نشرة ” فَاعتبِرُوا ” د. عبدالحميد القضاة
من عجائب الميكروبات
عندما تمر بعض الجراثيم بظروف صعبة تهدد وجودها، تحول نفسها الى محافظ مقاومة، أي تكثف نفسها ويصغر حجمها وتفرز حولها جدران سميكة تحميها مما حولها، وتكتفي بالحد الأدنى من عملياتها الحيوية، ثم تدب في سبات عميق، الدكتور “راول كانو” ومجموعته عام 2003م، من جامعة ولاية كاليفورنيا، استطاع أن يُعيد النشاط إلى 40 نوع من البكتيريا التي وجدها في متحجرات عمرها 30 مليون سنة، إذ كانت هذه البكتيريا قد حوّلت نفسها إلى محافظ بسبب صعوبة الظروف التي مرت بها.
عام 2010م تسرَّب حوالي 800 مليون لتر من النفط الخام إلى خليج المكسيك بعدما انفجرت منصة حفر وغرقت، لكنَّ معظم التلوث اختفى، فكيف حدث ذلك؟، لاحقا بيَّنت الأبحاث أنّ مجموعة من البكتيريا التهمت جزيئات النفط، وساهمت في اختفاء التلوث المذكور، واكتشف العلماء بكتيريا “ملتهمة للنفط” فريدة من نوعها في أعمق خندق بحري في العالم “خندق ماريانا”، الذي يصل عمقه إلى 11كلم عن سطح الأرض، حيث يؤمل أن تساهم البكتيريا المكتشفة في تنظيف أي تلوث ناجم عن تسربات نفطية، ويعلِّق تقرير صادر عن BBC على هذا الموضوع، قائلا: “لا عجب أنّ توجد في البحار بكتيريا تتغذَّى على النفط، فمنذ ملايين السنين والنفط يتسرَّب من قعر المحيطات”.
حرية التعبير
كان الفاروق يحب أخاه زيداً، وكان زيدٌ قد قُتل في حروب الردة، وذات نهار بسوق المدينة يلتقي الفاروق وجهاً بوجه بقاتل زيد، وكان قد أسلم وصار فرداً في رعيته، يخاطبه الفاروق: “والله إني لا أحبك ” فيسأله الإعرابي متوجساً : وهل سينقِص ذاك من حقوقي يا أمير المؤمنين ؟، ويُطمئنه اميرُ المؤمنين: لا ، فيغادره الإعرابي بمنتهى اللامبالاة قائلاً : إنما تأسى على الحب النساء، أي مالي أنا وحبك إذ ليس بيني وبينك غير الحقوق والواجبات ، لم يغضب أمير المؤمنين ولم يزج به في السجن بل كظم غضبه على جرأة الإعرابي وسخريته وواصل التجوال ، لم يفعل ذلك إلاّ إيماناً بحق هذا الإعرابي في التعبير، وبكظم الغضب وهو في قمة السلطة، وبفضل شجاعة هذا الإعرابي، تَشكَّل في المجتمع قانون حرية التعبير.
الحكمة الكاملة
رضا الناسِ غايةٌ لا تُدرك، ورضا اللهِ غايةٌ لا تُترك، فأترك ما لا يُدرك، وأدرك ما لا يُترك.
الميكروبات وصـراع البقــاء
لقد أودع اللهُ سر الحياةِ في كل مخلوقٍ حي، وأودع معه سراً آخر موازياً لـه، هو غريزة حب البقاء، لا فرقَ في ذلك بين كبيرٍ أو صغيرٍ، مميز أو غير مميز، وزود كل مخلوقٍ من الوسائل والطرق والأدوات ما يدافعُ بها عن نفسه، ليتقي شر خصومه، ويحافظ على حياته.
والميكروبات رغم صغرها، إلاّ أنّها تحبُ الحياة كغيرها، وتُجيد مهارات الدفاع عن نفسها ، بطرقٍ وأساليب شتى، وبذلك ضمنت وجودها على مدى عشرات الملايين من السنين.
منها ما يفرز حولها كبسولةً لزجة هُلامية، فتتلقي عنها الصدمات، ولكن أهم دور لها هو حمايتها من الخلايا البالعة التابعة لقوات جهاز المناعة، فالكبسولة تجعلها ملساء يصعبُ الإمساك بها، فإذا أرادت خلية بالعة أن تلتقمها فإنها تفلت منها، لنعومة ملمسها فتنجو.
بعض البكتيريا تتجنب غائلة الجوع لتحافظ على وجودها واستمرارها، بأن تُحيط مادتها الوراثية بغشاء من طبقتين، ثم بجدار سميك يلُفُّه معطف قوي جداً، على شكل محفظة بيضوية، لها قدرات عظيمة على مقاومة الحرارة والجفاف والإشعاعات، ثم تدخل في استراحة لا تنمو فيها ولا تتكاثر، بل تمر بفترة سبات عميق تصل إلى آلاف بل ملايين السنين.
وهناك قدرات ومهارات أخرى تتمتع بها الميكروبات تجعلها تتخطى الظروف الصعبة جداً، وتحافظ على بقائها وانتشارها، لتقوم بواجبها ووظيفتها الحيوية الرئيسية في هذه الحياة.
الكرم الحاتمي
زوجة حاتم الطائي تُخبر عن بعض عجائب حاتم ومكارمه فقالت: أعجبُ ما رأيتُ منه أنّه أخذني وإياه الجوع، وأسهرنا في سنة قحط، فجعلنا نعلّل سُفانة وعُدي حتى ناما، فأقبل عليّ يُحدثني ويُعللني حتى أنام، فأمسكتُ عن كلامه لينام، فقال لي أنمتِ؟ فلم أُجبه فسكت، ونظر في فناء الخباء، فإذا شيءٌ قد أقبل، فرفعَ رأسهُ فإذا إمرأةٌ، فقال ما هذا؟، فقالت يا أبا عُدي: أتيتك من عند صبيةٍ يتعاوون جوعاً، فقال لها: أحضري صبيانك فوالله لأشبعنّهم، فقامت سريعة لأولادها، فرفعتُ رأسي وقلت له يا حاتم: بماذا تُشبع أطفالها؟ فوالله ما نام صبيانك من الجوع إلاّ بالتعليل فقال: واللهِ لأشبعنّك واشبعنّ صبيانك وصبيانها، فلما جاءت المرأةُ نهضَ قائماً وأخذ المدية بيده ، وعمد إلى فرسه فذبحها، ثم أجج ناراً، ودفع إليها شفرة، وقال قطّعي واشوي وكُلي وأطعمي صبيانك، فأكلت المرأةُ وأشبعت صبيانها، فأيقظتُ أولادي وأكلتُ وأطعمتُهم، فقال والله إن هذا لهو اللؤم، تأكلون وأهلُ الحيّ حالهم مثل حالكم، ثم أتى الحيَّ بيتاً بيتاً، يقول لهم إنهضوا بالنار، فاجتمعوا حولَ الفرسِ، وتقنَّع حاتمٌ بكسائهِ وجلسَ ناحيةً، فواللهِ ما أصبحوا وعلى وجه الأرض منها قليلٌ ولا كثير إلاّ العظمَ والحافر، واللهِ ما ذاقها حاتمٌ وإنّه لأشدُهم جوعاً.
عجـائـب وغرائب الميكروبات
أثبت علماء كنديون أن التعرض “للبكتيريا المفيدة” في المراحل الأولى من الحياة قد يساعد في الوقاية من مرض الربو والحساسية، وشمل البحث تحليلا لملايين الكائنات الدقيقة التي تستوطن جسم الإنسان، وأظهرت الدراسة أن الأطفال أكثر عرضة للإصابة بالربو بحوالي أربع مرات في حال غياب أربعة أنواع من البكتيريا، ويقول الخبراء إن وجود “البكتيريا الصحيحة في الوقت الصحيح” قد يكون الطريقة المثلى للوقاية من الحساسيات والربو، والوقت الصحيح هو الثلاثة أشهر الأولى من حياة الطفل، وأضاف باحثون أخرون أن أطفال الولادات الطبيعية أقل عرضة للربو، لأنهم أخذو البكتيريا الصحيحة في الوقت المناسب أثناء ولادتهم الطبيعية، بينما أطفال الولادات القيصرية حُرموا منها لأنهم مروا من طريق أخرى.
كلما بحث العلماء في الجراثيم التي تعيش بداخلنا، ازدادوا معرفة بالتأثير المذهل لها فينا، علما أن جراثيمنا تشكل مستودعًا لخلطة متنوعة يمكن أن تكون لها تأثيرات عميقة في حياتنا ، فقد بيَّن العلماء في دراسة نُشرت عام 2019 أن ما يُفترض أنها سِمات فطرية مثل “مزاج الطفل” قد تكون ذات صلة بانتماء بكتيريا أمعاء الطفل في معظمها إلى جنس بعينه؛ ألا وهو “بيفيدوبكتيريوم” ، فكلما زاد هذا النوع من البكتيريا في أمعائه، كان مزاج الرضيع أفضل .
ولا يزال هذا العلم في بداياته الأولى، ويرى أكثر الباحثين تفاؤلا وحماسًا أن تقديم جرعة من الجراثيم الصحية سيصبح في المستقبل غير البعيد أمرًا اعتياديًا، أي من خلال كبسولات براز غني بالجراثيم ومستخلَص من متبرعين أصحاء .
والمذهل حقًا أن لكل إنسان خلطة خاصة من الجراثيم تختلف عن خلطة أي شخص آخر، وغالبا ينعدم أي تشابه بين شخصين من حيث أنواع الجراثيم التي يؤيها جسميهما.
إجعل من يراك يدعو لمن رباك
بين كسبِ القلُوب و كسر القلُوب خَيط رفِيع إسمُه: أسلوب، كل شئ حولنا يرحل ويغيب إلاّ الخير يظل مغروساً في النفوس، هنئيًا لمن يزرع الخير والطيب في كل طريق، وهنئياً لمن أهدى العابرين في حياته أريجًا من شذاه، إجعل من يراك يدعو لمن رباك ،فنقاء القلب ليس غباء، إنما هو صفاء وفطرة يميز الله بها من أحب من عباده، فكن منهم ولاتتردد .
قولٌ حكيمٌ
يوزنُ الحديدُ بالطن، والفاكهة بالكيلو، والذهب بالجرام، والألماس بالقيراط ، أمّا أعمالُ الآخرة فهي توزنُ بالذرّة، “فمن يعمل مثقال ذرّةٍ خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرّةٍ شرّاً يره”، الوزنُ على حسبِ السلعةِ،” ألا إنّ سِلعةَ الله غالية، ألا إنّ سلعةَ اللهِ الجنّةِ.
جراثيم عدوى المستشفيات
عدوى المستشفيات هي جراثيم عنيدة يكتسبها المريض بعد دخوله إلى المستشفى، أي أن الشخص لا يكن مصاباً بها عند دخوله المستشفى أصلا، ويبلغ احتمال إصابة المريض الذي يدخل المستشفى في الولايات المتحدة قرابة 5 إلى 10 %، تؤدي هذه إلى أمراض خطيرة
وتتميز هذه الجراثيم بشراستها ومقدرتها غير العادية على مقاومة المضادات الحيوية، أي ان نوع البكتيريا الواحد يمكن أن يكون مقاوما لمجموعة كبيرة من المضادات الحيوية، ووصل الأمر في بعض الحالات أن تكون مقاومة لكل المضادات الحيوية المعروفة.
هذا يجعل من علاجهم أمرا معقدا أو مستحيلا في بعض الأحيان، لأنّ مرضى المستشفى عادة ضعاف المناعة، إمّا لكبر سنهم أو لإصابتهم بأمراض مزمنة.
تنتقل هذه الجراثيم في المستشفيات بطرق شتى، ومن مصادر متنوعة مثل الهواء والماء والغذاء، وتشكل الأدوات والأجهزة والأسطح مصدرا أساسيا في نقل هذه الميكروبات من خلال الطواقم الطبية والزوار وعمال النظافة، الذين لا يلتزمون بقواعد منع العدوى.
أكثر أنواع العدوى الجرثومية التي تصيب المرضى أثناء وجودهم بالمستشفيات هي عدوى الجهاز البولي والجهاز التنفسي وتسمم الدم وعدوى جروح العمليات وغيرها .
ضعف الوعي بكيفية انتقال هذه الجراثيم وطرق وأساليب التحكم فيها، وعدم غسل الكوادر الطبية أيديهم يتسبب في حدوث العدوى، ومنظمة الصحة العالمية أطلقت حملة عالمية تحمل شعار ” ننقذ مرضانا بغسل أيدينا”.
صندوقك الأسود
هل تعلم أن جسمك وكامل أجهزتك نشأت مــن الشريط الأولي الذي تخلّق في اليوم الخامس عشر من تلقيح البويضة وانغراسها في جدار رحم أمّك؟
وهل تعلم أنه يضمُرُ شيئا فشيئا بعد انتهاء مهمته، ولا يبقى منه إلاّ جزء بسيط في نهايـة العمــود الفقري؟ يُسمّى العصعص، ويحتوى على معجزة عظيمة رغم أنّ حجمها مثل حبة الخردل؟، أسمها “عجب الذنب”،
ورسول الله يقول:”كلُ أبنِ آدمَ يَأكُلُهُ التُّرابُ إلاّ عَجَبُ الذَّنَبِ ومِنهُ يُرَكَّبُ الخلقُ يَومَ القِيامَةِ“ وأيضا: ”يَأكُلُ التُّــرابُ كُــلًّ شَــيءٍ مِــنَ الإنسانِ إلاّ عَجَبُ ذَنَبِهِ. قيلَ: وما هُوَ يا رَسولَ اللهِ؟ قال: مِثلُ حَبَّةِ الخَردَلِ مِنهُ يُنشَّأُ” .
فهل عجب الذنب الصغير الموجود في عصعصك، والذي يبقى في قبرك؛ والذي منه ستُركب هو صندوقك الأسود الذي يحتوي على كل معلوماتك الخاصة؟! ،وربما بالصوت والصورة!.