منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

  ماذا كانت عقيدة العثمانيين الأوائل؟

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 ماذا كانت عقيدة العثمانيين الأوائل؟ Empty
مُساهمةموضوع: ماذا كانت عقيدة العثمانيين الأوائل؟    ماذا كانت عقيدة العثمانيين الأوائل؟ Emptyالجمعة 22 مارس 2019, 10:58 pm

من المسائل الجوهرية عند الحديث عن أي دولة على وجه الأرض معرفة نشأة هذه الدولة، وعقيدتها، والمرحلة الزمانية التي نتحدث عنها. ولمسألة العقيدة أهمية كبرى في هذا الصدد؛ إذ بمعرفتها تتضح وتنجلي أمور عدة. فعلى سبيل المثال عند الحديث عن أوروبا، لا بد أن نحدد الوقت الذي نتحدث فيه، أفي العصور الوسطى أم بعد ذلك؟ فإذا كان في العصور الوسطى فبذلك نكون حددنا الدولة والزمان ونأتي لمسألة العقيدة، فسنجد أن أوروبا في ذلك الوقت يتزعمها المذهب الأثناسيوسي، بينما يسود الشرق المذهب الأريوسي [1]، ولذلك قامت الحروب على هذا الأساس، بل عند فهم مصدر المذهب وأساسه سنفهم كيف تطرف المسيحيون في عقيدة السيد المسيح ووصلت للتأليه والتثليث، وما شابه ذلك، بل وسنفهم جذور الصراع الحالي في العصر الحديث، وكذلك نفهم سر كره كثير من الدول الأوروبية لتركيا، ولم يصرون على منعهم من دخول الاتحاد الأوروبي.
وبإسقاطٍ على محور حديثنا، وهو الدولة العثمانية، حيث العصور الوسطى أيضًا، فلا بد أن نفهم عقيدة هذه الدولة التي قامت بالفتوحات، ونشرت الدين الإسلامي، وبسطت قوتها على مدار ستة قرون وفي ثلاث قرات، ذلك لأنه بفهم عقيدة الدولة العثمانية سنفهم أمورًا عدة، مثل لماذا قامت حروب الدولة؟ وعلى أي أساس تأسس ملكها وفكرها؟ ولماذا عادت بعضَ الدول وأقامت التحالفات مع أخرى؟ ولماذا عفت عن بعض الأفراد ووقعت العقوبات على آخرين؟ وغير ذلك من الأمور التي لا تتضح إلا بمعرفة العقيدة الرئيسية للدولة.
وبنظرة أولية، قد يظن البعض أن الإجابة على التساؤل القائل: “ما عقيدة الدولة العثمانية؟” سهلة ويسيرة، ولكن الحقيقة أن المصادر ضعيفة جدًا في هذه الفترة وخصوصًا قبل عثمان، حيث أن الإجماع في عهده أن الدولة كانت تدين بالإسلام. أو بمعنى أدق، ففي أواخر الثلث الأول من عهد عثمان كانت دولة مسلمة، فهذا هو ما عليه الإجماع، أما ما قبل هذه الفترة فيوجد اختلاف كبير، الأمر الذي يتيح لنا أن نتساءل: هل كان عثمان منذ بداياته مسلمًا أم لا؟ أي أنه وُلِد من أبوين مسلمين أم أنه اعتنق الإسلام بعد ذلك؟ وكذلك هل كان أرطغرل مسلمًا أم لا؟ وينسحب الأمر إلى سليمان شاه والد أرطغرل، وعلى هذا نطرح السؤال: هل كان العثمانيون من المسلمين أم كانوا غير ذلك؟
بداية، وللإجابة على هذا التساؤل، لا بد أن نفرق بين الأتراك وبين العثمانيين؛ حيث إن العثمانيين فرع من الأتراك، وعلى ذلك نفرق عند تناول هذه المسألة بين أمرين: الأول هو إسلام الأتراك، والثاني هو إسلام العثمانيين؛ حتى لا يحدث أي لبس.

[rtl]

إسلام الأتراك


[/rtl]


 ماذا كانت عقيدة العثمانيين الأوائل؟ %D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%83
فاستنادًا إلى رواية محمد بن جرير الطبري، فإن دخول أول جماعة تركية في الإسلام كان في عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وتحديدًا سنة 22هـ | 642 م، حين احتكت جماعة من الترك بقيادة ملكها شهربراز بالقائد المسلم عبد الرحمن بن ربيعة، وذلك عندما وصلت غزوات المسلمين إلى بلاد الترك، وتحديدًا بلاد ما وراء النهر. فطلب ملك الترك شهربراز الصلح من القائد عبد الرحمن بن ربيعة الذي وافق عليه مبدئيًا، لكنه أحال شهربراز إلى القائد العام، وهو سراقة بن عمر الذي وافق على الصلح بشرط أن يوافق عليه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب الذي أقر الصلح [2]، وعلى ذلك دخل الترك في الإسلام، وقاتلوا مع الجيش المسلم ضد الجماعات الأرمنية النصرانية في المنطقة، وكانت تلك بدايةَ ترك الجماعات التركية العقائدَ الوثنية، وتطبعت بخلق الإسلام، وتمرست في المؤسسات الإسلامية، خاصة الدينية والعسكرية؛ ما ساعد الترك في المستقبل من الترقي، وخصوصًا في سيادة مبدأ أنه “لا فرق لعربي على أعجمي إلا بالتقوى”. ولذلك ازدادت الجماعات التركية في الدين الإسلامي تدريجيًا في عهد الخلافة الراشدة، ثم الأموية، وصولًا إلى العهد العباسي، وخصوصًا بعد ازدياد فتوحات ما وراء النهر، حيث الموطن الأصلي للأتراك. وقد تمكن الأتراك بقوة من التغلغل في الدولة والمناصب الإدارية والعسكرية منها في عهد الخليفة المعتصم، الذي سلم الأتراك المناصب العليا، وأسس مدينة سامراء لتكون لهم وتُبعِدهم عن العرب نتيجة لظهور كثير من المشاكل التي نتجت عن اختلاطهم بالعرب آنذاك [3].

[rtl]

إسلام العثمانيين


[/rtl]


 ماذا كانت عقيدة العثمانيين الأوائل؟ 29-mayis-1453-istanbul-un-fethi-nasil-gerceklesti-7108982
أما عند تناول مسألة إسلام العثمانيين، وذكر ما قيل فيها من آراء، سواء من متعصبين للدولة العثمانية (حتى أننا سنجد من ينسب آل عثمان إلى الرسول صل الله عليه وسلم، وهذا كذب وافتراء)، أو من أعدائهم الذين يقولون إنهم لم يدخلوا الإسلام لفترات طويلة، حتى بعد تأسيس دولة آل عثمان (وهذا أيضًا كذب وافتراء)، ولكن، وحتى تتضح الصورة بجلاء، يجب الاطلاع ولو بقليل من الذكر على دين العثمانيين قبل اعتناق الإسلام.

[rtl]

العثمانيون قبل الإسلام


[/rtl]


كانت القبائل التركية المهاجرة والمتنقلة، ومن بينها قبيلة القايي وهي قبيلة عثمان بن أرطغرل، تؤمن بدين الشامانية أو الكوك تنجري.
وليس لهذه الديانة نبي ولا كتاب مقدس ولا معبد ولا عبادة منظمة، ولكن لها معبودًا واحدًا وهو تك تنجري أو تك تنكري، وهو رب الأتراك فقط، وليس ربًا للعالمين كما لدينا في الإسلام. ويقدس أتباعها السماء والماء والأرض [4]، ويدفنون الموتى، ويمكن تحنطيهم ودفن معهم حاجياتهم الضرورية لاستعمالها في الحياة الأخرى، وذلك مثل القدماء المصريين. ولا يجوز لأي فرد في المجتمع التركي أن يصبح عبدًا أو جارية داخل مجتمعه التركي، ولذلك استخدم الأتراك آنذاك العبيد والجواري من الأقوام الأجنبية، فكل تركي حر، وكلهم محاربون، حتى المرأة تمتطي الحصان وتستعمل السلاح ولا تتحجب وتختلط بالرجال ولا تنفر منهم. ولا يُربى الخنزير؛ حيث أن تربيته وأكل لحمه علامة من علامات المغول؛ فلا يؤكل إلا عند المجاعة. ويهتم المجتمع التركي بالبكارة وعفة المرأة اهتمامًا كبيرًا، فعدم الاكتراث بالغير وإكرام النساء للغير من علامات المغول أيضًا؛ ولذلك كانت العقوبة الوحيدة لهتك العرض هي الإعدام، إلا إذا وافقت المرأة التي اعتدى عليها بالزواج ممن اعتدى عليها، وذلك في حال كانت غير متزوجة أو أرملة [5].

[rtl]

دخول العثمانيين الإسلام


[/rtl]


اختلفت النظريات المقدمة في هذا الصدد، فمنها ما يقول إن الإسلام قد دخل إلى الدولة العثمانية، وذلك بإسلام عثمان بن أرطغرل، أي أن أرطغرل كان على الوثنية، ومنها ما يرى أن أرطغرل كان على النصرانية، ومنها ما يرى أن سليمان شاه هاجر مسلمًا مع قبيلته، وكانت مسلمة آنذاك، ولكن أهم هذه الآراء، والتي تؤخذ في كثير من المراجع هي آراء جيبونز، ولذلك لا بد من عرضها ونقدها.
وقبل أن نعرض لذلك الرأي، فلا بد من التذكير بقصة التقاء أرطغرل بالسلاجقة، لأن من هذه النقطة تنبني عليها عدة أمور تعد غاية الأمة، على رأسها بداية تأسيس ملك الدولة العثمانية.
فقد كان أرطغرل مهاجرًا مع قبيلته الصغيرة التي انفصلت عن القبيلة الكبيرة، وذلك بعد موت سليمان شاه. وأثناء هجرته هذه وجد جيش علاء الدين السلجوقي يواجه جيشًا آخر من النصارى، وفي رواية أخرى من المغول، ولكن الأصح لدي أنها كانت من النصارى. فدخل المعركة وانتصر مع جيش علاء الدين الذي منحه قطعة أرض، والإذن بالفتح على حساب الروم.

[rtl]

القول الأوّل: آراء جيبونز


[/rtl]


يرى جيبونز أن أرطغرل في هذا الوقت وقبيلته كانوا على الوثنية، وكانوا في طور البداوة من حيث المقياس الحضاري، ووظيفتهم الأساسية هي الرعي والتنقل من مكان لآخر في سبيل كسب الرزق. ويرى جيبونز أن سبب دخولهم الإسلام أنهم احتكوا بالدولة السلجوقية بعد ذلك، واختلطوا بهم، فدخلوا في الإسلام كأبناء جلدتهم من السلاجقة، وأثار فيهم هذا الدين الجديد رغبة في إدخال الناس فيه؛ فأرغموا جيرانهم الإغريق الذين كانوا يعيشون في صداقة معهم على الدخول في الإسلام أيضًا، ولم يكن تحت إمرة عثمان آنذاك سوى أربعمائة محارب يقيمون في دورهم ويزاولون حياة فارغة وادعة. وقد ضوعف عدد العثمانين ما بين 1290 و1300م، وامتدت حدودهم حتى قاربت حدود البيزنطيين، وأدى ذلك لظهور جنس جديد، هو الجنس العثماني، وكان جنسًا مختلطًا ناشئًا عن ذوبان العناصر الأصلية، وقوامه الأتراك والوثنيون والإغريق والمسيحيون. ويستمر في عرض وجهة نظرة بأن عثمان دخل الإسلام وقبيلته بعده مستندًا على قصة تُروى في الأساطير والحوليات، ولا أساس لها ولا مرجع صحيحًا يستند عليه [6].

[rtl]

الأسطورة التي يستند عليها جيبونز


[/rtl]


وتقول القصة إن عثمان قضي ليلة في دار أحد الزهاد المسلمين، وقبل أن ينام جاء صاحب الدار ووضع كتابًا على رف فسأله عثمان: ما هذا الكتاب؟ فقال له: إنه القرآن. ثم أجابه حين سأله عن محتواه بأنه: كلمة الله أُنزِلت للناس بطريق النبي صل الله عليه وسلم. ثم نام ورأى فيما يرى النائم كأن ملاكًا يبشره بأنه وذريته سيعلو قدرهم لقاء احترامه للقرآن [6].

[rtl]

نقد نظرية جيبونز


[/rtl]


بداية، فإن أمثال جيبونز وغيره من المستشرقين إنما يريدون أن يجدوا مبررًا منطقيًا لدخول العديد من الناس تحت لواء الإسلام طوعًا وحبًا، بل ويبذلون الغالي والنفيس نظير نصرة دين الله تعالى وبغية رفع لوائه عاليًا خفاقًا في شتى بقاع الأرض.
ولذلك ستجد هؤلاء يضعون نظريات توافق ما عرفوه وما تعلموه في حياتهم وخبراتهم، وليس ما يوافق الحدث الحقيقي؛ نظرًا لبعدهم عن الإسلام وتعاليمه.
فإنه يزعم أن قبيلة عثمان كانت قبيلة صغيرة تتكون من أربعمائة فارس. على الرغم من أن الذي كان معه أربعمائة فارس هو أرطغرل، والذي عاش لسن التسعين عامًا في قبيلته، فكيف استمر هذا العدد على ما هو عليه دون زيادة أو نقصان؟! وأن الزيادة حدثت في عهد عثمان؟! بل ويقرر أن عثمان جاء وأرغم الجيران النصارى الذين كانوا يعيشون في سلام، حتى قبل اعتناق عثمان للإسلام، الذي حوله إلى طاغية يجبر الناس على دين غير دينهم؛ فيدخلونه ويحاربون لأجله رغمًا عنهم.
ربما هو يقرر ذلك نظرًا لأنه كان السائد لدى بعض الدول والحضارات. ففي النصرانية، نجد قنسطنطيوس، الذي عرف بولائه للمذهب الأريوسي المسيحي [7]، قد فرض هذا المذهب على أجزاء الإمبراطورية العربية كرهًا وغصبًا. أو من السائد في هذا العهد لدى التتر من إرغام الدول المهزومة بالدخول تحت لوائهم والمحاربة في جيشهم، بل وفي مقدمة الجيش حتى يكونوا درعًا حاميًا لهم.
فهذه الرواية الواهية التي يستند عليها، وهي قصة الشيخ الذي بات عنده عثمان السابق ذكرها، إنما ستجد لها متنًا آخر مخالفًا لما ذكر فيها، وفي ذات المصدر، وهو الأساطير والحوليات.
وذلك بأن عثمان طلب من الشيخ أده بالي -وفي هذه المرة ذكر اسم الشيخ، ولم يأتِ مجهلًا كما أوردها جيبونز- أن يزوج ابنته، فرفض طوال عامين. وفي إحدى الليالي، وفد إلى ذلك الشيخ الزاهد ونام في بيته، فرأى فيما يرى النائم أن قمرًا يخرج من صدر أده بالي ويقع في صدره هو، ثم تخرج من سرته شجرة يغطي ظلها الأرض، ولما قص ذلك على الشيخ قال له إنه سيحكم العالم، وزوجه ابنته.

وهذه الرواية بذات المتن أو متن مقارب له قيلت في حق تأسيس دولة السلاجقة وليس العثمانيين، ذلك لإن الأساطير التي قيلت في تأسيس الدول لا تعد ولا تحصى، ففي تأسيس الدولة العباسية قيلت مثل هذه الروايات، وفي تأسيس الدولة الغزنوية حيث تذكر الأساطير والحوليات أنه، وقبل أن يولد فاتح الهند محمود الغزنوي بساعة واحدة، رأى أبوه سووك تكين فيما يرى النائم كأن في بيته شجرة تخرج من موقد نار وتظلل الأرض كلها، وأنبأه عابر الرؤى أن ابنه سيكون غازيًا وفاتحًا [8].
بل إذا عدنا بالتاريخ إلى عهد الإمبراطور الروماني قسطنطين فستجد مثل هذه الرؤى، حيث يُروى أن قسطنطين أثناء زحفه لمحاربة خصمه رأي هالة من النور على شكل صليب أثناء غروب الشمس، فلما نام رأى رؤية وكأن المسيح ومعه الصليب، وقد أتي ليأمره باتخاذ الصليب شعارًا له، والزحف على عدوه، وأنه سينتصر بفضل هذا الصليب؛ لذلك اعتنق قسطنطين النصرانية [9].
فمثل هذه الروايات لا يجب أن تؤخذ على محمل الجد، بل إن هذا نوع من أنواع التزوير والتزييف للحقائق، ولكن بطريق المدح وليس الذم؛ ذلك لأن التزوير لا يحمل معنى التشويه وفقط، بل إن للتزوير نوعين: الأول يكون بالتشويه، وهو المعلوم لدى الجميع. والثاني يكون بخلق روايات وقصص لتمجيد شخصية ما أو دولة ما أو لتبرير فعل ما، ولذلك فهذه الرواية -أي رواية إسلام عثمان- رواية مزيفة. حتى لو أخذناها على محمل الجد فهي مضطربة ومليئة بالضعف الذي يرتقي لدرجة الإنكار، أي لا يجوز الأخذ بها حتى ولو على سبيل الاستحسان.
وبالعودة إلى كلام جيبونز وما يقرره بأنه قد نشأ جنس جديد يسمى العثمانيين، فهذا قول خاطئ. فمصطلح العثمانيين إنما هو مصطلح سياسي يطلق على الدولة وليس على العرق أو الجنس، حتى ولو اندرج تحت لواء هذه الدولة أكثر من دولة أو عرق أو جنس آخر، فالدولة العثمانية بسطت لوائها على أكثر من ثلاثين دولة في ثلاث قارات، فهل هذا يعني نشوء عرق أو جنس جديد؟ بالتأكيد لا، ولكن هذا يعني نشوء دولة جديدة، فالحال مشابه لدولة السلاجقة أو الدولة البيزنطية، أو مثل تأسيس الدول الأوروبية كفرنسا أو ألمانيا وغير ذلك. فالمصطلح السياسي ليس له علاقة بنشوء جنس أو عرق جديد.
ومن عجيب الأمر أن جيبونز يتناسى القبائل التركية التي كانت متواجدة في ذلك الوقت، ودخلت بعد ذلك تحت لواء الدولة العثمانية، وزادت من عدد وقوة العثمانيين، ويضع نظريته على أن تزايد أعداد الدولة نتيجة إجبار النصارى على الدخول في الإسلام، وبهم فُتِحت الدول. أي ينسب الفتوحات الإسلامية إلى قوة النصارى، وهذا القول كله معطوب ومغلوط، فالقبائل التركية بشتى فروعها التي دخلت تحت لواء الدولة العثمانية هي التي عُوِّل عليها في الحروب، ثم بعد ذلك الجيش الإنكشاري الذي أسلم أبناؤه الذين رُبوا على عقيدة الجهاد في سبيل الله، ثم دعوات الجهاد التي كانت تجد من يلبيها من سائر الأقطار الإسلامية، ثم آخر شيء هو الاعتماد على الدول النصرانية، مثلما كان يفعل بايزيد من إدخال جنود من الدول التابعة له عند الحاجة إليها.

[rtl]

القول الثاني: أنهم كانوا نصارى


[/rtl]


وهذا القول ضعيف في كل أركانه للدرجة التي لا ترتقي لمستوى عرضه. فأربابه يوردونه، وعند ذكر الموقعة التي وقعت بين الجيش السلجوقي وبين الجيش البيزنطي الآنف ذكرها، والتي شارك فيها أرطغرل مع الأربعمائة فارس وقلبوا موازين الحرب التي انتهت بنصر المسلمين على النصارى، فإنهم لا يفسرون لماذا شارك أرطغرل مع المسلمين ضد بني عقيدته رغم ما يذكرونه من شهامته وشجاعته وتعصبه لعقيدته، وغير ذلك من الأمور التي تتنافى مع ما يقولون. إلا أن ردهم يكون في بعض الأحيان أن أرطغرل لم يكن يعلم عن عقيدة الجيش، بل هو تحرك لنصرة المظلوم بعيدًا عن العقيدة التي عرفها بعد الحرب. فأي عقل يستوعب ذلك؟! فالجيوش ترتدي أزياء وتطلق صيحات وترفع أعلامًا، وأرطغرل خبير عسكري في القتال، فكيف يجهل كل هذه الأمور ولا يعلم لأي حرب يأخذ كل جنوده إليها؟!

[rtl]

القول الثالث: أنهم كانوا مسلمين


[/rtl]


 ماذا كانت عقيدة العثمانيين الأوائل؟ %D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%AD%D8%A9-%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%88%D8%B1%D8%A7%D9%85%D8%A7-%D9%85%D8%AA%D8%AD%D9%81-1
بداية، فإن معرفة الأتراك بالإسلام ليست جديدة، فكما ذكرنا أن الأتراك عرفوا الإسلام منذ عهد عمر بن الخطاب، وانتشر فيهم في عهد الدولة الاموية والعباسية بشدة، واحتك الأتراك بقوة في عهد الدولة العباسية بالإسلام والمسلمين، حتى كانت للأتراك شوكة كبيرة في مثل هذه العهود وفي ظل هذه الأوقات.
ولذلك من يبني نظرياته على كون العثمانيون على جهل بالإسلام، وأنهم جاءوا إلى تلك الأراضي ففوجئوا بوجود دين جديد يسمى الإسلام فهذا قول مغلوط ومعيب.
ولكن الراجح في هذا الصدد هو كون العثمانيين على الإسلام إبان مجيئهم إلى الأناضول، بل توجد بعض الأقاويل في هذا الصدد توضح أن الأتراك، وتحديدًا قبيلة عثمان، كانوا ممن جاءوا مع السلاجقة إبان فتح تلك الأراضي، بل وشاركوا في موقعة ملاذكرد مع ألب أرسلان، أو ممن جاء بعد ذلك على غرار هذا الفتح لتلك المناطق، ولذلك فهم كانوا يعرفون عن الدولة السلجوقية السنية، ودخلوا تحت لوائها واختلطوا بها، وعرفوا الإسلام وأسلموا على أيدي هؤلاء منذ زمن بعيد، أي أن سليمان شاه جد عثمان ووالد أرطغرل كان مسلمًا على أرجح الأقوال.
بل إن مشاركة أرطغرل الجيش السلجوقي ضد الجيش البيزنطي أكبر دليل على كونه ينتمي إلى الإسلام، بعيدًا عن كل الترهات التي تذكر في هذا الصدد.

بالإضافة إلى أن كل الأقوال التي تحاول تشويه صورة العثمانيين بأنهم كانوا على غير الإسلام بلا أي دليل يذكر، وكل من يستند على تلك الحوليات أو هذه الأساطير إنما هو قول لا أساس له، كمثل الذي يستند على حديث موضوع عن النبي صل الله عليه وسلم، ثم يأتي ويقول كيف للإسلام أن يأمر بمثل هذه الأفعال!
ونختتم بأسباب دخول الأتراك إلى الإسلام، الذي يرجع لعدة أسباب، بل يمكننا القول إن الإسلام في ذلك الوقت كان ينتشر بصفة عامة وبقوة للأسباب الآتية:
[list="box-sizing: border-box; margin-bottom: 1rem; padding-right: 0px; list-style: none; margin-top: 10px !important; line-height: 28px !important; font-size: 18px !important;"]
[*]كانت للمسلمين قوة تحمي هذا الدين، حتى ولو كانوا في منطقة أو في بلد ذوي ضعف، فستجدهم ذوي قوة في مكان آخر. بل كانت الدول الإسلامية تنشأ بين الحين والآخر، وما تنهدم دولة حتى تظهر الأخرى على الساحة بسرعة وبقوة، فتجد الإسلام قويًا في الهند والسند والعراق والشام ومصر وغير ذلك، فإذا ضعف هنا قوي هناك. وحتى مع ظهور تلك القوة التتارية أو الصليبية، فقد كان المسلمون يتصدون بكل حسم وحزم لأي من هذه الهجمات، وكانت في مناطق أخرى حروب سجال بين القوتين. فخلاصة القول إن قوة الإسلام كانت ظاهرة على الساحة وبقوة.


[*]التقدم العلمي في ديار الإسلام كان قويًا للدرجة التي تجعل القاصي والداني ينبهر انبهارًا شديدًا بالدرجة التي عليها هذه المجتمعات؛ ما جعلنا في وقت من الأوقات مثالًا للتحضر والرقي، وتتمني كل الدول أن تتشبه بنا، حتى الكارهين لنا.


[*]حسن التعامل في كثير من الدول الإسلامية مع الرعية المسلمة، وعدم الطغي على الحقوق؛ نظرًا لمكانة القاضي القوية، ومنزلة الشيخ المؤثرة في المجتمع.


[*]حسن معاملة الدول الإسلامية للبلاد المفتوحة، سواء في السلم أو الحرب، الأمر الذي يرفع شأن هذه الدول ويسهل دخول الآخرين في الإسلام.


[*]الأسر المشردة نتيجة الحروب، حيث كانت الدول الإسلامية تأخذها وتحسن رعايتها وتعامل الأبناء فيها بأفضل معاملة، وأخرجت من بينهم جيشًا قويًا على عقيدة صحيحة.


[*]توافق الإسلام وأحكامه مع الفطرة السليمة والطبائع البشرية النظيفة، ولذلك ستجد في عادات الأتراك كثيرًا من أحكام الإسلام، الأمر الذي جعل دخولهم الإسلام أمرًا ميسورًا وسهلًا؛ لأنهم وجدوا من يخاطب عقلهم وقلبهم وعاداتهم الفطرية السليمة.


[/list]


وقد أردنا أن نوضح هذه النقاط في عجالة؛ نظرًا لأن البعض يسند مسألة إسلام العثمانيين إلى أمور في غير نصابها، وكذلك من باب رفع الظلم، بل وأوجزنا أسباب دخول الأتراك وغيرهم للإسلام لنعلم أسباب عزوف الكثير في أيامنا هذه عن الإسلام؛ فالأمور معكوسة تمامًا؛ فالمسلمون اليوم في شتات وتشرذم وضعف وهوان على الناس، بل وحكامهم أذلّة لدى الغرب الذي يرفع أصواته عليهم عيانًا بيانًا، ويعلن بكل فخر أن الحكام العرب ضعفاء بدون حماية الغرب!
فأي مهانة هذه التي وصلنا إليها؟ وأي ذل ذلك الذي نحن فيه؟ وأي مستوى علمي انحدرنا إليه؟ وأي تخلف اقتصادي نعيش فيه؟ وأي مستوى صحي واجتماعي وأخلاقي ينحدر بنا؟ ثم نتساءل: لماذا يبتعد الغرب عن الإسلام؟! باختصار شديد، فقد كانت هناك صورة مشرفة للإسلام وأهله قديمًا تشجع على الدخول فيه رغم كل الصراعات والحروب التي خاضتها الدول الإسلامية التي كانت ترفع رايات الجهاد عالية خفاقة، بينما الآن ونحن في سلم وهمي كاذب وبدون حروب مباشرة، نعيش في ذل وهوان، أي كغثاء السيل. قال رسول الله صل الله عليه وسلم:
اقتباس :
«يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها»، فقال قائل: ومِن قلة نحن يومئذ؟ قال: «بل أنتم يومئذٍ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن»، فقال قائل: يا رسول الله وما الوهن ؟ قال: «حب الدنيا، وكراهية الموت» [10].


وها هو رسول الله صل الله عليه وسلم يصف حالنا وعلاجه في قوله عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قَالَ:
اقتباس :
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ) [11].






المصادر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 ماذا كانت عقيدة العثمانيين الأوائل؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: ماذا كانت عقيدة العثمانيين الأوائل؟    ماذا كانت عقيدة العثمانيين الأوائل؟ Emptyالجمعة 22 مارس 2019, 11:06 pm

ماذا كان بداخل (وصية عثمان بن ارطغرل) والتي بسببها سيطر أولاده على العالم كله لمدة 600 عام











أبو الملوك "عثمان بن أرطغرل" مؤسس الدولة العثمانية



كثيرون هم من استطاعوا أن يُسّطروا عناوين النصر والمجد في حياتهم، ولكن قليلون من تمكنوا أن يورثوا هذه الأمجاد لأبنائهم، بل جعل هذا المجد ميراثا في ذريته على مدى قرون عديدة، نتحدث هنا عن القائد العثماني عثمان بن أرطغرل مؤسس الدولة العثمانية.
نتعرف في هذا التقرير على سيرة وحياة  أَبُو المُلُوك، السُّلطان الغازي عُثمان خان الأوَّل بن أرطُغرُل بن سُليمان شاه القايوي التُركماني.
اسمه عثمان بن سليمان شاه التركماني، المعروف بعثمان الأول، والذي يرجع نسبه إلى التركمان النزالة، الرحالة من طائفة التتار والمغول.
يعتبر عثمان الأول، مُؤسس السُلالة العُثمانيَّة التي حكمت البلقان، والأناضول، والمشرق العربي، وشمال أفريقيا طيلة 600 عام، إلى أن انتهت عقب إعلان قيام الجُمهوريَّة التُركيَّة سنة 1922م.
كما أن عثمان كان قد شغل منصب زعيم عشيرة "قايى" التُركيَّة، وعامل سلاجقة الروم على إحدى إمارات الثُغور الأناضوليَّة.
 ماذا كانت عقيدة العثمانيين الأوائل؟ 111_2
وُلد عُثمان الأوَّل في بلدة  "سوغوت" Sogud" التابعة للأناضول" سنة 656هـ المُوافق سنة 1258م، ووالده هو الأمير أرطُغرُل الغازي، وكان عامل سلاجقة الروم على إحدى الثُغور المُطلَّة على بحر مرمرة.
وصُودف أن يُولد عثمان في ذات اليوم الذي سقطت فيه مدينة بغداد في أيدي التتار، وكانت عاصمة الدولة العبَّاسيَّة، وحاضرة الخِلافة الإسلاميَّة، أي كانت الأمة الإسلامية في حالة ضعف، وتسلط من أعدائها، فنشأ 'عثمان' محبًا للجهاد، مشحونًا بالإيمان، تشتعل بداخله رغبة عارمة في استعادة أمجاد المسلمين، والانتقام من أعداء الإسلام.
وكان 'عثمان' ملازمًا لأبيه أرطغرل في جهاده ضد الصليبيين، وأيضا ملازما لأحد علماء الدين الصالحين الورعين، واسمه الشيخ 'إده بالي' القرماني، والذي تعلم على يديه، وتزوج ابنته "مال خاتون" بعد ذلك.
وتولّى عُثمان شؤون إمارة "قايي"، وزعامة العشيرة التركمانية، بعد وفاة والده أرطغرل، فأخلص الولاء للسلطنة السُلجوقيَّة، على الرُغم مما كانت تتخبَّط فيه من اضطراب، وما كان يتهدَّدها من أخطار.
وقاد عثمان قبيلته، وواصل بها غزواته، حتى فتح قلعة "قره" سنة 688 هـ، الموافقة سنة 1289م، وبعدها منحه السلطان السلجوقّي علاء الدين لقب "بيك"، وأقطعه جميع الأراضي التي فتحها، وأجاز له ضرب العملة باسمه، وأن يذكر اسمه في خطبة الجمعة.
وتابع فتوحاته، ففتح مدن "اينه كولي" و"يني شهر" و"كوبري حصار" و"بلجك" وغيرها.
وفي سنة 1295م، شرع عُثمان بمُهاجمة الثُغور"البيزنطيَّة" باسم السُلطان السُلجوقي علاء الدين، وباسم الخليفة العبَّاسي، ففتح عدَّة حُصون، وقاد عشيرته إلى سواحل بحر مرمرة، والبحر الأسود.
 ماذا كانت عقيدة العثمانيين الأوائل؟ 222_0
وحين تغلَّب المغول على سلاجقة الروم، وقضوا على دولتهم، تسلم عثمان مقاليد الحكم والسلطنة،، فقد حصل أن هاجم المغول في عام 1300م مدينة "قونية"، وقتل أثناء تلك الهجمة السلطان "علاء الدين"، وابنه "غياث الدين"، ولم يكن هناك من يخلفه غير عثمان لقدرته وكفاءته، فانفتح بذلك أمامه عهد الحكم، واستأثر بجميع الأراضي، ولقب بـ"بادي شاه آل عثمان"، وجعل مقر ملكه مدينة "يني شهر" أي المدينة الجديدة، وأخذ في تحصينها وتحسينها.
وقيل: إنه لما مات السلطان علاء الدين السلجوقي في قونية، ولم يكن له ذرية، اجتمع الوزراء والأعيان، وقرروا أنه لا يليق للسلطنة سوى عثمان "الغازي"، فعرضوا عليه هذا الأمر، فأجاب طلبهم، فكان بذلك المُؤسس الحقيقي لِدولةٍ تُركيَّةٍ كُبرى نُسبت إليه فيما بعد، فعُرفت «بالعُثمانيَّة».
وواصل عثمان توسيع دائرة الفتوحات الإسلامية، وأرسل إلى جميع أمراء الروم ببلاد آسيا الصغرى، يخيرهم بين ثلاثة أمور، الإسلام أو الجزية أو الحرب، فأسلم بعضهم وانضم إليه، وقبل بعضهم بدفع الجزية له، اما الباقون هيأ جيشه لمحاربتهم.
وكانت سياسة عثمان في توغله داخل الدولة البيزنطية قائمة على: مواجهة كل إقليم على حدة، واتباع أسلوب الحصار طويل المدى، ثم إقامة الحاميات العسكرية في المناطق التي يتم فتحها، ليضمن عدم تمردها عليه، ثم نشر الإسلام بين أفرادها، فضلا عن المعاملة الحسنة التي كان يعامل بها أهل كل منطقة، بعد أن تسقط في يده.
وأسس أول أسطول عثماني في "كرامرسل"، ويقع في جنوب خليج أزميت، ولكنّ المرض أنهكه خلال حصار مدينة "بورصا"، فترك الولاية والإدارة لابنه أورخان، وهو ثاني أولاده، بعد أن رآه أفضل وأكثر تهيُئًا لِزعامة الإمارة، وقيادة الدولة من أخيه الأكبر علاء الدين، الذي اتصف بالورع الديني، وميله إلى العُزلة .
وتوفي عثمان بسبب مرض المفاصل "النقرس" عام  1324م، حيث قضى في السلطنة ما بين 26 و27 سنة، ودفن بداية في "سوغوت"، ولكن وبعد أن تم فتح مدينة بورصة، تم تنفيذ وصيته ودفن فيها.
 ماذا كانت عقيدة العثمانيين الأوائل؟ 124
واشُتهر عُثمان الأوَّل ببساطة العيش والملبس، لِتأثره بِمُعتقدات الدراويش الصوفيَّة، وكان بعيدًا عن الترف والبذخ، وكان يعتبر أنَّ الأموال والغنائم من حق الناس أجمعين، وليست حكرًا على الأُمراء، فحافظ على نمط حياته كشيخٍ لِعشيرة "قايى"، وحافظ على التقاليد التُركيَّة القديمة التي تحكم العلاقة بين الشيخ وأفراد العشيرة، وهي تقاليد سابقة على الإسلام لم يهجرها التُرك، كونها تنسجم مع تعاليم الشريعة الإسلاميَّة.
وكان من جملة ما جاء في وصيته لابنه قوله: "يا بني! إياك أن تشتغل بشيء لم يأمر به الله رب العالمين، وإذا واجهتك في الحكم معضلة فاتخذ من مشورة علماء الدين موئلًا، يا بني! أحِط من أطاعك بالإعزاز، وأنعم على الجنود، ولا يغرنك الشيطان بجندك وبمالك، وإياك أن تبتعد عن أهل الشريعة، يا بني: إنك تعلم أن غايتنا هي إرضاء الله رب العالمين، وأن بالجهاد يعم نور ديننا كل الآفاق، فتحدث مرضاة الله جل جلاله، يا بني لسنا من هؤلاء الذين يقيمون الحروب لشهوة حكم أو سيطرة أفراد، فنحن بالإسلام نحيا وللإسلام نموت، وهذا يا ولدي ما أنت له أهل"
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 ماذا كانت عقيدة العثمانيين الأوائل؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: ماذا كانت عقيدة العثمانيين الأوائل؟    ماذا كانت عقيدة العثمانيين الأوائل؟ Emptyالجمعة 22 مارس 2019, 11:09 pm

دراسة: النظام الاجتماعي في الدولة العثمانية




سوف تتناول هذه الدراسة موضوع مظاهر الحياة الاجتماعية في الدولة العثمانية تلك الدولة التي توسعت في أرجاء الأرض، وضمت بين رعاياها العديد من الشعوب، والعرقيات المختلفة، والمتنوعة في الأديان، واللغات والعادات والتقاليد والتفاوت الطبقي والمعرفي والتنوع الثقافي الذي أثر  وتأثر في تعدد وتميز وتنوع الحياة الاجتماعية في هذه الدولة التي توسعت على حساب قارت العالم القديم – آسيا، وإفريقيا، و أوربا – وهو ما جعل الحياة الاجتماعية من التنوع، والازدهار والرقي من عوامل ازدهار الدولة وتميز علاقاتها الاجتماعية والدينية، وأثر في امتزاج هذا التنوع الذي انعكس على مظاهر العمران والصناعة والزراعة، وعلى تنوع وتشابك هذه المظاهر الذي كان عمل في ازدهارها ونموها في فترة القوة والازدهار وربما ساهمت بعض المظاهر في ضعفها، و تفككها وربما هدمها والقضاء عليها في فترة الضعف.
وسوف تركز هذه الدراسة على نوع العلاقات الاجتماعية المتمثلة في محاولة الاطلاع والإجابة على تساؤل يمثل مشكلة البحث وهو هل المجتمع العثماني مجتمع طبقي؟ وماهي مظاهر الطبقية إن وجدت؟ ودور الأعيان والوجهاء؟ ودور المؤسسة العسكرية وتأثيرها في الجانب الاجتماعي في المجتمع العثماني. كما ستتناول الدراسة السكان والحرف والمدن وتأثرها في العلاقات الاجتماعية دورها في تشكيل الهوية التركية.
وهذه الدراسة ستتكون من مقدمة، وست مباحث وخاتمة وقائمة للمراجع التي سوف نستعين بها كمراجع ساهمت في إثراء الدراسة وتعزيزها وتوثيق معلوماتها.
وسوف نتبع منهجية طرح المعلومات وعرضها للتحليل والنقد بغية الوصول إلى الحقيقة التاريخية المجرة البعيدة عن الأحكام المسبقة، أو التأثر بتوجه، أو ميول؛ فغرض البحث هو الحقيقة التاريخية كما وقعت في الحقيقة كما هي دون زيادة أو نقصان، ودون تحريف أو تزييف.
أن دراسة تاريخ الدولة العثمانية بصفة عامة من الصعوبة بمكان؛ من حيث المدة الزمنية التي تخللت قيام وتوسع هذه الامبراطورية في قارات العالم القديم الثلاث؛ وطيلة الفترة الزمنية التي امتدت من القرن الثالث عشر ميلادي إلى القرن العشرين أي زهاء السبعة قرون من الزمن وهي فترة طويلة جداً.
والصعوبة تزداد في دراسة النظام الاجتماعي في هذه الدولة المترامية الأطراف المتنوعة الأعراق والأجناس واللغات والأديان؛ فهو بحر لجي حتمت ظروف البحث علينا ولوجه وخوض غمارة وإن كنا في بداية خطواته. وذلك لحساسية ودقة الموضوع.
وبما أن المجتمع العثماني بهذا الاتساع والتنوع والثراء الاجتماعي فإننا سوف نتابع المظاهر الاجتماعية فيه بحسب مباحث مقسمة على الظواهر أو المسميات الاجتماعية التي كان لها تأثير مباشر وكبير على المجتمع التركي في حياته اليومية وعلى المستوى الرسمي للدولة.


لتحميل الدراسة كاملة 

https://up.top4top.net/downloadf-1176kzg9b1-pdf.html

النظام الاجتماعي في الدولة العثمانية


https://tipyan.com/wp-content/uploads/2017/09/%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B8%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AB%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9.pdf























الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 ماذا كانت عقيدة العثمانيين الأوائل؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: ماذا كانت عقيدة العثمانيين الأوائل؟    ماذا كانت عقيدة العثمانيين الأوائل؟ Emptyالجمعة 22 مارس 2019, 11:15 pm

 أثر التغريب في تحولات الأخلاق الاجتماعية في آخر العهد العثماني





 ماذا كانت عقيدة العثمانيين الأوائل؟ Mark_Sykes00




ميزان الأخلاق في آخر العهد العثماني:


جاء في المادة رقم 170 من مجلة الأحكام العدلية، وهي القانون المدني العثماني الذي صدر في النصف الثاني من القرن التاسع عشر:
اقتباس :
يشترط أن يكون الشاهد عدلاً، والعدل من كانت حسناته غالبة على سيئاته، بناء عليه لا تقبل شهادة من اعتاد حالاً وحركة تخل بالناموس والمروءة كالرقاص

وفي شرح هذه المادة عدّد سليم رستم باز ما يبطل عدالة الشاهد ومن أطرف ما ذكره:
[list="font-family: Greta; text-align: right; background-color: rgb(255, 255, 255); box-sizing: border-box; margin-bottom: 1rem; padding-right: 0px; list-style: none; color: rgb(51, 51, 51); margin-top: 10px !important; line-height: 28px !important;"]
[*]من كانت عادته شتم الدواب “الشتّام للحيوان كدابته”
[*]من يأكل في السوق بين الناس ومن أكل فوق الشبع سقطت عدالته عند الأكثر

[/list]

بعد قراءة المادة السابقة نرى فرقاً شاسعاً بين زمن ردت فيه شهادة الرقاص وزمن أصبحت فيه الراقصة هي النموذج المحتذى والأم المثالية. كما نرى الفرق الشاسع بين الإنسجام الإجتماعي في العهد العثماني والذي جعل وجيهاً مسيحياً يعلّم المسلمين قانونهم من كتب فقههم، وبين التوترات الطائفية الدموية زمن دولة التجزئة حيث لا يتقبل المسلمون بعضهم بعضاً.
وبعد قراءة مسقطات العدالة آنفة الذكر يحق لنا التساؤل ببراءة: كم واحد منا تقبل شهادته وفقاً لموازين العثمانيين، وإذا كانت تلك هي موازين الأخلاق في زمن التراجع والهزيمة، فما هي موازين زمن القوة والانتصار؟! بالطبع لا نتوقع أن يكون الناس في ذلك الزمن منطبقين على هذا المثل الأعلى، ولكن كيف تحول هذا المثل فيما بعد؟ وما الذي أتت به تطورات التغريب؟
 

شهادة السير مارك سايكس على أيام الانقلابيين على السلطان عبد الحميد (1913):


زار السير مارك  سايكس عاصمة الخلافة الإسلامية مرات عديدة بعد ثورة جمعية الاتحاد والترقي على السلطان عبد الحميد (1908)، وقبل أن يتورط في تقسيم المشرق العربي مع زميله الفرنسي جورج بيكو، ومع الفائدة التي يمكن تحصيلها من آرائه، فإنه يجب الحذر أثناء القراءة، وهذه بعض أقواله عن سنوات الانقلاب:
اقتباس :
بدلاً من الحكومة الدينية، والهيبة الإمبراطورية والتقاليد، حل الإلحاد والتطرف والمادية، وبذهاب النظام القديم ذهب القصر وجواسيسه ومؤامراته وإرهابه وسريته، ومع النظام الجديد أتت الجمعيات السرية، والمحافل، وأيمان الولاء، والاغتيالات، والمحاكمات العسكرية، والسياسات الغريبة والغامضة.
في ساعة من الزمن، تغيرت القسطنطينية، انتهى في لحظة الإسلام كما يفهمه علماء الدين وكما يوعظ به في المساجد، وأيضاً كما كان دعماً أخلاقياً للناس، وحافزاً وملهماً للجيش، أما الخلافة ورجال الدين والقرآن، فقد توقفوا عن السيطرة والإلهام .

“وقد أصبح التركي الرزين يشرب الخمر، والجندي المخلص أصبح متمرداً ، وصار الدين عرضة للسخرية والاحتقار، وكل فكرة غير أخلاقية التقطها منفيو عبد الحميد من قيعان الأحياء الفقيرة في عواصم أوروبا تفجرت وتفشت وانتشرت، العروض السينمائية الرديئة والخليعة والكفرية، وبيوت الدعارة امتلأت حتى فاضت، والنوادي التي تختلط فيها السياسة بالرذيلة، والمطبوعات البذيئة والصور غير المحتشمة غمرت المدينة (أي إسطنبول).
“الفوضى المتحررة من الأخلاق على طريقة قطاع الطرق في حي الفنانين في باريس، الإرهاب الشرير للكاربوناري في البرتغال، المثالية المدمرة للثورة الفرنسية، النظريات غير المفهومة لسبنسر ونيتشة وهارتمان، والهيمنة المضرة للماسونية المنحرفة، اختلطت وتخمرت معاً لتنتج خليطاً غريباً من السلبيات التي حلت محل نفوذ الخلافة المنهارة”.
 

النتيجة:


هذه هي قيمة التغريب في نظر سادته الغربيين ومازال منذ بداياته يلتقط نفاية الحضارة الغربية ويجلبها إلينا، فهل سيكذّب المتغربون معلميهم الذين ربوهم وأرضعوهم وأرسلوهم إلى بلادنا؟ “من السهل فهم السبب في أن القسطنطينية تغيرت جوهرياً وليس سطحياً، فقد انتهت الشرور القديمة، هذا صحيح، ولكن شروراً جديدة أتت، بالإضافة إلى أن الفضائل القديمة تموت، اذهب حيثما شئت في المدينة فلن تجد علامة على الأمل أو النماء” .
ومازال هذا دأبنا منذ ذلك اليوم إذ تم التغيير، نعم، ولكن إلى الأسوأ وليس نحو الأفضل، وللتغريب في سبب ذلك النصيب الأوفر.
 

المصادر:


– المرجع: سليم رستم باز اللبناني، شرح المجلة، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1986، ص 1039-1041.
– Sir Mark Sykes, The Caliphs’ Last Heritage: A Short History of the Turkish Empire, Garnet, UK, 2002, p. 508- 509.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 ماذا كانت عقيدة العثمانيين الأوائل؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: ماذا كانت عقيدة العثمانيين الأوائل؟    ماذا كانت عقيدة العثمانيين الأوائل؟ Emptyالجمعة 22 مارس 2019, 11:17 pm

الخلافة والدستور بين أتاتورك وأردوغان: نموذج أتاتورك





 ماذا كانت عقيدة العثمانيين الأوائل؟ %D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D8%A3%D8%AA%D8%A7%D8%AA%D9%88%D8%B1%D9%83-%D9%88%D8%A3%D8%B1%D8%AF%D9%88%D8%BA%D8%A7%D9%86





كيف نظر المسلمون إلى الخلافة والحكم منذ وفاة الرسول؟

منذ وفاة الرسول صل الله عليه وسلم لم يجرؤ أحدٌ من الخلفاء بعده، وعلى مدى أكثر من ثلاثة عشر قرن من الزمن، على وضع قوانين من غير شريعة الإسلام. فرغم احتدام صراع دامي على منصب الخليفة، إلا أن الاختلاف لم يتجاوز قط الصراع على اعتلاء كرسي السلطة إلى اختلاف في وجوب الحكم بما أنزل الله في كل شؤون الحياة.

  • مرحلة ضعف الدولة العباسية



كما أنه لم يشك أحدٌ قط في وجوب بيعة خليفة كإمام واحد لجميع المسلمين في الأرض. فحتى لما ضعفت الدولة العباسية واستقلت عدة إمارات بحكم ذاتي، لم يجرؤ أحدٌ من الأمراء على ادعاء أنه الخليفة أو على المطالبة بإلغاء الخلافة، بل رغم الحكم الذاتي حافظوا على تبعية ولو رمزية للخليفة وكان يُدعى له على المنابر في غالب الإمارات، ولم يمنعوا المسلمين من التنقل بحرية بن الإمارات المختلفة والإقامة أينما شاءوا دون حاجة لتأشيرة.

  • الشيعة البويهيين



وحتى الشيعة البويهيين لما استولوا على العراق وعاصمة الخلافة العباسية بغداد من سنة 945م إلى 1055م لم يتجرأوا على إسقاط الخلافة السُّنية، بل أعلنوا أنفسهم حماة للخليفة العباسي. ونفس الموقف اتخذه السلاجقة لما قضوا على البويهيين في العراق ودخلوا بغداد سنة 447هـ/1055م، فلم يتجرأوا على المساس بالخليفة، بل جعلوا أنفسهم حماة له!

  • عبد الرحمن الداخل



بل وحتى عبد الرحمن الداخل، وهو الذي أفنى العباسيون أسرته الأموية الحاكمة وقضوا على ملكها، وكان عبد الرحمن عدوهم اللدود وحاولوا قتله، لم يجرؤ على إعلان الخلافة في الأندلس بعدما تمكن من الملك عليها، بل سماها إمارة فقط وحمل لقب الأمير وليس الخليفة.

  • بعدما قضى المغول على الدولة العباسية



ولما قضى المغول على الدولة العباسية في بغداد سنة 656م/1258م وقتلوا الخليفة العباسي المستعصم بالله ومُزِّقت بلاد الإسلام، ما لبث أن سارع المسلمون عند أول فرصة استعادوا فيها شيئا من قوتهم وجمْعِ شملهم ليبايعوا في القاهرة من البيت العباسي المستنصر بالله خليفة سنة 1262م.

  • فتح القسطنطينية



وهكذا حرص المسلمون على الحفاظ على الخلافة مهما ضَعُفت وتشرذمت بلدانها، إلى أن مَكَّن الله لآل عثمان أن يفتحوا القسطنطينية ويقضوا على الإمارات الإسلامية الضعيفة المتفرقة المتناحرة ويوحدوا من جديد بلاد الإسلام تحت سلطان واحد قوي ذا سلطة وسيادة حقيقية، سليم الأول، ليتنازل له آخر خليفة عباسي، المتوكل على الله الثالث، عن الخلافة سنة 1517م، ولتعود من جديد السلطة بيد الخليفة كما شَرَّعَ الله ورسوله، فتوالى منذ ذلك العهد السلاطين العثمانيون على منصب الخلافة حتى سقوطها رسميا سنة 1924م.

الشريعة واستعمال خليفة على المسلمين

فقد كان إجماع عند المسلمين، منذ عهد الصحابة وعلى مدى ثلاثة عشر قرن من الزمن، على أمرين مهمين لم يكونا أبداً محل جدال ونقاش أو مساومة:
[list="box-sizing: border-box; margin-bottom: 1rem; text-align: justify; padding-right: 0px; list-style: none; color: rgb(51, 51, 51); font-family: Greta; background-color: rgb(255, 255, 255); margin-top: 10px !important; line-height: 28px !important;"]
[*]الشريعة الإسلامية وحدها التي تنظم حياة المسلمين وعلاقاتهم وعلاقة دولة الخلافة مع دول العالم!
[*]لا يجوز خلو الأمة الإسلامية من خليفة واحد يبايعونه، يجمع شمل المسلمين كافة تحت قيادة سياسية واحدة موحدة، ولذلك قال الفقهاء أن الخلافة هي رئاسة عامة للمسلمين جميعا في الدنيا لإقامة أحكام الشريعة الإسلامية!

[/list]
وقد أدرك الكفار وعلى رأسهم الغرب أهمية هاتين النقطتين، فعَلِمُوا أن القضاء على الإسلام وإخضاع المسلمين وبلدانهم لهيمنة الغرب لا يتحقق إلا بقلع منظومة التشريع الإسلامي في بلاد المسلمين واستبدالها بمنظومة تشريعية غربية علمانية. فالقوانين هي التي تحدد سياسات الدول، وتحدد مدى قدرة تبلور قوة اقتصادية وعسكرية، وتضع معيارًا يُحدَّد على أساسه الدول “الصديقة” من العدوة.
والقوانين والتشريعات هي التي تبني هوية الشعوب وميولات الناس وتصيغ ولاءاتهم العقائدية والسياسية. فإن طُبِّقت أحكام الكفر على المسلمين، ابتعدوا عن الإسلام وجهلوا أحكامه وضعف إيمانهم وتميعت أفكارهم، ولم يصبح ولائهم لله وللأمة الإسلامية بل للغرب صاحب القوانين المفروضة عليهم.
اقتباس :
وباستبدال قوانين الغرب بدلا من الشريعة الإسلامية، تندثر بداهة كل الأحكام المتعلقة بالخلافة وبوجوب وحدة المسلمين في دولة واحدة، وتسقط الخلافة ويستقر تشتيت الأمة الإسلامية إلى دويلات، وتظهر الروابط الوطنية والعرقية بدلا من رابطة الإسلام!

محاولة تأثير الغرب على منظومة التشريع لتشتيت الأمّة

وهذا هو ما حاول الغرب بكل الوسائل تحقيقية بقوة ابتداء من القرن التاسع عشر ميلادي حين ضعفت الدولة العثمانية. إلا أن محاولة تأثير الغرب في منظومة تشريع الدولة العثمانية لصالحه بدأت ولو بشكل محدود، ولأسباب غير مفهومة في قمة قوة الدولة العثمانية، مثلا عبر معاهدات “الامتيازات الأجنبية” التي أبرمتها الدولة العثمانية منذ عهد السلطانسليمان القانوني (منذ بدايات القرن السادس عشر ميلادي) مع عدة دول أوروبية، منها معاهدة الامتيازات الفرنسية سنة 1532م ومعاهدة الامتيازات البريطانية سنة 1580م.
وَمِمَّا تضَمَّنت هذه الامتيازات، حرية رعايا تلك الدول الغربية في التنقل والإقامة في أراضي الدولة العثمانية الواسعة وممارسة التجارة فيها وعبور أراضيها، وحصانة قضائية، فلا يحاكم رعاياها في المحاكم الشرعية للدولة العثمانية المقيمين فيها بل أمام قنصلية بلادهم، ووفقا لقانون بلادهم في معظم القضايا.

الامتيازات الأجنبية وإملاء الشروط

ومع تآكل قوة الدولة العثمانية بدأت الدول الغربية تتوسع في تأويل بنود معاهدات “الامتيازات الأجنبية” وتتخذ منها ذريعة لتفرض كل دولة غربية حقها في رعاية مصالح أهل الذمة (ليسوا مواطنين غربيين) في الدولة العثمانية من النصارى من أتباع مذهبها، فلا يحاكمون مثلا أمام محاكم شرعية بل حسب قوانين غربية ومن قِبَل قنصليات وقضاة الغرب، فيرعى مثلا الفرنسيون مصالح موارنة لبنان، وترعى بريطانيا مصالح النصارى “البروتستانت” وفي مرحلة لاحقة مصالح اليهود في فلسطين، وترعى روسيا مصالح النصارى الأرثوذكس (حسب معاهدة “كيتشوك كاينارجي” لسنة 1774م).
اقتباس :
فتحولت معاهدات الامتيازات إلى أداة لتدخل الدول الغربية المباشر في السياسات الداخلية للدولة العثمانية وتقييد سلطانها، ولتمكين عملاء الغرب وأنصاره و”الأقليات” الغير مسلمة والبعثات التبشيرية من الحصانة القانونية.
ومارست دول الغرب مزيدا من الضغوطات على الدولة العثمانية، وأخذت من المفاوضات التي صاحبت أو تخللت حروبها مع الدولة العثمانية، بوابة لوضع شروط لا علاقة لها بالحرب والسلم والسلام، شروط تقضي بِـ “تطوير” منظومة الدولة العثمانية القانونية والجزائية الخ (تماما كما يفعل الغرب اليوم في مفاوضات آستانا وجنيف).
فلم تكتفي دول الغرب بأن يحاكم غير المسلمين في محاكم “مدنية” غربية، بل تطور الأمر ليتم تأسيس “محاكم مختلطة” تقضي في قضايا المسلمين وغير المسلمين حسب قوانين مستقاة من القوانين الغربية وعلى رأسها القوانين الفرنسية، ويتكون قضاتها من خليط من مسلمين وفرنسيين وألمان وبريطانيين.
 ماذا كانت عقيدة العثمانيين الأوائل؟ %D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%AB%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AC%D9%86%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AB%D9%85%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%B3%D8%A8%D9%8A%D9%84-%D9%84%D9%86%D9%87%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%B1%D9%88%D8%A7%D8%AA

الحداثة الدستورية

ولم تكتفي دول الغرب بفرض قوانين غربية داخل الدولة العثمانية، بل أصَرُّوا أيضاً على وضع دستور ديمقراطي علماني. وكانت أحدُ الخطوات الأولى نحو “الحداثة” الدستورية، إشراف مدحت باشا، أحدُ عملاء الغرب وقد كان وزيرا للعدل ولاحقا صدر أعظم ومتأثرا بالثقافة والنظم السياسية الغربية، على وضع دستور من 119 مادة سنة 1876م (تحت اسم “القانون الأساسي للدولة العثمانية”).
فسعى هذا الدستور إلى تحويل نظام الخلافة “نسبيا” إلى ملكية دستورية يصبح فيها التشريع منوطا بهيئتي الأعيان والمبعوثان. هيئة الأعيان تعين من السلطان. وهيئة المبعوثان تُنتخب من قِبَل الشعب، وتحتاج القوانين التي يقرها المجلسين (الهيئتين) لمصادقة الخليفة لتصبح نافذة. ويُناط بالمجلسين وضع ميزانية الدولة السنوية، وتَضَمَّن الدستور الحرية الشخصية للأفراد، وجُعلت اللغة التركية هي اللغة الرسمية للدولة. واقتداءً بفكرة ومعايير الوطنية الغربية، نص الدستور على تسمية كل رعايا الدولة بِـ “العثمانيين” بغض النظر عن دياناتهم، وأُدرج في الدستور لأول مرة مصطلح “دين الدولة هو الإسلام”!
لكن تم تعليق العمل بهذا الدستور سنة 1888م على يد الخليفة عبد الحميد الثاني، وأعيد العمل به عقب الانقلاب الذي أطاح بعبد الحميد سنه 1908م.

جناية أتاتورك في حق الأمّة

وبعد انهزام الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى وبروز نجم: «مصطفى كمال أتاتورك» بفضل سياسة تلميعه من قِبَل الغرب، وإبرام معاهدة لوزان المذلة سنة 1923م التي أسفرت عن قيام دولة تركية وطنية لا علاقة لها بباقي البلدان الإسلامية التي اقتُلِعت بالقوة من الدولة العثمانية، بعد هذا كله أعلن مصطفى كمال إلغاء الخلافة سنة 1924م وأصدر في نفس السَّنة دستورا جديدا جعل من تركيا جمهورية برلمانية علمانية أنيطت فيها السلطات التشريعية والتنفيذية بيد الجمعية الوطنية الكبرى (البرلمان)، حيث تختار الجمعية الوطنية رئيس الدولة، ويعين أتاتورك رئيسًا الوزراء، ويختار رئيس الوزراء وزراء الحكومة. والمجلس الوطني هو الذي يضع القوانين. إلا أن السلطة الفعلية وشبه المطلقة كانت لمصطفى كمال، فقد كان مصطفى كمال أتاتورك قائداً عاماً للقوات المسلحة ورئيس حزب الشعب الجمهوري، الحزب الوحيد المرخص في جمهورية تركيا لغاية 1950م.
 ماذا كانت عقيدة العثمانيين الأوائل؟ %D8%AA%D8%A7%D8%AA%D9%88%D8%B1%D9%83

دستور تقنين الكفر البواح

وفِي صدام مباشر مع طبيعة وميول ودين غالبية شعب تركيا المسلم، سارع مصطفى كمال أتاتورك لِسَنّ قوانين وإصدار قرارات تمحي الإسلام من الحياة العامة والسياسية في تركيا وتفصل المسلمين في تركيا عن عهدهم الحديث والوطيد بالخلافة والإسلام.

  • ففي سنة 1924م تم سَنّ قانون يجعل السبت والأحد عطلة نهاية الأسبوع، بدلا من الجمعة، تَبَعًا لنظام العمل في الدول الغربية (أيام العمل من الاثنين إلى الجمعة).
  • وسنة 1925م تم تبني التوقيت الأوروبي وتقويم التاريخ الميلادي. وتم فرض القبعة الأوروبية ومنع الطربوش العثماني، واعتماد اللباس الأوروبي.
  • وسنة 1926م تم الإلغاء الرسمي لما تبقى من أحكام الشريعة، فأُلْغِيَّ العمل بمجلة الأحكام العدلية” وتم تبني قانون العقوبات الإيطالي والقانون المدني السويسري. فتم حظر الحجاب وأُجبرت النساء بقوة القانون على السفور والتبرج، وحُدِّدت عقوبة للزوج أو الأقارب إذا ضُبطت إحدى نسائهم محجبة.
  • ومُنع تعدد الزوجات، ورُفعت عقوبات الردة فيجوز الخروج من ملة الإسلام، ويجوز للمسلمة الزواج من كافر.
  • وتم تسوية حق النساء والرجال في الميراث، وإيجاز زواج الأخ والأخت من الرضاعة، وإلحاق أبناء الزنا بالأب الذي زنا بأمهم، وغيره الكثير من قوانين الكفر البواح!
  • وسنة 1928م تم حذف العبارة الرمزية “الإسلام هو دين الدولة التركية” من المادة الثانية للدستور.
  • وفي سنة 1937م تم إدراج مبدأ “علمانية الدولة” في المادة الثانية لدستور الجمهورية التركية.


فالذي حصل في تركيا بقيادة مصطفى كمال أتاتورك ومساندة الغرب، هو انقلاب عسكري وسياسي وثقافي وعقائدي على الأمة الإسلامية قاطبة من الهند إلى شمال أفريقيا، وليس على أهل تركيا المسلمين فحسب. فالغالبية الساحقة في تركيا (وباقي العالم الإسلامي) كانوا مسلمين وليسوا علمانيين، وكان الإسلام متأصل في قلوبهم ووجدانهم منذ مئات السنين، والمسلمون من كل بقاع العالم الذين ناصروا أتاتورك قبل اعتلائه رئاسة تركيا، فعلوا ذلك ليس لرغبتهم في العلمانية، بل لأنهم ظنوا فيه مُعيدا لمجد الإسلام ومُحيِيًّا للخلافة، وهذا ما تشخصه مثلا بعض الأبيات من شعر احمد شوقي التي قال فيها:
اقتباس :
اللَهُ أَكبَرُ كَم في الفَتحِ مِن عَجَبٍ *** يا خالِدَ التُركِ جَدِّد خالِدَ العَرَبِ
وَلا أَزيدُكَ بِالإِسلامِ مَعرِفَةً *** كُلُّ المُروءَةِ في الإِسلامِ وَالحَسَبِ
(المعني بـ “خالد الترك” هو مصطفى كمال).

انقلاب على الأمة الإسلامية

لكن مصطفى كمال أتاتورك كان عنده حقد عميق على الإسلام واحتقار للمسلمين، كان يقدس الغرب وحضارته، ودرجة تقديسه للغرب يمكن استقرائها في أحد مقولاته حين ألغى الحروف العربية من اللغة التركية، حيث قال: [إننا اعترفنا بوجوب اتخاذ جميع أسلحة الغرب المدنية، فيجب علينا أن نكون منصفين في اتباع الطريق المؤدية إلى خيرنا، وبخاصة فيما يتعلق بلغتنا، فقد أخذنا عن الشرق عاداته ولغته وأحرفه، فلم نستفد مما أخذنا إلا الرجوع إلى الوراء والتقهقر المتتابع في عاداتنا وأخلاقنا، لذا يجب علينا أن نطرح عنا جانبا الأحرف العربية ونستبدل بها أحرفا لاتينية، فنضمن إذ ذاك رقينا وتقدمنا، ونخلص لغتنا من السقوط، وننشرها في أركان العالم الأربعة ونتربع بوساطتها وسط الترقي والتمدن](ا.هـ).
اقتباس :
فلما تَمَكَّن مصطفى كمال أتاتورك من السلطة انقلب على الأمة الإسلامية وألغى الخلافة ووضع قوانين الكفر بدلا من الأحكام الشرعية!

كيف يتحقق تغيير نظام الحكم؟

وهنا وجب الوقوف عند نقطة ودرس في غاية الأهمية، نتعلم منهما كيف يتحقق تغيير نظام الحكم. فمصطفى كمال أتاتورك غَيَّر نظام الحكم في تركيا ضد إرادة ورغبة الغالبية الساحقة من المسلمين في تركيا والعالم الإسلامي، وقد استنكر المسلمون فعل مصطفى كمال وتبرؤوا منه. فإلغاء الخلافة أحدث حزنا في العالم الإسلامي يشبه الحزن الذي أصاب المدينة بعد وفاة رسول الله، وكأن الرسول يموت ثانية بوفاة خلافته. ولعل رثاء احمد شوقي على سقوط الخلافة يخلد لنا الأجواء القاتمة التي عمت العالم الإسلامي يوم 3 مارس 1924م، حيث قال:
عادَت أَغاني العُرسِ رَجعَ نُواحِ *** وَنُعيتِ بَينَ مَعالِمِ الأَفراحِ
كُفِّنتِ في لَيلِ الزَفافِ بِثَوبِهِ *** وَدُفِنتِ عِندَ تَبَلُّجِ الإِصباحِ
شُيِّعتِ مِن هَلَعٍ بِعَبرَةِ ضاحِكٍ *** في كُلِّ ناحِيَةٍ وَسَكرَةِ صاحِ
ضَجَّت عَلَيكِ مَآذِنٌ وَمَنابِرٌ *** وَبَكَت عَلَيكَ مَمالِكٌ وَنَواحِ
الهِندُ والِهَةٌ وَمِصرُ حَزينَةٌ *** تَبكي عَلَيكِ بِمَدمَعٍ سَحّاحِ
وَالشامُ تَسأَلُ وَالعِراقُ وَفارِسٌ *** أَمَحا مِنَ الأَرضِ الخِلافَةَ ماحِ
وَأَتَت لَكِ الجُمَعُ الجَلائِلُ مَأتَمًا *** فَقَعَدنَ فيهِ مَقاعِدَ الأَنواحِ
يا لَلرِجالِ لَحُرَّةٍ مَوؤودَةٍ *** قُتِلَت بِغَيرِ جَريرَةٍ وَجُناحِ
إِنَّ الَّذينَ أَسَتْ جِراحَكِ حَربُهُمْ *** قَتَلَتكِ سَلمُهُمُ بِغَيرِ جِراحِ
هَتَكوا بِأَيديهِمْ مُلاءَةَ فَخرِهِمْ *** مَوشِيَّةً بِمَواهِبِ الفَتّاحِ
نَزَعوا عَنِ الأَعناقِ خَيرَ قِلادَةٍ *** وَنَضَوا عَنِ الأَعطافِ خَيرَ وِشاحِ
حَسَبٌ أَتى طولُ اللَيالي دونَهُ *** قَد طاحَ بَينَ عَشِيَّةٍ وَصَباحِ
وَعَلاقَةٌ فُصِمَت عُرى أَسبابِها *** كانَت أَبَرَّ عَلائِقِ الأَرواحِ
جَمَعَتْ عَلى البِرِّ الحُضورَ وَرُبَّما *** جَمَعَتْ عَلَيهِ سَرائِرَ النُزّاحِ
نَظَمَتْ صُفوفَ المُسلِمينَ وَخَطوَهُمْ *** في كُلِّ غَدوَةِ جُمعَةٍ وَرَواحِ
بَكَتِ الصَلاةُ وَتِلكَ فِتنَةُ عابِثٍ *** بِالشَرعِ عِربيدِ القَضاءِ وَقاحِ
أَفتى خُزَعبِلَةً وَقالَ ضَلالَةً *** وَأَتى بِكُفرٍ في البِلادِ بَواحِ
إِنَّ الَّذينَ جَرى عَلَيهِمْ فِقهُهُ *** خُلِقوا لِفِقهِ كَتيبَةٍ وَسِلاحِ
وبعد مرور ثلاثة وتسعين عاما على دستور مصطفى كمال، ورغم إدخال تعديلات عليه من فترة لأخرى، بل واستبداله بدستور 1961م بعد الانقلاب العسكري على رئيس الوزراء عدنان مندريس، ثم بدستور 1982م بعد الانقلاب العسكري الذي قاده اللواء كنعان إيفرين، وبعد التعديلات المدرجة لغاية 2011… هل خرج الدستور التركي عن روحه وركائزه التي أسسه عليها مصطفى كمال أتاتورك؟ وهل يسعى حقًا أردوغان للتخلص من نموذج أتاتورك؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 ماذا كانت عقيدة العثمانيين الأوائل؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: ماذا كانت عقيدة العثمانيين الأوائل؟    ماذا كانت عقيدة العثمانيين الأوائل؟ Emptyالجمعة 22 مارس 2019, 11:20 pm

لخلافة والدستور بين أتاتورك وأردوغان: نموذج أردوغان



 ماذا كانت عقيدة العثمانيين الأوائل؟ %D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B3%D8%AA%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A3%D8%AA%D8%A7%D8%AA%D9%88%D8%B1%D9%83-%D9%88%D8%A3%D8%B1%D8%AF%D9%88%D8%BA%D8%A7%D9%86-e1490348973792



نموذج أردوغان في الحكم والسياسة والتعديلات الدستورية المُرتقبة، لنجيب على تساؤل البعض: هل يسعى حقًا أردوغان للتخلص من نموذج أتاتورك؟



ركائز أتاتورك ما زالت تسيطر على الدستور التركي

وبعد مرور ثلاثة وتسعين عاما على دستور مصطفى كمال، ورغم إدخال تعديلات عليه من فترة لأخرى، بل واستبداله بدستور 1961م بعد الانقلاب العسكري على رئيس الوزراء عدنان مندريس، ثم بدستور 1982م بعد الانقلاب العسكري الذي قاده اللواء كنعان إيفرين، ما زال الدستور التركي، ورغم التعديلات المدرجة لغاية 2011م، لم يخرج قط عن روحه وركائزه التي أسسه عليها مصطفى كمال.
ومؤخرا صوَّت البرلمان التركي في شهر يناير 2017م لصالح حزمة تعديلات دستورية تَقَدَّم بها حزب العدالة والتنمية، وستُعرض التعديلات التي صادق عليها البرلمان والرئيس التركي رجب طيب أردوغان لاستفتاء شعبي في أواسط شهر أبريل 2017م. وإذا حصل مشروع التعديل على أغلبية في الاستفتاء الشعبي فسيتم اعتماد التعديلات في الدستور.
ويتضَمَّن مشروع التعديلات الدستورية تسعة عشر بندا، إلا أني لا أرى إلا بندا واحدا يستحق الذكر وهو إلغاء منصب رئيس الوزراء! وبهذا الإلغاء ستنتقل بداهة كل صلاحيات رئيس الوزراء لرئيس الدولة، وهذا ما تطرقَتْ له عدد من البنود الأخرى لمسودة التعديلات الدستورية. فيصبح مثلا تعيين الوزراء منوطا بالرئيس، وكذلك إعلان حالة الطوارئ، وينفرد الرئيس بقيادة السلطة التنفيذية بعدما كان يقتسمها مع مجلس الوزراء، ويصبح كذلك من حق الرئيس تعيين نصف أعضاء المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين.
وكما كان من حق البرلمان (الجمعية الوطنية الكبرى) مراقبة رئيس الوزراء، فسيكون من حقه حسب مسودة التعديل الجديدة مراقبة ومحاسبة رئيس الدولة وفتح تحقيق معه إذا صوت ثلاثة أخماس أعضاء البرلمان لصالح طلب فتح التحقيق بسبب تهمة موجهة للرئيس.

فهل تحمل هذه التعديلات الدستورية الجديدة تغييرا حقيقيا لنوع نظام الحكم في تركيا؟

أرى أنَّ الضجة الكبيرة التي صاحبت وتصاحب مشروع التعديلات الدستورية مُبالَغ فيها ولا تتناسب وحجم ونوع التغييرات الفعلية الذي ستحققه. فالتغييرات المُزمع إدخالها لا تلمس نظام الحكم في الدولة التركية، فالنظام سيبقى جمهوريا، أي أن السيادة للشعب، فله حق التشريع (وضع قوانين) من خلال الهيئات المنوط بها ذلك (البرلمان)، حسب المبادئ المنصوص عليها في الدستور والتي تنص صراحة على إبعاد الدين عن التشريع وشؤون الدولة، فلا يجوز استنباط القوانين من القرآن والسُّنة.
فالذي سيتغير هو إلغاء منصب وزير الوزراء ومن ثم انتقال صلاحياته إلى رئيس الدولة، وهذا النوع من الجمهورية يُسمى في الاصطلاح السياسي “جمهورية رئاسية”، ومقابله “الجمهورية البرلمانية” التي يتولى فيها المجلس الوزاري تحت قيادة رئيس الوزراء الحكم في الدولة.







وعليه فقد صدق السياسيون والأحزاب الذين تبنوا مشروع التعديلات الدستورية الجديدة في تركيا، حيث قالوا إنها لا تهدف لتغيير السمات الأساسية للنظام الجمهوري، وإنما إعادة النظر في النظام الحكومي، وليس في النظام الجمهوري!

جمهورية ديمقراطية علمانية

فمن ناحية عملية إدارية، لا شك أن النظام الرئاسي أحسن فعالية، إذ يقلع المحاصصات الحزبية التي طالما تعرقل تشكيل الحكومة، فتَحْت النظام الرئاسي لا تصبح هناك حاجة لائتلافات حزبية لتشكيل الحكومة، وبالتالي يحقق النظام الرئاسي استقرارا حكوميا، كما أن مسطرة وإجراءات إتخاذ القرارات تصبح أقل تعقيدا بجعلها مركزة في الرئيس، إلا أن قرارات الرئيس لن تخرج عن الإطار القانوني والعقائدي الذي يحدده الدستور الجمهوري العلماني.
ومن هنا فالدولة التركية ستبقى حتى بعد التعديلات المقترحة دولة في الصورة التي حددتها المادة الثانية من الدستور: [جمهورية ديمقراطية علمانية اجتماعية، تقوم على سيادة القانون؛ في حدود مفاهيم السلم والعلم والتضامن الوطني والعدالة، مع احترام حقوق الإنسان، والولاء لقومية أتاتورك، وتقوم على المبادئ الأساسية الواردة في الديباجة] (ا.هـ).

المشاعر الدينية المقدسة لا تُضمَّن في شؤون الدولة وسياستها

ومن المبادئ التي تضَمَّنتها الديباجة: [الدستور متوافق مع مفهوم الوطنية الذي طرحه مؤسس جمهورية تركيا، أتاتورك، القائد الخالد والبطل الفذ، ومع إصلاحاته ومبادئه… والسيادة المطلقة لإرادة الأمة، وحقيقة أنَّ السيادة معهودة كلية ودون شرط بالأمة التركية، وأنه لا ينبغي لأي فرد أو هيئة مفوضة بممارسة هذه السيادة باسم الأمة أن تحيد عن الديمقراطية الحرة المشار إليها في هذا الدستور والنظام القانوني المؤسّس بموجب متطلباته… وأنه لا تُمنح أي حماية لنشاط يُضاد المصالح الوطنية التركية، والوجود التركي، ومبدأ عدم قابليتها للانقسام بدولتها وأراضيها، والقيم التاريخية والأخلاقية التركية؛ وتعني النزعة الوطنية، والمبادئ، والإصلاحات والنزعة الحضارية لدى أتاتورك وأن المشاعر الدينية المقدسة لا تُضمَّن في شؤون الدولة وسياستها كما يَشْتَرط مبدأ العلمانية] (ا.هـ).
فأهم ما سيحققه مشروع التعديلات الدستورية هو توسيع نسبي لسلطة أردوغان (الرئيس التركي) على الصعيد الحكومي، لكن نوعية القرارات والإجراءات التي يمكن للرئيس اتخاذها لن تخرج قط عن السقف الذي حدده دستور مصطفى كمال والذي يحميه الغرب (وعلى رأسه أمريكا) والجيش التركي الذي ما زال يحافظ على هيمنته على القرارات السيادية الاستراتيجية لتركيا!
اقتباس :
فالذين يظنون أن أردوغان وحزبه، “العدالة والتنمية”، سيجعلون من تركيا دولة إسلامية، خصوصا بعد التعديلات الدستورية المرتقبة، فهم واهمون ودراويش لا فهم لهم لا في السياسة التي فرضها النظام الدولي ولا في السياسة الشرعية!

هل يريد أردوغان وجماعتُه العملَ من خارج منظومة أتاتورك؟

فلو كان أردوغان وجماعته جادين في رغبتهم في إقامة شرع الله، لسلكوا طريقا غير الطريق الذي هم عليه منذ أكثر من عقد من الزمن! فتغيير نظام دولة لا يتأتى إلا بطريقة انقلابية ثورية وليس بالتدريج. وهذا النوع من التغيير السياسي الثوري الانقلابي يحتاج إلى إيمان راسخ بالمنظومة السياسة التي يريد الثائرون الانقلابيون فَرْضها، وتكون عندهم الجرأة والشجاعة وقدر من المغامرة لمحاولة إقامتها (أي المنظومة السياسة)، ويفكرون ويعملون من خارج المنظومة التي يريدون إزالتها.
لكن حقيقة أردوغان وحزب “العدالة والتنمية” أنهم يؤمنون بالعلمانية وليس بالإسلام كنظام حكم! فإسلامهم إسلام صوفي درويشي! ومن السذاجة والجهل بأبجديات الدين الإسلامي اعتبار فتح تركيا مجالا من الحرية لممارسة بعض الشعائر الإسلامية كلباس الحجاب وبناء المساجد، مقياسا للإيمان بالإسلام كنظام حكم واجب الاتباع والتنفيذ، فليس ثمة ذرة من إيمان بوجوب العمل بقول الله:
{وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44)}(المائدة)، {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45)}(المائدة)، {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (47)}(المائدة)، {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ، وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا (36)}(الأحزاب)، {وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً (23)}(الجن)، {وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ (14)}(النساء)، {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65)}(النساء)، {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ۚ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ (40)}(يوسف)، {الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41)}(الحج)، …

هل تركيا هي المتحكم الوحيد في قراراتها؟

وحقيقة أردوغان وحزب “العدالة والتنمية” أنهم، كما فعل مصطفى كمال وزمرته، يعتمدون على الغرب في ترسيخ سلطتهم في تركيا وفِي بناء اقتصادها، ولذلك تجد تركيا تخضع كليا للإرادة الأمريكية رغم أن الأخيرة تستغل تركيا لخدمة مصالحها وتنهج سياسات ضد تركيا وعلى رأسها استخدام ورقة الكرد ومساندة جماعاتهم الإرهابية. وتهرول تركيا وراء الاتحاد الأوروبي وتحاول الانضمام إليه، وغيرت من أجل ذلك عديدا من القوانين استجابة لطلباته، رغم التعامل المتكبر المتعجرف للأوروبيين اتجاه تركيا.
كما تحاول تركيا تعويض قلة السند الأوروبي والأمريكي بالارتماء في أحضان روسيا أيضاً! والمصيبة ليس في كون تركيا تكون لها علاقات مع الغرب والشرق، ولكن أن تكون تلك العلاقات مبنية على ولاء عقائدي وسياسي للغرب، بحيث تصطف تركيا في خندق الغرب ضد الإسلام والأمة الإسلامية، وتجعل تركيا وجودها ومصيرها متعلق بالغرب ومرتبط به! فليس عند الساسة الأتراك وعلى رأسهم أردوغان ثمة ذرة بوجوب العمل بقول الله: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ (56) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (57)}(المائدة).
ومن ثم فمن السذاجة والجهل بأبجديات السياسة الشرعية وسياسات النظام الدولي الظن أن تركيا-أردوغان يمكنهم اتخاذ أي قرارات لا يوافق عليها الغرب، أو على الأقل لا يتغاضى عنها الطرف!

هل ألزم أردوغان وحزبُه أنفسهم بإقامة الشريعة؟

ومع أن أردوغان وحزبه لم يدَّعوا أبداً أنهم يسعون لإقامة الشريعة الإسلامية بل يؤكدون ليل نهار بعظمة منهجهم العلماني “المتفتح” بحيث يسمح حتى للمسلمين بممارسة شعائرهم الدينية، تجد المسلمين العرب يُسَوِّغون ويبررون ليل نهار لأردوغان الحكم بغير ما أنزل الله، ويعتبرون السبيل الذي اختاره أردوغان نوعا من التدرج لإقامة شريعة الإسلام في يوم من الأيام.
ويسوغ المشايخ العرب الحكم بغير ما أنزل الله على أنه ضرورة لأن الشعوب المسلمة غير مؤهلة لقبول التحاكم لشريعة الإسلام، ولأن الغرب لا يقبل بأن يقيم المسلمون دولة إسلامية! وكل هذه التبريرات إنما هي تسويغات شيطانية ما أنزل الله بها من سلطان، وهي تعكس في الحقيقة العلمانية المتجذرة في نفوس وعقول هؤلاء المشايخ المسلمين، وانعدام الإيمان عندهم بوجوب العمل بالوحي المتعلق بالحاكمية والولاء والبراء، فالله يقول:
{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65)}(النساء)، والله يقول: {قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ۖ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (14)}(الحجرات)، فالإيمان المطلوب هو الذي يؤدي للعمل بما جاء به الرسول (وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ)!
اقتباس :
فهؤلاء المشايخ ينسبون عجزهم هم وضعف إيمانهم وعدم تعظيمهم لشرع الله إلى الشعوب المسلمة، يقولون عنها أنها غير مستعدة لحكم الشريعة!

كيف فرض أتاتورك شريعته العلمانية على أمّة مسلمة؟

وحتى لو صدقنا جدلا هذا الهراء، فلننظر لمصطفى كمال كيف تعامل مع أمةٍ لم تكن فعلا مؤهلة ولا راضية بأحكام الكفر! فمصطفى كمال استطاع بين ليلة وضحاها تغيير نظام حكمٍ (الخلافة) كان متجذرا لمئات السنين في تركيا وبلاد الإسلام الواسعة وليس لعشرات السنين فحسب كما هو حال العلمانية اليوم في العالم الإسلامي!
مصطفى كمال لم يعطي أي اعتبار لكون المسلمين كانوا على عهد وثيق وجد قريب بالإسلام والخلافة، فلم يقل إن الشعب غير مؤهل لتقبل نظام علماني ولم يستشرهم في ذلك، بل وضع بين ليلة وضحاها دستورا علمانيا يمحي الإسلام ويرسخ العلمانية. ومصطفى كمال ألغى بين ليلة وضحاها الأحكام الشرعية المتعلقة بالعقوبات والأحوال الشخصية ووضع بدلها قوانين غربية، فمنع الحجاب وأجبر المسلمات على السفور، وفرض اللباس الغربي حتى على الرجال!
فمصطفى كمال تحدى الأمة الإسلامية قاطبة وفرض بالقوة نظام حكم علماني وقوانين علمانية على المسلمين، وتصدى لكل المعارضين على علمنة الدولة، فقتل خَلْقًا وسجن خَلْقًا آخر وعذب آخرين! ومصطفى كمال لم يَخَفْ من انقلاب الجيش عليه، أو على الأقل جزء منه، لما أقدم على علمنة تركيا!
اقتباس :
مصطفى كمال غامر وتحدى الأمة الإسلامية قاطبة بإقدامه على علمنة الدولة، لأنه كان عنده إيمان راسخ بالعلمانية!

هل لدى أردوغان وأتباعه إيمان راسخ بالإسلام كإيمان أتاتورك بالعلمانية؟

ولو كان عند أردوغان وجماعته نفس الإيمان بالإسلام كنظام حكم، وليس كشعائر دينية فحسب، لأقدم على ثورة سياسية في تركيا بوضع دستور إسلامي يزيح النظام الجمهوري ويرسخ نظام الخلافة، ويلغي القوانين “المدنية” الوضعية ويضع بدلها الأحكام الشرعية، ويفك الارتباط الأمني والعسكري بالغرب والناتو!
ولو فعل أردوغان ذلك لوجد نفس الشعب المسلم الذي خرج في 15 يوليو 2016م يخرج ليفديه بنفسه ويذود عنه، لوجد شعبا مسلما مُكَبِّراً رافعا راية “لا إلا الله محمد رسول الله” ملقيا بنفسه أمام الدبابات دفاعا عن الإسلام وليس عن الديمقراطية، ولوجد أردوغان أكثر من مليار مسلم في العالم قاطبة يناصرونه ويذودن عنه ويرفعونه فوق رؤوسهم!







اقتباس :
فكيف تجد همةً عند أردوغان وشجاعة ومغامرة في تحدي انقلاب عسكري على حكمه العلماني والتصدي له، لكنه يفتقد للعزيمة في إقامة الإسلام!؟

وأردوغان ومشايخ النفاق والعلمانية، رغم أنهم أكثر الناس تحدثا عن الشعب، تجدهم أكثرهم احتقارا للشعب المسلم واستصغارهم لمدى قدرته على الدفاع عن الإسلام والموت من أجله وتحدي العالم بأكمله من أجل نصرة الإسلام، لو وجد الشعب فقط قائدا يرفع راية الإسلام ويصدق الله!
لكن الحقيقة أن مشايخ النفاق والعلمانية لا يَرغبون في أي شيء يغضب الغرب، فالذي يلونه اهتماما ليس الشعوب المسلمة ولكن الغرب، ولذلك تجدهم (أي مشايخ النفاق والعلمانية) يرددون دائما أن الغرب لا يقبل بتطبيق الشريعة في البلدان الإسلامية، وكأن دين الله سينصره الكفار! فإنه لمن الجهل بالمعلوم من الدين بالضرورة أن يربط المميعة التمكين لدين الله برضى الكفار، فليسألوا الأطفال في الكُتَّاب عن التمكين لدين الله، فسيتلون عليهم مثلا قول الله:
{وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ (71)}(المؤمنون)، {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (Cool هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (9)}(الصف)، {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (33)}(التوبة).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
ماذا كانت عقيدة العثمانيين الأوائل؟
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» "عقيدة المحيط" الجديدة.. ماذا تخشى إسرائيل؟
»  بين النكسة وطوفان الأقصى.. ماذا تغير في عقيدة المقاومة الفلسطينية؟
» فتوحات العثمانيين في أوروبا
» نهاية المماليك ودخول العثمانيين إلى مصر
» عندما غابت شمس العثمانيين عن فلسطين…

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: التاريخ :: التاريخ الاسلامي-
انتقل الى: