عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
موضوع: الدكتور محمّد عمارة السبت 02 يناير 2021, 11:37 am
مفكرون: محمد عمارة ترك إرثًا علميًا كبيرًا في خدمة الإسلام
الدكتور محمّد عمارة
مفكر ومؤلف إسلامي مصري؛ عرف تحولات فكرية نقلته من الاتجاه الماركسي إلى المعسكر الإسلامي. اشتهر بكونه من "الإسلاميين المستقلين" الذين دافعوا عن رسالة الإسلام وأمته وقضاياها المعاصرة، وزادت مؤلفاته وأبحاثه على المئتين.
المولد والنشأة ولد محمد عمارة مصطفى عمارة يوم 27 رجب 1350هـ الموافق 8 ديسمبر/كانون الأول 1931م في قرية صروة بمركز قلين (محافظة كفر الشيخ) في مصر؛ لأسرة فلاحية يعمل أبوها في الزراعة. بدأ حفظ القرآن في كتاب القرية وهو في السادسة من عمره فأكمله وجوده.
الدراسة والتكوين انتقل عمارة إلى مدينة دسوق عام 1945 للالتحاق بمعهدها الابتدائي الأزهري، فحصل على الشهادة الابتدائية الأزهرية 1949، ودخل المعهد الأحمدي الثانوي الأزهري بمدينة طنطا فنال فيه الشهادية الثانوية التي درس بها في كلية دار العلوم جامعة القاهرة.
فُصل من الكلية عام 1957 لمدة سنة لتزعمه انعقاد مؤتمر سياسي وطني وقومي، ثم اعتقل 1959 وهو في السنة الرابعة لمدة خمس سنوات ونصف أثناء أزمة السلطة مع التيار اليساري، وبعد خروجه من السجن حصل على الليسانس 1965.
تخصص عمارة في الفلسفة الإسلامية ونال الماجستير عام 1970 بأطروحة "مشكلة الحرية الإنسانية عند المعتزلة"، ثم الدكتوراه 1975 برسالته "نظرية الإمامة وفلسفة الحكم عند المعتزلة".
التوجه الفكري انضم عمارة -وهو شاب- إلى حزب "مصر الفتاة" الذي نشأ في ثلاثينيات القرن العشرين وعرف بتوجه عروبي ثوري في الدفاع عن العرب ومحاربة الاستعمار والإقطاع، ثم تحول في 1949 إلى "الحزب الاشتراكي" الذي كانت فلسفته تقوم على أن الاشتراكية أساسها الدين وأن العبادة أكثر ما تتجلى في خدمة الشعب.
وبعد حركة "الضباط الأحرار" التي أطاحت بالمَلكية في مصر يوم 23 يوليو/تموز ١٩٥٢ ألغيت الأحزاب السياسية في ١٩٥٣ فـالتحق عمارة بالاتجاه اليساري الذي ناضل فيه نحو عقد من الزمن، وفي سجنه 1959-1964 بدأ مراجعات فكرية قادته في النهاية إلى مغادرة المعسكر اليساري والانخراط في الاتجاه الإسلامي.
ومنذ السبعينيات بدأ الطرح الإسلامي يطغى على مواقف وفكر عمارة حتى صار يُحسب على "الإسلاميين المستقلين"، وقد مكنه استقلاله هذا من توجيه انتقادات عديدة للحركة الإسلامية كما أن المسافة التي تفصله عن الإخوان المسلمين وتقاطعه الفكري معهم في الوقت نفسه كل ذلك جعله يحظى بثقتهم.
اعلان وفي ذلك يقول هو: "وأنا أعتبر الإخوان أكبر حركة من حركات الإسلاميين وفي ظل التشرذم في الحركة السياسية وفي الأحزاب ليس لدينا رصيد في الشارع إلا الإخوان، ومع ذلك أنا كتبت نقد للحركات الإسلامية بشكل عام ومنهم الإخوان، ورغم ذلك أعتبر أن الإخوان رصيد كبير يجب ألا نفرط فيه".
الوظائف والمسؤوليات بشكل عام اعتبر عمارة أن "الوظيفة العمومية نوع من الرق" فكان عن يعزف عن طلبها أو تقلدها ليتفرغ لمشروعه الفكري الذي بدأه منتصف الستينيات، ولذلك لم يتول من المسؤوليات إلا ما كان يصب في مصلحة هذا المشروع.
ومن ذلك عضويته في مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر الشريف الذي منحه القانون المصري حق الولاية على الشأن الديني، فكان عمارة يراجع له العديد من الكتب ذات العلاقة بالشأن الديني ويكتب له تقارير تقييمية عنها، وهو يقول إنه كان "أول من اقترح في المجمع الرد على الكتب المخالفة بالحجة والبرهان". كما مارس نفس المهمة في الهيئة المصرية العامة للكتاب.
شكل مع آخرين لجنة لإجراء صلح بين الحكومة المصرية وجماعات العنف السياسي خلال تسعينيات القرن العشرين. كما قدم حلقات وبرامج تلفزيونية عديدة، وشغل منصب رئيس تحرير مجلة الأزهر أربع سنوات واستقال منها يونيو/حزيران 2015.
التجربة الفكرية يذكر عمارة أن مسيرته مع العلم والفكر بدأت تحقيقا لنذر قطعه والده على نفسه أن "يهبه للعلم الشريف"، معتبرا أن فترة عيشه في القرية كانت هي فترة التكوين الفكري والروحي والدراسة والتعليم.
وقد استفتح علاقته الفكر والكتب بشرائه لأول كتاب في حياته وهو "النظرات" لمصطفى لطفي المنفلوطي ليكون نواة لمكتبته الخاصة التي سرعان ما ضمت أربعة آلاف كتاب، إثر ابتياعه بالتقسيط مكتبة عظيمة جمعها الشيخ الأزهري عبد التواب الشناوي وتوفي عنها في سنة تخرجه.
وفي هذه المكتبة قرأ عمارة ألوانا من العلوم الإسلامية وتعرف على "كنوز من الفكر" ضمت عيون أمهات كتب الفقه الإسلامي والتصوف وذخائر الآداب العربية ودواوين الشعر، إضافة إلى أعرق المجلات التاريخية كمجلة الرسالة ومجلة الأزهر ومجلة العروة الوثقى، والمترجمات عن الفكر الغربي. وقد أكسبته هذه الثقافة في وقت مبكر قدرات كبيرة في الكتابة والخطابة في المسجد.
انخرط عمارة -وهو في السنة الأولى من المرحلة الابتدائية- في الحركة السياسية الوطنية، فشارك 1946 في أول مظاهرة في حياته ضد مشروع "معاهدة صدقي بيفن" بين الحكومة المصرية وسلطة الاحتلال الإنجليزي، رغم أنه لم يكن لدي وعي سياسي كبير في ذلك التاريخ.
وفي العام التالي 1947 حمي الوطيس حول معركة قضية فلسطين فمارس عمارة الخطابة في المساجد ضد اليهود ودفاعا عن قضية فلسطين، وكتب 1948 أول مقال في حياته دفاعا عن المجاهدين في فلسطين.
بعد هزيمة الجيوش العربية في حرب 1948 مع إسرائيل؛ التحق عمارة -وهو آنذاك طالب في المعهد الثانوي الأزهري بطنطا- بصفوف تيار اليسار الذي كان آنذاك "فارس القضية الاجتماعية والعدل الاجتماعي"، كما كان له دور كبير في دعم القضايا الوطنية ولاسيما معارضة للوجود الأجنبي.
لكنه سرعان ما بدأت مراجعته للفكر اليساري فأصدر 1957 كتابه "القومية العربية" ليرد على اليساريين الذين ينكرون وجود أمة عربية.
وبعد حركة الضباط الأحرار 1952، لوحق النشطاء الوطنيون فتعرض عمارة للسجن 1959 وذاق قساوة التعذيب والحرمان من الوظيفة، لكنه استغل خلوة السجن في التأمل والقراءة والكتابة، فألف أربعة كتب في هذه المرحلة التي شهدت بداية تخليه عن اليسار بعد إدراكه أن حل المشكلة الاجتماعية في نظرية الاستخلاف الإسلامية وليس الصراعالطبقي الماركسي.
تعمق الموقف الإسلامي لدى عمارة بظهور الصحوة الإسلامية في السبعينيات، فبدأ نشاطه العلمي في إظهار محاسن الإسلام وتعرية دعاة الماركسية الاشتراكية مستخدما مصطلحاتهم ومفاهيمهم مثل: الحرية والعدالة والتكافل الاجتماعي.
ثم سطع نجمه أكثر مع تعالي التحديات الغربية والتغريبية أمام العالم الإسلامي، وبالذات منذ الثمانينيات وخاصة بعد سقوط الاتحاد السوفياتي عام ١٩٩١ وتفرد الولايات المتحدة بالهيمنة العالمية.
ورغم أنه أفرد العديد من كتبه لمواجهة الفكر التغريبي وللرد على غلاة العلمانيين؛ فإن قضايا القومية العربية والعدل الاجتماعي والثورة على الظلم ظلت ملحوظة في كتاباته، كما كانت الدائرة الإنسانية والتفاعل مع الحضارات المختلفة موجودة في مشروعه الفكري.
وكان التنصير إحدى الساحات التي عمل عليها قلم عمارة، فخاض سجالات مع الكنيسة القبطية بمصر التي هاجمته مرات لدرجة أنها مارست ضغوطا لمنع مقاله الذي كان ينشره في جريدة "أخبار اليوم"، منتقدة ردوده على منشورات تنصيرية وُزعت بمصر وحديثه عن دور الكنيسة في إثارة الفتنة الطائفية، والمشروع العنصري الذي يريد استبدال اللغة القبطية بالعربية، ورفعت الكنيسة ضده دعوى قضائية.
يقول عمارة: "عندما أكتب عن غلاة العلمانيين والمتغربين أبدو وكأنني محافظ، وعندما أكتب في نقد الجمود والتقليد أبدو وكأنني ثوري وتقدمي، لكن هناك معالم أساسية لا تتغير كالحفاظ على رؤيتي للإسلام ومعالمه، وعملي الدؤوب لإنهاض الأمة وإخراجها من عنق الزجاجة الذي وقعت فيه، ومواجهة التحديات الشرسة والحرب الصليبية المعلنة على الإسلام".
ناصر عمارة ثورة 25 يناير 2011 التي أطاحت بحكم حسني مبارك ، ووصفها بأنها "ثورة شعبية من أعمق الثورات الشعبية التي عاشتها مصر في العصر الحديث، وهي ملحمة كشفت المعدن الحقيقي لهذا الشعب الأصيل".
كما رفض الانقلاب العسكري على الرئيس المدني المنتخب محمد مرسي يوم 3 يوليو/تموز 2013، وأصدر بيانا واضحا طالب فيه بالعودة إلى المسار الديمقراطي واحترام إرادة الشعب وبعودة الجيش إلى ثكناته، واعتبر -في مقطع مصور- أن عزل مرسي "باطل شرعا وقانونا هو وكل ما ترتب عليه". وهو الموقف الذي أثار عليه هجمة انتقاد شرسة من وسائل الإعلام والدوائر المؤيدة للانقلاب.
وصفه الدكتور يوسف القرضاوي -في حفل تكريمي لعمارة أقامه مركز الإعلام العربي عام 2010- بأنه "أحد مجددي القرن الخامس عشر الهجري، الذين هيأهم الله لنصرة الدين الإسلامي من خلال إجادته استخدام منهج التجديد والوسطية، وصولاته وجولاته القوية في تعرية أعداء الإسلام".
أما الكاتب والمفكر الإسلامي راشد الغنوشي فاعتبره "كاسحة ألغام أمام الفكر الإسلامي والحركة الإسلامية، فهو شديد البأس على أعداء الإسلام من العلمانيين الاستئصاليين، وهو فحل في هذا المجال وعون لكل باحث في الفكر الإسلامي ولكل شاب يريد أن يطلع على الإسلام في موارده الصافية، وأنا أعتبر نفسي تلميذا من تلاميذه في جوانب كثيرة".
المؤلفات وصلت مؤلفات محمد عمارة خلال ستة عقود إلى نحو 240 مؤلفا ما بين كتاب ودراسة، ومن هذه المؤلفات: "التفسير الماركسي للإسلام"، "معالم المنهج الإسلامي"، "الإسلام والمستقبل"، "نهضتنا الحديثة بين العلمانية والإسلام"، "الغارة الجديدة على الإسلام"، "التراث والمستقبل"، "الإسلام والسياسة: الرد على شبهات العلمانيين"، "الجامعة الإسلامية والفكرة القومية".
كما قام بتحقيق مجموعة من الكتب القديمة والحديثة، منها الأعمال الكاملة لكل من: رفاعة الطهطاوي، وجمال الدين الأفغاني، والشيخ محمد عبده، وعبد الرحمن الكواكبي، وقاسم أمين، وعلي مبارك.
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
موضوع: رد: الدكتور محمّد عمارة السبت 02 يناير 2021, 11:38 am
لعّله ليس من وصفٍ لعظم وفداحة خسارة الأمة العربية والإسلامية لقامة كبيرة بحجم الدكتور محمّد عمارة ممّا قاله المفكر الإسلامي فهمي هويدي: “إنّ رحيل الدكتور محمّد عمارة خسارة كبرى للأمّة الإسلامية كلها، فهو سيفٌ من سيوف الله، ورجلٌ ظلّ صامدًا ومحاربًا وزاهدًا ومتواضعًا، وخاطب الجميع بعلمه وزهده وأدبه وأسهم إسهامًا هائلاً في الإحياء الإسلامي، وإنّه حين يغيب فجأة فيجب علينا استشعار فداحة الخسارة”.
علماء ومفكرون ونخبٌ سياسية تحدثت إليهم “البوصلة”، وصفوا رحيل الدكتور محمد عمارة بالأمر الجلل والخسارة الكبرى للأمة العربية والإسلامية؛ مؤكدين أن “الراحل الكبير” ترك إرثًا علميًا كبيرًا في خدمة الإسلام وله صولات وجولات في الدفاع عن عقيدة الأمّة.
كما أكدوا على ضرورة أن تفتح الأمّة عيونها بعد رحيل قامة بحجم الدكتور محمّد عمارة، لا سيما وأنّه يزيد من حجم العبء على شباب الأمة وعلمائها لسد الثغرة التي تركها هذا المفكر العظيم.
وشددوا على ضرورة تكريم الدكتور محمّد عمارة بعد وفاته بنشر العلم الذي تركه ودراسة “الإرث العقدي الذي تركه، مؤكدين على ضرورة أن تتحوّل أفكاره وعلمه إلى ذهنية الأمة والمجتمع ليتبنّاها ويدافع عنها، باعتباره رائد المشروع الإسلامي المعتدل والفكرة الإسلامية ككل.
حمزة منصور: كان محمد عمارة ينساب للقلوب دون استئذان
“كان حارسًا على ثغور الأمة دفاعًا عن العقيدة والقيم والثقافة العربية الإسلامية”، بهذه الكلمات بدأ رئيس مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين حمزة منصور حديثه لـ “البوصلة” عن عظمة الدور الذي كان يقوم به الدكتور محمد عمارة، واصفًا إياه بـ”فقيد الأمّة الكبير”.
ويتابع منصور حديثه في وصف الأثر الذي تركه عمارة في نفوس الأمة بالقول: “لقد أثرى المكتبة العربية والإسلامية بفيضٍ من الكتب وتميّز بسلاسة أسلوبه مع عمق الفكرة؛ ولذلك كان ينساب حديثه وقلمه دون استئذان إلى القلوب”.
“رحم الله فقيد الأمّة، وآمل أن تكون وفاته سببًا لمزيد من الدراسة لهذا الإرث العقدي والحضاري الذي خلفه الفقيد الكبير” يقول منصور بحزنٍ بالغ.
وينوه إلى أن “موت العلماء ثلمة بلا شك، ونسأل الله أن يعوضنا عن فقيدنا في “علماء عاملين” ولا سيما نحن نشهد هذه الهجمة على الإسلام عقيدة وسلوكًا وخلقًا ومبادئ ومنهاج حياة.
د. أحمد الشحروري: فقدان الأمّة لعلمائها نذير سوءٍ وشؤم
“فقد الأمة للدكتور محمد عمارة مصيبة حقيقية وهي نذير سوءٍ إن لم أقل نذير شؤمٍ على أمّتنا”، بهذه الكلمات يصف أستاذ الشريعة الإسلامية في جامعة الزيتونة الأردنية الدكتور أحمد الشحروري وقع خسارة الأمة العربية والإسلامية لقامة كبيرة من علمائها المخلصين.
ويقول الشحروري في حديثه لـ “البوصلة” إن النبي صل الله عليه وسلم أخبرنا أن الله لا ينتزع العلم انتزاعًا ولكنه ينتزعه بـ “قبض العلماء”، واصفًا فقدان الأمّة لعلمائها الواحد تلو الآخر بـ”نذير السوء والشؤم”.
ويضيف أن الدكتور محمد عمارة لم يكن مشتهرًا بأنه يدرس العلوم الشرعية؛ بل كان مفكرًا مسلمًا بمعنى التفكير الواعي، التفكير المنضبط، التفكير المؤطر بإطار الشريعة الإسلامية الذي لم يخرج عنها في يومٍ من الأيام.
“بل إن عمارة نظّر لعلماء الشريعة لكي يدلهم على طريق الدفاع عن دين الله عزّ وجل”، يستدرك الشحروري.
وينوه إلى أنه “كان لهذا الرجل صولاتٌ وجولاتٌ في الدفاع عن الإسلام أمام الذين بذروا في الأمة بذور الشقاق والنفاق والتشكيك في دين الله عزّ وجلّ”.
ويمتدح الفقيد الكبير بالقول: لقد وقف أمام عتاولة الكتاب مصريين وغير مصريين من الذين شككوا بنظام المواريث في الشريعة الإسلامية، فقال قولاً لم يسبقه به علماء الشريعة الإسلامية”.
وعلى الرغم من أنه يرى في فقدانه مصيبة عظيمة على الأمّة، إلا أن الشحروري يرى أن الأمّة ما زالت ولادة في طول الزمان وعرضه، تنجب العلماء والمفكرين الذين يحمون “بيضة الإسلام العظيم” على حد وصفه.
ويعيد الشحروري التعبير عن ألمه وحزنه على فقدان الأمة للدكتور محمّد عمارة بالقول: “لكنّنا بفقدان هؤلاء الأشاوس العظماء.. محزونون.. نسأل الله أن يبدلنا خيرًا”.
ويشدد على ضرورة أن تفتح الأمّة عيونها بعد فقد هؤلاء وأن يبذل الشباب والعلماء جهودًا أكبر لملء الشاغر الذي حصل بعد فقدان عمارة وغيره من العلماء الصادقين؛ من أجل الاستمرار في الدفاع عن الدين أمام أعدائه الكثير؛ “وأحيانًا من أسفٍ من بني جلدتنا ومن يتحدثون لغتنا ويرتدون زينا ممّن سمموا أفكارهم وعقولهم حتى انقلبوا على الفكر والعقيدة والأمة الإسلامية.
د. منذر الحوارات: محمد عمارة رائد المشروع الإسلامي المعتدل
يصف المحلل السياسي والخبير الإستراتيجي الدكتور منذر الحوارات في حديثه لـ “البوصلة” الدكتور محمد عمارة رحمه الله بأنّه رائد المشروع الإسلامي المعتدل في المنطقة.
يقول الحوارات: رحم الله الفقيد الدكتور محمد عمارة الذي كان علامة بارزة ومنيرة فيما يخص الفكر العربي والإسلامي إذ كان يمثل النموذج المعتدل في مشروع إسلامي كبير يرى المستقبل من خلال هذه الرؤية.
ويؤكد أنه كان يجمع بين الاعتدال والمقدرة على القراءة المستقبلية ومزج مفهوم الفقه والشريعة والمشروع ومواءمة هذا الفكر مع التغير الواقع.
“كان يعتبر بحق رائد المشروع الإسلامي المعتدل في المنطقة، وربما على صعيد الفكرة الإسلامية ككل”، على حد وصف الحوارات.
ويشدد على أن وفاة محمد عمارة خسارة كبيرة حقيقة لا تعوض بسهولة، ولكن ما يميز هؤلاء أنهم يتركوا “الفكرة” التي هي أبقى وأخلد من الأشخاص.
ويتابع حديثه بالقول: هم يفسحون مدى واسعًا ومجالاً كبيرًا للنقاش المستدام بكل كلمة قالوها، سواء نقدًا أو موافقة، فهم فتحوا باب النقاش على مصراعيه إلى الأجيال القادمة وإلى الأجيال التي عاصرتهم.
ويؤكد أن المفكر ليس من يضع أفكارًا تقتنع فيها الناس وتتبنّاها على علاتها؛ بل هو من يصنع مشروعًا يكون مجالاً للجدل والأخذ والرد، وهو عندما وضع الفكرة يعلم أنه لن يقتنع فيها الجميع، ولن يناقشها الجميع على أنّها مسلمة، وهذه ميزة المفكرين الكبار والعظماء، لأن فكرتهم تستمر بالنقاش القادر على أن يوجد أجيالًا من المفكرين يتابعوها ويتبنوها أو يردوها.
“لا أعتقد أن ساحتنا الفكرية والأدبية سوف تنضب وإلا كان مشروع المفكر الإسلامي عمارة وغيره عقيمًا لا قيمة له، ولكن فحوى مشروعه وقيمته أنه سيوجد أجيال عديدة لاحقة تستطيع أن تدافع عن الأفكار وتستطيع أن تتبناها وأن تأخذها أو تردها، وهذه هي الثقافة، أو المجال الثقافي الذي ليس أخذا على علاته بل إيجاد ساحة واسعة من النقاش المستدام الذي يولد ويخلد الأفكار التي تستطيع الناس أن تتعامل معه وتخلق بيئة من الوعي”، يعبر الحوارات لـ “البوصلة” عن تفاؤله في المستقبل القادم.
ويتابع، هذه البيئة تستطيع أن تصنع مفاهيم وقيم تستطيع أن تتبناها الأجيال في المستقبل وتتعامل معها، وتجنّب الأجيال والمفكرين مطبات العصر الذي نمر فيه، وهو عصر شديد التعقيد، وبحاجة لمن ينير الضوء أمام الناس حتى تستطيع أن تبصر خطواتها اللاحقة.
يقول الحوارات: المفكرون والفلاسفة هم من يستطيعون التنبؤ أو إيجاد رؤية تقريبية لما سيكون عليه المستقبل انطلاقًا من معطيات الواقعية والتاريخية التي تجعلهم قادرين على الرؤية أكثر من الناس العاديين.
“بالتالي أنا لست متشائما أن الساحة العربية والإسلامية ستنضب؛ بل على العكس تماماً أنا متفائل جدًا من أن الواقع المستقبلي ستكون بموجب المعطيات التي وفرها لنا هؤلاء أكثر إشراقًا وأكثر آمالاً وأن نبثها للمستقبل”، الحورات مستدركًا.
ويؤكد أن هذا مشروع طويل ابتدئ فيه منذ نهايات القرن التاسع عشر، ونتائجه لن تؤتي أكلها في قرن من الزمن، فالمشاريع الثقافية للأمم الأخرى لم تؤتي اكلها خلال عقدين أو ثلاثة عقود؛ ولكن الأمل أنه مع طبيعة التطور وطبيعة وصول المعلومة وتدفقها أن يختصر الزمن والوقت لكي يعطي تأثيره وأكله في تطوير المجتمع العربي.
وينوه إلى أن البعض متسرع قليلاً في الحصول على النتائج، ولكن طبيعة المشاريع الكبيرة لا تأتي فجأة وتؤتي أكلها بسرعة، بل على العكس فهي تأخذ مداها التاريخي الطويل كي تستطيع أن تخلق رأيا يتنباها ويدافع عنها.
ويستدرك الحوارات القول: لكن هذا الرأي لا يجب أن يبقى في أذهان المفكرين فقط؛ بل يجب أن يتحول إلى جزء من ذهنية الأمّة والمجتمع وهذه النقطة الصعبة، أن تتحول الأفكار إلى جزء من ذهنية المجتمعات بحيث تتبنّاها وتدافع عنها.
ويشدد على أن المفكر تخلده كتبه ومؤلفاته وعلمه ولكن تكريمًا لهذه الإنجازات تطلق الشعوب والدول أسماء أعلامها ومفكريها على أماكن عامة لتبقى حاضرة في أذهان الأجيال حينما تطلق على حديقة أو شارع أو مكتبة أو معلم عام، يبقى سؤال من هذا صاحب الاسم، وبالتالي تبقي حضوره موجودًا بين من لا يتابعون الثقافة.
يقول الحوارات: أنا أحبذ أن يطلق اسم الفقيد على مكان عام يرتاده الجمهور، تخليدًا لذكراه، وهذا أقل نوعٍ من التكريم، لكن ذاكرة المفكرين لا تبقى فقط بهذا الشيء؛ بل تبقيهم كتبهم ومؤلفاتهم وحضورهم في أذهان الأجيال المستقبلية.
وينوه إلى أنه الواجب تكريم كل مفكر أعطى لأمّته جلّ وقته، فهو يعطي حياته للناس وإن لم يكن بينهم، لكن بعد قليل ستقرأ الأجيال أفكار هذا الإنسان.
ويختم الحوارات حديثه لـ “البوصلة” بالقول: فكرة الجسد هي التي ماتت، ولكن المفكر تبقى كتبه وأفكاره ومؤلفاته يتداولها الناس ويتعاملون بها، ويجب أن يكرم المفكرون؛ لأن احترام الأمة لنفسها يدفعها لتكرم صانعي أفكارها ومستقبلها وذهنيتها العامة.
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
موضوع: رد: الدكتور محمّد عمارة الثلاثاء 02 نوفمبر 2021, 8:27 am
محمد عمارة
مفكر ومؤلف إسلامي مصري؛ عرف تحولات فكرية نقلته من الاتجاه الماركسي إلى المعسكر الإسلامي. اشتهر بكونه من "الإسلاميين المستقلين" الذين دافعوا عن رسالة الإسلام وأمته وقضاياها المعاصرة، وزادت مؤلفاته وأبحاثه على المئتين.
المولد والنشأة ولد محمد عمارة مصطفى عمارة يوم 27 رجب 1350هـ الموافق 8 ديسمبر/كانون الأول 1931م في قرية صروة بمركز قلين (محافظة كفر الشيخ) في مصر؛ لأسرة فلاحية يعمل أبوها في الزراعة. بدأ حفظ القرآن في كتاب القرية وهو في السادسة من عمره فأكمله وجوده.
الدراسة والتكوين انتقل عمارة إلى مدينة دسوق عام 1945 للالتحاق بمعهدها الابتدائي الأزهري، فحصل على الشهادة الابتدائية الأزهرية 1949، ودخل المعهد الأحمدي الثانوي الأزهري بمدينة طنطا فنال فيه الشهادية الثانوية التي درس بها في كلية دار العلوم جامعة القاهرة.
فُصل من الكلية عام 1957 لمدة سنة لتزعمه انعقاد مؤتمر سياسي وطني وقومي، ثم اعتقل 1959 وهو في السنة الرابعة لمدة خمس سنوات ونصف أثناء أزمة السلطة مع التيار اليساري، وبعد خروجه من السجن حصل على الليسانس 1965.
تخصص عمارة في الفلسفة الإسلامية ونال الماجستير عام 1970 بأطروحة "مشكلة الحرية الإنسانية عند المعتزلة"، ثم الدكتوراه 1975 برسالته "نظرية الإمامة وفلسفة الحكم عند المعتزلة".
التوجه الفكري انضم عمارة -وهو شاب- إلى حزب "مصر الفتاة" الذي نشأ في ثلاثينيات القرن العشرين وعرف بتوجه عروبي ثوري في الدفاع عن العرب ومحاربة الاستعمار والإقطاع، ثم تحول في 1949 إلى "الحزب الاشتراكي" الذي كانت فلسفته تقوم على أن الاشتراكية أساسها الدين وأن العبادة أكثر ما تتجلى في خدمة الشعب.
وبعد حركة "الضباط الأحرار" التي أطاحت بالمَلكية في مصر يوم 23 يوليو/تموز ١٩٥٢ ألغيت الأحزاب السياسية في ١٩٥٣ فـالتحق عمارة بالاتجاه اليساري الذي ناضل فيه نحو عقد من الزمن، وفي سجنه 1959-1964 بدأ مراجعات فكرية قادته في النهاية إلى مغادرة المعسكر اليساري والانخراط في الاتجاه الإسلامي.
ومنذ السبعينيات بدأ الطرح الإسلامي يطغى على مواقف وفكر عمارة حتى صار يُحسب على "الإسلاميين المستقلين"، وقد مكنه استقلاله هذا من توجيه انتقادات عديدة للحركة الإسلامية كما أن المسافة التي تفصله عن الإخوان المسلمين وتقاطعه الفكري معهم في الوقت نفسه كل ذلك جعله يحظى بثقتهم.
وفي ذلك يقول هو: "وأنا أعتبر الإخوان أكبر حركة من حركات الإسلاميين وفي ظل التشرذم في الحركة السياسية وفي الأحزاب ليس لدينا رصيد في الشارع إلا الإخوان، ومع ذلك أنا كتبت نقد للحركات الإسلامية بشكل عام ومنهم الإخوان، ورغم ذلك أعتبر أن الإخوان رصيد كبير يجب ألا نفرط فيه".
الوظائف والمسؤوليات بشكل عام اعتبر عمارة أن "الوظيفة العمومية نوع من الرق" فكان عن يعزف عن طلبها أو تقلدها ليتفرغ لمشروعه الفكري الذي بدأه منتصف الستينيات، ولذلك لم يتول من المسؤوليات إلا ما كان يصب في مصلحة هذا المشروع.
ومن ذلك عضويته في مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر الشريف الذي منحه القانون المصري حق الولاية على الشأن الديني، فكان عمارة يراجع له العديد من الكتب ذات العلاقة بالشأن الديني ويكتب له تقارير تقييمية عنها، وهو يقول إنه كان "أول من اقترح في المجمع الرد على الكتب المخالفة بالحجة والبرهان". كما مارس نفس المهمة في الهيئة المصرية العامة للكتاب.
شكل مع آخرين لجنة لإجراء صلح بين الحكومة المصرية وجماعات العنف السياسي خلال تسعينيات القرن العشرين. كما قدم حلقات وبرامج تلفزيونية عديدة، وشغل منصب رئيس تحرير مجلة الأزهر أربع سنوات واستقال منها يونيو/حزيران 2015.
التجربة الفكرية يذكر عمارة أن مسيرته مع العلم والفكر بدأت تحقيقا لنذر قطعه والده على نفسه أن "يهبه للعلم الشريف"، معتبرا أن فترة عيشه في القرية كانت هي فترة التكوين الفكري والروحي والدراسة والتعليم.
وقد استفتح علاقته الفكر والكتب بشرائه لأول كتاب في حياته وهو "النظرات" لمصطفى لطفي المنفلوطي ليكون نواة لمكتبته الخاصة التي سرعان ما ضمت أربعة آلاف كتاب، إثر ابتياعه بالتقسيط مكتبة عظيمة جمعها الشيخ الأزهري عبد التواب الشناوي وتوفي عنها في سنة تخرجه.
وفي هذه المكتبة قرأ عمارة ألوانا من العلوم الإسلامية وتعرف على "كنوز من الفكر" ضمت عيون أمهات كتب الفقه الإسلامي والتصوف وذخائر الآداب العربية ودواوين الشعر، إضافة إلى أعرق المجلات التاريخية كمجلة الرسالة ومجلة الأزهر ومجلة العروة الوثقى، والمترجمات عن الفكر الغربي. وقد أكسبته هذه الثقافة في وقت مبكر قدرات كبيرة في الكتابة والخطابة في المسجد.
انخرط عمارة -وهو في السنة الأولى من المرحلة الابتدائية- في الحركة السياسية الوطنية، فشارك 1946 في أول مظاهرة في حياته ضد مشروع "معاهدة صدقي بيفن" بين الحكومة المصرية وسلطة الاحتلال الإنجليزي، رغم أنه لم يكن لدي وعي سياسي كبير في ذلك التاريخ.
وفي العام التالي 1947 حمي الوطيس حول معركة قضية فلسطين فمارس عمارة الخطابة في المساجد ضد اليهود ودفاعا عن قضية فلسطين، وكتب 1948 أول مقال في حياته دفاعا عن المجاهدين في فلسطين.
بعد هزيمة الجيوش العربية في حرب 1948 مع إسرائيل؛ التحق عمارة -وهو آنذاك طالب في المعهد الثانوي الأزهري بطنطا- بصفوف تيار اليسار الذي كان آنذاك "فارس القضية الاجتماعية والعدل الاجتماعي"، كما كان له دور كبير في دعم القضايا الوطنية ولاسيما معارضة للوجود الأجنبي.
لكنه سرعان ما بدأت مراجعته للفكر اليساري فأصدر 1957 كتابه "القومية العربية" ليرد على اليساريين الذين ينكرون وجود أمة عربية.
وبعد حركة الضباط الأحرار 1952، لوحق النشطاء الوطنيون فتعرض عمارة للسجن 1959 وذاق قساوة التعذيب والحرمان من الوظيفة، لكنه استغل خلوة السجن في التأمل والقراءة والكتابة، فألف أربعة كتب في هذه المرحلة التي شهدت بداية تخليه عن اليسار بعد إدراكه أن حل المشكلة الاجتماعية في نظرية الاستخلاف الإسلامية وليس الصراعالطبقي الماركسي.
تعمق الموقف الإسلامي لدى عمارة بظهور الصحوة الإسلامية في السبعينيات، فبدأ نشاطه العلمي في إظهار محاسن الإسلام وتعرية دعاة الماركسية الاشتراكية مستخدما مصطلحاتهم ومفاهيمهم مثل: الحرية والعدالة والتكافل الاجتماعي.
ثم سطع نجمه أكثر مع تعالي التحديات الغربية والتغريبية أمام العالم الإسلامي، وبالذات منذ الثمانينيات وخاصة بعد سقوط الاتحاد السوفياتي عام ١٩٩١ وتفرد الولايات المتحدة بالهيمنة العالمية.
ورغم أنه أفرد العديد من كتبه لمواجهة الفكر التغريبي وللرد على غلاة العلمانيين؛ فإن قضايا القومية العربية والعدل الاجتماعي والثورة على الظلم ظلت ملحوظة في كتاباته، كما كانت الدائرة الإنسانية والتفاعل مع الحضارات المختلفة موجودة في مشروعه الفكري.
وكان التنصير إحدى الساحات التي عمل عليها قلم عمارة، فخاض سجالات مع الكنيسة القبطية بمصر التي هاجمته مرات لدرجة أنها مارست ضغوطا لمنع مقاله الذي كان ينشره في جريدة "أخبار اليوم"، منتقدة ردوده على منشورات تنصيرية وُزعت بمصر وحديثه عن دور الكنيسة في إثارة الفتنة الطائفية، والمشروع العنصري الذي يريد استبدال اللغة القبطية بالعربية، ورفعت الكنيسة ضده دعوى قضائية.
يقول عمارة: "عندما أكتب عن غلاة العلمانيين والمتغربين أبدو وكأنني محافظ، وعندما أكتب في نقد الجمود والتقليد أبدو وكأنني ثوري وتقدمي، لكن هناك معالم أساسية لا تتغير كالحفاظ على رؤيتي للإسلام ومعالمه، وعملي الدؤوب لإنهاض الأمة وإخراجها من عنق الزجاجة الذي وقعت فيه، ومواجهة التحديات الشرسة والحرب الصليبية المعلنة على الإسلام".
ناصر عمارة ثورة 25 يناير 2011 التي أطاحت بحكم حسني مبارك ، ووصفها بأنها "ثورة شعبية من أعمق الثورات الشعبية التي عاشتها مصر في العصر الحديث، وهي ملحمة كشفت المعدن الحقيقي لهذا الشعب الأصيل".
كما رفض الانقلاب العسكري على الرئيس المدني المنتخب محمد مرسي يوم 3 يوليو/تموز 2013، وأصدر بيانا واضحا طالب فيه بالعودة إلى المسار الديمقراطي واحترام إرادة الشعب وبعودة الجيش إلى ثكناته، واعتبر -في مقطع مصور- أن عزل مرسي "باطل شرعا وقانونا هو وكل ما ترتب عليه". وهو الموقف الذي أثار عليه هجمة انتقاد شرسة من وسائل الإعلام والدوائر المؤيدة للانقلاب.
وصفه الدكتور يوسف القرضاوي -في حفل تكريمي لعمارة أقامه مركز الإعلام العربي عام 2010- بأنه "أحد مجددي القرن الخامس عشر الهجري، الذين هيأهم الله لنصرة الدين الإسلامي من خلال إجادته استخدام منهج التجديد والوسطية، وصولاته وجولاته القوية في تعرية أعداء الإسلام".
أما الكاتب والمفكر الإسلامي راشد الغنوشي فاعتبره "كاسحة ألغام أمام الفكر الإسلامي والحركة الإسلامية، فهو شديد البأس على أعداء الإسلام من العلمانيين الاستئصاليين، وهو فحل في هذا المجال وعون لكل باحث في الفكر الإسلامي ولكل شاب يريد أن يطلع على الإسلام في موارده الصافية، وأنا أعتبر نفسي تلميذا من تلاميذه في جوانب كثيرة".
المؤلفات وصلت مؤلفات محمد عمارة خلال ستة عقود إلى نحو 240 مؤلفا ما بين كتاب ودراسة، ومن هذه المؤلفات: "التفسير الماركسي للإسلام"، "معالم المنهج الإسلامي"، "الإسلام والمستقبل"، "نهضتنا الحديثة بين العلمانية والإسلام"، "الغارة الجديدة على الإسلام"، "التراث والمستقبل"، "الإسلام والسياسة: الرد على شبهات العلمانيين"، "الجامعة الإسلامية والفكرة القومية".
كما قام بتحقيق مجموعة من الكتب القديمة والحديثة، منها الأعمال الكاملة لكل من: رفاعة الطهطاوي، وجمال الدين الأفغاني، والشيخ محمد عبده، وعبد الرحمن الكواكبي، وقاسم أمين، وعلي مبارك.
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
موضوع: رد: الدكتور محمّد عمارة الثلاثاء 02 نوفمبر 2021, 8:37 am
آخر أجيال المفكرين الإسلاميين.. قصّة محمد عمارة بين الأزهر واليسار والصحوة الإسلامية "د. عمارة هو الباحث المَنهجي الموضوعي، الذي يخدم العلم، ويحترم المنهج.
وقد حمل عقلية الفيلسوف، وقلب الصوفي، وانضباط الفقيه، وحماس الداعية، ورقَّة الأديب، وعزيمة المقاتل"
(يوسف القرضاوي)
لم يكن رحيل محمد عمارة في الثامن والعشرين من فبراير/شباط 2020 مُجرد إعلان لوفاة مُفكر إسلامي أو باحث مصريّ عُرف بالموسوعية، فالصورة التي انطبعت في أذهان الكثيرين عند سماع اسم محمد عمارة أقرب ما تكون لذلك المُناضل العجوز الذي يُناظر في محفل جماهيري، أو الكهل الذي يمسك بالقلم لتسطير حكمته، أو الشيخ الذي يجلس في مكتبته العتيقة، يرتدي نظارته الغليظة، مُحاطا بتلاميذه يُسامرهم في العِلم.
فخلال الخمسين عاما الماضية حُفِر اسم "محمد عمارة" في الساحة الفكرية العربية، إذ كثيرا ما حضرت أفكاره في نقاشات التيارات الفكرية الإسلامية الحديثة، وقد كان حضوره إما استشهادا بفكره، أو للتحفظ على أُطروحاته، أو حتى ردا على بعض آرائه. لكنّ المتفق عليه -وعلى الرغم من هذه التباينات في الموقف من د. عمارة- أن اسمه ظل حاضرا بين تيارات الفكر الإسلامي، إذ من النادر أن تؤلَّف رسالة أكاديمية عربية في تناول ما يُسمى بـ "الفكر الإسلامي الحديث" إلا وستجد ضمن مراجعها كتابا من كتب محمد عمارة.
"آخر أجيال المثقفين" يمكن القول إن جيل "عمارة" قد أُتيح له عددٌ من العوامل التي لم تعد حاضرة أو متوافرة في الأجيال التي تلته، حتى يُمكننا تسمية هذا الجيل من الأزاهرة الذين شهدوا ما قبل ثورة 1952 وما بعدها باعتبارهم "أواخر المثقفين الأزهريين". فعلى الرغم من نشأة عمارة الأزهرية فإنه تقلّب في مسارات ودُروب شتى، من الكُتّاب والأزهر والسياسة ومصر الفتاة واليسار، ودخوله السجن، ثم اتجاهه للقومية العربية، وأخيرا مُنافحته عن الصحوة الإسلامية، والتي استقر به الحال مُنظِّرا لها منذ نهاية الستينيات وأوائل السبعينيات حتى مماته. وقد اجتمعت في عمارة تركيبة فريدة، فقد تحصّل على معرفته الدينية عبر التعليم الأزهري، والثقافة العربية من دار العلوم، والحركيّة السياسية المجتمعية عبر انتمائه إلى اليسار، بالإضافة إلى اطلاعه على مساحتَيْ المعارف المدنية والشرعية.
كما أن لعمارة اشتغالا فكريا متشعّبا، ما بين تحقيق وإخراج أعمال أعلام العصر الماضي من مدرسة الإحياء والتجديد [أ] التي تُنسب إلى الشيخ محمد عبده وجمال الدين الأفغاني، إضافة إلى الاشتغال البحثي في فِرَق الفكر الإسلامي المُبكر مثل الشيعة والمعتزلة وأعلام المنتسبين للسُّنة، في وقت لم يكن فيه اهتمام بهذه المساحات البحثية المقارنة في الدراسات العربية الأكاديمية، ثم الانشغال والتنظير حول القومية العربية، ولاحقا الفكرة الإسلامية والجامعة الإسلامية [ب]. لقد عاش عمارة في قلب المعارك التي اختارها لنفسه؛ مرابطا على ترميم ما رآه مهدورا من "ثغور الفكر الإسلامي".[1]
ومنذ السبعينيات، اتجه عمارة إلى الاهتمام بما سمّاه "الوعي الحضاري الإسلامي"، وكثرت كتاباته في هذا الباب لتشمل مواضيع مثل: الحضارة، والمرأة، والسنة، والقرآن، والدفاع عن الصحوة الإسلامية، مع عدد كبير من المؤلفات والمناظرات، والتي كان لها الصيت الأوسع في حينها. وقد زاد من هذا الصيت لعمارة أثناء تحوُّله من اليسار إلى الانتماء الإسلامي بعد نكسة 67 ضمن التيار اليساري الذي تحوَّل عددٌ غير قليل منه إلى الاتجاه الإسلاميّ في ذلك الوقت، حيثُ برزت أسماؤهم متشابكة معا مثل محمد عمارة وطارق البشري وفهمي هويدي، وبصورة ما عبد الوهاب المسيري، وآخرين.
ما يعني أن التأريخ لعمارة وجيله هو ضَربٌ من التأريخ لجزء من الأفكار الإسلامية المعاصرة في تحولاتها المتعددة. لكن على الرغم من هذه التنقلات التي اتّسمت بها حياةُ عمارة، فقد حافظ حتى نهاية حياته على عدم انتمائه التنظيمي لجماعة أو تنظيم أو تيار بعينه، سواء كان عقديا أو مذهبيا، واكتفى بالانتماء إلى الخطّ الإسلامي العام، أو ما يُطلق عليه أحيانا تيار الوسطية الإسلامية. وقد أتاح له ذلك قدرا من الانفتاح على مدارس الإسلاميين وأفكارهم، وقدرا من حرية الاختيار العلمي والحركي، وهو ما يستحق أن نُسلّط الضوء عليه، ونرصد أهم المجالات التي حضر فيها د. محمد عمارة، وتطوراته الشخصية عبر مسيرته الممتدة
"الدكتور محمد عمارة ليس محتاجا إلى تسليط الأضواء عليه، بل ربما هو يعاني منها، إذ يشغل مساحة واسعة من الثقافة العربية المعاصرة بما يُقدِّمه من كتب ومقالات مهمة، وأعتقد أن سؤال عمارة الأساسي كان عن النهضة، وهي تُمثِّل النقطة المحورية التي دارت حولها سائر أعماله الفكرية، وهو ليس فقط باحثا عنها وإنما مشارك فيها".
(حسن الشافعي، رئيس مجمع اللغة العربية)
على مدار أكثر من رُبع قرن، اهتم محمد عمارة بتراث مدرسة "الإحياء والتجديد"، وهو الاسم الذي يُطلق على مدرسة جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده وما تفرّع عنهما، وامتد اهتمام عمارة إلى أعلام النهضة المصرية بعموم، فأخرج الأعمال الكاملة لعدد من هذا الجيل مثل جمال الدين الأفغاني، محمد عبده، رفاعة رافع الطهطاوي، عبد الرحمن الكواكبي، قاسم أمين، علي مبارك. وقد كان لعمارة دراسات جادة حول هذه الشخصيات وإسهاماتها الفكرية، وقد أخذت هذه الأعمال حيزا كبيرا من كتاباته، وهو ما كَوّن له اطلاعا كبيرا على الحركة الثقافية والفكرية والسياسية في القرن الماضي، وبسبب قربه من هذه الأسماء فقد عاش عمارة مع تفاصيل هذه المدرسة، وعايش أعلامها ورموزَها، حتى أصبح اسمه مقرونا بأعلام هذه المدرسة، وتعدّى الأمر ذلك حتى أصبح يراهم الباعث للنهضة العربية الإسلامية، وأن التيارات العلمانية اختطفت هذه الأسماء إليها [ج].
وقد كان لدراسات د. عمارة زاوية لا تُخطئها العين، وهي رغبته في تسليط الضوء على إسلامية أفكار هذه الشخصيات وعقلانيتها في آنٍ واحد، وهو الموقف الوسط -بحسب عمارة- الذي اتخذته هذه الشخصيات بين تيارين مختلفين هما "تيار التغريب" و"تيار الجمود".[2] وعندما اقترب عمارة من الصحوة الإسلامية في السبعينيات والثمانينيات، حاول أن يُوجِد رابطا بين الصحوة الإسلامية وجذورها في حقبة التنوير العربي تلك، والتي انتشرت في مطلع القرن العشرين. وتظهر هذه المحاولة في الثناء الكثيف والمتكرر من عمارة على أعلام هذه المدرسة وعلى الرأس منهم جمال الدين الأفغاني وتلميذه الأستاذ محمد عبده، والذي يصفه عمارة بأنه "أعظم العقول الإسلامية التي وهبت جُلّ طاقتها لتجديد الفكر الإسلامي، وجلاء ركام البدع والخرافات والإضافات عن أصول الإسلام".[3]
جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده وبهذه التراتبية التي صنعها عمارة كان يُرجع ظهور الحركات الإسلامية المعاصرة إلى هذه المدرسة القديمة في القرن الماضي، ويستحضر تأثر حسن البنا بأفكار الشيخ رشيد رضا، والذي كان ألصق تلاميذ محمد عبده، وهو ما جعل عمارة يعتبر أن مشروع حسن البنا امتداد وتطوير لمشروع عبده، وقد توسع في هذه الفكرة في كتابه "معالم المشروع الحضاري في فكر الإمام الشهيد حسن البنا".[4]
وَلّد هذا الاشتغال الفكري من د. عمارة رغبة في إحياء ما كان يسميه "التنوير" و"العقلانية" الإسلامية، والتي كان يراها في هذه المدرسة، وتبنّى الدعوة إلى الجمع بين المعارف الشرعية والمعارف المدنية، ورفض ما سمّاه "التقليد الشرعي" والذي استقر في كتب الأزهر ومناهجه منذ حقبة المماليك. وهذا الموقف من د. عمارة متّسقٌ مع مسألة تطوير التعليم الأزهري التي نادى بها الأستاذ محمد عبده نفسه حين كان مُفتيا، والتي دار حولها الصراع بين محمد عبده وبين عدد من مشايخ الأزهر فيما عُرف بتجديد المناهج الأزهرية في القرن الماضي.[5]
وعلى الرغم من ثقافة عمارة الأزهرية، وحفظه لدواوين الشعر العربي، ودراسته على طريقة الحواشي في الأزهر، واقترابه من تيار النهضة العربية في القرن الماضي، فإنه لم ينزوِ عن الانفتاح على الحياة الأدبية والفكرية لعصره، فقد طالع السجالات الثقافية التي زخرت بها مجلات هذا العصر (5)، فقرأ مجلة "الأزهر" كاملة، ومجلة "الرسالة" كاملة، وهما من أشهر المجلات الثقافية في القرن الماضي، كما حاز النسخة الأصلية من مجلة "العروة الوثقى" التي أصدرها الأفغاني وعبده من منفاهم في باريس، وهو ما كوّن لعمارة اطلاعا واسعا وفريدا على أعلام القرن الماضي وأحداثه المختلفة.
اليسار والمعتقل.. ما قبل الصحوة "هناك قضيتان لازمتاني في حياتي -منذ البداية وحتى هذا التاريخ- وهما: قضية الحرية وتحرير الوطن، وقضية العدل الاجتماعي الذي كان يستنفر الإنسان ليقف مع المساكين، وهذا ما جعلني أنتمي إلى اليسار".
(محمد عمارة)
اقترب د. عمارة من اليسار المصري في الأربعينيات، وتعرف على كبار مُنظّريهم، وقد أتاحت له هذه الفترة القراءة في الأدبيات الماركسية والفكر الغربي، وهو ما أضاف إلى عماره مراكمة معرفية في مساحة مختلفة، الأمر الذي استصحبه في حياته المعرفية لاحقا، وتَمثَّل هذا التوجه في "النضال من أجل العدالة الاجتماعية"، وهو ما جعل ارتباط عمارة باليسار وانخراطه فيه من باب المناهضة للهيمنة الإمبريالية الأميركية، والدعوة إلى العدالة الاجتماعية، وهو ما لم يجعله يمتد في يساريته حتى يتبنّى الماركسية في بنيتها المادية الإلحادية، يقول د. عمارة: "مواقفي في مرحلة اليسار والمرحلة القومية ثم الإسلامية حصل فيها نضج وتطور، لكن لم تكن هناك فواصل حادة بينها. كنت يساريّا بالمعنى الاجتماعي الثوري، وليس بالمعنى العَقَدي، فلم يكن هناك إلحاد؛ لأن التجربة الروحية والتكوين الديني الأصيل عصمني من أن أُستوعَب في الفكر المادي والنظرية المادية".[6]
يستفيض عمارة في الحديث عن هذه الفترة فيقول: "وعندما أُلغيت الأحزاب -ومنها مصر الفتاة والحزب الاشتراكي- لم يكن أمامنا لمواجهة الإقطاع إلا اليسار، فقد كان اليسار حينها فارس القضية الاجتماعية والعدل الاجتماعي، وكان له موقف من القضية الوطنية، فقد كان ضد القواعد العسكرية والوجود الأجنبي. وكنت قد دخلت اليسار من باب القضية الاجتماعية ومن باب القضية الثورية". وفي مسيرته تلك، انخرط عمارة في الحَراك السياسي داخل الجامعة، وكان يُصدر مجلة يسارية في كلية دار العلوم، وقد فُصل من الجامعة لمدة سنة لتزعُّمه مؤتمرا وطنيّا وقوميّا، إلى أن اعتُقل نحو ست سنوات، مما أدّى إلى تأخر تخرجه إلى 1965 بدلا من 1958.
المفكر محمد عمارة في الجامعةالمفكر محمد عمارة في الصغر بالتوازي مع هذه "اليسارية" إن صحّ القول، تبنّى عمارة فكرة القومية العربية، وأخذت منه حيزا كبيرا، وقد كتب في هذه المسألة أول كتبه، وتوسّعت كتاباته فيها بعد خروجه من السجن. وحتى بعد التحول إلى التيار الإسلامي بمعناه الواسع، لم يترك عمارة الدعوة إلى القومية العربية، وإنما جعلها جزءا ضمن مشروع أكبر وهو مشروع الجامعة الإسلامية الواسعة، وهو المصطلح الذي كان يستخدمه مصطفى كامل ومحمد فريد وجدي زعماء الحزب الوطني في القرن الماضي.
من اليسار إلى صحوة السبعينيات "د. عمارة عالم موسوعي في عصر ندر فيه الموسوعيون، يُذكِّرنا بسيرة العلماء والمفكرين الأجلاء من أمثال محب الدين الخطيب ومحمد فريد وجدي، وهو دقيق جدا في استخدام المصطلحات وتحليلها، يمزج في كتاباته بين القومية والوطنية والإسلامية".
إذا كان يُمكننا -بشيء من التجاوز- اعتبار سيد قطب هو المُنظِّر الأول لجيل الستينيات من الإسلاميين، فإن الأمر نفسه يمكن اعتباره مع شخصيات مثل يوسف القرضاوي ومحمد الغزالي ومحمد عمارة ومحمد سليم العوا وطارق البشري وفهمي هويدي في جيل السبعينيات، والذين اشتد حضورهم في الثمانينيات والتسعينيات [د]، وهو ما يعني أن د. عمارة قد تبوّأ مكانة كبيرة بين الإسلاميين الحركيين رغم غلبة اشتغاله بالأعمال والدراسات النظرية في الفترة السابقة من حياته، ليصبح من ذلك الوقت أحد أهم وألمع المفكرين الإسلاميين طوال الثمانينيات والتسعينيات وحتى الربيع العربي.
وهو ما جعل عماره يُطوِّر مشروعه الخاص والذي كان يُسميه بـ "مشروع الإسلام الحضاري". وعلى الرغم من الفروقات بين هذا المشروع الفكري وبين مشروع جيل الستينيات، فإن هذا التيار بعيد نسبيا عن الجدل الذي استخدمته مدرسة الستينيات والمنتمية إلى الأستاذ سيد قطب وأبي الأعلى المودودي في مفرداتها مثل "الحاكمية" و"الجاهلية المجتمعية" والعزلة الشعورية، وإن اتفقت المدرستان في كثير من المضامين [هـ].
سيد قطب وأبي الأعلى المودوديسيد قطب وأبي الأعلى المودودي وثمة حضور آخر لَعِبه عمارة مع آخرين في هذه الفترة، وقد تَمثَّل في الكيانات الإسلامية العالمية، والتي تأسست منذ السبعينيات والثمانينيات ونشطت في التسعينيات، وكانت تحمل فكرَ ما يُسمى بـ "الوسطية" و"الإسلام الحضاري". وقد كان عمارة عضو اللجنة التحضيرية التي وضعت الورقة الأساسية لممثلي الاتجاه الإسلامي في الاجتماع الأول للمؤتمر التأسيسي للمؤتمر القومي الإسلامي، وعمل عليها معه محمد سليم العوا، وفهمي هويدي، وطارق البشري، ويوسف القرضاوي. كما كان لعمارة نشاط في "مركز الفكر العالمي"، وزادت إسهاماته في هذا الاتجاه الحضاري مع عدد من الأسماء السابقة، إضافة إلى أسماء أخرى مثل إسماعيل راجي الفاروقي، وفتحي ملكاوي، وعبد الرحمن النقيب، ورفعت العوضي، وطه جابر العلواني، وعبد الحميد أبو سليمان، وآخرين.
ومع الوقت، زاد حضور عمارة في الفضائيات والمجلات والصحف الثقافية، وكذلك في المناظرات في فترة التسعينيات، وهو ما جعل عمارة وكأنه أحد الممثلين غير الرسميين لتيار الفكر الإسلامي في هذه المجالات مجتمعة، وقد كان لهذا الدور الذي مثّله عمارة -مع آخرين- مكانة كبيرة في تعزيز الثقافة الإسلامية عالميا.
ومع ذلك كله، ظل عمارة محتفظا بثقافته الأزهرية، وظل على تقدير واحترام كبير من المؤسسة الدينية الرسمية حتى آخر حياته، فقد ضُمَّ إلى مجمع البحوث الإسلامية في عهد الشيخ سيد طنطاوي، ثم أصبح عضوا في هيئة كبار العلماء والتي أُسِّست بعد الثورة، وظلَّ بها عضوا حتى وفاته، رغم موقفه المعلن من الانقلاب في مصر عام 2013.
الكنيسة واليسار والتكفير.. معارك مشهودة مع تصاعد الصحوة الإسلامية أواخر الثمانينيات برز عمارة إلى جانب الشيخين الغزالي (وسط) والقرضاوي في مواجهة الأطروحات العلمانية تأليفا ومناظرة (الجزيرة)مع تصاعد الصحوة الإسلامية أواخر الثمانينيات برز عمارة إلى جانب الشيخين الغزالي (وسط) والقرضاوي في مواجهة الأطروحات العلمانية تأليفا ومناظرة (الجزيرة) "حينما يكتب الدكتور محمد عمارة في قضية أو يتحدث فيها لا تشعر أنه كاتب يكتب بقلم، أو مؤلف يحبِّر الورق، أو خطيب يعتلي المنبر، أو متحدث يتكلم في ندوة، وإنما تشعر أنه مقاتل في معركة يحمل السلاح، ومجاهد مرابط على الثغور يحمي الذمار، فترى بارقة السيوف فيما يكتب أو يخطب".
ثار عدد من المعارك بين د. عمارة وبين البابا شنودة، وكان الإعلام القبطي يشنّ حربا من فترة لأخرى على عمارة، وقد استمر هذا الأمر حتى مماته. فقد كان لعمارة موقف شديد من البابا شنودة، إذ كان يعتبره "رأس الفتنة في مصر"، وأن الفتنة في مصر لم تنشط إلا بعدما تولّى البابا شنودة البطريركية، لأن شنودة -بحسب عمارة- يُصِرّ أن يلعب دور السياسي مع زعامته الدينية، ومَردُّ ذلك -في نظر عمارة- لانتماء شنودة القديم إلى جماعة الأمة القبطية [7] [و]، والتي كانت تسعى للسيطرة على النفوذ في مصر، وهو ما جعل السادات يحكم بعزل البابا شنودة عن منصبه، قبل أن يُعيده مبارك مرة أخرى.
وكان ذروة التصعيد بين عمارة والكنيسة المصرية حين أصدر عمارة كتابه "تقرير علمي" في عام 2009، والذي كلّفه به مجمع البحوث الإسلامية للرد على منشور تنصيري وُزِّع في القاهرة باسم مستعار [د. سمير مرقص]. وكان يُفنِّد عمارة هذا المنشور التنصيري في كتابه، والذي ضمّنه أدلة على تحريف الإنجيل والتوراة، وبيان أن المسيحية ليست مذاهب متقاربة ذات عقيدة واحدة، مثل مذاهب الفقه الإسلامي، بل مذاهب متباينة، وكذلك نقد فيه عمارة عقيدة الخطيئة الأصلية والمعجزات عند النصارى.[8]
وعلى الرغم من هذه المعارك، فقد كان عمارة يُصِرّ أن المنهج الحضاري الإسلامي قد استوعب الأقباط في الماضي وهو قادر على استيعابهم في الحاضر، وأن المشكلة في الدور السياسي الخفي الذي يلعبه البابا شنودة، وأن مصر لم تعرف هذه الحالة مع البابا كيرلس، ولا مع الأنبا موسى، ولا الأب متى المسكين والذي يعتبره عمارة معبرا عن موقف الكنيسة التاريخي في التعايش مع المسلمين.
محمد عمارة والبابا شنودة والكنيسة
وقد انتشرت مناظرات عمارة منذ التسعينيات حين وضع د. عمارة نفسه في موقع المنافح عن الفكر الإسلامي ضد الماركسية والعلمانية، مُتسلِّحا بخبرته السابقة باليسار المصري في سنوات انضمامه لهم، حيث أتاح له الاطلاع على أعلام الفكر الماركسي العربي والاتصال بهم مباشرة في زمالات ممتدة، وهو ما جعل عمارة على معرفة بمواطن الخلل لديهم في فهم الإسلام كما يقول عمارة نفسه. وكثيرا ما كان يُشير د. عمارة إلى هذا المعنى في كتاباته، حيث يذكر في كتابه "التفسير الماركسي للإسلام": "وإني خبير قديم بالماركسية والماركسيين لغة، وفكرا، وممارسة، وأساليب عمل، وأنماط علاقات".[9]
وقد كتب د. عمارة هذا الكتاب ردا على د. نصر حامد أبو زيد، وقسّمه إلى مقدمات عن "حرية الاعتقاد، والتكفير، والردة"، ثم ضمّنه قسمين "ما لا يجوز الخلاف فيه، ما يجوز الخلاف فيه". وقد ناقش عمارة ما أورده د. أبو زيد من أفكار في مؤلفاته، بناء على نقد البنية الماركسية في تحليل النص والتي ينطلق منها أبو زيد في تعامله مع القرآن، ثم عالج عمارة هذه الإشكالات من نصوص الإسلام والقرآن الكريم والتراث الإسلامي. والملاحظ في رد د. عمارة أنه لم يتطرّق إلى تكفير أبو زيد، بل أكّد أن الخلاف معه فكري بالأساس، وسببه الأساسي هو الخلاف حول كيفية فهم الإسلام، وذلك على الرغم من ميل علماء آخرين للقول بكفر أبو زيد في ذلك الوقت، وهو ما حكمت به المحكمة [ز]. ولم ينطلق عمارة في نقده لنصر حامد أبو زيد من استحضار أبو زيد للمعتزلة في قضية خلق القرآن كما انطلقت أغلب الردود الإسلامية عليه، إذ إن لعمارة موقفا غير عدائي مع الأطروحات الاعتزالية كما سيأتي.
وقد كان عمارة يميل -بحسب تعبيره- إلى التعددية وحق التعبير عن الرأي، وعارض الحكم الذي أصدرته المحكمة بردة أبو زيد، وصرّح أن "قضية الدكتور نصر أبو زيد هي قضية فكرية، مجالها الحوار الفكري، والمختصون فيها هم المفكرون والباحثون، وليست قضية قانونية… فالدكتور نصر صاحب مشروع فكري، وأنا ممّن يختلفون مع قضاياه اختلافا جذريا، فكتاباته تدور حول تاريخية النصوص المقدسة، وأنا أرى مثل هذه الأفكار يجب أن تكون موضوعا لحوارات فكرية وموضوعية، لا مادة لدعوة وأحكام قضائية".
وقد أشاد أبو زيد نفسه بهذا الكلام، واعتبره موقفا منصفا وعقلانيا من الدكتور عمارة، وقد كرّر د. عمارة رأيه هذا في مناظرته الشهيرة مع د. نصر حامد أبو زيد في برنامج "الاتجاه المعاكس
وإذا تركنا الكنيسة، وأبو زيد، وذهبنا إلى الخلف قليلا، وبالتحديد في عام 1992م، فإننا إذن مع مناظرة أخرى، وهي واحدة من أشهر مناظرات القرن الماضي، والتي دارت أحداثها في معرض كتاب 1992 بين د. عمارة والشيخ محمد الغزالي ومرشد الإخوان مأمون الهضيبي، وفي الجهة الأخرى كان فرج فودة والدكتور محمد خلف الله.
وقد تناولت المناظرة موضوع "الدولة الإسلامية والدولة المدنية"، وبعد هذه المناظرة بشهرين اغتيل فرج فودة لدعوته المتكررة إلى المناداة بالعلمانية وترك الشريعة والتحاكم إليها [ح]، وتُعتبر هذه المناظرة إحدى أشهر مناظرات القرن الماضي، لا سيما بعد اغتيال فودة في العام الذي انعقدت فيه المناظرة.
تنازع الفُرقاء.. "وأنا أيضا يطمئنني كثيرا أنني على صراط الوسطية الإسلامية أن هناك عشرات من الكتب في التيار العلماني تهاجمني، وأيضا في تيار الغلو الديني والجمود تهاجمني، وإذا كان إنسان يُهاجَم من هذا الفريق ومن هذا الفريق، فهذا دليل على أنه ليس هنا وليس هناك، وإنما هو في وسط بين هذين الفريقين".
(محمد عمارة)
مع كل هذه المراحل التي خاض فيها محمد عمارة، فقد اقترب في بداية حياته من المعتزلة وأفكارهم، وعمل على إخراج تراثهم، وفي أطروحته العلمية عن فلسفة الحكم في الإسلام استدعى دور المعتزلة، كما حقّق رسائل العدل والتوحيد، وكتب عدة مقالات في الدفاع عن المعتزلة.[11] لكن الدكتور عمارة قد تخفّف مع الوقت من الانتساب إلى المعتزلة -وإن لم يتخذ موقفا حديّا منهم- وأصبح أقرب إلى التيار الأشعري العام، وكرّر في كتاباته أن التيار الأشعري يُمثِّل أكثر من 90% من الأمة الإسلامية.
ثم أفرد كتابات للدفاع عن الشيخ ابن تيمية، والسلفية بمعناها التاريخي، ولم يتخذ منها موقفا عدائيا، بل تصالح معها، وعادى العلمانيين الداعين لترك الشريعة، وهو ما جعل موقف عمارة من التيارات الإسلامية المختلفة به قدر من الانتقاء والانتقال دون الانحصار على تحقيق قول بعينه، ويبدو أنه لم يُرد أن يلتزم مذهبا بعينه بين خصومه من العلمانيين، وهو موقف قريب من موقف الإمام أبي حامد الغزالي على الفلاسفة حين قال: "فأبطل عليهم ما اعتقدوه مقطوعا بإلزامات مختلفة، فألزمهم تارة مذهب المعتزلة، وأخرى مذهب الكرامية، وطورا مذهب الواقفية، ولا أنهض ذابا عن مذهب مخصوص، بل أجعل جميع الفرق إلبا واحدا عليهم، فإن سائر الفرق ربما خالفونا في التفصيل، وهؤلاء يتعرضون لأصول الدين، فلنتظاهر عليهم، فعند الشدائد تذهب الأحقاد".[12]
المفكر محمد عمارة
وبالطور الأخير الذي مال إليه الدكتور محمد عمارة بتبنّي قضايا المسلمين العامة جعلت له المكانة بين تيارات الفكر المختلفة، وجعلت التيارات من حركية إخوانية، وسلفية، وصوفية أو أزهرية، وعقلانية ونهضوية، ترى في الدكتور عمارة جزءا منها وإن خالفته في منهجه العام.
وقد زاد من هذه الحالة المتفردة للدكتور محمد عمارة مواقفه العامة مع قضايا الحرية والعدالة الاجتماعية، وقد ظلّ الدكتور عمارة في مكانه داخل هيئة كبار العلماء في مصر ولم يغادرها، ومع ذلك ندّد بالمذابح المختلفة التي حدثت في مصر، وأصدر بيانا مرئيا بأن ما حدث في مصر انقلاب دموي على حلم الحرية الذي عاش الناس على أمله.
ومجموع مواقف هذه الشخصية، وسيرتها الذاتية، ودفاعها عما تعتقد أنه حق، مع إتاحة الفرصة لحرية الرأي الآخر؛ هو ما يُفسِّر سبب الحفاوة الشديدة التي لاقاها عمارة في حياته، والتي استمرت بعد وفاته، حيث رثاه عامة المفكرين في العالم الإسلامي.
الهوامش [أ] مدرسة فكرية ظهرت في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، وأهم أعلامها جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده، وتنوّعت إلى روافد عدة بعدهما؛ علمانية، وإسلامية، ويُعتبر د. عمارة أحد أبرز المنافحين من الباحثين المعاصرين عن هذه المدرسة. [ب] يُعبِّر عن الخلافة في صورة معاصرة بلفظة "الجامعة الإسلامية"، وهي فكرة دندن حولها كثيرا عبد الرزاق السنهوري باشا، والذي وضع القانون المدني المصري، وكتب رسالته في السوربون "الخلافة وتطورها إلى عصبة أمم شرقية". وقد كان لعمارة اعتناء بتراث السنهوري باشا وجمع له كتابا بعنوان "إسلاميات السنهوري باشا". [ج] هناك تنازع كبير بين مدارس الفكر المختلفة حول هذه المدرسة وما تفرّع عنها أو تولّد منها من تيارات، وللمزيد حول هذا يُمكن مراجعة: – الفكر العربي في عصر النهضة، ألبرت حوراني – الإسلام والتجديد في مصر، تشاليز آدمز. – أسس التقدم عند المفكرين الإسلاميين، فهمي جدعان. – حوارات نماء، سلطان العميري وأحمد سالم. [د] وهو موضوع مقارنة حريّ طرحها في تقرير مستقل لاحقا إن شاء الله. [هـ] يمكن مراجعة لقاءات الشيخ القرضاوي حول سيد قطب، وبعض تحفظاته على أطروحاته على سبيل المثال. [و] جماعة مسيحية متطرفة تأسست في مصر على غرار جماعة الإخوان المسلمين، وكانت تتخذ شعار "المسيح غايتنا، والإنجيل دستورنا…". [ز] نرى أن الدكتور عمارة شديد التوسع في الإعذار لدرجة قد تجعله مثار نقد من آخرين، لا سيما مع مساس بعض هذه المجالات لمساحات عقدية أو مواقف فاصلة. [ح] رغم أن فودة يغلب عليه الطابع الصحفي في الكتابة وليس الكتابة العلمية المنهجية، فإن عددا كبيرا من كتبه خصّصه لهذه الدعوة، مثل: "حوار حول العلمانية"، و"الملعوب"، و"الإرهاب"، و"النذير"، و"قبل السقوط". [ي] انتشرت هذه الفكرة بكثافة بعد موت د. عمارة، ويبدو أنها مجرد دعاية لتخليص حسابات قديمة معه دون الاستناد إلى أي حقائق أو دلائل حقيقية. المصادر: محمد عمارة الحارس اليقظ، يوسف القرضاوي. راجع مقدمة محمد عمارة لأعمال الشيخ محمد عبده. المصدر السابق. معالم المشروع الحضاري في فكر الإمام الشهيد حسن البنا، محمد عمارة. يمكن مراجعة موقف العلم والعقل لمصطفى صبري في نقده لآراء محمد عبده تلك. كان يطالع ويكتب 18 ساعة وفضّل شابا الانتماء لـ"مصر الفتاة" على "الإخوان".. محمد عمارة سيرة ومسيرة، معتز الخطيب. يُمكن مراجعة كتاب: لعنة جماعة الأمة القبطية. تقرير علمي، محمد عمارة، طباعة مجمع البحوث الإسلامية. التفسير الماركسي للإسلام، محمد عمارة. يمكن مراجعة: "حقيقة تورط محمد عمارة في فتوى قتل فرج فودة!!" لعصام تليمة. يمكن مراجعة بعضها من أرشيف الشارخ للمجلات الأدبية. تهافت الفلاسفة، أبو حامد الغزالي.
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
موضوع: رد: الدكتور محمّد عمارة الثلاثاء 02 نوفمبر 2021, 8:38 am
محمد عماره
يقول المفكر العلامة الكبير الأستاذ الدكتور / محمد عمارة -رحمه الله- "في أحد المجالس، التفت أحد المدعوين العلمانيين تجاهي، وخاطبني مستهزئاً، وقال:* "هل أفهم من كتاباتك أنك تريد تطبيق أحكام الشريعة والعودة بنا إلى الوراء؟" *فأجبته متسائلاً: *-هل تقصد بالوراء يعني تقريبا 100 سنة، عندما كان السلطان عبدالحميد الثاني يحكم نصف الكرة الأرضية؟* *-أم عندما كان ملوك أوروبا يحكمون شعوبهم بتفويض من السلطان العثماني؟ *-أم قصدك إلى الوراء أكثر زمن حكم المماليك، الذين أنقذوا العالم من المغول والتتار؟ *-أم إلى الوراء أكثر عندما حكم العباسيون نصف الأرض؟* *-أم إلى الوراء أيام الأمويين؟ أم قبلهم سيدنا عمر الذي حكم أكثر الكرة الأرضية؟* *-أم قصدك عندما بدأ هارون الرشيد رسالته إلى ملك الروم نقفور:* *من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم..؟* *-أم إلى زمن عبدالرحمن الداخل، الذي طوّق جيشه إيطاليا وفرنسا؟,,,هذا سياسياً..أم ان كان قصدك علمياً عندما كان علماء العرب مثل ابن سينا والفارابي وابن جبير والخوارزمي وابن رشد وابن خلدون إلخ، يعلّمون العالم العربي والغربي الطبّ والصيدلة والهندسة والفلك والشعر؟!* *-أم قصدك كرامة.. عندما عبث يهودي كافر بعباءة امرأة فصاحت وامعتصماه، فجرّد المعتصم الجيش وطرد اليهود من أرض الدولة، بينما النساء اليوم تُغتصب اغتصاباً وتصور وتنشر على القنوات. *-أم قصدك عندما أنشأ المسلمون أول جامعة تعرفها أرض أوروبا في إسبانيا؟ومن وقتها أصبح الزيّ العربي «العباءة» هو لباس التخرج في كل جامعات العالم، ولليوم وقبعة التخرج مسطّحة، لأنه كان يتم وضع القرآن فوقها في احتفال للتخرج* *-أم قصدك لما كانت القاهرة أجمل مدينة بالعالم؟* *-أم عندما كان الدينار العراقي يساوي 483 دولاراً؟* *-أم عندما كان الهاربون من أوروبا الفقيرة يتوجهون إلى الإسكندرية؟* *- أم عندما طلبت أميركا من مصر إنقاذ أوروبا من المجاعة؟* *منتظرك تشرح لي قصدك وتخبرني كم تريد أن نرجع إلى الوراء؟* *"فبُهت الذي كفر"*
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75523 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
موضوع: رد: الدكتور محمّد عمارة الثلاثاء 27 سبتمبر 2022, 4:41 am