آيا صوفيا مسجدًا.. “يوم الفتح الثاني” وأوّل صلاة مُنذ 86 عاماً: أردوغان يُرتّل القرآن وخطيب الجمعة حاملاً “سيف محمد الفاتح” ومُبشّرًا بحريّة الأقصى.. حشود وتكبيرات رغم كورونا.. سُقوط الخلافة العثمانيّة وعودتها بين عاميّ 1923 و2020.. اليونان نكّست علمها وفي حدادٍ وطنيّ وسيّدات “الباليه” حاضرات
بدا لافتاً هذا الاستعراض الإعلاميّ الذي ذهب إليه الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان، بعد مُوافقة القضاء التركي على إرجاع كنيسة آيا صوفيا إلى مسجد، قبل أن يُحوّلها العلماني المُؤسّس لتركيا الحديثة مصطفى أتاتورك إلى متحف، لإعطاء دولته الصبغة العلمانيّة، حيث حرص أردوغان على تفقّد صوفيا مرّتين شخصيّاً قبل فتحه أمام المُصلّين.
وكانت لافتةً هذه التغطيات الإعلاميّة الواسعة، التي أقبل عليها الإعلام التركي، والقطري على حدٍّ سواء، لنقل أوّل صلاة جمعة من “مسجد آيا صوفيا”، وإقبال الأتراك على أوّل صلاة تحت سقف الرمز المسيحي سابقاً، والرموز المسيحيّة الداخليّة فيه التي أخفتها السلطات التركيّة، لمسائل الخُشوع لصلاة المُسلمين.
وحرص الرئيس أردوغان على قراءة القرآن بنفسه، حيث ظهر في المقطع المُتداول، وهو يُرتّل آيات من القرآن الكريم، وقبل أداء أوّل صلاة مُنذ 86 عاماً، وظهر رئيس تركيا، مُرتدياً بذلته الأنيقة كما عادته، وربطة عُنق، ووضع على رأسه طاقيّة بيضاء، يرتديها عادةً بعض المُسلمون خلال أداء صلواتهم، ويضعها الخليجيّون كفاصل بين الشماغ والرأس، حيث يعلو الشماغ العقال.
مشهدٌ آخر لافت خلال الصلاة الأولى في آيا صوفيا، كان ظهور رئيس الشؤون الدينيّة التركيّة علي أرباش خطيب الجمعة وهو يُلقي خطبته حاملاً سيف السلطان محمد الفاتح، والذي أعاد فيها التأكيد على أنّ إعادة فتح آيا صوفيا للعبادة هو شعاع أمل لجميع مساجد الأرض الحزينة والمظلومة، وفي مُقدّمتها المسجد الأقصى، وهو بذلك باعتقاده وفق مُعلّقين يُدغدغ المشاعر الإسلاميّة بقُرب آمال تحرير فلسطين والمُقدّسات، وقد استخدم الرئيس أردوغان ذات “الآمال” بعد قرار المحكمة تحويل صوفيا إلى مسجد.
أمّا بالنسبة لظُهور سيف الفاتح مع الخطيب، فهو وفق مُعلّقين، يحمل دلالات ورسائل سياسيّة، من أهمها مُحاولة تذكير الرئيس أردوغان، بالفتح العظيم وفق نظره، على يد السلطان الفاتح للقسطنطينيّة التي استعصت على المُسلمين وغيرهم عبر التاريخ، وعودة بلاده تدريجيّاً، إلى الأسلمة العثمانيّة وأمجاد السلطنة، والتخلّي عن علمانيّة تركيا الحديثة، والسلطان الفاتح هو السلطان الذي حوّل الكتدرائيّة إلى مسجد بعد فتحه القسطنطينيّة العام 1453 تحت الراية العُثمانيّة.
وبالرّغم من مخاطر تفشّي فيروس كورونا، تداولت المنصّات، مقاطع فيديو، لاحتشاد بشري كبير لا يلتزم بقواعد التباعد الاجتماعي، أظهر تكبيرات الأتراك في إسطنبول، وردّدوا في مشاهد أعادت المشهديّة العثمانيّة، وهتافات الجيش الانكشاري الشهير الذي كان يكون ولاءه للسلطان حصرًا، خلال حقبة الخلافة العثمانيّة، وردّد الأتراك: “يالله.. بسم الله.. الله أكبر”.
وأطلق الإسلاميّون من جهتهم، على الصلاة الأولى في جامع آيا صوفيا، “صلاة الفتح الثاني” على الجمعة الأولى للصلاة في صوفيا، منذ 86 عاماً، وكأنّه الفتح الأوّل على حدّ قولهم.
وفي مُقاربةٍ عدّها مُعلّقون مقصودةً، ومتعمّدة، فقد اختار الرئيس أردوغان، إعادة فتح آيا صوفيا أمام المُصلّين، في ذكرى تاريخ سُقوط الخلافة العثمانيّة في مُعاهدة لوزان، 24/ يوليو/ 1923، وذاته العام 2020.
وقُدّر عدد المُصلّين بأوّل صلاة تشهدها آيا صوفيا، بالآلاف، فيما رصدت عدسات وسائل إعلام، تهافت ومُسارعة من الأتراك للصلاة في الجامع مُكبّرين وكأنّه يوم الفتح على حد توصيف مُغرّدين، بعد أن كان حكرًا على السيّاح.
على الضفّة المُقابلة، تداول المُعترضون، على تحويل صوفيا إلى مسجد، صورًا لسيّدة ترقص “الباليه” تحت سقف المتحف قبل تحويله إلى مسجد، بينما انتشرت اليوم سجّادات الصلاة على الأرضيّات، استعدادًا لاستقبال المُصلّين، فيما أعلنت اليونان يوم الجمعة كيوم حداد وطني، تنكّس فيه الأعلام للمُنتصف، تزامناً مع افتتاح آيا صوفيا مسجدًا للمرّة الأولى في تركيا.
أردوغان: افتتاح "آيا صوفيا" للعبادة ميلاد جديد للأمة
الرئيس التركي عقب ترؤسه اجتماعا للحكومة: لن نسمح لأحد بالتطاول على أذاننا وعلمنا ووطننا
الرئيس التركي عقب ترؤسه اجتماعا للحكومة: لن نسمح لأحد بالتطاول على أذاننا وعلمنا ووطننا.
-لن نتردد أبداً في الرد على من يواجهوننا بالإملاءات وهناك من يتوهم أن تركيا مازالت تلك الدولة الضعيفة.
-ليس لدينا أي أطماع في حقوق وثروات وأراضي الآخرين وغايتنا الوحيدة حماية حقوقنا ومصالحنا
- إعادة افتتاح آيا صوفيا للعبادة مثال جديد على حزمنا في استخدام حقوقنا السيادية
- سيتم اجراء أعمال ترميم من الداخل والخارج لمسجد "آيا صوفيا" وتقديمه بحلة جديدة للبشرية جمعاء.
قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن إعادة افتتاح مسجد آيا صوفيا الكبير بإسطنبول للعبادة "يمثل ميلاد أمة من جديد".
جاء ذلك في كلمة، الإثنين، عقب ترؤسه اجتماعا للحكومة بالمجمع الرئاسي في أنقرة.
وأضاف أردوغان: "نعتقد أن عودة آيا صوفيا كمكان للعبادة بدلا من متحف، يبعث السرور في نفوس الناس من كافة الأديان".
وأردف قائلا: "مع إعادة فتح آيا صوفيا للعبادة نشهد ميلاد أمة من جديد".
وتابع: "نقسم اليوم مجددا على أننا لن نسمح لأحد بالتطاول على أذاننا وعلمنا ووطننا".
وأوضح أن فريقا أمنيا من 500 شخص سيتولى بشكل مستمر حماية "آيا صوفيا".
ولفت الرئيس أردوغان إلى أن مسجد آيا صوفيا سيظل مفتوحا على مدار 24 ساعة بشكل دائم
وبيّن أنه بالإضافة إلى المسلمين، يمكن للمسيحيين أيضا زيارة آيا صوفيا، بعد تحويله إلى مسجد مجددا.
وأشار إلى أنه سيتم إجراء أعمال ترميم من الداخل والخارج للمسجد، وتقديمه بحلة جديدة للبشرية جمعاء، على رأسها العالم الإسلامي، بالإضافة إلى العالم المسيحي.
كما بعث الرئيس أردوغان تحياته القلبية إلى كافة الذين فرحوا بافتتاح آيا صوفيا للعبادة في مختلف أرجاء العالم من إفريقيا إلى آسيا ومن أوروبا إلى الشرق الأقصى.
وأكد أردوغان أن إعادة فتح آيا صوفيا للعبادة بما يتماشى مع وقفية السلطان محمد الفاتح، يعد أحد أحدث الأمثلة على حزم تركيا فيما يتعلق باستخدام حقوقها السيادية.
ولفت أردوغان إلى أن هناك بعض الأطراف التي تعتقد أن تركيا مازالت تلك الدولة الضعيفة كما في الماضي، وتتوهم أنها قادرة على فرض هيمنتها عليها مجددا.
وشدد على أن تركيا باتت دولة تتمتع بالقوة، وذات بنية تحتية متطورة في كافة المجالات، وتمتلك الإرادة فيما يتعلق باستخدام حقوقها السيادية، وتدرك مدى قوتها وحجم إمكاناتها.
وجدد الرئيس أردوغان تأكيده على عدم وجود أطماع لتركيا في حقوق وثروات وأراضي الآخرين، وأن غايتها الوحيدة حماية حقوقها ومصالحها.
وتابع: "لن نتردد أبداً في الرد بقوتنا المشروعة النابعة من القانون الدولي على من يواجهوننا بالإملاءات".
ولفت إلى أن تركيا لن تتردد في التصدي لكل من يسعى إلى إقصائها عبر محاولات فرض الأمر الواقع، قي قضايا يمكن حلها بالتفاوض والاتفاقيات العادلة.