♦ الليلُ طويلٌ لمن غلبَهُ القلق، وطارَ عنه النوم،
فهو يبحثُ عنه ولا يلاقيه،
أو لم يسكنْ إلى زوجةٍ فتؤويه،
فهو يتقلَّبُ في سريرهِ وكأنهُ على نار،
أو حبيبٌ خانتهُ حبيبتهُ فهو يتأوَّهُ ويئنُّ وكأن خنجرًا غُرِسَ في قلبه!
أو زوجةٌ مشاكسةٌ أفسدتْ ودَّهُ فلا يعرفُ نومًا ولا سكنًا،
أو سفيهٌ يتعرَّضُ له لا يدري كيف يَصرفهُ عنه،
أو مرضٌ أمضَّهُ فتشكَّى منه وغلبَهُ الألمُ حتى عافَهُ فراشه!
أو هو على موعدٍ غداةَ غدهِ ويخشَى أن يفوته،
أو ينتظرُ اختبارًا يقرَّرُ فيه قبولهُ من عدمه،
أو خائفٌ لا يدري متى يفاجَأُ بخوفه،
أو غنيٌّ دخلَ في صفقةٍ فهو يخشى على ماله،
أو مَدينٌ لا يدري ماذا يفعلُ به دائنوه،
أو فقيرٌ قد لصق جلدهُ بجدرانِ بيتهِ ولا يعرفُ كيف يؤمِّنُ رزقَ عيالهِ يومَ غده!
أو لاجئٌ ضائعٌ مرهَقٌ محبَطٌ لا يعرفُ أين يذهبُ وماذا يصنع،
ولا فرقَ عندَهُ بين أن يأتيهِ النومُ واقفًا أو قاعدًا، فلا أهميةَ للنومِ عنده!!
♦ ما هو مخططُكَ لأسرتك،
ما هي برامجُكَ لها،
بماذا بدأتَ وأين وصلت،
ممَّ انتهيتَ وماذا بقي،
وما الذي خططتَ للمرحلةِ المقبلة،
هل عرفتَ أنك المسؤولُ الأولُ في الأسرة،
وأن عليكَ أن تفكرَ وتخطط وتنفذَ وتلاحظَ وتصبرَ وتقوِّم...؟
♦ لم تعدْ بعيدًا عن الكتاب،
ولو كنتَ قليلَ ذاتِ اليد،
بل قد تأخذُكَ الحيرةُ ماذا تختار،
وماذا تقرأ وماذا تذَر!
فالقديمُ موجودٌ والجديدُ موجود،
والعلومُ موجودةٌ والإنسانيات..
وبلغتِكَ وغيرها..
لقد جاءتِ المكتبةُ لتقبعَ في بيتِكَ وتقولَ لك: خذني!
فهل أنت آخذُها أم تتعلَّل..؟
♦ اعلمي يا بنتي،
أن الفضاءَ الواسعَ للإعلامِ الفاسدِ قد أضلَّ كثيرين،
وشغلهم عن رسالتهم وما ينفعهم،
وصرفهم إلى أمورٍ جانبية،
وأغرقهم في ملذاتٍ وترفيهاتٍ وتوافه،
فابتعدي عنها،
وحافظي على ثوابتِ شخصيتكِ وهويتكِ الإسلامية.
♦ يا ابنَ أخي،
لا تسبحْ في الماءِ العكر،
فإنكَ ستصابُ في بشَرتك،
وقد يدخلُ في بطنِكَ ماءٌ ملوَّث،
ولن تصيدَ منه سمكًا طيبًا،
فعليكَ بالعينِ الصافية،
لترى فيها كلَّ شيء،
وتحصلَ منها على الطيِّبِ النظيف،
وكلِّ ما هو مرغوب.
• من عظيمِ فضلِ الله عليكَ أنك ولدتَ لأبوين مسلمين،
فلا تحتاجُ إلى البحثِ عن أفضلَ من الإسلام.
واعلمْ أن هناك من يبحثُ عن نورٍ يملأُ قلبَهُ فلا يجده!
لأنه لا يعرفُ الإسلام،
أو وصلَهُ محرَّفًا،
فيموتُ على حيرة،
أو وصلَ إليه ولم يهتمَّ به فلم يجدَّ له،
لخلفيةٍ سيئةٍ عن الإسلامِ نشأَ عليها،
فلم يؤمن،
وإذا آمنَ البعضُ فبعد جهدٍ ووقت.
فاحمدِ الله على الإسلام،
الذي وصلَ إليكَ من دونِ تعب،
وادعُ لوالديكَ بالرحمةِ والغفران.
• روحُكَ غاليةٌ عليك وحدك.
أنت تدافعُ عن نفسِكَ وحدك.
ليست هذه عقيدةَ المسلم،
فروحُكَ غاليةٌ على كلِّ المسلمين،
وأنت تدافعُ عنهم كما تدافعُ عن نفسك،
لأنهم جميعًا إخوةٌ لك،
بنصِّ القرآنِ والحديث،
والمسلمُ مأمورٌ بنصرةِ أخيهِ المسلم،
بولائهِ والدفاعِ عنه،
بالحق.
• تعلمُ الفصحى نطقًا وكتابةً ليس سهلًا،
وخاصةً في هذا العصر،
الذي غلبَ فيه الضعفُ واللحنُ وطغيانُ اللهجات،
والتدربُ على الفصحى منذ الصغرِ نهجٌ صحيحٌ للتوصلِ إلى نتيجةٍ طيبةٍ في هذا،
ويكونُ على علمٍ بالقواعد،
ويغلِّبُ الفصحى على لهجته في معظمِ ما يتكلمُ به،
ويجربها حتى مع أولادهِ في البيت،
ويكثرُ من مطالعةِ كتبِ أدباءِ الإسلام،
والنثرِ الجميلِ الطيب،
ليتعلَّمَ الأدبَ والأخلاقَ مع اللغة،
فلا خيرَ في علمٍ بدونِ تربيةٍ والتزام،
ويركزُ على شعرِ الحكمةِ ونثرِ الوصايا والحكم،
فإنها تبيَّتُ وتحكَّمُ وتحبَّرُ ثم تسطَّرُ وتُنشر،
ويُهتَمُّ بلغتها وأسلوبِها لتكونَ أسهلَ على اللسانِ وأوقعَ في القلب.
• لا يعرفُ الأزماتِ النفسيةَ إلا قليلُ الإيمان،
أو في حالاتٍ قاهرةٍ تكونُ فوق طاقةِ المرء،
فإنَّ الإيمانَ يملأُ نفسَ المؤمن،
ويرضَى بما قدَّرَهُ الله عليه ويسلِّمُ به،
ولا يتأفَّفُ ولا يتضجَّر، وإن أخذَهُ حزنٌ ظاهرٌ وألمٌ مباشر،
وهو يرجو من ورائهِ خيرًا،
وينتظرُ بعدَهُ فضلَ ربِّه.
• يبوحُ لكَ الكتابُ بأسرارهِ إذا قلبتَ غلافَهُ وغرستَ نظركَ بين سطوره،
وتابعتَهُ حتى تنالَ ثمارَهُ في آخره.
واستراحةُ القارئ في نهايةِ كلِّ كتابٍ تلخصُ له ما قرأه،
وتوقفهُ على ما زادَ من معلوماته،
وما استفادَ منه،
وما توقفَ عنده، فشكَّ فيه أو لم يعرفه،
ليعزمَ على جولةٍ أخرى بين الكتب،
تزيدُ من معرفته، وترفعُ من مستواه.
♦ الحياةُ مليئةٌ بالمواقف،
وهي بين توافقٍ وتناقض،
والمسلمُ الملتزمُ صاحبُ مبدأ ثابت،
وهو الالتزامُ بالصدق،
والثباتُ على الموقفِ الحق،
ولو كان وحده.
وهو يستمدُّ الصدقَ والثباتَ من مصادرَ موثوقةٍ يطمئنُّ إليها تمامًا،
أولُها كتابُ الله تعالى.
وهو يَثبتُ على موقفهِ بقوةٍ وعزم،
ويؤجَرُ عليه.
♦ من أدبِ الكلامِ أن تعطيَ مجالًا لمحاورِكَ ليتكلم،
ومن استأثرَ بالكلامِ فقد اغتصبَ حقَّ الآخر،
ومن زادَ فرفعَ صوته، ولغط، ولمز،
فقد دلَّ على نفسٍ مرفوضةٍ مبغوضة،
وإن كان ذا علمٍ أو منصب.
♦ اللغةُ الجميلةُ تَجذبُ القارئ،
وإن كان مؤدّاها معروفًا.
إنه الأسلوبُ المحبَّب،
والألفاظُ المختارة،
والتركيبُ المحكَم،
والترتيبُ المتناسق،
والتأليفُ بين هذا كلِّهِ بذوقٍ ومزاج،
وجمالِ حسّ، وطبعٍ لطيف، وموهبةٍ متناغمة.
ويأتي هذا بجهدٍ نفسي،
وحبٍّ في العطاء،
وتفاعلٍ متواصلٍ بين العقلِ والعاطفة.
♦ يا بني،
إذا ارتكبتَ خطأً فلا تصرَّ عليه،
فإن الإصرارَ على الخطأ،
وعدمَ الرجوعِ من الباطل،
يدلُّ على لؤم، ونفسٍ مفضِّلةٍ للشرّ،
وسلوكِ خطٍّ معوجّ، إذا أصرَّ عليه صاحبهُ وقد روجعَ فيه.
فبئستِ الخصلةُ هذه،
وبئسَ مَن يرتكبها.
♦ اعلمي يا بنتي أن الحياةَ قصيرةٌ على الرغمِ من متاعبها،
وإنَّ المرءَ كلما انتقلَ من مرحلةٍ إلى غيرها نسيَ ما لقيَ في سابقتها من متاعب،
والمهمُّ أن يبقَى ملتزمًا بدينهِ في جميعِ هذه المراحل،
فإنه لا يعرفُ في أيةِ مرحلةٍ ستنتهي حياته.