منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

  كيف تحول الاحتلال الإسرائيلي إلى احتلال خمس نجوم …

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 كيف تحول الاحتلال الإسرائيلي إلى احتلال خمس نجوم … Empty
مُساهمةموضوع: كيف تحول الاحتلال الإسرائيلي إلى احتلال خمس نجوم …    كيف تحول الاحتلال الإسرائيلي إلى احتلال خمس نجوم … Emptyالخميس 11 نوفمبر 2021, 10:49 am


مقال: ”أوسلو“: كيف تحول الاحتلال الإسرائيلي إلى احتلال خمس نجوم … د. محسن محمد صالح
بقلم: د. محسن محمد صالح، مدير عام مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات.

لعل اتفاق أوسلو الذي عقد بين منظمة التحرير الفلسطينية والكيان الإسرائيلي، يُسجل في التاريخ الحديث والمعاصر كأسوأ اتفاق يمكن أن يُعقد بين ممثلي شعب، تحت الاحتلال وبين قوة احتلال استعمارية.

26 عاماً مضت على اتفاق أوسلو، كان المفاوض الفلسطيني يظن أنه سيكون مدخلاً لإنشاء دولة فلسطينية مستقلة على أرض الضفة الغربية وقطاع غزة، لكنه وجد نفسه ينشئ سلطة حكم ذاتي توفر الغطاء لاحتلال “خمس نجوم”، تابع مشاريع التهويد والاستيطان ليقضي على حلم “حلّ الدولتين”، وليبقى على سلطة فلسطينية وظيفية تخدم أغراض الاحتلال، أكثر مما تخدم أهداف الشعب الفلسطيني.

إنها الورطة التي تحدث عنها المفكر الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد حين قال إن عرفات “ورط شعبه بمصيدة لا مخرج منها”، وأنه ألقى بنفسه بين الإسرائيليين والأمريكيين. (جريدة الحياة، 21/8/1995).

نختار في هذا المقال خمس وقفات مع تجربة أوسلو:

أولاً: ضرب وتقزيم المشروع الوطني الفلسطيني:

من أسوأ ما في هذا الاتفاق أن قيادة منظمة التحرير قدمت تنازلاً تاريخياً باعترافها بـ”حق إسرائيل في الوجود” وشرعية احتلالها لـ 77% من أرض فلسطين. وبالتالي أخرجت الأرض المحتلة سنة 1948 من دائرة الصراع والتفاوض. وفي المقابل لم تعترف “إسرائيل” بحق الشعب الفلسطيني بما تبقى من فلسطين (الضفة الغربية وقطاع غزة)، ولا يوجد في الاتفاق ما يشير إلى الضفة والقطاع كأراضٍ محتلة، ولا يوجد أي تعهد إسرائيلي بالانسحاب منها؛ ولا يوجد أي إشارة لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، أو إقامة دولته المستقلة ولو على جزء من فلسطين.

أدى هذا الاتفاق إلى تقزيم المشروع الوطني الذي يهدف إلى تحرير فلسطين، وحصره في إنشاء سلطة حكم ذاتي، وتسعى لإقامة دولة في الضفة والقطاع، غير أن بقاءها وتطورها مرتبطٌ برضا الاحتلال وبإرادة الاحتلال. وبدا أن القيادة الفلسطينية تعاملت مع الاحتلال وكأنه “جمعية خيرية” تسعى بحسن نية للاستجابة لمطالب الشعب الفلسطيني. مع أن المُدْرَك الرئيسي للاحتلال الصهيوني أنه استعماري إحلالي توسعي عدواني، ينازعك على هوية الأرض والإنسان، ويسعى لسرقة التاريخ، كما يسعى لسرقة المستقبل.

وعندما تشكّل الكيان الفلسطيني تحت الاحتلال؛ أصبحت “إسرائيل” عملياً هي “الحاضر الغائب” في قرار القيادة الفلسطينية؛ بينما انشغلت السلطة الفلسطينية بإدارة “الحياة تحت الاحتلال”، وليس بـ”إدارة إنهاء الاحتلال”.

هذا التقزيم أدى إلى غياب فلسطينيي الخارج عن أجندة القيادة الفلسطينية، والذين يشكلون نحو نصف الشعب الفلسطيني، فتراجع الاهتمام بهم، بالرغم من الإمكانات الهائلة التي يمتلكونها.

ومن ناحية ثالثة فإن منظمة التحرير نفسها انزوت جانباً، وتحولت إلى ما هو أشبه بدائرة من دوائر السلطة الفلسطينية، ووُضعت في “غرفة الإنعاش”، ليتم استخدامها بين حين وآخر لشرعنة ممارسات القيادة الفلسطينية.

ثانياً: تسوية “مقلوبة”:

هذا الاتفاق من التسويات النادرة في التاريخ الاستعماري الذي لا تحسم فيه القضايا الأساسية، وتترك لعملية تفاوضية لاحقة. فعادة ما يتم أولاً حسم القضايا المرتبطة بانسحاب الاستعمار، والاستقلال وحق تقرير المصير، والسيادة. غير أن كارثة أوسلو أنها انشغلت بتفاصيل وجزئيات الحكم الذاتي، ولم تحسم القضايا الكبرى مثل: مستقبل القدس، مستقبل اللاجئين وحق العودة، مستقبل المستوطنات الصهيونية في الضفة والقطاع، حق تقرير المصير وحدود الدولة الفلسطينية، واستغلال الثروات الطبيعية وخصوصاً المياه.

وفي الوقت نفسه، ألزمت الاتفاقية الطرف الفلسطيني بوقف كافة أشكال المقاومة المسلحة، وحل كافة مشاكله ومتابعة مفاوضاته من خلال الوسائل السلمية فقط. وهكذا تحوّل المشروع الوطني الفلسطيني إلى مشروع بلا أظافر ولا أسنان، وافتقد أي وسيلة من وسائل الضغط التي تجعل الاحتلال مكلفاً وعديم الجدوى. ولأن الاتفاق أخرج مرجعية الأمم المتحدة والقرارات الدولية، ولم يتضمن أي آلية (دولية) ملزمة لتنفيذ الاتفاق؛ فقد أصبح مستقبل المشروع الوطني الفلسطيني مرتهناً بالإرادة الإسرائيلية، وبالراعي الأمريكي “ومن استرعى الذئب فقد ظلم”!!

وهكذا، اكتسب الجانب الإسرائيلي مزايا إمكانية التسويف والتأجيل إلى “ما لا نهاية”. واستمتع بـ”إدارة” ملف التسوية، في الوقت الذي ينشئ فيه الحقائق على الأرض ليتمكن من حسم القضايا الجوهرية، لصالحه في نهاية الأمر.

ثالثاً: التأسيس للانقسام الفلسطيني:

هذا الاتفاق أسس لأكبر انقسام في التاريخ الفلسطيني الحديث والمعاصر، وما زالت آثاره العميقة قائمة حتى الآن. إذ استفرد فصيل فلسطيني (حركة فتح) بقرار مصيري، يتضمن تنازلاً تاريخياً عن معظم فلسطين، ويؤسس لتسوية سلمية مع العدو. وكان ذلك دون العودة للشعب الفلسطيني، ودون التوافق مع قواه الوطنية الأساسية، وحتى بمعارضة قوية من داخل فتح نفسها!!

شكلت قوى المقاومة التي رفضت الاتفاق تحالف “الفصائل العشر” مثَّل على الأرض تكتلاً شعبياً وسياسياً قوياً واسعاً على الساحة الفلسطينية؛ وتابع مسار المقاومة، وأصبحت السلطة الفلسطينية بالنسبة له عملياً عقبة في طريق المقاومة المسلحة. أما قيادة المنظمة والسلطة فكانت ترى في “أوسلو” طوق النجاة، وخريطة الطريق لإنشاء الدولة الفلسطينية. ولأنها ملتزمة بالوسائل السلمية، فقد رأت في المقاومة المسلحة إفساداً وتخريباً للحلم الفلسطيني بالدولة المستقلة، ومعوّقاً يجب إسكاته وتحييده. وبالتالي قامت بقمع المقاومة ومطاردتها، ونسقت أمنياً مع الاحتلال ضدها.

ومنذ ذلك الوقت تكرس الخلل في إدارة الأولويات والمسارات بين خطي التسوية والمقاومة، وما حدث من انقسام سنة 2007 أدى لسيطرة حماس على القطاع وفتح على الضفة، لم يكن إلا أحد تجليات الانقسام الأساس الناتج عن اتفاق أوسلو.

رابعاً: توسّع تهويدي واستيطاني:

كان من المفترض لأي اتفاقات تؤسس لاستقلال دولة، ولانسحاب المستعمر، أن تؤدي لتفكيك المستوطنات اليهودية وانسحاب المستوطنين. غير أن اتفاقات أوسلو لم تلزم الطرف الإسرائيلي بذلك، ولم تُشر حتى لوقف بناء المستوطنات. وبالتالي تابع الطرف الإسرائيلي هجومه الاستيطاني بطريقة أكثر كثافة وأكثر بشاعة، وأخذ يسابق الزمن لمصادرة ما يمكن مصادرته من أرض وحصر الفلسطينيين في “معازل” و”بانتوستانات” خاصة. فغيَّر الاحتلال وجه القدس، وبنى جداره العنصري، وأصبحت مستوطناته نحو 200 مستوطنة، ونحو 220 بؤرة استيطانية أخرى، وتضاعف عدد المستوطنين اليهود في الضفة الغربية من نحو 280 ألفاً إلى أكثر من 800 ألف في مطلع سنة 2019. لتجد القيادة الفلسطينية أن “حلّ الدولتين” فقد عملياً معناه، وأن سلطتها كان أداة “غبية” بيد الكيان الإسرائيلي لإسكات الصوت الفلسطيني والعربي والدولي بحجة وجود مسار للتسوية، وأنها كانت وسيلة “ساذجة” استخدمت لتقطيع الزمن، بما يخدم الجانب الإسرائيلي، في إنشاء الحقائق على الأرض وابتلاع الضفة الغربية.

خامساً: سلطة فلسطينية هشة:

تشكَّل البناء المؤسسي للسلطة الفلسطينية وفق نظام ومنظومة “مُعدَّة للفشل”!! بمعنى أنها لا تملك الحد الأدنى للنجاح للتطور باتجاه بناء الدولة الفلسطينية المستقلة.

فهذه السلطة عانت من هيمنة سياسية وسيادية للاحتلال الذي يتحكم بالحدود، وبمداخل السلطة ومخارجها، وبحركة الأفراد براً وبحراً وجواً، والذي يتمتع بالقدرة الهائلة على تعطيل العمل والحياة اليومية، وبالقدرة على ضرب البنى التحتية.

وهي سلطة أسست لفشل اقتصادي من خلال كارثة “بروتوكول باريس”. ودونما إطالة فقد تم تأسيس سلطة زبائنية استهلاكية ينخرها الفساد، ولا تملك رؤية للانفصال عن الاحتلال، ونحو 80% من إيراداتها تأتي من إما من الضرائب (إيرادات المقاصة) التي تجمعها سلطات الاحتلال، أو من الدعم والمساعدات الخارجية؛ ونحو 85% من واردات السلطة تأتي من “إسرائيل”، بينما يذهب نحو ثلثي صادراتها إلى “إسرائيل”، والصادرات والواردات محكومة بإرادة الاحتلال؛ ومعدل دخل الفرد الفلسطيني أقل من عُشر دخل الفرد الإسرائيلي…

وهي سلطة هشة أمنياً فالاحتلال “يسرح ويمرح” كما يشاء، فيحاصر ويقتحم ويعتقل ويسجن ويغتال، ويمنع من السفر أو من الدخول كما يشاء؛ وهو يحمي المستوطنين المعربدين في أحشاء السلطة، ويوفر الغطاء للعملاء، ولديه نحو ستمائة حاجز ثابت ومتحرك في الضفة.

وهي سلطة منهكة وظيفياً في خدمة الاحتلال، من خلال التنسيق الأمني الذي ما زال “مقدساً” لدى الرئيس عباس؛ ومن خلال الأجهزة الأمنية التي تستهلك مبالغ هائلة من ميزانية السلطة توازي نحو سبعة أضعاف المعدل العالمي للميزانيات الأمنية في البلدان الأخرى.

***

وأخيراً، أليست اتفاقات أوسلو، بعد ذلك كله “لعنة” على الشعب الفلسطيني وعلى مشروعه الوطني… ألم يصبح الانفكاك منها وعنها أولوية وطنية عاجلة، لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني على أسس جديدة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 كيف تحول الاحتلال الإسرائيلي إلى احتلال خمس نجوم … Empty
مُساهمةموضوع: رد: كيف تحول الاحتلال الإسرائيلي إلى احتلال خمس نجوم …    كيف تحول الاحتلال الإسرائيلي إلى احتلال خمس نجوم … Emptyالخميس 11 نوفمبر 2021, 10:53 am

أسئلة قانونية عن إعلان التحلل من كل الاتفاقات بين منظمة التحرير الفلسطينية وسلطات الاحتلال الإسرائيلي … د. محمود الحنفي

أعلن الرئيس الفلسطيني في 20/5/2020 أن منظمة التحرير الفلسطينية أصبحت في حلّ من أي اتفاق أو التزام مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.

1. ماذا يعني هذا الكلام قانونياً؟

2. وهل أن تصريح أو خطاب يكفي للتحلل من الالتزامات القانونية؟ أم أن ثمة إجراءات دستورية وأخرى إجرائية واجبة التطبيق؟

3. وهل هذه الاتفاقيات التي أبرمتها منظمة التحرير الفلسطينية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي مرّت أساساً بالمسارات الدستورية؟

4. وهل يمكن إبرام اتفاق يتعارض مع الأحكام الآمرة للقانون الدولي كما هو الحال مع اتفاق أوسلو سنة 1993؟

5. وهل خطوة التحلل من الاتفاقات والبرتوكولات الملحقة (الملحق الاقتصادي والأمني) مع الاحتلال الإسرائيلي هي نهاية المطاف، أم أن هناك خيارات قانونية وديبلوماسية أخرى؟

لا شكّ أن قرار الرئيس محمود عباس بالتحلل من الالتزامات مع الاحتلال الاسرائيلي هو قرار هام جداً، حتى وإن كان متأخراً جداً. والأهم من ذلك هو البحث عن آليات تطبيقية فعالة. فالاحتلال الإسرائيلي استفاد من هذه الاتفاقيات، وأعمل آلته التوسعية والاستيطانية في جسد الضفة الغربية والقدس، حتى بقي للفلسطينيين فتات من الأرض بالإضافة إلى مئات الحواجز الثابتة والمتحركة، فضلا عن جدار الفصل العنصري وحصار قطاع غزة… .

وفي الوقت الذي طبق فيه الاحتلال قاعدة الالزام وليس الالتزام بالاتفاقيات، تمسك الطرف الفلسطيني بهذه الاتفاقيات وألزم نفسه بشكل دقيق.

إن خطاب الرئيس محمود عباس، بالرغم من أنه ليس الأول من نوعه، إلا أنه في إطار معالجتنا القانونية، يعد بمثابة إعلان التحلل الأولي من هذه القيود أو الاتفاقيات، لكن ثمة خطوات أخرى لا بدّ من اتباعها. وبما أن التوقيع على اتفاقية ما والمصادقة عليها يمر بخطوات (التوقيع، المصادقة، النشر في الجريدة الرسمية)، كذلك فإن التحلل من الالتزام يجب أن يمر بالطرق الدستورية نفسها. لكن هذا الأمر يتطلب دون شك تفعيل المؤسسات الدستورية هذه.

اتفاق هدنة أولاً وليس اتفاق “سلام”:

تميزت اتفاقات أوسلو بتضمنها نصوصاً عدة وحاسمة تتعلق بإنهاء حالة الحرب والانتقال إلى الحالة السلمية، وتحديد قواعد لتسوية المنازعات بين الطرفين بشأن تنفيذ تلك الاتفاقات.

وبغض النظر عن موقفنا الرافض لهذا الاتفاق، فإنه في الإطار القانوني، فقد كان الأصل أن يتم توقيع اتفاق هدنة أولاً، خصوصاً وأن منظمة التحرير الفلسطينية بما تمثله من حركة تحرر وطني هي في حالة حرب مع “إسرائيل”، كما جاء في ديباجة اتفاق أوسلو أنه “آن الأوان لوضع حد لعقود من المواجهات والصراع”، ثانياً توقيع مقدمات “السلام”، ثم ثالثاً توقيع اتفاق “سلام”. ما جرى هو الدخول مباشرة في مفاوضات “سلام”.

إن اتفاقات أوسلو التي هي معاهدات دولية متعلقة بـ”السلام” بوجه عام فيها من خصائص مقدمات السلام، وأيضاً من خصائص معاهدات “السلام”، الأمر الذي يجعلها معاهدات من نوع خاص (ذات ماهية مختلطة).

إن اتفاقات أوسلو يمكن اعتبارها نوعاً خاصاً من مقدمات “السلام”، يترتب على ذلك أنه إذا فشلت المفاوضات (وهي فشلت فعلاً منذ فترة بعيدة)، والتي كانت تهدف لعقد معاهدة “السلام”، فإن اتفاقات أوسلو باعتبارها من مقدمات “السلام” تعد لاغية وفقاً لقواعد القانون الدولي.

ولذلك فإن الحل الأفضل هو قطع مفاوضات التسوية المتعثرة، وإرجاع القضية الفلسطينية إلى أصلها بين شعبٍ تحت الاحتلال، وبين قوة احتلال غاشمة سيطرت على أرضه وهجرت شعبه؛ وبالتالي يستند الشعب الفلسطيني إلى حقوقه الطبيعية في أرضه وفي المقاومة والتحرير، وإلى ما منحه إياه القانون الدولي من استخدام كافة الوسائل الممكنة لاستعادة أرضه وتقرير مصيره وعودة لاجئيه، ومن الحق في الدفاع عن النفس، ومن عدم منح الاحتلال أي مشروعية على الأراضي المحتلة، وتحميله كامل المسؤولية الجزائية والمدنية.

الاعتراف المتبادل مصلحة في اتجاه واحد:

لقد تم الاعتراف بحق حركات التحرر الوطني في إبرام الاتفاقيات الدولية، ذلك أنها كيانات محاربة في نزاح مسلح ذو طبيعة دولية، أي النزاع المسلح بين الاحتلال الإسرائيلي والشعب الفلسطيني.

إن الأصل أن يتم الاعتراف بالشعب الفلسطيني كشعب له الحق في تقرير المصير، وليس مجرد الاعتراف بمن يمثله، أو الاعتراف بفلسطين كدولة خاصة بعد الاعتراف الواسع بها من قبل الجمعية العامة (119 دولة). لقد تجاهلت رسالة إسحق رابين Yitzhak Rabin القرارين 242 و338 بشكل كامل، هذا يعني أن “إسرائيل” ليست ملزمة بهما كقاعدة في العملية التفاوضية.

طبقاً للقواعد المُنظِّمة للاعتراف في القانون الدولي، نجد أن اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بـ”الدولة الإسرائيلية” غير قابل للتراجع عنه، وذلك انطلاقاً من المادة 6 من اتفاقية مونتيفيديو Montevideo Convention لسنة 1933 التي تشترط عدم الرجوع عن الاعتراف بالدول، في حين أن اعتراف الحكومة الإسرائيلية يشبه إلى حد ما الاعتراف بالمجالس أو الهيئات الثورية، وهو اعتراف واقعي في أغلب الأحيان ويمكن التراجع عنه.

لم يتم المصادقة على اتفاقات أوسلو وفق القواعد الدستورية الفلسطينية:

ورد في النظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية بشأن المجلس الوطني في المادة 7 من الباب الثاني “المجلس الوطني هو السلطة العليا لمنظمة التحرير، وهو الذي يضع سياسة المنظمة ومخططاتها وبرامجها”.

ويتضح من المادة الدستورية الخامسة عشر من النظام الأساسي أن اللجنة التنفيذية تنفذ قرارات المجلس الوطني، فهي بالتالي ليست المرجعية القانونية (في أي حال) للموافقة على اتفاق مصيري، لأن المرجع القانوني الوحيد هو المجلس الوطني الفلسطيني.

إن المؤسسات المختصة في “إسرائيل” كانت تقوم بمناقشة كل تفصيل في الاتفاقيات قبل التصديق عليها أول بأول، والملاحظ أن الكنيست والحكومة يحرصان كل الحرص ليس فحسب على بحث الاتفاقات والتصديق عليها، بل ووضع شروط لتنفيذ كل مرحلة، الأمر الذي يعني أن التصديقات ليست نهائية. وعلى الجانب الآخر، نجد أن السلطات المختصة الفلسطينية لم تصادق على الاتفاقيات الأساسية فحسب، بل لم تتعمق فيها ولم تناقش تفاصيلها الدقيقة.

المشكلة في اتفاقات أوسلو أنها في مجملها نصت على سريانها من تاريخ توقيعها أو بعد فترة من التوقيع، ولم تشترط التصديق الذي يستتبعه الإيداع. كما لم يتم تبادل وثائق التصديق بين الطرفين.

اتفاق أوسلو خالف قواعد قانونية آمرة:

إن أي معاهدة دولية تبرم خلافاً للقواعد الآمرة تعد باطلة بطلاناً مطلقاً من لحظة إبرامها، حتى لو كانت المعاهدة صحيحة وقت الإبرام ثم ظهرت قاعدة آمرة بعد ذلك متعارضة معها، بطلت هذه الآخرة ووجب انتهاء العمل بها.

لم يخالف الموقعون على وثائق اتفاقات أوسلو القانون الداخلي الفلسطيني فحسب، بل خالفوا أيضا ما تضمنه القانون الدولي من قواعد آمرة كان يتعين الالتزام بها؛ ومن أبرزها: مبدأ سمو ميثاق الأمم المتحدة، وقواعد تسوية المنازعات الدولية، ومبدأ اختصاص المنظمة الدولية في إدارة عملية التسوية، ومبدأ علنية المفاوضات المتفرع عن مبدأ علنية الاتفاقات، وقاعدة التكافؤ في المعاهدات، ومبدأ نسبية الأثر الملزم عملها، وقاعدة بطلان التقسيم الإجباري للإقليم، ومبدأ عدم جواز اكتساب الأراضي بالقوة، ومبدأ المساواة في السيادة، ومبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وحق الاسترداد، وقاعدة بقاء الشيء على حاله.

لم يتم تسجيل اتفاقات أوسلو في الأمم المتحدة:

أوجب ميثاق الأمم المتحدة، في المادة 102، ضرورة تسجيل المعاهدات الدولية: “كل معاهدة وكل اتفاق دولي يعقده أي عضو من أعضاء “الأمم المتحدة” بعد العمل بهذا الاتفاق، يجب أن يسجل في أمانة الهيئة، وأن تقوم بنشره بأسرع ما يمكن”؛ فالقاعدة هي أن تسجيل المعاهدات الدولية شرط للاحتجاج بها أمام أجهزة الأمم المتحدة.

لم يتم تسجيل الاتفاقات بين منظمة التحرير الفلسطينية و”إسرائيل”، وهما الطرفان الرئيسيان كما تقرر قواعد إجراءات التسجيل، بل بواسطة الراعين والطرفين. ومناط التسجيل يعني النشر في المجلدات الخاصة بمجموعة المعاهدات الدولية، ولم يتم تسجيل كل الاتفاقات بل ثلاث منها فقط وليس الرئيسية منها، كما هو الحال مع اتفاق شرم الشيخ 4/9/1999، ومذكرة التفاهم واي ريفر (واي بلانتيشن) Wye River Memorandum 23/10/1998.

إن آلية تسوية المنازعات المنصوص عليها في اتفاقات أوسلو تُحرِّم أو على الأقل تعرقل الاستفادة من واقعة التسجيل (فض المنازعات فقط من خلال لجنة الارتباط المشتركة وليس من خلال الآلية الدولية المعروفة).

إن عدم تسجيل الاتفاقات بشكل سليم يهدف إلى نزع أيَّ بُعدٍ دولي للقضية الفلسطينية، أو منح الطرف الفلسطيني فرصة الاستفادة العملية من مؤسسات الأمم المتحدة في فض هذه المنازعات.

ليت المفاوض الفلسطيني استمع بإنصات إلى المستشار القانوني فرانسيس بويل Francis Boyle.

خيارات قانونية وديبلوماسية:

لا شك أن توقيع اتفاقات أوسلو كان خطيئة بالمفهوم القانوني، وأنه ترك تشوهات مؤلمة في الأرض الفلسطينية المحتلة وبنية المجتمع الفلسطيني، في المقابل حقق الاحتلال مكاسب ميدانية كبيرة جداً من الاستيطان والجدار وتهويد القدس وإحكام الحصار على قطاع غزة. هل كانت هذه الاتفاقات هي نهاية المطاف؟ أم أنه هناك خيارات قانونية وديبلوماسية متعددة؟

إن العودة عن الخطأ فضيلة. إن الاستفادة من البعد الدولي للقضية ومن المؤسسات الدولية أمر يمكن تداركه. كما أن التحلل من اتفاقات أوسلو سوف يفتح أمامنا آفاقاً واسعة وخيارات قانونية متعددة أتاحها القانون الدولي، وهي بالتأكيد أكبر بكثير من المكاسب الوهمية التي حققتها اتفاقات أوسلو.
إن “إسرائيل” هي سلطات احتلال وتترتب عليها التزامات كثيرة، كما أن العالم اليوم لم يعطِ أي مشروعية قانونية لهذا الاحتلال على الرغم من التغييرات الميدانية التي أحدثها على مدار عقود.

كما أن التحلل من قيود أوسلو سوف يفتح المجال واسعاً أمام المصالحة الوطنية، وسوف يعزز الصمود الداخلي، وسوف يمكّن الشعب الفلسطيني من التعبير عن رفضه للاحتلال بوسائل مختلفة.

أخيراً، من وجهة نظر إجرائية، من الأسلم الانسحاب المنظم من الاتفاقات، لإن الانسحاب العشوائي تترتب عليه تداعيات كثيرة.

* أستاذ القانون الدولي وحقوق الإنسان في الجامعة اللبنانية الدولية.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 كيف تحول الاحتلال الإسرائيلي إلى احتلال خمس نجوم … Empty
مُساهمةموضوع: رد: كيف تحول الاحتلال الإسرائيلي إلى احتلال خمس نجوم …    كيف تحول الاحتلال الإسرائيلي إلى احتلال خمس نجوم … Emptyالخميس 11 نوفمبر 2021, 10:54 am

مقال: الرئيس عباس وأزمة المصداقية … أ. د. محسن محمد صالح

بصراحة، فإن كاتب هذه السطور ليس مطمئناً إلى جدية إعلان الرئيس عباس أن منظمة التحرير ودولة فلسطين أصبحتا في حلٍّ من جميع الاتفاقات والتفاهمات مع الحكومتين الأمريكية والإسرائيلية، وذلك في كلمته التي ألقاها مساء الثلاثاء 19 أيار/ مايو 2020. وأضاف فيها أن على سلطة الاحتلال ابتداء من الآن أن تتحمل جميع المسؤوليات والالتزامات أمام المجتمع الدولي كقوة احتلال.

وبغض النظر عن أن هذا التصريح يصبُّ في الاتجاه الصحيح في التعامل مع الاحتلال، وفي التعامل مع النتائج المترتبة على كارثة اتفاق أوسلو ومسار التسوية وما انبنى عليه من استحقاقات؛ فإن التجربة مع عباس طوال السنوات الماضية تشير إلى أنه يقدم خطاباً سياسياً يفتقر للمصداقية عندما يتعلق الأمر بمواجهة الاحتلال، وأن الجميع بمن فيهم القوى الفلسطينية والشعب الفلسطيني، وحتى العرب والأمريكان والإسرائيليين، لم يعودوا يأخذونه مأخذ الجد.

في السنوات الخمس الماضية صدرت قرارات عن المؤسسات التشريعية “الرسمية” الفلسطينية (المجلس المركزي والمجلس الوطني) التي يُهيمن عليها عباس وحركة فتح بوقف التنسيق الأمني، وتعليق الاعتراف بـ”إسرائيل”، ووقف العمل بالاتفاقات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي. وهذه القرارات كانت تحال إلى قيادة المنظمة وعلى رأسها عباس الذي يقوم بوضعها في “الثلاجة”. وحتى عندما اتخذ قراراً في 25 تموز/ يوليو 2019 بتشكيل لجنة لتنفيذ القرار، فإنها لم تفعل شيئاً.

أما وقف التنسيق الأمني، فقد تكرر الإعلان عن وقفه نحو ستين مرة، بحسب بعض الباحثين، بحيث أصبح خبراً ممجوجاً مستهلكاً عندما يصدر عن قيادة السلطة. وحتى بعد الإعلان الأخير لعباس، فإن الجهات في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، بحسب موقع “والا”، تقول بأنه لم يطرأ تغيير على التنسيق، وأنه من المبكر جداً الحكم على كيفية تنفيذه على الأرض.

إن أي جهة جادة في مواجهة الاحتلال لأرضها تعطي أولوية قصوى لاستجماع أوراق قوتها، وتستدعي كل ما لديها من إمكانات في معركة المواجهة والتحرير، فكيف إذا كانت هذه القوة الغاشمة هي المشروع الصهيوني المدعوم من قوى كبرى، والمعزز بلوبيات صهيونية وأدوات نفوذ كبيرة في العالم الغربي؟

ولذلك، فعندما يأتي عباس ومعه قيادة السلطة والمنظمة، فيقومون بمجموعة إجراءات ويتبنون عدداً من السياسات لا تصبُّ إلا في إضعاف الوضع الفلسطيني وزيادته وهناً على وهن، فإن هذه القيادة لا توصف فقط بعدم الجدية، وإنما بالفشل في تحمل المسؤولية، وبأنها سبب أساس في الحالة البئيسة التي وصل إليها الوضع الفلسطيني.

فكيف يفسَّر عباس إصراره وإصرار قيادة فتح على الهيمنة على منظمة التحرير الفلسطينية، وإفراغها من محتواها النضالي، ومن عملها المؤسسي، وتحويلها إلى دائرة من دوائر السلطة الفلسطينية، بالإضافة إلى إفراغها من جوهرها التمثيلي الحقيقي للشعب الفلسطيني وقواه الحيَّة الفاعلة على الأرض؟

وكيف يفسر إصراره على استمرار العقوبات على قطاع غزة؟

وكيف يفسر إصراره على عدم دعوة الإطار القيادي الموحد للشعب الفلسطيني، وتعطيل قدرته على الانعقاد والعمل؟

وكيف يفسر حلّه للمجلس التشريعي للسلطة؟ وتشكيله حكومة فتحاوية لقيادة السلطة؟

وكيف يفسر استخدامه للمال السياسي في محاولة إخضاع الفصائل الفلسطينية، وحرمان فصائل رئيسية من مخصصاتها من الصندوق القومي الفلسطيني؟

كيف يريد عباس من الآخرين أن يتعاملوا بجدية مع خطوته، باعتبارها تغيّراً في مسار عمله السياسي، بينما تركيبته العقلية والنفسية مبنية على ممارسة الإقصاء والهيمنة في الساحة الفلسطينية؛ وهو في الواقع يمارس سلوكاً لا تكون نتيجته سوى إطالة أمد الاحتلال وتوسعه. ثم يأتي حتى في هذا الخطاب الأخير ليؤكد الالتزام بحل الدولتين وما أسماه “محاربة الإرهاب”، وكأنه يطمئن الصهاينة والأمريكان والقوى الغربية بأنه لن يخرج من المربع الذي وضع نفسه فيه؛ خصوصاً أن العمل المقاوم المسلح ضد الاحتلال الإسرائيلي يدخل ضمن المفهوم الأمريكي الغربي للإرهاب.

إن الحد الأدنى لأخذ تصريحات عباس بالجدية اللازمة، ولأن تكسب بعض المصداقية، هو أن يبدأ فوراً بخطوات يملك تنفيذها مثل دعوة الإطار القيادي الموحد للانعقاد وممارسة صلاحياته على الأرض، والوقف الفعلي الحاسم للتنسيق الأمني مع الاحتلال، ووقف العقوبات على قطاع غزة. ثم البدء فوراً بالخطوات العملية المتعلقة بإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، وتشكيل مجلس وطني جديد ومجلس مركزي جديد يستوعبان كافة القوى الفلسطينية، ويعبران عن أوزانها الحقيقية، والتوافق على برنامج وطني على أساس الثوابت.

ويندرج في هذا السياق، إعادة تعريف السلطة الفلسطينية على أساس التخلص من الاحتلال، وليس مجرد إدارة الحياة تحت الاحتلال، وتشكيل حكومة انتقالية للسلطة تعبر عن الوحدة الفلسطينية في مواجهة الاحتلال.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 كيف تحول الاحتلال الإسرائيلي إلى احتلال خمس نجوم … Empty
مُساهمةموضوع: رد: كيف تحول الاحتلال الإسرائيلي إلى احتلال خمس نجوم …    كيف تحول الاحتلال الإسرائيلي إلى احتلال خمس نجوم … Emptyالخميس 11 نوفمبر 2021, 10:57 am

مقال: قيادة السلطة بين الشرعية الفلسطينية والشرعية الدولية… أ. د. محسن محمد صالح


السلوك السياسي لقيادة السلطة الفلسطينية، التي هي قيادة منظمة التحرير، في مواجهة حدث تاريخي ومفصلي هو ضم الكيان الصهيوني لأجزاء واسعة من الضفة الغربية وتطبيق صفقة ترامب، هو سلوك يثير الاستغراب إن لم يكن الاستياء.

إن إعلان قيادة السلطة في 19 أيار/ مايو 2020 وقف العمل بالاتفاقيات مع الاحتلال الإسرائيلي وتحميله جميع المسؤوليات والالتزامات أمام المجتمع الدولي كقوة احتلال لأرض فلسطين المحتلة، وكل ما يترتب على ذلك من تداعيات وتبعات، هو بحد ذاته وفي إطاره النظري خطوة إيجابية وفي الاتجاه الصحيح.

غير أن هذه القيادة سعت لضبط وترتيب تموضعها الجديد بما يتوافق مع البيئة الدولية و”الشرعية الدولية”، بينما غاب عن إعلانها السياسي وعن إجراءاتها كل ما يتعلق بإعادة تموضعها الفلسطيني. ولم تُقدِّم إجراءً واحداً جاداً متعلقاً بترتيب البيت الفلسطيني؛ الذي اهترأت مؤسساته وأطره الدستورية والتنفيذية تحت قيادتها، ونتيجة إصرارها على الاستئثار بالسلطة وفرض سيطرة فصيل معيّن على مؤسساتها، وفرض سياسات وقرارات باسم “شرعيات” لم تعد تعبّر بأي حال عن إرادة الشعب الفلسطيني.

نفهم تماماً أن تتم مواجهة المشروع الصهيوني ذو النفوذ العالمي من خلال العمل في البيئة الدولية والمجتمع الدولي لتوسيع دائرة الدعم والتعاطف مع قضية فلسطين، لكننا لا نتفهَّم إطلاقاً أن تطير هذه القيادة بجناح واحد، ولا نتقبل إطلاقاً أن تقود المشروع الوطني الفلسطيني ببيت خَرِب؛ هذا على افتراض أنها ما زالت صالحة للقيادة. بعد 27 عاماً على اتفاقات أوسلو الكارثية، وبعد 27 عاماً من استخدام الكيان الصهيوني لمسار التسوية كغطاء لتهويد الأرض والمقدسات، وبعد أن تمكّن هذا الكيان من تحويل السلطة الفلسطينية إلى سلطة وظيفية تخدم أغراضه، سلطة أهم مبرر لوجودها بالنسبة له هو “التنسيق الأمني” وقمع المقاومة ومطاردة المقاومين، وبعد أن تجاوز الاحتلال أوسلو ومترتباتها، وألغى عملياً حلّ الدولتين ومزّقه، واستعان بالولايات المتحدة لفرض واقع جديد من خلال صفقة ترامب؛ بعد ذلك كله تأتي قيادة السلطة بخطاب سياسي مترافق مع قراراتها تقول فيه إنها ما زالت في “مربع التسوية”، وإنها ما زالت مع حل الدولتين؛ بل وتطمئن “المجتمع الدولي” أنها ملتزمة بمكافحة “الإرهاب” أياً كان شكله؛ ثم تضع بذلك مزيداً من الملح على الجرح فتطمئن الاحتلال أنها لن تسمح بالانتفاضة في مناطق سيطرتها.

من الناحية العملية فإن مكافحة الإرهاب وفق المفهوم الغربي (المهيمن على البيئة الدولية) في التطبيق الفلسطيني هو محاربة خط المقاومة المسلحة الفلسطينية، وخط الانتفاضة، وخط العودة للثوابت التي تشكلت على أساسها منظمة التحرير.

وهل يحتاج الصهاينة طمأنة أكثر من هذه الطمأنة ما دام برنامجه في التهويد والضم قائماً على قدم وساق، وما دام اللاعب الفلسطيني “الرسمي” يتولى أعمال الحراسة ويقوم بالمهام القذرة بالنيابة عنهم؟

فليشتموا وليحتجوا وليصرخوا كما يحبون، فالمجتمع الدولي الذي تراهن عليه السلطة لم يستجب مرة واحدة طوال السبعين عاماً الماضية لآلام الفلسطينيين ومعاناتهم، من خلال فرض إرادته أو قراراته على الكيان الصهيوني. ولدينا أكداس من القرارات الدولية تزيد عن 530 قراراً لم يتم تنفيذ قرار واحد منها.

وطوال الخمسين عاماً الماضية نحصل على قرارات بدعم حقوقنا بأغلبية تزيد عن الثلثين (معدل 142 دولة من أصل 195 دولة تقريباً) وطوال هذه المدة استمر الكيان الصهيوني “دولة فوق القانون” وكياناً مدعوماً بالطغيان والهيمنة الأمريكية، واستمر في بناء الحقائق على الأرض، بل وتزايدت البلدان التي تسعى لبناء علاقات مع الجانب الإسرائيلي وعدم إغضابه وخصوصاً القوى الكبرى الصاعدة (الصين والهند وروسيا…)، كما زادت البلدان العربية التي تسعى للتطبيع معه، بما يكشف ويعزل العمل الوطني الفلسطيني، ويجعله أكثر صعوبة وضعفاً.

هل تريد قيادة السلطة مزيداً من التصويتات ومراكمة القرارات؟! لماذا، هل لنحصل على بضعة قرارات جديدة و”لنوسعهم شتماً… وليذهبوا بالإبل”؟
الجانب الذي يجب أن تدركه قيادة السلطة (ويبدو أنها لا تريد أن تدركه) هو أنه دون ترتيب البيت الفلسطيني، ودون وحدة وطنية فاعلة، ودون تفجير طاقات الشعب الفلسطيني وإمكاناته في مواجهة الاحتلال، فلن تحقق شيئاً وستبوء بالمسؤولية التاريخية عن تضييع ما تبقى من فلسطين.

فلماذا تتجاهل قيادة السلطة الذهاب باتجاه إعادة ترتيب البيت الفلسطيني على أسس حقيقية؟! ربما يمكن اختصار ذلك في أمرين:

الأول أنها تخشى أنه إذا ما حدثت مشاركة حقيقية للقوى الفلسطينية الفاعلة وتمثيل صحيح لأوزانها الشعبية، فإن هيمنة فتح على المنظمة ستضعف، وسيُعاد بناء المنظمة على أساس برنامج وطني غير متناسب ولا متوافق مع خط القيادة وخط فتح الحالي.

الثاني أن قيادة المنظمة تخشى أن تتسبب المشاركة القيادية الفاعلة لفصائل المقاومة المحسوبة على “الإسلام السياسي” وتحديداً حماس والجهاد الإسلامي، والمصنفة لدى العديد من الدول الغربية كحركات “إرهابية”، بإضعاف موقف المنظمة في البيئة الدولية، ونزع الاعتراف من المنظمة لدى هذه الدول.

ولسنا بصدد الخوض كثيراً في التفصيلات، غير أننا نسجل عدداً من النقاط التي نراها مهمة:

أولها، أن عنصر القوة الأساسي لأي بلد أو قيادة هو شعبها وأمتها، فَبِه تقوى وبه تنهض وبه تفرض احترامها على الآخرين؛ وأن العمل الدولي يأتي مكملاً وموازياً للعمل التحرري المقاوم وليس في مواجهته ولا نقيضاً له. وليس من المعقول أن يكون القبول الدولي مرتهناً بإضعاف البنية الشعبية والدستورية والمؤسساتية للشعب الفلسطيني.

ثانيها، أن أولى أولويات حركات التحرير وحركات المقاومة عندما تقوم تكون في استخراج واستجماع أفضل ما لدى شعوبها من طاقات وإمكانات ومن عناصر قوة، بحيث تنظمها في إطار مؤسسي ثوري، يتمكن بعد ذلك من فرض نفسه فرضاً على العدو وعلى البيئة الدولية التي لا تحترم القضايا العادلة إلا رافقتها لغة القوة.

ثالثها، حسب الدراسة التي قام بها أ.د. وليد عبد الحي للسلوك الدولي في التصويت لقضية فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة في السنوات الثلاثين الماضية، فإن منحنى التصويت كان يرتفع لصالح فلسطين عندما تزداد عمليات المقاومة وفي أجواء الانتفاضات والصدام مع العدو الصهيوني، وكان المنحنى ينخفض في بيئات المفاوضات والتطبيع وإسكات صوت المقاومة.

ورابعها، أنه طوال الـ 27 عاماً الماضية سعت قيادة المنظمة والسلطة لإقناع الطرف الإسرائيلي والطرف الأمريكي والأطراف الدولية بـ”حسن سلوكها”، دون أن ينعكس ذلك إيجاباً من قِبَلهم على الأرض. ونفذت استحقاقات ضرب المقاومة، ومنع قواها من المشاركة في صناعة القرار الفلسطيني، وعاقبت قطاع غزة، وألغت المجلس التشريعي الذي تسيطر عليه حماس، واستخدمت المال السياسي للضغط على الجبهتين الشعبية والديموقراطية حتى وجدت نفسها تقف الآن على أنقاض بيت فلسطيني مُحطّم. ومع ذلك فإن الصهاينة والأمريكان لم يتعاملوا معها إلا كأداة تقوم بوظيفتها ولا تستحق الاحترام والاعتبار.

نحن أمام ظرف تاريخي كبير لم يعد يتحمل العبث ولا المناورات السياسية الداخلية، وبحاجة إلى قرارات على مستوى المرحلة، وإلى ارتقاء القيادات إلى مستوى التحدي ومستوى تضحيات الشعب الفلسطيني وتطلعات أمتنا العربية والإسلامية. وبالتالي، فعلى قيادة المنظمة والسلطة وفتح، أن تدرك أنها أمام استحقاق تاريخي جديد (وطوال تاريخنا نحن أمام استحقاقات كبيرة)، وأن الأمر لم يعد مرتبطاً بحسابات فصائلية ضيقة، وأنه آن الأوان كإجراءات مستعجلة ممكنة دعوة الإطار القيادي الموحد للاجتماع، وإنهاء التنسيق الأمني، ورفع العقوبات عن القطاع، وإطلاق الحريات في الضفة الغربية.

وبناء ذلك يتم السعي لتوحيد الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج تحت برنامج وطني قائم على الثوابت، وعلى إطلاق الانتفاضة بكافة أشكالها في الداخل الفلسطيني، وعلى الالتحام مع أمتنا العربية والإسلامية في مشروع نهضوي يسعى لتحرير فلسطين وإلحاق الهزيمة بالمشروع الصهيوني.

للاطلاع على المقال بصيغة بي دي أف، اضغط على الرابط التالي:

https://www.alzaytouna.net/wp-content/plugins/extrawatch-pro/components/com_extrawatch/extrawatch.php?origin=frontend&task=ajax&action=download&env=ExtraWatchWordpressEnv&file=arabic/data/attachments/AcademicArticles/PA_MohsenSaleh-PA-Pls_6-20.pdf
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
كيف تحول الاحتلال الإسرائيلي إلى احتلال خمس نجوم …
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» غزة.. أبرز المعارك مع جيش الاحتلال الإسرائيلي
» الحياة الفلسطينية تحت الاحتلال الإسرائيلي
» 6 كتب عن جنين ومخيمها ومقاومة الاحتلال الإسرائيلي
» أقدم 10 أسيرات فلسطينات لدى الاحتلال الإسرائيلي
» . تعرف على إمكانيات ومقومات جيش الاحتلال الإسرائيلي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: قصة قضية فلسطين :: قضايا الصراع-
انتقل الى: