كيف اختارت إدارة بوش العُنصريّة كولن بأول أو “العم توم” الأمريكي الإفريقي لتسويق أُكذوبَة أسلحة الدّمار الشّامل العِراقيّة؟ ولماذا نتوقّع نحن الذين تنبّأنا بهزائم أمريكا في العِراق وسورية واليمن وأفغانستان حُدوث نهضة عربيّة إسلاميّة شاملة قريبًا بدءًا من القدس؟ العِراق العظيم المُقاوم عائد
سيَدخُل كولن بأول وزير الخارجيّة الأمريكي الأسبق الذي تُوفّي اليوم بالكورونا، التّاريخ بأنّه الرجل الذي استغلّته، إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن “بخُبثٍ” للترويج لأكذوبة أسلحة الدّمار الشّامل لتبرير غزو العِراق واحتِلاله، وتدمير دولته، والإطاحة بنظامه، وقتل أكثر من مِليون شهيد عِراقي.
كولن بأول استخدم منبر مجلس الأمن الدولي، قبل بدء الغزو الثّلاثيني ببضعة أيّام، مُلَوِّحًا بصُورٍ قال إنّها لمعامل كيماويّة وبيولوجيّة عِراقيّة مُتحرّكة، حصل عليها من أحد العاملين في هذه المعامل (رافد الجنابي الذي باع وطنه مُقابل لُجوءٍ في ألمانيا، وانتهى نادلًا في مطعم بيرغركينغ)، وجرى توظيف هذا العرض والصّور المُفبركة لتجنيد أكبر قدر من الدّول المُشاركة في هذا الغزو، وتضليل الرأي العام الدولي، وحقّق نجاحًا كبيرًا في هذه المُهمّة للأسف.
صحيح أنّ بأول الأمريكي من أُصولٍ إفريقيّة، اعترف بأنّه تعرّض لخَديعةٍ كُبرى من قِبَل وكالة المخابرات المركزيّة الأمريكيّة التي زوّدته بهذه الصّور المُفبركة، وقدّم اعتِذاره العلني للشعب الأمريكي والعالم، ولكن هذا الاعتِذار جاء بعد أن أكّد المُفتّشون الدوليّون خُلوّ العِراق من هذه الأسلحة، وبعد اكتِمال الاحتِلال، وتدمير العِراق، وقتل أكثر من مِليون من أبنائه، وفرض عمليّة سياسيّة تقوم على المُحاصصة الطائفيّة، ونشر الفوضى الدمويّة في البِلاد.
هذا الغزو الأمريكي جاء بتَحريضٍ من دولة الاحتلال الإسرائيلي، واللوبيّات العاملة لخدمتها في إدارة بوش وحُكومات غربيّة أُخرى خاصّةً البريطانيّة ورئيس وزرائها سيء الذّكر توني بلير، تمهيدًا للمُؤامرة الكُبرى التي تهدف إلى تدمير سورية وليبيا واليمن، وكلّ الدّول التي يتكرّس فيها التّعايش، وتقف بقوّة في خندق المُقاومة، وتنفيذ المُؤامرة الأمريكيّة لفرض الهيمنة الإسرائيليّة على منطقة الشّرق الأوسط، وإنهاء إرث المُقاومة، واستِبداله باتّفاقات التّطبيع.
مُخطّط التّفتيت الحالي الذي ما زال مُستَمِرًّا بصُورةٍ أو بأُخرى، في سورية والعِراق واليمن وليبيا وربّما قريبًا في الجزائر، ما كان له أن يَمُر في ظِل وجود عِراق قويّ بهُويّة إسلاميّة عربيّة جامعة، ولهذا تبنّت إدارة الرئيس بوش، والعصابة الصهيونيّة المُسيطرة عليها، أفكار برنارد لويس المُؤرّخ البريطاني الصهيوني الشّهير صاحب نظريّة تفتيت المنطقة العربيّة، وإغراقها في حُروبٍ أهليّة، وتقسيم العراق إلى ثلاث دول على أُسسٍ طائفيّة وعرقيّة وبغِطاءٍ من الجامعة العربيّة ودُولها التي تدور في الفُلك الأمريكي وما زالت.
كانت البداية تأسيس منظومة “أصدقاء” العِراق، ثمّ أصدقاء ليبيا، وأخيرًا أصدقاء سورية، وكان المهندس امريكي إسرائيلي، والمُنفّذ الأساسي عربيّ إسلاميّ، والنّتائج ظاهرة للعيان في جميع الدّول المُستهدفة والمَذكورة آنفًا.
ما كانت لعمليّة التّطبيع الخِيانيّة التي جاءت تحت مُسمّى “سلام إبراهام” المسموم أن تتم في ظِل وجود عِراق وسورية ومِصر قويّة، وحاضنة عربيّة مُتماسكة وصُلبة خلفها، ولهذا كانت الفتنة بشقّيها الطّائفي والعِرقي والجُغرافي جاهزةً، ومُعَدَّةً بشَكلٍ مُحكم.
سورية تتعافى بعد عشر سنوات من الحرب الاستنزافيّة الطّاحنة، وأكثر من 250 مِليارًا من الدّولارات جرى إنفاقها لتنفيذ هذا المُخطّط، وها هو العِراق يبدأ في استِعادة قُواه وهُويّته المُقاومة بشَكلٍ مُتسارع، رُغم المَخاوف من مرحلة ما بعد الانتخابات الأخيرة، وها هي المُقاومة الفِلسطينيّة، مدعومةً بمحور المُقاومة وأذرعه المُقاتلة، تُحَقِّق الانتِصار تِلو الآخَر في حُروبها الأخيرة ضدّ الاحتِلال.
كولن بأول، ورئيسه جورج بوش الابن، ونائبه ديك تشيني، ووزير الدّفاع دونالد رامسفيلد، معهم تابعهم توني بلير، وكُلّ المُتواطئين العرب مع حُروبهم في العِراق ومنطقة الشرق الأوسط، سيكون مصيرهم مزبلة التّاريخ الأكثر عُفونةً، أمّا القِوى العربيّة والإسلاميّة الوطنيّة الشّريفة، فستنهض من وسَط رُكام هذه الحُروب والغزَوات والمُؤامرات قويّةً شامخةً مُنتَصِرةً، نقولها نحن الذين تنبّأنا بالهزيمة الأمريكيّة مُبَكِّرًا في العِراق وسورية واليمن، وأخيرًا أفغانستان.. والأيّام بيننا.