ملايين الوثائق تؤرخ لمشاهد الرعب في فلسطين
تتكوم ملايين الوثاق والصور في أرشيف الحكومة البريطانية ووسائل الإعلام البريطانية والجيش والمخابرات البريطانية وجميع المنظمات الصهيونية إضافة إلى الجيش والأجهزة الأمنية الإسرائيلية التي توثق بالتفاصيل بالصور وبالتسجيلات السمعية والمرئية لأكبر مؤامرة نسجت في تاريخ العالم ضد فلسطين وشعبها، وربما بتواطؤ رسمي عربي وفقا لعدد من الوثائق المسربة.
الوثائق القليلة التي نشرت تكشف حجم الإجرام والرعب والقتل والمذابح التي أقامها الصهاينة وسلطات لانتداب البريطاني في فلسطين في الفترة ما بين عامي 1917 و1948 من أجل تهويد فلسطين وطرد سكانها الأصليين وإحلال مهاجرين ليس لهم أية صلة أو جذور بالمنطقة العربية مكانهم.
في مقال له نشر قبل أيام قليلة يكشف المؤرخ الصحافي الإسرائيلي عوفر أديرت في صحيفة “هآرتس” العبرية المحسوبة على اليسار الإسرائيلي عن وجود أكثر من مليون ملف تاريخي سري مخفي عن الإسرائيليين رغم أنه انتهت فترة الحصانة التي فرضت عليها لكنها لم تفتح أمام الجمهور.
يؤكد أديرت أن ثمة حوالي 300 ألف ملف، كل واحد منها يمكن أن يحتوي على عشرات وربما آلاف الوثائق. هذه الوثائق تشمل عدد كبير من المواضيع التاريخية ذات الأهمية للجمهور وللبحث وللتوثيق، منها حروب عام 1948 فصاعدا، المذبحة في دير ياسين في نيسان / إبريل عام 1948 ومذبحة كفر قاسم في 1956 واغتيال الصحافي والمحامي اليهودي المجري رودولف كاستنر وهو يسير في أحد شوارع تل أبيب.
طبقا للقانون الإسرائيلي فإن الوثائق السرية التي مصدرها الجيش أو “الشباك” أو وزارة الخارجية أو جهات أخرى، تبقى سرية لفترة محدودة، تتغير حسب نوع الوثيقة. مثلا، وثائق الجيش الإسرائيلي تبقى سرية لخمسين سنة ووثائق “الشباك” و”الموساد” لتسعين سنة، بعد انتهاء هذه الفترة يجب على الأرشيف رفع الحصانة عنها وتمكين الجمهور الواسع من الاطلاع عليها.
وكشف أديرت في تحقيق سابق عن مستند من الأرشيف عن علاقة منظمة “الهاغاناه” الإرهابية بتفجير فندق الملك داوود في القدس عام 1946. ويكشف عن تقرير لمخابرات “الهاغاناة” تم توزيعه داخل المنظمة بعد ثلاثة شهور من التفجير الذي تسبب بقتل العشرات ، ويظهر أن “الهاغاناة” دفعت 70 ألف ليرة لمنظمة “الايتسيل” مقابل القيام بعملية تفجير الفندق.
ويوضح أديرت أن طالبا جامعيا يدعى أفيحاي أفرهام، يدرس في جامعة “بار إيلان” الإسرائيلية، قد عثر على الوثيقة داخل أرشيف “الهاغاناه” والتي تبيّن أنها قامت بتمويل العملية الإرهابية التي سببت أكبر عدد من القتلى ضمن العمليات التي شهدتها البلاد منذ بدء الصراع.
وحول مجزرة دير ياسن كشف عوفر أديرت في مقلا سابق النقاب عن وثيقة خطيرة من الأرشيف الإسرائيلي لحرب العام 1948، نقل الكاتب اعترافات بعض من شاركوا في المذبحة التي شهدتها البلدة، فضلا عن مصادرتهم أموالا للمواطنين الفلسطينيين ومجوهرات وقعت في أيديهم، وأوضح أديرت أن الهجوم الإسرائيلي بدأ على قرية دير ياسين صباح التاسع من أبريل/نيسان 1948، كجزء من حملة عسكرية لاقتحام الطريق إلى القدس، بمشاركة 130 مقاتلا من عصابات “إيتسيل وليحي” و”هاغاناه”، وأسقطت المذبحة 110 فلسطينيين، بينهم نساء وأطفال وشيوخ.
ووصف أحد المشاركين في المجزرة كيفية هروب الفلسطينيين من منازلهم بسببها، قائلا :”لم نكن هناك بقفازات من حرير، بل دخلنا منزلا إثر منزل، نلقي مادة متفجرة والسكان يهربون، تفجير يتلوه آخر، وفي غضون بضع ساعات لم يعد نصف القرية موجودا”.
وقدم وصفا قاسيا عن حرق جثث القتلى بعد احتلال القرية، حيث أخذ الجنود الإسرائيليون القتلى الفلسطينيين، وجعلوهم في كومة واحدة، ثم أحرقوهم وبدت الرائحة الكريهة!
مشارك آخر في المذبحة زعم أنه لو كانت ثلاث مذابح أو أربعا على غرار دير ياسين لما تبقى فلسطيني واحد، بل كانوا قد هاجروا جميعا لاجئين إلى لبنان، والأردن وسوريا.
وأوضح أن الشعور الذي تولد لديه مما حصل في دير ياسين يشير إلى القتل وليس سواه، ويصعب عليه تفسيره بأنه تم في ظل الدفاع عن النفس. ونقل عن يائير تسبان عضو “الكنيست” السابق ووزير عن حزب “ميرتس” قوله “وأوضح أنه رأى عددا غير قليل من الجثث الفلسطينية، ولا يتذكر أنه شاهد جثة رجل مقاتل، ما يتذكره هو جثث النساء والشيوخ، ورأى فلسطينيين أُطلقت النار في ظهورهم، وفلسطيني ربطته العصابات الصهيونية بشجرة، ثم حرقوه، نافيا ادعاءات بعض المشاركين في المذبحة بأن القتلى الفلسطينيين أصيبوا في تبادل لإطلاق النار.
ترى عن ماذا ستكشف ملايين الوثاق المتعلقة بفلسطين؟ بالتأكيد سيكون المشهد مرعبا لدرجة يعصب على المرء تخيل حجم الموت والقتل والدماء والمعاناة والعذابات التي عايشها الفلسطينيون في المدن والقرى على أيدي الصهاينة وسلطات الانتداب البريطاني.
هآرتس: أكثر من مليون ملف تاريخي تخفيه إسرائيل خلافاً للقانون
أكثر من مليون ملف تاريخي سري مخفي عن الجمهور رغم انتهاء فترة الحصانة التي فرضت عليها. هذا ما يتبين من تقرير مراقب الدولة الذي نشر الاثنين الماضي. وادُّعي في التقرير بأنهم وخلافاً للقانون مددوا فترة إخفاء هذه الملفات في أرشيف الجيش الإسرائيلي وأرشيف الدولة. وبذلك مسوا بحق الجمهور في المعرفة وأضروا بالبحث التاريخي. تأتي المعلومات في فصل يتضمنه التقرير ويتناول “معلومات سرية – حفظها في الأرشيف ومنع نشرها”.
يتبين من المعطيات التي نشرت أن في أرشيف الجيش الإسرائيلي مليون ملف سري انتهت فترة حظر الكشف عنها، لكنها لم تفتح أمام الجمهور. أما في أرشيف الدولة فيبلغ عدد هذه الملفات حوالي 300 ألف ملف، يحتوي كل واحد منها على عشرات وربما آلاف الوثائق. هذه الوثائق تشمل عدداً كبيراً من المواضيع التاريخية ذات الأهمية العامة، والجماهيرية والبحثية، منها حروب إسرائيل من العام 1948 فصاعداً، ومذبحة دير ياسين في حرب الاستقلال ومذبحة كفر قاسم في 1956 وقتل كاستنر وحتى تدخل الشاباك في التجسس السياسي بعد الاحتجاج الذي قام به الشرقيون في الخمسينيات.
وطبقاً للقانون، تبقى الوثائق السرية التي مصدرها الجيش أو الشاباك أو وزارة الخارجية أو جهات أخرى، سرية لفترة محدودة، تتغير حسب نوع الوثيقة. مثلاً، وثائق الجيش الإسرائيلي تبقى سرية لخمسين سنة ووثائق الشاباك والموساد لتسعين سنة. بعد انتهاء هذه الفترة يجب على الأرشيف رفع الحصانة عنها وتمكين الجمهور الواسع من الاطلاع عليها. يعتقد جزء من الجهات المهنية أن عليها القيام بخطوات فعالة لتوعية الجمهور فيما يتعلق برفع الحظر. خلافاً لذلك، مددت الأرشيفات فترة حظر الوثائق التي ناقشها التقرير بدون صلاحية.
وكتب في التقرير أنه من أجل تمديد فترة الحظر يجب على الأرشيفات الحصول على مصادقة من لجنة وزارية خاصة تتشكل من ثلاثة وزراء للسماح بالاطلاع على مواد سرية في الأرشيف. وأبلغ رجال الأرشيف مراقب الدولة بأنهم مددوا فترة حظر نشر الوثائق دون مصادقة اللجنة لأنها لا تكلف نفسها عناء الانعقاد. “يستغرق الأمر ثلاث سنوات لعقد اللجنة… الجميع يعرفون بأن الوزراء لن يناقشوا الأمر”، أشار أمين محفوظات الدولة السابق، الدكتور يعقوب ليزوفيك، أمام أرشيف الدولة.
ووجد مراقب الدولة أيضاً بأن أرشيف الدولة كلف، خلافاً للقانون، المسؤول عن الأمن في وزارة الدفاع بفرض حظر على نشر الوثائق الموجودة في الأرشيفات العامة والخاصة المختلفة في أرجاء الدولة. في أعقاب ذلك، يبحث ممثلو المسؤول عن الأمن في وزارة الدفاع بدون صلاحية عن وثائق سرية في هذه الأرشيفات ويخفونها عن الجمهور.
يتبين من الشهادات التي نشرت في السنوات الأخيرة أن المسؤول عن الأمن في وزارة الدفاع صادر وثائق تاريخية من أرشيفات معينة وفرض الحظر على وثائق تاريخية في أرشيفات أخرى. ويعرض المراقب مثالاً واحداً في هذا السياق – بعد مراجعة قام بها المسؤول عن الأمن في وزارة الدفاع في أرشيف يد يعري، الذي يوثق “هشومير هتسعير” والكيبوتس القطري، كتب على عدد من الملفات كلمة “مغلق”، دون الإشارة إلى تاريخ محدد لفتحها أو إعادة فحصها، وهذا خلافاً للقانون.
انتشار ظاهرة منتشرة، وهي حيازة وثائق سرية من قبل شخصيات رفيعة سابقة خدمت في الوظائف العامة، والذين لم يعودوا يتولون وظائفهم، لكنهم احتفظوا، خلافاً للقانون.
إلى جانب المس بحرية البحث وبحق الجمهور في المعرفة، حذر المراقب من ظاهرة عكسية في حالات أخرى، اعتبرها “خطراً لكشف معلومات سرية والمس بأمن الدولة”. وجه المراقب الانتقاد لغياب إجراءات واضحة لحماية المعلومات ومعالجة المواد السرية المحفوظة في الأرشيفات العامة والخاصة المختلفة، والتي لا توجد أي جهة رسمية مؤهلة مسؤولة بصورة رسمية وقانونية عن حمايتها. “المواد السرية التي توجد فيها قابلة للوصول إليها من قبل جهات ليس لها صلاحية، وقد تكون قابلة للوصول إليها من قبل جهات معادية. المعنى هو أن معلومات سرية استثمرت جهوداً كبيرة لإخفائها، قد تصل إلى العدو فتعرض أمن الدولة للخطر”.
وتطرق المراقب أيضاً لظاهرة منتشرة، وهي حيازة وثائق سرية من قبل شخصيات رفيعة سابقة خدمت في الوظائف العامة، والذين لم يعودوا يتولون وظائفهم، لكنهم احتفظوا، خلافاً للقانون، بوثائق تتعلق بنشاطاتهم العامة في بيوتهم. المثال الأكثر بروزاً الذي كشف في السنوات الأخيرة هو الأرشيف الخاص الذي أقامه رئيس الوزراء السابق اريئيل شارون في بيته في مزرعة شكميم. يتبين في تقرير المراقب أن معظم هذا الأرشيف نُقل إلى أرشيف الدولة الذي أجرى اتصالات مع أبناء شارون من أجل الحصول عليه.
ولكن الآن يتبين أن ابنة شخصية رفيعة في جهاز الأمن تحتفظ بمواد كانت لديه قبل وفاته. بسبب الخلاف مع وزارة الدفاع بشأن مستقبلها، لم يجر فحص هذه المواد حتى الآن. يقتبس المراقب المسؤول عن الأمن في وزارة الدفاع وثائق سرية في هذه المواد من عهد تولي هذه الشخصية وظيفتها. ابنة هذه الشخصية التي لم تنشر اسمها قالت رداً على مراقب الدولة: “لا أذكر أن كان هناك توجه رسمي مكتوب من أي وحدة في وزارة الدفاع بخصوص طلب فحص أي مواد مرتبطة بفترة ولاية والدي”.
وورد من وزارة الدفاع: “أرشيف الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن هو الأرشيف الأكبر في دولة إسرائيل مع أكثر من 16.5 مليون مادة معلوماتية وأكثر من 12 مليون ملف ونحو 3 ملايين صورة وأكثر من 150 ألف تسجيل صوتي وفيديو. يكشف الأرشيف في كل سنة آلاف الملفات السرية، ويقوم في السنوات الأخيرة بعملية ترقيم واسعة النطاق لكشف المعلومات أمام الجمهور. يأخذ الأرشيف في الحسبان ملاحظات مراقب الدولة ويعمل بلا كلل على توسيع الكشف حسب القانون وبالوسائل التي تقع تحت تصرفه”.
“يعمل المسؤول عن الأمن في وزارة الدفاع، طبقاً لصلاحياته، في الحفاظ على السرية في جهاز الأمن. عندما يعرف المسؤول عن الأمن بأن مادة سرية وحساسة موجودة لدى شخص ما بصورة غير قانونية (طبقاً للمادة 113 في قانون العقوبات الذي يمنع الاحتفاظ بمعلومات سرية بدون إذن)، يعمل المسؤول عن الأمن على إعادة المواد من خلال الاتفاق. بدون هذا النشاط في الأرشيفات ربما تقع أضرار حقيقية لأمن الدولة والعلاقات الخارجية لها. إضافة إلى ذلك، يتم فحص ملاحظات المراقب من قبل الجهات ذات الصلة.
بقلم: عوفر أديرت
هآرتس 4/8/2020
إسرائيل تمدد فرض السرية على وثائق دير ياسين وكفر قاسم واغتيال المبحوح ويحيى عياش
رغم مرور سبعة عقود ونيف على نكبة 1948، ما زالت إسرائيل التي قامت على أنقاض الشعب الفلسطيني تخشى الكشف عن الصورة الحقيقية لما ارتكبته الصهيونية بحق الفلسطينيين من قتل وتهجير وجرائم أخرى.
قرار حكومة الاحتلال بتمديد فترة حظر نشر وثائق ومستندات أرشيفية خاصة بـ جهاز الأمن العام (الشاباك) والموساد بعشرين عاما، ما يعني أن الكشف عن الوثائق لن يتم قبل مرور 90 عاما على تأسيس أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية.
فهذا ما يستدل من قرار رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو اليوم الأربعاء الذي أمر فيه بتمديد فترة حظر نشر وثائق ومستندات أرشيفية خاصة بـ جهاز الأمن العام (الشاباك) والموساد بعشرين عاما، ما يعني أن الكشف لن يتم قبل مرور 90 عاما على تأسيس أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية. وحسب تقرير نشرته صحيفة ” هآرتس ” فقد تم تمديد فترة السرية على الوثائق والمستندات لجهاز الأمن العام( الشاباك) والموساد لمدة عقدين وعلى سبيل المثال، سيتم فتح وثائق من عام 1949، عام تأسيس “الشاباك”، للجمهور فقط في 2039 . واستنادا لأمر تمديد الحظر الحكومي فإن الكشف عن مذبحة دير ياسين((9-4-1948) لن يكون ممكنا حتى تاريخ فترة قرار التجديد.
ويبدو أن إسرائيل تسعى لإخفاء تفاصيل عن المجزرة المروعة في دير ياسين خاصة ألبوم صور للضحايا وللقرية بعد احتلالها، كما يعتقد عدد من المؤرخين الإسرائيليين الجدد. كذلك قضية الإرهاب الإسرائيلي في مصر ومحاولة منع انسحاب بريطانيا من مصر عام 1954 المعروفة باسم “العمل المشين” أو ” فضيحة لافون “سيتم الكشف عن وثائقها فقط في 2044 وهي الفضيحة التي تورطت بها إسرائيل وقتها من خلال إرسال عملاء لها للقاهرة لتفجير دور سينما واستهداف أمريكيين وأوروبيين لتأليب الغرب على مصر ورئيسها الراحل جمال عبد الناصر.
مذبحة كفر قاسم
وهكذا بالنسبة لمذبحة كفر قاسم التي قتلت فيها إسرائيل 44 من الفلسطينيين بهدف ترهيبهم ودفعه للرحيل عام 1956 ونتيجة لهذ القرار الحكومي لن يكون متاحا الكشف عن كافة ملفاتها قبل 2046. أما مفاعل ديمونا النووي فلن يكون ممكنا الكشف عن مستنداته التاريخية والخاصة ببنائه بمساعدة فرنسا عام 1959 قبل العام 2049. وحتى حرب رمضان في 1973 فلن يتاح الاطلاع على مستنداتها التاريخية قبل العام 2063 أما استهداف مفاعل تموز النووي في بغداد عام 1981 فلن يكون ممكنا الاطلاع على وثائقه وتفاصيله السرية قبل 2071. وفيما يتعلق بمجزرة مخيمي صبرا وشاتيلا عام 1982 والتي تورطت فيهما إسرائيل مع الكتائب اللبنانية خلال اجتياح لبنان فلن يتم الكشف عن خباياها الأرشيفية إلا في العام 2072. بل هناك ما تخفيه إسرائيل وترغب بتأجيله وهو مرتبط باتفاق أوسلو من 1993 حيث سيتم الكشف عن وثائقه فقط في العام 2083، كما أن اغتيال رئيس حكومة الاحتلال الراحل اسحق رابين 1995 لن يكشف عن وثائقها قبل 2085.
يحيى عياش
كما لن يكون متاحا قبل 2086 الكشف عن وثائق مرتبطة بقضية اغتيال القيادي في حركة حماس المهندس يحيى عياش في 1996 انتقاما للعمليات التفجيرية داخل المدن الإسرائيلية. كذلك يستدل أن لدى إسرائيل ما تخفيه حول هبة القدس والأقصى التي قتلت فيها 13 من المواطنين الفلسطينيين خلال تظاهرهم، ولن يكون ممكنا الكشف عن وثائق خاصة بهذه الجرائم قبل 2090. وبشأن ضرب المفاعل النووي السوري في دير الزور بقرار من حكومة ايهود أولمرت في 2007 فلن يتم الكشف عن وثائق الهجمات الجوية هذه قبل 2097. وتعتبر القضية التي تستغرق الوقت الأطول للكشف عن وثائقها الأرشيفية فهي عملية سرقة وثائق البرنامج النووي الإيراني عام 2018 إذا سيتم الكشف عنها بعد قرن تقريبا في 2108.
اغتيال محمود المبحوح
وفيما يرتبط بوثائق اغتيال القائد في حركة المقاومة الإسلامية ( حماس)محمود المبحوح، الذي ينسب اغتياله في دبي إلى الموساد عام 2100 فهي أيضا سيؤجل الاطلاع عليها مثلها مثل مؤسسات إسرائيلية أخرى مثل لجنة الطاقة الذرية، وحدات معينة في الجيش، والمعهد البيولوجي لتصنيع أسلحة بيولوجية في غربي النقب.
من الناحية العملية، تقول الصحيفة: “ليس للقرار الجديد أي أهمية حقيقية، حيث أن هذه المحفوظات الأرشيفية مغلقة بشكل كلي أمام الجمهور، لكنها محاولة تأكيد على حجب معلومات تدين إسرائيل وتحرجها حتى بعد عقود. ووجه مسؤولون في الحركة “لحرية المعلومات” وجمعية حقوق المواطن ومعهد الأبحاث “عكفوت”، انتقادات شديدة اللهجة لقرار تمديد السرية على الوثائق، وقالوا، إن “هذا القرار تعسفي ويتجاهل المصلحة العامة في الكشف عن المواد الأرشيفية”. من ناحية أخرى قال ديوان نتنياهو إن هناك حاجة أمنية حقيقية لإغلاق هذه المواد وحجبها عن الجمهور رغم تقادم السنين ومرور الوقت الطويل منذ وقوع أحداث مرتبطة بها . ومن بين الجهات التي أبدت معارضتها لتمديد فترة السرية على هذه الوثائق والمستندات هو المجلس الأعلى للمحفوظات والأرشيف، وهو هيئة تقدم المشورة لأرشيف الدولة وتتبع لمكتب رئيس الحكومة. وقد أوصى المجلس قبل أشهر بتمديد هذه الفترة بخمس سنوات فقط، لكن نتنياهو لم يقبل توصياته ووقع في الشهر الماضي تعديلا على لائحة المحفوظات الأرشيفية، والذي يمدد الفترة. وأوضح الدكتور يعقوب لزوبيك، الذي أشغل بالسابق أمين عام المحفوظات والأرشيف، أنه بمثل هذا من النقاش، يجب على الشخص أن يكون قادرا على احتواء فكرتين متناقضتين في نفس الوقت، أولا نشاط هذه الأجهزة والهيئات، وثانيا، أهمية توجيه الانتقادات والمراقبة، لأنه يجب على المجتمع الديمقراطي إيجاد التوازن. من جانبها قالت المستشارة القضائية لأرشيف الدولة، المحامية نعومي الدعبي، إن أحد الأسباب لتمديد السرية على الوثائق كانت أمنية، زاعمة وجود خطر حقيقي للمس بأمن الدولة بحال كشف النقاب عن الوثائق والمستندات. وشملت هذه الوثائق معلومات حول المتعاونين والعملاء للأجهزة الأمنية الإسرائيلية وبعضهم ما زالوا على قيد الحياة، وكشف المعلومات عنهم من شأنه أن يعرض حياتهم للخطر، بحسب المحامية الدعبي، التي أوضحت وجود معلومات ترد من مصادر أجنبية قد تضر بعلاقات إسرائيل الخارجية. مؤكدة أن بعض المواد تتعلق بطرق العمل التي اعتمدتها الأجهزة الأمنية في خمسينيات القرن الماضي وحتى قبل ذلك، بطريقة من شأنها الإضرار بأمن الدولة”. وقالت في ردها على الهيئات التي عارضت الأمر الذي يمدد السرية على الوثائق إنه من الناحية الأمنية والسياسية إسرائيل ما زالت تواجه تحديات أمنية من الدرجة الأولى، تلزم بتوخي الحذر حتى بعد مرور 70 عاما على إقامة الدولة وإنشاء الأجهزة الأمنية، بحيث أن التمديد الإضافي لــ20 سنة، هي فترة إضافية معقولة ومع انقضاء هذه السنوات يمكن الكشف عن الوثائق دون أن يكون هناك أي مساس بأمن الدولة “. كما قالت إن عمل الأجهزة الأمنية مركب من أجزاء صغيرة، كما أن العمل الاستخباري يتكون من مجموعة أفراد، ومن الصعب تقدير مدى ضرر قد ينجم عن عرض وثيقة واحدة، من المحتمل جدا أن تبدو وثيقة واحدة عادية، لكن إضافتها إلى وثائق أخرى ستعطي صورة عامة، و قد تستمد منظمات الاستخبارات المتنافسة أو المنظمات “الإرهابية” المسؤولة عن جمع المعلومات من هذه المعطيات الاستخبارية المتعلقة بقدرات جمع المعلومات الاستخبارية وإحباط العلميات التي تقوم بها المؤسسات الأمنية في إسرائيل”. ويرى الصحافي الإسرائيلي في ” هآرتس ” غدعون ليفي أن الأمر الحكومي المذكور يلقي الضوء على حجم الغبن التاريخي الذي لحق بالشعب الفلسطيني نتيجة جرائم الصهيونية.