لارا القاسم.. طالبة أمريكية تواجه قضاء إسرائيل “دون دعم” واشنطن
القدس – عبد الرؤوف أرناؤوط: وصلت لارا القاسم، وهي طالبة أمريكية من أصل فلسطيني، إلى إسرائيل، في الثاني من الشهر الجاري، حاملةً تأشيرة دراسة.
لكن تل أبيب منعتها من الدخول، بدعوى أنها تؤيد حركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (BDS).
القاسم ليست أول متضرر من سياسة المنع الإسرائيلية، ويبدو أنها لن تكون الأخيرة.
فخلال الأشهر القليلة الماضية، منعت إسرائيل أجانب كثيرين، وخاصة أمريكيين من أصول فلسطينية وحتى يهود، من الدخول.
في كل هذه الحالات كان السبب الإسرائيلي واحد، وهو أنهم يؤيدون حركة “BDS”، المناهضة لممارسات الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني.
واكتفت واشنطن بالإشارة إلى أنها تتابع قضاياهم مع السلطات الاسرائيلية، معتبرةً أن قرار السماح بالدخول “شأن إسرائيلي”.
لم تتخذ الولايات المتحدة الأمريكية موقفا علنيا ضد تكرار منع مواطنين أمريكيين من دخول إسرائيل، في الوقت الذي أقامت الدنيا وأقعدتها في حالات أخرى مثل القس الأمريكي أندرو برانسون، الذي حاكمته تركيا بتهمة دعم الإرهاب وأدانته محكمة تركية .
منع لمجرد الإشتباه
لا يوجد إحصاء بعدد من منعتهم إسرائيل من الدخول.
وهو ما أرجعه محمود نواجعة، المنسق العام للجنة الوطنية لحركة مقاطعة إسرائيل وفرض العقوبات عليها (BDS)، إلى أن “من يتم منعه يعود مباشرة إلى بلده”.
نواجعة تابع، أن “بعض الممنوعين يعلنون أنه تم منعهم من الدخول، والقسم الأكبر لا يعلن”.
ولفت إلى أن “إسرائيل تمنع دخول كل من تشتبه أن له علاقة قريبة أو بعيدة بحركة المقاطعة من كل أنحاء العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية”.
وأردف أن “الحكومة الإسرائيلية زادت مؤخرا من قرارات منع دخول أمريكيين، بينهم يهود ينشطون في منظمات تعتبرها إسرائيل معادية، مثل (الصوت اليهودي من أجل السلام)”.
وأضاف: “إسرائيل تستثمر الكثير لمنع أي نشاط لحركة المقاطعة في الولايات المتحدة الأمريكية، وتسعى إلى تجريم حركة المقاطعة هناك”.
قانون المنع
تسيطر إسرائيل على المعابر المؤدية الى الأراضي الفلسطينية، لذا فإنها صاحبة القرار النهائي بشأن الدخول.
وهو وضع ينطبق على معبر العودة (اللنبي) بين الأردن والضفة الغربية ومطار “بن غوريون” الدولي قرب تل أبيب.
وفي مواجهة تصاعد زخم حركة المقاطعة عالميا، أقر الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي، في مارس/ آذار 2017، قانونا يمنع دخول أي شخص يدعو أو يؤيد المقاطعة.
لكن حتى قبل هذا القانون، منعت إسرائيل عشرات الأجانب من الدخول، بداعي تأييدهم لحركة المقاطعة.
غالبا، تتم إعادة الأجانب إلى بلدانهم بقرار منع دخول، وهو ما يجعل من الصعب معرفة عدد الممنوعين.
واشنطن تتابع جلسة اليوم
بين الممنوعين تمثل الطالبة لارا القاسم استثناءً، إذ فضلت اللجوء إلى المحاكم الإسرائيلية للطعن في قرار منعها من الدخول حيث تنظر المحكمة العليا، الأربعاء، التماسا قدمته القاسم.
اكتسبت قضية القاسم زخما في إسرائيل؛ لأنه تم منعها من الدخول للالتحاق بالجامعة العبرية في مدينة القدس.
وتتواجد القاسم، منذ الثاني من الشهر الجاري، في غرفة للاحتجاز بمطار “بن غوريون”، بانتظار أن تصدر المحكمة العليا الإسرائيلية، الأربعاء، الكلمة النهائية.
ونفى وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، جلعاد اردان، أن تكون القاسم معتقلة، وقال إن بإمكانها العودة إلى الولايات المتحدة.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، هيذر نويرت، في التاسع من الشهر الجاري: “نحن على علم بقضيتها (القاسم). وتوفر سفارتنا الخدمات القنصلية، كما نفعل مع جميع مواطنينا”.
لكن نويرت تابعت: “في النهاية، يعود الأمر إلى الحكومة الإسرائيلية لكي تقرر من تريد السماح لهم بدخول البلاد”.
بعدها بيومين، قالت نويرت: “أعتقد أنه سيكون لدينا شخص ما يرافقها أو أن يكون حاضرا الجلسة (القضائية)”.
تورط أمريكي
منتقدا الموقف الأمريكي، قال نواجعة إن “الحكومة الأمريكية متورطة مع إسرائيل”.
وتابع: “واشنطن تعتبر أن منع الدخول هو شأن إسرائيلي، ولم تتدخل أبدا لدفع إسرائيل إلى التوقف عن منع أمريكيين من الدخول، إذ تكتفي بموقف المتفرج”.
وتقول حركة مقاطعة إسرائيل إنها “حركة فلسطينية المنشأ، عالمية الامتداد، تسعى إلى مقاومة الاحتلال والاستعمار الاستيطاني والأبارتهايد الإسرائيلي”.
وتهدف الحركة إلى “تحقيق الحرية والعدالة والمساواة في فلسطين، وصولاً إلى حق تقرير المصير لكل الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات”.
وتوضح أن مطالبها “تتناول طموح وحقوق كافة مكونات الشعب الفلسطيني التاريخية من فلسطينيي أراضي عام 1948 إلى قطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس، إلى المخيمات والشتات، والذي شرذمه الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي على مراحل”.
ويعبر ارتفاع عدد الأمريكيين الممنوعين من دخول إسرائيل، بداعي دعم حركة المقاطعة، عن تنامي نشاط الحركة في الولايات المتحدة الأمريكية.
وصنفت إسرائيل 42 منظمة في العالم بأنها داعمة لحركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (BDS).
ومن بين هذه المنظمات توجد تسع منظمات في الولايات المتحدة الأمريكية.
ومن هذه المنظمات: “الصوت اليهودي من أجل السلام”، و”مسلمون أمريكيون من أجل فلسطين”.
و”تنظر الحركة بأهمية إلى تصاعد نشاطها في الولايات المتحدة؛ لأنها الحليف الاستراتيجي لإسرائيل، وإذا خسرت إسرائيل هذا الحليف، فستخسر في كل العالم”، بحسب نواجعة.
وتابع: “يوجد زخم واسع جدا لحركة المقاطعة في الولايات المتحدة، والدليل أن أكثر من 23 ولاية أمريكية (من أصل 50) تحاول الحد من هذا الزخم من خلال منع المقاطعة”.
وزاد نواجعة بأن “حركة المقاطعة الأكاديمية والثقافية في الولايات المتحدة الأمريكية واسعة جدا، وتوجد مجموعات واسعة تؤيد دعوات حركة المقاطعة”.
لكن ربما تؤدي إجراءات إسرائيل ضد المؤيدين للمقاطعة إلى دعم الداعين إلى مقاطعتها.
وهو ما ذهب إليه جيرمي بن عامي، رئيس منظمة “جي ستريت” اليهودية الأمريكية الداعمة للسلام مع الفلسطينيين.
ففي رسالة مفتوحة وجهها إلى وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، الثلاثاء الماضي، قال “بن عامي”، إن “استهداف داعمي حركة المقاطعة أو أولئك الذين لديهم آراء سياسية ناقدة، وحظر دخولهم إلى إسرائيل، لا يواجه حججهم أو يوقف المد العام العالمي للقلق على الشعب الفلسطيني”.
وتوجه إلى الإسرائيليين قائلا إن هذه الممارسة الإسرائيلية “شأنها شأن غيرها من الأعمال المناهضة للديموقراطية من جانب حكومتكم، فإنها تمكِّن أشد منتقدي إسرائيل وتقوض مؤيدي إسرائيل ومؤيدي السلام”. (الأناضول)