منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 أنتوني زيني: العداء للسامية أم الحقائق على الأرض

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75477
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

أنتوني زيني: العداء للسامية أم الحقائق على الأرض Empty
مُساهمةموضوع: أنتوني زيني: العداء للسامية أم الحقائق على الأرض   أنتوني زيني: العداء للسامية أم الحقائق على الأرض Emptyالجمعة 21 سبتمبر 2018, 8:02 am

أنتوني زيني: العداء للسامية أم الحقائق على الأرض 253px-Anthony_Zinni

أنتوني زيني: العداء للسامية أم الحقائق على الأرض


بين الفضائل التي ينبغي أن تُحسب للجنرال الأمريكي المتقاعد أنتوني زيني (القائد الأسبق للقوّات الأمريكية في الخليج وجنوب آسيا، والرئيس الأسبق للقيادة العسكرية المركزية، والمبعوث السابق للرئيس الأمريكي جورج بوش في الشرق الأوسط...)، أنه كان بين أبرز وأوائل مَن نجحوا في الإفلات من حبائل أحمد الجلبي، ولم يقعوا في الشباك الكثيرة التي كان ينصبها ذات اليمين وذات الشمال، لرجال البيت الأبيض مثل رجال وزارة الخارجية، ولوزارة الدفاع مثل وكالة المخابرات المركزية.
وذات يوم، غير بعيد في الزمن وإنْ كانت الأحداث الجسام والتبدّلات الكبرى تجعله اليوم قديماً متقادماً، سأل عضو مجلس الشيوخ جون ماكين (جمهوري محافظ ويميني مرّ عتيق): "قانون تحرير العراق بات قانوناً رسمياً الآن، وقد وقّعه الرئيس كلينتون. أما تزال تعتقد أنه أمل كاذب باهظ التكاليف"؟ وردّ أنتوني زيني (وكان آنذاك الجنرال الأكثر بريقاً في أمريكا): "هنالك 91 من مجموعات المعارضة العراقية، 91 يا سيدي! نحن نتابع أدقّ تفاصيل هذه المجموعات، واسمح لي أن أكون نزيهاً فأقول إنني لا أرى أية مجموعة قادرة على إسقاط صدّام في الوضع الراهن".
بالطبع، لم يكن السناتور ماكين بليداً غبيّاً إلى حدّ العجز عن فهم طبيعة تلك الدائرة الفاسدة المفرغة التي تنهض عليها طرائق تلفيق "المعارضة العراقية"، وفي الآن ذاته لم يكن الجنرال زيني ذكيّاً رؤيوياً إلى حدّ استبصار ما لا يبصره شيخ من شيوخ أمريكا. وإذا كان من المحتمل لعاقل سفسطائي أصغى آنذاك إلى هذا السجال أن يقول: "وجهات نظر متباينة"، فإنّ المجنون هو الذي كان سينطق بالحكمة الضرورية الأكثر صدقاً: حسناً، وماذا تفعل وزيرة الخارجية مادلين أولبرايت جيئة وذهاباً في العواصم الخليجية، من أجل ترتيب أوضاع الجبهة العراقية الخارجية؟ مجنون أكثر حذقاً كان في وسعه أن يقول: ولكن... ألا يبدو المنسّق الأمريكي فرانك ريشاردوني أوّل مَن يكيل السهام إلى قانون تحرير العراق، هو الذي نكشته أولبرايت، كما ينكش المرء إبرة من كوم تبن، لكي يتولي تطبيق قانون تحرير العراق؟
آنذاك أيضاً كانت مجموعات المعارضة العراقية، خصوصاً بعد أن أفلحت الإدارة الأمريكية في غربلتها وفرزها وتنقية شعيرها من زؤانها بحيث باتت سبع مجموعات بدل تسعين مجموعة ومجموعة، هي وحدها التي تؤمن بسفسطة العاقل وتتسامى على حكمة المجانين. هنيئاً لها كلّ هذا العقل، سيما وأنّ بعض أقطابها كانوا يهبّون بين الحين والآخر لتوبيخ الجنرال زيني أو سواه، وتلقين أقطاب الإدارة درساً إثر آخر في آداب التعامل مع الشعوب(!)، بل ذهب بعض المعارضين العراقيين "المعتمَدين" إلى توجيه اتهامات العنصرية والاستشراق والغطرسة (!!) إلى هذا أو ذاك من نساء ورجال الإدارة الذين يتولون الملفّ العراقي.
اليوم يذهب زيني أبعد حين يطلق على رهط المعارضة العراقية التي تعاملت مع واشنطن صفة مبتكرة مستمدّة من عالم الأزياء المخملي: "حرب عصابات غوتشي" Gucci Guerillas التي تُشنّ من لندن! وهو لا يذهب في السخرية هذا المذهب لأنه يريد النيل من مجلس الحكم العراقي الحالي (الذي يتألف غالبية أعضائه من مقاتلي الـ "غوتشي" أولئك) فحسب، بل أيضاً لأنّ الوقائع بعد احتلال العراق برهنت أنه كان علي حقّ تماماً في معارضة الغزو قبل وقوعه وبعد وقوعه. وفي كتابه الجديد "جاهزية القتال"، والذي وقّعه مع الكاتب والروائي توم كلانسي، يتابع زيني مآلات المحاذير التي أطلقها ضدّ مغامرة غزو العراق، الأمر الذي عرّضه ويعرّضه لاتهامات شتّى معتادة وكلاسيكية، أكثرها عراقة تلك التهمة دون سواها: العداء للسامية!
وهو يسرد جملة أخطاء وقعت فيها إدارة بوش حين اتخذت قرار شنّ الحرب، بينها التالية:
ـ الخطأ الأول هو القناعة بأنّ سياسة الاحتواء غير مفيدة أو معطّلة. الحقائق، مع ذلك، تقول إنها نفعت مع الإتحاد السوفييتي، وتنفع اليوم مع كوريا الشمالية.
ـ الخطأ الثاني هو أن الاستراتيجية كانت خرقاء: "لم أستطع تصديق ما كنت اسمعه حول فوائد هذه الخطوة الاستراتيجية، وأن الطريق إلي القدس تمرّ عبر بغداد، حين يكون العكس تماماً هو الصحيح: الطريق إلى بغداد تمرّ عبر القدس"، يقول زيني.
ـ الخطأ الثالث هو ذاك الذي تكرّر منذ تجربة فييتنام: خلق المبرّرات الزائفة من أجل ضمان التأييد الشعبي لقرار الذهاب إلى الحرب. الوثائق طُبخت في رأيه، والمعلومات الاستخبارية كانت كاذبة أو غير متوفرة ببساطة. وحين مثل زيني أمام لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس، وسُئل عمّا إذا كان صدّام حسن يمثّل خطراً وشيكاً، أجاب زيني: "كلا، على الإطلاق. ليس خطراً وشيكاً، ولا قريباً، ولا خطيراً أو محدقاً أو جدّياً أو حتى مزعجاً بدرجة متوسطة... لا شيء من هذا أبداً"!
ـ الخطأ الرابع هو الفشل في تدويل الجهد الأمريكي، الأمر الذي نجح فيه الرئيس بوش الـ 41 ودشّن سابقة لأعراف ما بعد الحرب الباردة، ظلّت صامدة حتى قوّضها إبنه دون أيّ أحد آخر!
ـ الخطأ الخامس، هو أنّ أمريكا أساءت تقدير حجم المهمة. والجنرال المتقاعد زيني يضرب أمثلة من جنرالات متقاعدين آخرين على دراية بالمنطقــة، بينهم نورمان شوارزكوف وبرنت سكاوكروفت، وقفوا ضدّ الحرب وحذّروا من مغبّة السير خلف خدعة أحمد الجلبي: الناس سوف ترقص لكم في الشوارع!
ـ الخطأ السادس، ولعلّه الخطأ الأكبر كما يقول زيني، هو الوثوق الأعمى برهط "حرب عصابات غوتشي"، أو المعارضة العراقية التي تعاملت مع البنتاغون بصفة خاصة، ولفّقت الكثير من المعلومات، وزيّنت لرجال الإدارة أنّ المغامرة العسكرية نزهة: "ولقد انتهي بنا الأمر إلي مجموعة غذّتنا بالمعلومات الكاذبة، وقادتنا إلي اليقين بأننا سوف نُستقبل بالزهور في الشوارع"...
ـ الخطأ السابع، هو الافتقار إلى التخطيط، وفي شهادته ذاتها امام لجنة الشؤون الخارجية قال زيني إنّ التخطيط اقتصر على تفاصيل العمليات العسكرية وتجاهل التخطيط لإعادة بناء العراق في المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية.
هذه، بالطبع، أكثر من مجرّد "أخطاء"! والمرء يتفهم، هنا أيضاً، حرص الجنرال المتقاعد على إبقاء العباءة الدبلوماسية مسدلة فوق كتفيه، خصوصاً وأنه كان مؤيداً لهذه الإدارة منذ البدء، أي منذ دراما صناديق الاقتراع في فلوريدا، وصولاً إلى علاقته الوطيدة مع رئيسه العسكري السابق وزير الخارجية الأمريكي الحالي كولن باول، وانتهاء باستقالته من المهمة التي كُلّف بها في الشرق الأوسط. غير أنّ الجنرال المتقاعد يعرف، أفضل منّا على الأرجح، أنّ الولايات المتحدة وضعت قدميها في المتر الأوّل من المستنقع العراقي مع تساقط الرشقات الأولى من صواريخ كروز على بغداد قبل أكثر من عام. وهو يعرف أيضاً أنّ واشنطن تتوغّل أبعد ــ وأعمق وأعقد ــ في مياه عراقية أخرى غير ضحلة، حيث المفاجيء والطارىء واللامتوقع واللامحسوب!
كذلك يعرف الجنرال المتقاعد، أفضل ممّا نعرف بالتأكيد، أنّ كسب أية حرب لا يعني البتة كسب السلام: السلام بمعناه الأعرض المركّب، الذي يتجاوز وقف إطلاق النار وانتهاء الأعمال العسكرية، والذي لا يعني ما هو أقلّ من استثمار نتائج الحرب لصالح القوّة الظافرة، في المستويات الجيو ـ سياسية والإقتصادية في البدء، ثمّ في المستويات الأخرى التالية، المباشرة وغير المباشرة. و السلام العراقي الذي تسعى إليه الولايات المتحدة متعدد الأوجه نظرياً، ولكنّه عملياً يخصّ الملفات الثلاثة التالية: النفط العراقي، الإستيطان العسكري، التحويلات السياسة التي اصطُلح علي تسميتها بـ "تغيير النظام".
ففي مسعى السيطرة على النفط العراقي، الإحتياطيّ الأوّل في العالم كما تقول أحدث التقديرات، لا تكتفي الولايات المتحدة بهدف واحد يتمثل في تأمين حاجاتها إلى الطاقة فحسب، بل تريد إكمال طوق السيطرة غير المباشرة على نفط السعودية والكويت، والإمساك تالياً بورقة ضغط اقتصادية ـ سياسية كونية حاسمة يطلق عليها جوستن بودر تسمية "الفيتو النفطي" الكوني. وفي الترجمة العملية لأبجدية هذه السيطرة، يصبح في وسع الولايات المتحدة أن تضغط على اقتصاديات دول منافسة (مثل أوروبا واليابان)، أو مرشحة للمنافسة مستقبلاً (مثل الصين وروسيا والهند).
وفي ملفّ الإستيطان العسكري تدرك الولايات المتحدة أنها بحاجة إلى التواجد العسكري، الدائم والكثيف والمستقرّ، في منطقة الشرق الأوسط. لكن واشنطن تدرك، من جانب آخر، أنّ استمرار تواجدها الكثيف في السعودية والكويت تحوّل إلى عبء سياسي على آل سعود وآل الصباح، وبات بمثابة حاضنة خصبة لتفريخ مشاعر العداء للولايات المتحدة، واستيلاد المزيد من نماذج أسامة بن لادن، وتعريض أمن النظامين الحاكمين لمخاطر مباشرة. وهكذا فإنّ قرار غزو العراق واحتلاله يعني، أيضاً، الاستيطان فيه عسكرياً إلى أمد طويل وربما أبدي (في حسابات واشنطن علي الأقلّ)، وتخفيف العبء عن دول الخليج، وحراسة الدولة العبرية عن بُعد، وإحكام القبضة على المنطقة بأسرها عملياً.
ويبقي الملفّ السياسي، وفي بعض حيثياته العجيبة المتناقضة ما يحلم به رجالات الرئيس (من أصحاب "مشروع قرن أمريكي جديد"، ومن أمثال بول ولفوفيتز خصوصاً) حول تحويل العراق إلى دولة ـ أمثولة ، حاملة للقِيَم الأمريكية (في طبعتها الرجعية أو النيو ـ محافظة)، وناقلة لـ "فيروس الديمقراطية" إلى أربع رياح الشرق الأوسط. والأسابيع القليلة الماضية دفعت بهذا النقاش إلي الكواليس بعض الشيء، ليس لأنّ أصحابه فقدوا الإيمان به (عن حسن نيّة أو سوء طوية)، بل لأنّ الأولوية القصوى في أشغال الإدارة كانت ممنوحة لاعتبارات التمهيد العسكري على الأرض، وإنقاذ ماء وجه الحليف الأبرز، رئيس الوزراء البريطاني توني بلير.
وقائع العراق الراهنة، من مشاهد سجن "أبو غريب" إلى مشاهد "انتخاب" إياد علاوي وغازي عجيل الياور دون اجتناب مشاهد الموت اليومية، تعطي الكثير من الصدقية لما قاله أنتوني زيني في السابق، ويقوله اليوم مجدداً على صفحات كتابه الجديد. لكنّ فضائل من هذا النوع لا تحجب حقائق ومواقف أخرى للجنرال المتقاعد، كان فيها جزءاً لا يتجزأ من الجهاز الأعلى الذي يرسم السياسة الأمريكية العليا، وينفّذها كما تقتضي المصالح العليا الأمريكية وحدها، أياً كانت الطعون في أخلاقياتها وحكمتها وصواب أغراضها البعيدة.
ونتذكّر أنّ الرجل لا يفتقر إلى مؤهلات ذات شأن: إنه رجل هندسة الجيب العسكري في شمال العراق بعد حرب الخليج الثانية، ورجل ترتيب انسحاب القوّات الأمريكية من الصومال (بعد كارثة عسكرية ـ سياسية)، والجنرال الذي آمن على الدوام بفضائل التماسّ الإنساني مع قادة المنطقة التي تعمل فيها جيوشه: كأن يشرب الفودكا في تركمانستان، أو يشارك السَحَرة رقصاتهم الشعائرية في كينيا، أو يرافق الأمراء العرب في رحلات القنص البرّي أو الإستجمام علي ظهور اليخوت.
ذلك لا يلغي الترحيب الشديد بمواقفه، ولا التنويه بما تنطوي عليه من شجاعة! ليس يسيراً، في نهاية الأمر، أن يواجه أمثاله تهمة العداء للسامية لا لأنه استخدم أياً من مشتقات كلمة "يهودي"، بل لأنه ببساطة استخدم تعبير "المحافظين الجدد"! نعم، صدّقوا أو لا تصدّقوا، هذا ما استندت إليه مجلة "ناشيونال ريفيو" في إلصاق التهمة العريقة العتيقة بأحد أبرز جنرالات الولايات المتحدة، الذي يحدث أيضاً أنّ إبنه يقاتل هذه الأيام في صفوف جيش الاحتلال الأمريكي في... العراق!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75477
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

أنتوني زيني: العداء للسامية أم الحقائق على الأرض Empty
مُساهمةموضوع: رد: أنتوني زيني: العداء للسامية أم الحقائق على الأرض   أنتوني زيني: العداء للسامية أم الحقائق على الأرض Emptyالجمعة 21 سبتمبر 2018, 8:02 am

جنرالات أمريكا المتقاعدون: علام تتلألأ النجوم بلا انقطاع؟
صبحي حديدي
Sep 21, 2018

بعض جنرالات أمريكا لا تتوقف نجومهم عن اللمعان حتى بعد سنوات، وربما عقود، تعقب إحالتهم إلى التقاعد وهبوط النجوم من الأكتاف والصدور إلى الأدراج والصور التذكارية. وثمة، على الدوام، فرصة أو واقعة أو مناسبة، صغرت هذه أم كبرت، للاستعانة بالجنرال المتقاعد كي يفتي في الشأن العامّ؛ وكأنّ خبرة الحروب الطويلة، التي قد يكتنفها القليل من تجربة السلام، كفيلة في ذاتها لتوفير الرأي السديد، خاصة حين تقع أمريكا في حيص بيص حول قضية شائكة هنا، ومعضلة مستعصية هناك.
في طليعة هؤلاء، اليوم، يحلّ الجنرال المتقاعد أنتوني زيني: القائد الأسبق للقوّات الأمريكية في الخليج وجنوب آسيا، والرئيس الأسبق للقيادة العسكرية المركزية، ومبعوث الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن إلى الشرق الأوسط والسلطة الوطنية الفلسطينية تحديداً. أحدث أنساق الاستعانة به، وهو في سنّ الخامسة والسبعين للإيضاح المفيد، كان تكليفه من جانب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باستكمال ما سعى البيت الأبيض إلى تدشينه خلال القمة الخليجية ــ الأمريكية الرياض، أيار (مايو) 2017؛ أي إنشاء كيان أمني وعسكري، أقرب إلى «ناتو» خليجي وعربي. المهمة التالية، بعد أن فشلت الأولى عملياً، كانت محاولة رأب الصدع في البيت الخليجي، بأمر من ترامب وتكليف مباشر من ريك تيلرسون وزير الخارجية الأمريكي يومذاك.
المفارقة أنّ الجنرال المتقاعد غير راض عن الحال الراهنة للسياسة الخارجية الأمريكية، بل يذهب سخطه إلى درجة الجزم بأنها تفتقر إلى التوجه الستراتيجي بعيد النظر: «الخطأ الأكبر الذي ارتكبناه هو أننا توقفنا عن التفكير ستراتيجياً، ولسنا نفكر بنوع العالم الذي نواجهه، وما الذي نحتاج إلى إنجازه، وما السُبُل الأفضل للقيام بذلك». وهذه مصيبة كبرى تتجاوز الاعتلال المؤقت إلى الشلل الدائم، ليس من وجهة نظر أي جنرال خاض حروباً عسكرية وأخرى سياسية، وحمل على صدره أربعة نجوم، فحسب؛ بل هي خلاصة أيّ دبلوماسي مبتدئ، يتقرى خطواته الأولى في علم السياسة. إذْ كيف يمكن للقوّة الكونية الأعظم أن تخلو سياستها من مبدأ التفكير الستراتيجي؟ وكيف يمكن هذا في عصر حافل بالمخاطر، كما يساجل زيني؛ لا تبدأ من البيئة والمناخ، ولا تنتهي عند «حروب السيبر» على مستوى الاتصالات والمعلوماتية، ولا مفرّ لها من أن تضمّ صيغة الحرب الباردة الجديدة التي تمارسها روسيا فلاديمير بوتين؟
هذا، كما يجدر التذكير، جنرال لم تنقصه مؤهلات عالية ذات شأن، في ميادين المناورة القتالية أو ميادين المداورة السياسية: إنه رجل هندسة الجيب العسكري الفاصل في شمال العراق، بعد حرب الخليج الثانية؛ وقائد ترتيبات انسحاب القوّات الأمريكية من الصومال، بعد أن مُني البنتاغون بكارثة عسكرية ــ سياسية؛ والجنرال الذي آمن على الدوام بفضائل التماسّ الإنساني مع قادة المنطقة التي تعمل فيها جيوشه (كأنْ يحتسي الفودكا في تركمانستان، أو يشارك السَحَرة رقصاتهم الشعائرية في كينيا، أو يرافق الأمراء العرب في رحلات القنص البرّي أو الاستجمام على ظهور اليخوت). ويحفظ له التاريخ الأمريكي المعاصر أنه أطلق على رهط المعارضة العراقية التي تعاملت مع واشنطن، قبيل اجتياح العراق سنة 2003، صفة مبتكرة مستمدّة من عالم الأزياء المخملي: «حرب عصابات غوتشي» Gucci Guerillas، التي تُشنّ من لندن!
وفي كتابه «جاهزية القتال»، الذي وقّعه مع الكاتب والروائي توم كلانسي، تابع زيني مآلات المحاذير التي أطلقها ضدّ مغامرة غزو العراق، الأمر الذي عرّضه لاتهامات شتّى معتادة وكلاسيكية، أكثرها عراقة تلك التهمة دون سواها: العداء للسامية! وهو يسرد جملة أخطاء وقعت فيها إدارة بوش حين اتخذت قرار شنّ الحرب، بينها التالية: 1) القناعة بأنّ سياسة الاحتواء غير مفيدة أو معطّلة، رغم أنّ الحقائق تقول إنها نفعت مع الاتحاد السوفييتي، وتنفع اليوم مع كوريا الشمالية؛ 2) الستراتيجية كانت خرقاء لجهة خلق المبرّرات الزائفة من أجل ضمان التأييد الشعبي لقرار الذهاب إلى الحرب، فالوثائق طُبخت في رأيه، والمعلومات الاستخبارية كانت كاذبة أو غير متوفرة ببساطة. وحين مثل زيني أمام لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس، وسُئل عمّا إذا كان صدّام حسن يمثّل خطراً وشيكاً، أجاب زيني: «كلا، على الإطلاق. ليس خطراً وشيكاً، ولا قريباً، ولا خطيراً أو محدقاً أو جدّياً أو حتى مزعجاً بدرجة متوسطة… لا شيء من هذا أبداً!».
وفي عداد الأخطاء الأخرى أشار زيني إلى الفشل في تدويل الجهد الأمريكي، الأمر الذي نجح فيه الرئيس بوش الأب ودشّن سابقة لأعراف ما بعد الحرب الباردة، ظلّت صامدة حتى قوّضها بوش الابن دون أيّ أحد آخر! خطأ رابع هو أنّ أمريكا أساءت تقدير حجم المهمة، وضرب زيني أمثلة من جنرالات متقاعدين آخرين على دراية بالمنطقة، بينهم نورمان شوارزكوف وبرنت سكاوكروفت، وقفوا ضدّ الحرب وحذّروا من مغبّة السير خلف خدعة أحمد الجلبي: الناس سوف ترقص لكم في الشوارع! خطأ خامس، ولعلّه الخطأ الأكبر كما كتب زيني، كان الوثوق الأعمى بمعارضة عراقية لفّقت الكثير من المعلومات، وزيّنت لرجال الإدارة أنّ المغامرة العسكرية نزهة. خطأ سادس هو الافتقار إلى التخطيط، وفي شهادته أمام لجنة الشؤون الخارجية قال زيني إنّ التخطيط اقتصر على تفاصيل العمليات العسكرية، وتجاهل إعادة بناء العراق في المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية.
هذه، بالطبع، أكثر من مجرّد «أخطاء»، والمرء يتفهم حرص الجنرال على إبقاء العباءة الدبلوماسية مسدلة فوق كتفيه، خصوصاً وأنه كان مؤيداً لإدارة بوش الابن منذ البدء؛ أي منذ دراما صناديق الاقتراع في فلوريدا، وصولاً إلى علاقته الوطيدة مع رئيسه العسكري السابق وزير الخارجية اللاحق كولن باول، وانتهاء باستقالته من المهمة التي كُلّف بها في الشرق الأوسط. غير أنّ زيني كان يعرف، من موقع الجنرال الخبير بادئ ذي بدء، أنّ الولايات المتحدة وضعت قدميها في المتر الأوّل للمستنقع العراقي مع تساقط الرشقات الأولى من صواريخ كروز على بغداد. وكان، أيضاً، يعرف أنّ واشنطن تتوغل أبعد في مياه عراقية أخرى غير ضحلة، حيث المفاجئ والطارىء واللامتوقع واللامحسوب: كأنْ يتقاطر جهاديو «القاعدة» إلى العراق من كلّ حدب وصوب، أو أن يصبح الاجتياح الأمريكي للعراق واحداً من أثمن الهدايا الجيو ــ سياسية إلى إيران!
علام، إذن، تتلألأ نجوم جنرال متقاعد مثل زيني، وهو يتخذ كلّ هذه المواقف الناقدة إزاء السياسة الخارجية الأمريكية؟ وما الذي يجذب ترامب إليه، فيرسله إلى الخليج العربي مندوباً عنه، وزيني لم يفوّت فرصة للتعريض بخيارات ترامب، ووزير خارجيته مايك بومبيو شخصياً، رغم عقود من الخدمة معاً في الجيش والأمن؟ ثمة إجابات كثيرة بالطبع، لعلّ أطرفها ذاك الذي يتكئ على علم الاجتماع البشري، وليس الاجتماع السياسي وحده: أنّ الجنرال ــ على شاكلة العَلَم والنجوم والكرامة الوطنية ــ مبجّل محبوب وليس موضوعاً للتجاذب السياسي؛ وأنّ معرفة الجنرال ينبغي أن تُسخّر لخدمة قرار رئيسه المدني، الأمر الذي لا يُسقط حقّ الجنرال في أن يترشح ويُنتخب رئيساً، على شاكلة دواين أيزنهاور في المثال الأشهر.
فهل يسهل على جنرالات أمريكا، المتقاعدين منهم والعاملين، نسيان تصريح ترامب الشهير، خلال الحملة الانتخابية، بأنه يعرف عن «داعش» أكثر مما يعرف الجنرالات؟ وهل من المستغرب، في المقابل، أن يسعى رؤساء أمريكا المدنيون إلى استرضاء مرؤوسيهم الجنرالات، فكيف إذا تقاعدوا عن ميدان القتال وانخرطوا في حلبة السياسة؟

٭ كاتب وباحث سوري يقيم في باريس
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
أنتوني زيني: العداء للسامية أم الحقائق على الأرض
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  معاداة الحكومة الحاضرة للسامية
»  أين يكون الناس ؟ يوم تبدل الأرض غير الأرض و السموات
» العداء لإسرائيل بالأردن سجلّ رقمًا قياسيًا
» محبة الضرائر.. جذور العداء بين السعودية والإمارات
» كوكب الأرض الفيلم الوثائقي المترجم كوكب الأرض Planet Earth 2

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: مواضيع ثقافية عامة :: مقالات :: اخبار ساخنه-
انتقل الى: