إسرائيل في “احتفال المليارات”: سنعلم العالم الفرق بين السجن والغيتو.. في غزةجنود إسرائيليون قرب السياج على حدود غزةكان الحدث احتفالياً: السجان الأكبر أفيف كوخافي ألقى خطاباً، ووزير الدفاع بني غانتس شكر بنيامين نتنياهو على طرح فكرة الجدار، والعميد عيران اوفير، قائد قيادة الجدران والقضبان، أعطى تفاصيل بأرقام مثيرة عن طول الأسلاك وسمك الأسمنت. حظاً أوفر.أصبح هذا الآن رسمياً. الحديث يدور عن غيتو. ليس سجناً، بل غيتو. وما الفرق بين الغيتو والسجن؟ يزجون في السجن أشخاصاً لأسباب جنائية، أما في الغيتو فيسجنون أشخاصاً لأسباب وراثية. أكثر من مليوني شخص يحشرون في هذا الغيتو. 99 في المئة منهم أبرياء من كل ذنب. ولكن هذا لا يزعج الغيتوات ومن يبنونها. لأن الغيتوات تم تخصيصها للأبرياء منذ الأزل. ومن مثلنا يعرف ذلك!
من ينظر إلى جدار الإسمنت، والسلك الشائك هذا، وأبراج الحراسة، وشريط الموت، وألعاب الكتل سهلة الاستخدام، وأجهزة الاستشعار، والأضواء الكاشفة، والكاميرات والأبواق، ثم لا يصاب بالقشعريرة ولا يتذكر ولا يهمس لنفسه “غيتو!”، فهي إشارة على أن روحه قد تبلدت وقلبه انغلق. وإذا كان يهودياً ولم يقف شعر رأسه مع ذلك، فهي إشارة على أن كل تاريخه قد ضاع، ولم يتعلم منه شيئاً.
لكن وراء هذا الدنس غباء. تم دفن 3.5 مليار شيكل في هذا المشروع. والتفاخر به سببه “سور تحت الأرض” ضد الأنفاق. برافو. منذ كانون الأول 2014، الوقت الذي استخدم فيه النفق الأول وحتى الآن، 17 سنة، تم تنفيذ ستة اختراقات لإسرائيل بواسطة الأنفاق. كانت المرة الأخيرة في 28 تموز 2014. منذ ذلك الحين لم يحدث شيء. بل إن سكاكين المطبخ تسببت بضحايا أكثر.
حتى الاختراقات التي حدثت فوق الأرض ليست مشهداً مألوفاً. ولكن أمام التهديد الأكثر اعتياداً الذي يطل من القطاع، أي الصواريخ والبالونات، فإن كل هذه المليارات تقف عاجزة ولا دور لها. كل الصواريخ لا تطير تحت الأرض، والبالونات تميل إلى التحليق من بعيد، فوق الجدار وفوق أبراج الحراسة وفوق شريط الموت وفوق أشعة أجهزة الرادار، كل ذلك معاً سينظر من أعلى إلى الجدار تحت الأرض والجدار فوق الأرض، وستواصل طريقها نحو الهدف. باختصار، لن تأتي الحمى لسكان الغلاف إلا من المليارات التي دفنت حول القطاع.
مع ذلك، لماذا نبني هذا الفيل الأسود؟ غير واضح. لأنه كان لبيبي يد في الموضوع، ولأن الأمر يتعلق بأعوام 2018 – 2021، أعوام المحاكمة والحملات الانتخابية، ولا أحد يعترف بأن الأمر يتعلق بخدعة انتخابية أخرى.
هل يخشى الشعب وسكان الغلاف من الاقتحامات والأنفاق؟ أهم غاضبون على عجزهم؟ هل يشعرون بالإهانة من كل شرخ يفتحه صاروخ مجتهد في الأنا المازوشستية خاصتنا؟ إذاً، لنبنِ شيئاً عظيماً وإلكترونياً يفرحهم. سنحصل منهم على الاعتراف بالجميل عبر صناديق الاقتراع.
للأسف الشديد، ستعود الصواريخ والبالونات للتحليق خلال فترة قصيرة. هذا أمر غير فظيع. ربما العكس. قبل الانتخابات القادمة التي سيتنافس فيها بيبي كالعادة (لأن حكومة التغيير نسيت سن قانون يمنعه من ذلك)، سيكون بالإمكان تأجيج الشعب بمشروع فاخر آخر، وهو بناء سقف من الفولاذ فوق كل القطاع. هذا سيكون نهاية للصواريخ والبالونات. وسيتم تركيب السقف بالطبع على خطوط كي يكون بالإمكان تحريكه جانباً، لتسهيل عمل قاصفات سلاح الجو والطائرات المسيرة القاتلة. وفي عيد العرش، سيكون بالإمكان نصب عريشة حتى لا يضطر الجنود المتدينون القوميون (الذين سيقتحمون القطاع في إطار عملية “الطلاق من الغيتو”)، أن يأكلوا -لا سمح الله- بدون عريشة حلال.
بالتأكيد، سيعود الشعب ويفرح، وستعود قامته إلى الانتصاب. وأنا كما يبدو سأصاب بالجنون. لا عجب في ذلك.
بقلم: ب. ميخائيل
هآرتس 14/12/2021