المبعوثون الأمميون إلى الصحراء الغربية
تعاقب عدة ممثلين خاصين للأمين العام للأمم المتحدة على رئاسة بعثة المنظمة للاستفتاء بالصحراء الغربية (المينورسو) التي تسعى لإنجاح الجهود الأممية الرامية إلى حل سياسي لهذا النزاع الشائك والقائم منذ عام 1975، وذلك بإيجاد صيغة توافقية نهائية بشأن وضعية الحكم في المنطقة.
وهؤلاء المبعوثون هم:
1- جوهانس مانس
دبلوماسي سويسري، عينه الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة خافيير بيريز دي كوييار ممثلا له خاصا بقضية الصحراء الغربية بتاريخ 29 أبريل/نيسان 1990 وظل في هذه المهمة حتى ديسمبر/كانون الأول 1991.
2- صاحب زاده يعقوب خان
دبلوماسي باكستاني، ولد يوم 23 ديسمبر/كانون الأول 1920، وخدم في العسكرية الباكستانية حتى وصل إلى رتبة جنرال، ثم عمل سفيرا لبلاده في بلدان مثل الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي (سابقا)، كما قام بأدوار كبيرة في الإشراف على السياسة الخارجية لبلاده خاصة أثناء توليه وزارة الخارجية.
عينه الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة بطرس غالي في مارس/آذار 1992 ممثلا له خاصا بقضية الصحراء الغربية، وانتهت مهمته في أغسطس/آب 1994.
3- إيريك جينسن
عينه بطرس غالي ممثلا خاصا بالنيابة من 1994 وحتى 1997، لكنه لم يستطيع حلحلة مواقف الطرفين، وإن كانت فترته شهدت بداية عملية "تحديد الهوية" لمن يستحقون المشاركة في استفتاء تقرير المصير. أصدر كتابا عن قضية الصحراء صدر عام 2005 بعنوان: "الصحراء الغربية: تشريح المأزق".
4- جيمس بيكر
ولد في 28 أبريل/نيسان 1930 في هيوستن بولاية تكساس بأميركا، وتولى مناصب رفيعة في الإدارة الأميركية ما بين 1981-1993 توّجها بتوليه وزارة الخارجية.
عينه الأمين العام السابق كوفي أنان عام 1997 ممثلا له خاصا بقضية الصحراء الغربية، حيث قدم خطة تسوية للنزاع أقرها مجلس الأمن الدولي بقراره رقم 1429 الصادر في 30 يوليو/ تموز 2002.
وتقضي الخطة بإرساء حكم ذاتي في الصحراء -مع بقائها تحت الحكم المغربي- مدة خمس سنوات، ثم ينتهي بتنظيم استفتاء لتقرير المصير. وقد فشلت هذه الخطة في تسوية القضية, وكانت نقطة الخلاف الرئيسية هي من يحق لهم التصويت في الاستفتاء, وما المعايير التي تعتمد لتحديدهم.
وقد استقال جيمس بيكر من مهمته في الربع الأول من عام 2004.
5- بيتر فان فالسوم
دبلوماسي هولندي، ولد في 25 يونيو/حزيران 1934 في روتردام بهولندا، وعمل خلال الفترة 1963-2001 في وظائف رفيعة بالخارجية الهولندية منها رئيس البعثة الدائمة لبلاده في الأمم المتحدة.
عينه الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان ممثلا له خاصا بقضية الصحراء الغربية بتاريخ يناير/كانون الثاني 2005. وقد تميزت مهمة فالسوم بتنظيمه عام 2007 بالولايات المتحدة جولات محادثات لأول مرة بين طرفي الأزمة: المغرب وجبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (البوليساريو)، لكنها لم تفض إلى نتائج واقعية.
وفي نهاية مهمته، قال فالسوم في أبريل/نيسان 2008 إن خيار الاستقلال الذي تطالب به البوليساريو "خيار غير واقعي"، وإن خيار استفتاء تقرير المصير الذي طـُرح سابقا "أمر تجاوزه الزمن".
وبينما وصف المغرب تصريح فالسوم بـ"الموقف الشجاع"، انتقدته جبهة البوليساريو معتبرة أنه يمثل "انحيازا للمغرب". لكن مجلس الأمن الدولي قال إن تصريح الممثل الخاص "يعبر عن رأيه الشخصي"، وأشادت الجزائر بـ"تبرؤ" المجلس من موقف فالسوم "المنحاز للمغرب".
6- كريستوفر روس
دبلوماسي أميركي، ولد في 3 مارس/آذار 1943، وعمل سفيرا لبلاده في كل من الجزائر وسوريا، وعينه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ممثلا له خاصا بقضية الصحراء الغربية في يناير/كانون الثاني 2009.
قررت الحكومة المغربية في 17 مايو/أيار 2012 سحب الثقة من روس معتبرة أنه سلك أسلوبا غير متوازن ومنحازا بخصوص القضية الصحراوية، وذلك إثر تضمينه أحد تقاريره اتهاما للمغرب بـ"تعقيد عمل" البعثة الأممية. لكن جبهة بوليساريو وصفت قرار الحكومة المغربية بأنه "تعسفي وغير مؤسس".
الجفاء بين الرباط وروس استمر عدة أشهر، وانتهى بعودة الدفء بين الجانبين حيث واصل روس لقاءاته بأطراف الأزمة.
يشار إلى أن البعثة الأممية في الصحراء الغربية تضم 264 فردا، بينهم مراقبون عسكريون وقوات من الجيش والشرطة المدنية مكلفون بالإشراف على تنظيم مقترح استفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية في حال اتفاق أطراف الأزمة على تنفيذه.
وقد حاولت الأمم المتحدة تنظيم استفتاء لتحديد مصير المنطقة في عام 1992، ولكن الخلافات استمرت بعد ذلك بشأن من تحق له المشاركة في هذا الاستفتاء
بعثة المينورسو
بعثة دولية شكلتها الأمم المتحدة 1991 لتطبيق "خطة تسوية" وضعتها المنظمة لحل مشكلة الصحراء الغربية بالاتفاق مع طرفي النزاع فيها. ومن أبرز مهماتها تنظيم استفتاء لتقرير مصير السيادة على الصحراء.
التأسيس
تعود بداية التفكير في إنشاء "بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية" (المينورسو) لعام 1985، حين قرر الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك خافيير بيريز دي كويلار -بالتعاون مع منظمة الوحدة الأفريقية- إرسال "بعثة مساع حميدة" للبحث عن حل لمشكلة الصحراء الغربية.
وقد توصلت البعثة إلى "مقترحات للتسوية" قـُبلت في 30 أغسطس/آب 1988 من طرفي النزاع المغرب وجبهة البوليساريو. وفي 1990، اعتمد مجلس الأمن تقرير الأمين العام (S/21360) الذي تضمن النص الكامل لمقترحات التسوية وإطار خطة الأمين العام لتنفيذها.
وفي 29 أبريل/نيسان 1991 قرر مجلس الأمن في قراره رقم: 690 (1991) أن ينشئ البعثة وسماها "بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية" (المينورسو)، وفقا لتقرير الأمين العام (S/22464) الذي فصّل بشكل أكبر خطة تنفيذ التسوية الأممية.
وقد نصت الخطة على اعتماد "فترة انتقالية" يتولى المبعوثون الأمميون للصحراء الغربية (ممثلو الأمين العام للأمم المتحدة) خلالها المسؤولية التامة والمنفردة عن كل المسائل المتعلقة بالاستفتاء الذي سيختار فيه شعب الصحراء الغربية بين الاستقلال عن المملكة المغربية أو الاندماج معها. وهو الاستفتاء الذي كان مقررا إجراؤه في يناير/كانون الثاني 1992 وحالت عثرات كبيرة دون تنفيذه.
المقر
يوجد مقر البعثة الرسمي في العيون (كبرى مدن الصحراء الغربية)، ولها مكتب ارتباط في تيندوف جنوب غربي الجزائر -حيث يوجد مقر قيادة جبهة بوليساريو ومخيمات اللاجئين الصحراويين الداعمين لها- لمواصلة الاتصال مع السلطات الجزائرية وبوليساريو.
وتوزع البعثة العديد من عناصرها الأمنية والإدارية على عدة أماكن أخرى داخل الصحراء الغربية، مثل السمارة وأوسرد في القسم الواقع تحت حكم المغرب، وتفاريتي وميجك وبير لحلو في المناطق التابعة لجبهة بوليساريو.
الأهداف
قرر الأمين العام للأمم المتحدة دي كويار أن وقف إطلاق النار الرسمي بين المغرب وجبهة بوليساريو يجب أن يصبح نافذا في 6 سبتمبر/أيلول 1991 حسب الاتفاق بينهما، لكي تبدأ "الفترة الانتقالية" التي نصت عليها التسوية الأممية.
وقد أيد مجلس الأمن اقتراح الأمين العام وصادق على توزيع أكثر من مائة مراقب عسكري -إضافة إلى موظفين للدعم الإداري واللوجستي- في الصحراء الغربية للتحقق من تطبيق الطرفين لوقف إطلاق النار ووقف عمليات القتال بينهما في بعض المناطق، وذلك تحت أحكام "الفصل السادس" من ميثاق الأمم المتحدة.
وهكذا اقتصرت المهمة الأساسية لبعثة المينورسو بداية على التحقق من وقف إطلاق النار عبر مراقبة تموقع الجانبين على طرفي "الحاجز الأمني" الذي بناه المغرب 1980، ويفصل الجزء الصحراوي المدار بواسطة المغرب (الغرب) عن المنطقة الخاضعة لسيطرة جبهة بوليساريو (الشرق).
وحين أنشئت "لجنة التحقق من الهوية" التابعة لبعثة الأمم المتحدة لإجراء الاستفتاء بالصحراء الغربية في مايو/أيار 1993؛ بدأت بعثة المينورسو تنظيم عملية تحديد هوية الناخبين الصحراويين الذين تحق لهم المشاركة في الاستفتاء الخاص بتقرير المصير، وتذليل ما يعترض العملية من صعوبات إجرائية وميدانية.
وإضافة إلى سعيها لصياغة حل سياسي دائم ومتوافق عليه بين أطراف النزاع في قضية الصحراء، تتضمن أهداف البعثة ومسؤولياتها أيضا دعم عدد من برامج المساعدات للتعامل مع أوضاع العائلات الصحراوية المشردة.
وكثيرا ما أفادت تقارير إعلامية بأن المغرب يتجه لدعوة الأمم المتحدة إلى إنهاء عمل بعثة المينورسو في مناطق الصحراء الغربية التي يحكمها، خصوصا بعد التقرير الذي وجهه الأمين العام للمنظمة بان كي مون في أبريل/نيسان 2015 إلى مجلس الأمن.
وقد أوصى بان في تقريره هذا بـ"مراقبة دائمة" لاحترام المغرب وبوليساريو لحقوق الإنسان في الصحراء بشكل "دائم ومستقل وغير منحاز"، وهي المراقبة التي يتوقع مراقبون أنها ستسند -حال إقرارها- إلى بعثة المينورسو.
الهيكلة
تتكون بعثة المينورسو -حسب تجديد تفويضها الصادر في 30 يونيو/حزيران 2015- من 210 عسكريين وأمنيين (26 عسكريا، وستة من الشرطة، و178 مراقبا عسكريا)، و84 من الموظفين المدنيين الدوليين، و162 من الموظفين المدنيين المحليين، و12 من متطوعي الأمم المتحدة.
وقد كان المقرر أصلا أن يتراوح حجم الشق المدني في البعثة ما بين ثمانمئة وألف شخص على أساس متطلبات المراحل المختلفة للفترة الانتقالية؛ بينما يبلغ الشق العسكري حوالي 1700 فرد، ووحدة الأمن حوالي ثلاثمئة ضابط شرطة.
وتتوزع جنسيات الأفراد العسكريين على 34 دولة، من بينها روسيا والأرجنتين وأورغواي وآيرلندا وألمانيا وأندونيسيا وباكستان والبرازيل ونيجيريا وهندوراس وهنغاريا واليمن والهند. أما أفراد الشرطة فهم من بلدان مصر والأردن واليمن والأرجنتين.
التمويل
تتولى الأمم المتحدة تمويل بعثة المينورسو، وقد بلغت ميزانيتها المعتمدة للسنة المالية الواقعة بين يوليو/تموز 2014 ويونيو/حزيران 2015 قرابة 56 مليون دولار أميركي.
تطورات
في 15 مارس/آذار 2016، قرر المغرب تقليص حجم الموظفين المدنيين العاملين في إطار بعثة الأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية وسحب مساهمته المالية التطوعية للبعثة الأممية، وذلك ردا على تصريحات للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بشأن الصحراء الغربية.
وذكر بيان للخارجية المغربية أن الوزير صلاح الدين مزوار سلم رسالة إلى بان للاحتجاج على تصريحاته خلال زيارته الأخيرة للجزائر، ولمخيمات اللاجئين الصحراويين بولاية تندوف، حيث وصف أراضي الصحراء الغربية بأنها ترزح تحت الاحتلال.
وتتمثل هذه التدابير وفق البيان في "إجراء تقليص ملموس لجزء كبير من المكون المدني وخاصة الشق السياسي من بعثة المينورسو (البعثة الأممية لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية) وإلغاء المساهمة الإدارية التي تقدمها المملكة لسير عمل البعثة الأممية"