إدارة بايدن تُوجِّه صفعة قوية لمشروع التطبيع مع إسرائيل.. تجميد صندوق “أبراهام” بشكل مفاجئ يُشعل التوتّر بين دولة الاحتلال والدول العربية على رأسهم الإمارات ويُثير التساؤل حول التوقيت والهدف ومصير حُلم إسرائيل الكبير.. هل انتهى شهر العسل؟
غزة- خاص بـ” رأي اليوم”- نادر الصفدي:
بشكل مفاجئ ودون سابق إنذار وبخلاف كل الرياح التي تهب في المنطقة، قرّرت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، تجميد “صندوق أبراهام” الذي أعلن عن إنشائه بعد توقيع اتفاقي تطبيع بين دولة الاحتلال الإسرائيلي وكل من الإمارات والبحرين في سبتمبر الماضي.
وبحسب موقع “غلوبس” الاقتصادي الإسرائيلي، الذي كشف نقلاً عن مصادر أمريكية وإسرائيلية لم يسمها، أن إدارة بايدن جمدت صندوق الاستثمارات المشتركة المثير للجدل بين الإدارة الأمريكية والإمارات وإسرائيل، إلى أجل غير مسمى، الأمر فتح باب التساؤل واسعًا حول توقيت هذا القرار وهدفه وكيف سيؤثر على مشروع التطبيع الكبير في المنطقة، وعلاقة دولة الاحتلال التي تشهد نموًا “غير مسبوق” مع الدول العربية.
وأنشئ الصندوق في وقت مبكر من شهر أكتوبر الماضي، وفي غضون ثلاثة أشهر فحص مئات الطلبات لتمويل مشاريع مختلفة، ومن ضمنها التي في إسرائيل، ووافق الصندوق على أكثر من 12 مشروعاً في مجالات الطاقة والتكنولوجيا المالية، كما توجهت إليه مؤسسات مالية كبيرة من الولايات المتحدة بهدف المشاركة في الاستثمار وزيادة رأس مال الصندوق، بحسب موقع “غلوبس”.
وكان من المقرر أن يضخ الصندوق، بحسب بيانه التأسيسي، ما يزيد على 3 مليارات دولار في سوق الاستثمار التنموي للقطاع الخاص بهدف تعزيز التعاون الاقتصادي وتشجيع الازدهار في الشرق الأوسط.
وأشار الموقع إلى أنه بعد انتخاب جو بايدن أوقف نشاط الصندوق، فبعد أدائه اليمين رئيساً للولايات المتحدة في يناير الماضي، استقال مدير الصندوق أرييه لايتستون، الذي عينه الرئيس السابق دونالد ترامب، ولم تعيِّن الإدارة الأمريكية الجديدة خلفاً له.
ورغم تأييد إدارة بايدن اتفاقيات السلام بين “إسرائيل” والدول العربية في عهد ترامب، فإنها أقل تحمساً بشأن تخصيص أموال لها من ميزانيتها، وفق “غلوبس”.
وحذر مصدر في قطاع الأعمال في الإمارات للصحيفة من أن تراجع إسرائيل عن الاتفاق المبرم بشأن المشروع النفطي سيضر بالعلاقات الاقتصادية وسيشكل عامل ردع بالنسبة للشركات الإماراتية في المستقبل، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن تطبيق المشروع بنجاح دون عوائق سيبدد المخاوف الإسرائيلية وسيفتح أفقا هائلة لتوسيع الاتفاقية.
المحلل والكتاب السياسي الفلسطيني تيسير محيسن، اعتبر قرار بايدن المفاجئ خطوة نحو عرقلة كمشروع التطبيع بين الدول العربية وعلى رأسها الإمارات مع إسرائيل، مؤكدًا في تصريحات خاصة لـ”رأي اليوم” أن لهذه الخطوة ستكون انعكاسات سلبية كبيرة على مشروع التطبيع الكبير الذي كانت تحلم به إسرائيل.
وبحسب محيسن، فإن بادين بهذه الخطوة أرسل رسالة للجميع وخاصة لإسرائيل بأن إدارته الحالية ترفض وبشكل قاطع كل مخرجات التحرك السياسي الذي عُرف باسم “صفقة القرن” والذي سلكه سلفه دونالد ترامب، وأبعد كثيرًا عن رؤية وتوجهات السياسية الخارجية الأمريكية المتمسكة في مشروع حل الدولتين.
وذكر المحلل السياسي أن إدارة بايدن ترى في هذا “صندوق ابرهام” بأنه عجل من تطبيع العلاقات العربية مع إسرائيل بعيدًا عن الهدف الأمريكي الرئيسي في حل الصراع السياسي في المنطقة، وفتح أعين الدول العربية للتطبيع مع دولة الاحتلال وإقامة علاقات رسمية دون أسس سياسية ملزمة وواضحة.
وتوقع محيسن أن يساهم هذا القرار في عرقلة مشاريع التطبيع بأكملها في المنطقة مع إسرائيل، كون هذا الصندوق يعد الممول والداعم الرئيسي لتقريب الدول العربية والخليجية من إسرائيل عبر البوابة الاقتصادية، وفتح المشاريع الاستثمارية المشتركة والتي تقدر بمئات المليارات من الدولارات، وتعطيل هذا الصندوق يعني عرقلة واضحة لمسار التطبيع.
من جانبها، علقت القناة “12” الخاصة الإسرائيلية على تقرير غلوبي بالقول إن “الكلمات الجميلة لواشنطن وأبوظبي بشأن استثمار مليارات الدولارات في إسرائيل باتت حبراً على ورق”.
وأضافت أن تجميد “صندوق أبراهام” كان أحد أسباب إنشاء الصندوق الإماراتي للاستثمار في إسرائيل، والذي تم الإعلان عنه في مارس الماضي.
ولفتت إلى أن الصندوق الإماراتي الذي أنشئ بقيمة 10 مليارات دولار أيضاً يتعثر هو الآخر.
وقال الموقع إنه منذ إعلان ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد عن تأسيس الصندوق، لم يتقدم العمل فيه بأي شكل يذكر، باستثناء حوار عام بين ممثلي وزارة الخارجية الإسرائيلية ونظرائهم في الإمارات حول سبل النهوض بأنشطة الصندوق.