أدوية الستاتين .. تحد من الالتهابات والكولسترول وتقلل من تكون خثرات الدم
أظهرت أدوية الستاتين أنها تؤدي إلى تقليل معدلات حدوث النوبات القلبية
والسكتات الدماغية، كما أنها تقلل من الحاجة إلى إجراء عمليات كبرى على القلب
أضحت الأدوية جزءا متمما لحياة كل إنسان يعاني من أمراض القلب والأوعية الدموية. وتؤدي هذه الأدوية، من حبوب الأسبرين إلى عقار «زوكور»، مفعولها في تخفيف أعراض تلك الأمراض، وتقوية القلب وحمايته، ودرء حدوث النوبات القلبية أو السكتات الدماغية.
وإن كنت من المعانين من أمراض القلب أو من الذين يحاولون درء الإصابة بها فإنك ربما تكون وفي الغالب، من الذين يتناولون أدوية الستاتين statins.
وقد أجيز استخدام هذه الأدوية الخافضة لمستوى الكولسترول أول مرة في عام 1987، وهي تعتبر من أكثر عقاقير علاج أمراض القلب والأوعية الدموية انتشارا.
هناك ستة أنواع من أدوية الستاتين متوفرة في الولايات المتحدة، وفيما يلي تعدادها وفقا لسنة طرحها إلى الأسواق: دواء «لوفاستاتين» lovastatin («ميفاكور» Mevacor، إضافة إلى الدواء المسمى بالاسم الأصلي له - generic أي الاسم غير المسجل في براءة اختراع)، «سمفاستاتين» simvastatin («زوكور» Zocor، والدواء الأصلي له)، «برافاستاتين» pravastatin («برافاكول»، والدواء الأصلي له)، «فلافاستاتين» fluvastatin («ليسكول» Lescol)، «أتورفاستاتين» atorvastatin («ليبيتور» Lipitor)، وأخيرا «روزافاستاتين» rosuvastatin («كريستور» Crestor).
أما أكثر هذه الأدوية حداثة فهو «بيتافاستاتين» pitavastatin («ليفالو» Livalo) الذي طرح في شهر مارس من العام 2010 الحالي.
مهمات أدوية الستاتين
الكولسترول هو المتهم الرئيسي الذي توجه نحوه هذه الأدوية. ويحتاج الجسم البشري إلى كميات صغيرة من هذه المادة الشمعية لصنع فيتامين «دي»، وهرمونات مثل التيستوستيرون والأستروجينن، وأحماض المرارة التي تساعد على هضم الغذاء.
ولا يدخل إلا جزء ضئيل من الكولسترول السابح في الدم بشكله الجاهز، عن طريق الغذاء الذي يتناوله الإنسان.
وبدلا عن ذلك، فإن أغلب الكولسترول يأتي من الكبد، الذي ينتج الكولسترول باستخدام الدهون الموجودة في الطعام، ثم يوضبه في حزم من الدقائق المسماة البروتينات اللبيدية lipoproteins.
ويستخدم الكبد أحد الإنزيمات المسمى HMG-CoA reductase لكي ينتج الكولسترول. وتعمل أدوية الستاتين على منع نشاط هذا الإنزيم. ومن ثم إبطاء إنتاج الكولسترول، وبالتالي خفض مستويات الكولسترول المنخفض الكثافة LDL (الضار) في الدم.
وكل واحد من أدوية الستاتين هذه، يتوجه لمنع نشاط HMG-CoA reductase، ولكن بشكل يختلف اختلافا طفيفا عن غيره من الأدوية المماثلة. وعلى سبيل المثال فإن مفعول جرعة من 20 ملليغراما (ملغم) من عقار «ليبيتور»، تكافئ تتناول من 40 إلى 80 ملغم من عقار «زوكور» أو من عقار «سيمفاستاتين» الأصلي، أو جرعة أقل مقدارها 5 ملغم من عقار «كريستور».
إن خفض الكولسترول LDL الضار أمر جيد، إلا أن المهم حقا هو كيفية ترجمة هذا الانخفاض، إلى صحة أفضل للجسم.
وقد أظهرت أدوية الستاتين، مقارنة بالحبوب الوهمية، أنها تؤدي إلى تقليل معدلات حدوث النوبات القلبية والسكتات الدماغية، كما أنها تقلل من الحاجة إلى إجراء عمليات كبرى على القلب لفتح مجازٍ موازٍ للأوعية الدموية المسدودة (التي تسمى جراحة القلب المفتوح)، أو عمليات فتح الشرايين التاجية المسدودة بترسبات الكولسترول، وكذلك أيضا درء حدوث الوفاة المبكرة نتيجة أمراض القلب.
ويعود بعض هذه الأدوار لمفعول أدوية الستاتين، إلى وجود تأثيرات أخرى لها، فهي تخفف الالتهابات، التي تلعب الدور المهم في عملية انسداد الشرايين. كما أنها تعمل على استقرار الترسبات المليئة بالكولسترول لكي لا تتفتت أجزاؤها - وهو الأمر الذي يؤدي إلى حدوث غالبية النوبات القلبية والسكتات الدماغية.
وتساعد أدوية الستاتين أيضا على منع تشكيل خثرات الدم داخل الشرايين والأوردة. كما تحسن من وظيفة البطانة الداخلية العميقة لجدران الشرايين.
ومن المحتمل أيضا أن تلعب أدوية الستاتين دورها في التأثير على العظام وعلى الأنسجة الأخرى إضافة إلى تأثيراتها على القلب والأوعية الدموية.
ورغم قوة بعض أدوية الستاتين، مقارنة بمثيلاتها، فلا توجد دلائل على وجود أفضلية لدواء على دواء آخر منها في درء وقوع النوبات القلبية وأمراض القلب والأوعية الدموية الأخرى.
وتعامل الإرشادات الوطنية حول خفض الكولسترول أدوية الستاتين بشكل متكافئ. وقد دعمت دراسة أجرتها مؤسسة «في إيه للرعاية الصحية في بوسطن» الخاصة برعاية المحاربين القدامى، هذه المنطلقات.
فقد ظهر أن المحاربين القدامى الذين نجحوا في تحقيق أعظم قدر لخفض الكولسترول LDL الضار، كانوا من أقل المتعرضين للنوبات القلبية ومن أقل المحتاجين لعمليات لفتح شريان في القلب على مدى فترة ثمانية أعوام، بغض النظر عن نوع الدواء المستخدم لخفض الكولسترول LDL الضار (مجلة «سيركوليشن» 13 أكتوبر/تشرين الأول 2009).
الأعراض الجانبية
- إن أدوية الستاتين ليست عقاقير صانعة للمعجزات، إذ إن تناول واحد منها لا يضمن لأي شخص بأنه لن يتعرض إلى تداعيات المشاكل الناجمة عن الشرايين المسدودة بترسبات الكولسترول. ومع ذلك فإن هذه الأدوية تقلل من حدوث مثل تلك المشاكل.
وقد أظهرت نتائج تجارب واسعة امتدت لبضع سنوات أن تناول أدوية الستاتين يقلل من فرص حدوث النوبة القلبية أو السكتة الدماغية، كما يقلل الحاجة إلى إجراء جراحة فتح مجاز لوعاء دموي في القلب، أو جراحة لإزالة تضيّق الشرايين، ويقلل من حدوث الوفاة بسبب أمراض القلب.
وفي العموم فإن كل خفض للكولسترول LDL الضار بـ 40 نقطة، يؤدي إلى خفض الخطر بنسبة 20 في المائة.
وكلما كانت فرص حدوث نوبة قلبية أو سكتة دماغية، ووفاة بسبب أمراض القلب، أكثر، كانت أكثر مساعدة أدوية الستاتين.
ولو كانت أدوية الستاتين آمنة تماما، ولم تكن لها أعراض جانبية، فإنه كان من الممكن وصفها لكي يتناولها كل شخص من البالغين، إلا أنها ومثلها مثل باقي الأدوية (ومثل غالبية المكملات العشبية والغذائية)، لها القدرة على إحداث المشاكل. ومع وجود تحمل جيد لأعراض أدوية الستاتين، فإن غالبية الأشخاص الذين يشرعون في تناولها لا يلاحظون أبدا أنهم يتناولون العقاقير.
- آلام العضلات أو ضعفها. هو أحد أهم الأعراض الجانبية لأدوية الستاتين، فهي تظهر لدى 1 من كل 20 شخصا يتناولونها. وتختفي هذه الأعراض لدى بعض الأشخاص لنفسها أو عند تخفيض جرعة الدواء، فيما يتطلب ذلك لدى البعض الآخر تغيير الدواء إلى دواء ستاتين آخر.
وقد ظهر أن تناول 800 إلى 1000 وحدة دولية من فيتامين «دي» يوقف آلام العضلات الناجم عن تناول أدوية الستاتين. كما يحس بعض الأشخاص بتخفيف الأعراض لدى تناولهم «كوإنزيم كيو10» coenzyme Q10 وهو واحد من المكملات الغذائية، إلا أن هذه النتيجة لم تدعم من قبل أي تجارب إكلينيكية.
- أكثر الأعراض الجانبية المخيفة هو تحلل العضلات rhabdomyolysis. وهو عملية تحلل ألياف العضلات التي تؤدي إلى إلحاق الضرر بالكليتين، والتي تقود إلى الموت إن لم يتم الالتفات إليها في حينها.
ويؤثر تحلل العضلات على 2 من كل 100 ألف شخص من الذين يتناولون أدوية الستاتين، رغم أن أكثر المصابين به هم من الأعمار الأكبر سنا ويتناولون أدوية أخرى تسمح بتراكم الستاتين في مجرى الدم. كما يؤدي تناول كميات كبيرة من عصير العنب إلى ظهور هذا العرض الجانبي.
زيادة إفراز الكبد للإنزيمات. ويؤدي الستاتين لدى بعض الأشخاص إلى زيادة إفراز الكبد للإنزيمات.
ولا تعتبر الزيادة الخفيفة مقلقة، بعكس الزيادة الكبيرة. وبما أن مشاكل الكبد تتطور من دون ملاحظتها، فإن من المفضل إجراء فحص لوظيفة الكبد بعد ستة أسابيع من البدء في تناول دواء الستاتين، ثم وبعد ذلك، كل 3 إلى 6 أشهر في السنة الأولى من العلاج.
كما يفضل أيضا فحص وظيفة الكبد عند تغيير دواء الستاتين إلى دواء مماثل، أو عند تناول جرعات أعلى منه.
حالات الدوار، الإسهال، أو الإمساك. قد تظهر هذه الحالات لدى بعض الأشخاص الذين يتناولون أدوية الستاتين. وقد يساعد تناول الستاتين مساء مع وجبة الطعام على تقليل التأثيرات على الجهاز الهضمي.
فقدان الذاكرة. وهو أحد الأعراض الجانبية المثيرة للجدل التي يمكن حدوثها. إذ يقول بعض الأشخاص إنهم أخذوا يعانون من مشاكل في التفكير أو التذكر عند تناولهم للستاتين.
وقد شرع باحثون في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو في تنفيذ «دراسة تأثيرات أدوية الستاتين» Statin Effects Study بهدف التعرف والبحث عن التأثيرات السيئة لهذه الأدوية المنتشرة على نطاق واسع.
وقد أنفق الأميركيون نحو 10 مليارات دولار على أدوية الستاتين عام 2008، ويتوقع ازدياد هذا المبلغ سنويا.
وتتراوح كلفة شراء الأدوية بالأسماء التجارية سنويا بين 500 و2000 دولار. وعلى النقيض من ذلك، فإن الأدوية بالأسماء الأصلية لا تكلف أكثر من 100 دولار في السنة.
هل تحتاج إلى الستاتين؟
لا تزال مسألة تحديد مَن مِن المرضى يحتاج دواء الستاتين غير محسومة. وفي البدايات المبكرة قدمت توصية بتناول هذه الأدوية للأشخاص المعانين من أمراض القلب الذي لديهم مستوى عالٍ من الكولسترول.
أما اليوم فيوصى بتناوله للأشخاص الذين لديهم مستوى عال من الكولسترول، إضافة إلى الذين لديهم أمراض في القلب، أو المصابين بالسكري وأمراض الكلى - حتى وإن لم يكن لديهم مستوى عال من الكولسترول.
وقد افترضت دراسة JUPITER المهمة أن وجود مستوى عال من «بروتين سي-ريأكتيف» في مجرى الدم (وهو إحدى علامات الالتهابات) يشير إلى الأشخاص الذين سوف يستفيدون من تناول أدوية الستاتين، ومن الاستراتيجيات الأخرى لتقليل المخاطر الصحية.
وفيما يزداد توارد الأنباء عن فوائد أدوية الستاتين ومخاطرها، فإن من المفضل حاليا استشارة الطبيب حول تناولها أو عدم تناولها.
نصائح لمواعيد تناول أدوية الستاتين
يزداد نشاط جسم الإنسان لإنتاج الكولسترول أثناء الليل، أكثر من النهار. ولهذا فإن تناول الدواء في المساء (مع وجبة العشاء، أو قبل موعد النوم)، يمنع نشاط الإنزيم المنتج للكولسترول HMG-CoA reductase عندما يكون في أقصى نشاطه. والجرعة المتناولة في المساء مهمة لأدوية «سمفاستاتين» (زوكور)، «لوفاستاتين» (ميفاكور)، و«فلافاستاتين» (ليسكول) التي يقوم الكبد بتحليلها بسرعة.
إلا أنه يمكن تناول الأدوية الأخرى في أي وقت، لأنها تظل موجودة في مجرى الدم لفترة أطول، وهي أدوية «برافاستاتين» (برافاكول)، «روزافاستاتين» (كريستور)، «أتورفاستاتين» (ليبيتور).
أما دواء «بيتافاستاتين» (ليفالو) فيقع بين هاتين المجموعتين من الأدوية، ولذا فمن المحتمل أن تكون الجرعة المسائية هي الأفضل لتناوله.
المصدر : «كلية هارفارد الطبية»