هذا الغَزَل السعوديّ الإيرانيّ أين كان طِوال هذه السّنوات؟ وهل ستتطوّر لفتة استقبال الحجّاج الإيرانيين بالورود
والحَلوى في المدينة المنوّرة إلى حوارٍ بنّاءٍ يُزيل التوتّر في العلاقات ويقطَع الطريق على “الفِتنة” الأمريكيّة
الإسرائيليّة؟ وماذا وراء هذه اللّفتات السعوديّة؟
ما يجري حاليًّا من “غزلٍ مُتبادلٍ” بين المملكة العربيّة السعوديّة وإيران في الوقت الذي تتصاعَد فيه حدّة التوتّر في
الأزَمَة الخليجيّة المُتفاقمة حيثُ يقِف الطّرفان في خندقين مُتواجهين، يستحقُّ التأمّل، ومُحاولة استِقراء ما بين سُطوره
لاستِشراف بعض ملامح المُستقبل.
قبل الانخِراط في أيّ قراءة لا بُد من التوقّف عند محطّتين رئيسيّتين تعكِسان هذا الغزل غير المَسبوق، وفي السنوات
الأخيرة على الأقل:
الأولى: الاستِقبال الحار الذي حظِي به الحُجّاج الإيرانيّون الذين وصلوا إلى أراضي المملكة (60 ألف حاج حتّى الآن)،
حيث نشرت وكالة “إرنا” الرسميّة الإيرانيّة مجموعةَ صورٍ على موقِعها الرسميّ تُظهر مجموعةً من الحجّاج تستقبلهم
سُلطات الحج في المملكة بالورود والحلويّات عند وصولهم إلى المدينة المنوّرة لزيارة قبْر الرسول صل الله عليه وسلم
ومقبرة البقيع التي تضُم رُفاة الصّحابة.
الثانية: إفراج المملكة العربيّة السعوديّة عن السّفينة الإيرانيّة “هابنس 1” التي رسَت في ميناء جدّة بعد تعرّضها لخللٍ
فنّيٍّ حيثُ جرى إصلاحها، والاهتِمام بطاقمها، والسّماح لها بالعودة إلى المِياه الإقليميّة الإيرانيّة، وثَمّن السيّد عبّاس
الموسوي، المُتحدّث الرسميّ باسم الخارجيّة الإيرانيّة الجُهود السعوديّة في هذا الإطار.
هذا التّعاطي الحضاري بين حُكومتيّ البلدين الذي يأتي بعد إرثٍ طويلٍ من الصّدامات والخِلافات، خاصّةً على صعيد
أزَمات الحجّاج الإيرانيين وشكاويهم العَديدة من سوء مُعاملة بعض الموظّفين ورجال الأمن السعوديين لهم في المطارات
والمنافذ الحدوديّة، يعكِس لغة تعامل ودبلوماسيّة جديدة نأمَل أن تتطوّر، وتكون مقدّمة لحِوارات، ولقاءات، تتمخّض عن
تخفيف حدّة التوتّر في العلاقات بين البلدين، حول جميع القضايا الخلافيّة، وخاصّةً ملف حرب اليمن.
من غير المَنطقي أن ترسل الإدارة الأمريكيّة الوسطاء إلى طِهران بحثًا عن حُلول سياسيّة للأزَمَة الحاليّة المُترتّبة على
الانسحاب الأمريكي من الاتّفاق النووي، وما تبِعها من فرض حصارٍ اقتصاديٍّ، بينما لا تَفعل المملكة العربيّة السعوديّة
ومِحورها الشّيء نفسه لقَطع الطريق على كُل من يَصطادون في الماء العَكِر، ويُوظّفون “الفزّاعة” الإيرانيّة لابتزاز
العرب وأموالهم.
استمرار الجَفاء والخلافات، وانفجار المُواجهات العسكريّة في مِنطقة الخليج كنتيجة للتدخّلات الأمريكيّة لمصلحةٍ
إسرائيليّةٍ، سيدفع ثمنه العَرب والإيرانيين دمارًا لمُدنهم، وبُناهم التحتيّة، وربّما مقتل عشرات، إن لم يكُن مِئات الآلاف من
أبنائهم.
نتمنّى أن يسود العقل وتتقدّم الحِكمة التي يتحلّى بها الطّرفان لتجاوز هذه الفِتنة التي تقِف خلفها إسرائيل وحُلفاؤها في
الولايات المتحدة، ففي ذلك مصلحة للجميع
[rtl] [/rtl]
[size][url][/url]
[/size]
[size][url][/url]
[/size]
[size][url][/url]
[/size]
[size][url][/url][/size]