منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة
منتدى الشنطي
سيغلق هذا المنتدى بسبب قانون الجرائم الاردني
حيث دخل حيز التنفيذ اعتبارا من 12/9/2023
ارجو ان تكونوا قد استفدتم من بعض المعلومات المدرجة

منتدى الشنطي

ابراهيم محمد نمر يوسف يحيى الاغا الشنطي
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  الأحداثالأحداث  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

  عن المفاوضات النووية ومستقبل المنطقة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 عن المفاوضات النووية ومستقبل المنطقة Empty
مُساهمةموضوع: عن المفاوضات النووية ومستقبل المنطقة    عن المفاوضات النووية ومستقبل المنطقة Emptyالسبت 04 ديسمبر 2021, 5:28 pm

عن المفاوضات النووية ومستقبل المنطقة

 د. سنية الحسيني
بعد خمسة أشهر من تجميدها، جاء الإعلان عن موعد التئام الجولة السابعة من المفاوضات النووية مع إيران، في التاسع والعشرين من الشهر الجاري، بعد أن توقفت في حزيران الماضي، خلال فترة الانتخابات الرئاسية الإيرانية وما أعقبها. جاء ذلك الإعلان في ظل تصاعد لمواقف وتصريحات ذات مغزى، سبقت الإعلان عن موعدها أو لحقت به. وجاءت تلك التصريحات، من قبل طرفيها المعلنين الرئيسيين إيران والولايات المتحدة، وإسرائيل، الطرف الثالث عن بعد، والتي تحمل العديد من الاعتبارات الضمنية لتطور واقع الصراع في المنطقة، الأمر الذي يجعل هذه الجولة من المفاوضات تحمل أهمية خاصة، وقد تكون نتائجها مؤشراً لتطورات مهمة قادمة في المنطقة.
لعل أهم تلك المواقف ذات المغزى، تلك المحادثات التي تركزت خلال الأسابيع الأخيرة، بين الولايات المتحدة وإسرائيل، حول الخطة البديلة للتعامل مع إيران في حال فشل النهج الدبلوماسي التفاوضي، بالتزامن مع تحرك نشط لدوريات عسكرية أميركية في أنحاء مختلفة من المنطقة. تأتي تلك المحادثات والتحركات في ظل فرض مزيد من العقوبات على إيران، تتعلق ببرنامج الطائرات المسيرة العسكرية التابع للحرس الثوري الإيراني، حيث لم ترفع  إدارة الرئيس بايدن من قبل أية عقوبات فرضتها إدارة ترامب السابقة، رغم كل الانتقادات التي وجهتها لها. وفي بيان صدر يوم الأربعاء من الأسبوع الماضي، وفي أعقاب اجتماع أميركي-خليجي، وجّهت الولايات المتحدة وحلفاؤها الخليجيون تحذيرا مشتركاً إلى إيران، متّهمين إيّاها بـ”التسبّب بأزمة نووية” وبزعزعة استقرار الشرق الأوسط بصواريخها البالستية وطائراتها المسيّرة. واستمراراً لنسق المواقف السابقة، لم تخرج تحذيرات روبرت مالي، المبعوث الأميركي إلى إيران، يوم الجمعة الماضي من اقتراب طهران لنقطة اللاعودة لإحياء الاتفاق النووي، بعد أعلان إيران عن تعزيز مخزونها من اليورانيوم المخصب. وكانت إيران كشفت، مطلع الشهر الجاري، عبر وكالة الطاقة الذرية الإيرانية، النقاب عن مضاعفة مخزونها من اليورانيوم العالي التخصيب إلى ذلك المستوى الذي لا تقتنيه الا الدول التي تمتلك أسلحة نووية.
تأتي الجولة التالية للمفاوضات النووية في ظل عدد من الاعتبارات، التي قد تساعد على فهم البيئة السياسية المصاحبة، والتي قد تؤثر على نتائجها. فيما يتعلق بالولايات المتحدة، أكد لويد أوستن وزير الدفاع الأميركي في خطابه في مؤتمر المنامة الأمني قبل أيام التزام  بلاده بأمن حلفائها في الشرق الأوسط. ويذكر خطاب أوستين بخطاب مشابه لوزير الدفاع الأميركي السابق تشاك هاجل قبل ثماني سنوات، في عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، حيث توجه الخطابان لدول الخليج، الحلفاء الأساسيين للولايات المتحدة في المنطقة. كما تشابه توقيت الخطابين، فجاء الخطاب الحالي قبيل استئناف المحادثات مع إيران، بينما كان الثاني بعد إعلان إدارة الرئيس أوباما عن توقيعها الاتفاق النووي مع إيران عام ٢٠١٥. ويحمل الخطابان نفس الهدف الذي جاء في الحالتين لطمئنة الحلفاء، والتأكيد على أن الاتفاق السابق أو اللاحق لن يغير من معادلات القوة والشركات الأمنية في المنطقة. الا أن المعطيات المصاحبة لكلا الخطابين على الأرض هو ما اختلف اليوم. فقد جاء خطاب هاجل في عهد أوباما، في ظل سيطرة أميركية أمنية وعسكرية وسياسية متحكمة في منطقة الخليج، رغم أنه جاء في إطار الاستراتيجة الأميركية الهادفة نحو الانسحاب من الشرق الأوسط. الا أن خطاب أوستين يأتي الآن في ظل ظروف مختلفة، بعد أن واصلت المنطقة الانزلاق نحو مزيد من العنف خصوصاً في سوريا واليمن وليبيا، وبعد أن باتت توجهات استراتيجة إدارة أوباما بالانسحاب من المنطقة، هي التوجه السائد والمعتمد، وبعد أن باتت نتائج سياسات الولايات المتحدة بعد ثماني سنوات واضحة للعيان، ولم تعد خاضعة للتنبؤات كالماضي.
فيما يتعلق بإسرائيل، التي لا تخفي موقفها العلني من الاتفاق النووي وموقفها من إيران، رفض مسؤولون رسميون إسرائيليون قبل أيام، في المؤتمر المشترك لصحيفة هآرتس وجامعة كاليفورنيا، توصية نظرائهم الأميركيين بالتراجع عن مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية. واعتبر يوسي كوهين، رئيس جهاز المخابرات السابق، “أن إسرائيل يجب أن تكون قادرة على التعامل بمفردها ضد البرنامج النووي، كما فعلنا في السابق مع البرنامج النووي السوري والعراقي”. في حين دعم بيني غانتس، وزير الحرب الإسرائيلي، اتفاق بين الولايات المتحدة وإيران في حالة واحدة يكون فيها ذلك الاتفاق أقوى وأطول وأوسع من ذلك الذي تم التوصل اليه عام ٢٠١٥، بما يضمن عمليات تفكيك  لقدرات طهران النووية، وتواصل عمليات تفتيش فعالة على المواقع النووية. ورفضت إسرائيل الطرح الذي قدمه جيك سوليفان مستشار الأمن القومي الأميركي حول فكرة الوصول لاتفاق مؤقت مرحلي مع إيران، لكسب الوقت من خلال المفاوضات، بهدف وقف تقدم إيران السريع في تخصيب اليورانيوم، مقابل حصول إيران على جزء من أموالها المجمدة في الخارج ورفع بعض العقوبات التي تستهدف سلعا إغاثية.
أما فيما يتعلق بايران، فقد نجحت بكسر الحصار عبر الاستراتيجية التي أطلقت عليها “مقاومة الحصار”، خصوصاً بمساعدة دول عظمى كالصين وروسيا. وحسب تقارير البنك الدولي، فقد خرج الاقتصاد الإيراني في السنة المالية ٢٠٢٠-٢٠٢١ من حالة الركود التي دامت عامين، بعد الانتعاش التدريجي في إنتاج النفط في النصف الثاني من عام ٢٠٢٠. كما أن إيران لم تعد تثق بالولايات المتحدة وشركائها الغربيين ووعودهم بكسر الحصار، وهو ما واجهته بالفعل في أعقاب اتفاقها عام ٢٠١٥، حيث لم تلتزم إدارة أوباما برفع جميع العقوبات التي تم التفاهم حولها في الاتفاق، وأفرجت فقط عن أقل من عشر الأموال التي طالبت إيران بتحريرها، كما أظهرت الولايات المتحدة حزماً مع الدول التي تجاوزت عن العقوبات الأميركية، كما حدث مع كوريا الجنوبية، هذا بالإضافة إلى اخلال الدول الغربية بتنفيذ تعهداتها كاملة في ذات الاطار. وأظهرت إيران خلال العام الحالي تمركز وجرأة أكبر في تواجدها العسكري البحري والجوي في محيط الخليج العربي، منطقة النفوذ الأميركي، كشفت عنها عدد من الحوادث التي اقتربت فيها زوارقها المسلحة من السفن الحربية الأميركية وحاصرتها، ناهيك عن مهاجمتها لسفن إسرائيلية، هذا بالإضافة إلى حوادث التفجيرات المتكررة الناتجة عن الطائرات المسيرة عن بعد، والتي تستهدف أهداف أميركية وحلفاء  للولايات المتحدة في المنطقة. يأتي ذلك على الرغم من التحالفات البحرية الموجودة بقيادة أميركية في المنطقة، الأمر الذي يطرح سؤالاً حول مدى قدرة الولايات المتحدة على ضبط أمن المنطقة، في ظل توجهها المعلن للانسحاب منها؟
وتعد مطالب إيران مشروعة تماما، اذ أنها تطالب برفع العقوبات الأميركية والغربية عنها وعن مسؤوليها ومؤسساتها، واخراجها من العزلة التي فرضت عليها، وهناك صيغة متوازنة ومقبولة من جميع الأطراف المعنية، وصادق عليها مجلس الأمن، تسهل الوصول للاتفاق. كما تطالب إيران بضمانات تضمن عدم تراجع الولايات المتحدة عن تعهداتها معها، عند وصول رئيس جمهوري إلى سدة الحكم. ويقف الجمهوريون اليوم ضد مساعي إدارة بايدن لاحياء المفاوضات النووية مع إيران، وفي محاولة صريحة لاحباطها أكدوا على نيتهم إعادة فرض العقوبات على إيران، عن تمكنهم من القرار. وفي حال الوصول إلى إتفاق، يفترض بالولايات المتحدة إقناع حلفائها على رأسهم إسرائيل، وهي العقبة الحقيقة أمام الوصول لاتفاق، بعدم معارضته والوقوف في وجه تنفيذه، فهل تستطيع الولايات المتحدة أن تحقق ذلك؟
إن إصرار الولايات المتحدة على اخضاع إيران والتعامل معها كطرف مهزوم في الحرب، بمطالبتها بتفكيك سلاحها النووي ونزع سلاحها البالستي والتراجع عن سياستها الخارجية، مقابل انفتاح اقتصادي، لن يجدي نفعاً، فايران لن تتخلى عن أمنها في المنطقة مقابل ضمان اقتصادها، لأن الأمن والاقتصاد في منطقة الشرق الأوسط، جامعة الأنداد، عنصرين مترابطين، لا ينفصل أحدهما عن الاخر. وترى إيران أن القبول بعدم تطوير الصواريخ البالستية والتخلي عن وكلائها في المنطقة “إستسلام”، حسب وصف قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني، قبل إغتاله. وقد اعتبر على خامئني، المرشد الأعلى في إيران، أن الغرب يشن حرباً واسعة على بلاده، والعقوبات أحد مظاهرها، كما أكد جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني، أن الحصار والعقوبات الاقتصادية على إيران حرب تشن ضد بلاده.
أمام دول الخليج خيارين، إما دعم الولايات المتحدة بتوقيع اتفاق مع إيران حول ملفها النووي لاحتوائه والمحافظة على سلميته، حسب الادعاء الإيراني، واستكمال المحادثات الودية بين السعودية وإيران، بوساطة عراقية، لوضع تفاهمات سياسية وأمنية حول مستقبل المنطقة، في اليمن والعراق وسوريا ولبنان، والمحافظة على أمن المنطقة عموماً، وإما الاصطفاف إلى جانب إسرائيل، التي تسعى لفتح مواجهة مفتوحة في المنطقة هدفها المعلن إيران وهدفها الضمني إغراق منطقة الخليج العربي بالاضطرابات والفلتان الأمني والعسكري. أن استمرار الصراع المفتوح في المنطقة قد يؤدي لنتيجتين، إما أن تنفذ إسرائيل تهديدها وتشن حرب على إيران، ستحمل نتائج مدمرة لا تطال فقط إيران وإسرائيل، وإنما ستصل إلى دول الخليج أيضاً، أي ستفتتح جبهة قتال مفتوحة، سيكون الجميع خاسراً فيها، وإما الإبقاء على حالة من الصراع دون الوصول إلى حالة الحرب المعلنة، الأمر الذي سيفتح جبهة من التنافس بين دول المنطقة لاقتناء سلاح نووي، في ظل وجود إسرائيل كقوة الاحتلال النووية مسكوت عنها في المنطقة، واقتراب الإعلان عن إيران كدولة نووية، والتي لن تستطيع إسرائيل تدمير ترسانتها النووية، بعد أن باتت تشكل جزء أصيل من استراتيجيتها.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 عن المفاوضات النووية ومستقبل المنطقة Empty
مُساهمةموضوع: رد: عن المفاوضات النووية ومستقبل المنطقة    عن المفاوضات النووية ومستقبل المنطقة Emptyالأحد 05 ديسمبر 2021, 10:23 am

البرنامج النووي الإيراني جولات الصراع والاتفاق

يعود تاريخ البرنامج النووي الإيراني إلى عام 1958 عندما أهدى الرئيس الأمريكي ايزنهاور جامعة طهران مكتبة نووية ومفاعلا نوويا صغيرا بقدرة 5 ميغاوات للأغراض البحثية، وقد بدأ تشغيله عام 1967 في مركز الأبحاث النووية شمال غرب طهران. ويذكر تقرير للمركز السويسري للمعلومات ان طموحات الشاه محمد رضا بهلوي في تحديث إيران عبر امتلاك أحدث التقنيات جعلته يسعى بقوة لامتلاك التكنولوجيا النووية، فتم تشكيل منظمة الطاقة الذرية الإيرانية عام 1974 التي تبنت خطة طموحة لبناء مفاعلين لتوليد الطاقة الكهربائية بقدرة 1300ميغاوات لكل منهما تتم إقامتهما بالقرب من مدينة بوشهر. وتم التعاقد مع شركة «سيمنس» الألمانية للتنفيذ، وبحلول عام 1979 كانت الشركة الألمانية قد أنجزت 85 في المئة من عملية بناء المفاعل الأول الذي أصبح يُعرف فيما بعد باسم مفاعل بوشهر1 بينما أنجزت حوالي 50 في المئة من المفاعل الثاني المجاور له. لكن قيام الثورة وإطاحة نظام الشاه أوقف العمل في البرنامج النووي.
أثناء الحرب العراقية الإيرانية، التي امتدت طوال عقد الثمانينات، تبادل البلدان قصف وتدمير البرامج النووية لبعضهما، إذ حاول الإيرانيون قصف مفاعل تموز في ضواحي بغداد عام 1981 بينما قام سلاح الجوي العراقي بتوجيه العديد من الضربات لمفاعل بوشهر، إذ تم شن الغارة العراقية الأولى على مفاعل بوشهر في اذار/مارس 1984 تبعتها ست ضربات مدمرة حتى عام 1988. وقد أدت الغارات العراقية إلى إحداث تدمير كبير في مفاعل بوشهر لحق بهياكله الخرسانية والقبة الخاصة بقلب المفاعل الذي لم يكن قد تم تركيبه بعد.

التعاون الروسي الإيراني

بعد انتهاء الحرب، طلبت حكومة رفسنجاني عام 1989 من شركة «سيمنس» استئناف عملها في بناء مفاعل بوشهر المدمر، إلا أن الشركة رفضت ذلك نتيجة ضغوط إدارة جورج بوش الأب، هذا الأمر دفع الإيرانيين للتوجه إلى روسيا الخارجة توا من الزلزال السوفيتيي، فتم عام 1992 توقيع اتفاقية تعاون نووي بين روسيا الاتحادية وإيران للأغراض السلمية وبناء المحطات النووية، وتم توقيع عقد بقيمة 800 مليون دولار لبناء مفاعل بوشهر1 والتفاوض على بناء المفاعل الثاني في إطار مشروع إيراني جديد لإقامة 10 محطات للطاقة النووية خلال 20 عاما.
التعاون الروسي الإيراني دق جرس الإنذار المبكر في واشنطن وتل أبيب، لكن تلكؤ العمل والمشكلات المالية بين موسكو وطهران، والتي استمرت طوال عقد التسعينات، أدت إلى تراخي واهمال الموضوع في دوائر صنع القرار الأمريكي. لكن مع بداية الألفية الثالثة، وفي عام 2001 استعر القلق الأمريكي مجددا إثر تصوير الأقمار الصناعية ما عرف حينذاك مدينة بوشهر النووية على ساحل الخليج الشرقي. التعاون الروسي الإيراني بدا طموحا وبوتيرة متصاعدة لإتمام العمل وبدء تشغيل مفاعل بوشهر في عام 2004 هذا الأمر دفع واشنطن إلى إتخاذ سياسات متشددة تجاه الأمر، لكن تأكيدات إيرانية وتطمينات روسية بأن البرنامج الإيراني للأغراض السلمية تماما قد هدأت القلق الدولي والإقليمي حيال الأمر.
في عهد الرئيس جورج بوش الابن تصاعدت حدة التوتر من جديد، وقدمت المخابرات الأمريكية عام 2005 عدة ملفات للرئيس تبين امكانية توجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية انطلاقا من الأراضي العراقية التي كانت تتواجد فيها القوات الأمريكية بعد احتلال العراق عام 2003. لكن دراسة الأمر بينت عدم جدوى الضربة العسكرية، مما جعل البوصلة الأمريكية تتجه ناحية تصعيد الضغط وإشراك المجتمع الدولي ومنظمة الطاقة الذرية الدولية ومطالبتها بمراقبة وتفتيش المؤسسات النووية الإيرانية وتبيان مدى الالتزام بسلمية البرنامج النووي.
مع سيطرة صقور المحافظين على القرار الإيراني في عهد الرئيس محمود احمدي نجاد، ونتيجة ازدياد حدة التوتر بين إيران والمجتمع الدولي، أقر البرلمان الإيراني عام 2005 وبالأغلبية قرار إنتاج الوقود النووي، ما دفع الولايات المتحدة والقوى الدولية إلى فرض المزيد من العقوبات على إيران. إذ تمت إحالة ملف إيران رسميا إلى مجلس الأمن، وبهذا توصلت الولايات المتحدة إلى ما كانت تصبوا إليه، إذ كانت مساعي الولايات المتحدة تصطدم بمواقف روسيا والصين وتهديدهما باستخدام حق الفيتو، وفي شباط/فبراير 2006 نجحت واشنطن في إحالة الملف الإيراني لمجلس الأمن الذي فرض عقوبات على طهران وأصدر مجموعة قرارات تمنع التعامل مع الكيانات الإيرانية، وتمنع تزويد إيران بتقنيات قد تستخدم في الأنشطة النووية.

توقيع الاتفاق النووي

مثل وصول الرئيس الديمقراطي باراك أوباما لسدة الرئاسة الأمريكية عام 2008 انفراجا نسبيا في ملف البرنامج النووي بالنسبة لطهران، إذ كانت سياسات أوباما تتركز على الانسحاب من منطقة الشرق الأوسط والتركيز على ملفات الشرق الأقصى وتحديدا الصراع مع الصين. وضمن هذا التوجه، اتسمت سياسات أوباما باللين تجاه إيران، إذ صرح في كلمته في جامعة القاهرة بالقول؛ إن «لإيران الحق في امتلاك الطاقة النووية السلمية، على أن تكون تحت بنود معاهدة عدم انتشار السلاح النووي» كما أكد أوباما في حديث تلفزيوني على إن «هناك إمكانية للجلوس على طاولة مفاوضات مع إيران» فرد الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد مباشرة بقوله إن «إيران مستعدة لمفاوضات وفق مبدأ الاحترام المتبادل».
انطلقت جولات المفاوضات الماراثونية بين إيران ومجموعة دول «5+1» التي استمرت من 26 اذار/مارس لغاية 2 نيسان/أبريل 2015 في مدينة لوزان السويسرية، وكانت النتيجة توقيع الاتفاق النووي، على أن تلتزم إيران بالامتناع عن تخصيب اليورانيوم بنسبة أكثر من 5 في المئة، وان تفتح كل منشآتها النووية لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية. بالمقابل تلتزم الدول الست ومعها مجلس الأمن الدولي بمجموعة من النقاط غاية في الأهمية مثل؛ رفع الحظر عن بيع النفط الإيراني، والسماح بتحويل 4.2 مليار دولار من عائدات تلك المبيعات إلى إيران على أقساط بالتزامن مع التزام طهران بتعهداتها في الاتفاق، وأن لا تفرض عقوبات جديدة على إيران مرتبطة بمشروعها النووي. وإقامة نظام تمويل يتيح التجارة الإنسانية لتلبية حاجات إيران، مما يسمح لها بتحويل 400 مليون دولار من أصول إيران المجمدة في الولايات المتحدة لتغطية نفقات دراسة الطلاب الإيرانيين في الخارج.
الاتفاق النووي مثل انتصارا للإصلاحيين في طهران، وعلى رأسهم الرئيس روحاني الذي عمل لسنوات مسؤولا للملف النووي الإيراني، لكن هذه الفرحة لم تستمر طويلا، فبعد أقل من سنتين، وصل إلى البيت الأبيض الرئيس المحافظ دونالد ترامب في كانون الثاني/يناير2017 وقد وضع نصب عينيه تدمير الاتفاق النووي الذي اعتبره هزيمة أمريكية ارتكبها سلفه أوباما. وأعطى مهلة سنة لتعديل الاتفاق، أو سينسحب منه، وهذا ما تم فعلا في ايار/مايو 2018 إذ وقع الرئيس ترامب على قرار الانسحاب من الاتفاق النووي بشكل فردي، وترك مجموعة الدول الخمس في موقف حرج.
حاولت الدول الأوروبية جاهدة إنقاذ الاتفاق وحض إيران على الالتزام به، إلا إن حزم العقوبات التي فرضتها إدارة ترامب على طهران أصابت الاقتصاد الإيراني بأضرار كبيرة وأوصلته إلى حدود تصفير صادرات النفط الإيرانية. هذا الوضع دفع الإيرانيين إلى التهديد بعدم التزامهم ببنود الاتفاق النووي، وقد وصل النزاع بين واشنطن وطهران حدودا غير مسبوقة ذكرت بأزمة خليج الخنازير في الستينات، خصوصا بعد اغتيال إدارة ترامب قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني في العراق، ورد الحرس الثوري الإيراني بقصف القواعد الأمريكية في العراق برشقة من الصواريخ البالستية. من جانب آخر كانت الضربات الإسرائيلية للمشروع النووي الإيراني مستمرة طيلة سنوات تداعي أزمات هذا الملف، إذ اعتبرت تل أبيب هذا الملف تهديدا حقيقيا لأمن إسرائيل القومي، فشنت عدة هجمات سيبرانية على منشآت إيران النووية، كذلك تم تفجير عدد من المنشآت المهمة في موقع نطنز الاستراتيجي، كما قام جهاز الموساد باغتيال عدد من مهندسي وعلماء الطاقة الذرية الإيرانية وأهمهم محسن فخري زادة المعروف بـ «ابو القنبلة الذرية الإيرانية». وأصبح الأمل الإيراني متمثلا بخسارة ترامب للانتخابات الرئاسية 2020 لحصول تغيير ملموس في الأوضاع إذ فاز الرئيس الديمقراطي جو بايدن وما يمثله من انفراج نسبي لإيران، وهذا ما حصل فعلا، لكن الملف النووي الإيراني دخل دوامة جديدة وصلت لمرحلة عض الأصابع بين طهران وواشنطن، إذ طالبت طهران الأمريكيين بالعودة غير المشروطة للاتفاق القديم الذي انسحب منه الرئيس ترامب بدون قيد أو شرط لإثبات حسن النوايا. بينما طالبت إدارة بايدن بتعديل الاتفاق وإضافة نقاط أخرى مثل الرقابة على ترسانة إيران الصاروخية، وتعديل سياسات إيران الإقليمية، كعناصر يمكنها ان تساعد على العودة للتفاوض مع إيران.

جولة فيينا

توصلت إيران ومجموعة دول «5+1» إلى إطلاق جولة مفاوضات جديدة يوم الاثنين 29 تشرين الثاني/نوفمبر2021 في فندق باليه كوبرغ حيث أبرم اتفاق عام 2015. وقد تفاءل الأوروبيون بحلحلة حالة الانسداد الحاصل نتيجة تمسك واشنطن وطهران بمواقفهما، إذ تم إطلاق جلسات التفاوض بين الإيرانيين والدول الخمس، على أن يتواجد الأمريكيون بشكل غير مباشر في فندق قريب.
وقد ساد التوتر مع وصول الرئيس المحافظ ابراهيم رئيسي إلى سدة الحكم في طهران قبل أشهر، إذ أدى ذلك لتغيير طاقم المفاوضين الإيرانيين، فحضر إلى فيينا مساعد وزير الخارجية علي باقري كني الذي يرأس وفد بلده للتفاوض، والذي صرح قبيل إنطلاق جولة المفاوضات الجديدة بقوله إن «الهدف الأول للمفاوضات في فيينا هو إلغاء العقوبات كافة». وأضاف إن «الهدف الثاني هو تسهيل حقوق الشعب الإيراني للاستفادة من العلوم النووية». وبعد مرور أيام على المفاوضات بدا أن الإيرانيين ما زلوا متمسكين بشرط العودة غير المشروطة لواشنطن للاتفاق القديم مع رفع العقوبات عن إيران، وهذا الأمر جعل موقف الأوروبيين محرجا، ومن المتوقع أن تدخل جولة المفاوضات في نفق التأجيل مرة أخرى إذ لم يبد الإيرانيون والأمريكيون مرونة تسعى بشكل جاد لحل الأزمة والتوصل إلى اتفاق جديد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 عن المفاوضات النووية ومستقبل المنطقة Empty
مُساهمةموضوع: رد: عن المفاوضات النووية ومستقبل المنطقة    عن المفاوضات النووية ومستقبل المنطقة Emptyالأحد 05 ديسمبر 2021, 10:24 am

ماذا لو فشلت مفاوضات فيينا حول الملف النووي

– في كل مفاوضات ترتسم الاتجاهات التي تحكم مصيرها بموازين قوى هي غير تلك الموازين التي ترسم اتجاهات الحروب، فالموازين هنا تبنى على عنصرين رئيسيين يرتبطان بالإجابة عن سؤال: ماذا لو فشلت المفاوضات؟ الأول هو البدائل التي يملكها كل طرف ومقارنتها من حيث النتائج والكلفة بالقبول بالتسوية التي تكون المفاوضات قد رسمت إطارها قبل قول الكلمة الفصل بالقبول أو الرفض، والثاني هو التداعيات الموضوعية التي لا يمكن التحكم بها لإعلان فشل التفاوض، ومقارنة حاصلها الإيجابي والسلبي لبناء ميزان حاصل يحضر في حساب القرار النهائي بالمضي قدماً نحو التسوية التي ظهر التفاوض طبيعتها، أو قبول الخروج للإعلان عن الفشل.

 

– في البعد الأول المتصل بالبدائل، يتحدث الطرفان الأميركي والإيراني عن امتلاك بدائل، لكن الأميركي لا يخفي خشيته من أن تكون البدائل المتاحة لإيران أكثر إغراء لها من المضي قدما بالاتفاق، الذي يملك جاذبية كبيرة لإيران مصدرها إسترداد الأموال المجمدة وفتح السواق للمتاجرة والتبادل وتحرير العمليات المصرفية من القيود، وما يعنيه الأمران من عائدات اقتصادية ومالية كبيرة، ومن فرص إنتعاش وإزدهار وراحة، وما يرافق كل ذلك من إنفراج سياسي دولي وإقليمي، ومصدر القلق الأميركي ناتج من معطيات مجمع عليها لجهة بلوغ إيران مرحلة متقدمة في برنامجها النووي تجعل إنتاج سلاح نووي في دائرة الإنجاز خلال فترة قريبة إذا فشل التفاوض، وربما تخرج إيران عن تحريم إنتاج السلاح النووي في حال الفشل وتكتفي بتحريم الاستخدام، على قاعدة اعتبار الإنتاج سلاح ردع لمنع الحروب على إيران، وعنصر توازن لفرض الاعتراف بحقها ببرنامج نووي في عالم ثبت لها أنه لا يفهم إلا لغة القوة، والإغراء الثاني بنظر الأميركيين لتردد إيران في المضي بالتفاوض، كما أظهر تمهلها ستة شهور لاستئناف جولات التفاوض المتوقفة في فيينا، هو نجاحها في تخطي الكثير من عناصر الحصار التي فرضتها العقوبات، سواء بتطوير صناعات نفطية يمكن التملص من العقوبات عليها كالمشتقات النفطية والكهرباء والمنتجات البتروكيماوية، أو بما ضمنه التفاهم الاستراتيجي مع الصين من مبادلة النفط والغاز بكميات كبيرة وسعر متفق عليه بمشاريع بقيمة 450 مليار دولار لخمسة وعشرين سنة، تتضمن تجديد كل البنى التحتية وبناء صناعات متقدمة ومقتدرة في مجالات متقدمة.

 

– يقابل هذه القراءة الأميركية لوضعية إيران، إقرار أميركي بأن البدائل محدودة، أمام الإدارة الأميركية، فوصفة العقوبات مستهلكة ومختبرة ولو كانت فعّالة وكافية لما كان القرار الأميركي بالعودة إلى التفاوض على إلغاء العقوبات وارداً، خصوصاً أمام الإقرار الأميركي بأن إيران طورت برنامجها النووي بأشواط متقدمة في ظل العقوبات، ونجحت بالتملص من العقوبات وتأمين صادرت تكفي لتأمين حاجاتها من العملات الصعبة، أما وصفة العمل العسكري والأمني التي يتبناها ويروج لها الإسرائيليون، فيحكمها بالنسبة إلى الأميركيين قلق ناجم عن خطر الانزلاق إلى حرب لا تريدها واشنطن الخارجة للتو من إنهاء أكبر حروبها في المنطقة عبر إعلان الانسحاب من أفغانستان، على قاعدة عدم تحقيق الأهداف خلافاً لما اعتادت، وما هو تحت سقف الحرب يعني استعادة لما سبق وأطلقت واشنطن يد تل أبيب في تنفيذه خلال سنوات ما بعد الانسحاب من الاتفاق، وشاركت فيه أحياناً، سواء عمليات تخريب المفاعلات النووية، أو اغتيال علماء بارزين في الملف النووي، وصولاً لاغتيال قادة كبار في الحرس الثوري كان أبرزهم الجنرال قاسم سليماني الذي تولت الاستخبارات الأميركية مهمة اغتياله مباشرة، لكن الحصيلة كانت عدم تراجع البرنامج النووي الإيراني الذي تتقاطع التقارير الأميركية والإسرائيلية عند مواصلته للتقدم بسرعة، وتقدم قوى المقاومة الحليفة لإيران في المنطقة نحو رسم معادلات أشد صعوبة كانت معركة سيف القدس آخر تجلياتها.

 

– يقول الأميركيون في قراءة ما بعد فشل التفاوض، إن إيران ستمضي بسرعة نحو إنتاج سلاح نووي ولو لم تشهر ذلك، وأنها ستعزز برامجها الصاروخية الجاهزة للتطوير وتتوجها بتجارب استفزازية مرهقة، وأن العلاقات الاقتصادية بين إيران وجيرانها ستشهد تحولات نوعية، قد يكون منها ظهور شبكة نقل كهرباء من إيران إلى العراق وسورية ولبنان، وتأمين خط سكك حديد تنفذه الصين يربط بيروت بطهران عبر دمشق وبغداد، يرافقه تعاون إيراني روسي في حقول النفط والغاز اللبنانية والسورية، إضافة إلى توسيع نطاق بيع الكهرباء والغاز لباكستان وتركيا ودول آسيا الوسطى، وتبقى الأولوية لتفعيل أسرع للاتفاق الصيني- الإيراني، لكن التداعيات الناجمة عن إعلان فشل المفاوضات ستكون تصعيداً في كل ملفات المنطقة التي دخلت مرحلة جمود مع انطلاق المفاوضات، وخصوصاً في اليمن وفلسطين، حيث سيكون الحليفان الرئيسيان لواشنطن في الرياض وتل أبيب أمام تحديات كبيرة في الميدان، بينما سيتركز الإشتباك في سورية والعراق على خطط إخراج القوات الأميركية عبر استهدافها بعمليات نوعية تحت عنوان المقاومة.

 

– الخلاصة التي يصل إليها الخبراء الأميركيون هي أن الثمن المطلوب في فيينا، بالغاء كامل للعقوبات وتحرير أمل للأموال الإيرانية، إذا ضمن إلتزاماً إيرانياً بموجبات الاتفاق، سيكون صفقة جيدة تستحق المخاطرة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
ابراهيم الشنطي
Admin
ابراهيم الشنطي


عدد المساهمات : 75802
تاريخ التسجيل : 28/01/2013
العمر : 78
الموقع : الاردن

 عن المفاوضات النووية ومستقبل المنطقة Empty
مُساهمةموضوع: رد: عن المفاوضات النووية ومستقبل المنطقة    عن المفاوضات النووية ومستقبل المنطقة Emptyالأحد 05 ديسمبر 2021, 10:25 am

إيران النووية: ما لم تتوقعه واشنطن من 
د. عدنان منصور

عندما انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الموقع بين إيران والمجموعة 5+1، عام 2016، ظن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب وإدارته، أنّ انسحابه من الاتفاق النووي الدولي، وإعادة واشنطن فرض عقوباتها الآحادية الشرسة على طهران، وإلزام دول العالم التقيّد بها، سيحمل القيادة الإيرانية على الهرولة باتجاهه والانصياع لإرادته. ومن ثم جرّها للعودة ثانية إلى طاولة مفاوضات جديدة تتناول مواضيع حساسة، كبرنامج الصواريخ الإيرانية، وسياسة إيران في المنطقة، ودعمها لحركات المقاومة فيها، وغيرها من الملفات الساخنة. ظنّ ترامب أنّ الانسحاب الأميركي من الاتفاق، وإعادة فرض العقوبات على إيران سيربك القيادة الإيرانية، وسيحملها على اللجوء مرغمة إلى بيت الطاعة الأميركي، الذي تعوّدت على السكن فيه العديد من دول العالم ذات السيادة الصورية!

 

كان ترامب ينتظر رنّ هاتفه ليسمع من القيادة الإيرانية ما يروي غليله، لتقول له إنها جاهزة لكلّ ما يُطلب منها من دون قيد أو شرط. وكان يتصوّر واهماً أنّ العقوبات ستجبر طهران على الركوع، اقتصادياً ومالياً وتجارياً. وكان مع إدارته يتصوّر أيضاً، أنّ ما لم تستطع واشنطن تحقيقه عن طريق القوة العسكرية المباشرة، تستطيع تحصيله من خلال الحصار القاسي، الذي سيضع النظام في مأزق كبير، ويحمله على الخضوع عاجلاً أم آجلاً. إذ أنّ العقوبات الخانقة ـ بنظر ترامب وحلفائه، ستدفع بالشعب الإيراني إلى الحراك، والتمرّد، والعصيان ضدّ النظام، والمطالبة بقبول الذهاب إلى مفاوضات جديدة، وإنْ كانت بشروط أميركية من أجل فكّ الحصار ورفع العقوبات عنه.

 

الخطأ الكبير الذي وقعت فيه الولايات المتحدة، وكلّ رؤسائها الذين توالوا على الحكم فيها، منذ نجاح الثورة الإيرانية وحتى اليوم، ابتداءً من كارتر إلى رونالد ريغان، وجورج بوش الأب، وبيل كلينتون، مروراً بجورج بوش الإبن، وباراك أوباما، وصولاً إلى دونالد ترامب وجو بايدن، إنّ الإدارة الأميركية لم تدرك، ولم تفهم حقيقة ما يختزنه الشعب الإيراني من كراهية لحكامها ولسياساتها منذ قيام الثورة وحتى اليوم. فمن يعش إلى جانب الإيرانيين، ويسبر غورهم، سيعرف أنه على رغم معاناتهم جراء الحصار والعقوبات الظالمة، هم أكثر إيماناً، وصلابة، وعناداً، وتصميماً، وعزماً وصبراً.

 

الإيرانيون يعون ويعلمون جيداً أنهم في مواجهة شرسة مع أعتى إمبراطورية قهراً، يسمّونها في أدبياتهم السياسية «الشيطان الأكبر» الذي لم يتخلّ يوماً عن طغيانه، وجبروته، واستكباره، وعنجهيته، وهيمنته، والعبث بالقانون الدولي، وتطويعه لخدمته، وإكراهه الدول الكبيرة والصغيرة في هذا العالم، على الدوران في فلكه، والتقيّد بقراراته رغماً عنها، ورغماً عن سيادتها، أرضيت أم لم ترض. وما التزام الاتحاد الأوروبي بالعقوبات الأميركية المفروضة على طهران إلا النموذج الواضح على ذلك، فهو وإنْ لم ينسحب من الاتفاق النووي. إلا أنه رغماً عنه التزم بالعقوبات الأميركية، وبقي نظرياً وشكلاً مع الاتفاق من دون جدوى، وفي نفس الوقت، تماشى عملياً مع العقوبات الأميركية على إيران، ملتزماً بها بدقة شديدة.

 

كم كانت الطاعة مخجلة، وإهانة لاتحاد أوروبي لا يستطيع أن يقول لا لواشنطن، وهي تفرض عقوباتها الآحادية الجانب، في الوقت الذي يتشدّق قادته، ويؤكدون حرصهم على حرية وسيادة الدول. من دون أن يدري «الغيارى على القرار السيادي» في الاتحاد الأوروبي أن فاقد الشيء لا يعطيه. اتحاد يمثل خمسمائة مليون نسمة، لا حول ولا قوة له، يخضع أمام قرار آحادي أميركي جائر، فرض عليه وتفيد به، ويتجرّعه تفادياً لعقوبات أميركية تطال أي جهة أوروبية تتعامل اقتصادياً وتجارياً ومالياً وتكنولوجياً مع إيران!

 

جولة سابعة من المفاوضات في فيينا مع المجموعة 4+1، بشروط طهران، غير قابلة بالمسّ بالسيادة الإيرانية، وحق إيران في امتلاكها لبرامجها النووي السلمي، واستخدامه في مجالات الأبحاث والصناعات التكنولوجية والطاقة وغيرها.

 

المراقب للأوضاع الإيرانية، والمتتبّع بموضوعية للملف النووي الإيراني، أياً كان موقفه من الثورة والنظام الإيراني، لا بدّ له من أن يتوقف ملياً أمام حقائق عدة لا يمكن له تجاهلها، وإنْ كانت مرة لمن يناصب إيران العداء وهي:

 

1 ـ كانت الدول المعارضة للبرنامج النووي الإيراني وعلى رأسها واشنطن ومعها «إسرائيل»، تعتقد أنّ إيران بعد المفاوضات النووية التي أجرتها عام 2003 مع المجموعة الأوروبية الثلاث: بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وتوقيعها الاتفاق معها، ستتوقف نهائياً عن تخصيب اليورانيوم. إذ أنّ المجموعة الأوروبية ستقوم بتأمين ما تحتاجه إيران من الوقود النووي لتشغيل مفاعلاتها النووية، إلا أنّ الاتفاق سرعان ما فشل، بسبب المراوغة الأوروبية، والمماطلة، وتضييع الوقت. كان الردّ الإيراني سريعاً، وكان على طهران ان تنسحب من الاتفاق، وتعود إلى تخصيب اليورانيوم في شكل واسع وأكبر، مما أثار حفيظة واشنطن والاتحاد الأوروبي و»إسرائيل» حول غاية البرنامج النووي، التي تسير به طهران بخطى واثقة.

 

2 ـ إنّ تلكؤ الثلاثي الأوروبي، ومماطلته في تنفيذ بنود الاتفاق مع طهران، دفع بطهران لكي تطوي صفحة الاتفاق، وتنطلق في ما بعد بكلّ قوة، متمسكة بحقها من خلال القانون الدولي، والوكالة الدولية للطاقة الذرية، أن يكون لديها برنامج نووي سلمي، والقيام بتخصيب اليورانيوم وفقاً لشروط المعاهدات الدولية الموقعة عليها مع الوكالة الدولية، وملحقها. واتفاقية حظر أسلحة الدمار الشامل (NPT).

 

بعد أن بدأت طهران بالسير في تنفيذ برنامجها النووي، دعت واشنطن وحلفاؤها إلى عقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي عام 2006، الذي فرض على إيران أول عقوباته الأممية، على رغم أنّ التخصيب لا يزال أقلّ من الحدّ الأدنى الذي تسمح به الوكالة الدولية. لم تكترث طهران للعقوبات بل آثرت الدفاع عن حقها، والاستمرار في برنامجها النووي السلمي مهما كلف ذلك من ثمن.

 

3 ـ كان على إيران أن تحصّن موقعها، وتصون سيادتها أمام أيّ تهديد أو عدوان يطالها. لذا رافق برنامجها النووي، برامج الصواريخ البالستية المتطورة، المتوسطة والبعيدة المدى التي تحمي البلاد بحراً وبراً وجواً.

 

برنامج الصواريخ هذا، زاد من مخاوف الغرب و»إسرائيل»، ما دفع بواشنطن عام 2007 إلى طلب انعقاد مجلس الأمن مرة أخرى، بسبب عدم التزام إيران بالقرار الأممي السابق. فما كان على المجلس إلا أن يفرض المزيد من العقوبات الأممية على طهران. لكن إيران ظلت متمسكة بحقها، وقامت بتطوير برنامجها النووي بسرعة، واستطاعت أن تمتلك التكنولوجيا النووية في شكل كامل.

 

كانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ترسل مفتشيها في شكل دائم للإطلاع على المنشآت النووية، والتحقق من مستوى تخصيب اليورانيوم، وأيضاً التأكد من سلمية البرنامج النووي.

 

على الرغم من التقارير التي كانت تنشرها الوكالة الدولية في ما بعد، حول تقيّد إيران بالاتفاقية الدولية، لجهة تخصيبها لليورانيوم الذي هو بنسبة 3.5 في المئة، وأقلّ بكثير مما تسمح به الوكالة لبرامج الدول لغاية 20 في المئة. إلا أنّ ذلك لم يمنع الغرب وعلى رأسه واشنطن، من ملاحقة إيران أمام مجلس الأمن مرة ثالثة ورابعة، عامي 2008، و2010، حيث عزز المجلس من عقوباته الأممية عليها.

 

4 ـ على رغم تصعيد العقوبات الأممية، استطاعت طهران أن تصمد على رغم الظروف الصعبة، رافضة العودة إلى اتفاق جديد دعت إليه واشنطن، قبل عودة هذه الأخيرة إلى الاتفاق، ورفع العقوبات عنها، وتحرير ودائعها مسبقاً.

 

بعد صمود وصلابة موقف إيران، والتمسك بحقوقها المشروعة، وفشل سياسة واشنطن في تقويض النظام الإيراني، وإثارة الاضطرابات والعصيان، وتأليب الشعب عليه، وجدت أميركا ومعها الاتحاد الأوروبي، أن الذي كانوا يراهنون عليه في الداخل الإيراني قد سقط، وخاب أملهم، وأدركوا متأخرين، أنّ إيران أصبحت على وشك امتلاكها للسلاح النووي، كان لا بدّ لواشنطن وبالتنسيق مع المجموعة 4+1 من إعادة المباحثات النووية مع طهران.

 

5 ـ ما كان يرفضه الغرب في برنامج إيران النووي عام 2003، أصبح من الماضي. لكن طهران اليوم، وفي مفاوضات فيينا عام 2021 ستطلب أكثر بكثير مما كانت تطلبه عام 2003.

 

لأنّ القدرات الإيرانية النووية المتقدّمة، والترسانة العسكرية الرادعة، والإرادة الصلبة للشعب الإيراني، ووقوفه خلف قيادته، جعلت إيران تستوعب العقوبات الأميركية والأمنية على رغم مرارتها وقساوتها، وتتجاوزها بكلّ عزيمة وثقة، معززة بوعي شعب، عرف حقيقة ما تريده الولايات المتحدة منه، وهي التي تفرض عليه العقوبات منذ عام 1980 وحتى اليوم.

 

فمن يخالط الشعب الإيراني عن قرب، وعن كثب، سيعلم علم اليقين كم هو متمسك هذا الشعب بوطنه، وعنفوانه، وكرامته، وسيادته. يجوع ولا يركع، يستشهد ولا يستسلم، يشدّ الحزام على بطنه ولا يخضع، يتلقى الصدمة ولا يلين، يتحمّل أقسى العقوبات ولا يستكين. هي حقيقته التي جعلت من إيران أن تصمد وتنتصر، وتبني لها على رغم الحصار ترسانة صناعية مدنية وعسكرية كبيرة ومتطورة، وأن تحقق الاكتفاء الذاتي إلى حدّ كبير في قطاعات الصناعة والزراعة والغذاء والصحة، والخدمات، والبنى التحتية على رغم الظروف القاهرة. لقد خطت خطوات ثابتة، محققة إنجازات لافتة باهرة، في مجالات البحوث العلمية، والفضائية، والطبية، لا سيما النانوية، حتى أصبحت واحدة من بين دول قليلة في العالم في هذا المجال.

 

6 ـ جلسة سابعة في فيينا والكرة في ملعب المجموعة 4-1 وهي روسيا والصين وألمانيا وفرنسا وبريطانيا. أن أيّ مشروع أوروبي لا يلبّي طلبات إيران وحقوقها المشروعة، لن يُكتب له النجاح. إيران تفاوض اليوم على رغم الحصار الجائر، والعقوبات القاسية، من موقع قوتها وليس من موقع ضعفها. فعندما فكت القيود عام 2005 عن برنامجها النووي، كانت أقلّ قوة بكثير عما هي عليه اليوم. كانت تعي منذ البداية ما يحضر لها، لذلك بنت قوتها العسكرية الضاربة وفرضت هيبتها، وأصبحت عصية على كلّ معتد، ليحسب لها أكثر من حساب. كما خطت إيران خطوات باهرة إلى الأمام في تنفيذ برامجها الخمسية التنموية التي من خلالها حققت إنجازات كبيرة على الأرض.

 

7 ـ إنّ إيران التي رفضت بحزم عام 2013 أثناء مفاوضاتها مع المجموعة 5+1، ما طلبته وألحّت، وأصرّت عليه واشنطن وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، لإدراج ملف برنامج الصواريخ البالستية الإيرانية مع الملف النووي، لن تقبل ببحثه عام 2021، وهذا واضح للجميع.

 

وما انسحاب ترامب من الاتفاق النووي عام 2018، إلا وكانت أبرز أهدافه جرّ إيران إلى طاولة مفاوضات جديدة تنطلق من الصفر، وعلى جدول أعمالها الملف النووي والملف الصاروخي، والمسائل المتعلقة بالدور الإيراني في المنطقة، وما يشكله من تحديات للولايات المتحدة وحلفائها، وذلك بغية ابتزاز طهران، وإجبارها على تقييد برامجها النووي والصاروخي إلى حدّ بعيد، ما يلبّي ويحقق أهداف وشروط الغرب، وبالذات العدو «الإسرائيلي». وهذا ما رفضته إيران ولا تزال على رفضها.

 

مفاوضات فيينا الجارية، لن تستطيع أن تأخذ من طهران ما سبق لهذه الأخيرة أن رفضته، وأياً كانت النتائج وردود الفعل الغربية، وبالذات ردود واشنطن.

 

طهران ذهبت إلى المفاوضات لنيل حقها ولا للتفريط به، لتأخذ أكثر مما تعطي، وترفض الكيل بمكيالين، فإما أن تكون المجموعة الـ 4+1 قد استوعبت المواقف والثوابت الإيرانية منذ عام 2003 حيال الملف النووي الإيراني، وحق طهران في امتلاك الطاقة النووية السلمية، من دون قيود وشروط تحدّ من عملها، وإما استمرار الغرب في تعنته وانحيازه، وهذا ما سيفتح الباب مستقبلاً امام تطورات وردود فعل قوية من الجانبين، الإيراني والغربي، لا سيما الإيراني الذي يرصد بحسابات دقيقة نيات واشنطن وحلفائها، وهو بالمرصاد لها.

 

لن تعود إيران إلى نقطة الصفر، فالأهداف والأرقام التي سجلتها لصالحها منذ عام 2015، ستحتفظ بها، وهناك أيضاً من مزيد.

 

مما لا شك فيه، أنه بعد سنوات طويلة من مفاوضات المدّ والجزر، سيقرّ العدو والصديق حتماً، ببراعة المفاوض الإيراني، وحنكته وصبره، وتكتيكه، ومناوراته، ومعرفته جيداً بملفاته، ويدرك جيداً ما له وما عليه. لقد أقرّ

 

نظراؤه بحنكة وبراعة المفاوض الإيراني الذي تجلى أثناء مفاوضاته العديدة الطويلة مع الغرب، منذ سنوات وحتى الآن.

 

فهل يتصاعد الدخان الأبيض من فيينا عام 2021 بعد ثلاث سنوات من خنقه بقرار أرعن من رئيس متهوّر، لم يف بالتزاماته الدولية والقانونية والأخلاقية، ولم يحترم توقيع بلده على اتفاق دولي، بل وضع صدقية أميركا على المحك، وعزز شكوك العالم بها، ما يجعل إيران اليوم_وهذا حقهاـ أن تطالب بضمانات لجهة عدم إخلال واشنطن بوعودها مرة اخرى، أو التراجع عن أيّ اتفاق توقعه معها.

 

في مفاوضات فيينا، ثوابت إيران على الطاولة، لكن صدقية الولايات المتحدة على المحكّ. فهل ستلتقي الثوابت الإيرانية مع «الصدقية» الأميركية والأوروبية، كي يخرج الدخان الأبيض من فيينا مرة أخرى من دون أن يخمد من جديد، ويطوي ولو لفترة علاقات متوترة متأزمة، استمرت لعقود بين إيران والغرب، وإنْ كان هناك من ملفات أخرى حساسة سيثيرها الغرب، لطرحها على طاولة المفاوضات المستقبلية!

 

مفاوضات جنيف ونتائجها ستحدّد مستقبلاً الخطوات اللاحقة للأطراف المعنية، وسترسم مشهداً جديداً في المنطقة المشرقية، يعبّر ويعكس نتائج المفاوضات، أكانت سلبية أم إيجابية.

 

بعد مفاوضات فيينا، مشهد آخر ينتظر المنطقة، لكن طهران كما عوّدت العالم تبقى على ثوابتها التي لم تساوم عليها يوماً، حتى في أقسى الظروف وذلك منذ انتصار ثورتها قبل 42 عاماً وحتى هذه اللحظة، لتبقى إيران درساً وعبرة للذين لا يساومون على حقوقهم الوطنية القومية!

*وزير الخارجية والمغتربين الأسبق
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shanti.jordanforum.net
 
عن المفاوضات النووية ومستقبل المنطقة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» مكامن القوة الإيرانية ونقاط الضعف الأميركية في المفاوضات النووية
» يحيى السنوار ومستقبل حماس
» العقلية الاستهلاكية ومستقبل الأمة
» حكومة الأثرياء الشعبوية ومستقبل أميركا
» الغلوكوما الماء الأسود ومستقبل صحة العين

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الشنطي :: مواضيع ثقافية عامة :: مقالات :: مقالات في السياسة الدولية-
انتقل الى: