نيويورك تايمز: نحن لسنا مرتزقة للسعودية وقواتنا ليست للدفاع عن حاكم بلطجي
قال وزير الدفاع الأمريكي السابق روبرت غيتس مرة مستهزئا إن السعوديين “يريدون قتال الإيرانيين حتى آخر جندي أمريكي”، والخطر كما يقول نيكولاس كريستوف المعلق في صحيفة “نيويورك تايمز” بمقال تحت عنوان “نحن لسنا مرتزقة للسعودية” “إننا ننزلق نحو ذلك الكابوس”، فقد وصف وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الهجمات التي تعرضت لها المراكز النفطية السعودية بأنها “عمل حربي” فيما اقترحت شخصيات مؤثرة في الكونغرس مثل السيناتور ليندسي غراهام القيام بهجمات مماثلة ضد مصافي النفط الإيرانية. وفي الوقت نفسه هددت إيران بأنها ستقوم بأعمال انتقامية و”رد سريع وساحق”.
ويرى كريستوفر أن الرئيس دونالد ترامب يواجه معضلة، فلو كانت إيران هي بالفعل الجهة التي تقف وراء الهجمات على السعودية، فإن ما قامت به هو استفزاز خطير. ومن المنطقي التساؤل عن جرأة القادة الإيرانيين لأنهم لا يرون في ترامب إلا شخصا يجيد التبجح والكلام الطنان.
وبحسب تقرير أعده ديفيد كيرباتريك وفرناز فصيحي، فترامب “ليس أسدا بل أرنبا”. وربما توصلت إيران إلى أن ترامب هو “أرنب الأرانب” بسبب غياب الرد منه على الهجمات التي طالت ناقلات النفط في أيار/ مايو، وحزيران/ يونيو، أو إسقاط إيران طائرة تجسس أمريكية فوق مياه الخليج.
ويضيف كريستوف أن الصقور في الإدارة يدفعون الرئيس ترامب للرد القاسي وضرب أهداف إيرانية، ولو استجاب لهم فسيكون تحركه خطيرا أكثر من كونه صورة عن ضعفه، لأن المواجهة قد تزيد. وربما ضربت إيران أهدافا في السعودية والإمارات العربية المتحدة أو البحرين، وقد تستهدف القوات الأمريكية في العراق وأفغانستان. ولو اندلعت حرب شاملة فستكون كارثة، لأن عدد سكان إيران هو ضعف عدد سكان العراق، وستكون بهذه المثابة خصما هائلا أكثر من العراق. ولهذا السبب يواجه ترامب معضلة حقيقية: فعدم التحرك سينظر إليه على أنه ضعف، فيما ستؤدي الغارات إلى حرب طويلة و”لكن هذه المعضلة هي التي صنعها ترامب بنفسه”، فنحن وسط هذه الفوضى لأن ترامب تخلى عن الاتفاقية النووية التي وقّعت في 2015، وقال الصقور إن الضغوط الشديدة والتسبب بالألم لإيران هو الطريق لتركيعها بدون التفكير أن طهران قد تقوم بزيادة الضغط عليهم.
وهذه هي المشكلة مع الصقور، فهم يضعون خطتهم للعبة الشطرنج التي تقوم على “كش ملك” بدون التفكير بالدروس الحربية البسيطة للمنظّر العسكري الصيني صن تزو، أو الألماني كلاوزفيتز، وهي أن الطرف الآخر في الحرب لديه خططه. و”لسوء الحظ فبدون الاتفاقية النووية تبدو الخيارات سيئة، وعلينا البحث عن طرق للعودة إليها، وبدفعات تحفظ ماء الوجه وتعطي الفرصة لترامب والمرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإعلان عن الانتصار”.
و”بدون هذا فالخيار هو الانزلاق نحو النزاع، ولا أحد يريد الحرب إلا أن الخروج من هذا المأزق يحتاج لدبلوماسية ماهرة والتي لم يظهر فريق ترامب أنه جيد بها”. و”نحن لسنا بحاجة لكي نصبح كلاب حراسة للسعودية أو الكلاب المدللة. نعم إيران هي تهديد للأمن القومي، وكذا السعودية. فهي التي اختطفت رئيس وزراء لبنان وتسببت بالانقسام مع قطر وخلقت أكبر كارثة إنسانية في اليمن”.
ويقول الكاتب إن الهجوم على منشآت النفط السعودية هو خرق للأعراف الدولية، وكذا قتل وتقطيع جثة صحافي “واشنطن بوست” والمقيم في الولايات المتحدة، جمال خاشقجي.
ويعلق كريستوفر قائلا إن “السعودية لديها الوقاحة لكي تدعو إلى تحقيق دولي في الهجمات على المنشآت النفطية في الوقت الذي تقف بوجه التحقيق الدولي في مقتل خاشقجي”. وتكشف التسجيلات الأخيرة مناقشة فرقة القتل قبل دخول خاشقجي للقنصلية عملية تقطيعه “أعرف التقطيع جيدا” قال أحد أعضاء الفريق “مع أنني لم اتعامل من قبل مع جسد دافئ”.
وتواصل السعودية سجن المرشحة لجائزة نوبل لجين الهذلول التي تعرضت للتعذيب والتحرش الجنسي بسبب مطالبتها بحقوق المرأة في السعودية. وعرضت عليها السلطات الإفراج عنها في حالة أنكرت تعرضها للتعذيب وهو ما رفضته.
وإن كان ترامب يبحث عن تقييمات بشأن الحرب مع إيران فيجب عليه ألا يتصل بقاتل على العرش ولكن مع بطلة في السجن. ولو أراد ولي العهد محمد بن سلمان الانتقام من إيران فلديه الطائرات والصواريخ و”لكن المعركة ليست معركتنا ويجب أن لا تكون مقبرتنا أيضا”.
وهي “معركة بين نظامين كارهين للمرأة وقمعيين، كلاهما يزعزع الاستقرار في المنطقة. واقتراح ترامب أن قواتنا ستحصل على ثمن المشاركة هو إهانة لها، فهو يصورها كقوات مرتزقة تعمل مع حاكم بلطجي”. و”علينا التعاون مع الدول الأوروبية للخروج من هذه القذارة والبحث عن طرق للعودة إلى الاتفاقية النووية”.
دفاعات السعودية باهظة الكلفة ليست ندا للطائرات المسيرة وصواريخ كروز
صواريخ وطائرات بدون طيار لجماعة الحوثي معروضة في اليمن
الرياض- دبي:
اتضح أن مليارات الدولارات التي أنفقتها السعودية على العتاد العسكري الغربي، لا سيما المصمم لردع أي هجمات على ارتفاعات عالية، لم تحقق لها الندية في مواجهة صواريخ كروز والطائرات المسيرة منخفضة التكلفة التي استخدمت في شن هجوم عرقل صناعة النفط السعودية العملاقة.
فقد كشف الهجوم الذي وقع يوم السبت على منشآت نفطية سعودية وقلص إنتاج المملكة إلى النصف مدى ضعف استعدادات هذه الدولة الخليجية للدفاع عن نفسها رغم تكرار الهجمات على أصول حيوية خلال الحرب المستمرة منذ تدخلها في اليمن قبل أربعة أعوام ونصف العام.
* نظم الدفاع السعودية موجهة في الأغلب لصد هجمات على ارتفاعات عالية
وقالت السعودية والولايات المتحدة إنهما تعتقدان أن إيران ألد خصوم المملكة تقف وراء الهجوم على الأرجح. ويوم الثلاثاء قال مسؤول أمريكي إن واشنطن تعتقد أن الهجوم انطلق من جنوب غرب إيران. وقال ثلاثة مسؤولين أمريكيين إن صواريخ كروز وطائرات مسيرة استخدمت فيه.
وقد نفت طهران هذه الاتهامات وقالت إن اليمنيين المعارضين لوجود قوات بقيادة سعودية في بلادهم هم الذين نفذوا الهجوم. كما أعلنت حركة الحوثي اليمنية المتحالفة مع إيران مسؤوليتها عن الهجوم.
ويقول مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية إن إيران تمتلك أكبر قدرات من الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز في الشرق الأوسط، ويمكنها التغلب فعليا على أي دفاعات صاروخية سعودية في ضوء قربها الجغرافي ووجود الفصائل التي تعمل لحسابها على المستوى الإقليمي.
غير أن هجمات على نطاقات أصغر كان لها وطأة كبيرة في السعودية، ومنها هجمات في الآونة الأخيرة قال الحوثيون إنهم شنوها بنجاح على مطار مدني ومحطات لضخ النفط وحقل الشيبة.
وقال مصدر أمني سعودي: “نحن مكشوفون. فأي منشأة حقيقية ليس لها غطاء حقيقي”.
المملكة مكشوفة أمام الطائرات المسيرة منخفضة الارتفاع وصواريخ كروز
وكان هجوم الرابع عشر من سبتمبر/أيلول على معملين يتبعان شركة أرامكو العملاقة للنفط الأسوأ من نوعه على منشآت نفطية في المنطقة منذ أحرق صدام حسين آبار النفط الكويتية خلال أزمة الخليج 1990-1991.
وقالت الشركة يوم الثلاثاء إن الإنتاج سيعود لطبيعته بأسرع مما كان متصورا في البداية، غير أنه لا جدال في أن الهجوم كان بمثابة صدمة لأسواق النفط.
وقالت الرياض إن النتائج الأولية تشير إلى أن الأسلحة المستخدمة إيرانية، لكن موقع انطلاقها لم يتحدد بعد.
وفي البداية تحدثت السلطات عن استخدام طائرات مسيرة في الهجوم، لكن ثلاثة مسؤولين أمريكيين قالوا إن استخدام صواريخ كروز وطائرات مسيرة يشير إلى درجة من التعقيد والتطور أكبر من التصورات الأولية.
وقال محلل أمني سعودي طلب عدم نشر اسمه: “الهجوم مثل هجمات 11 سبتمبر (أيلول) بالنسبة للسعودية وسيغير قواعد اللعبة”.
وتساءل قائلا: “أين نظم الدفاع الجوي والسلاح الأمريكي الذي أنفقنا عليه مليارات الدولارات لحماية المملكة ومنشآتها النفطية؟ إذا كانوا قد فعلوا ذلك بهذه الدقة فبإمكانهم ضرب محطات تحلية المياه وأهداف أكثر”.
وتتمثل منظومة الدفاع الجوي الرئيسية في السعودية في نظام باتريوت بعيد المدى الأمريكي الصنع، وهو منصوب للدفاع عن المدن والمنشآت الكبرى.
وقد نجح في اعتراض صواريخ باليستية على ارتفاعات عالية أطلقها الحوثيون على مدن سعودية كانت الرياض من بينها منذ تدخل تحالف بقيادة السعودية في اليمن لمحاربة الحركة في مارس/آذار 2015.
إلا أنه في ضوء طيران الطائرات المسيرة وصواريخ كروز بسرعات أبطأ على ارتفاعات أقل، فمن الصعب على نظام باتريوت رصدها في وقت مناسب يسمح باعتراضها.
وقال مسؤول خليجي كبير: “الطائرات المسيرة تمثل تحديا ضخما للسعودية لأنها تطير في كثير من الأحيان دون مستوى الرادار، ونظرا لطول الحدود مع اليمن والعراق فإن المملكة مكشوفة جدا”.
* موجة هجمات
حملت واشنطن والرياض إيران والفصائل التي تعمل لحسابها المسؤولية عن سلسلة من التفجيرات بناقلات في مياه الخليج من بينها سفينتان سعوديتان في شهر ماير/أيار وهجمات على منشآت نفطية سعودية.
قدرات إيران الصاروخية وقدرات فصائل تعمل لحسابها مصدر خطر
وفي ذلك الشهر، أصيبت محطتان لضخ النفط. وتعرضت محطة محولات قرب محطة تحلية في الجنوب لهجوم خلال يونيو/حزيران.
وتسببت تلك الهجمات في أضرار محدودة على عكس هجمات يوم السبت على أبقيق وخريص، والتي ألحقت أضرارا بأكبر منشأة في العالم للمعالجة النفطية وعطلت إنتاج 5.7 مليون برميل يوميا.
وقال مصدر خليجي مطلع على عمليات أرامكو إن النظام الأمني في أبقيق غير مثالي في مواجهة الطائرات المسيرة.
وأضاف المصدر أن السلطات تتحقق مما إذا كانت أجهزة الرادار قد رصدت الطائرات التي نفذت ضربتها في الظلام قبل الفجر.
وقال مسؤول تنفيذي بشركة غربية للمعدات الدفاعية تتعامل مع السعودية إن صواريخ باتريوت كانت تحمي أبقيق حتى عام مضى.
وسئل العقيد تركي المالكي المتحدث باسم التحالف عن سبب عدم رصد الدفاعات السعودية لهجوم يوم السبت فقال للصحافيين إن قوات التحالف اعترضت أكثر من 230 صاروخا باليستيا، وإن المملكة لديها القدرة على التصدي لكل التهديدات وحماية الأمن الوطني السعودي.
ولم يرد رد فوري من مركز التواصل الحكومي على طلب للتعليق.
وليس من الواضح ما إذا كان نظاما أفنجرز قصير المدى وآي هوك متوسط المدى الأمريكيان ونظام أورليكونز السويسري قصير المدى التي تملكها السعودية تعمل في الوقت الحالي.
* فعالة رغم ضآلتها
قال المصدر الأمني السعودي ومصدران بالصناعة إن الرياض مدركة لخطر الطائرات المسيرة منذ سنوات، وإنها تجري مباحثات مع مستشارين وشركات للوصول إلى حلول ممكنة، لكنها لم تنصب أي نظم جديدة بعد.
وقال المصدر الأمني إن السلطات نقلت بطارية صواريخ باتريوت إلى حقل الشيبة النفطي بعد إصابته الشهر الماضي. وتوجد صواريخ باتريوت عند مصفاة رأس تنورة التابعة لأرامكو.
وقال ديف ديروش من جامعة الدفاع الوطني في واشنطن: “أغلب أجهزة الرادار التقليدية للدفاع الجوي مصممة للتهديدات على ارتفاعات عالية مثل الصواريخ”.
وأضاف: “أما صواريخ كروز والطائرات المسيرة فتعمل بالقرب من الأرض ولذا لا يتم رصدها بسبب كروية الأرض. والطائرات المسيرة صغيرة جدا وليس لها بصمة حرارية بالنسبة لأغلب أجهزة الرادار”.
كما أن اعتراض الطائرات المسيرة التي قد تكون قيمتها عدة مئات من الدولارات فقط بنظام باتريوت مكلف للغاية أيضا؛ إذ يبلغ ثمن الصاروخ الواحد من صواريخ باتريوت نحو ثلاثة ملايين دولار.
وقال جورج لامبريكت الرئيس التنفيذي والشريك المؤسس بشركة ديدرون الأمريكية للأمن الجوي إن ثمة وسائل أكثر فاعلية في التصدي للطائرات المسيرة لا سيما إذا كانت تطير في مجموعات.
وأضاف أنه يمكن رصدها بالجمع بين أجهزة الرصد اللاسلكي والرادار واستخدام كاميرات عالية الدقة في التحقق من حمولاتها وتكنولوجيات مثل التشويش في تعطيلها.
غير أن أحدث وسائل التكنولوجيا تجلب معها تحديات خاصة؛ فالتشويش على الموجات اللاسلكية قد يعطل أنشطة صناعية ويكون له آثار سلبية على صحة البشر.
وتقول مجموعة سوفان الاستشارية الأمريكية إن الطائرات المسيرة المسلحة أصبحت متوفرة، ولذا فإن التهديد الذي تتعرض له البنية التحتية الحيوية يتزايد بشكل غير متناسب.
وقال المصدر السعودي إن المسؤولين السعوديين يخشون منذ فترة طويلة وقوع هجوم على محطة تحلية في الجبيل تخدم وسط السعودية وشرقها، وإن من الممكن أن يسفر هجوم ناجح عليها عن حرمان الملايين من المياه وربما يستغرق إصلاحها وقتا طويلا.
وقال مصدر بالصناعة على دراية بالوضع في السعودية: “هذه بيئة في غاية الثراء بالأهداف. وقد ضربوهم حيث يؤلم الضرب ويوجد الكثير (من الأهداف) حولهم”.
(رويترز)