شبان غزة يدخلون «المناطيد المحترقة» في فعاليات «مسيرة العودة»
إسرائيل المرتبكة ترد بالقصف الجوي
Apr 28, 2018
غزة ـ «القدس العربي» ـ أشرف الهور: مع اقتراب موعد حلول منتصف الشهر المقبل، الذي يصادف ذكرى «نكبة فلسطين» والذي اختاره القائمون
على فعاليات «مسيرة العودة الكبرى» كيوم لـ»الزحف» واجتياز الحدود الفاصلة عن الاحتلال، دفعت إسرائيل منذ الجمعة الماضية بتعزيزات إضافية من جنود القناصة
والوحدات القتالية الخاصة، بعد إقامتها سواتر ترابية ووضع أسلاك شائكة، في مسعى لصد المتظاهرين، الذين ابتكروا وسائل مقاومة شعبية جديدة،
كان آخرها رشق جنود الاحتلال بـ»الأحذية البالية» وإطلاق «مناطيد محترقة» غير مكترثين بقوة النيران التي تصوب تجاههم.
وشهدت الجمعة الخامسة لـ «مسيرة العودة الكبرى» استمرار زخم الفعاليات الشعبية بشكل كبير على حدود غزة، رغم دفع جيش الاحتلال بالأعداد الإضافية من الجنود،
الذين لم يستطيعوا منع مجموعات شبابية أطلقت على نفسها اسم «وحدات قص السياج» من الوصول إلى الحدود، وقص السياج الفاصل بمقصات حديدية خاصة،
في أول تجسيد عملي لما يخطط له أن يحدث يوم «الزحف» فيما تمكن آخرون من اجتياز تلك الحدود عند أكثر من نقطة حدودية شرق غزة.
إسرائيل تقصف غزة
ودفع النجاح الشعبي في اجتياز الحدود، إلى قيام إسرائيل برد عسكري داخل غزة، من خلال تنفيذ عدة غارات جوية استهدفت مواقع لحركة حماس
وقوارب مخصصة لكسر الحصار، فقصفت طائرات حربية بصاروخين، قاربين في ميناء غزة، وبعدة صواريخ أخرى موقعا للمقاومة غرب مدينة دير البلح وسط القطاع.
وأعلن الناطق بلسان جيش الاحتلال أن طائراته قصفت أهدافا بحرية تابعة لحماس، ردا على محاولات اجتياز الحدود خلال المواجهات،
وهدد أن قواته بدأت بتنفيذ خطة عسكرية جديدة ردا على تصاعد المواجهات، وتوعد بقيام الجيش بضرب أهداف تابعة للحركة في قلب قطاع غزة، إذا تواصلت المسيرات.
وكانت القوارب التي قصفت تستعد للقيام برحلة لكسر الحصار، من خلال حمل مرضى وطلبة على متنها لإخراجهم من غزة، لحاجتهم الماسة للسفر.
وحملت حركة حماس الاحتلال الإسرائيلي النتائج المترتبة على عملية القصف، وقال الناطق باسم الحركة فوزي برهوم «إن حجم القصف الإسرائيلي
وتوقيته يعكسان حالة الارتباك والتخبط التي انتابت العدو لفشله في التعامل مع القواعد الجديدة التي فرضتها جماهير شعبنا بكل ثبات وعزيمة»
وأكد أن الجماهير الفلسطينية ستستمر وستواصل طريقها وزحفها حتى تحقيق أهدافها، «ولن يزيدها تصعيد العدو سوى قوة وقدرة على التحدي والمواجهة».
شهداء وضحايا
وسجلت جمعة الغضب الماضية التي سميت «جمعة الشباب الثائر» استشهاد أربعة مواطنين بينهم أطفال، وإصابة أكثر من 600 آخرين بجراح متفاوتة،
ليرتقع بذلك عدد الشهداء الذين سقطوا منذ بداية «مسيرة العودة» يوم 30 اذار/مارس الماضي إلى 46 شهيدا، وأكثر من 5500 مصاب.
وتفيد إحصائية وزارة الصحة أن من بين المصابين هناك 143 حالة إصابة خطيرة، و1710 حالة متوسطة، و1515 حالة طفيفة، وأن 227 شخصا
أصيبوا في منطقة الرقبة والرأس، و440 أصيبوا بالأطراف العلوية، و115 بالظهر والصدر، و142 بالبطن والحوض، و1704 بالأطراف السفلية، و740 أماكن متعددة.
وفي هذا السياق قال الناطق باسم الوزارة أشرف القدرة، أن المستشفيات سجلت 21 حالة بتر للأطراف جراء اعتداءات المحتل الإسرائيلي
على المشاركين السلميين في مسيرة العودة، كان من بين حالات البتر أربع حالات بتر في الأطراف العلوية، واحدة منها في الكف وثلاثة في الأصابع، و17 حالة بتر في الأطراف السفلية.
أسلحة محرمة دوليا
وجمعت الهيئة المستقلة لتوثيق الجرائم الإسرائيلية، العديد من دلائل لجوء جيش الاحتلال إلى استخدم العنف بأساليب مدروسة خلال قمع التظاهرات السلمية على حدود غزة.
فهذه اللجنة وثقت استخدام قوات الاحتلال «غازات سامة محرمة دولياً» تصيب المواطنين بحالات «ارتعاش وتشنج واغماء»
كما قامت بتوثيق لجوء قوات الاحتلال لاستخدام أساليب جديدة ضد المتظاهرين، من خلال اختيار أماكن الإصابة.
وفي هذا السياق قال عماد الباز رئيس الهيئة، أنهم جمعوا وثائق تشير إلى إصابة 100 شاب في مناطق حساسة في أجسادهم، بهدف خلق حالة من
«العقم وعدم الانجاب» وايقاع أضرار جسدية ونفسية كبيرة في صفوف المصابين.
واتهم المرصد الأورومتوسطي، لحقوق الإنسان، مسؤولين إسرائيليين في مقدمتهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، ووزير الجيش أفيغدور ليبرمان
والناطق باسم الجيش أفيحاي أدرعي، بإعطاء أوامر والإدلاء بتصريحات لقتل المتظاهرين السلميين على الحدود، وأن أوامرهم أدت إلى قتل أطفال بشكل متعمد.
ووصف المرصد تلك التصريحات بـ «الأمر المشين والمقلق» وأبدى خشيته على حياة المتظاهرين العزل، وشدد على أن هذه التصريحات
«تشجع الجنود على الاستخدام المفرط للقوة»، وأن ذلك يمكن أن يعد دليلا على تعمد قتل الأطفال والمدنيين على حدود غزة، مطالبا في رسالة عاجلة
المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسف» اتخاذ «إجراءات عاجلة» لحماية أطفال غزة الذين يقتلون بـ «دم بارد».
أساليب مقاومة جديدة
ومع اقتراب موعد «الزحف» واجتياز الحدود، ابتكر الشبان المشاركون في فعاليات «مسيرة العودة» السلمية أساليب جديدة في المقاومة الشعبية،
فبعد استخدامهم «المنجنيق» في قذف الحجارة صوب الجنود المتمركزين على بعد مئات الأمتار، وإطلاق الطائرات الورقية المحترقة،
ومن قبلها إشعال النيران في إطارات السيارات ورفع الأعلام الفلسطينية على السياج وحرق أعلام إسرائيل، قاموا برشق جنود الاحتلال بـ»الأحذية البالية»
في خطوة أرادوا من خلالها التعبير عن غضبهم الشديد من استخدام القوة المميتة ضد المتظاهرين، والتي أوقعت عددا كبيرا من الضحايا والإصابات،
فيما أعلنت مجموعة شبابية أخرى عن تأسيس وحدة مقاومة شعبية جديدة أطلق عليها اسم «المناطيد المحترقة»، وهي عبارة عن بالونات
تحمل شعل نارية، يجري اسقاطها في مناطق الأحراش القريبة من الحدود، على غرار الطائرات الورقية المحترقة.
ومن المقرر أن تشهد فعاليات المسيرة زخما كبيرة خلال الأيام المقبلة، فقد أعلن إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس،
أن الفعاليات لن تتوقف يوم 15 أيار/مايو القادم، بل ستسمر إلى ما بعد ذلك التاريخ، وستتواصل خلال شهر رمضان.
وتوعد إسرائيل بزيادة زخم المسيرات، من خلال ما أطلق عليها اسم «أم المسيرات» في الوقت الذي تواصلت فيه فعاليات المسيرات رغم التهديدات الإسرائيلية،
وأكد هنية أن «مسيرة العودة» أسقطت كل المؤامرات التي تحاك ضد القضية الفلسطينية، لافتا أيضا إلى أنها تحمل «رسالة تحذير من الشعب الفلسطيني
إلى كل من يريد التطبيع مع العدو، أو يتواطأ على قضية فلسطين»، وقال ان المسيرة ستنتقل إلى مناطق الضفة الغربية.
وفي السياق أكدت حركة فتح أن إصرار الشعب الفلسطيني على التمسك بحقوقه ومواصلته «مسيرات العودة» أربك حسابات دولة الاحتلال،
و»أكد مرة بعد اخرى أن شعب الجبارين عصي على الكسر».
وأشارت الحركة في بيان لها أنه رغم سلمية هذه المقاومة واصرار الفلسطينيين على التظاهر الشعبي «إلا أن دولة الاحتلال تقتل الأبرياء العزل
من أطفال ونساء وكبار السن، والصحافيين والطواقم الطبية»، وطالبت الحركة المجتمع الدولي بالتحرك الفوري لوضع حد لجرائم إسرائيل ومحاسبتها عليها وتوفير حماية لشعبنا.
وأكدت أن الجبل الفلسطيني «لا تهزه أعتى الرياح وأن شعبا يطالب بحقه لن تكسره كل الأعاصير» وأضافت أن «الحرية قريبة وأن العودة أكيدة».