منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

  مقدمات وأسس دراسة علم الأخلاق الإسلامية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 مقدمات وأسس دراسة علم الأخلاق الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: مقدمات وأسس دراسة علم الأخلاق الإسلامية    مقدمات وأسس دراسة علم الأخلاق الإسلامية Emptyالأحد 30 ديسمبر 2018, 3:26 pm

معنى الأخلاق لغة واصطلاحا


معنى الأخلاق لغة:
الأخلاق جمع خلق، والخلق اسم لسجية الإنسان وطبيعته التي خلق عليها. قال ابن منظور: (الخُلُقُ بضم اللام وسكونها هو الدين والطبع والسجية، وحقيقته أن صورة الإنسان الباطنة وهي نفسه وأوصافها ومعانيها المختصة بها بمنزلة الخلق لصورته الظاهرة وأوصافها ومعانيها) (1) ويقول صاحب كتاب (القاموس) (والخلق بالضم وبضَمَّتَيْنِ: السَّجِيَّةُ والطَّبْعُ والمُروءةُ والدينُ) (2) وقال الراغب: (والخلق والخلق في الأصل واحد، كالشرب والشرب، والصرم والصرم، لكن خص الخلق بالهيئات والأشكال والصور المدركة بالبصر، وخص بالقوى والسجايا المدركة بالبصيرة) (3).
معنى الأخلاق اصطلاحا:
عرف الجرجاني الخلق بأنه: (عبارة عن هيئة للنفس راسخة تصدر عنها الأفعال بسهولة ويسر من غير حاجة إلى فكر وروية، فإن كان الصادر عنها الأفعال الحسنة كانت الهيئة خلقا حسنا، وإن كان الصادر منها الأفعال القبيحة سمّيت الهيئة التي هي مصدر ذلك خلقا سيئا) (4).
وعرفه ابن مسكويه في (تهذيب الأخلاق) بقوله: (الخلق: حال للنفس داعية لها إلى أفعالها من غير فكر ولا روية، وهذه الحال تنقسم إلى قسمين: منها ما يكون طبيعيّا من أصل المزاج، كالإنسان الذي يحركه أدنى شيء نحو غضب ويهيج من أقل سبب، وكالإنسان الذي يجبن من أيسر شيء، أو كالذي يفزع من أدنى صوت يطرق سمعه، أو يرتاع من خبر يسمعه، وكالذي يضحك ضحكا مفرطا من أدنى شيء يعجبه، وكالذي يغتم ويحزن من أيسر شيء يناله. ومنها ما يكون مستفادا بالعادة والتدرّب، وربما كان مبدؤه بالروية والفكر، ثم يستمر أولا فأولا حتى يصير ملكة وخلقا) (5).
وذهب الجاحظ إلى (أن الخلق هو: حال النفس، بها يفعل الإنسان أفعاله بلا روية ولا اختيار، والخلق قد يكون في بعض الناس غريزة وطبعا، وفي بعضهم لا يكون إلّا بالرياضة والاجتهاد، كالسخاء قد يوجد في كثير من الناس من غير رياضة ولا تعمل، وكالشجاعة والحلم والعفة والعدل وغير ذلك من الأخلاق المحمودة) (6).


(1) ((لسان العرب)) لابن منظور (10/ 86).
(2) ((القاموس المحيط)) لمجموعة مؤلفين (ص881).
(3) ((مفردات ألفاظ القرآن الكريم)) للراغب الأصفهاني (ص297).
(4) ((التعريفات)) للجرجاني (ص101).
(5) ((تهذيب الأخلاق)) لابن مسكويه (ص41).
(6) ((تهذيب الأخلاق)) للجاحظ (ص 12).







تعريف علم الأخلاق


رِّف علم الأخلاق بعدة تعريفات منها:
1 - هو (علم: موضوعه أحكام قيمية تتعلق بالأعمال التي توصف بالحسن أو القبح) (1).
3 - وعرفه أحمد أمين بأنه (علم: يوضح معنى الخير والشر ويبين ما ينبغي أن تكون عليه معاملة الناس بعضهم بعضا ويشرح الغاية التي ينبغي أن يقصد إليها الناس في أعمالهم وينير السبيل لما ينبغي) (2).
موضوع الأخلاق
هو كل ما يتصل بعمل المسلم ونشاطه وما يتعلق بعلاقته بربه، وعلاقته مع نفسه، وعلاقته مع غيره من بني جنسه، وما يحيط به من حيوان وجماد. (3)


(1) ((المعجم الوسيط)) لمجموعة مؤلفين (1/ 252).
(2) ((كتاب الأخلاق)) لأحمد أمين (صCool.
(3) ((موسوعة الأخلاق)) لخالد الخراز (ص 22).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 مقدمات وأسس دراسة علم الأخلاق الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقدمات وأسس دراسة علم الأخلاق الإسلامية    مقدمات وأسس دراسة علم الأخلاق الإسلامية Emptyالأحد 30 ديسمبر 2018, 3:28 pm

أهمية الأخلاق


(إنَّ أهمية الأخلاق للحياة الإنسانية في نظر الإسلام ينظر إليها من اعتبارات مختلفة أهمها:
أولاً: علاقة الأخلاق ببناء الشخصية الإنسانية:
الإنسان جسد وروح، ظاهر وباطن، والأخلاق الإسلامية تمثل صورة الإنسان الباطنة، والتي محلها القلب، وهذه الصورة الباطنة هي قوام شخصية الإنسان المسلم، فالإنسان لا يقاس بطوله وعرضه، أو لونه وجماله، أو فقره وغناه، وإنما بأخلاقه وأعماله المعبرة عن هذه الأخلاق (1)، يقول تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات: 13]، ويقول صلى الله عليه وسلم: ((إن الله لا ينظر إلى أجسادكم، ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم)) (2) ويقول صل الله عليه وسلم –أيضا-: ((لينتهين أقوام يفتخرون بآبائهم الذين ماتوا إنما هم فحم جهنم، أو ليكونن أهون على الله من الجعل الذي يدهده الخزء بأنفه، إن الله أذهب عنكم عبية الجاهلية وفخرها بالآباء، إنما هو مؤمن تقي، وفاجر شقي، الناس بنو آدم، وآدم خلق من تراب)) (3).
ثانياً: ارتباط الأخلاق بالأسس العقدية والتشريعية للدين الإسلامي:
جعل الإسلام العقيدة الأساس الأول الذي تصدر عنه الأخلاق الفاضلة، وارتباط الأخلاق بالعقيدة أمر معلوم لكل من له فكر وروية بأمور الإسلام، وهذا الارتباط يشكل ضمانة لثبات الأخلاق واستقرارها وعدم العبث بها، كما يعتبر في الوقت نفسه شجرة مثمرة طيبة لهذه العقيدة، يقول الشيخ محمود شلتوت في هذا المعنى: (إن العقيدة دون خلق شجرة لا ظل لها ولا ثمرة، وإن الخلق دون عقيدة ظل لشبح غير مستقر) (4) ...
أما عن ارتباط الأخلاق بالشريعة، فالشريعة منها العبادات، والمعاملات، وصلة الأخلاق بالعبادات لا تحتاج إلى تقرير، وصلتها بالمعاملات لا تنفك، وعلى هذا فإن العبادات والمعاملات إذا عريت عن الأخلاق لا تغني عن صاحبها شيئاً...
ثالثاً: آثارها في سلوك الفرد والمجتمع:
تظهر أهمية الأخلاقية الإسلامية لما لها من أثر في سلوك الفرد، وفي سلوك المجتمع.
أما أثرها في سلوك الفرد فلما تزرعه في نفس صاحبها من الرحمة، والصدق، والعدل، والأمانة، والحياء، والعفة، والتعاون، والتكافل، والإخلاص، والتواضع ... وغير ذلك من القيم والأخلاق السامية، فالأخلاق بالنسبة للفرد هي أساس الفلاح والنجاح، يقول تعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا [الشمس: 9 - 10]، ويقول سبحانه: قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى [الأعلى: 14 - 15]، والتزكية في مدلولها ومعناها: تعني: تهذيب النفس باطناً وظاهراً، في حركاته وسكناته (5).
وأما أثرها في سلوك المجتمع كله، فالأخلاق هي الأساس لبناء المجتمعات الإنسانية إسلامية كانت أو غير إسلامية، يقرر ذلك قوله تعالى: وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر: 1 - 3].



(1) ((التربية الأخلاقية () أبادير حكيم (ص: 118).
(2) رواه مسلم (2564).
(3) رواه الترمذي (3955) واللفظ له، وأحمد (2/ 361) (8721). وحسنه الترمذي، وحسن إسناده المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (4496)، وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (5482).
(4) ((الإسلام عقيدة وشريعة)) محمود شلتوت (4/ 43).
(5) ((خلق المسلم)) الشيخ: محمد الغالي (ص: 15).
فالعمل الصالح المدعم بالتواصي بالحق، والتواصي بالصبر في مواجهة المغريات والتحديات من شأنه أن يبني مجتمعاً محصناً لا تنال منه عوامل التردي والانحطاط، وليس ابتلاء الأمم والحضارات كامناً في ضعف إمكاناتها المادية أو منجزاتها العلمية، إنما في قيمتها الخلقية التي تسودها وتتحلى بها.) (1)
وهذه (جملة من النصوص الدالة على أهمية الأخلاق، وأنها تحقق ... سعادة الدنيا والآخرة.
1 - امتثال أمر الله سبحانه:
كثيرة هي الآيات القرآنية التي تدعو العاقل إلى امتثال أمر الله سبحانه في الأخلاق، إما إيجابا، أو نهيا، أو إرشاداً، ومنها:
قال الله تعالى: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ [الأعراف: 199].
وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ [الحجرات: 6].
وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ [الحجرات: 11 - 12].
ولهذا لما سئلت عائشة رضي الله عنها ما كان النبي صل الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: ((كان يكون في مهنة أهله – تعني خدمة أهله – فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة)) (2).
وهكذا كان رسول الله صل الله عليه وسلم يمتثل أمر الله تعالى في كل شأنه قولاً وعملاً، وكان خلقه القرآن.
2 - أنها طاعة لرسول الله صل الله عليه وسلم:
عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صل الله عليه وسلم: ((اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن)) (3).
3 - أنها سبب لمحبة الله تعالى:
قال الله تعالى: وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [البقرة: 195].
وقال تعالى: وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ [آل عمران: 146].
وقال سبحانه: إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [المائدة: 42].
وعن أسامة بن شريك رضي الله عنه قال: ((كنا جلوساً عند النبي صل الله عليه وسلم كأن على رؤوسنا الطير، ما يتكلم منا متكلم، إذ جاءه أناس، فقالوا: من أحب عباد الله إلى الله؟ قال: أحسنهم خلقا)) (4).
4 - أنها سبب لمحبة رسول الله صل الله عليه وسلم:
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم: ((إن من أحبكم إلي، وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة، أحاسنكم أخلاق)) (5).
5 - أنها من أعظم أسباب دخول الجنة:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صل الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة؟ فقال: ((تقوى الله وحسن الخلق)) (6).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم: ((مر رجل بغصن شجرة على ظهر طريق، فقال: والله لأنحين هذا عن المسلمين، لا يؤذيهم، فأدخل الجنة)) (7).
والنصوص في حسن الخلق كثيرة، منها:
أنها دليل كمال الدين.
وأنها أثقل شيء في الميزان.
وأنها عبادة يبلغ بها العبد درجات الصائم القائم.
وأن صاحب الخلق من خيار الناس.
وأنها من خير أعمال الإنسان.
وأنها سبب تأييد الله ونصره.) (Cool.


(1) ((الأخلاق الإسلامية)) لحسن السعيد المرسي (ص: 24). -بتصرف –
(2) رواه البخاري (676).
(3) رواه الترمذي (1987)، وأحمد (5/ 153) (21392). قال الترمذي: حسن صحيح. وحسنه الألباني في ((صحيح الجامع)) (97).
(4) رواه الحاكم (4/ 441)، والطبراني في ((الكبير)) (1/ 181). قال الهيثمي في ((المجمع)) (8/ 27): رجاله رجال الصحيح. وقال البوصيري في ((إتحاف الخيرة)) (6/ 9): رواته محتج بهم في الصحيح.
(5) رواه الترمذي (2018)، وقال: حسن غريب من هذا الوجه. وحسن إسناده الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (791).
(6) رواه الترمذي (2004)، وأحمد (2/ 442) (9694)، والبخاري في ((الأدب المفرد)) (289). قال الترمذي: صحيح غريب. وصحح إسناده الحاكم (4/ 360)، وقال البغوي في ((شرح السنة)) (13/ 79): حسن غريب. وصححه الذهبي في ((التلخيص)).
(7) رواه مسلم (1914).
(Cool ((موسوعة الأخلاق)) لخالد الخراز (ص: 33) –بتصرف –
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 مقدمات وأسس دراسة علم الأخلاق الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقدمات وأسس دراسة علم الأخلاق الإسلامية    مقدمات وأسس دراسة علم الأخلاق الإسلامية Emptyالأحد 30 ديسمبر 2018, 3:31 pm

الثمرات المستفادة من دراسة الأخلاق


هنالك فوائد وثمرات كثيرة تستفاد من دراسة علم الأخلاق منها:
(الثمرة الأولى: الدعوة إلى الله عز وجل، والذي يظن أن الناس تدخل في الدين فقط لأنهم يقتنعون عقلياً فقط، لا شك أنه مخطئ ...
وكثير من الناس يدخلون في الدين لأنهم يرون أن أهل هذا الدين على خلق، وأن الدعاة إلى الله عندهم أخلاق، والشواهد في هذا الباب كثيرة ... فالاستقامة على الأخلاق لها أثر كبير، ونفعها بليغ، ولا أدل على ذلك مما جاء في السيرة النبوية من أن أخلاق الرسول صل الله عليه وسلم كانت محل إعجاب المشركين قبل البعثة، حتى شهدوا له بالصدق والأمانة.
عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: ((لما نزلت هذه الآية: وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ [الشعراء: 214]. قال رسول الله صل الله عليه وسلم: أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلاً تخرج بسفح هذا الجبل، أكنتم مصدقي؟ قالوا: ما جربنا عليك كذباً. قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد)) (1).
وقد بدأ انعكاس الصور السلوكية الرائعة في تأثيرها في انتشار هذا الدين في بعض المناطق التي لم يصلها الفتح؛ إذ دخل في هذا الدين الحنيف شعوب بكاملها لما رأوا القدوة الحسنة مرتسمة خلقاً حميداً في أشخاص مسلمين صالحين، مارسوا سلوكهم الرشيد، فكانوا كحامل مصباح ينير طريقه لنفسه بمصباحه، فيرى الآخرون ذلك النور ويرون به، وليس أجمل منه في قلب الظلام، وبناء على ذلك الإقبال سريعاً دون دافع سوى القدرة الحسنة، فرب صفة واحدة مما يأمر به الدين تترجم حية على يد مسلم صالح يكون لها أثر لا يمكن مقارنته بنتائج الوعظ المباشر؛ لأن النفوس قد تنفر من الكلام الذي تتصور أن للناطق به مصلحة، وأحسن من تلك الصفات التمسك بالأخلاق الحميدة التي هي أول ما يرى من الإنسان المسلم، ومن خلالها يحكم له أو عليه ...
الثمرة الثانية: تقوية إرادة الإنسان، وتمرين النفس على فعل الخير وترك الشر، حتى تصبح سجية في النفس نحو الفضيلة حتى تتحقق السعادة، ولكن كم من الناس عن سعادتهم غافلون! وقد يحرمون نفوسهم من خير كثير بسبب قلة أدبهم ...
ما أجمل الأدب بالأفعال! فقد خاصم رجل الأحنف فقال الرجل: لئن قلت واحدة لتسمعن عشراً، فقال الأحنف: لكنك إن قلت عشراً، لم تسمع واحدة (2).
فالواجب على العاقل أن يحرص على تقوية إرادته، ويؤدب نفسه على الأخلاق الحسنة، ويحملها على العدل، ولا يكن أول الظالمين لها.
قال تعالى: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ [فاطر: 32].
فالظالم لنفسه هو المقصر في عمله تجاه ربه الذي أحسن إليه، أو نبيه، أو أحداً ممن يجب عليه بره، والمقتصد هو العامل في أغلب الأوقات، وأما السابق بالخيرات فهو العامل والمعلم لغيره والمجاهد لدينه.
فالواجب أن يكون لنفسه من أعدل الناس، فمن عدل مع نفسه، فهو العاقل السابق بالخيرات، ومن دساها فهو الظالم لنفسه.
قال الماوردي: (فأما عدله في نفسه فيكون بحملها على المصالح، وكفها عن القبائح، ثم بالوقوف في أحوالها على أعدل الأمرين من تجاوز أو تقصير. فإن التجاوز فيها جور، والتقصير فيها ظلم، ومن ظلم نفسه فهو لغيره أظلم، ومن جار عليها فهو على غيره أجور) (3) (4).


(1) رواه البخاري (4971)، ومسلم (208)، واللفظ له.
(2) ((سير أعلام النبلاء)) (4/ 93).
(3) ((أدب الدنيا والدين)) (ص: 226).
(4) موسوعة الأخلاق لخالد الخراز (ص: 38)

الغاية من الإلتزام بالأخلاق


الهدف من الالتزام بالأخلاق عند المسلم هو إرضاء الله سبحانه وتعالى، ولا ينبغي ... أن يكون هدفه مدح الناس له؛ لأن ذلك يعد من الرياء، وكذلك لا ينبغي للعاقل أن يكون هدفه من وراء ذلك الكسب المادي فقط، والإسلام أيضاً يهدف إلى بناء مجتمع يقوم على التراحم والتعاون والإيثار وحب الخير للناس، من خلال علاقات حسنة مع الوالدين والأبناء، والأزواج، والأرحام، والجيران، وجميع المسلمين، بل وغير المسلمين، بل يتعدى ذلك إلى الحيوان والجماد، فالإسلام بحمد الله تعالى يهدف إلى حمل المسلم على التحلي بمكارم الأخلاق، والعيش في ظلها (1).
و (لدى التأمل في النصوص الإسلامية والمفاهيم العامة المقتبسة منها، نلاحظ أن الغاية من التزام فضائل الأخلاق والابتعاد عن رذائلها تنقسم إلى عنصرين:
العنصر الأول: اكتساب مرضاة الله تعالى الخالق الرازق المنعم المحيي المميت، الذي يجازي على الحسنة بأضعافها، ويجازي على السيئة بمثلها، فإنه سبحانه يحب فعل الخير، ويكره فعل الشر، ومن استطاع أن يرضي الله تعالى بعمله الصالح ظفر بمقدار عظيم من سعادة الحياة الدنيا في دار الابتلاء، وظفر بمقدار أجل وأعظم من سعادة الآخرة في دار الجزاء.
والتزام مكارم الأخلاق التي أمر بها الإسلام أو رغب بفعلها، واجتناب نقائص الأخلاق التي نهى عنها الإسلام أو رغب بتركها، من الأعمال الصالحات التي يظفر عاملوها بنسب من مرضاة الله تعالى ملائمة لمقادير أعمالهم ونياتهم، ولذلك يكون نصيبهم من سعادة القلب وسعادة الجزاء المعجل في الحياة الدنيا؛ على مقدار ما حققوا بأعمالهم ونياتهم من مرضاة الله تعالى، ويكون نصيبهم المضاعف من السعادة العظمى في الآخرة ملائماً لما حققوه بأعمالهم ونياتهم من مرضاة الله جل وعلا.
وباكتساب مرضاة الله تعالى تتحقق النجاة من الشقاوة والتعاسة، التي يجلبها الإنسان لنفسه بإسخاط ربه، فيما يقوم به من أعمال سيئات.
وهذا الجزاء المسعد لا يظفر به إلا من ابتغى مرضاة الله فأخلص له النية فيما يقوم به من صالح العمل.
هذا العنصر يتلخص:
أولاً: بالظفر بسعادة معجلة دنيا، وسعادة مؤجلة أبدية خالدة، وهاتان السعادتان تأتيان جزاء على أعمال صالحة ابتغى بها وجه الله تبارك وتعالى، وذلك لا يكون إلا مع الإيمان بالله.
ثانياً: بالنجاة من شقاوة يجلبها الإنسان لنفسه، بإسخاط ربه فيما يقوم به من أعمال سيئة، يخالف بها أوامر ربه ونواهيه.
العنصر الثاني: تحقيق أقساط من السعادة المستطاعة التحقيق في ظروف الحياة الدنيا، وهي أنواع السعادة التي تمنحها سنن الله ي كونه، الشاملة لجميع خلقه، من آمن به منهم ومن كفر به، والنجاة من أقساط من الشقاوة التي تجلبها الجرائم والجنايات وفق سنن الله في كونه، الشاملة لجميع خلقه، من آمن به منهم ومن كفر به.
والتزام قواعد الأخلاق الإسلامية كفيل بتحقيق أكبر نسبة من هذه السعادة للفرد الإنساني، وللجماعة الإنسانية، ثم لسائر الشركاء في الحياة على هذه الأرض وذلك بطريقة بارعة جداً يتم فيها التوفيق بالنسب المستطاعة بين حاجات ومطالب الفرد من جهة، وحاجات ومطالب الجماعة من جهة أخرى، ويتم فيها إعطاء كل ذي حق حقه، أو قسطاً من حقه وفق نسبة عادلة اقتضاها التوزيع العام المحفوف بالحق والعدل.
فمن الواضح في هذا العنصر أن أسس الأخلاق الإسلامية لم تهمل ابتغاء سعادة الفرد الذي يمارس فضائل الأخلاق ويجتنب رذائلها، ولم تهمل ابتغاء سعادة الجماعة التي تتعامل فيما بينها بفضائل الأخلاق مبتعدة عن رذائلها.


(1) موسوعة الأخلاق لخالد الخراز (ص: 33).وروعة الأخلاق التي أرشد إليها الإسلام، تظهر فيما اشتملت عليه من التوفيق العجيب بين المطالب المختلفة للفرد من جهة، وللجماعة من جهة أخرى، وتظهر فيما تحققه من وحدات السعادة الجزئية في ظروف الحياة الدنيا، بقدر ما تسمح به سنن الكون الدائمة الثابتة، التي تشمل جميع العاملين، مؤمنين بالله أو كافرين، أخلصوا له النية أو لم يخلصوا.
بخلاف العنصر الأول فإنه لا يتحقق إلا لمن آمن بالله وأخلص له في العمل.
عناصر السعادة:
وحين تتساءل عن العناصر التي يشعر الإنسان فيها بالسعادة نجد أن أهم هذه العناصر مشاعر اللذات، ومشاعر الخلو من الآلام.
ولذات الجسد وآلام الجسد أهون اللذات والآلام قيمة، ولكنها تدخل ضمن الوحدات الجزئية التي تمنح الإنسان قسطاً من السعادة، كرذاذ سريع الجفاف ولا يملأ ساحة النفس والقلب والروح.
وفوقها تأتي لذات النفس وآلامها، فهي أعمق وأشمل، ومدة بقائها أطول.
وفوقهما تأتي الذات الروح وآلامها، فهي أعمق منهما، وأشمل منهما، وأبقى منهما.
وقد تطغى لذة النفس على ألم الجسد فلا يشعر الإنسان بألم الجسد، وقد تطغى لذة الروح على ألم النفس فلا يشعر الإنسان بألم النفس.
فمغانم السعادة تأتي على مقدار قيمتها الحقيقية.
وقد تطغى آلام النفس على لذات الجسد، فلا تكون للذات الجسد أية قيمة، وقد تطغى آلام الروح على لذات النفس، فلا تكون للذات النفس أية قيمة، فمصائب التعاسة والشقاء تأتي على مقدار قيمتها الحقيقية أيضاً.
فأعلى أنواع السعادة ما يأتي عن طريق لذات الروح، وينبع من داخل كيان الإنسان. وأشد أنواع التعاسة والشقاء ما يأتي عن طريق آلام الروح، وينبع من داخل كيان الإنسان، ولا يأتيه من خارج عنه. ودون ما يأتي عن طريق الروح ما يأتي عن طريق النفس، ودونهما ما يأتي عن طريق الجسد.
وهذا الذي نبهت عليه النصوص الإسلامية، هو ما انتهى إليه معظم عقلاء الفلاسفة والأخلاقيين والمفكرين المنصفين.
ومما لا ريب فيه أن أنواع اللذات كلها قد تساهم مساهمة ما في اغتنام أقساط من السعادة، ما لم تعارضها آلام أشد منها وأقوى وأدخل في أعماق كيان الإنسان. كما أن أنواع الآلام كلها قد تساهم مساهمة ما في الإصابة بأقساط من التعاسة والشقاء، مالم تعارضها لذات أشد منها وأقوى وأدخل في أعماق كيان الإنسان.
والإسلام لم يهمل أي نوع من أنواع اللذات والآلام، ولكنه قد أدخلها جميعاً في حسابه، ثم أقام قواعد التوفيق الأخلاقي على هذا الأساس.
وبالإضافة إلى ملاحظة اللذات والآلام لاغتنام أكبر قسط مستطاع من السعادة للفرد والمجتمع، أدخلت الأخلاق الإسلامية في حسابها – الذي أقامت عليه قواعد الأخلاق – المصالح والمفاسد، والمنافع والمضار، العاجل من كل ذلك والآجل للفرد وللجماعة، وأجرت بين المتعارضات منها موازنات وتوفيقات عجيبة، كفيلة بجلب أعظم نسبة مستطاعة من الخير، ودفع أكبر نسبة يستطاع دفعها من الشر، مع المحافظة على العدل بين ذوي الحقوق، ضمن ظروف هذه الحياة الدنيا.
وفي الشريعة الإسلامية وفرة من النصوص المشيرة إلى السعادة بوصفها غاية منشودة، وإلى اللذة بوصفها أمراً قد توجد به أو معه السعادة.
ووفرة أيضاً من النصوص المشيرة إلى الشقاء الذي يدخل الحذر منه واتخاذ الوسائل لتفاديه ضمن الغاية المنشودة، ومن النصوص المشيرة إلى الألم بوصفه أمراً قد يوجد به أو معه الشقاء.) 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 مقدمات وأسس دراسة علم الأخلاق الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقدمات وأسس دراسة علم الأخلاق الإسلامية    مقدمات وأسس دراسة علم الأخلاق الإسلامية Emptyالأحد 30 ديسمبر 2018, 3:34 pm

مصادر الأخلاق الإسلامية


إن الأخلاق الإسلامية هي السلوك من أجل الحياة الخيرة وطريقة للتعامل الإنساني، حيث يكون السلوك بمقتضاها له مضمون إنساني ويستهدف غايات خيرة.
وقد عرف بعض الباحثين الأخلاق في نظر الإسلام بأنها عبارة عن (مجموعة المبادئ والقواعد المنظمة للسلوك الإنساني التي يحددها الوحي لتنظيم حياة الإنسان وتحديد علاقته بغيره على نحو يحقق الغاية من وجوده في هذا العالم على أكمل وجه) (1) (2).
و (المسلمون يستقون مصادر الأخلاق من القرآن الكريم، والسنة النبوية الصحيحة، وليس للبشرية أيضاً بديل عن هذين المصدرين ...
فمصادر الأخلاق في الإسلام تستمد مما يلي:
أولاً: القرآن الكريم:
يعتبر القرآن الكريم المصدر الأول للأخلاق، والآيات في ذلك كثيرة: قال تعالى: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء: 9]. وقال سبحانه: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النحل: 90].
وقال تعالى: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ [الأعراف: 33]. ونظائر هذه الآيات كثيرة في كتاب الله تعالى، وكلها من مصادر الأخلاق.
والرسول صلى الله عليه وسلم هو أول من تخلق بأخلاق القرآن الكريم وألزم نفسه بآداب القرآن، وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ((كان خلق الرسول صل الله عليه وسلم القرآن)) (3). قال الحافظ ابن كثير: (ومعنى هذا أنه قد ألزم نفسه ألا يفعل إلا ما أمره به القرآن، ولا يترك إلا ما نهاه عنه القرآن، فصار امتثال أمر ربه خلقاً له وسجية، صلوات الله وسلامه عليه إلى يوم الدين) (4).
ثانياً: السنة النبوية:
تعريف السنة باعتبار كونها مصدرا تشريعيا: وهي أقواله وأفعاله، وتقريراته، والسنة النبوية الصحيحة المصدر الثاني للأخلاق بنص القرآن الكريم: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ [الحشر: 7]. وقال تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا [الأحزاب: 21]. وقال سبحانه: فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ [النساء: 59]. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق)) (5). قال إبراهيم الحربي: ينبغي للرجل إذا سمع شيئاً من آداب النبي صل الله عليه وسلم أن يتمسك به (6).
ولذا حرص الصحابة – رضوان الله عليهم – واهتموا وتابعوهم اهتماماً كبيراً وتخلقوا بالأخلاق الحسنة مستندين في ذلك إلى ما جاء في كتاب الله – سبحانه وتعالى – وسنة نبيه صل الله عليه وسلم، فهم قدوتنا وسلفنا الصالح في الأخلاق.) (7)


(1) ((التربية الأخلاقية الإسلامية)) مقداد يالجين (ص 75).
(2) ((نضرة النعيم)) لمجموعة باحثين (ص22).
(3) رواه مسلم (746).
(4) ((الفصول في سيرة الرسول صل الله عليه وسلم)) (ص: 251).
(5) رواه أحمد (2/ 381) (8939)، والحاكم (2/ 670)، والبخاري في ((الأدب المفرد)) (273). قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (8/ 191): رجاله رجال الصحيح. وقال البوصيري في ((إتحاف الخيرة)) (7/ 69): صحيح على شرط مسلم. وصححه السيوطي في ((الجامع الصغير)) (2584).
(6) ((الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع)) (1/ 142).
(7) ((موسوعة الأخلاق لخالد الخراز)) (ص: 27).

تقسيم الأخلاق باعتبار علاقاتها




تنقسم الأخلاق باعتبار علاقاتها إلى أربعة أقسام:
(القسم الأول: ما يتعلق بوجوه الصلة القائمة بين الإنسان وخالقه ... والفضيلة الخلقية في حدود هذا القسم تفرض على الإنسان أنواعاً كثيرة من السلوك الأخلاقي: منها الإيمان به لأنه حق، ومنها الاعتراف له بالكمال الصفات، والأفعال، ومنها تصديقه فيما يخبرنا به، لأن من حق الصادق تصديقه، ومنها التسليم التام لما يحكم علينا به، لأنه هو صاحب الحق في أن يحكم علينا بما يشاء.
فكل هذه الأنواع من السلوك أمور تدعو إليها الفضيلة الخلقية.
أما دواعي الكفر بالخالق بعد وضوح الأدلة على وجوده فهي حتماً دواع تستند إلى مجموعة من رذائل الأخلاق، منها الكبر، ومنها ابتغاء الخروج على طاعة من تجب طاعته، استجابة لأهواء الأنفس وشهواتها، ومنها نكران الجميل وجحود الحق ...
القسم الثاني: ما يتعلق بوجوه الصلة بين الإنسان وبين الناس الآخرين.
وصور السلوك الأخلاقي الحميد في حدود هذا القسم معروفة وظاهرة: منها الصدق، والأمانة، والعفة، والعدل، والإحسان، والعفو، وحسن المعاشرة، وأداء الواجب، والاعتراف لذي الحق بحقه، والاعتراف لذي المزية بمزيته والمواساة والمعونة، والجود، وهكذا إلى آخر جدول فضائل الأخلاق التي يتعدى نفعها إلى الآخرين من الناس.
أما صور السلوك الأخلاقي الذميم في حدود هذا القسم فهي أيضاً معروفة وظاهرة: منها الكذب، والخيانة، والظلم، والعدوان، والشح، وسوء المعاشرة، وعدم أداء الواجب، ونكران الجميل، وعدم الاعتراف لذي الحق بحقه، وهكذا إلى آخر جدول رذائل الأخلاق التي يتعدى ضررها إلى الآخرين من الناس.
القسم الثالث: ما يتعلق بوجوه الصلة بين الإنسان ونفسه.
وصور السلوك الأخلاقي الحميد في حدود هذا القسم كثيرة: منها الصبر على المصائب، ومنها الأناة في الأمور، ومنها النظام والإتقان في العمل، ومنها عدم استعجال الأمور قبل أوانها، وكل ذلك يدخل في حسن إدارة الإنسان لنفسه، وحكمته في تصريف الأمور المتعلقة بذاته.
وصور السلوك الأخلاقي الذميم في حدود هذا القسم تأتي على نقيض صور السلوك الأخلاقي الحميد.
القسم الرابع: ما يتعلق بوجوه الصلة بين الإنسان والأحياء غير العاقلة.
ويكفي أن تتصور من السلوك الأخلاقي الحميد في حدود هذا القسم، الرحمة بها، والرفق في معاملتها، وتأدية حقوقها الواجبة. أما الظلم والقسوة وحرمانها من حقوقها؛ فهي من قبائح الأخلاق، وفي هذا يقول الرسول صل الله عليه وسلم فيما رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر: ((عذبت امرأة في هرة حبستها حتى ماتت فدخلت فيها النار، لا هي أطعمتها وسقتها إذ حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض)) (1) ...
ولابد من ملاحظة أن كثيراً من الأخلاق لها عدد من الارتباطات والتعلقات، ولذلك فقد تدخل في عدد من هذه الأقسام في وقت واحد، إذ قد تكون لفائدة الإنسان نفسه، وتكون في نفس الوقت لفائدة الآخرين، وتكون مع ذلك محققة مرضاة الله تعالى) 











خصائص الأخلاق الإسلامية




(لأخلاقنا الإسلامية خصائص مميزة تنفرد بها، وتجعلها ذات شخصية مستقلة، وطبيعة خاصة.
فهي أخلاق تستمد مصدرها من كتاب الله تعالى، وسنة النبي صل الله عليه وسلم.
وما دامت أخلاقنا الإسلامية تقوم على القرآن والسنة، فهي بذلك تتسم بالشمول، والصلاحية للتطبيق في كل زمان ومكان، كما أنها تتسم بأنها قائمة على الإقناع العقلي والوجداني (العاطفي) معاً، كما أنها تقوم على المسؤولية، فللمسؤولية في أخلاق المسلم جانبان: شخصي وجماعي معاً، كما أنها تحكم على الأعمال ظاهراً وباطناً، فالرقابة الذاتية لها أثرها الفعال في أخلاق المسلم، وهي في النهاية تجعل الجزاء العادل لكل من الأخيار والأشرار في الدنيا والآخرة.
أولاً: الأخلاق الإسلامية ربانية المصدر:
الأخلاق الإسلامية تعتمد على كتاب الله وسنة الني صل الله عليه وسلم، فهي ربانية الهدف والغاية، وعلى هذا فهي بعيدة كل البعد عن الرأي البشري، والنظام الوضعي، والفكر الفلسفي (1).
وما دامت الأخلاق الإسلامية ربانية المصدر فهي تتسم بسمة الخلود والصدق والصحة، وكيف لا؟ والله تعالى يقول: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر: 9] ...
ثانياً: الشمول والتكامل:
من خصائص الأخلاق الإسلامية: إنها شاملة، ومتكاملة، وهي خاصية منبثقة من الخاصية الأولى، وهي الربانية، فالإنسان لأنه محدود الكينونة في الزمان والمكان، والعلم والتجربة، كما أنه محكوم بضعفه وميله وشهوته ورغبته، وقصوره وجهله، لذلك كان من المستحيل أن تكون الأخلاق الوضعية للبشر شاملة وعالمية، فأما حين يتولى الله سبحانه وتعالى ذلك كله، فإن التصور العقائدي، وكذلك المنهج الحياتي للإنسان يجيئان بكل ما يعتور الصبغة البشرية من القصور والنقص، وهكذا كان الشمول خاصية من خصائص الأخلاق الإسلامية (2) ...
ثالثاً: الصلاحية العامة لكل زمان ومكان:
أخلاقنا الإسلامية ربانية المصدر، وتمتاز بالشمول، ولما كانت كذلك فهي صالح لجميع الناس في كل العصور، وفي جميع الأماكن، نظراً لما تتميز به من اسهولة واليسر، وعدم المشقة، ورفع الحرج عن الناس، وعدم تكليفهم بما لا يطاق.
قال تعالى: يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [البقرة: 185].
قال عز وجل: يُرِيدُ اللهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا [النساء: 28] ...
رابعاً: الإقناع العقلي والوجداني:
العقل السليم يقنع بما أتت به الشريعة الإسلامية من نظم أخلاقية متميزة ومستقلة عن غيرها، من النظم الأخلاقية التي وضعها المفكرون والفلاسفة على حسب البيئة التي يعيشون فيها، أو على حسب أهوائهم.
كذلك فإن الجانب الوجداني (العاطفي) والذي محله القلب على قناعة تامة بأصول الأخلاق الإسلامية. إن أخلاقنا الإسلامية بها يقنع العقل السليم، ويرضى بها القلب.
فالعقل السليم، والقلب النير عندما يعلم أن الأخلاق الإسلامية تنهى عن: الكذب، والغيبة، والنميمة، وقول الزور، والظلم، والشح، والعدوان، والمنكر بكل أساليبه يكون على قناعة بهذا الخلق الرباني المتميز والمستقل عن غيره (3).
خامساً: المسؤولية:
الأخلاق الإسلامية تجعل الإنسان مسؤولاً عما يصدر منه في كل جوانب الحياة، سواء كانت هذه المسؤولية مسؤولية شخصية، أم مسؤولية جماعية، ولا تجعله اتكالياً لا يأبه بما يدور حوله من أشياء، وهذه خاصية من خصائص أخلاقنا انفردت بها الشريعة الغراء.




(1) ((خصائص التصور الإسلامي ومقوماته)) (ص: 65).
(2) ((أخلاقنا الاجتماعية)) مصطفى السباعي (ص: 173).
(3) ((السلوك الاجتماعي في الإسلام)) حسن أيوب (ص: 167).ونعني بالمسؤولية الشخصية: إن الإنسان مسؤول عما يصدر منه عن نفسه إن كان خيراً فخيراً، وإن كان شراً فشراً، وفي هذا الصدد يقول الله تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ [فصلت: 46].
ويقول سبحانه: كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ [الطور: 21].
ويقول عز وجل: وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الإسراء: 15].
ويقول تعالى: وَمَن يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ [النساء: 111].
ويقول تعالى: السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً [الإسراء: 26].
فهذه الآيات وغيرها تبين لنا مدى المسؤولية التي تقع على عاتق الإنسان عما يصدره منه عنه نفسه. ويقول صل الله عليه وسلم: (( ... وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقى لها بالا يهوى بها في جهنم)) (1)، يقول ابن حجر في شرح الحديث: (لا يلقى لها بالاً: أي: لا يتأمل بخاطره، ولا يتفكر في عاقبتها، ولا يظن أنها تؤثر شيئاً) (2)، فقبل أن تخرج الكلمة من فيك، أعط نفسك فرصة للتفكير، هل ما ستقوله يرضي الله أم يغضبه؟ هل تكون عاقبته خيراً أم شراً؟ وطالما لم تخرج فأنت مالكها، فإذا خرجت كنت أسيرها، وإذا كان هذا في الكلام ففي سائر التصرفات من باب أولى.
ونعني بالمسؤولية العامة (الجماعية): تلك المسؤولية التي تراعي الصالح العام للناس، فلا يكون الرجل إمعة متكاسلاً، يقول النبي صل الله عليه وسلم: ((لا تكونوا إمعة، تقولون: إن أحسن الناس أحسنا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساؤوا فلا تظلموا)) (3)، وأعلم أن كل كلام الإنسان عليه لا له إلا أمر بمعروف، أو نهي عن منكر، أو ذكر الله، كما جاء في الحديث: ((كل كلام ابن آدم عليه لا له، إلا أمر بمعروف، أو نهي عن منكر، أو ذكر الله)) (4)، فعليك الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر: ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وهذا أضعف الإيمان)) (5)، وأعلم: ((إن الناس إذا رأوا منكراً، ولا يغيرونه، أوشك الله أن يعمهم بعقابه)) (6).
سادساً: العبرة بالظاهر والباطن من الأعمال معاً:
أخلاقنا الإسلامية لا تكتفي بالظاهر من الأعمال، ولا تحكم عليه بالخير والشر بمقتضى الظاهر فقط، بل يمتد الحكم ليشمل النوايا والمقاصد، وهي أمور باطنية، فالعبرة إذاً بالنية، يقول رسول الله صل الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)) (7)، ... والنية هي مدار التكليف، وعلى ذلك ننظر إلى نية الإنسان حتى نحكم على عمله الظاهر بالإيجاب أو بالسلب.
سابعاً: الرقابة الدينية:
الرقابة: تعني مراقبة المسلم لجانب مولاه سبحانه في جميع أمور الحياة (Cool.


(1) رواه البخاري (6478).
(2) ((فتح الباري)) (11/ 311).
(3) رواه الترمذي (2007)، والبزار (7/ 229). وحسنه الترمذي، وضعفه الألباني في ((ضعيف الجامع)) (6271).
(4) رواه الترمذي (2412)، وابن ماجه (3974)، وأبو يعلى (13/ 58). قال الترمذي: غريب. وضعفه الالباني في ((السلسلة الضعيفة)) (1366).
(5) رواه مسلم (49).
(6) رواه أبو داود (4338)، والترمذي (3057)، ابن ماجه (4005). قال الترمذي: حسن صحيح. وصححه السيوطي في ((الجامع الصغير)) (2136).
(7) رواه البخاري (1).
(Cool ((الإسلام عقيدة وشريعة)) الشيخ شلتوت (ص: 4).
وعلى هذا فإن الرقابة في أخلاقنا الإسلامية لها مدلولها المستقل والمختلف عن الرقابة في مصادر الأخلاق الأخرى، حيث تكون رقابة خارجية من الغير تتمثل في رقابة السلطة، والأفراد (1).
أما الرقابة في الإسلام فهي رقابة ذاتية في المقام الأول، وهي رقابة نابعة من التربية الإسلامية الصحيحة، ومن إيقاظ الضمير، فإذا كان المسلم يعلم أن الله معه، وأنه مطلع على حركاته وسكناته، فإنه يكون رقيباً على نفسه ولا يحتاج إلى رقابة الغير عليه، يقول تعالى: وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ [الحديد: 4]، ويقول سبحانه: يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى [طه: 7]، ويقول عز وجل: إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء: 1]، فإذا قرأ المسلم هذه الآيات وعرف معناها فإنه حينئذ يتيقن أنه إذا تمكن من الإفلات من رقابة السلطة، فإنه لن يتمكن من الإفلات من رقابة الله، وهذا في حد ذاته أكبر ضمان لعدم الانحراف والانسياق إلى الأخلاق المذمومة (2).
ثامناً: تراعى التدرج:
التدرج في إلقاء الأوامر، بتقديم الأهم على المهم، واجتناب الأفحش، والسهولة واليسر ... وهو أهم ما يميز أخلاقنا الإسلامية، فهي لا تطلب من الناس العمل بما لا يطاق، ولا بالمستحيل.
تاسعاً: الجزاء على الخير والشر:
الجزاء من جنس العمل – كما يقال – وأخلاق الإسلام تعطي الجزاء لكل من يعمل خيراً، أو يقترف شراً. هذا الجزاء قد يكون في الدنيا، وقد يكون في الآخرة.
فالأخيار من الناس: جزاؤهم عظيم في الدنيا والآخرة:
أما جزاؤهم في الآخرة: فتشير إليه آيات كثيرة منها:
قوله تعالى: وَعَدَ اللهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة: 72].
قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ [البينة: 7 - 8].
وأما جزاؤهم في الدنيا: فتشير إليه آيات منها:
قوله تعالى وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ
- قوله تعالى: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ...
والأشرار من الناس: جزاؤهم عظيم في الدنيا والآخرة
أما جزاؤهم في الآخرة: فتشير إليه آيات كثيرة منها
- قوله تعالى: فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ ...
وأما جزاؤهم في الدنيا: فتشير إليه آيات منها:
قوله تعالى: وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ [النحل: 112].)

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 مقدمات وأسس دراسة علم الأخلاق الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقدمات وأسس دراسة علم الأخلاق الإسلامية    مقدمات وأسس دراسة علم الأخلاق الإسلامية Emptyالأحد 30 ديسمبر 2018, 3:35 pm

فضائل مكارم الأخلاق

1 - مكارم الأخلاق من أعمال الجنة:
(فهي من الأعمال المقربة للجنة الموصلة إليها المورثة الفردوس الأعلى.
قال صل الله عليه وسلم: ((أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً ... وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه)) (1).
عن أبي هريرة رضي الله عنه: ((سئل رسول الله صل الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة فقال: تقوى الله وحسن الخلق وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار فقال: الفم والفرج)) (2).
2 - مكارم الأخلاق سبب في محبة الله جل جلاله لعبده:
قال صل الله عليه وسلم: ((أحب عباد الله إلى الله أحسنهم خلقاً)) (3).
مكارم الأخلاق من أسباب محبة الرسول صل الله عليه وسلم:
قال صل الله عليه وسلم: ((إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً)) (4).
3 - مكارم الأخلاق أثقل شيء في الميزان يوم القيامة:
قال صل الله عليه وسلم: ((ما من شيء في الميزان أثقل من حسن الخلق)) (5).
مكارم الأخلاق تضاعف الأجر والثواب:
قال صل الله عليه وسلم: ((إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجات قائم الليل صائم النهار)) (6).
وقال صل الله عليه وسلم: ((إن المسلم المسدد ليدرك درجة الصوام القوام بآيات الله عز وجل لكرم ضريبته وحسن خلقه)) (7).
4 - مكارم الأخلاق من خير أعمال العباد:
قال صل الله عليه وسلم: ((يا أبا ذر ألا أدلك على خصلتين هما أخف على الظهر وأثقل في الميزان من غيرهما قال: بلى يا رسول الله، قال: عليك بحسن الخلق وطول الصمت فو الذي نفس محمد بيده ما عمل الخلائق بمثلهما)) (Cool.
5 - مكارم الأخلاق تزيد في الأعمار:
6 - مكارم الأخلاق تعمر الديار:
قال صل الله عليه وسلم: ((حسن الخلق وحسن الجوار يعمران الديار ويزيدان في الأعمار)) (9).) (10).


(1) رواه أبو داود (4800)، والطبراني في ((الكبير)) (8/ 98)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (10/ 420) (21176). وصححه النووي في ((رياض الصالحين)) (ص216)، وحسنه الألباني في ((صحيح الترغيب)) (2648).
(2) رواه الترمذي (2004)، وأحمد (2/ 442) (9694)، وابن حبان (2/ 224). قال الترمذي: صحيح غريب. وحسنه الألباني في ((صحيح الترغيب)) (2642).
(3) رواه الحاكم (4/ 441)، والطبراني في ((الكبير)) (1/ 181). قال الهيثمي في ((المجمع)) (8/ 27): رجاله رجال الصحيح. وقال البوصيري في ((إتحاف الخيرة)) (6/ 9): رواته محتج بهم في الصحيح.
(4) رواه الترمذي (2018)، وقال: حسن غريب من هذا الوجه. وحسن إسناده الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (791).
(5) رواه الترمذي (2002)، وابن حبان (12/ 506). قال الترمذي: حسن صحيح. وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (5628).
(6) رواه أبو داود (4798)،وأحمد (6/ 187) (25587)، والحاكم (1/ 128). وقال: صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي. وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (1620).
(7) رواه أحمد (2/ 177) (6648)، والطبراني في ((الكبير)) (13/ 58). قال المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (4009): رواه أحمد والطبراني في الكبير ورواة أحمد ثقات إلا ابن لهيعة. وقال الهيثمي في ((المجمع)) (8/ 25): رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط، وفيه ابن لهيعة وفيه ضعف، وبقية رجاله رجال الصحيح.
(Cool رواه البزار (13/ 359)، وأبو يعلى (6/ 53)، والطبراني في ((الأوسط)) (7/ 140). وجوَّد إسناده المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (3/ 274)، وقال الهيثمي في ((المجمع)) (8/ 22): رجاله ثقات. وقال البوصيري في ((إتحاف الخيرة)) (6/ 18): هذا إسناد رجاله ثقات.
(9) رواه أحمد (6/ 159) (25298). وحسنه السيوطي في ((الجامع الصغير)) (5001)، وصحح إسناده الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (519).
(10) ((مكارم الأخلاق)) لسليم الهلالي (ص: 48).
مكارم الأخلاق ضرورة إجتماعية
(إن أي مجتمع من المجتمعات الإنسانية لا يستطيع أفراده أن يعيشوا متفاهمين متعاونين سعداء ما لم تربط بينهم روابط متينة من الأخلاق الكريمة.
ولو فرضنا احتمالاً أنه قام مجتمع من المجتمعات على أساس تبادل المنافع المادية فقط، من غير أن يكون وراء ذلك غرض أسمى فإنه لابد لسلامة هذا المجتمع من خلقي الثقة والأمانة على أقل التقادير.
فمكارم الأخلاق ضرورة اجتماعية، لا يستغني عنها مجتمع من المجتمعات، ومتى فقدت الأخلاق التي هي الوسيط الذي لابد منه لانسجام الإنسان مع أخيه الإنسان، تفكك أفراد المجتمع، وتصارعوا، وتناهبوا مصالحهم، ثم أدى بهم ذلك إلى الانهيار، ثم إلى الدمار.
من الممكن أن تتخيل مجتمعاً من المجتمعات انعدمت فيه مكارم الأخلاق كيف يكون هذا المجتمع؟
كيف تكون الثقة بالعلوم والمعارف والأخبار وضمان الحقوق لولا فضيلة الصدق؟!
كيف يكون التعايش بين الناس في أمن واستقرار، وكيف يكون التعاون بينهم في العمل ضمن بيئة مشتركة، لولا فضيلة الأمانة؟
كيف تكون أمة قادرة على إنشاء حضارة مثلى لولا فضائل التآخي والتعاون والمحبة والإيثار؟
كيف تكون جماعة مؤهلة لبناء مجد عظيم لولا فضيلة الشجاعة في رد عدوان المعتدين وظلم الظالمين، ولولا فضائل العدل والرحمة والإحسان والدفع بالتي هي أحسن؟
كيف يكون إنسان مؤهلا لارتقاء مراتب الكمال الإنساني إذا كانت أنانيته مسيطرة عليه، صارفة له عن كل عطاء وتضحية وإيثار؟
لقد دلت التجربات الإنسانية، والأحداث التاريخية، أن ارتقاء القوى المعنوية للأمم والشعوب ملازم لارتقائها في سلم الأخلاق الفاضلة، ومتناسب معه، وأن انهيار القوى المعنوية للأم والشعوب ملازم لانهيار أخلاقها، ومتناسب معه، فبين القوى المعنوية والأخلاق تناسب طردي دائماً، صاعدين وهابطين.
وذلك لأن الأخلاق الفاضلة في أفراد الأمم والشعوب تمثل المعاقد الثابتة التي تعقد بها الروابط الاجتماعية، ومتى انعدمت هذه المعاقد أو انكسرت في الأفراد لم تجد الروابط الاجتماعية مكاناً تنعقد عليه، ومتى فقدت الروابط الاجتماعية صارت الملايين في الأمة المنحلة عن بعضها مزودة بقوة الأفراد فقط، لا بقوة الجماعة، بل ربما كانت القوى المبعثرة فيها بأساً فيما بينها، مضافاً إلى قوة عدوها.
وإذا كانت الأخلاق في أفراد الأمم تمثل معاقد الترابط فيما بينهم فإن النظم الإسلامية الاجتماعية تمثل الأربطة التي تشد المعاقد إلى المعاقد، فتكون الكتلة البشرية المتماسكة القوية، التي لا تهون ولا تستخذي.
وإذا أردنا أن نوضح بالأمثلة حقيقة كون الأخلاق تمثل المعاقد التي تعقد بها الروابط الاجتماعية تواردت علينا أمثلة كثيرة جدا.
1 - فلنأخذ فضيلة الصدق مثلا من أمثلة مكارم الأخلاق.
إن الصدق بوصفه خلقاً ثابتاً في الفرد المسلم معقد من معاقد الروابط الاجتماعية، تنعقد عليه ثقة المجتمع بما يحدث به ويخبر عنه في مجال التاريخ والأخبار، وفي مجال العلوم المختلفة، وفي مجال المعاملات المادية والأدبية، وفي مجال العهود والوعود والمواثيق، وغير ذلك من مجالات.
ونستطيع أن نبني على هذه المقدمة أنه متى انهارت في الفرد فضيلة الصدق انقطعت ما بينه وبين مجتمعه رابطة عظمى، وغدا الناس لا يصدقونه فيما يقول، ولا يثقون به فيما يحدث به أو فيما يعد، فلا يكلون إليه أمراً، ولا يعقدون بينهم وبينه عهداً، ولا يواسونه إذا اشتكى لهم من شدة، لأنهم يرجحون في كل ذلك كذبه، بعد أن أمست رذيلة الكذب هي الخلق الذي خبروه فيه، ...
2 - ولنأخذ فضيلة الأمانة مثلا من أمثلة مكارم الأخلاق
إن الأمانة بوصفها خلقاً ثابتاً في الفرد المسلم معقد آخر من معاقد الروابط الاجتماعية، تنعقد عليه ثقة الناس بما يضعون بين يديه من مال أو سلطان، وبما يمنحونه من وجاهة وتقديم، وبما يكلون إليه من أمور عامة أو خاصة.
ونستطيع أن نبني على هذه المقدمة، أنه متى انهارت في الإنسان فضيلة الأمانة انقطعت ما بينه وبين مجتمعه رابطة من الروابط الاجتماعية، وغدا الناس لا يأمنونه على أي شيء ذي قيمة معتبرة لديهم، خاصاً كان ذلك أو عاماً، لأنهم يقدرون أنه سوف يسطو عليه لنفسه، بعد أن أمست رذيلة الخيانة هي الخلق الذي خبروه فيه.
3 - ولنأخذ فضيلة العفة مثلاً من أمثلة مكارم الأخلاق.
إن العفة بوصفها خلقاً ثابتاً في الفرد المسلم معقد من معاقد الروابط الاجتماعية، تنعقد عليه ثقة الناس به في أعراضهم، وبهذه الثقة تأمنه الأسرة على عرضها إذا غابت، ويأمنه الجار على عرضه إذا ترك منزله، وتأمنه الزوجة إذا خرج إلى عمله أن لا يختان نفسه، والمرأة العفيفة كذلك تكون موضعاً للثقة بها عند الغيبة عنها.
ومتى انهارت في الإنسان فضيلة العفة لم يأمنه الناس على أعراضهم، ولم يأمنوه على بلادهم ومصالحهم العامة، لأنهم يقدرون أن أعداءهم سوف يسهل عليهم صيده من مغمز عفته المنهارة، ثم تسخيره في خدمة أغراضهم، وبذلك تنقطع ما بينه وبين مجتمعه رابطة من الروابط الاجتماعية.
وهكذا نستطيع أن نقيس على هذه الأمثلة سائر مكارم الأخلاق، كالعدل، والجود، والوفاء، بالعهد والوعد، والإحسان، والعطف على الناس، وغير ذلك من فضائل الأخلاق.
وانهيار كل خلق من مكارم الأخلاق يقابله دائماً انقطاع رابطة من الروابط الاجتماعية، وبانهيارها جميعاً تنهار جميع المعاقد الخلقية في الأفراد، وبذلك تنقطع جميع الروابط الاجتماعية، ويمسي المجتمع مفككاً منحلاً) 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 مقدمات وأسس دراسة علم الأخلاق الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقدمات وأسس دراسة علم الأخلاق الإسلامية    مقدمات وأسس دراسة علم الأخلاق الإسلامية Emptyالأحد 30 ديسمبر 2018, 3:37 pm

أصالة الأخلاق عند المسلمين


(من الناس من يظن ... أنه لا يوجد فكر أخلاقي عند المسلمين، ومنهم من يجعل الفكر الفلسفي شاملا للفكر الأخلاقي في التراث الإسلامي، ومنهم من ينظر إلى الفكر الصوفي على أنه الفكر الأخلاقي المعتمد للمسلمين.
إن هذه الأطروحات المختلفة لا تلبث أن تتهاوى أمام حقيقة ناصعة البياض، وهي أن الفكر الأخلاقي قد وجدت أسبابه ودواعيه منذ تلك اللحظة التي أمر فيها الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم ب «مكارم الأخلاق»، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإنه قد تقرر عند العلماء أنه لا يوجد فكر ديني دون أن يكون هناك فكر أخلاقي انطلاقا من أن الفكر الديني هو الذي يحدد الإطار العام لأفكار معتنقيه، ويجيب عن التساؤلات الإنسانية الكبرى مثل خلق الإنسان والتدبر في نعم الله وآلائه، أما الفكر الخلقي فإنه يحدد أنماط السلوك التي يمارسها الإنسان في هذه الحياة، ومن المعروف أن الإسلام عقيدة وشريعة؛ فالعقيدة تتضمن الفكر، والشريعة تتضمن أنماط السلوك تجاه المولى- عز وجل- كما في العبادات، أو تجاه النفس كما في العفة والطهر ونحوها، أو تجاه الآخرين كما في البر والصدقة والإيثار ونحو ذلك.
لقد وجد الفكر الأخلاقي عند المسلمين طريقة للتأثير على الفكر الأخلاقي على المستوى العالمي بوجه عام والفكر الغربي بوجه خاص، ولا يزال هذا الفكر مسيطرا على سلوك المسلمين في الحاضر، ويعمل على صياغة حياتهم في المستقبل، ولم يكن الأمر كذلك إلا لكون هذا الفكر الإسلامي فكرا كونيا يعالج قضايا الحياة الإنسانية من منظور يسمو على النواحي القومية والعرقية والإقليمية، وما ذلك إلّا «لأن الإسلام الذي ينبعث منه هذا الفكر هو دين كوني وشمولي من ناحية، ولأن ممارسة هذا التفكير في ظل الإسلام، وانطلاقا من القيم والثوابت الإسلامية تجعل هذا الفكر بالفعل فكرا عالميا أو إنسانيا، يؤمن به من يؤمن على هذا الأساس، أو ينكره على هذا الأساس» 



الفرق بين الأخلاق والصفات الإنسانية




كيف نفرق بين الأخلاق، والسلوك الإنساني؟ (لدى التدبر في السلوك الإرادي للإنسان نلاحظ أنه ينقسم إلى أنواع شتى:
1 - فمنه ما هو أثر من آثار خلق في النفس محمود أو مذموم: كالعطاء عن جود، والإمساك عن شح، والإقدام عن شجاعة، والفرار عن جبن، والإقبال عن طمع، والكف عن عفة، والاعتراف عن حب للحق، والإنكار عن كبر وإفراط في الأنانية، والإغضاء عن حلم، والتحمل عن صبر، وهكذا.
2 - ومنه ما هو استجابة لغريزة من غرائز الجسد أو النفس الفطرية، ضمن حدود الحاجات الطبيعية لها: كالأكل المباح عن جوع، والشرب المباح عن ظمأ، ومعاشرة الزوجة عن طلب لذلك، والنوم عن حاجة إليه، والسعي في اكتساب الرزق تلبية لداعي الفطرة، والاستمتاع المباح بالجمال تلبية لطلب النفس، والترويح عن النفس بشيء من مباحات اللهو واللعب، وأمثال ذلك.
3 - ومنه ما هو استجابة إرادية لترجيح فكري: كأن يرى الفكر مصلحة أو منفعة في سلوك ما، فتتوجه الإرادة لممارسته، أصاب الفكر في ذلك أو أخطأ، كمعظم أعمال الناس اليومية في وجوه الكسب وغيره.
وقد يرجع هذا في جذوره إلى تلبية دافع من دوافع الغرائز الجسدية أو النفسية، أو إلى دافع أخلاقي، أو إلى غير ذلك.
4 - ومنه ما هو من قبيل الآداب الشخصية أو الاجتماعية: كآداب الطعام والشراب، واللباس والمشي، والنظافة والنظام، والآداب المتعلقة بالأناقة وإصلاح مظاهر الجسد؛ كتنظيف الشعر وترجيله، وتقليم الأظافر، وإزالة شعر الإبطين والعانة، وإبداء كل حسن وجميل احتراماً لأذواق الناس، وتكريماً لهم، واسترضاء لمشاعرهم.
وربما يكون التزام بعض هذه الآداب أثراً من آثار خلق في النفس محمود، وربما يكون إهمالها أثراً من آثار خلق في النفس مذموم.
5 - ومنه ما هو طاعة للأوامر والتكاليف الربانية أو غير الربانية: وقد تكون هذه الأوامر والتكاليف ملزمة بسلوك أخلاقي، أو ملزمة بأعمال هي من قبيل العبادات المحضة، أو بأعمال هي من قبيل الآداب، أو ملزمة بأعمال تحقق المصالح والمنافع للناس، أو غير ذلك مما يخالف ما سبق أو يناقضه.
ومن هذا النوع أوامر الشرائع ونواهيها، وأوامر السلطات الحاكمة ونواهيها، ونحو ذلك من الأوامر والنواهي.
6 - ومنه ما هو من قبيل العادات التي تتأصل في السلوك: وقد ترجع هذه العادات إلى موجه أخلاقي، أو موجه غرزي، أو موجه تكليفي، أو موجه اجتماعي، أو نحو ذلك. وقد لا تكون أكثر من ممارسات عبث استحكمت بالعادة.
7 - ومنه ما هو من قبيل التقاليد الاجتماعية، التي تسري في سلوك الأفراد بعامل التقليد المحض، أو بقوة التأثير الاجتماعي، وقد تكون هذه التقاليد حسنة، وقد تكون سيئة.
وحين تكون قوة التأثير الاجتماعي هي العامل في ممارسة السلوك؛ فإن السلوك حينئذ يرجع إلى نوع الطاعة للمجتمع، في أوامر وتكاليف غير منصوص عليها في العبارة.
وهكذا تبين لنا أن السلوك الإرادي الإنساني له أنواع شتى، فليس كل سلوك مظهراً من مظاهر الأخلاق في النفس الإنسانية.
يضاف إلى ذلك أنه ربما يكون المظهر السلوكي الواحد أثراً لموجه أخلاقي تارة، وأثراً لغير ذلك تارة أخرى.) 

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 مقدمات وأسس دراسة علم الأخلاق الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقدمات وأسس دراسة علم الأخلاق الإسلامية    مقدمات وأسس دراسة علم الأخلاق الإسلامية Emptyالأحد 30 ديسمبر 2018, 3:40 pm

اكتساب الأخلاق الإسلامية

الأخلاق فطرية ومكتسبة و (حظوظ الناس من الطبائع النفسية التي فطروا عليها حظوظ متفاوتة؛ هذه حقيقة ملاحظة لدى كل من يتعامل مع الناس، وتكاد تكون من البديهيات. فالناس كما تتفاوت حظوظهم من الذكاء الفطري، وتتفاوت حظوظهم الجسدية قوة وضعفاً، وطولاً وقصراً، وبدانة ونحولاً، وصحة وسقماً، وجمالاً ودون ذلك، فإن حظوظهم من الطبائع النفسية الخلقية وغير الخلقية حظوظ متفاوتة بالفطرة.
إننا نجد مثلاً الخوف الفطري عند بعض الناس أشد منه عند فريق آخر، ونجد الطمع الفطري عند بعض الناس أشد منه عند فريق آخر، ونجد فريقاً من الناس مفطوراً على سرعة الغضب، بينما نجد فريقاً آخر مفطوراً على نسبة ما من الحلم والأناة وبطء الغضب، ونجد حب التملك الفطري عند بعض الناس أقوى منه عند بعض آخر.
هذه المتفاوتات نلاحظها حتى في الأطفال الصغار الذين لم تؤثر البيئة في تكوينهم النفسي بعد.
وقد جاء في أقوال الرسول صل الله عليه وسلم ما يثبت هذا التفاوت الفطري في الطباع الخلقية وغيرها.
منها قول الرسول صل الله عليه وسلم فيما رواه الترمذي: ((إن بني آدم خلقوا على طبقات شتى، ألا وإن منهم البطيء الغضب سريع الفيء، والسريع الغضب سريع الفيء، والبطيء الغضب بطيء الفيء، فتلك بتلك، ألا وإن منهم بطيء الفيء سريع الغضب، ألا وخيرهم بطيء الغضب سريع الفيء، وشرهم سريع الغضب بطيء الفيء)) (1).
ومنها ما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم:
((الناس معادن كمعادن الذهب والفضة، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا)) (2).
ومنها ما رواه الإمام أحمد والترمذي وأبو داود بإسناد صحيح عن أبي موسى قال: سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يقول: ((إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض، منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك، والسهل والحزن، والخبيث والطيب)) (3).
وفي قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((الناس معادن)) دليل على فروق الهبات الفطرية الخلقية، وفيه يثبت الرسول صل الله عليه وسلم أن خيار الناس في التكوين الفطري هم أكرمهم خلقاً، وهذا التكوين الخلقي يرافق الإنسان ويصاحبه في كل أحواله. فإذا نظرنا إلى مجموعة من الناس غير متعلمة ولا مهذبة، أو في وسط مجتمع جاهلي، فإنه لابد أن يمتاز في نظرنا من بينهم أحاسنهم أخلاقاً، فهم خيرهم معدناً، وأفضلهم سلوكاً اجتماعياً، ثم إذا نقلنا هذه المجموعة كلها فعلمناها وهذبناها وأنقذناها من جاهليتها، ثم نظرنا إليها بعد ذلك نظرة عامة لنرى من هو أفضلهم، فلابد أن يمتاز في نظرنا من بينهم من كان قد امتاز سابقاً، لأن العلم والتهذيب والإيمان تمد من كان ذا خلق حسن في أصل فطرته، فتزيده حسن خلق واستقامة سلوك وتزيده فضلاً، ثم إذا جاء الفقه في الدين كان ارتقاء هؤلاء فيما فضلوا به ارتقاء يجعلهم هم السابقين على من سواهم لا محالة، وبذلك تكون فروق النسبة لصالحهم فضلاً وكرماً.
ومنها ما رواه الإمام أحمد والبيهقي في شعب الإيمان عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم: ((إن الله تعالى قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم)).) (4).


(1) رواه الترمذي (2191)، وأحمد (3/ 19) (11159). وحسنه الترمذي، والسيوطي في ((الجامع الصغير)) (1610)، وضعفه الألباني في ((ضعيف الجامع)) (1240).
(2) رواه البخاري (3383)، ومسلم (2638) واللفظ له.
(3) رواه أبو داود (4693)، والترمذي (2955)، وأحمد (4/ 400) (19597). قال الترمذي: حسن صحيح. وصححه السيوطي في ((الجامع الصغير)) (1734)، وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (1759).
(4) رواه أحمد (1/ 387) (3672)، والحاكم (1/ 88). قال الهيثمي في ((المجمع)) (1/ 56): رواه أحمد، ورجال إسناده بعضهم مستور، وأكثرهم ثقات. وضعفه الألباني في ((ضعيف الجامع)) (1625).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 مقدمات وأسس دراسة علم الأخلاق الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقدمات وأسس دراسة علم الأخلاق الإسلامية    مقدمات وأسس دراسة علم الأخلاق الإسلامية Emptyالأحد 30 ديسمبر 2018, 3:41 pm

قابلية الناس لاكتساب الأخلاق

هل الناس لهم قابلية لاكتساب الأخلاق؟ هنا (يرد سؤالان: الأول: إذا كانت الأخلاق طباعاً فطرية، فلماذا وضع الإنسان تجاهها موضع الابتلاء والتكليف؟
الثاني: إذا كانت الطبائع الإنسانية هي المهيمنة على سلوك الإنسان الشامل للسلوك الأخلاقي وغيره، وهذه الطبائع ذات نسب فطرية متفاوتة، فما هي فائدة التربية الأخلاقية؟ وهل باستطاعة الإنسان أن يعدل من طبائعه الخلقية الفطرية، ويكتسب من الأخلاق ما ليس في فطرته؟
... في الإجابة على السؤالين:
لدينا حقيقة ثابتة لابد من ملاحظتها في مجال كل تكليف رباني: هي أن الله تبارك وتعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها، فمسؤولية الإنسان تنحصر في نطاق ما يدخل في وسعه، وما يستطيعه من عمل، أما ما هو خارج عن وسع الإنسان واستطاعته فليس عليه مسؤولية نحوه، يضاف إلى ذلك أن نسبة المسؤولية تتناسب طرداً وعكساً مع مقدار الاستطاعة.
فالقوي يأتي امتحانه على نسبة قوته، وكذلك الضعيف يأتي امتحانه على نسبة ضعفه، وامتحان الذكي على مقدار ما منحه الله من ذكاء، وامتحان الغبي على مقدار غبائه:
أما صور الامتحان فكثيرة مختلفة، فبعض الناس يمتحنه الله بالغنى، وبعضهم يمتحنه بالفقر، وبعضهم يمتحنه بأن يكون قائداً، وبعضهم يمتحنه بأن يكون جندياً، وبعضهم يمتحنه بكثرة البنين، وبعضهم يمتحنه بكثرة البنات، وبعضهم يمتحنه بالصنفين معاً، وبعضهم يمتحنه بالعقم، وهكذا إلى سائر الصور المشحونة بها ظروف الحياة الدنيا.
والله تعالى يمتحن كل إنسان بما يناسبه، وعلى مقدار ما منحه من هبات وعطايا، وعلى مقدار استطاعته الجسدية والنفسية، ثم تكون المحاسبة بعد ذلك على مقدار نسبة الامتحان، ويكون الجزاء العادل على مقدار الطاعة والجهد المبذول نفسياً وجسدياً، أو على مقدار المعصية والجهد الذي كان يمكن بذله في الطاعة.
وميزان الله تعالى لا يضيع منه مثقال ذرة، والعلم الإلهي لا يعزب عنه صغيرة ولا كبيرة من نية أو عمل، والقانون الذي يطبقه الله على المكلفين من عباده، هو المعلن بقوله تعالى: فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ [الزلزلة: 7 - 8]، والمعلن بقوله: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا [الطلاق: 7] وقوله: لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا [البقرة: 286].
فما كان من الطباع الفطرية قابلاً للتعديل والتبديل، ولو في حدود نسب جزئية، لدخوله تحت سلطان إدارة الإنسان وقدرته، كان خاضعاً للمسؤولية، وداخلاً في إطارها تجاه التكاليف الربانية، وما لم يكن قابلاً للتعديل والتبديل، لخروجه عن سلطان إرادة الإنسان وقدرته، فهو غير داخل في إطار المسؤولية تجاه التكاليف الربانية.
وبناء على ذلك فإننا نقول وفق المفاهيم الدينية: لو لم يكن لدى كل إنسان عاقل قدرة على اكتساب حد ما من الفضائل الأخلاقية، لما كلفه الله ذلك.
وليس أمر قدرة الإنسان على اكتساب حد ما من كل فضيلة خلقية بعيداً عن التصور والفهم، ولكنه بحاجة إلى مقدار مناسب من التأمل والتفكير.
أليست استعدادات الناس لأنواع العلوم المختلفة متفاوتة، فبعضهم أقدر على تعلم الفنون الجميلة من بعض، وبعضهم أقدر على تعلم العلوم العقلية من بعض، وبعضهم أقدر على حفظ التواريخ والحوادث أو حفظ النصوص من بعض؟
إنه مع وجود التفاوت الواسع في هذا بين الناس، نلاحظ أن حداً ما من الاستعداد لتعلم كل أنواع العلوم موجود عند كل أقسام الناس المتفاوتين في قدراتهم واستعداداتهم، وفي حدود استطاعة كل منهم يمكن توجيه التكليف، ويمكن الاستفادة من نسبة الاستعداد، فالاستعداد الضعيف بقدره، والاستعداد القوي بقدره
ونظير هذا الذي نشاهده في الاستعداد للتعلم، نشاهد في الاستعداد الإنساني لاكتساب الأخلاق، فما من إنسان عاقل إلا ولديه قدرة على اكتساب مقدار ما من فضائل الأخلاق، وفي حدود هذا المقدار الذي يستطيعه يكون تكليفه، وتكون مسؤوليته، ثم في حدوده تكون محاسبته ومجازاته.
إن أسرع الناس استجابة لانفعال الغضب، يستطيع بوسائل التربية أن يكتسب مقداراً ما من خلق الحلم، ومتى صمم بإرادته أن يكتسب ذلك فإنه يستطيعه، لذلك فهو مسؤول عن اكتساب ما يستطيعه منه، فإذا هو أهمل تربية نفسه، وتركها من غير تهذيب تنمو نمو أشواك الغاب، فإنه سيحاسب على إهماله، وسيجني ثمرات تقصيره.
وإن أشد الناس بخلاً وأنانية وحباً للتملك، يستطيع بوسائل التربية أن يكتسب مقداراً ما من خلق حب العطاء، ومتى صمم بإرادته أن يكتسب ذلك فإنه يستطيعه، لذلك فهو مسؤول عن اكتساب القدر الواجب شرعاً منه، فإذا هو أهمل تربية نفسه، وتركها من غير تهذيب فإنه سيحاسب على إهماله، وسيجني ثمرات تقصيره.
والمفطور على نسبة كبيرة من الجبن، يستطيع أن يكتسب بالتربية المقترنة بالإرادة والتصميم مقداراً ما من خلق الشجاعة، قد لا يبلغ به مبلغ المفطور على نسبة عالية من الشجاعة، ولكنه مقدار يكفيه لتحقيق ما يجب عليه فيه أن يكون شجاعاً، وضمن الحدود التي هو مسؤول فيها.
وأشد الناس أنانية في تكوينه الفطري، يستطيع أن يكتسب بالتربية المقترنة بالإرادة والتصميم مقداراً ما من الغيرية والإيثار، قد لا يبلغ فيه مبلغ المفطور على محبة الآخرين، والرغبة بأن يؤثرهم على نفسه، ولكنه مقدار يكفيه لتأدية الحقوق الواجبة عليه تجاه الآخرين.
وهكذا نستطيع أن نقول: إن أية فضيلة خلقية، باستطاعة أي إنسان عاقل، أن يكتسب منها بالتربية المقترنة بالإرادة والتصميم، المقدار الذي يكفيه لتأدية واجب السلوك الأخلاقي.
والناس من بعد ذلك يتفاوتون بمدى سبقهم وارتقائهم في سلم الفضائل.
كما أن كل إنسان عاقل، يستطيع بما وهبه الله من استعداد عام، أن يتعلم نسبة ما من أي علم من العلوم وأي فن من الفنون، وأن يكتسب مقداراً ما من أية مهارة عملية من المهارات.
وتفاوت الاستعدادات والطبائع، لا ينافي وجود استعداد عام صالح لاكتساب مقدار ما من أي فرع من فروع الاختصاص، سواء أكان ذلك من قبيل العلوم، أو من قبيل الفنون، أو من قبيل المهارات، أو من قبيل الأخلاق.
وفي حدود هذا الاستعداد العام، وردت التكاليف الشرعية الربانية العامة، ثم ترتقي من بعده مسؤوليات الأفراد بحسب ما وهب الله كلا منهم من فطر، وبحسب ما وهب كلا منهم من استعدادات خاصة، زائدة على نسبة الاستعداد العام.
ولو أن بعض الناس كان محروماً من أدنى حدود الاستعداد العام الذي هو مناط التكليف، فإن التكليف لا يتوجه إليه أصلاً، ومن سلب منه هذا الاستعداد بسبب ما ارتفع عنه التكليف، ضرورة اقتران التكليف بالاستطاعة، كما أوضحت ذلك نصوص الشريعة الإسلامية.
ووفق هذا الأساس، جاءت التكاليف الشرعية بالتزام فضائل الأخلاق واجتناب رذائلها.
ووفق هذا الأساس، وضع الإسلام الخطط التربوية التي تنفع في التربية على الأخلاق الفاضلة، فالاستعداد لذلك موجود في الواقع الإنساني، وإن اختلفت نسبة هذا الاستعداد من شخص إلى آخر. وفي الإصلاح التربوي قد يقبل بعض الناس بعض فضائل الأخلاق بسهولة، ولا يقبل بعضها الآخر إلا بصعوبة ومعالجة طويلة المدى، وقد تقل نسبة استجابته.
فالأخلاق إذن تنقسم إلى قسمين:
الأول: الأخلاق الفطرية.
الثاني: الأخلاق المكتسبة.
فبعض أخلاق الناس أخلاق فطرية، تظهر فيهم منذ أول حياتهم، ومنذ بداية نشأتهم. وبعض أخلاق الناس أخلاق مكتسبة من البيئة الطبيعية، أو من البيئة الاجتماعية، أو من توالي الخبرات والتجارب ونحو ذلك.
ولكن لابد لاكتساب الأخلاق من وجود الاستعداد الفطري لاكتسابها، وشأن الأخلاق في هذا كشأن المهارات الحركية والعضلية، فالعضو الذي لديه استعداد وقابلية فطرية لاكتساب مهارة من المهارات، يمكن أن يغدو بالتدريب والتعليم مكتسباً لهذه المهارة، أما العضو الذي ليس لديه هذا الاستعداد فإنه من المتعذر تدريبه وتعليمه حتى يكتسب هذه المهارة، وكذلك اكتساب الأخلاق.
إن اليد تملك القابلية الفطرية لاكتساب صناعة الكتابة، والمهارات الصناعية والفنية المختلفة، فتدريبها يجدي في تحقيق نسبة من الاكتساب المطلوب، لكن الأذن لا تستطيع أن تكتسب شيئاً من ذلك، لأنها لا تملك الاستعداد الفطري لاكتسابها.
والأرنب مفطور على خلق الجبن والخور، وليس لديه استعداد فطري للتدرب على شجاعة مقاربة من شجاعة الهر، فتدريبه على الشجاعة لا يجدي في اكتسابه خلق الشجاعة.
وكذلك الأفراد من الناس، فمن لا يملك الاستعداد الفطري لاكتساب خلق من الأخلاق، فمن المتعذر أن يكتسبه بأية وسيلة من الوسائل.
والأخلاق الفطرية قابلة للتنمية والتوجيه والتعديل، لأن وجود الخلق بصفة فطرية يدل على وجود الاستعداد الفطري لتنميته بالتدريب والتعليم وتكرر الخبرات، كما أنه يدل على وجود الاستعداد الفطري لتقويمه وتعديله وتهذيبه، بالتدريب والتعليم وتكرر الخبرات، وتشهد لهذه القابلية التجارب التربوية على الإنسان، والملاحظات المتكررة على أفراد الناس من مختلف البيئات الإنسانية.) 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 مقدمات وأسس دراسة علم الأخلاق الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقدمات وأسس دراسة علم الأخلاق الإسلامية    مقدمات وأسس دراسة علم الأخلاق الإسلامية Emptyالأحد 30 ديسمبر 2018, 3:42 pm

وسائل اكتساب الأخلاق الإسلامية




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 مقدمات وأسس دراسة علم الأخلاق الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقدمات وأسس دراسة علم الأخلاق الإسلامية    مقدمات وأسس دراسة علم الأخلاق الإسلامية Emptyالأحد 30 ديسمبر 2018, 3:43 pm

أسباب الإنحراف عن الأخلاق الإسلامية

(ليس للمسلم أفضل من التحلي بالأخلاق الإسلامية الفاضلة، بعيداً عن الأفكار الخاطئة التي يروجها بعض من يدعي العلم الديني، أو يقررها بعض من يريدون الشهرة، بهدف بلبلة أفكار النشء والشباب وبعده عن تعاليم الإسلام.
في هذا الزمان انحرف كثير من الناس عن الأخلاق الفاضلة التي دعى إليها الإسلام، فظهر الانحلال في جميع أمور الحياة (اجتماعية، واقتصادية، وسياسية، وأخلاقية) فنرى سرقة واختلاساً، وإهداراً للمال العام، وذبحاً للأخلاق، وقتلاً للفضيلة، وإعلانات عن متع محرمة، وتقليداً أعمى لأهل الشرك والضلال، وسهرات شيطانية، وتطرفاً عن الدين، وتفككاً في الأسر، وضياعاً لحقوق الزوجية ... الخ. ...
فما هي الأسباب التي أدت إلى انحراف كثير من الناس عن أخلاق الإسلام الفاضلة المستمدة من كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صل الله عليه وسلم؟
وهذه الأسباب تتجلى فيما يلي:
السبب الأول: البعد عن الله تعالى:
وهذا أهم الأسباب، حيث بعد كثير من الناس عن الله، وعن تعاليمه واتباع أوامره، والابتعاد عن نواهيه، واقترب من الشيطان فانحرفت أخلاقه وصار إنساناً شيطانياً.
وما أحرى العبد من أن يتمثل كلمات الله ويقتدي بآياته، فالله مالك كل شيء ومليكه، وإن كل ما سوى الله مخلوق له، وأنه سبحانه أوجب على نفسه الرحمة: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ [الأنعام: 54]، فكيف لا يرحم من خلقه فسواه فعدله (1).
السبب الثاني: اتباع الهوى:
أعظم مشكلة تواجه الإنسان في حياته اتباع الهوى، وإذا غلب الهوى على النفس أظلم القلب، وجنح العقل، فلا يسمع الإنسان كلمة الحق، ولا يرى إلا الأباطيل والأشباح المفزعة التي تجعله في حياته تعساً شقياً.
إن الهوى عدو العلم والحق، إذ يقود صاحبه لارتكاب الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وصاحب الهوى ظالم لنفسه فقد حرمها نعمة الإيمان، وحجبها عن نور المعرفة، فعاش حياة الخوف والفزع، وشحن بالحقد والحسد، وأغواه الشيطان فضل عن سواء السبيل (2)، يقول تعالى: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [القصص: 50]، ويقول سبحانه: بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ [الروم: 29].
إن أصحاب الهوى يعيشون جل حياتهم في قلق مزمن وخوف دائم، وإن تظاهروا بالسعادة، فإن الحقيقة أن بواطنهم يخيم عليها التعاسة والشقاء الدائم (3).
ويختلف عباد الهوى في ضلالهم، فمنهم من يزعم العلم وما يتبع إلا الظن، ومنهم من يتوهم الهدى وما يعبد إلا الشيطان، ومنهم من يخيل إليه الباطل حقاً والحق باطلاً، ولا يكفي أصحاب الهوى عن التعريض بالمؤمنين، فأمانيهم أن يضلوهم عن طريق الحق، فإن لم يستطيعوا كادوا لهم، وسلطوا عليهم المفسدين لظلمهم والنيل منهم (4).
وقد أمرنا الله تعالى بعدم الالتفات إلى أهل الهوى، وعدم اتباعهم، أو طاعتهم فيما يقولونه ويفعلونه، يقول تعالى: وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا [الكهف: 28]، ويقول سبحانه: وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ [محمد: 14].
إن الزمان لا يخلو من أهل الهوى كما أنه لا يخلو من أهل الحق، وأهل الهوى هم المنحرفون الضالون عن الطريق المستقيم لا أخلاق لهم ولا فضيلة، وأهل الحق هم أهل الإيمان والتقوى والأخلاق الفاضلة.
السبب الثالث: الافتراء على الله:
وهذا السبب من الانحراف مرتبط بما قبله، فليس من الصعب على أصحاب الهوى أن يفتروا على الله تعالى بأن يقولوا على الله كذباً، وليس من اليسير أن يلتزموا أدب العبودية وأن يقنتوا لله طائعين خاشعين تائبين.
على العبد أن يلتزم الأدب مع ربه، بأن يعرف أنه عبد ضعيف، والله هو القوي، وأنه عبد فقير محتاج على الدوام والله غني عن العالمين.
فإذا تجاوز العبد حدوده، وأطلق العنان لهواه، فقد أغواه شيطانه ونازع الله في ملكه، واعترض على حكمه، وتطاول برأيه ليتحدى مشيئة الله وإرادته: مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 مقدمات وأسس دراسة علم الأخلاق الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقدمات وأسس دراسة علم الأخلاق الإسلامية    مقدمات وأسس دراسة علم الأخلاق الإسلامية Emptyالأحد 30 ديسمبر 2018, 3:45 pm

حث الإسلام على الخلق الحسن

(لما كانت ثمرات الخلق القويم للسلوك الديني وللسلوك الشخصي عظيمة جداً، وكانت لدى المقارنة أجل من الثمرات التي تحققها المبالغة في أداء كثير من العبادات المحضة.
ولما كانت سلامة النفس من المساوئ الخلقية أهم من سلامة السلوك الظاهر من طائفة من المعاصي والذنوب الظاهرة، وكان ما يتحقق بحسن الخلق من رضوان الله تعالى أكثر مما يتحقق بالاستكثار من نوافل العبادات المحضة، كالصلاة والصيام والأذكار اللسانية.
لما كان كل ذلك وجدنا النصوص الإسلامية توجه الاهتمام العظيم والعناية الكبرى لقيمة حسن الخلق في الإسلام، وتذكر الخلق الحسن بتمجيد كبير، فمنها النصوص التالية:
أولاً: روى الترمذي بإسناد صحيح عن أبي هريرة، أن النبي صل الله عليه وسلم:
((أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم)) (1).
وفي حديث عمرو بن عبسة أنه سأل النبي صل الله عليه وسلم: أي الإيمان أفضل؟ قال: ((حسن الخلق)) (2).
فربط الرسول صل الله عليه وسلم الارتقاء في مراتب الكمال الإيماني بالارتقاء في درجات حسن الخلق، وذلك لأن السلوك الأخلاقي النابع من المنابع الأساسية للخلق النفسي في الإنسان، موصول هو والإيمان وظواهره وآثاره في السلوك ببواعث نفسية واحدة.
فصدق العبادة لله تعالى عمل (أخلاقي) كريم، لأنه وفاء بحق الله على عبيده.
وحسن المعاملة مع الناس وفاء بحقوق الناس المادية والأدبية، فهي بهذا الاعتبار من الأعمال الأخلاقية الكريمة.
فإذا تعمقنا أكثر من ذلك فكشفنا أن الإيمان إذعان للحق واعتراف به، رأينا أن الإيمان أيضا هو عمل أخلاقي كريم، بخلاف الكفر بالحق فهو دناءة خلقية.
فإذا ضممنا هذه المفاهيم إلى المفهوم الإسلامي العام، الذي يوضح لنا أن كل أنواع السلوك الإنساني الفاضل فروع من فروع الإسلام، والإسلام التطبيقي آثار للإيمان وثمرات عملية له.
إذا جمعنا كل هذه المفاهيم وجدنا أن أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، كما قال الرسول صل الله عليه وسلم.
فأحسن الناس خلقا لابد أن يكون أصدقهم إيماناً وأخلصهم نية، وأكثرهم التزاماً بما يجب على العباد نحو ربهم من عبادة وحسن توجه له وصلة به، وأكثرهم التزاماً بحقوق الناس المادية والأدبية.
ومن المستبعد جداً أن يكون الإنسان ذا خلق كريم مع الناس، محباً للحق، معطاء، متواضعاً، صبوراً عليهم، رحيماً بهم، ودوداً لهم، متسامح النفس معهم، ثم لا يكون ذا خلق كريم مع ربه، فلا يؤمن بحق ربوبيته وألوهيته، ولا يذعن له بذلك، ولا يؤدي واجب العبادة له.
كما أنه ليس من المعقول أن يكون ذا خلق كريم مع الناس، وهو يأكل حقوقهم ويعتدي عليهم، ويتجاوز حدود الواجب الأدبي الذي توصي به الآداب الاجتماعية الإسلامية، فهذا مناف لما توجبه فضائل الأخلاق، لو كان حقاً ذا خلق كريم.


(1) رواه الترمذي (1162)، وأحمد (2/ 250) (7396). قال الترمذي: حسن صحيح. وصححه الحاكم (1/ 43)، قال الهيثمي في ((المجمع)) (4/ 306): رواه أحمد، وفيه محمد بن عمرو، وحديثه حسن، وبقية رجاله رجال الصحيح.
(2) رواه أحمد (4/ 385) (19454)، والخرائطي في ((مكارم الأخلاق)) (ص30). قال الهيثمي في ((المجمع)) (1/ 57): في إسناده شهر بن حوشب، وقد وثق على ضعف فيه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فالأسس الأخلاقية والأسس الإيمانية ذات أصول نفسية واحدة، وإن كانت بعض التطبيقات العملية التي يطالب بها الإسلام المستند إلى الإيمان قد لا تستدعيها الأسس الأخلاقية وحدها منفصلة عن الإيمان، فلا يظهر بذلك ارتباطها بها، فهي أحكام شرعية، يقتضي الإيمان العمل بها، نظراً إلى أنها أوامر ربانية، والأوامر الربانية توجب الأسس الأخلاقية طاعتها، بوصف كونها طاعة لمن تجب طاعته، لا بوصف كون المطلوب بها ظاهرة لأساس خلقي. فحينما يأمرنا الله تعالى بعبادة خاصة على وجه مخصوص كصلاة ركعات معينة محددة بصفات خاصة وشروط خاصة، فليس من اللازم أن تكون هذه الصلاة بصفاتها الخاصة ظاهرة من ظواهر السلوك الأخلاقي، وذات صلة مباشرة بالأسس الأخلاقية العامة، إذ لله تعالى أن يختار لعبادته أي عمل من الأعمال، وعلى أي شكل من الأشكال، سواء أكان ذلك مما يتصل بالأسس الأخلاقية العامة أو لا يتصل بها. ومع ذلك نقول: إن الفضيلة الخلقية توجب القيام بهذه الطاعة من جهة أن الله أمر بها، إذ الفضيلة الخلقية توجب طاعة الله لأنه الخالق المنعم المالك.
ونظير هذا نقول في طاعة الوالدين وبرهما، وفي طاعة أولي الأمر من المسلمين المؤمنين، وهكذا.
أما قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث: ((وخياركم خياركم لنسائهم)) (1). فيكشف الرسول صل الله عليه وسلم فيه أدق الموازين والكواشف التي تكشف عن حقيقة خلق الإنسان، فأحسن الناس خلقاً في معاملة ومعاشرة النساء هم أحسنهم خلقاً، فهم بسبب ذلك خيارهم، لأن خير الناس هم أحسنهم خلقاً.
ومن المعروف أن الإنسان قادر على أن يتصنع التظاهر بمكارم الأخلاق وفضائل السلوك إلى فترة معينة، ومع بعض الناس، أما أن يتصنع ذلك في كل الأوقات ومع كل الناس فذلك من غير الممكن ما لم يكن فعلا ذا خلق كريم.
والمحك الذي يمتحن فيه الإنسان امتحاناً صحيحاً ودقيقاً لمعرفة حقيقة خلقه الثابت، هو المجتمع الذي يكون له عليه سلطة ما، وله معه معاشرة دائمة، ومعاملة مادية وأدبية.
فإرادة التصنع تضعف حينما يشعر الإنسان بأن له سلطة ونفوذاً، ثم تشتد ضعفاً حينما تطول معاشرته لمن له عليه سلطة، ثم تتلاشى هذه الإرادة حينما تتدخل المعاملة المادية والأدبية، فإذا ظل الإنسان محافظاً على كماله الخلقي في مجتمع له عليه سلطة، وله معه معاشرة دائمة، ومعاملة مادية وأدبية، فذلك هو من خيار الناس أخلاقاً.
وأبرز أمثلة هذا المجتمع الذي تتوافر فيه هذه الشروط هو مجتمع أسرة الإنسان، وماله من سلطان فيه على نسائه، وهن الضعيفات بالنسبة إليه. يضاف إلى ذلك أن النساء قد تبدو منهن تصرفات أو مطالب تخرج الحليم عن حلمه، والرصين عن رصانته، والسمح عن سماحته، والصدوق عن التزام الصدق، فإذا ثبت الإنسان على خلقه الفاضل رغم وطأة محرجاتهن التي يتبعن فيها أهواءهن، فإنه من خيار الناس خلقاً.
وكم يظهر الإنسان أنه حسن الخلق، فإذا سافرت معه أو عاملته بالدرهم والدينار انكشف عن صاحب خلق سيء.
ثانياً: وروى الترمذي بإسناد صحيح عن أبي الدرداء، أن النبي صل الله عليه وسلم قال:
((ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق، وإن الله يبغض الفاحش البذيء)) (2).


(1) رواه الترمذي (1162)، وأحمد (2/ 250) (7396). قال الترمذي: حسن صحيح. وصححه الحاكم (1/ 43)، قال الهيثمي في ((المجمع)) (4/ 306): رواه أحمد، وفيه محمد بن عمرو، وحديثه حسن، وبقية رجاله رجال الصحيح.
(2) رواه الترمذي (2002)، وابن حبان (12/ 506). قال الترمذي: حسن صحيح. وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (5628).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أي يبغض الذي يفعل الفحش ويقول الفحش، ويتكلم ببذيء الكلام، وهو رديئه وقبيحه، الذي يتحدث عن العورات والرذائل وما ينبغي من الأشياء والأعمال ستره.
وفي هذا الحديث يقرر الرسول صل الله عليه وسلم أن أثقل الفضائل في ميزان المؤمن يوم القيامة الخلق الحسن.
وقد يشكل هذا على بعض الناس فيقول: إن الإيمان بالله وحسن الصلة به أفضل الأعمال، وكذلك توحيد الله والإخلاص له في العبادة، وإذا كانت هذه أفضل الأعمال فهي أثقل شيء في ميزان المؤمن يوم القيامة؛ فكيف يقول الرسول صل الله عليه وسلم: ((ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق))؟!
ولكن هذا الإشكال لا يلبث أن ينحل إذا عرفنا أن الإيمان وعبادة الله مما توجبه الأسس الأخلاقية، ومن أولى الواجبات التي تفرضها مكارم الأخلاق.
وأن الكفر بالله ورفض عبادته وطاعته من أقبح رذائل الأخلاق – كما سبق بيانه في شرح الحديث السابق – لأنه إنكار للحق من عدة وجوه: فهو إنكار لربوبية الله – مع أن كون الله رب كل شيء وخالق كل شيء؛ حقيقة تفرض نفسها على كل منصف محب للحق – وهو جحود لألوهية الله واستكبار عن عبادته، وهو تمرد على حق الله تجاه عباده في أن يعبدوه ويطيعوه، مع أن المنعم عليهم بالنعم الكثيرة التي لا يحصونها، وظاهر أن جحود النعمة وعدم القيام بواجب الشكر عليها من أقبح رذائل الأخلاق.
فالإيمان الذي هو أثقل الفضائل عند الله تعالى هو مظهر من مظاهر الكمال الخلقي في الإنسان، وإذا تتبعنا الأعمال وجدنا العبادات أيضاً من مظاهر الكمال الخلقي في الإنسان.
وعندئذ يتضح لنا بجلاء أن أثقل شيء في ميزان المؤمن يوم القيامة حسن خلقه، لأن صدق إيمانه وسلامة يقينه وإخلاص نيته، كل ذلك من ثمرات فضائله الخلقية.
ولما كان الفحش والبذاءة من مظاهر الرذائل الخلقية النفسية كان الفاحش البذيء من الذين يبغضهم الله عز وجل.
ثالثاً: وروى الترمذي بإسناد صحيح عن أبي هريرة قال: سئل رسول الله صل الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة فقال: ((تقوى الله وحسن الخلق. وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار فقال: الفم والفرج)) (1).
فتقوى الله وحسن الخلق من أحب الأعمال إلى الله، فهما أكثر ما يدخل الناس الجنة.
وفي كون الفم والفرج أكثر ما يدخل الناس النار إشارة إلى عناصر متصلة بسوء الخلق، إذ جعلها الرسول صل الله عليه وسلم في مقابل التقوى وحسن الخلق.
والمراد من الفم والفرج ما يعمل الإنسان بهما من أعمال محرمة، فالفم يصدر عنه الكفر بالله، والكذب، وشهادة الزور، والغيبة، والنميمة، والطعن، والتعبير والتنقيص، واللمز، والتنابز بالألقاب، والدعوة إلى الباطل، ونشر الباطل، والحكم بغير الحق، وغير ذلك من أمور كثيرة، تنافي التقوى وتنافي مكارم الأخلاق. والفرج يصدر عنه أعمال محرمة أخرى تنافي التقوى وتنافي مكارم الأخلاق.
رابعاً: وروى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: ((لم يكن رسول الله صل الله عليه وسلم فاحشاً ولا متفحشاً، وكان يقول: إن من خياركم أحسنكم أخلاقاً)) (2).


(1) رواه الترمذي (2004)، وأحمد (2/ 442) (9694)، وابن حبان (2/ 224). قال الترمذي: صحيح غريب. وحسنه الألباني في ((صحيح الترغيب)) (2642).
(2) رواه البخاري (3559)، ومسلم (2321).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وروى الترمذي بإسناد حسن عن جابر بن عبد الله، أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال: ((إن من أحبكم إلى وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً، وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون. قالوا: يا رسول الله قد علمنا الثرثارون والمتشدقون فما المتفيهقون؟ قال: المتكبرون)) (1).
الثرثارون: هم الذين يكثرون الكلام ويتكلفونه.
المتشدقون: هم الذين يتكلمون بملء أفواههم، ويتصنعون القول تصنعاً مع التعاظم به والتعالي به على الناس.
خامساً: وروى أبو داود عن عائشة قالت: سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يقول: ((إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم)) (2).
ويظهر أن السبب في هذا أن من يلزم التقيد بالأخلاق الحسنة ابتغاء مرضاة الله، لابد أن يتعرض في حياته الاجتماعية إلى ما يستدعي منه أخلاقاً حسنة في معظم أوقاته، وهذا يجعله في حالة عبادة دائمة، يغالب فيها نفسه بالصبر وتحمل مشقة مخالفة الهوى، لذلك فهو يدرك بحسن خلقه درجة الصائم الذي لا يفطر، ودرجة القائم الذي لا يفتر.
يضاف إلى هذا أن حسن الخلق عبادة ذات آثار اجتماعية تنفع خلق الله، وتوحد كلمتهم، وتبعد عنهم عوامل الفرقة والخلاف، أما الصيام والقيام فهما عبادتان قد لا تنتج عنهما بشكل مباشر آثار اجتماعية تنفع عباد الله، وقد يكون أمرهما قاصراً على فاعلهما، وصلة خاصة يتوجه بها الإنسان إلى ربه، ولا يخفى أن عبادة الله ذات أثرين أعلى من عبادة ذات أثر واحد.
على أن حسن الخلق لا يغني عن فروض العبادات، وكذلك كل الفروض الإسلامية لا يغني بعضها عن بعض، فالصلاة المفروضة لا تغني عن الصيام المفروض، وأداء الصلاة والصيام المفروضين لا يغني عن أداء الزكاة، ولا عن أداء فريضة الحج، وكل هذه الفروض لا تغني عن فريضة الجهاد في سبيل الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
سادساً: وروى أبو داود بإسناد صحيح عن أبي أمامة الباهلي قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم: ((أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه)) (3).
زعيم: أي كفيل. ربض الجنة: ربض المكان نواحيه وما حوله من خارجه، كحريم المسجد، وكالأبنية التي تكون حول المدن، وهي الأمكنة التي تربض فيها الأنعام.
فمن ترك المراء – أي الجدل في أمور الدنيا ولحظ النفس – بني الله له بيتاً في ربض الجنة، أي استحق دخول الجنة لهذا العمل الذي يخالف فيه هوى نفسه.
ومن ترك الكذب في كل الأحوال ومنها حالات المزاح بنى الله له بيتاً في وسط الجنة، لأن من يحفظ لسانه من كل الكذب ابتغاء مرضاة الله هو ذو مرتبة عالية في الأخلاق الحميدة وفي تقوى الله وأعمال البر، إذ ترك الكذب والتزام الصدق مجمع لجملة كبيرة من الفضائل الخلقية، والمصالح الاجتماعية العلمية والعملية.
أما جماع الفضائل كلها فهو حسن الخلق بوجه عام.


(1) رواه الترمذي (2018)، وقال: حسن غريب من هذا الوجه. وحسن إسناده الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (791).
(2) رواه أبو داود (4798)، وأحمد (6/ 187) (25587)، والحاكم (1/ 128). وقال: صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي. وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (1620).
(3) رواه أبو داود (4800)، والطبراني في ((الكبير)) (8/ 98)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (10/ 420) (21176). وصححه النووي في ((رياض الصالحين)) (ص216)، وحسنه الألباني في ((صحيح الترغيب)) (2648).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سابعاً: وروى مسلم عن النواس بن سمعان قال: سألت رسول الله صل الله عليه وسلم عن البر والإثم فقال: ((البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس)) (1).
البر: هو جماع أفعال الخير، وقد عرفه الرسول صل الله عليه وسلم بأنه حسن الخلق، فهذا يدل على أن حسن الخلق يشتمل على جماع أفعال الخير، والاتساع فيما يقرب إلى الله تعالى ويرضيه سبحانه.
أما كون الإثم ما حاك في نفس الإنسان وكره أن يطلع عليه الناس، ففيه إشارة إلى الضمير الأخلاقي الذي فطر الله الناس عليه، وهذا الضمير يحس بالفضيلة الخلقية كما يحس الإثم، وحينما يحس بالإثم يلامس نفسه شعور خاص به، وحينما يحدث هذا الشعور في النفس يقدر الإنسان أن ما أحس به من شأنه أن يحس به كل إنسان آخر إذا اطلع عليه، لأن الناس يشتركون معه في القدرة على الإحسان بالإثم، لذلك فهو يكره أن يطلع عليه الناس، لئلا يخسر مكانته في نفوسهم حينما يعلمون أنه امرؤ آثم.
وهذا المقياس النبوي مقياس صحيح دقيق عند ذوي القلوب المؤمنة، التي لم تفسد موازينها الفطرية بارتكاب القبائح والآثام.
ثامناً: وروى البخاري ومسلم عن عائشة قالت قال رسول الله صل الله عليه وسلم: ((إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم)) (2).
الألد: هو شديد الخصومة. الخصم: هو كثير الخصومة، المولع بها حتى تصير الخصومة عادة له.
وظاهر أن الخصم الألد سيء الخلق من درجة شديدة القبح، وقد أبان الرسول صل الله عليه وسلم أنه أبغض الرجال إلى الله.
تاسعا: وروى الترمذي بإسناد حسن عن أبي ذر وعن معاذ بن جبل، عن رسول الله صل الله عليه وسلم قال: ((اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن)) (3).
ففي هذا الحديث إرشاد إلى قواعد السلوك الكبرى، التي من التزمها فقد أخذ سبيله لارتقاء مراتب المجد والكمال الإنساني.
وهذه القواعد ترشد إلى المنهج الخلقي العام، الشامل لجانبي علاقة الإنسان بربه وعلاقة الإنسان بالناس.
أما ما يدعو إليه الواجب الأخلاقي بالنسبة إلى علاقة الإنسان بربه، فهو تقوى الله في أي مكان ظاهر أو خفي يكون فيه الإنسان، وذلك لأن الواجب الأخلاقي يفرض على الإنسان طاعة من خلقه فسواه فعدله، فأنعم عليه بالنعم التي لا يستطيع إحصاءها، ويفرض عليه أيضاً حمده وشكره وعبادته، وكل هذه الواجبات يجمعها تقوى الله في السر والعلن، وهذا ما دلت عليه القاعدة الأولى: ((اتق الله حيثما كنت)). وحينما يتقي الإنسان ربه في كل أحواله الظاهرة والباطنة فلابد أن يكون مخلصاً لله في تقواه، وفي هذا تكمن الروح الأخلاقية السامية البعيدة عن النفاق والرياء والسمعة وطلب الثناء من الناس، أو اجتلاب المصالح النفسية أو المادية منهم.
هذه هي القاعدة الأولى:
وأما القاعدة الثانية وهي قول الرسول صل الله عليه وسلم: ((وأتبع السيئة الحسنة تمحها)) ففيها إرشاد إلى منهج الإصلاح والتقويم، وتدارك النهوض بالنفس بعد سقوطها بارتكاب السيئة، وهذا المنهج ترسمه هذه القاعدة أضبط رسم. فمن سقط بارتكابه السيئة في حالة من حالات الضعف الإنساني فعليه أن يتبع هذه السيئة حسنة مستمدة من منابع الضمير الأخلاقي، فإن للحسنات قوة سبق عجيبة بفضل الله، إذ تمر على السيئات التي كانت قد انطلقت قبلها فتردها وتمحو أثرها عند الله، وتعود نفس المؤمن بالله إلى براءتها ونقائها الخلقي، بعد أن أصابها ما أصابها من أدناس السيئات.
وهذه القاعدة مستمدة من قول الله تعالى في سورة (هود):


(1) رواه مسلم (2553).
(2) رواه البخاري (2457)، ومسلم (2668).
(3) رواه الترمذي (1987)، وأحمد (5/ 153) (21392). قال الترمذي: حسن صحيح. وحسنه الألباني في ((صحيح الجامع)) (97).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ [هود: 114].
وأما القاعدة الثالثة وهي قول الرسول صل الله عليه وسلم: ((وخالق الناس بخلق حسن)): فهي تحدد المنهج العام الذي يجب على الإنسان أن يسلكه في علاقاته بالناس، وعنوان هذا المنهج أن يخالق الناس بخلق حسن، أي أن يعاملهم في كل علاقاته معهم بالخلق الحسن.
عاشراً: ولما كان حسن الخلق يحتل هذه القيمة العظيمة في الإسلام؛ كان رسول الله صل الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً.
روى البخاري ومسلم عن أنس قال: ((كان رسول الله صل الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً)) (1).
وأختار الله للثناء على رسوله من دون سائر صفاته العظيمة ما يتحلى به من خلق حسن عظيم، إذ خاطبه بقوله له: وإنك لعلى خلق عظيم.
وصح عن الرسول صل الله عليه وسلم أنه قال: ((بعثت لأتمم حسن الخلق)) (2). رواه الإمام أحمد عن أبي هريرة، ورواه الإمام مالك في الموطأ.
وعن جابر أن النبي صل الله عليه وسلم قال: ((إن الله بعثني لتمام مكارم الأخلاق وكمال محاسن الأفعال))
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 مقدمات وأسس دراسة علم الأخلاق الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقدمات وأسس دراسة علم الأخلاق الإسلامية    مقدمات وأسس دراسة علم الأخلاق الإسلامية Emptyالأحد 30 ديسمبر 2018, 3:46 pm

موقف أعداء المسلمين من الأخلاق الإسلامية
أدرك أعداء المسلمين الحقائق عن مكارم الأخلاق، فعملوا على إفساد أخلاق المسلمين بكل ما أوتوا من مكر ودهاء، وبكل ما أوتوا من وسائل مادية وشياطين إغواء، ليبعثروا قواهم المتماسكة بالأخلاق الإسلامية العظيمة، وليفتتنوا وحدتهم التي كانت مثل الجبل الراسخ الصلب قوة، ومثل الجنة الوارفة المثمرة خضرة وبهاء وثمراً وماء.
إن أعداء المسلمين قد عرفوا أن الأخلاق الإسلامية في أفراد المسلمين تمثل معاقد القوة، فجندوا لغزو هذه المعاقد وكسرها جيوش الفساد والفتنة.
ولقد كان غزوهم للأخلاق الإسلامية من عدة جبهات:
1 - لقد عرفوا أن النبع الأساسي الذي يزود الإنسان المسلم بالأخلاق الإسلامية العظيمة، إنما هو الإيمان بالله واليوم الآخر، فصمموا على أن يكسروا مجاري هذا النبع العظيم، ويسدوا عيونه، ويقطعوا شرايينه.
2 - وعرفوا أن تفهم مصادر الشريعة الإسلامية تفهماً سليماً هو الذي يمد نبع الإيمان بما يتطلبه من معارف، فمكروا بالعلوم الإسلامية، وبالدراسات المتعلقة بها مكراً بالغاً، وذلك ما بين حجب لها تارة، وتلاعب بمفاهيمها أخرى، وتشويه لها أو جحود ومضايقة لروادها ومبلغيها، كل ذلك في حرب مستمرة لا تعرف كللاً ولا مللاً.
3 - وعرفوا قيمة الإفساد العملي التطبيقي، فوجهوا جنودهم لغمس أبناء المسلمين في بيئات مشحونة بالانحلال الخلقي، بغية إصابتهم بالرذائل الخلقية عن طريق العدوى، وسراية الفساد بقوة تأثير البيئة، واستمراء الشهوات المرتبطة برذائل الأخلاق.
4 - وعرفوا قيمة إفساد المفاهيم والأفكار، فجندوا جيوش المضللين الفكريين، الذين يحملون إلى أبناء المسلمين الأفكار والمفاهيم والفلسفات الباطلة، ضمن واردات المعارف المادية الصحيحة، ذات المنجزات الحضارية المدهشة، وعن طريق هذا الغزو الفكري الخطير يدخلون السم في الدسم.
من أقوال أعداء الإسلام والمسلمين (1):
1 - جاء في خطاب ... (صموئيل زويمر) رئيس إرسالية التبشير في البحرين منذ أوائل القرن العشرين الميلادي، الذي خطبه في مؤتمر القدس التبشيري، الذي انعقد برئاسته سنة (1953م) ما يلي:
... ولكن مهمة التبشير التي ندبتكم دول المسيحية للقيام بها في البلاد المحمدية ليست هي إدخال المسلمين في المسيحية، فإن في هذا هداية لهم وتكريماً، وإنما مهمتكم أن تخرجوا المسلم من الإسلام، ليصبح مخلوقاً لا صلة له بالله، وبالتالي فلا صلاة تربطه بالأخلاق التي تعتمد عليها الأمم في حياتها، وبذلك تكونون أنتم بعملكم هذا طليعة الفتح الاستعماري في الممالك الإسلامية، وهذا ما قمتم به خلال الأعوام المائة السالفة خير قيام، وهذا ما أهنئكم عليه وتهنئكم دول المسيحية والمسيحيون جميعاً كل التهنئة ... )!!
2 - وجاء في نشرة المشرق الأعظم الماسوني الفرنسي لسنة (1923م) ما يلي:
... وبغية التفريق بين الفرد وأسرته عليكم أن تنتزعوا الأخلاق من أسسها، لأن النفوس تميل إلى قطع روابط الأسرة والاقتراب من الأمور المحرمة، لأنها تفضل الثرثرة في المقاهي على القيام بتبعات الأسرة ... ).
3 - وجاء في البروتوكول الثاني من المقررات اليهودية السرية ما يلي:
... إن الطبقات المتعلمة ستختال زهواً أمام أنفسها بعلمها، وستأخذ جزافاً في مزاولة المعرفة التي حصلتها من العلم الذي قدمه إليها وكلاؤنا، رغبة في تربية عقولهم حسب الاتجاه الذي توخيناه.
ولا تتصوروا أن كلماتنا جوفاء، ولاحظوا هنا أن نجاح (دارون) و (ماركس) و (نيتشه) والأثر غير الأخلاقي لاتجاه هذه العلوم في الفكر الأممي – أي عند غير اليهود – سيكون واضحاً لنا على التأكيد)!!
4 - وجاء في البيان الشيوعي الذي أصدره معلم الشيوعية الأول اليهودي (كارل ماركس) ورفيقه (انجلز) ما يلي:
(إن القوانين والقواعد الأخلاقية والأديان أوهام بورجوازية تتستر خلفها مصالح بورجوازية)!! 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 مقدمات وأسس دراسة علم الأخلاق الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقدمات وأسس دراسة علم الأخلاق الإسلامية    مقدمات وأسس دراسة علم الأخلاق الإسلامية Emptyالأحد 30 ديسمبر 2018, 3:47 pm

الرد على من يقول بنسبية الأخلاق
في خطة خبيثة لهدم أبنية الأخلاق، أخذ فريق من الماديين الملحدين ينشرون فكرة شيطانية، يزعمون فيها أن الأخلاق أمور اعتبارية نسبية لا ثبات لها، فهي تختلف من شعب إلى شعب، ومن أمة إلى أمة، ومن زمان إلى زمان. فبعض الأمور تعتبر منافية لمكارم الأخلاق عند شعب من الشعوب، أو أمة من الأمم، في حين أنها غير منافية لمكارم الأخلاق عند شعب آخر أو أمة أخرى، وبعض الأمور كانت في زمان مضى أموراً منافية لمكارم الأخلاق، ثم صارت بعد ذلك أموراً غير منافية لها؛ وهذا يدل على أن الأخلاق مفاهيم اعتبارية تتواضع عليها الأمم والشعوب، وليس لها ثبات في حقيقتها، وليس لمقاييسها ثبات.
وحين يتبصر الباحث في أقوال هؤلاء، يستطيع أن يكتشف عناصر المغالطات التي يلتجئون إليها، للتضليل بأفكارهم؛ وهذه المغالطات ترجع إلى مد عنوان الأخلاق مداً يشمل التقاليد والعادات والآداب وبعض الأحكام الدينية التي لا علاقة لها بموضوع الأخلاق من حيث ذاتها، ومفاهيم بعض الناس للأخلاق ولأسسها، مع أنها مفاهيم غير صحيحة، إلى غير ذلك من أمور ليست هي من الأخلاق أصلاً.
والغرض من ذلك استغلال أمثلة تخضع للتغير والتبدل من هذه الأمور؛ لنقض حقيقة ثبات الأخلاق بها، ثم لنقض الأخلاق نقضاً كلياً، ونقض الأسس الأخلاقية، والإقناع بأن الأخلاق أمور اعتبارية نسبية تتواضع عليها الأمم، وليس لها ثبات في واقع حالها.
وبذلك يسهل على هؤلاء المضلين إفساد الأجيال، حتى تتمرد على جميع الضوابط الأخلاقية، التي تمثل في الأمم قوى ترابطها وتماسكها، وعناصر ارتقائها الإنساني.
ومنشأ المشكلة يرجع إلى الخطأ في تحديد مفهوم الأخلاق، وتحديد دوافعها وغاياتها، وتحديد مستوياتها، من قبل كثير من الناس، بما فيهم كثير من الباحثين في علم الأخلاق، من فلاسفة ومفكرين؛ وهذا هو الذي يفتح الثغرة الفكرية التي يعبر منها الخبثاء الماكرون، ليهدموا الأبنية الأخلاقية الحصينة التي تتمتع بها الشعوب العريقة بأمجادها، لاسيما المسلمون الذين سبق أن رفعتهم الأخلاق العظيمة إلى قمة مجد لم يطاولهم فيها أحد.
وحين يتبصر الباحث بالأسس الأخلاقية، التي تم فيها تحديد مفهوم الأخلاق وتحديد دوافعها وغاياتها، وتحديد مستوياتها، وفق المفاهيم المقتبسة من التعاليم الإسلامية، يتبين له بوضوح تساقط أقوال الذين يزعمون أن الأخلاق نسبية أو اعتبارية تتواضع عليها الأمم، وليس لها حقائق ثابتة، وذلك لأنه يستطيع أن يكتشف بسرعة عناصر المغالطة التي يصطنعها هؤلاء المضللون، إذ يأتون بأمثلة جزئية يزعمون أنها من الأخلاق، ثم يثبتون أنها أمور اعتبارية أو نسبية تتواضع عليها الأمم، وليس لها حقائق ثابتة في ذاتها، ثم ينقضون بها ثبات الأخلاق نقضاً كلياً، بطريقة تعميمية لا يقبل بها العلم، حتى ولو كانت هذه الأمثلة من الأخلاق فعلاً، لأنه لا يجوز الحكم على النوع من خلال الحكم على بعض أفراده، مالم يثبت أن سائر الأفراد مشتركة بمثل الصفة التي كانت علة صدور الحكم على بعض الأفراد...
إن عمليتهم هذه قد تضمنت مغالطة مركبة تمت على مرحلتين.
المرحلة الأولى:
إدخال ما ليس من أفراد الأخلاق تحت عنوان الأخلاق.
المرحلة الثانية:
تعميم حكمهم على هذه الأفراد الدخيلة، وجعله شاملاً لجميع أفراد الأخلاق الحقيقية.

ولهؤلاء المضللين مغالطة أخرى حول الموضوع نفسه، وهي اعتمادهم على مفاهيم بعض الناس للأخلاق، واعتبار هذه المفاهيم جزءاً من حقيقة الأخلاق، مع أن مفاهيم الناس قد تصدق وقد تكذب، فهي لا تمثل جزءاً من حقيقة الشيء الذي هو موضوع البحث، وإنما تمثل مقدار إدراك أصحابها لحقيقة الشيء، فقد يكون هذا الإدراك مطابقاً، وقد يكون مخالفاً، وقد يكون كاملاً وقد يكون ناقصاً، وهو لا يؤثر بحال من الأحوال على حقيقة الشيء.
لقد كان للفلاسفة القدماء مفاهيم عن السماء، وهذه المفاهيم مخالفة لواقع حال السماء، ومع ذلك فلا يقبل العقل اعتبار هذه المفاهيم جزءاً من حقيقة السماء.
وللناس مفاهيم كثيرة باطلة عن الخالق، ولا يجوز أن تكون هذه المفاهيم جزءاً من حقيقة الخالق.
وينكر كروية الأرض منكرون، ولكن مفاهيم هذه لا يمكن أن تجعل الأرض في واقع حالها غير كروية.
وهكذا يدخل فريق من الناس في الأخلاق ما هو ليس من الأخلاق؛ كتقاليد وعادات وأحكام وضعية. ويجحد فريق من الناس بعض ما هو من الأخلاق، فيزعم أنه لا داعي للتقيد بقواعد الأخلاق فيها، فلا يؤثر هؤلاء ولا هؤلاء على الحقيقة المطلقة للأخلاق، فليست مفاهيم الناس هي التي تصنع الحقائق، وإنما وظيفتها أن تعمل على إدراك الحقائق، حتى تكون صورة مطابقة لها.
قال المغالطون – الذين زعموا أن الأخلاق نسبية اعتبارية، وليس لها حقيقة مطلقة ثابتة، وهي قابلة للتغير والتبدل من زمان إلى زمان، ومن أمة إلى أمة -: إن مما يدل على ذلك أن بعض الشعوب ترى خروج النساء بدون حجاب عملاً منافياً للأخلاق بينما ترى شعوب أخرى أن هذا العمل أمر طبيعي لا ينافي ضوابط الأخلاق بحال من الأحوال.
ويدل على ذلك أيضاً أن بعض الأمم تحرم أكل بعض أنواع من اللحوم، وتحرم شرب بعض أنواع من الأشربة، وتعتبر مخالفة ذلك عملاً منافياً للأخلاق، بينما ترى أمم أخرى أنه لا شيء من ذلك محرم أو مناف للأخلاق.
ويأتون أيضاً بمثال تعدد الزوجات وإباحته عند أمة وتحريمه عند أمة أخرى، وبأمثلة الطقوس السائدة في البلاد الأوقيانوسية، ومنها تحريمهم الطعام تحت سقف والمكث في المسكن إذا كان الإنسان مريضاً، وتحريمهم استعمال الأيدي في تناول الغذاء بعد فراغ الإنسان من حلق شعره، أو بعد فراغه من صنع زورق، ويقولون: هذه أمور منافية للأخلاق عندهم، مع أنها عند غيرهم أمور عادية لا تنافي الأخلاق مطلقا.
أليس عجيباً جداً أن يدخلوا مثل هذه الأمثلة في باب الأخلاق مع أنها في جوهرها من أبواب غير باب الأخلاق، فهي إما أحكام دينية، أو طقوس وعادات وتقاليد!! وإدخالها في باب الأخلاق خطأ فادح يجر إلى خطأ آخر أكبر منه بكثير، إنه خطأ يجعل الأخلاق أموراً نسبية اعتبارية تتواضع عليها الأمم، وليس لها حقيقة ثابتة في ذاتها!!
وما قيمة مفاهيم الناس حول حقيقة من الحقائق، ولنفرض أن بعض الناس استحسنوا رذائل الأخلاق، ولم يجدوا أي رادع من ضمائرهم يردعهم عنها، فمارسوا الظلم بمثل الجرأة التي يمارسون بها العدل، ومارسوا الخيانة بمثل الجرأة التي يمارسون بها الأمانة، ومارسوا قسوة القلب بمثل الجرأة التي يمارسون بها الشفقة والرحمة، ومارسوا الكذب الضار بمثل الجرأة التي يمارسون بها الصدق النافع؛ أفيغير ذلك واقع حال الرذائل فيجعلها من قبيل الفضائل؟!
كم نشاهد من شعوب تألف القذارات وتعيش فيها ولا تشعر بأنها تعمل عملاً غير مستحسن أو غير جميل، فهل تغير مفاهيمهم من واقع حال القذارة القبيح شيئاً؟!
إن فساد مفاهيم الناس حول حقيقة من حقائق المعرفة لا يغير من واقع حال هذه الحقيقة شيئاً، وجميع حقائق المعرفة تتعرض لمشكلة فساد مفاهيم الناس عنها، وفساد تصور الناس لها

إن موضوع حجاب المرأة وسفورها، أمر لا علاقة له بالأخلاق من حيث ذاته، إنما هو في حدوده الشرعية حكم ديني يهدف إلى تحقيق مصالح دينية واجتماعية يقصدها الشارع، فإدخالهم هذا الحكم في موضوع الأخلاق جزء من عناصر المغالطة أو من عناصر الغلط إذا حسنا الظن.
وكذلك موضوع الأطعمة والأشربة، فهو غير ذي علاقة بالأخلاق، وأحكام الأطعمة والأشربة أحكام دينية تهدف إلى تحقيق مصالح دينية وصحية يقصدها الشارع، فإدخالهم هذه الأحكام في موضوع الأخلاق جزء من عناصر المغالطة، أو من عناصر الغلط إذا حسنا الظن.
ونظير ذلك سائر الأمثلة التي أوردوها لنقض ثبات الأخلاق، إنها أمثلة من العادات والتقاليد الاجتماعية، أو من الظواهر الجمالية الأدبية، أو من الأحكام المدنية، أو من الأحكام الدينية لدين صحيح أو لدين وضعي من وضع البشر، ونحو ذلك، وليست في حقيقة ذاتها من الأخلاق.
ويوجد سبب ثالث للخطأ الذي يقع فيه الباحثون في علم الأخلاق، هو اعتمادهم على أفكارهم وضمائرهم فقط، وجعلها المقياس الوحيد الذي تقاس به الأخلاق، ونسبوا إلى هذا المقياس العصمة عن الخطأ، مع أنه مقياس غير كاف وحده، فقد يخطئ، وقد يصاب عند بعض الناس بعلة من العلل المرضية، فيعشى أو يعمى أو تختل عنده الرؤية، فيصدر أحكاماً فاسدة.
ومما سبق يتضح لنا أن أسباب الغلط أو المغالطة عند أصحاب فكرة نسبية الأخلاق، ترجع إلى ثلاثة:
الأول: تعميمهم اسم الأخلاق على أنواع كثيرة من السلوك الإنساني، فلم يميزوا الظواهر الخلقية، عن الظواهر الجمالية والأدبية، وعن العادات والتقاليد الاجتماعية، وعن التعاليم والأحكام المدينة أو الدينية البحتة، فحشروا مفردات كل هذه الأمور تحت عنوان الأخلاق، فأفضى ذلك بهم إلى الخطأ الأكبر، وهو حكمهم على الأخلاق بأنها أمور اعتبارية نسبية.
الثاني: أنهم جعلوا مفاهيم الناس عن الأخلاق مصدراً يرجع إليه في الحكم الأخلاقي، مع أن في كثير من هذه المفاهيم أخطاء فادحة، وفساداً كبيراً، يرجع إلى تحكم الأهواء والشهوات والعادات والتقاليد فيها، ويرجع أيضاً إلى أمور أخرى غير ذلك، والتحري العلمي يطلب من الباحثين أن يتتبعوا جوهر الحقيقة، حيث توجد الحقيقة، لا أن يحكموا عليها من خلال وجهة نظر الناس إليها، فكل الحقائق عرضة لأن يثبتها مثبتون، وينكرها منكرون، ويتشكك بها متشككون، ويتلاعب فيها متلاعبون، ومع ذلك تبقى على ثباتها، لا تؤثر عليها آراء الناس فيها.
الثالث: اعتمادهم على أفكارهم وضمائرهم فقط، وجعلها المقياس الوحيد الذي تقاس به الأخلاق.
أما مفاهيم الإسلام فإنها .... قد ميزت الأخلاق عما سواها، وميزت السلوك الأخلاقي عن سائر أنواع السلوك الإنساني، فلم تعمم تعميماً فاسداً، ولم تدخل في مفردات الأخلاق ما ليس منها، وهي أيضاً لم تعتمد على مفاهيم الناس المختلفة، ولم تتخذها مصدراً يرجع إليه في الحكم الأخلاقي، وأما العقل والضمير فإنها لم تهملهما وإنما قرنتهما بعاصم يردهما إلى الصواب كلما أخطأ سبيل الحق والهداية والرشاد، وهذا العاصم هو الوحي الذي نزل بدين الله لعباده، وشرائعه لخلقه، وتعاليمه التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، لأنها تنزيل من عزيز حكيم، وقد بلغها رسله. أما صورتها المثلى المحفوظة من التغيير فهي ما ثبت في نصوص الشريعة الإسلامية، المنزلة على رسول الله محمد صلوات الله وسلاماته عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين

فمن تبصر بالأصول العامة للأخلاق في المفاهيم الإسلامية، وتبصر بأن الأخلاق الإسلامية مقترنة بالوصايا والأوامر والنواهي الربانية، وتبصر بأن هذه الوصايا والأوامر والنواهي محفوفة بقانون الجزاء الإلهي بالثواب العقاب، فإنه لابد أن يظهر له بجلاء أن الأخلاق الإسلامية هي حقائق في ذاتها، وهي ثابتة مادام نظام الكون ونظام الحياة ونظام الخير والشر أموراً مستمرة ثابتة، وهي ضمن المفاهيم الإسلامية الصحيحة غير قابلة للتغير ولا للتبدل من شعب إلى شعب، ولا من زمان إلى زمان.
أما الأمة الإسلامية فهي أمة واحدة، وهي لا تتواضع فيما بينها على مفاهيم تخالف المفاهيم التي بينها الإسلام، والتي أوضحها في شرائعه ووصاياه.
وإذا رجعنا إلى مفردات الأخلاق الإسلامية وجدنا أن كل واحدة منها – ضمن شروطها وقيودها وضوابطها – ذات حقيقة ثابتة، وهي غير قابلة في المنطق السليم للتحول من حسن إلى قبيح، أو من قبيح إلى حسن. إن حسنها حسن في كل زمان، وقبيحها قبيح في كل زمان، ولا يؤثر على حقيقتها أن تتواضع بعض الأمم على تقبيح الحسن منها، أو تحسين القبيح، تأثراً بالأهواء، أو بالشهوات، أو بالتقاليد العمياء.
إن الإسلام يقرر أن حب الحق وكراهية الباطل فضيلة خلقية، ويقرر أن كراهية الحق وحب الباطل رذيلة خلقية، فهل يشك أحد سوى عاقل في أن هذه الحقيقة حقيقة ثابتة غير قابلة للتحول ولا للتغير، وإن تواضع على خلافها جماعة ذات أهواء؟! وهكذا سائر الأمثلة الأخلاقية الإسلامية.
أما طريقة دهاة التضليل لهدم الأبنية الأخلاقية فهي تتلخص بما يلي:
1 - أن يقنعوا الأجيال بأن الأخلاق نسبية اعتبارية لا ثبات لها، وليس لها حقائق ثابتة في ذاتها، فهي خاضعة للتبدل والتغير.
2 - أن يستغلوا بخبث بعض النظيرات الفلسفية التي من شأنها تقليل قيمة الأخلاق في نفوس الناس، إذ تقيمها على أسس واهنة ضعيفة، أو على شفا جرف هار!! ومتى قامت في نفوس الناس على مثل ذلك تداعت الأبنية الأخلاقية التقليدية، ثم انهارت، وحلت محلها أنانيات فوضوية، تعتمد على القوة والحيلة، والإباحية المطلقة لكل شيء مستطاع، فلا خير إلا ما تدعمه القوة، ولا شر إلا ما تضعف القوة عن تحقيقه.
3 - أن يلفقوا من عند أنفسهم نظريات فلسفية يخدعون بها الناس، لاسيما الناشئون منهم، ويستغلون فيهم رغبات المراهقة بالتمرد على الحق والواجب، تطلعاً لمجد موهوم، وقد تطول فترة المراهقة عند بعض الناشئين، حتى تكتسح عمر الشباب منهم، وجزءاً من عمر الكهولة، وسبب ذلك الاستسلام التام لعواطف طور المراهقة، ووجود المغذيات الشيطانية الخبيثة، وضعف التربية الإسلامية أو انعدامها. ومتى وجدت هذه الظروف المواتية لنمو الشر، فليس من البعيد أن يصير الإنسان شيخاً في سنه وجسمه ويبقى مراهقاً في عقله ونفسه.
4 - اتخاذ الوسائل العملية التطبيقية لإفساد أخلاق الأمم، وأهمها الغمس في بيئات موبوءة بالأخلاق الفاسدة، حتى تكون الانحرافات عادات مستطابات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 مقدمات وأسس دراسة علم الأخلاق الإسلامية Empty
مُساهمةموضوع: رد: مقدمات وأسس دراسة علم الأخلاق الإسلامية    مقدمات وأسس دراسة علم الأخلاق الإسلامية Emptyالأحد 30 ديسمبر 2018, 3:49 pm

أحاديث لا أصل لها أو موضوعة في الأخلاق
زعم بعض الناس أن مكارم الأخلاق تثبت بالأحاديث الضعيفة لأنها من باب الفضائل وهذا الظن مردود في غير هذا الموضع، ولكن الذي يثير المسلم غضباً لله ورسوله أن يصبح هؤلاء القوم يكتالون الأحاديث الواهية من كل حدب وصوب حتى أنهم روجوا أحاديث لا أصل لها أو موضوعة أو ضعيفة جداً، ودونك بعضها لتحذرها وتحذر منها لئلا يقع المسلمون في الكذب على رسول الله صل الله عليه وسلم. (1)
1 - ((سوء الخلق ذنب لا يغفر، وسوء الظن خطيئة تفوح)) (2)
2 - ((تخلقوا بأخلاق الله)) (3)
3 - ((أفضل الأعمال الصلاة لوقتها، وخير ما أعطي الإنسان حسن الخلق؛ إن حسن الخلق خلق من أخلاق الله)). (4)
4 - ((إن أحسن الحسن الخلق الحسن)). (5)
5 - ((ثلاث من أخلاق الإيمان: من إذا غضب لم يدخله غضبه في باطل، ومن إذا رضي لم يخرجه رضاه من حق، ومن إذا قدر لم يتعاط ما ليس له)). (6)
6 - ((سوء الخلق شوم وشراركم أسوؤكم خلقا)). (7)
7 - ((ليس من أخلاق المؤمن الملق، إلا في طلب العلم)). (Cool
8 - ((التوكؤ على عصا من أخلاق الأنبياء، كان لرسول الله عصا يتوكأ عليها، ويأمرنا بالتوكؤ عليها)). (9)
9 - ((لا تطغوا على أهل الصوف والخرق؛ فإن أخلاقهم أخلاق الأنبياء، ولباسهم لباس الأنبياء)). (10)
10 - ((ما من شيء إلا له توبة، إلا صاحب سوء الخلق، فإنه لا يتوب من ذنب إلا عاد في شر منه)). (11)
11 - ((الخلق الحسن يذيب الخطايا كما يذيب الماء الجليد، والخلق السوء يفسد العمل كما يفسد الخل العسل)). (12)
12 - ((مكارم الأخلاق عشرة تكون في الرجل ولا تكون في إبنه، وتكون في الابن ولا تكون في أبيه، وتكون في العبد ولا تكون في سيده، فقسمها الله عز وجل لمن أراد السعادة: صدق الحديث، وصدق البأس، وحفظ اللسان، وإعطاء السائل، والمكافأة بالصنائع، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، والتذمم من الجار، والتذمم للصاحب، وإقراء الضيف، ورأسهن الحياء)). (13)


(1) ((مكارم الأخلاق)) لسليم الهلالي (ص: 68).
(2) باطل لا أصل له: انظر ((سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة)) (125).
(3) لا أصل له: انظر ((تلبيس الجهمية لابن تيمية)) (6/ 518). ((سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة)) (2822).
(4) موضوع: انظر ((ميزان الاعتدال)) للذهبي (1/ 524)
(5) موضوع: انظر ((سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة)) (768).
(6) موضوع: انظر ((سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة)) (541).
(7) موضوع: انظر ((سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة)) (795).
(Cool موضوع: انظر ((سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة)) (381).
(9) موضوع: انظر ((الكامل في الضعفاء لابن عدي)) (8/ 101) ((سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة)) (916).
(10) موضوع: انظر ((سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة)) (6017).
(11) موضوع: انظر ((سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة)) (126).
(12) ضعيف جدا: انظر ((سلسة الأحاديث الضعيفة والموضوعة)) (441).
(13) ضعيف جدا: انظر ((سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة)) (ص: 719).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
مقدمات وأسس دراسة علم الأخلاق الإسلامية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: موسوعة العلوم والمعارف :: الموسوعة الإسلامية الشاملة :: موسوعة الأخلاق الإسلامية-
انتقل الى: