ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: السلطانة راضية : أول إمرأة مسلمة حكمت دلهى الأربعاء 05 ديسمبر 2018, 3:26 pm | |
| السلطانة راضية : أول إمرأة مسلمة حكمت دلهىلعل السلطانة الأشهر في تاريخ المسلمين كانت السلطانة ( شجرة الدر ) التي إعتلت عرش مصر بعد وفاة زوجها , بعد أن كانت جارية من جواري الملك , ولعل الأمور تشابهت في مكان آخر في جنوب آسيا قبل 14 عاماً من حكم شجرة الدر لمصر , حيث كانت راضية أول سلطانة للمسلمين في جنوب قارة آسيا , وهي التي إنحدرت من أسرة مملوكة للسلطان قطب الدين أيبك لفترة طويلة ..
من هي راضية ؟جلالات الدين رازيا أو راضية (Razia Sultan) , كانت ابنه للسلطان " شمس الدين التتمش " , والذي كان الحاكم الثالث لسلطنة دلهى في الهند بعد " قطب الدين أيبك " , بعدما كان مملوكاً له , ثم أعتقه السلطان وزوجه من ابنته قبل وفاته .ولدت راضية في عام 1205 , وهي التي تعود جذور أجدادها إلى العبيد السلجوقيين الأتراك .وبالنظر إلى تاريخ أبيها شمس الدين , وإلى فترة حكمه التي توجها بالعدل ومراعاة شئون المسلمين , كان من الطبيعي أن تسير ابنته على خطاه , فقد تعلمت المهارات القتالية والعسكرية جنباً إلىجنب مع أشقائها , مثل معظم الأطفال الآخرين من الطبقة الأرستقراطية , كما كان لديها معرفة جيدة بكيفية إدارة أمور الدولة . ودربها والدها على تنظيم شئون البلاد , وتولي شئون الجيش . أول إمرأة تعتلي عرش دلهى وصل شمس الدين التتمش إلى سلطة دلهى كعبد تركي , وكبر في قصر السلطان قطب الدين أيبك , ليصبح أكثر المفضلين إليه , وبعد أن زوجه السلطان من ابنته , أصبح شمس الدين فعلياً جزءاً من العائلة الحاكمة , وأنجب من ابنه السلطان ناصر الدين محمود وجلالات الدين رازيا , ثم توفى السلطان قطب الدين ورازيا مازالت طفلة صغيرة , وأصبح والدها حينها سلطاناً على دلهىوخلال السنوات الأخيرة من حياة السلطان شمس الدين كان عليه أن يتخذ قراراً هاماً .. حول من سيخلفه في ولاية دلهى ؟إختار السلطان في نهاية الأمر ابنه ناصر الدين لتولي زمام الحكم , والذي كان في نفس الوقت حاكماً للبنغال , ومع ذلك , مات ناصر الدين محمود في ظروف غامضة , وأصبح أبيه السلطان وقتها في حيرة , حيث كان كل من أبناءه الآخرين من زوجاته الأخريات أصغر من أن يتم تتويج أحدهم سلطاناً من بعده .وكانت قد أظهرت ابنته راضيه بالفعل قدرتها على إدارة السلطنة , وذلك عندما غادر ابيها المملكة في إحدى الحملات العسكرية وتولت هي مسؤولية الولاية على أكمل وجه بمساعدة وزير السلطان .كما أنها كانت إمرأة متعلمة , سواء في التعليم الرسمي أو في العلوم القرآنية , علاوة على ذلك , كانت متفوقة في فنون الدفاع عن النفس , وبالتالي فكانت محاربة ممتازة , وماهرة في ركوب الخيول والفيلة , مما أهلها لتكون سلطانة لدلهى .نصب السلطان شمس الدين ابنته راضية سلطانة على دلهى من بعده , بدون أن يستشير علماء الشريعة الإسلامية , لإنه رأى فيها قوة وشجاعة ورزانة في إتخاذ القرارات .إعتلت جلالات الدين رازيا عرش دلهى عام 1236 , ويُشار إليها تاريخيا باسم رازيا سلطانة أو راضية سلطانة .وكانت أول إمرأة تحكم سلطنة دلهى , وعلى الرغم من أن قصتها في الثقافة الشعبية تُعتبر رومانسية , إلا أن قصتها في الواقع كانت شيئاً آخر غير عاطفي إطلاقاً .- كإمرأة . . لم تحظ راضية بالدعم الكامل من نبلاء الدولة , ولكنها تمكنت فقط من تأمين سيطرتها على العرش من خلال تقسيم رأي معارضيها , ولكنها في نهاية المطاف فازت بدعم الأغلبية , وإستطاعت توسيع سلطتها على نطاق واسع في الدولة من خلال رضوخ الأمراء وقادة الدولة لسلطتها .قامت راضية ببناء نظام للطرق , وإستطاعت بذلك الإطلاع على شئون الأجزاء البعيدة من إمبراطوريتها ومتابعة أمورها , كما ربطت المدن بالقرى , وقامت ببناء حصوناً صغيرة كمراكز للحراسة حول هذه الطرق .قامت راضية بإنشاء المدارس ومعاهد البحث العلمي , والمكتبات العامة التي ضمت كل من المخطوطات الإسلامية والهندوسية ,من اعمال الفلاسفة القدامي , والعلوم القرآنية , والسنة المحمدية , والاعمال الهندوسية في العلوم الفلسفة والأدب والفلك . , حيث نشرت راضية المساواة بين المجتمع المسلم والجالية الهندوسية في الدولة . - من الواضح أن راضية كانت زعيمة مخلصة لإمبراطوريتها ورعاياها , حيث إستمعت إلى شكاوي ومطالب شعبها , وإهتمت بشئونهم , إتخذت قراراً واعياً بالتخلي عن الملابس التقليدية للمرأة المسلمة , بما في ذلك البرقع والحجاب , وإعتمدت على ملابس رجالية بدلاً من ذلك , مما أدى إلى غضب المسلمين المحافظين . رفضت راضية أن تُلّقب باسم " السلطانة " تبعاً لنوع جنسها , وكان مبررها أن لقب سلطانة تعني " زوجة أو محظية للسلطان " , لذا إتخذت بفخر لقب " سلطان " لنفسها بدلاً من سلطانة . وفي فترة حكمها , طلبت راضية أن تًصنع قطع نقدية تحمل أسماءها وألقابها مثل " عمود المرأة , ملكة العصور , السلطان راضية , ابنه شمس الدين التتمش " السلطانة راضية والنبلاء الغاضبين - نبلاء الدولة لم يتركوا راضية تفوز بعرش دلهى كرماً منهم , ولكن كانوا يتوقعون أن تكون حاكمتهم دمية بين أيديهم لإنها إمرأة ضعيفة , ولكن خابت توقعاتهم , عندما أعلنت السلطانة راضية بكل وضوح أنها زعيمة مستقلة , فاستاء كثير من النبلاء , حتى أصبح وصول " جمال الدين ياقوت " - وهو عبد حبشي - إلى مكانة مميزة عند السلطانة , القشة التي قصمت ظهر البعير.جمال الدين ياقوت , كان رجلاً ذو طبيعة هادئة وحنكة مميزة يمكن الإعتماد عليها , وهو ما أدى بالسلطانة راضية إلى تمييزه عن الجميع , فعينته في أول الأمر أميراً للخيول , ثم رفعته إلى منصب أمير الأمراء وهو موقعاً إستراتيجياً قريباً جداً من السيادة , مما زاد من حنق هؤلاء الأمراء الذين رأوا في تصرفها بطش لكل العادات والتقاليد الملكية وتحقيراً لمكانتهم , وما زاد من الأمر , هو أن السلطانة راضية قد عينته قائداً للجيش وهو من أصل غير تركي , وقد إحتكر الأتراك هذا المنصب منذ سنين عديدة , فكل هذا أدى في النهاية إلى إتخاذهم قرار بالتخلص منها , وكان " مالك إختيار الدين ميرزا ألتونيا " قطعة شطرنج رئيسية في خطتهم .- كان مالك ميرزا ألتونيا رجلاً نبيلاً بارزاً في عهد والد السلطانة راضية , وقد دعم تولي راضية العرش , وقد كان أحد أقرب أصدقاء الطفولة لراضية , لذا فضّلته السلطانة راضية على الكثيرين , وأهدته حكم تاباريندا Tabarhinda , أو منطقة باثنيدا التي تتبع ولاية البنجاب في الهند .وقبل مغادرته لتابارهندا , عرض ميرزا الزواج على السلطانة راضية , التي رفضت بدورها هذا العرض لرغبتها في التفرغ لأمور إمبراطوريتها .إستغل بعض النبلاء المتآمرين على السلطانة غياب ميرزا ألتونيا عن البلاط الملكي , وراحوا يطلقون الشائعات عن علاقة غرامية بين السلطانة راضية وياقوت الدين , حيث دائما ما كانا يُشاهدان معاً , حيث تستعين السلطانة برأي " ياقوت الدين " في إسترتيجيات حكمها والأمور المتعلقة بالإمبراطورية , ولكن أعين الحاقدين قد حولت تلك المقابلات البريئة إلى علاقة حميمة , ونشروا تلك الأخبار الكاذبة في معظم أرجاء الولاية , حتى وصلت تلك الأنباء إلى " مالك ميرزا ألتونيا " , والذي تأججت في قلبه نيران الغيرة , وإنضم إلى المعارضين المتمردين ضد السلطانة , وعرض المعارضون عليه أن يساعدهم في إقاله السلطانة , وفي المقابل سيحصل على جزء من الإمبراطورية .لم يستطع النبلاء معارضة السلطانة راضية في دلهي , حيث تلقت الدعم من معظم راعاياها , ولكن بدأت التمردات في المقاطعات البعيدة , وإحدى تلك الثورات جاءت من " تاباريندا " مقاطعة ألتونيا " , وهي مكان لم تتوقع السلطانة أن يحدث فيه تمرد , لذا طلبت من ياقوت الدين أن يعدّ مسيرة إلى ألتونيا , ولكن في ذلك الوقت كان جيش السلطانة منهكاً , بعد أن خاض معارك ضد بعض التمردات في المقاطعات الأخرى , وكان ياقوت الدين يخشى أن النصر لن يأتي بسهولة هذه المرة , وحدث ما توقعه بالفعل !فخلال المعركة , أدرك " ألتونيا " أنه لابد من قتل " ياقوت الدين " من أجل هزيمة جيش السلطانة راضية , وبالفعل تم قتل قائد الجيش ياقوت الدين خلال المعركة , وفقد الجنود ثقتهم على أثر ذلك , وإستسلموا في نهاية المطاف إلى " ألتونيا " , وتم أسر السلطانة راضية .في غضون ذلك , قام النبلاء في دلهى بتعيين سلطاناً جديداً للإمبراطورية , وهو الأخ الغير شقيق للسلطانة راضية " معز الدين بهرام شاه " , وبالطبع كان إختياراً مناسباً لهم لكونه سكيراً غير مهتم بشؤون بلاده , فأصبح بمثابة الدمية التي أرادوها دوماً , وخلال فترة حكمه , تدهورت أحوال الرعيّة , حتى تم إضطهاد الناس , وقُتل كل من عارض نظام الحكم بلا رحمة .بالنسبة لمالك ألتونيا , فقد نسى النبلاء بالطبع الوعد الذي قدموه له بأن يملك جزءاً من الإمبراطورية , فأدركت السلطانة راضية أثناء سجنها أنه ومن أجل إستعادة عرشها , عليها أن تقنع التونيا بأن يقاتل معها النبلاء وهم العدو المشترك , ووعدته بأن يشارك في السلطة وتقبل الزواج منه .ويعتقد المؤرخون أن راضية قد عوملت معاملة ملكية أثناء أسرها من قبل ألتونيا , إذ أنه كان يحبها طوال الوقت كما يُقال , وكانت غيرته وتلك الشائعات الكاذبة هي التي أثارت تمرده وغضبه عليها . وبعد زواجهما قامت راضية وألتونيا بتجنيد جيش جديد لإستعادة دلهى , ولكنهما فشلاً في تلك المغامرة الأخيرة , وكُتب لجيشهما الهزيمة . كيف ماتت السلطانة راضية ؟- لا يُعرف الكثير عن سبب وفاة السلطانة راضية , إلا أن البعض يعتقد أنها حاربت كمقاتلة شجاعة في ساحة المعركة حتى ضربها أحد الأسهم , ويقول آخرون أنها وبعد أن هزمت في معركتها الأخيرة , هربت , وإستنجدت برجل فقير , قدم لها الخبز ومكاناً للنوم , وكان يعتقد أنها رجل نظراً لملابسها الرجالية , ولكنه وأثناء نومها , لاحظ أن ذلك الزائر المجهول ما هو إلا إمرأة , فقام بقتلها طمعاً في سترتها الذهبية واللؤلؤ الذي تغطيه ملابسها , وقام الرجل بدفن جسدها , وسرق كل مقتنياتها الثمينة لبيعها في السوق , حتى شك فيه بعض رجال شرطة الولاية بسبب المقتنيات الملكية التي بحوزته , وإعترف بقتله لإمرأة إتضح له أنها السلطانة راضية , فأخرج الناس جثمانها , وقاموا بدفنه في مكان آخر طبقاً للشريعة الإسلامية .
- على الرغم من أن الثقافة الشعبية تُظهر حياة السلطانة راضية قصة حب درامية , تشمل مثلث حب , يتكون من حبها للعبد الحبشي " ياقوت الدين " , ليؤدي هذا الحب إلى غيرة شديدة من عاشق آخر من النبلاء " مالك ألتونيا " يدفعه غضبه للتآمر ضد السلطانة التي أحبها , ولكن تلك القصص ما هي إلا خيال من مؤلفي القصص الرومانسية , فيجب ألا ننسى أبداً القصة الحقيقية للسلطانة راضية , قصة حاكمة مستقلة مسلمة قاتلت من أجل إمبراطوريتها حتى النهاية المريرة , حيث انتهت قصة المرأة الأولى والأخيرة التي حكمت سلطنة دلهى في سن 35 عاماً فقط . |
|