ملف المصالحة ,, ماذا حدث وماذا سيحدث؟
أشرف صالح
في زحام من زيارات الوفود المتكررة بشأن ملف المصالحة , وكانت آخرها زيارة وفد المخابرات المصرية الى قطاع غزة , أصبح الشعب الفلسطيني يتسائل دوما ماذا حدث وماذا سيحدث , على إعتبار أن الشعب بات قلق من ما هو قادم , ورغم أن الشعب فقد ثقته بالفصائل ويفضل الإبتعاد عن السياسة بقدر ما يستطيع , إلا أن المصلحة التي تربط حياته كليا في هذا الشأن تجعل منه في حالة ترقب وأسألة متكررة , وعلى إعتبار أن السياسة تتحكم في مستقبله وقوت يومه , فمن حقه علينا كمراقبين ومحللين أن نقدم له التفسيرات لكل ما يجري حوله , وخاصة وسط زحام من التصريحات الشبه يومية والتناقضات والمناكفات .
إن المصالحة تخطت مفهومها اللغوي والدارج بين الناس , وأصبحت أشبه بالإتفاقيات والتقسيمات بين الدول , وليس بين أشقاء يجمعهم خندق واحد , فإذا كانت المصالحة تقتصر على مفهومها الدارج بين الناس , فأستطيع أن أقول لكم أن المصالحة أنجزت وإنتهى الموضوع , لأنه تم جلوس جميع الأطرف على مائدة واحدة , وتم توزيع الإبتسامات والقبلات والأحضان, وتم التوقيع عليها عدة مرات حتى أصبحت مصالحات وليس مصالحة واحدة , ولكن بات الأمر أكبر من ذلك بكثير حتى أصبحت المخابرات المصرية عاجزة عن تحقيقه , فهناك ملفات متراكمة ومتزامنة مع عدم خبرة الساسة لحلها , فهي تحتاج الى خبرة مضاعفة ووقت طويل , والأهم من ذلك فهي تحتاج الى التدرج في الحلول , فهناك ملفات لا يجوز أن تناقش في بداية الحوارات , فمن الأفضل أن تترك للنهاية , مثل ملف دخول حماس في منظمة التحرير , وملف سلاح المقاومة وقرار السلم والحرب .
ماذا حدث؟
حدث صراع كبير بين نفوذ حركة فتح وصلاحياتها على المستوى الدولي والإقليمي , وبين قوة حماس العسكرية والبدائل التي تستخدمها في قطاع غزة , وهذا ادى الى حالة غرور بينهما تجعل كل طرف يرفع سقف مطالبه وقت ما تتيح له الفرصة , وفي حال فشلت الحوارات يلجأ كلاهما للبدائل , وهذه البدائل تحول دون بذل أي جهود من الطرفين لدراسة ملفات المصالحة الشائكة , وإعطائها حقها في الوقت والجهد .
فإسرار حركة فتح على التمكين الكامل في غزة بما فيه سلاح المقاومة , ينبثق عن مدى نفوذها وصلاحياتها الدولية , على إعتبار أنها تقود منظمة التحرير ومن ثم السلطة والتي تحولت الى دولة , ولأن حركة فتح تعلم جيدا أن المخابرات المصرية تبذل كل جهودها لعودة السلطة الى غزة , ومن خلال الضغط على حماس , فإنها تطمح أن تعود الأمور كما كانت قبل الإنقسام , وهذا بحد ذاته خطأ لأنه لا يوجد شيئ إسمه التمكين الكامل والسيطرة الكاملة , لأسباب عدة ومن أهمها وجود عشرات الفصائل المسلحة في غزة كأمر واقع , وأيضا وجود إثنى وأربعين ألف موظف يتبعون لحركة حماس , ويحكمون السيطرة على جميع مفاصل قطاع غزة .
أما بالنسبة لحركة حماس فمهما قدمت من تنازلات بسبب طغوط المصريين عليها , فهاذا لا يشفي الغليل , فهي تحتفظ بأوراق ضغط تعتمد عليها في حال فشلت جهود المصالحة , ومن أهم هذه الأوراق تسيير وتطوير مسيرات العودة كفجوة تتنفس من خلالها .
بالإضافة الى البدائل والنفوذ والتي تحول دون تحقيق ملفات المصالحة , فهناك حالة من عدم الوعي الكامل لحل المفات الشائكة , وتفسير بعض المصطلحات ووضع النقاط على الحروف , فمن المؤسف أن فتح وحماس يعتقدان أن الأمور ستحل بين يوم وليلة , ومن المؤسف أيضا أنهم يفتحون جميع الملفات في آن واحد , معتقدين أنهم قادرين على البت فيها من خلال بضع جلسات حوار , فالمنطق يقول أن هناك ملفات صغيرة مؤهلة للنقاش كبداية , وهناك ملفات كبيرة لا يمكن أن يتم نقاشها إلا بعد الإنتهاء من الملفات الصغيرة .
يجب أن يخضع ملف المصالحة الى الأولويات في الحلول , والتدرج الزمني لكل ملف وإعطائه الوقت الكافي , ويجب التسليم الى الأمر الواقع وبناء الشراكة على أرضيته ومستجداته .
ماذا سيحدث؟
بعد فشل جهود حركة حماس وبالشراكة مع ما يقارب عشر فصائل في الهدنة مع إسرائيل , بسبب نفوذ حركة فتح والتي إستخدمتها لإبطال الهدنة , قد وضع كل منهما حجر أساس لمرحلته القادمة , فمن الطبيعي جدا أن حماس تلجأ الى التصعيد وتطوير مسيرات العودة كمخرج لها , وفتح ستزيد من إسرارها على التمكين الكامل , مراهنة منها على الشرعية الدولية التي تزيد يوم بعد يوم .
فإذا ما حل العقل بدل العاطفة الحزبية لكل منهما في ملف المصالحة , سيزداد الأمر سوءا وستتحول رغبة المصالحة مع عدم القدرة على التنفيذ , الى عدم الرغبة مع عدم القدرة في آن واحد .
مصر تلغي مبادرتها الأولى وتتقدم بـ"ورقة معدلة" للمصالحة الفلسطينية!
أمد/ غزة/ رام الله: حمل وفد أمني مصري إلى غزة أمس أفكاراً جديدة للمصالحة الفلسطينية، كما حمل رسالة من إسرائيل إلى حركة «حماس» تطالبها بوقف «مسيرات العودة» والابتعاد عن السياج الحدودي الفاصل 500 متر على الأقل. غير أن الزيارة اصطدمت برفض «حماس» دعم الرئيس محمود عباس قبل توجهه إلى الأمم المتحدة لإلقاء خطاب أمام الجمعية العامة في 27 الشهر الجاري.
ووصفت مصادر فلسطينية لـ «الحياة» اللندنية في غزة، أجواء اجتماع الوفد الأمني مع قيادة «حماس» بأنها كانت «سلبية»، خصوصاً في ظل تهديد عباس بفرض عقوبات جديدة على القطاع. وقالت إن «لسان حال حماس يقول لعباس: لا تلعب بالنار لأنها ستحرق أصابعك»، مضيفة أن «الحركة لا تخشى تهديدات إسرائيل مهما كلف الثمن».
وبحث الوفد المصري، الذي ضم مسؤول الملف الفلسطيني في الاستخبارات المصرية العميد أحمد عبد الخالق، والقنصل الجديد لدى فلسطين مصطفى شحاتة، مع رئيس المكتب السياسي لـ «حماس» إسماعيل هنية وعدد من قيادة الحركة، ملفات المصالحة، والتهدئة، و «مسيرات العودة»، ودعم عباس قبل توجهه للأمم المتحدة، وتخفيف حدة التوتر الإعلامي والهجوم على الرئيس الفلسطيني.
وكشف مسؤولون فلسطينيون لـ «الحياة» في رام الله، أن مصر ألغت ورقة الأفكار السابقة للمصالحة، وقدمت ورقة جديدة بعد سلسلة لقاءات عقدتها مع وفود من الحركتين. وتقوم الأفكار الجديدة على تمكين حكومة الوفاق الوطني، برئاسة الدكتور رامي الحمد الله، من إدارة المؤسسات الحكومية في غزة، بلا استثناء، على أن يعود الوزراء والمسؤولون الحكوميون لممارسة أعمالهم في غزة من دون أي تدخل من أي فصائل. ويشمل التمكين الحكومي أجهزة الأمن والشرطة وسلطة الأراضي والسلطة القضائية ووزارة المال، بما فيها دوائر الجباية. كما تتضمن دفع الحكومة 50 في المئة من رواتب الموظفين الذين عينتهم «حماس» لحين انتهاء اللجنة الإدارية والقانونية المختصة من بحث مصير هؤلاء الموظفين. وأوضحت أن وفد حركة «فتح» طلب إضافة عنصرين آخرين للمبادرة المصرية، الأول سياسي والثاني أمني.
في هذا الصدد، كشف مصدر مطلع لـ «الحياة» أن «فتح تصر على تضمين الأفكار المصرية الجديدة، المقدِمة السياسية لاتفاق 2017 بين الحركتين، والتي نصت على إقامة دولة فلسطينية على حدود العام 1967». وأضاف: «كما تصر فتح على الاتفاق على صيغة لضبط السلاح في غزة بعد تمكين الحكومة لأنه لا يمكن ترك التشكيلات العسكرية العديدة التي تضم آلاف المسلحين، تعمل من دون ضوابط تتناسب وعمل أجهزة الأمن الحكومية».