مشكلات المسنين واحتياجاتهم
الآباء والأمهات يحدوهم الأمل في ان يجنوا ثمار غرسهم الذي انهكهم طول سنين, وينظرون بعين الرجاء الى ابنائهم لكي يردوهم الدين الذي في أعناقهم عندما يترك الزمن آثاره من وهن وضعف ومرض بعد مرحلة الشباب والقوة.. وحاجتهم الى رعاية خاصة
أن مشكلات كبار السن لا تتمثل فقط في المعاناة الجسمية؛ نتيجة لإصابتهم بأمراض الشيخوخة، أو بعض الأمراض المزمنة، بل إنها تتعدى ذلك إلى مشاعر البؤس والشقاء التي تنتج عند إحساسهم بأنهم أصبحوا بلا فائدة في المجتمع، وإلى مشاعر الوحدة واليأس التي تنتابهم.
يواجه المسنون في هذه المرحلة العمرية ونتيجة للتغيرات التي تحيط بهم العديد من الإشكاليات والاحتياجات يتمثل بعضها في الآتي :
أولاً : المشكلات والاحتياجات النفسية للمسنين: ترتبط المشكلات النفسية للمسن بمشكلات عدم التكيف مع وضعه الجديد وتتضح الآثار النفسية والأخلاقية في ظل زيادة وقت الفراغ في مرحلة الشيخوخة، ومن أمثلة المشكلات النفسية :
1- مشكلة سن القعود : وهو ما يعرف عادة باسم سن اليأس ويكون مصحوبا باضطراب نفسي أو عقلي قد يكون ملحوظا أو غير ملحوظ وقد يكون في شكل الترهل والسمنة والإمساك والذبول والعصبية والصداع و الاكتئاب النفسي والأرق.
2- مشكلة التقاعد : وهو ما يشعر الفرد بالقلق على المستقبل والحاضر والخوف والانهيار العصبي وخاصة إذا فرضت عليه حياته الجديدة بعد التقاعد أسلوباً جديداً من السلوك لم يألفه من قبل ولا يجد في نفسه المرونة الكافية لسرعة التوافق معه، وخاصة إذا لم يتهيأ لهذا التغيير، وإذا شعر أو أشعره الناس أنه قد أصبح لا فائدة منه بعد أن كان يظن أنه ملء السمع والبصر.
3- ذهان الشيخوخة : وفيه يصبح الشيخ أقل استجابة وأكثر تركزا حول ذاته ويميل إلى الذكريات وتكرار حكاية الخبرات السابقة، وتضعف ذاكرته ويقل اهتمامه وميوله وتقل شهيته للطعام والنوم، وأيضا تضعف طاقته وحيويته ويشعر بقلة قيمته في الحياة، وهذا يؤدي إلى الاكتئاب والتهيج وسرعة الاستثارة والعناد والنكوص إلى حالة الاعتماد على الغير وإهمال النظافة والملبس والمظهر وباختصار يبدي الشيخ صورة كاريكاتيرية لشخصيته السابقة.
4- الشعور الذاتي بعدم القيمة وعدم الجدوى في الحياة : والشعور بأن الآخرين لا يقبلونه ولا يرغبون في وجوده وما يصاحب ذلك من تصعيد وتوتر. فقد يعيش البعض وكأنهم ينتظرون النهاية المحتومة.
5- الشعور بالعزلة والوحدة النفسية : هناك حاجات انفعالية عامة تميز كبار السن منها الحزن والأسى الناتج عن الوحدة من فقد حب الآخرين، والشعور بالذنب الناتج عن الوحدة من الحوادث الماضية، أو قد يكون الشعور بالوحدة لعدم وجود من يتحدث معهم نتيجة زواج الأولاد وانشغالهم وموت الزوج وتقدم العمر والمرض أحيانا.
والحاجات النفسية هي التي يحتاجها الفرد ليعيش في أمان مع نفسه ومع الآخرين متحررا من كل الضغوط النفسية، ومن أهم هذه الحاجات الشعور بالأمن والحاجة إلى التقدير، والحاجة إلى الشعور بالعطف والمحبة أي إشباع الجانب الوجداني للفرد، فهو محتاج دائماً إلى ان يحب وأن يُحب وان يعترف به ويحس أنه ذو نفع للجماعة وأنها في حاجة إليه بما يؤدي إلى إحساسه بكيانه.
وما يعرفه المسنون في كثير من الوظائف العقلية يجعلهم عرضة للخوف والقلق فالأمراض المزمنة التي يعانون منها وإحالتهم إلى التقاعد، وافتقاد بعض الأصدقاء وعدم تحقيق التكيف الشخصي والاجتماعي على وجه سليم إضافة إلى ان المسن كثيرا ما يفقد شريك الحياة وهو ما يجعله يشعر بالعزلة وافتقاد السند أو المعين، والتقدم في السن تصاحبه ديناميات نفسية تتصف بنقص الكفاءة الوظيفية وما يصاحبها من نكوص وهياج وعمليات دفاعية.
ثانياً : المشكلات والاحتياجات الاجتماعية للمسنين
إن الإنسان يعاني من الحرمان الاجتماعي عندما يفقد القدرة على حرية الاتصال الاجتماعي طبقا لحاجته ورغباته، والمسن يعتبر من اكثر فئات المجتمع تعرضا للحرمان الاجتماعي نظرا لقلة موارده المالية وضعف قواه الجسدية.
ويزيد من حدة المشكلات الاجتماعية شعور المسن بالوحدة والعزلة عن حياة المجتمع، ويبدأ هذا الشعور بحياة الحرمان من العلاقات العائلية والتي كانت تؤلف جزءاً كبيراً من نشاطه واهتماماته اليومية، مما يضع القيود على تحركات المسنين وعلاقاتهم الشخصية بأفراد المجتمع.
والحاجات الاجتماعية هي التي يتطلبها الفرد ليكِّون علاقات اجتماعية سوية مع الأفراد من أجل ان يعيش متوافقاً مع محيطه بقيمه ونظمه ومؤسساته. وتشكل الحاجات الاجتماعية للمسنين خاصية أخرى من خصائص الشيخوخة، والتي تشمل نوعية من المشكلات أهمها اغتراب المسنين عن المجتمع نتيجة لعدم استجابة المجتمع لاحتياجات كبار السن أو عدم توفير الفرص لهم للاشتراك في اتخاذ القرارات الهامة المتعلقة بإشباع متطلباتهم، فينشأ ما يسمى (باغتراب المسنين عن المجتمع). ويتبع هذا الاغتراب ما يلي :
أ- قلة الاهتمامات الاجتماعية للفرد فيما يتعلق بالجهود والأنشطة التي تخدم مجتمعه.
ب- قلة مشاركاته في المنظمات الاجتماعية أو محاولاته إيجاد المنظمات الأكثر فاعلية في إشباع حاجاته.
جـ- عدم الثقة الكافية في المقدرة على تغيير الأوضاع السيئة في المجتمع.
ونتيجة لاغتراب المسنين عن مجتمعهم واضطراب علاقاتهم يميل المسنون إلى الاتصاف بمجموعة من الخصائص الاجتماعية من أهمها :
- العزلة والوحدة، ويزيد عن عزلة المسن زواج الأبناء أو موت أحد الزوجين والضعف البدني.
- يفتقد المسنون مراكزهم في العلاقات العائلية ويفقدون تأثيرهم على الأسرة وانسحاب المسن وانقطاعه عن المجتمع سمة من سمات التقدم في السن، ويكون هذا الانسحاب متبادلاً بين المسن والمجتمع ككل. وقد يرجع ذلك لنظرة المجتمع واتجاهاته إلى الاختلاط الاجتماعي بالمشاركة مع أفراده المسنين.
ثالثاً : المشكلات والاحتياجات الاقتصادية
ان نسبة المسنين الذين يتقدمون بطلب المساعدات الاقتصادية في تزايد مستمر، والمشكلات الاقتصادية التي يعاني منه المسن ترجع إلى نقص في الموارد المالية نتيجة لتقاعد المسن إجبارياً أو اختيارياً، وبهذا يفقد المتقاعد جزءاً ليس بالقليل من دخله وبالتالي سيجد نفسه في مواجهة انخفاض الدخل مع تزايد الأعباء المالية، وهذا قد يعمق الشعور بعدم الأمن الاقتصادي في مواجهة تحسبات المستقبل ويجعل المسن يعاني من القلق.
رابعاً : المشكلات والاحتياجات الصحية
إن نمو الفرد يتكامل في مرحلة الشباب، ثم ينحدر تدريجيا في سن الكهولة ويتفاقم الوضع في مرحلة الشيخوخة، فالحواس يضعف أداؤها، ويبدأ ذلك في سن الخمسين من العمر فتظهر في هذه المرحلة من العمر مجموعة من التغيرات البيوكيميائية للمسن، وتتمثل في ضعف القلب وقلة دفعه للدم إلى الأجهزة العضوية في الجسم.
وترتبط المشاكل الصحية للمسن بالضعف الصحي العام والضعف الجسمي وضعف الحواس، ويعتبر ضعف السمع ثالث أكبر مشكلة في المسنين بعد الخشونة وارتفاع ضغط الدم ويكون أكثر في الرجال عنه في النساء، وتكرار عدم القدرة على سماع الآخرين يعطي المسن الشعور بعدم التواصل معهم ويشعره بالإحباط والعزلة.
ويعاني المسنون وبعض مرضى الجهاز العصبي (مثل مرضى الشلل الرعاش والشلل النصفي وخلل التناسق العضلي العصبي) وبعض مرضى الجهاز العضلي الحركي ومرضى الأذن الوسطي وحالات متنوعة أخرى، من خلل التوازن. وتنتج هذه المشكلة عن خلل في المستقبلات الحسية التي تنقل معلومات عن حركة الجسم وأجزائه ووضعه للمخ وأهم هذه المستقبلات العين وجهاز التوازن الموجود بالأذن والمستقبلات الحسية الموجودة في المفاصل والأنسجة المحيطة. وقد يكون الخلل في المعالجة المركزية للمعلومات الواردة من هذه المستقبلات بخصوص التوازن والتي تتم في الجهاز العصبي المركزي، وقد يكون الخلل في الجهاز المسؤول عن تنفيذ الأوامر الواردة من الجهاز العصبي لمنع فقد التوازن وهو الجهاز العضلي الهيكلي، وقد يكون الخلل في كل هذه العناصر مجتمعة كما في المسنين.
ويؤدي خلل التوازن إلى صعوبة حركة المريض خاصة في المواقف التي تتطلب تحكم أكثر في التوازن، ويؤدي خوفه من الوقوع إلى قلة حركته وإعاقتها وما ينتج عن ذلك من آثار جانبية. وقد يصل الأمر إلى الوقوع وما قد ينجم عن إصابة (وخاصة كسور عنق الفخذ في المسنين) وما يتبعها من رقود بالسرير لفترة طويلة معرضة المريض (خاصة المسن) لمخاطر الرقود الطويل من جلطات الساق والالتهاب الشعبي الذي قد يتحول لالتهاب رئوي وقرح الفراش وضعف العضلات وهشاشة العظام.
وتتوقف الحالة الصحية لكبار السن على العديد من العوامل الاجتماعية مثل مستوى المعيشة ودرجة التعليم وارتفاع مستوى الصحة العامة، كما أن هناك عدة عوامل تؤثر على التغير العضوي والصحي للمسن، من أهمها الوراثة والمهنة والغذاء والبيئة.
الحاجات النفسية للمسن
وترتبط احتياجات ومشكلات الشيخوخة بأسباب منها :
1- أسباب حيوية مثل التدهور والضعف الجسمي والصحي الكامل.
2- أسباب نفسية مثل الفهم الخاطئ لسيكولوجية الشيخوخة.
3- الأحداث الأليمة والخبرات الصادرة التي قد تهز كيان الشيخ وتهز شخصيته، فقد يصل بعض الشيوخ إلى مرحلة الشيخوخة وما زالت شخصياتهم تنضج بعد.
4- أسباب بيئية ومنها التقاعد وما يرتبط به من نقص الدخل وزيادة الفراغ، والاعتقاد ان المسن أصبح عديم الفائدة لا قيمة له، وأن التقاعد معناه اعتزال الشيخ الحياة. ومن الاسباب البيئية أيضا : تغير العائلة وترك الأولاد للأسرة بالزواج أو العمل خاصة في حالة حاجة الشيخ إلى رعاية صحية أو مادية، وتفكك روابط الأسرة الكبيرة وضعف الشعور بالواجب نحو المسنين وافتقارهم إلى الرعاية والاحترام، وأيضا العنوسة والعزوبية حتى سن الشيخوخة وخاصة السيدات والعزوف عن الزواج عند بعض الرجال.
ويؤكد تقرير الأمم المتحدة، ضرورة توفير الحماية للمسنين بأوسع من مسألة الاتجاه نحو علاجهم وضرورة الاتجاه نحو توفير أبعاد رفاههم، خصوصاً من خلال ملاحظة العلاقة بين السلامة الجسمية، والنفسية، والاجتماعية، والبيئية. وإن الهدف الاساس في هذا المجال توفير الخدمات الصحية للمسنين وتمكينهم – من خلال الاحتفاظ بمستوى قيامهم بوظائفهم البدنية. من التمتع بكيفية أعلى من الحياة الفردية ومشاركتهم الفعالة في النشاط الاجتماعي، والوقاية من الأمراض، وهذا الأمر يتطلب تعاوناً واسعاً بين الدولة والمجتمع.
وأسلوب التعامل مع هذه المسألة يجب ان يكون أسلوباً جامعاً تنموياً يشمل كل جوانب الحياة التي تعين كيفية سلوك الإنسان المسن بما في ذلك مشاركته في عملية التنمية، والجوانب الحياتية المهمة هي :
أ- الأمن الاقتصادي والمالي للمسنين.
ب- حفظ سلامتهم.
جـ- تعليمهم المستمر لمواجهة مشكلات الحياة.
وقد أثبتت الدراسات التي جرت في نقاط متعددة من العالم أن الأفراد في السنين الأولى المشرفة على الشيخوخة إذا كانوا مستعدين لمرحلة الشيخوخة يمكنهم أن يظلوا إلى سنين مديدة (من المسنين الشباب) ومواطنين نشطين منتجين، وهذا بالضبط ما أدركته البلدان المتقدمة وخططت له مما منحها نتائج جيدة.
وتؤكد الإحصائيات ان قطاعاً مهماً من المسنين ما زال سالماً جسمياً وفعالاً اقتصادياً مما يشكل رأسمالاً قيماً للبلد، إلا أن النظام البروقراطي الإداري للتقاعد لا يمنحهم في أكثر الموارد فرصة الدخول في ميدان العمل رغم ما يملكون من غنى في التجربة وحصافة في العقل وعلاقات متنوعة تسهل تحقيق الوظائف الكبرى الأمر الذي نجده مؤثراً في قطاعات القطاع الخاص من قبيل الأطباء والحقوقيين، والعلماء، والمهندسين، والمدراء التجاريين، بل وحتى الفلاحين في المناطق الريفية.
نصائح للعناية بالمسن
*- توافر علاقات اجتماعية دافئة وودية عند تعرض كبير السن لأي مشكلة من المشكلات الحياتية المختلفة.
*- عدم ترك كبير السن يعيش الوحدة والعزلة فهذا يعني فقدانه لأهم ركن من أركان الحياة وهو العيش ضمن الجماعة التي تستطيع العمل على مساعدته في فتح قنوات اتصال جديدة داخل نسق الأسرة أو بين الأسرة والمجتمع الخارجي وتدعيم بعض الاتصالات القديمة المرغوبة.
*- العمل قدر الإمكان على وقاية كبير السن من الإصابة بالعجز وذلك بالفحوص الدورية وإصلاح العادات الغذائية السيئة واستعمال مركبات فيتامينة ومعدنية كأدوية شافية وواقية تحت إشراف الطبيب.
*- تشجيعه على المشي والرياضة والسباحة وغيرها من النشاطات التي يسمح بها وضعها الصحي والإقلاع عن التدخين .
*- توفير الكتب التي تنمي النشاط الفكري للمسن ومراعاة تأمين الكتب التي تمكن المسن من تكوين سند ديني يعتمد العقل والمنطق ويؤدي به إلى الطمأنينة والسعادة.
*- مساعدة كبار السن على استمرار علاقة الحب والعاطفة بينهما وتنمية العلاقات الزوجية وتدعيمها باستمرار وتوطيد أسس التفاهم الزواجي بدلا من المناقشات والمشاجرات غير المجدية.
*- على الأبناء أن يحترموا ويقدروا ما ألف عليها الآباء من تصرفات وان يشعروهم بالحب والتقدير وأنهم مازالوا بحاجة لهم ولوجودهم.
*- جماعة الأقران: تعد الجماعة مناخاً مناسباً لتبادل الآراء والأفكار واستعراض المشكلات التي تواجه الأعضاء ومدخلاً مناسباً لاكتساب خبرات جديدة وتبني مداخل وأهداف متطورة وحينما يتفاعل الأفراد الذين يواجهون خبرات وضغوطا متقاربة فان وجهات نظرهم المتباينة تمكنهم من إعادة تقييم أبعاد البيئة والمجتمع وتعديل بعض قيمهم بما يتوافق مع تطورات الحياة, فالحياة الجماعية توفر الفرصة لتجديد الصداقات القديمة وبناء صداقات جديدة وتساعد الأفراد على تنمية شخصياتهم وتحقيق الأغراض المشتركة للجماعة كلها بحيث تعمل على إشباع الاحتياجات لدى الأعضاء وإتاحة الفرصة لهم لتحمل المسؤولية والقيادة التي شعروا بفقدها.
ويمكن تلخيص الأهداف التي تعمل الجماعة على تحقيقها بما يلي:
*- إشباع الاحتياجات العاطفية لدى المسنين .
*- إتاحة الفرصة لتكوين علاقات اجتماعية.
*- خلق الفرص لتحمل المسؤولية والقيادة.
*- تبادل الراي والمشورة.
*- تقوية وتحسين العلاقات الاجتماعية بين المسنين.
*- خلق الفرص لتحمل المسؤولية والقيادة التي شعر بفقدها بعد كبر سنه.
*- التعبير عن مشاعر المسن في حرية وصراحة.
*- شغل وقت الفراغ بطريقة مفيدة.
*- الاستمتاع بالخدمات الترويحية والأنشطة بشكل جماعي, كالنشاط الاجتماعي الذي يتضمن الرحلات والعاب التسلية والزيارات، والنشاط الفني ويمارسه أفراد الجماعة من خلال القيام بالحفلات والرسم والموسيقى وأشغال التصوير وأشغال الإبرة، وكذلك النشاط الثقافي الذي يتمثل في الندوات والمحاضرات وحضور الأمسيات الشعرية والأدبية....الخ
وخدمة الجماعة تهتم من وراء ذلك بزيادة الأداء الاجتماعي للمسن ويتجسد ذلك في مستويات ثلاث:
أولها استعادة المسن لقدرته على الأداء الاجتماعي، وثانيهما وقايته من معوقات الأداء الاجتماعي، أما المستوى الثالث فهو مساعدته على تنمية قدراته ليعمل على رفع مستوى أدائه الاجتماعي.
أهمية وجود الأندية للمسنين:
من الضروري أن يلتم شمل المسنين في كل منطقة في شكل جمعية أو نادي وذلك ليقضوا وقتاً سعيداً في صحبة بعضهم بعضاً إذ أن المسنين يجدون المتعة عندما يجتمعون سوياً حول اهتماماتهم المشتركة وحول ذكرياتهم التي يلذ لهم التحدث فيها وفي نفس الوقت يبتعدون قليلاً عن المشكلات التي يمكن أن تواجههم في المنزل أو مع أبناء الأجيال الصاعدة.
ومن الطبيعي أن هذه الأندية سوف تشغل وقت فراغ المسن بطريقة ايجابية أفضل بكثير من جلوسهم في المقاهي أو انشغالهم بخلق المشكلات الأسرية وتوفر في هذه الأندية الأنشطة المختلفة سواء كانت ترويحية وثقافية ورياضية والعاب تسلية ورحلات وحفلات إضافة إلى مكتبة تضم الكتب التي تهم المسنين.
أما الهدف الثاني لهذه الأندية فهو استمرار ربط المسنين بالحياة فمن الممكن أن يشترك المسنين في لجان إدارة النادي وتحمل مسؤولية الأنشطة وعقد الندوات مع الأدباء والفنانين والعلماء حتى يتم تبادل وجهات النظر ومناقشة مشكلات المجتمع بطريقة منظمة.
إن مثل هذه الأندية تساعد المسنين على خلق وتقوية العلاقات الاجتماعية بينهم بل ومن الممكن أن تمتد هذه العلاقات خارج نطاق النادي مما يشعر المسن بأن لديه أصدقاء جدد يسألون عليه ويتبادل معهم وجهات النظر في قضاياه.
أنواع الرعاية التي يجب تقديمها للمسنين:
الرعاية الاقتصادية:
وهي الأكثر إلحاحا وأهمية وذلك للتداخل الواضح بين الحالة الاقتصادية والصحية والاجتماعية. فالمسن بحاجة إلى من يرعاه ويلازمه ويخدمه كما يحتاج إلى عدد من الأدوية ويحتاج إلى نوعية أفضل من الطعام الذي يجب أن يحتوي كمية مناسبة من الفيتامينات والمواد المغذية كذلك فان عدداً من المسنين يحتاج إلى جهاز للتنقل أو السمع والبعض الآخر بحاجة إلى وجود دائم في المشفى أو المصح.
إن ضعف الدخل المادي يؤثر تأثيراً كبيرا على مجمل حياة الفرد ويعاني معظم المسنين في بلادنا من المشكلات المالية ويعزى ذلك إلى العديد من العوامل منها نظام التقاعد وعدم وجود عمل وعدم كفايات الدخل في ظل ارتفاع الأسعار وفي ظل الحاجات الشخصية والمعيشية المتزايدة.
الرعاية الصحية:
هناك العديد من الأساليب لتقديم الخدمات الطبية للمسنين ويتوقف الاختيار بين هذه البدائل على العديد من العوامل، لعل أول هذه العوامل هي الحالة الصحية للمسن من حيث نوع المرض، خطورته وشدته، المرحلة التي وصل إليها مستوى الأسرة الاقتصادي ودرجة تماسكها وقدرتها على الوفاء باحتياجات المسن إلى جانب توافر الموارد المالية من قبل الدولة أو المؤسسات الغير حكومية.
واهم هذه الأساليب:
*- الفحص الدوري الشامل:
يشمل فحص جميع أجهزة الجسم عبر فحوصات طبية مجانية ودورية وإنشاء الورش والمراكز الطبية المتخصصة وتقديم الأدوية المناسبة ووضع البرامج الغذائية والرياضية المناسبة لهم وفق التحاليل المطلوبة.
*- العلاج الطبي:
ويكون لجميع الحالات المرضية المكتشفة سواء كانت بدنية أم نفسية أم ذهنية أم عصبية فضلا عن علاج الأعراض المرضية المقلقة التي يشكو منها المسن وكلما كان تقديم العلاج مبكراً ساعد ذلك على شفاء المسن.
*- التأهيل الطبي الشامل:
للإعاقات البدنية الموجودة لدى المسنين وذلك باستعمال الأجهزة التعويضية فضلا عن التأهيل الوظيفي لتحسين أداء الأعضاء وزيادة الفاعليات اليومية والعلاج بالعمل وكل ما من شأنه الارتقاء بالمسنين والحفاظ عليهم.
الرعاية الاجتماعية:
هي مجموعة الجهود التي تبذلها الحكومة والمؤسسات الخاصة لكي يتمكن الفرد من التكيف الايجابي مع البيئة التي يعيش فيها تكيفاً يهيئ له قسطاً من الراحة النفسية والقوة الجسمية ولكي ينعم بالسكن الصالح والصحة الجيدة والغذاء الكامل والثقافة والترفيه.
وتعرف الرعاية الاجتماعية بأنها التدخل الاجتماعي المدروس والموجه من قبل الدولة والمؤسسات بغرض تأمين النوادي الثقافية والترفيهية وكل ما يساعد المسنين على النشاطات والأعمال واللقاءات التي تنمي الوظائف الاجتماعية والنفسية والفكرية لهم بحيث يتمكنون من إشباع حاجاتهم الشخصية سواء داخل الأسرة أم داخل دور الرعاية.
الرعاية النفسية:
يجب الاهتمام بالصحة النفسية للأفراد في مرحلة كبر السن كما في جميع المراحل وذلك لمساعدتهم على الحياة الهانئة وتحقيق الأمن النفسي والانفعالي لهم. والعمل على إشباع حاجاتهم إلى الحب والأمن والمكانة والانتماء وإقناعهم أن ما تبقى لهم من قوى تكفيهم للعيش بسعادة مع الآخرين ومع أنفسهم فلكل مرحلة جمالها ورونقها، المهم أن نبحث عن هذا الجانب المضيء ونتعامل معه.
كما تشمل الرعاية النفسية تأمين أطباء ومرشدين للإشراف على الأفراد الذين يعانون من الأمراض النفسية والاضطرابات العقلية.
توصيات
انطلاقاً من الإيمان بحق كل مسن في أن يسعد بحياته بعد كبر سنه واستنادا إلى القيم الاجتماعية والأخلاقية التي تفرض علينا أن نرد الجميل لمن تعلمنا ونشأنا على أيديهم وهم الذين ضحوا بكل ما يملكون من صحة ومال وعطاء من اجل استمرار الحياة وتقدم المجتمع.
*- يجب استمرار الحفاظ على البقية الباقية من الترابط والتكامل الأسري وان نتمسك بذلك كقيم اجتماعية أساسية تتميز بها مجتمعاتنا الشرقية والعربية والإسلامية.
*- يجب أن نحافظ على وضع المسنين في المجتمع دون أن نفقدهم الإحساس بقدراتهم على العطاء في شتى المجالات بما يقابل ذلك أجر أو بالتطوع مستغلين ما لديهم من خبرات.
*- أن يظل التوسع في نظم التأمينات الاجتماعية بما يضمن لهم الدخل المناسب الذي يغطي حاجات المعيشة المناسبة وحتى لا يشعر المسن بأنه عالة على أسرته أو أقاربه أو مجتمعه.
*- التوسع في إنشاء دور رعاية المسنين وإنشاء النوادي الخاصة بهم لممارسة الرياضة وبعض الهوايات المفيدة مع العناية بالنواحي التنفيذية والترفيهية.
*- مساهمة وسائل الإعلام المختلفة في تقديم برامج خاصة بالمسنين.
*- تكوين جمعية أصدقاء المسنين من اجل تبني قضاياهم ومشاكلهم الأسرية وتوفير فرص العمل لمن يرغب منهم.
*- العمل على إنشاء نظام التامين الصحي الشامل للمسنين بما يضمنه من وجود عيادات خاصة في كل منطقة وتوفر الأدوية والمعاينة مجاناً, إضافة إلى تدريس طب المسنين في مناهج التعليم في كلية الطب.
*- إقامة دورات تأهيلة في المرحلة السابقة للشيخوخة لتأهيل المسنين نفسياً للمرحلة القادمة وإلقاء الضوء على المشكلات المرتبطة بهذه المرحلة العمرية ومساعدتهم على التعامل معها بكل وعي.
*- إقامة دورات تدريبية للمسنين تساعدهم في صقل مهاراتهم وتمنحهم الشعور بالانجاز فتساعدفي رفع تقديرهم لذواتهم