لماذا يا قضاء أرض الحرمين تُصدِر أحكامًا بالسّجن على المُجاهدين حُماة الأقصى والمُقدّسات الإسلاميّة والمسيحيّة؟ ومتى كان جمع التَّبرُّعات لنُصرَة المُرابطين جريمة؟
كانت صادمة تلك الأحكام التي أصدرتها المحكمة الجزائيّة السعوديّة في حقّ 69 أُردنيًّا وفِلسطينيًّا تراوحت بين البَراءة والسّجن 22 عامًا، وكان السيّد محمد الخضري مُمثّل حركة “حماس” السّابق على رأس المدانين.
اللّافت في هذه الأحكام ليس قسوتها، وإنّما أيضًا غرابة التّهمة التي جرى توجيهها إلى المُتّهمين، أيّ دعم المُقاومة الفِلسطينيّة ضدّ الاحتِلال الإسرائيلي من خِلال جمع التبرّعات، وفي دولة لها مكانة إسلاميّة مُشَرِّفة تتمثّل في رعاية الحرمين الشريفين في مكّة المُكرّمة والمدينة المنوّرة.
فإذا كان جمع التبرّعات في هذا البلد الإسلامي العريق لدعم المُقاومة لتحرير أرضٍ عربيّة إسلاميّة والمسجد الأقصى وباقي المُقدَّسات العربيّة والإسلاميّة، فإنّ الأَولى بالإدانة هو العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز المُلقَّب بالفِدائي الأوّل، الذي انخَرط في صُفوف المُقاومة، وكان يترأس اللّجنة السعوديّة لجمع التبرّعات لدعم المُجاهدين الفِلسطينيين لأكثر من خمسين عامًا.
السيّد الخضري لم يَكُن يعمل في السِّر، ومن وراء ظهر الحُكومة السعوديّة، بل كان يقوم بواجبه الوطني المُشَرِّف علانية، وبعلمها ويحظى بمكانةٍ خاصّة، الأمر الذي يجعل اعتِقاله، ومن ثمّ سجنه، وهو الشيخ الذي تجاوز الثّمانين من عُمُرِه، ومَعروفٌ باحتِرامه وتقديره ومحبّته لأرض الحرمين، مُدانًا ومَرفوضًا ومُستَهجَنًا، ويُسِيء للمملكة العربيّة السعوديّة وإرثها الإسلامي العريق قبل أن يُسِيء له، ولحركة “حماس” التي ينتمي إليها.
إنّنا نأمَل أن يكون إصدار هذه الأحكام بعد تأجيلها لعدّة أشهر، مُقَدِّمة لإصدار عفو شامل عنهم جميعًا، حيث نعلم جِدِّيًّا، ومن خِلال معرفتنا للتّقاليد الرسميّة وتجارب سابقة، أنّ هذا العفو الملكي لا يَصدُر إلا بعد إصدار الأحكام، وهذا ما حدث مع النّاشطة السعوديّة لجين الهذلول، مع الفارق الكبير جِدًّا بين الحالتين.
إنّه أمْرٌ مُؤلم، أن تعتقل المملكة مُجاهدين يُدافِعون عن شرف الأُمّة وعزّتها ومُقدّساتها، وبعد أسابيع معدودة من الانتِصار الكبير الذي حقّقته على العدوّ الإسرائيلي في حرب “سيف القدس” انتِصارًا للمُرابطين المُدافعين عن المسجد الأقصى، واللُه المُستعان.