات ينبغي لها الاحتفاظ ببيانات المستخدم فقط «طالما كان ذلك ضروريا» لكن تفسير ذلك يخضع لمرونة كبيرة.
ويعني الأمر في حالة «فيسبوك» أن المستخدم طالما نشر شيئا ولم يحذفه، فإن مشاركته تظل منشورة على الإنترنت إلى أجل غير مسمى.
ويمكن للمستخدمين حذف حساباتهم، وهي من الناحية النظرية «تلغي» جميع المدونات المنشورة في الماضي. ورغم ذلك فان الكثير من المعلومات التي تتعلق بالمستخدم تظل موجودة على المنصة من خلال مشاركات الأصدقاء حتى بعد أن يقوم بحذف حسابه بشكل نهائي من الشبكة.