منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 إسرائيل هي القضية!

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75690
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

إسرائيل هي القضية! Empty
مُساهمةموضوع: إسرائيل هي القضية!   إسرائيل هي القضية! Emptyالأحد 23 أغسطس 2020, 11:05 am

إسرائيل هي القضية! P_1694ownld1


إسرائيل هي القضية!
 سامح المحاريق


شاع مؤخراً استخدام وسم فلسطين ليست قضيتي، أو ليست قضيتنا. والأمر اللافت أن الوسم لم يعد يستخدم من أفراد عاديين تنحصر همومهم ومعارفهم فيما يعيشون فيه اليوم، ولا يبتعد تخطيطهم للمستقبل عن بضع سنوات في الحد الأقصى. فمؤخراً تنضم شخصيات ذات مكانة ثقافية وفكرية لتروج للتنصل من القضية الفلسطينية، وتتجاهل كل المعارف التي يفترض أنها تعلمتها من التاريخ، وكل الرؤى التي يحتم عليها المستقبل أن تضعها في اعتبارها، بل وتتجاهل أيضاً التجارب التي تمثل أمامها وهي تتخلى عن مسؤوليتها تجاه فلسطين، لتعود بنتائج مخيبة على مستوى السلام المتخيل، ولتبقى في دائرة المخاطر المحدقة نفسها، بحيث تشبه صاحب الحقل الذي يرمي كرة النار على الحقل المجاور.
هل علينا أن نعود إلى الأولويات كل مرة؟ وأن نعيد رواية القصة ذاتها من جديد؟ ولماذا؟ لنفسر عمومية القضية الفلسطينية! ألا يشبه الأمر محاولة عبثية لإثبات البديهيات؟
ضجت أوروبا من اليهود كجماعة وظيفية تتناقض قيمها وممارساتها مع محيطها الاجتماعي، وظهرت العديد من المشاريع لنقلهم إلى خارج القارة، سيبيريا ومدغشقر كانتا من بين العديد من الخيارات المطروحة في وقت كانت فيه الحركة الصهيونية تعمل في مقاولة لتنفيذ عملية الإخلاء من أوروبا، كانت فلسطين بين الخيارات الجدية كحل للمسألة اليهودية، ولكنه حل باهظ التكلفة ومعقد نوعاً ما.
بجانب القيمة الدينية التي تشجع اليهود على الهجرة وترك البلدان التي كانت تعتبر أوطانهم، كانت ثمة قيمة استراتيجية تتمثل في دق إسفين ينهي احتمالية إقامة دولة عربية بديلة للعثمانيين، ويطل على أهم شريان تجاري عالمي في السويس، ولذلك أتى مشروع وعد بلفور بوصفه نقطة الالتقاء بين الاستعمار والصهيونية، فالصهيونية هي أداة استعمارية في الأساس، ولم تكن لتستمر بدون وجود ما تمنحه للقوى الاستعمارية التقليدية.

القضية الحقيقية التي يجب أن تبقى في حضورها الدائم هي مقاومة إسرائيل بوصفها كيانا غير طبيعي يهدد المنطقة ومستقبلها

في ضوء مجريات الأحداث التي ترافقت مع مرحلة التحرر العربي، وابتداء من مشاركة إسرائيل في العدوان الثلاثي على مصر بدون وجود مبرر حقيقي لذلك سوى الالتزام الصهيوني بولائه للاستعمار، يتبين مدى ارتباط القضية الفلسطينية بالفضاء العربي بشكل وثيق، وبصورة لا تكاد تستثني أي دولة عربية.
عندما تراجعت بريطانيا عن مكانتها الاستعمارية وتقلصت قدرتها على الهيمنة كان الأمريكيون يتحضرون لتعبئة الفراغ البريطاني، وجزء من ميراثه كان يتمثل في إسرائيل، ولكن المكانة التي أولتها الولايات المتحدة لإسرائيل كانت ترتبط أيضاً بالمستجدات في منطقة الخليج العربي، وظهور ثروات نفطية هائلة لم يكن للأمريكيين الإبقاء عليها في حظيرتهم الاستراتيجية من غير وجود إسرائيل، وخاصة بعد تأميم النفط في إيران مع محمد مصدق واستشعار الأمريكيين مبكراً بأن إيران ليست الحليف الأبدي الذي يمكن الارتكان على وجوده في سعيهم للهيمنة على العالم، ومواجهة المشروع السوفييتي، وأي مشاريع أخرى تمثلها حركات النهضة الوطنية في الصين والهند وغيرها من التكتلات البشرية الكبيرة في شرق العالم.
لذلك تبقى إسرائيل المنصة المتقدمة للأمريكيين في المنطقة، والخليج العربي المكشوف على مطامع إيران وغيرها لا يمكن لإسرائيل أن تمنحه سلاماً مجانياً، فهي ستبقى عائقاً أمام تكامله الاستراتيجي مع العمق العربي في الهلال الخصيب، وبذلك يبقى الخليج محتفظاً بعلاقة زبائنية على مستوى علاقاته الدولية؛ فدول الخليج الثرية في حاجة دائمة لإمداد من الأسلحة والطاقات البشرية التي ستأتي بدون أي التزام أيديولوجي أو عقائدي وبتكلفة باهظة، بينما يحقق التكامل مع الهلال الخصيب وضعاً معاكساً لوجود الأرضية العقائدية التي تجعله التزاماً بتكلفة أقل كثيراً من الناحية المادية، وتحت طائلة استثمار مجموعة من المفاهيم القومية العامة التي تبقى شبه مجانياً، باستثناء ما يمثله غزو الكويت من شبح على العقل الخليجي، وهو الغزو الذي لم يكن ليتم لولا تصور العراقيين لوجود غض طرف أمريكي نتيجة توثق علاقات العراق بالولايات المتحدة في الحرب على إيران، فالأمريكيون وراء لعبة التهديد الذي يطارد الخليج ويجعله يعيش في دوامة وجودية، وإسرائيل جزء من هذه المنظومة.
الهلال الخصيب باستمرار وجود إسرائيل يبقى مجرد ساحة تتقاطع عليها الدول المتنافسة إقليمياً، فإسرائيل تهديد مستدام يحول دون بناء المنطقة لكتلة صلبة تستطيع من خلالها أن تنافح وتنافس المطامع الايرانية والتركية، وبذلك تبقى إسرائيل هي العائق الأساسي أمام أي مشروع نهضوي في المنطقة.
أما مصر فهي الخاسر الأكبر وبعد بلفور لم يكن بعيداً عن مشروع دولة محمد علي التي امتد تأثيرها على مناطق واسعة في الشام والأناضول والجزيرة العربية والسودان والحبشة، وإسرائيل عامل أساسي في إبقاء مصر تحت الضغط المستمر في الحرب والسلام معاً، ولا توجد قوة استعمارية كلاسيكية أو حداثية يمكن أن تسمح بوجود دولة قوية تسيطر على وسط العالم التقليدي.
ومصر الضعيفة تؤثر سلباً على محيطها بشكل أكثر خطورة مما تمثله مصر القوية، لأنه تشجع الدول الأقل وزناً في المحيط على التمدد بأطماعها بحيث تتعقد ساحة الصراع فتنضم دول مثل ايطاليا واليونان إلى التنافس على المنطقة.
أما المغرب العربي فإسرائيل تمثل عائقاً أساسياً أمام حصوله على امتداد طبيعي يعتقه من السيطرة الأوروبية ويخلصه من الحسابات المرتبطة بشمال المتوسط وكأنه عائق طبيعي آخر مثل الصحراء الكبرى يحول دون امتداد قومي وإنساني أوسع على أسس التلاقي العرقي والديني مع المشرق العربي.
ربما يكون صحيحاً أن دعم فلسطين والشعب الفلسطيني هو أمر يدخل في الذائقة الشخصية لأي فرد يتابع الواقع القائم، فهذه مسألة أخلاقية في الأساس، أما القضية الحقيقية التي يجب أن تبقى في حضورها الدائم فهي في مقاومة إسرائيل، ذلك أن الكيان غير الطبيعي يهدد حيوية المنطقة ومستقبلها بأكثر من أي خطر آخر، لأنه داخل المنطقة يتسلق على مناعتها وقدرتها على التقدم من الداخل.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75690
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

إسرائيل هي القضية! Empty
مُساهمةموضوع: رد: إسرائيل هي القضية!   إسرائيل هي القضية! Emptyالأحد 23 أغسطس 2020, 11:07 am

تصارعوا تصحّوا!
 د. فيصل القاسم

يؤكد علماء السياسة والاجتماع أن أهم عنصر للتقدم الإنساني عامة وتحقيق الديمقراطية خاصة يكمن في الحراك الاجتماعي، أي أن الديمقراطية لا يمكن أن تولد إلا من رحم الصراعات والاشتباكات حتى لو كانت عنيفة ودموية في أغلب الأحيان، فالوضع المزدهر الذي آلت إليه أوروبا وأمريكا مثلا لم يأت فجأة، بل كان نتيجة لقرون من التطاحن والمعارك والدماء. وكلنا يعرف كم خسر الأوروبيون من الأرواح حتى وصلوا إلى حالة الرخاء والتقدم والاستقرار ومن ثم الديمقراطية التي ينعمون بها الآن. فقد قتلوا من بعضهم البعض الملايين في حروب مدمرة أتت على الأخضر واليابس ناهيك عن التقاتل داخل الدول نفسها، فالمجتمعات الغربية لم تتناحر مع بعضها البعض فقط بل شهدت أيضا حروبا وصراعات داخلية أشد وأعتى، فأمريكا مرت بحرب أهلية دونها التاريخ. أما بريطانيا، كما يجادل المفكر الفلسطيني بشير موسى نافع، « فلم تكن الديمقراطية فيها ممكنة لولا انتهاء الصراعات الدموية منذ القرن السادس عشر… لقد ولد الإجماع البريطاني في نهاية مائتي سنة من الحروب الأهلية الطاحنة، وولد هذا الإجماع في ألمانيا من أتون هزائم مدمرة» واضطرابات وتحولات كبيرة. ولا ننسى ثورات فرنسا وإسبانيا وغيرهما. أما إيطاليا فلم تصل إلى بر الأمان الداخلي إلا في وقت متأخر، فقد عاشت كغيرها من الدول الأوروبية فترات عصيبة من الصراعات والمشاحنات الداخلية قبل أن تستقر فيها الأمور وتصل إلى مبتغاها.
بعبارة أخرى فإن حالة الاستقرار والرفاهية والديمقراطية كانت نتيجة نضال عسير ليس فقط ضد الآخرين بل أيضا بين أبناء البلاد أنفسهم، فكانت الجماعات والأحزاب والفصائل تشتبك وتتناحر وتقاتل بعضها البعض حتى وصلت إلى الإجماع الوطني المطلوب، فمن أهم مقومات بناء الديمقراطية كما يرى بعض المفكرين، هو الإجماع الداخلي والتوصل إلى وضع مشترك يحسم الأمور ويتفق عليه الجميع، فمن دون ذلك تظل البلاد في حالة مخاض. وكلنا يعرف أن المرأة لا تلد مولودها إلا بعد أن تنتهي من مرحلة المخاض المعروفة بالطلق.
وكي يحدث الحراك الاجتماعي والسياسي لا بد من توفر المجال وحرية الحركة حتى لو أدت هذه الحركة إلى صراعات دامية داخل الأوطان، فحجر الصوان لا يحدث شرارة إلا إذا احتك بقوة بحجر صوان آخر. صحيح أن العرب ناضلوا طويلا وضحوا بملايين الشهداء من أجل التحرر من نير الاستعمار الأجنبي. ولا أحد يستطيع أن ينكر بطولات وتضحيات معظم الشعوب العربية، فالجزائريون خسروا أكثر من مليون شهيد لطرد الفرنسيين من ديارهم. الجميع ناضل وقدم الدماء كي يتحرر من ربقة الغاصبين. لكن كان على الذين حققوا الاستقلال في البلدان العربية أن يعرفوا أن التحرر من المستعمر الخارجي ليس نهاية المطاف، فهو مجرد استقلال أولي، لهذا دعا المفكر التونسي منصف المرزوقي مثلا في كتابه الرائع بنفس العنوان إلى تحقيق «الاستقلال الثاني» ويعني بذلك الاستقلال الوطني، أي تحرير الوطن من أعدائه الداخليين الذين ما لبثوا يخنقون حريته ويغتصبون حقوقه وتقدمه ويدوسون كرامته.

حالة الاستقرار والرفاهية والديمقراطية كانت نتيجة نضال عسير ليس فقط ضد الآخرين بل أيضا بين أبناء البلاد أنفسهم، فكانت الجماعات والأحزاب والفصائل تشتبك وتتناحر وتقاتل بعضها البعض حتى وصلت إلى الإجماع الوطني المطلوب

إن حالة الاستقرار المزيف التي فرضتها الأنظمة العربية منذ عشرات السنين على أوطانها كانت في واقع الأمر حقا يُراد به باطل، فقد صدعت هذه الأنظمة رؤوسنا وهي تتشدق بالحديث عن نعمة الاستقرار والأمن وضرورته لبناء الأوطان والنهوض بها، لكننا اكتشفنا بعد طول انتظار أن الهدف من فرض حالة من السكون على البلدان العربية لم يكن من أجل البناء والتقدم كما كانوا يدعون، بل من أجل أن تستتب الأمور للأنظمة الحاكمة و يحلو لها الجو كي تسلب وتنهب وتعبث بمقدرات الشعوب والأوطان وتبقى مسيطرة على زمام الحكم دون إزعاج من أحد، فبحجة الحفاظ على الاستقرار وصون ما يُسمى بالوحدة الوطنية مارست هذه الأنظمة أبشع أنواع الكبت والقمع بحق البلاد والعباد. وماذا كانت النتيجة؟ طبعا تقهقر وتراجع على مختلف الأصعدة. وقد سمعت معلقاً عربياً يقول ذات مرة إن بعض الأنظمة العربية وضعت شعوبها وأوطانها في الثلاجة منذ اللحظة التي وصلت فيها إلى السلطة. وقد جاء كلامه هذا تعبيراً عن حالة التجمد التي وصلت إليها الدول العربية في مختلف المجالات. فلا اقتصاد يزدهر، ولا تجارة تتحرك، ولا حراك سياسي أو اجتماعي، ولا ومن يحزنون، فكل من يحاول أن يرفع رأسه يٌقمع بوحشية عز نظيرها تحت حجج الأمن والاستقرار.
يحاجج بعض المتفلسفين والمنظرين لأنظمة القمع والاستبداد أن بناء دولة القانون والمؤسسات لا يمكن أن يتم إلا بعد المرور بما يسمونه بمرحلة القمع، وكأن الشعوب عبارة عن قطيع من الحمير والبغال أو حيوانات متوحشة كما وصفها المفكر السياسي هوبز تحتاج للتأديب والتطبيع كي تصبح أليفة لا تتجرأ على المعاكسة والمشاكسة أو الخروج على النص. ويستشهد هؤلاء المتفلسفون بفوائد الأمن والاستقرار وآثاره الإيجابية على البلدان الغربية. ويستشهدون بالمثل القائل إن الحجر المتدحرج لا ينبت عليه العشب. وأن لا تقدم وازدهار من دون استقرار داخلي، وهذا صحيح جزئياً، لكنهم يتعامون قصداً عن الحقيقة القائلة أن الاستقرار الذي وصلت إليه أوروبا والبلدان المتقدمة لم يكن مفروضاً، بل جاء نتيجة طبيعية لحالات طويلة وعصيبة من النضال والصراع. وهو أمر مفقود تماما في تاريخنا السياسي والاجتماعي العربي. والدليل على بطلان نظريتهم أن الاستقرار المزعوم الذي فرضوه على الشعوب والأوطان لم يحقق أي تقدم، بل كما قلت، أدى إلى حالة من الكساد السياسي والثقافي والاقتصادي والاجتماعي وحتى الديني في البلاد العربية.
أما الوحدة الوطنية التي كانت تتفاخر الدول العربية بتحقيقها فهي وحدة زائفة ومؤقتة ومرتبطة أولا وأخيراً بزمن فترة القمع والاستبداد. ولن يحدث الاستقرار الحقيقي في مثل تلك البلدان إلا عندما تتعارك وتشتبك الشعوب مع بعضها البعض وتصل بعد طول صراع إلى صيغة وإجماع وطني يحقق لها الوحدة الحقيقية والاستقرار الدائم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75690
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

إسرائيل هي القضية! Empty
مُساهمةموضوع: رد: إسرائيل هي القضية!   إسرائيل هي القضية! Emptyالأحد 23 أغسطس 2020, 11:08 am

طريق الخيانة لا يمر بفلسطين… الاتفاق الإماراتي في سياقه التاريخي
 عبد الحميد صيام


«إتفاق إبراهيم» بين دولة الإمارات والكيان الصهيوني برعاية أمريكية جاء تتويجا لمسيرة طويلة بدأها ولي العهد محمد بن زايد منذ نحو عشرين سنة وخاصة بعد وفاة والده الشيخ زايد عام 2004 وإقصاء أخيه الأكبر خليفة كي يصبح صاحب الكلمة العليا في بلد لا يملك شيئا إلا المال. منذ بدايات القرن الواحد والعشرين، وبعد التشبيك مع مجموعة من القيادات الطموحة في الشرق الأوسط والمرتبطين بالأجهزة الاستخباراتية الأمريكية والإسرائيلية، بدأ محمد بن زايد يسير بالبلاد إلى مرحلة جديدة تقوم على تمثل المصالح الإسرائيلية في المنطقة ونقل مهمة الحماية للدولة الصغيرة إلى إسرائيل كي يصبح قائدا إقليميا ودوليا وينقل دولته إلى لاعب أساسي في السياسات الدولية.
وقد وضعت إسرائيل شروطا ثلاثة على ولي العهد الطموح كي يصبح مؤهلا لذلك الدور الكبير:
– أن يؤمن خطوط الملاحة البحرية في المنطقة التي تؤدي في النهاية مرورا أو وصولا إلى إسرائيل.
– أن يقف ضد حركات الشعوب المطالبة بالحرية والعدالة والديمقراطية والعمل على أن يحكم العالم العربي إما ملوك وسلاطين إلى الأبد أو عساكر يحكمون بالحديد والنار أيضا إلى الأبد.
– والشرط الثالث أن يتم التخلي تدريجيا عن قضية فلسطين والعمل على شيطنة الشعب الفلسطيني ومحاولة إيجاد قيادات بديلة متساوقين مع المشروع الصهيوني.
وإذا ما استطاع هذا الأمير أن يثبت أنه جدير بثقة إسرائيل وحقق هذه المهمات الثلاث سيتم بعدها تأهيله ليلعب دورا أكبر من بلده ويصبح شريكا صغيرا للكيان الصهيوني.
* حول الموانئ، أنشئت شركة موانئ دبي عام 1999 لتصبح الذراع الطويلة لدولة الإمارات للسيطرة على موانئ البحر الأحمر والبحر المتوسط والعديد من الموانئ العالمية. فقد سطيرت على موانئ اليمن الجنوبي مثل عدن وسقطرى وجيبوتي وشمال الصومال وإريتريا وبعض موانئ مصر(السخنة) والجزائر. كما أخذت عقودا لإدارة موانئ في الهند وباكستان وروسيا والصين والسعودية وكوريا الجنوبية وفيتنام.

شعب الإمارات لن يقبل جريمة التطبيع هذه وسكوته خوفا من العقاب وليس علامة رضى

ويدخل ضمن هذا التمدد تدخلها في حرب اليمن مع السعودية منذ آذار/مارس 2015 ولكن بأجندة مختلفة، بتوافق أو بدون توافق، مع السعودية. فهي لم تدخل بشكل جدي في حرب مع الحوثيين إلا بشكل هامشي في البداية ثم ركزت عملها في الجنوب. كان همها أولا أن تفصل الجنوب عن الشمال فأقامت الميليشيات الجنوبية وأنشأت ما يسمى «المجلس الانتقالي الجنوبي» برئاسة عيدروس الزبيدي الداعم لفكرة انفصال الجنوب عن اليمن وإقامة «جمهورية موز» تابعة تماما لدولة الإمارات. كما أنشأت الإمارات في الجنوب ميليشيات معظمها من المرتزقة وصرفت عليها الملايين وأحضرت عسكريين دوليين وعناصر مخابرات غربية لتدريب هذه الميليشيات الموزعة في محافظات الجنوب مثل الحزام الأمني، وقوات النخبة الشبوانية، وقوات حراس الجمهورية. ويشرف على تدريب هذه الميليشيات في ميناء عصب في إريتريا مرتزقة معظمهم من أمريكا اللاتينية والولايات المتحدة وإستراليا ومنهم جنرال إسرائيلي مؤسس شركة «سبير أوبريشن» أبراهام جولان، والجندي السابق في سلاح البحرية الأمريكية، إسحاق جليمور. إن قرار الإمارات السيطرة على جزيرة سقطرى يهدف إلى ربط منطقة بحر العرب بخليج عدن، وربط عدن بجزيرة سقطرى وتأمين خطوط البحر الأحمر المستفيدة منها إسرائيل، والتي أصبحت تمر عبر مضائق تيران كمياه دولية بعد أن باعها عبد الفتاح السيسي للسعودية.
* أما عن التدخل في الثورات العربية لإجهاضها وإعادة حكم الطغاة فلا أدل على ذلك من الدور الذي لعبته الإمارات في مصر للإطاحة بأول حكومة مدنية منتخبة بحجة أنها من الإخوان المسلمين واستبدال النظام بضابط دموي متخلف ومغرور. ثم تدخلت في دعم المعارضة في سوريا وساهمت في تحويل الثورة الشعبية المطلبية إلى دماء سائبة ثم غيرت موقفها فجأة في شهر شباط/فبراير 2015 خوفا من سقوط الحكومة في يد «الإسلامويين» كما ادعوا، وأقنعت السعودية بتغيير موقفها أيضا ثم توجه الإثنان لروسيا من أجل التدخل لصالح نظام بشار الأسد. طبعا روسيا لها حساباتها لكنها وجدتها فرصة لابتزاز المليارات من الدولتين. ومنذ عام 2015 والإمارات تدعم حكومة بشار الأسد. أما دور الإمارات في دعم الجنرال المنشق عن الشرعية الليبية خليفة حفتر فلا حاجة بنا إلى الإطالة في ذلك. فهذا شيء معروف ولا اسرار فيه. ليس هذا فحسب، بل ما فتئت الإمارات تعمل على تدمير الثورة التونسية بكل الوسائل القبيحة مستخدمة المال تحت غطاء إنشاء الجمعيات النسوية والشبابية ومراكز البحوث والقنوات الفضائية. وقد وصلت بهم الثقة أنهم سيسقطون الحكم الديمقراطي أن أعلن ضاحي خلفان عشية التصويت على الثقة في رئيس البرلمان قائلا «الليلة سنسقط حكم الإخوان المسلمين في تونس». أما التخريب في الثورة السودانية فقد نجح باستدراج الحراك الجماهيري ليقبل نصف انتصار ويضع رئيس وزراء ضعيفا مثل عبد الله حمدوك. أما الجنرال عبد الفتاح البرهان فقد انصاع للضغط الإماراتي والتقى بنتنياهو في فبراير/شباط الماضي على هامش مؤتمر في أوغندا.
التخريب الإماراتي بالمال جعل العديد من الدول تصمت ولا تصدر بيانات ضد الاتفاقية بمن فيهم الرئيس التونسي الذي أعلن في بداية ولايته «أن التطبيع خيانة». أبحث عن بيانات رسمية واضحة ترفض الاتفاقية صادرة عن العديد من الدول العربية والإسلامية فلم أجد منها إلا حفنة صغيرة من السلطة الفلسطينية والكويت وإيران وتركيا وماليزيا.
* أما التخلي عن القضية الفلسطينية فقد بدأ منذ تسلم محمد بن زايد مقاليد الأمور. لقد حاول أن يخلق قيادة بديلة ممثلة في محمد دحلان. ولكن هذا غيض من فيض يضيق المجال لسرد التقارب من إسرائيل والتباعد عن فلسطين واستقبال الوفود الإسرائيلية. وقصة تسريب العقارات في القدس الشرقية ما زالت ترن في آذان الفلسطينيين وتثير لديهم التسالؤلات الموجعة. لقد آثرت السلطة الفلسطينية أن تسكت عن التطبيع المتعاظم بين أبو ظبي وتل ابيب لعل تلك القيادة ترعوي عن غيها لكنها تمادت أكثر في ظل الصمت الرسمي إلى أن وصل عنق القيادة بإرسال طائرات المساعدات الطبية إلى تل أبيب بدون حتى إعلام السلطة والتي كانت مقدمة لإعلان الاتفاق.
لقد أحسنت السلطة، والتي نادرا ما أتفق معها، في وصف الاتفاقية بأنها خيانة. نعم إنها خيانة. إنها خيانة وقحة تستخدم اسم فلسطين لتغطي عورتها المكشوفة. اذهبوا في طريق الخيانة لكن لا تتعللوا باسم فلسطين والحرص على السلام بين فلسطين وإسرائيل. يذكرني هذا الموقف باعتراف موريتانيا بإسرائيل عام 1999 وإنشاء مكاتب رعاية للبلدين مقابل 50 مليون دولار؟ وكان وزير الخارجية الموريتاني، ولد العافية محمد خونا، قد زار إسرائيل سرا ليهنئ نتنياهو بالفوز في الانتخابات لكن البيان الذي تحدث عن الزيارة برر تلك الخطوة الجبانة بأنها تندرج ضمن جهود موريتانيا لحل القضية الفلسطينية. وهكذا فعل العديد من القيادات العربية السائرة في طريق التطبيع: شيطنة للفلسطينيين ثم عند ارتكاب جريمة التطبيع يعلنون أنهم يعملون ذلك من أجل فلسطين.
ختاما نود أن نؤكد أن المطبعين والمهرولين وعشاق الكيان الصهيوني والنائمين في فراشه والمتوسلين على أبوابه طالبين الرضى منه واللاعقين لأحذيته إنما يتصرفون ضد إرادة شعوبهم من جهة، ومن جهة أخرى فنحن عندما ننتقد القيادات نفرق بينها وبين الشعوب ونحن واثقون أن شعب الإمارات لن يقبل جريمة التطبيع هذه وسكوته خشية العقاب لا علامة للرضى.
الشعب الفلسطيني الذي أطلق مقاومته قبل أكثر من مئة عام لن ينكسر ولن ينحني ولن يساوم على وطنه المتجذر منذ آلاف السنين. والشعب الفلسطيني المناضل لا يؤيد التطبيع لا مستوره ولا علنه ولا من لبس ثوب الرياضة أو وصل سائحا ولا من جاء للتنسيق الأمني ولا من زار الوطن تحت أي غطاء، ولا من توصل إلى اتفاقيات أو معاهدات سلام كاذب. الشعب الفلسطيني بغالبيته الساحقة يعتبر التوصل إلى سلام مسموم مع القتلة والمجرمين والعنصريين المغتصبين للأرض «خيانة» واضحة ولن يطلق عليها غير ذلك. طبّعوا ما تشاؤون لكن لا تستخدموا فلسطين شماعة لخيانتكم. إنكم بهذا الاتفاق المذل والمعيب تختارون جانب الظالم والمحتل والعنصري والمغتصب وستكتشفون بعد فوات الأوان أن هذا الاتفاق سيلحق الأذى بكم وببلدكم وشعبكم وسيتم استغلالكم أبشع استغلال وتتحول مدنكم إلى أوكار للتجسس والمؤامرات على العرب والمسلمين والمناهضين للصهيونية والعنصرية وإن غدا لناظره قريب.
* محاضر في مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة رتغرز بنيوجرسي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75690
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

إسرائيل هي القضية! Empty
مُساهمةموضوع: رد: إسرائيل هي القضية!   إسرائيل هي القضية! Emptyالأحد 23 أغسطس 2020, 11:09 am

فلسطين قضيتك
 د. ابتهال الخطيب

 
أنت هناك، يا من تسكن أحد مدن الريف الفرنسي.. فلسطين قضيتك. وأنت هناك، يا من تتمشى في مكسيكو سيتي، حيث قامت لك حضارة الآزتك العظيمة.. فلسطين قضيتك. وأنت هناك، في كيوتو العاصمة القديمة لليابان وفي ووهاون المدينة المكلومة في الصين وفي موسكو قلب روسيا وفي ملبورن روح أستراليا.. فلسطين قضيتك، فلسطين قضية العالم أجمع.
وفلسطين قضية العالم أجمع، هي جملة قد تحسب عاطفياً عليّ، إلا أنها في الواقع منطقية وعقلانية إذا ما حسبناها بعقولنا، وهي حقوقية وإنسانية إذا ما حسبناها بضمائرنا، لذا هي مستحقة على البشر بمجملهم. وليست القضية الفلسطينية في ذلك مختلفة نوعاً عن بقية القضايا الحقوقية: قضية الروهنغا مستحقة على العالم أجمع، المأساة السورية مستحقة على العالم أجمع، الكوارث اللبنانية في رقبة العالم أجمع، المعاناة الجنوب إفريقية، المأساة الحدودية المكسيكية الأمريكية، المعاناة الإسلامية في شرق آسيا، المعاناة القبطية في مصر، الصراعات الطائفية الشرق أوسطية، كلها مصابات في رقابنا جميعاً، نتحمل مسؤوليتها مجملاً، إما مساهمة أو سكوتاً، فمن يسكت عن الحق الإنساني هو مباشرة في فريق الضد حيث لا منطقة حياد في ملعب الكوارث الإنسانية.
الا أن القضية الفلسطينية مختلفة كماً: من حيث «كمية» زمنها و»كمية» وضوح العنف والعسكرة الاحتلالية في روايتها. مئة سنة والفلسطينيون يموتون أحياء، ينجبون شابات وشباناً محتسبينهم عند الله شهداء وهم في أرحام أمهاتهم. مئة سنة والفلسطينيون يحاربون وحدهم، بأجسادهم وحجارتهم أمام الدبابات والبنادق والأسلحة الحديثة. مئة سنة لا تصارعهم الآلات العسكرية والتحالفات السياسية العالمية والتخاذلات العربية والدولية فقط، بل يحاربهم كذلك وبقوة أكبر الإعلام العالمي، حيث يسوق للكذبة التي يريد بالقوة التي يريد، وحيث كان ولا يزال يستخدم جملاً إخبارية مثل: «قُتل ثلاثة إسرائيليين ومات مئة فلسطيني»، وكأن هؤلاء الفلسطينيين ماتوا صدفة.. عرضاً، بسبب حادثة خارج نطاق السيطرة.
الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين هو آخر أوضح الاحتلالات العسكرية في العالم المتحضر الحديث. فلسطين تعيش احتلالاً «كولونياً» بكل ما للكلمة من معنى، بجيوش وأسلحة وحواجز جدارية وقواطع سلكية شائكة مكهربة، وجنود مدججين على الحدود يفتشون بكل أساليب الإهانة أصحاب البلد العابرين بين المدن. الفلسطينيون يعيشون الانفصال بكل ما للكلمة من معنى، انفصال العوائل بعضها عن بعض، انقساماً بين المدن، ومن منا ينسى مشهد العائلات وهي تتخاطب صراخاً عبر الحدود؟ الفلسطينيون يعيشون الاستيطان بكل ما للكلمة من معنى، حيث البيوت تسرق في وضح النهار حتى لا يبقى منها سوى مفاتيح فضية معلقة في حبال تهترئ كل بضع سنوات على الصدور، حبال نعلم كلنا أنها تبات وتصحو على أجساد الفلسطينيات اللواتي يلتصقن بها حتى وهن يستحممن بماء لم يستطع أن يغسل رداءة الزمن. الفلسطينيون يعيشون الإهانة والتعذيب بكل ما للكلمة من معنى وهم يرون المسجد الأقصى، هذا الحلم السهل الممتنع، محاط بالمسلحين وممنوع عليهم، ومسموح للمستعمرين الذين يطأونه بالأحذية ويسفكون فيه الدماء، ويمتهنون من خلال ممارساتهم فيه عقيدة المسلمين ودينهم. الفلسطينيون يعيشون الظلم والقهر بكل ما للكلمة من معنى، من خلال شباب وشابات يُعتقلون في وضح النهار وعلى مرأى ومسمع العالم أجمع، ويُرمون في السجون ويقضون الجزء الأبهى من حيواتهم وهم يذبلون خلف حوائط سجون الاستعمار القاهرة. الاحتلال الإسرائيلي ماشي بالورقة والقلم، ينفذ حرفياً ما يفعله المستعمر المتوحش التقليدي: يضرب ويهين ويقتل ويعتقل ويبنى المستوطنات ويفرق الأسر ويُخْلي البيوت من أهلها ويسرق الأرض والعرض والعمر، إنه الاستعمار «الأصلي»، في أكثر صوره وضوحاً وكلاسيكية و… بشاعة.
الحق الديني في الأرض ليس موقع نقاش، فلو عدنا بالتاريخ للحق الديني فلن ننتهي سوى إلى تقتيل بعضنا بعضاً إلى ما لا نهاية. الدول المدنية لا تبنى على أساس استحقاقات دينية، إنما على أساس قواعد مدنية معاصرة، الزمن والاقتصاد وامتلاك الأرض والاستقرار المدني التاريخي الحديث كلها جزء منها. لذا، الاستحقاق اليهودي ليس عاملاً هنا، كما أن الاستحقاق الإسلامي ليس الدافع الأساسي للدفاع عن القضية الفلسطينية.
القبول بمنطق القوي الذي يأكل الضعيف، وبأن الاحتلال أصبح أمراً واقعاً غير قابل للمقاومة أو التغيير.. هو أخطر ما يمكن أن تثبته البشرية على نفسها في تاريخها الدموي الطويل. القبول بالاحتلال الإسرائيلي سيوعز بالقبول باحتلالات مستقبلية قادمة ستستند على المنطلقات والمبررات ذاتها. إذا دارت الدوائر، وهي حتماً ودائماً تدور، ستأتي القضية الفلسطينية من عمق التاريخ لترقد سكيناً في خاصرة الساكتين والقابلين والراضخين اليوم. التاريخ لا ينسى، أصحاب القضية لن ينسوا، وأصحاب الضمائر لن ينسوا، سنتذكر وسنشمت وسنسخر ذات يوم ونحن نذكر سهاة اليوم بأن الدائرة دارت وأن دورهم قد حان. لكننا لن نتخلى عنهم كما تخلوا، المبدأ لا يحتمل المعاملة بالمثل.
فلسطين قضية الإنسانية كلها..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75690
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

إسرائيل هي القضية! Empty
مُساهمةموضوع: رد: إسرائيل هي القضية!   إسرائيل هي القضية! Emptyالأحد 23 أغسطس 2020, 11:40 am

هو “زمن إسرائيلي”.. لكن لكل زمن زمان!

د. صبحي غندور
 


شهدت المنطقة العربية في العقود الثلاث الماضية ضغوطاً أميركيّة كثيرة من أجل تحقيق التطبيع العربي مع إسرائيل، كمدخل مطلوب أميركياً لمشروع “الشرق الأوسط الكبير”، وهو المشروع الذي جرى الحديث عنه علناً في مطلع التسعينات من القرن الماضي، بعد مؤتمر مدريد للسلام، وبما كتبه آنذاك شيمون بيريز، رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، من دعوة لتكامل (التكنولوجيّة الإسرائيليّة والعمالة المصريّة مع المال الخليجي العربي) في إطار “شرق أوسطي جديد” يُنهي عمليّاً “الهوية العربية” ويؤسّس لوضع إقليمي جديد تكون إسرائيل فيه بموقع القيادة المتحكّمة بثروات المنطقة وبمصائر شعوبها.


إدارة ترامب تراهن الآن على استثمار نتائج ما حدث ويحدث في البلاد العربية؛ من تهميش للقضية الفلسطينية، ومن تفجير لصراعات إقليمية وحروب أهلية عربية، ومن غياب لمرجعية عربية فاعلة، من أجل دفع العرب والفلسطينيين لقبول مشروع “صفقة القرن”، وليعمّ التطبيع “العربي والإسلامي” مع إسرائيل بدون انسحابها من كلّ الأراضي العربية المحتلة في العام 1967، وقبل قيام الدولة الفلسطينية المستقلّة!.


إدارة ترامب اعترفت بالقدس كعاصمة أبدية لإسرائيل ووافقت على ضمّ الجولان وأوقفت كل أشكال الدعم المالي للشعب الفلسطيني، وتدعم ضمّ إسرائيل غور الأردن وأمكنة المستوطنات، ورغم ذلك كلّه، تستمرّ علاقات معظم الدول العربية معها وكأنّ شيئاً لم يكن من هذه الإدارة! وهاهي عدة حكومات عربية تمارس التطبيع مع إسرائيل سراً وعلانية وهي تتواصل الآن مع حكومة نتنياهو الذي أكّد سعيه لضم غور الأردن وبأنّ “السلام هو مقابل السلام”، لا مقابل الأرض واستعادة حقوق الشعب الفلسطيني!. 


جملةٌ من المحطّات الهامّة تنتظر القضية الفلسطينية هذا العام، ولعلّ أهمّها هو ما الذي سيفعله الرئيس الأميركي ترامب بشأن خطته المعروفة باسم “صفقة القرن”، بعدما ولدت هذه “الصفقة” ميتة بسبب الرفض الفلسطيني لها وعدم التجاوب الدولي عموماً معها، ثمّ ما هو حجم الضغوطات التي سيمارسها ترامب، بتشجيع ودعمٍ من نتنياهو، على بعض الحكومات العربية من أجل التطبيع مع إسرائيل وتهميش الحقوق الفلسطينية واضعاف جدوى الرفض الفلسطيني للصفقة الأميركية- الإسرائيلية.


إنّ حقائق الصراع العربي/الإسرائيلي على مدار أكثر من سبعين عاماً تؤكّد أنّ مشكلة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية لا ترتبط بشخصٍ محدّد أو بحزبٍ ما في إسرائيل. فالجرائم الإسرائيلية ضدّ الشعب الفلسطيني حدثت وتحدث بإشراف من حكوماتٍ مختلفة، بعضها ينتمي لتكتّلات حزبية متطرّفة في الكنيست كتجمّع “ليكود” وعلى رأسه نتنياهو، وبعضها الآخر كان يتبع لأحزاب تتّصف بالاعتدال كحزب “العمل” الذي قاد عدّة حروب على العرب خلال العقود الماضية. 


الأمر نفسه ينطبق على الموقف من القرارات الدولية بشأن القضية الفلسطينية وعلى الاتّفاقات الموقّعة مع “منظمة التحرير الفلسطينية”، ثمّ مع السلطة الفلسطينية، حيث لم تنفّذ الحكومات الإسرائيلية المختلفة هذه القرارت أو الاتّفاقيات، كما واصلت جميعها سياسة التهويد والاستيطان في القدس والضفّة الغربية والجولان رغم تعارض ذلك مع القوانين الدولية، ولم تقم أي حكومة إسرائيلية حتّى الآن بإعلان الحدود الدولية ل”دولة إسرائيل”، ولا بضمان حقوق اللاجئين الفلسطينيين ممّا يجعل أساس الصراع العربي والفلسطيني مع إسرائيل مستمرّاً رغم تغيّر الأشخاص والحكومات فيها.


الواقع الآن أنّنا نعيش “زمناً إسرائيلياً” في كثيرٍ من الساحات العربية والدولية. “زمنٌ إسرائيليٌّ” حتّى داخل بلدانٍ عربية كثيرة تشهد صراعاتٍ تخدم المشاريع الأجنبية والإسرائيلية، زمن تتهمّش فيه “الهويّة العربية” لأمَّةٍ تفصل بين أوطانها حدودٌ مرسومة أجنبياً، وبعض هذه الأوطان مُهدّدٌ الآن بمزيدٍ من التقسيم والشرذمة، زمن لا توجد فيه مرجعية عربية فاعلة وملتزمة بالحد الأدنى من قرارت القمم العربية ومن ضمنها ما يُعرف باسم “المبادرة العربية”!، زمن تعطّلت فيه بوصلة القضية الفلسطينية التي كانت ترشد العرب إلى إدراك من هو عدوهم الحقيقي لقرنٍ من الزمن!.


طبعاً، ليست الخطط والمشاريع الإسرائيلية والأجنبية بمثابّة “قضاء وقدر”، فقد كان هناك في العقود الماضية مشاريع كثيرة جرى في أكثر من مكان وزمان إحباطها ومقاومتها، لكن ما يحدث الآن يختلف في ظروفه عن المرحلة الماضية. فالحديث عن “مقاومة إسرائيل” و”مواجهة الهيمنة الأجنبية” ليس هو الأولويّة الآن لدى أطرافٍ كثيرة على امتداد الأرض العربية، بل إنّ بعض هذه الأطراف لم يجد حرجاً في العلاقة مع إسرائيل نفسها والتطبيع معها!. 


لقد أقامت عدّة أطراف عربية “علاقات تطبيعية” أو معاهدات مع إسرائيل، رغم ما عليه الوجود الإسرائيلي من طبيعة عدوانية توسّعية، وما مارسه من قتل وتشريد لملايين من الفلسطينين والعرب. أليس أولى بهذه الأطراف وغيرها من الدول العربية أن تبحث أيضاً عن “أرضية المصالح المشتركة” مع دول الجوار الإسلامي قبل الأرتماء في احضان من يعمل على جعل كل أرض فلسطين، وما عليها من مقدسات إسلامية ومسيحية، دولة عنصرية يهودية؟!.


لكن هل كان ممكناً أن يحصل هذا الأنحدار في المواقف العربية عموماً من القضية الفلسطينية لو لم تحصل المعاهدات والإتفاقيات مع إسرائيل منذ “كامب ديفيد” وصولاً ألى “أوسلو”!؟ فهذه المعاهدات والإتفاقيات هي التي أعطت الأعذار والمبررات لدول كثيرة في العالم لكي تعترف بإسرائيل وتُطبّع العلاقات معها. 


ربّما ما يحدث اليوم على الأرض العربية هو تتويجٌ لحروب المائة سنة الماضية. فالاعتراف الدولي بإسرائيل، ثمّ الاعتراف المصري/الأردني/ الفلسطيني بها، بعد معاهدات “كامب ديفيد” و”أوسلو” و”وادي عربة”، ثمّ “تطبيع” بعض الحكومات العربية لعلاقاتها مع إسرائيل، كلّها كانت غير كافية لتثبيت “شرعية” الوجود الإسرائيلي في فلسطين، وللتهويد المنشود للقدس ومعظم الضفة الغربية، فهذه “الشرعية” تتطلّب بالمنظور الإسرائيلي تحقيق “قناعة شعبية عربية” بأنّ إسرائيل ليست هي “العدوّ” وبأنّ العدوّ هو الآن إمّا في داخل الأوطان العربية أو في جوارها الإسلامي!. فالمطلوب إسرائيلياً منذ حقبة الخمسينات هو قيام دويلاتٍ في محيط “إسرائيل” على أسس دينية، كما هي الآن مقولة “إسرائيل دولة لليهود”. فما قاله “نتنياهو” بأنّ (المشكلة مع الفلسطينيين هي ليست حول الأرض بل حول الاعتراف بيهودية الدولة الإسرائيلية) يوضّح الغاية الإسرائيلية المنشودة من المتغيّرات العربية الجارية الآن في مشرق الأمَّة العربية ومغربها. فكلّما ازدادت الصراعات الطائفية والمذهبية والإثنية على الأرض العربية، كلّما اقترب الحلم الصهيوني الكبير من التحقّق في أن تكون إسرائيل هي الدولة الدينية الأقوى في منطقةٍ قائمة على دويلاتٍ طائفية. فالمراهنة الإسرائيلية هي على ولادة هذه “الدويلات” التي بوجودها لن تكون هناك دولة فلسطينية مستقلّة، ولا تقسيمٌ للقدس، ولا عودة الملايين من اللاجئين الفلسطينيين، بل توطينٌ لهم في “الدويلات” المستحدثة وتوظيف سلاحهم في حروب “داحس والغبراء” الجديدة.!


إنّ بعض الحكومات العربية التي تمارس التطبيع مع إسرائيل عليها أن تأخذ الدروس والعبر من تجارب من أقاموا معاهدات “كمب ديفيد” و”أوسلو” و”وادي عربة”، حيث لم “تستقرّ” الحكومات فيها ولم يتحقّق “الرخاء والازدهار” ولم تتوقّف الضغوطات الأميركية عليها، والأهمّ من ذلك كلّه الفشل في إقناع شعوبها بأنّ إسرائيل لم تعد عدوّاً!.


لكنّ ما تحتاجه القضية الفلسطينية هو أكثر ممّا حدث ويحدث حتى الآن من رفض للتطبيع مع إسرائيل ولمشروع “صفقة القرن” ومن ردود فعلٍ فلسطينية وعربية ودولية حدثت في السابق على قرار ترامب بشأن القدس وافتتاح السفارة الأميركية فيها، وعلى القتل الإجرامي العشوائي الذي تمارسه إسرائيل على الحدود مع غزّة. ففلسطين تحتاج الآن إلى انتفاضة شعبية فلسطينية شاملة تضع حدّاً لما حصل في ربع القرن الماضي من تحريفٍ لمسار النضال الفلسطيني، ومن تقزيمٍ لهذه القضية التي كانت رمزاً لصراع عربي/صهيوني على مدار قرنٍ من الزمن، فجرى مسخها لتكون مسألة خاضعة للتفاوض بين “سلطة فلسطينية” في الضفّة الغربية وبين “الدولة الإسرائيلية” التي رفضت الاعتراف حتّى بأنّها دولة محتلّة، كما رفضت وترفض إعلان حدودها النهائية.


فالمطلوب فعلاً وحالياً هو وحدة القيادة الفلسطينية ووحدة برنامج العمل على مستوى كلّ المنظّمات الفلسطينية الفاعلة داخل الأراضي المحتلّة وخارجها، ففي ذلك يمكن أن يتكامل أسلوب العمل السياسي ومسار التفاوض، مع أسلوب المقاومة الشعبية الشاملة في كلّ المناطق الفلسطينية.


إنّ مشعل الحرية والمقاومة جرى حمله في البلاد العربية على مدار مائة عام ضدّ الأستعمار والأنتداب وضد المشروع الصهيوني المدعوم غربياً، وهذا المشعل لا يجب أن يخمد أبداً، فالحفاظ على نهج المقاومة هو تأكيد لمقولة (الأرض مقابل المقاومة) بعدما ثبت فشل المقولات الأخرى، وفي هذا الأمر أيضاً إعادة الحيوية لنهج تحتاجه المنطقة العربية الآن، وهو نهج رفض الذلّ والهوان مع العدوّ الإسرائيلي، نهج يقدر على استعادة الأرض والكرامة. نهج يضع خطّاً فاصلاً بين اليأس من واقع الحكومات وأسلوب المفاوضات، وبين اليأس من الأمة وشعوبها وحقها في استعادة حريتها وأرضها المغتصبة. لكن الخروج من هذا الحال العربي الرديء يتطلّب أولاً فكّ أسر الإرادة العربية من الهيمنة الأجنبية كيفما كان لونها ومصدرها.


مدير “مركز الحوار العربي” في واشنطن.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
إسرائيل هي القضية!
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  التطبيع الإماراتي مع إسرائيل بين العقلانية و التطبيل الجنوني بإسم القضية الفلسطينية
» أسوأ قادة إسرائيل - بنيامين نتانياهو رئيس وزراء إسرائيل
»  لماذا تزايد تنبؤ نخب في إسرائيل بزوالها؟ توماس فريدمان يحذر من زوال إسرائيل
»  تاريخ بني إسرائيل حتى ظهور الصهاينة وتأسيس إسرائيل
» القضية الفلسطينية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: قصة قضية فلسطين :: قضايا الصراع-
انتقل الى: