لا هذا وطني ولا اولئك إخوتي
“عقال الراس ،وبركة الدار ،وسندي، والخال والد ،وعمي يا ريحة أبوي، جاري يا حامي عرضي….
كل تلك الوصوفات الجميلة بدأت تأخذ طابع “التراث” حيث يمضي الزمن وتتعاقب الأجيال لتجده كقطعة محفوظة خلف زجاج في معرض
معاصر يروي تفاصيل حقبة زمنية كانت بها الحياة .. أجمل.
رغم أنها ظواهر “فردية” إلا أن عُمق الجرح في كرامتنا لا يقبل الغبار ولو بشق صفير هواء عابر..
نَلقي وجعنا على من تدثر بضوء شاشته الزرقاء واتخذ من العالم الافتراضي سبيلا للخروج عن طاعة الأخلاق والعرف والدين، قد نكون
واكبنا التطور بسرعة فاقت قدرتنا على الفهم والتصرف السليم وسلخت عن جباهنا الحمية في ظل متاهة التقليد الأعمى..
وقد نكون نخلق المبررات بما يكفي بأن نمسح حبات عرق الغيظ من على جباهنا ، معترفين بالذنب متناسين العقاب .
في زمن ليس ببعيد كان ابن الجيران حارس” العرض” في غياب صاحب المنزل، وكانت النظرة اذا ما علقت على وجهه على حين
غفلة، أغض البصر حتى لا يقال بحق جارته كلمة سوء..
كان الستر يتجلى بأبهى الطرق فلم نعلم ما يدور خلف ستائر النوافذ ولا نخشى وقوع السيف على الرقاب…
ربما واقول ربما حتى لا يساء فهم ما يقال.. أننا تسرعنا في “نهوضنا” حتى تعثرنا بملاءة كشفت عوراتنا فأوقعتنا على انوفنا صاغرين
أمام ” ذل” أبى إلا ان يستوطن قلوبنا وغربة فتأت في أصالتنا إلا من رحم ربي ..
لنتطور ونرتقي ونصل ، صعدنا على سلم الأعراف والتقاليد والعادات وأسقطناه بأقدامنا وأخذنا ننظر إلى الأسفل “تائهين”..
في وقت كان لابد من خروج “نشمي” ينتشل المغرور من غروره، قًتل فينا الحياء والتعاضد والتلاحم من خلال جهاز نرتحل به أينما
رحلنا لنقتنص لحظة ترصد لنا كماً هائلاً من ” الاعجابات” وابتلعتنا ظلمات “الرد السريع” و”المواطن الصحفي” ولو كان على
حساب منكر أًمِرنا بأن نغيره ولو بأضعف الايمان..
في وقت أصبحت فوضى مواقع التواصل الإجتماعي تفرض سطوتها ” القذرة” على بيوتاتنا وتعرض كل ما يقف أمام عدساتها لتصبح
مادة دسمة يتناولها رواد المحتوى اللحظي ، أصبح ضرورةً أن يشرع قانون “بتر يد” كل من هانت عليه كرامة الفلسطينيين ، فلا هذا
وطني ولا أولئك أخوتي ، وبحكم ما زرعه أجدادنا في هذه الأرض الطيبة التي لا تنبت إلا الطيب رغم بزوغ بعض الأشواك آن الأوان أن
يفيق العقلاء من أبناء وطني المبتلى ويقفون وقفة رجل واحد كي لا تصبح النخوة أسطورة والحياء بدعة والشهامة خرافة وأصلنا الطيب
حكاية يرويها أبناؤنا لأبناءهم ، هذا حق الوطن والأرض والعرض علينا فهل من فزعة لإنقاذ كرامة الوطن …؟