بين أمل سمير الرفاعي وتحذيرات الكباريتي ورجل الظل الغامض “كمال الناصر”.. رقعة القلق في الأردن تتمدد
وتوثّقها انطباعات سياسية لـ “رأي اليوم”: مطاعم النخبة تُغلق أبوابها في عمّان و”وفاء” أبو رمان للرزاز يشغل
السياسيين.. “النواصرة” الأكثر شعبية والشيخ منصور يفاوض والمجالي يحلق لحيته مجددا.. والذاكرة تعود لأبي
عودة..
برلين – “رأي اليوم” ـ فرح مرقه:
على صفيح القلق، تحيا العاصمة الأردنية عمّان، إذا ما أراد المرء أن يزورها لأيام قليلة وفي مرحلة يتعاظم فيها إضراب
المعلمين ويدخل مرحلة حرجة. ولقاء الناس بالشارع يصبح اشبه بمقابلات سياسية تضاهي ان لم تزد على أي لقاء مع
السياسيين المترنحين بين فاقد للأمل ومحاوِل للتعكّز على ما تبقى منه.
انطباعات ومعلومات وثّقتها “رأي اليوم” من الأردن قد تشرح الحال الأردني بصورة مكثّفة ومختصرة:
-1: زوجة ملك الأردن الملكة رانيا العبد الله ومؤسساتها الخيرية والأكاديمية تحوّلت وبصورة ممنهجة لجزء أساسي
من أزمة المعلمين، وبالتالي بات اسمها وطاقمها ومستشاريها محور حديث الأردنيين في الشارع، بينما يحاول السياسيون
التهرب من التعريج على الملف.
-2: في ذات السياق يمكن رصد ازمة تسريب وثائق غير مسبوقة وتحديدا بما يتعلق بمؤسسات الملكة. سياسيون أكدوا
لـ “رأي اليوم” أن التسريبات تزيد القلق بما تمثله من انقسام مرجعي.
-3: كمال الناصر، والذي عينه الملك عبد الله الثاني مستشارا في الديوان الملكي الأردني بداية العام بات الاسم الأوسع
انتشاراً بين الطبقات السياسية باعتباره المسؤول عن غياب الملك عن أزمة المعلمين، وكونه الرجل الأقرب لعاهل البلاد
في الآونة الأخيرة وهو من أدار حملة العلاقات العامة الخاصة بالملك.
-4: سمير الرفاعي رئيس الوزراء الشاب الأسبق خسر جزءاً من وزنه وربّى “لحية خفيفة” ويكاد يكون الوحيد
الذي يصرّ على ان الأمل لا يزال موجوداً رغم انتقاده السياسات الحالية خصوصا في الشق الاقتصادي.
-5: رئيس الوزراء الحالي الدكتور عمر الرزاز يبدو انه فشل في تقمّص دور صاحب النبرة الخشنة، ويصرّ محبّوه أنه
أذى نفسه بعدما “بدّل ثوبه”.
-6: معظم المطاعم التي كان يجتمع بها السياسيون والاقتصاديون في عمان أغلقت ويمكن لمن يجوب عمان ان يافطات
“قريباً الافتتاح” حيثما أدار وجهه وهي بالعادة تدل على مراكز تسوق. من مرّ بالعاصمة على الأغلب سيدعو الله ان
يتم “افتتاح العاصمة” فعلا مع كمية هائلة من الاغلاقات المرورية.
-7: الأردن ينقسم طبقياً بكل المعاني، ويمكن ملاحظة ذلك بجولة سريعة، بالمناسبة كل الافتتاحات والاغلاقات واعمال
الصيانة التي لاحظتها “رأي اليوم” غرب العاصمة عمان.
-8: المجالس السياسية منشغلة بما اسمته “وفاء” وزير الشباب محمد أبو رمان للرزاز، إذ رفض عدة عروض
للتخلي عن الرئيس، رغم ان الأخير أبعده عنه لأكثر مسافة ممكنة ولا يأخذ بنصائحه. أبو رمان عمليا من أهم المحللين
السياسيين وقريب من الشارع ويمكن استغلاله في أزمة المعلمين، لو أرادت الحكومة إيجاد حلّ.
-9: وزير الداخلية سلامة حمّاد متوارٍ عن الأنظار منذ الخميس الأول لاعتصام المعلمين، بينما الحكومة تصرّ على ان لا
تتوقف عند الملف وتمضي في مفاوضات على أساس “لا 50%”
-10: المتواصل مع النواب يدرك ان مبادرات نيابية خرجت من رئيس لجنة التربية النيابية الدكتور إبراهيم البدور
وغيره هدفها بالدرجة الأولى حل الإشكال ومنع وصولها لكسر عظم يهشّم البرلمان بالطريق. في ملف المفاوضات تظهر
ولاءات “رجال الدولة” كما يؤكد مراقبون.
-11: وزيرة الاعلام والاتصال جمانة غنيمات لم تستطع التواصل مع عائلتها منذ بداية الأزمة لكونها عضو أساسي في
خلية الازمة، رغم عدم خروجها كثيرا وتفضيلها البقاء خلف الكواليس. ويبدو انها عمليا نجحت بإبعاد الأزمة عن ان
تتحول لازمة اعلام.
-12: كُثر من حكومة الرزاز عينهم على منصبه، والتسريبات تتزايد عن كون وزير العدل بسام التلهوني مرشح
للموقع، غير ان انطباعات “رأي اليوم” في الأزمة الأخيرة هي ان الرجل الأقوى اليوم في الحكومة هو وزير الدولة
للشؤون القانونية مبارك أبو يامين والذي اظهر شراسة من الواضح انها تثير اعجاب رجال الدولة.
-13: في الأردن فقط يمكن لقاء وزيرين معا في جلسة واحدة للتأكد من حجم ارتباك الحكومة وازمتها، وهما يعجزان
عن تقديم رواية موحدة للاحداث وحل موحد للأزمة مع المعلمين حتى ضمن جلسة مع صحافيين.
-14: يمكن للزائر أن يلتقي 3 عاطلين عن العمل في أي جلسة، بعدما كانوا موظفين كبار أو ملّاك في واحدة من
المحافظات، وهذا يؤشر على ثقل الأزمة الاقتصادية ومخرجاتها.
-15: رئيس وزراء مخضرم سابق من وزن المهندس عبد الكريم الكباريتي بكل وقاره في مكتب البنك الأردني الكويتي
يظهر مجدداً قدرته على تفكيك أزمات البلاد وإيجاد حلول لها، ويؤكد ان على مراكز القوى مصارحة الأردنيين بأزمة
الجغرافيا والحدود والسياسة الخارجية قبل ان تبدأ معالجة أزماتها الداخلية. الكباريتي يجدد دعوته بأن انتعاش عمان يبدأ
من انفتاح على طهران.
-16: عدنان أبو عودة مستشار الملك الراحل الحسين بن طلال، هو الاسم الأكثر تداولا كأحد رجال الدولة الذين
استطاعوا إيجاد حلول، بالتزامن مع شعور عام بعودة مناخ 1989 في الأردن. (الازمة الاقتصادية والتي انتجت لاحقا
انتعاشاً سياسياً وحياة ديمقراطية).
-17: اتفاق غير مسبوق بين سياسيي الأردن السابقين والحاليين بعدم وجود من ينطبق عليهم اسم “رجال دولة”
حول الملك.
-18: نائب رئيس الوزراء الأسبق الدكتور ممدوح العبادي يبدو من أكثر المحاولين تجنّب المشهد الحالي والحديث عنه
علنا رغم انه يبحث ويتساءل عن الحلول. مقربون من الرجل نقلوا ان عدوى “الإحباط” أصابته.
-19: وزير الداخلية الأسبق حسين المجالي والذي من المعروف انه لا يحب “حلاقة ذقنه” بات يفعل مؤخرا وبشكل
دوري ومن الواضح ان له دور في كواليس الدولة. المجالي قدّم قراءة نقديّة مفاجئة في ملف المعلمين وإدارة العلاقة مع
الاخوان المسلمين ستنقلها “رأي اليوم” لاحقا.
ـ 20: “رأي اليوم” لقيت ترحاباً واسعا من النخبة السياسية في الأردن بكل مستوياتها تحت شعار “لا يوجد من
يعطينا قراءة منطقية في البلاد”. التعبيرات المستخدمة فيها الكثير حول الاعلام المحلي بين مناخ القلق الحالي وبين
تفريغه من الخبرات.
-21: الأمير حسن بن طلال، عم ملك الأردن يتصاعد اسمه همسا بين الفئات السياسية، تارة لكونه يجتمع بالوزراء
وأخرى رغبة بتجنيب ولي العهد الحالي الأمير حسين بن عبد الله مصير شقيق جدّه.
-22: ملف ولي العهد بحد ذاته معقّد واكبر مما يبدو، وهو ما ستفرد له “رأي اليوم” أيضا تحليلا واسعا. بالمناسبة
الشاب اليوم تتنازعه عدّة جهات وينتهي نزاعها باختفائه عن المشهد الحالي.
-23: مقهى جديد يُدعى “اسطرلاب” في خلدا من الواضح انه تحوّل لخليّة نحل سياسية تصبّ فيها المعلومات
واللقاءات والحوارات وعلى أعلى المستويات.
-24: الإخوان المسلمون في أقوى موقع اليوم بينما تتهمهم الدولة بتعقيد ملف الإضراب، والشيخ حمزة منصور قاد
مفاوضات بعقل بارد وفتور حول أزمة المعلمين ضمن قناة خلفية مع أحد أخطر أجهزة الدولة.
-25: نقيب المعلمين الأردنيين الدكتور ناصر نواصرة بات بطلا نقابيا وشعبيا. وتقدير سياسي خطير يقول “اليوم
شعبيته بعد الملك مباشرة”. صاحب العبارة قريب للملك بالضرورة.