| مشاهير فلسطين في العالم | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| |
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: مشاهير فلسطين في العالم الجمعة 13 سبتمبر 2013, 10:26 pm | |
| |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: مشاهير فلسطين في العالم الجمعة 13 سبتمبر 2013, 10:27 pm | |
| مريد البرغوثي: دفن أوسلو تأخر كثيرا مريد البرغوثي: حاشية الرئيس عباس تريد أن تصنع منه صنما
الشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي شاعر يصعب تصنيفه أو وضعه في إطار وجيل معين، وهو يرفض هذه التصنيفات ويراها من عمل الناقد الكسول. تمردت قصيدته على كل ما هو راهن، فبدت كأنها تسن قانونها الخاص الذي سرعان ما تحطمه في نصوص أخرى. في حواره مع الجزيرة نت يتحدث صاحب "ولدت هناك.. ولدت هنا" و"رأيت رام الله" وأكثر من 12 مجموعة شعرية، عن هواجسه ونظرته الشعرية والحياتية الراهنة، ويفتح العديد من الموضوعات عن الشعر وفلسطين والحياة. بين "دير غسالة" مسقط رأسك قرب رام الله والقاهرة حيث تقيم منذ سنوات رحلة طويلة ممتدة من الشعر والحياة، بأي الكلمات يمكنك أن تصف هذه الرحلة اليوم؟
- للفلسطينيين جميعا رحلة واحدة ولكل فلسطيني رحلته التي لا تشبه سواها، فمنذ اغتصاب وطننا أصبحت الجغرافيا مانحة للألم وأصبح التاريخ مانحا للأمل، وبين الألم والأمل سارت أعمارنا وما تزال تسير نحو اكتشاف قدراتنا ونحو اعترافنا بثقتنا في الذات الجماعية لشعبنا الصابر، وعدم السماح للسياسيين بتهديدها." أخذت على نفسي أن لا أكون رجل الموضوع الواحد، لم أتجنب القصيدة القادمة من جهة السياسة لكني حاولت أن أكتبها دون الوقوع في "التبسيط" و"التسطيح" "طفولتنا شكلتها النكبة وشبابنا شكلته النكسة وكهولتنا تشكلها الآن قوة الشارع العربي بدءًا من تونس ومصر، ووصولا إلى ما لا يخطر ببالك من العواصم. صحيح أن آلات مصنع الألم لم تتوقف عن العمل في حياتنا لكن الصحيح أيضا أن آلات مصنع الأمل بدأت تدور. على الصعيد الشخصي عشت رحلتي بحلوها ومرها دون أن تفارقني الفكرة التالية: إن نصيبي من المتاعب والآلام يظل بسيطا جدا مقارنة بمتاعب أبناء وبنات الشعب الفلسطيني وآلامهم. يجب أن لا نترك أنفسنا للتنافس في الخسران بل علينا أن نتنافس في الأمل. في رحلة العمر هذه حاولت بكل قوتي أن أحافظ على حقي في أن أجعل رأيي علنيا ومعروفا، وأن أحتفظ بعقلي النقديّ وأن أحافظ على البعد اللائق بالكاتب عن السلطان في كل بلد عشت فيه، بما في ذلك البعد عن السلطان الفلسطيني مهما كان ذلك مكلفا، ومهما سبب لي ما يظنه أصدقائي خسارات وأنا لا أراها كذلك. إن استقلال الكاتب وصوته النقدي هما شرفه الباقي بعد مسح غبار زجاج التاريخ. اليوم ونحن نشهد ولادة ثورات عربية، وكذلك موت وإجهاض ثورات عربية أخرى، كيف تنظر إلى مسألة الاعتراف بفلسطين في الأمم المتحدة والعراقيل التي تكتنف هذا الاعتراف؟
- اتفاقية أوسلو بالنسبة لشعبنا الفلسطيني تشبه "جثة في البيت" كان ينبغي إخراجها ودفنها وقد تأخر ذلك كثيرا. ستبين الأيام والأسابيع القليلة القادمة ما إذا كانت هذه الخطوة إهالة للتراب على أوسلو أم لا، وساعتها سينجلي إن كانت تعني السير في طرق جديدة لاستقلال البلاد أم مخرجا سياسيا لأزمة السلطة. " يوجد تخصصات في الشعر، ولا توجد خانات جاهزة لحشر الكتابة والكتّاب إلا في ذهن نقاد الصحف "المؤكد أن هناك تأييدا واضحا في الضفة لخطوة الرئيس، وأن الناس تنتظر تبلور النهج البديل عن التفاوض، ويسيء الكثير من الإعلاميين والسياسيين في رام الله وبعض الأفراد إلى الحقيقة بتجاهلهم المتعمد للفرق بين تأييد الشعب الفلسطيني للخروج من مسرحية التفاوض البذيئة وتصوير الأمر وكأنه مبايعة أبدية وتأليه لرئيس السلطة. حاشية الرئيس تريد أن تصنع منه صنما في زمن سقوط الأصنام.
آخر مجموعاتك الشعرية "منتصف الليل" صدرت في العام 2005، وكانت عبارة عن قصيدة طويلة، بدا فيها محاولاتك الشعرية الدؤوب لتقديم كشف حساب شعري مع الذات، إلى أي مدى يمكن للشعر أن يعالج كسور الروح؟ - أعترض أولا على "كسور الروح" هذه، لأني ضد ربط الشعر بالكآبة والانكسار والخسران وهذا الربط للأسف شائع في نصوص كثيرة في العالم العربي. المناديل الورقية تمسح الدموع، الشعر لا يفعل هذا، وليس من مهامه أن يفعل. هناك النص الساخر والفلسفي والمبتهج واالغاضب والحزين والمتأمل والمتسائل والمتشائل، وهذه الإيقاعات كلها تصلح للشعر لكن الكثيرين للأسف اكتفوا بقصيدة "شكوى الزمان" وهذا إفقار لفن جميل يتسع للحياة بكل ما فيها. ديوان "منتصف الليل" هو عبارة عن قصيدة واحدة طويلة يسترجع بطلها مكونات حياته كلها. هذا أتاح لي أن أكتشف خيالات متنوعة بلا حدود، إنه سيرة عادية لجسد وروح وحواس خمس، وانتباه حاد للحياة. الشعر لا يعالج "كسور الروح" لكن متعة الشعر ناجمة عن قيامنا بعملية الكتابة ذاتها، وهي تشبه متعة كل عمل نقوم به لأننا نحبه، ليس بسبب الواجب أو الاضطرار، وهذه هي مكافأة الشعر لصاحبه.
"مَباهِجُها... لكَ أنتْ / وأَوْجاعُها... إلى النِّسْيانْ" أحد أبيات مجموعتك الأخيرة "منتصف الليل"، كيف استطعت أن تخرج من مأزقين كبيرين اكتنفا الشعرية الفلسطينية طوال تاريخها، الخطابية وما سمي بـ"شعر المقاومة"؟
" اتفاقية أوسلو بالنسبة لشعبنا الفلسطيني تشبه "جثة في البيت" كان ينبغي إخراجها ودفنها وقد تأخر ذلك كثيرا " - أخذت على نفسي أن لا أكون رجل الموضوع الواحد. لم أتجنب القصيدة القادمة من جهة السياسة لكنى حاولت أن أكتبها دون الوقوع في ما يسقِط كل كتابة وهو "التبسيط" و"التسطيح". وكما يعلم معظمنا، لكل ظاهرة في الحياة جانبان الأول ظاهر سطحي والثاني خفيّ وعميق، وهذا الثاني هو مبرر الشعر، فالظاهر السطحي لا يحتاج إلى الفن ليتجلى، بينما الفن وحده يجس بأصابعه الخفيّ والعميق وهذا ينطبق على المسرح والسينما والرواية والقصة القصيرة والفن التشكيلي والموسيقى.
ولماذا لم نر جديدا لك منذ صدور "منتصف الليل"؟
- بعد "منتصف الليل" انشغلت بكتابة عملي النثري الثاني الذي صدر قبل عامين عن دار رياض الريس في بيروت وصدرت منه طبعة ثانية مؤخرا، وانشغلت بعد ذلك بمراجعة ترجمته إلى الإنجليزية التي قام بها همفري ديفيز، وستصدر منه الشهر القادم طبعتان واحدة للتوزيع في الشرق الأوسط عن دار النشر بالجامعة الأميركية بالقاهرة، والثانية عن دار بلومزبري في لندن حيث سيتم إطلاقه في احتفال لتوقيعه تعده دار النشر في كوين إليزابيث هول في العاصمة البريطانية (ألف مقعد) أوائل نوفمبر القادم. كما سيقام حفلان آخران لتوقيعه في جامعة أكسفورد وفي مدينة بريستول. لم تتوقف قصيدتك عند قالب بعينه، ولا عند أسلوب معين، ظللت تنهل من منابع التجريب والأشكال الشعرية بشكل جعل تصنيفك في الحركة الشعرية العربية والفلسطينية صعبا، إلى أي مدى تؤمن اليوم بفكرة التصنيف والمجايلة؟ " الشعر لا يعالج "كسور الروح" لكن متعة الشعر ناجمة عن قيامنا بعملية الكتابة ذاتها، وهي تشبه متعة كل عمل نقوم به لأننا نحبه " - التصنيف ووضع الملصقات عمل الناقد الكسول. لا يوجد تخصصات في الشعر ولا توجد خانات جاهزة لحشر الكتابة والكتّاب إلا في ذهن نقاد الصحف. الناقد الجاد يدخل على النص الفني كأنه لم يقرأ لصاحبه من قبل ويسلم نفسه لمحاولة الكاتب ثم يبدأ بمقارنتها بسابق أعماله أو بأعمال الآخرين لوضع عمله في السياق العام. أما فكرة تقسيم الشعراء إلى أجيال فهي أكثر سخفا من فكرة التصنيف. هناك من يتوهمون أن حساسية شعرية جديدة تولد كل عشر سنوات مثلا، أو أن هناك مدارس شعرية يمكن تحديدها حسب شهادة الميلاد. أنطون تشيخوف الذي مات عام 1904 مجدد في فن القصة القصيرة أكثر من آلاف يكتبون قصصهم هذا الصباح. قلت من قبل "سَمِعنا عن العلاج بالأعشاب، وعن العلاج بالإبر الصينية، لكننا لم نسمعْ عن العلاج بإرسال "الخواطر" إلى دور النشر لتصبح دواوين شعرية!"، هل مازلت ترى أن كثيرا مما يكتب اليوم من شعر يقع تحت يافطة الخواطر الشعرية؟
- يخلط البعض بين ما هو "كلام حلو" وما هو شعر. الكلمات التي يغطيها العسل لا يبقى منها في النهاية إلا الدبق، "الشعر يا عمي مش كلام حلو". كل مراهقة وكل مراهق يستطيع كتابة بعض الخواطر أو التغني بالأوطان أو بالشهداء، لكن الشعر الحقيقي هو تعميق المعنى لا غيابه
عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الجمعة 13 سبتمبر 2013, 10:29 pm عدل 1 مرات |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: مشاهير فلسطين في العالم الجمعة 13 سبتمبر 2013, 10:28 pm | |
| الشيخ عبد القادر المظفر*
اشتهر الشيخ عبد القادر المظفر، في حياته بالصدق في القول والإخلاص في العمل، والتفاني في سبيل الله والوطن، وكان محبباً لدى أصدقائه ومخالطيه، موقراً عند خصومه ومخالفيه، فلم يُسمع ذمه من أحد، ولا طعن في عرضه إنسان، بل كان يذكره الجميع برباطة الجأش وقوة الشكيمة ومضاء العزيمة وحسن التدين وعمق الإيمان.
ولد الشيخ عبد القادر المظفر بالقدس القديمة، سنة اثنتين وتسعين وثمانمائة وألف ميلادية (1892) في بيت علم وأدب، إذ كان والده يشغل منصب مفتي الحنفية بمدينة القدس، ويشرف على إدارة الوعظ والإرشاد في مختلف أنحاء البلاد، وكان معروفاً بالتقى والورع، مشهوداً له بالتفوق على أقرانه في الفقه ورواية الحديث.
وقد عنى الشيخ المظفر بتربية ابنه تربية دينية ونشأه تنشئة وطنية، إذ كان يحفظه بنفسه القرآن، ويعلمه تجويده، ويدرسه كتب الفقه، ويروي له أشعار الحماسة، وأخبار الأبطال المكافحين.
وقد ظل يأخذ العلوم الدينية واللغوية عن أبيه حتى توفاه الله وكانت سنه وقت أن قُبض والده نحو الخامسة عشرة فكفله عمه الذي كان آنذاك ضابطاً في الجيش التركي وكان أحد جماعة الضباط العرب الذين كانوا يعملون على تحرير الشعوب العربية من نير الدولة العثمانية.
وبعد وفاة الشيخ المظفر بنحو سنتين ارتحل الشيخ عبد القادر إلى القاهرة حيث انتسب إلى رواق الشوام بالأزهر الشريف، وقد ظل في جواره يستظهر العلوم الدينية واللغوية حتى نال الشهادة الأهلية المؤقتة سنة 1918.
ثم عاد إثر انتهاء الحرب العظمى إلى فلسطين ليجد أن الحال فيها قد تبدل من سيئ إلى أسوأ إذ كان الإنجليز قد خلفوا الأتراك في احتلال البلاد وأخذوا يعيثون فيها فساداً.
ولا غرو فقد استهل الإنجليز حكمهم فلسطين بفتح أبواب الهجرة اليهودية على مصراعيها من جهة، ونقل ملكية الأراضي الأميرية إلى الأيدي الصهيونية من جهة أخرى، الأمر الذي أثار حفيظة الشيخ عبد القادر ضد الصهاينة وأحنقه على الإنجليز، فراح يخطب الناس إثر صلاة الجمعة في المسجد الأقصى تارة، وفي مسجد عمر بن الخطاب تارة أخرى، يحثهم على الثورة والجهاد للمحافظة على الأرض من اغتصاب الصهيونيين وتحرير البلاد من حكم الانتداب فأغضب بذلك البريطانيين وأقض مضاجع الصهيونيين فأوعزت الوكالة اليهودية إلى المندوب السامي الإنجليزي أن يأمر باعتقاله فتردد بادئ الأمر، ولكنه عاد فاستجاب لزعماء الصهاينة ونفذ لهم ما طلبوه إذ انتهز فرصة الثورة التي اشتعلت سنة 1920 للمطالبة بوقف الهجرة اليهودية وإلغاء وعد بلفور وإقامة حكومة عربية مستقلة في البلاد، فأمر باعتقال الشيخ عبد القادر المظفر ووضعه في سجن المسكوبية بتهمة تحريض الجماهير على الثورة ضد الصهاينة والبريطانيين، ثم رأى المندوب السامي أن يكسب ود هذا الخطيب المفوه عسى أن يتحول عن مبدئه، ويصبح أحد صنائع الإنجليز، فأخرجه من السجن، وأسند إليه منصب الإفتاء .. غير أن ذلك لم يكن بالطعم الذي يوقع الشيخ عبد القادر في الشرك الأثيم، أو يخرجه من حلبة المكافحين وزمرة المجاهدين بل ظل رحمه الله ينافح عن الأماكن المقدسة، ويكافح في سبيل تحرير فلسطين...
ففي شهر آب ( أغسطس ) سنة 1922 كان الشيخ عبد القادر في مقدمة الداعين إلى المؤتمر العربي الفلسطيني الخامس الذي انعقد في نابلس والذي أقر به المؤتمرون بالإجماع الميثاق الوطني التالي:
( نحن ممثلي فلسطين، أعضاء المؤتمر الفلسطيني الخامس نقسم أمام الله والأمة والتاريخ بأن نواصل المساعي المشروعة لتحقيق الاستقلال والاتحاد العربي، ورفض الوطن القومي اليهودي، والهجرة الصهيونية )... وفي اليوم الثالث عشر من شهر تشرين الأول ( أكتوبر ) سنة ثلاث وثلاثين وتسعمائة وألف ( 1933) خرج الشيخ عبد القادر المظفر من المسجد الأقصى يقود جماهير المصلين في مظاهرة عارمة، تندد بالانتداب البريطاني، وتستنكر بشدة وعنف فكرة إنشاء وطن قومي يهودي في فلسطين، وتطالب في إلحاح وتصميم بوقف الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وقد أمطر عساكر الإنجليز جموع المتظاهرين بوابل من رصاص بنادقهم، فاستشهد عدد غير قليل وأصيب خلق كثير بجراحات مختلفة، ثم قبضوا على الشيخ عبد القادر وعلى اثنين آخرين من رجال الوطن المخلصين، وبعد أن فضوا في قشلاق البوليس بقلعة القدس زهاء عشرين يوماً حوكموا محاكمة صورية، ثم صدرت الأحكام عليهم بالإعدام، وبذلك نال الشيخ عبد القادر شرف الاستشهاد |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: مشاهير فلسطين في العالم الجمعة 13 سبتمبر 2013, 10:30 pm | |
| خالد السّعيد (1379 هـ، 1959م)
خالد السعيد أديب مسلم معاصر... وشاعر مجيد من شعراء الدعوة الإسلامية، وخطيب مؤثر من خطباء الحركة الإسلامية الذين يتصدرون المواكب والمحافل في فلسطين. عاصر مرحلة النكبة الثانية وعاشها بكل آلامها، ورأى أنه لا بد من المعالجة المنهجية الناضجة من خلال وسيلة الشعر الصادق، فجاء شعره وسيلة إعلامية صادقة تعالج القضايا اليومية لأبناء وطنه ...
شعره ملتزم وهادف في جميع قصائده التي قالها في الدعوة وفلسطين .. وهو ينطلق لتتسع دائرة همومه واهتمامه لتشمل الوطن العربي ولتستوعب قضايا أمته الإسلامية.
حياته ونشاطه:
ولد الشاعر خالد عبد القادر السعيد عام 1959 في بلدة كفر راعي بمحافظة جنين بفلسطين، ونشأ في أسرة ريفية متدينة .. ولم يكد يبلغ الثامنة من عمره حتى حلت بفلسطين نكبة عام 1967 والتي ما زالت مستمرة حتى هذه الأيام.
درس خالد في بلدته، وأكمل دراسته في مدرسة عرابة الثانوية، وحصل على الثانوية الأدبية عام 1978، والتحق بكلية الآداب بالجامعة الأردنية وحصل على البكالوريوس في اللغة العربية بتفوق عام 1981، والماجستير في النحو العربي عام 1984 بتفوق أيضاً.
وبعد تخرجه في الجامعة الأردنية عاد إلى فلسطين ليرابط في أرض الإسراء والمعراج، وليقوم بواجب الرباط ويشارك إخوانه في تربية وتعليم أبناء فلسطين وإعدادهم ليوم موعود .. وعمل مدرساً في قسم اللغة العربية بالجامعة الإسلامية بغزة من عام 1985 حتى عام 1994.
وفي عام 1989 أشرف على مراكز تحفيظ القرآن التابعة للجنة أموال الزكاة في مدينة جنين، واستمر في هذا العمل حتى 1995 .. وفي تلك الفترة اعتقلته قوات الاحتلال الإسرائيلي ثمانية أشهر عام 1991، وستة أشهر عام 1994.
وفي عام 1995 عمل مدرساً لمادة اللغة العربية في مدرسة قباطية الثانوية .. وفي عام 1997 عمل مدرساً في المدرسة الثانوية بمدينة جنين، وعمل مشرفاً غير متفرغ في جامعة القدس المفتوحة جنين.
وفي عام 2002 عمل أستاذاً في الجامعة العربية الأمريكية بجنين، ثم عمل أستاذاً في جامعة القدس المفتوحة.
وفي أوائل عام 2006 رشحته الحركة الإسلامية في جنين لانتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني، والتي أجريت في 25/1/2006م، فكان ترتيبه الأول في محافظة جنين، فقد حصل على (30863) صوتاً.
وفي 29/6/2006م اعتقلته السلطات الإسرائيلية مع إخوانه أعضاء المجلس التشريعي عن الحركة الإسلامية في جنين واعتقلت معهم رئيس بلدية جنين.
وقد حفلت حياة الأديب خالد بنشاطات متنوعة في أثناء دراسته وفي أثناء عمله، فقد رئس النادي الأدبي في الجامعة الأردنية عام 1983، وحاز على القصيدة الأولى في مهرجان الشعر في الجامعة الأردنية عام 1983، وشارك في ندوات وأمسيات شعرية عديدة في الأردن وفلسطين، وله نشاطات ثقافية متنوعة في الجامعة الإسلامية، كما أنه يشارك في اللقاء الشعري السنوي الذي يقام في حرم جامعة النجاح كل عام. وهو من خطباء محافظة جنين والمتحدثين في الاحتفالات والمهرجانات والمناسبات الدينية والوطنية.
من خلال هذا العرض لحياة شاعرنا نستطيع أن نلمس مؤثرين كان لهما الأثر البالغ في تكوين شخصيته الشاعرة.
المؤثر الأول ارتباطه بالحركة الإسلامية، التي وجد فيها ما يحقق آماله وآمال إخوانه المرابطين بأرض الإسراء والمعراج في تربية الشباب على الإسلام والدفاع عن تلك الأرض المقدسة.
والمؤثر الثاني هو نكبة عام 1967، وصور المأساة التي حلت بشعب فلسطين، والتي شاهدها واكتوى بنارها منذ طفولته، وما زالت تعيش معه حتى هذه الأيام.
شعره:
خالد السعيد شاعر مجيد له عطاء مؤثر فعال، وشعر عذب هادف رصين، فيه قوة وإبداع وروعة تعبير، وأداء يحس معه القارئ بدفء الكلمة وقوة التعبير وصدق الانتماء لقضية العقيدة والإيمان وقضية تحرير الأرض من العدوان والطغيان ..
شاعر صهر الإسلام روحه وعقله وتأملاته، وأعطاه القدرة على التفكير الموزون، ومنحته نعمة اختيار الألفاظ للتعبير عن المعاني، فاستغل هذه الموهبة الفذة وعبر عن افتعالاته بتعابير منمقة فأحسن الصياغة وأجاد الخطاب، وعرف الجهة التي يصوغ لها أحاسيس قلبه وعرف لماذا يصوغها .. فهو لم يصغ قصائده الشعرية ليرضي بها السلاطين، ولا صاغها من أجل مغنم زائل أو شهرة مؤقتة أو جمع مال أو مادة، وما صاغها ليتزلف بها إلى وزير أو كبير .. إنما صاغها ليعبر عن معاناة الأمة بأصدق الحديث ..
فهو شاعر نظر ببصيرته الإيمانية فرأى أكثر الشعراء قد هانت عليهم إنسانيتهم، وتبلد حس الكفاح في أرواحهم، وسكتوا على المهانة والتشرد والضياع، وتحطمت روح الرجولة والمقاومة فيهم .. فثار على هذا الواقع المهزوم، ثار ليعيد إلى العقل ثقته بنفسه، ونظم شعراً يدفع المواطن المقهور إلى أن تكون له طاقة حركية وقدرة على تغيير الواقع وصنع الأحداث وصياغة القرارات، ولتكون له قدرة على العطاء والابتكار .. ثار شاعرنا على هذا الواقع وخرج عن المألوف، ونظم شعراً قد لا يستسيغه شعراء الأدب الرخيص .. لقد خرج عن المألوف لتكون له ولمن ينهجون نهجه مدرسة شعرية جديدة، تعيد صياغة وتشكيل وترتيب العقل المسلم، وتضع ملامح فكرية جديدة ورؤيا مستقبلية جديدة، تعيد بناء التصميم الذهني الإسلامي وتوفير الطاقات المخزونة لدى الإنسان الفلسطيني على وجه الخصوص والمواطن العربي على وجه العموم، ثم هندسة هذه الطاقات ووضعها في المجال المجدي ..
فجاء شعره ليدل بوضوح تام على أن تاريخ الإسلام الخصب غني وقادر على العطاء في كل ميدان وفن ..
وصف الدكتور جبر خضير شعره فقال: [1]" أكثر في شعره من الربط بين ماضي الأمة وتصوير حاضرها من خلال مفهومية الإسلام وقدسية القضية، وتميز شعره بالجزالة الشعرية وقوة الجرس الموسيقي، كما تميز بالنبرة الخطابية غالباً وهذا يتوافق مع قوة الجرس الشعري والحماسي الملتهب عند الشاعر".
وشاعرنا خالد السعيد شاعر ملتزم بالشعر العمودي الأصيل، إلا أنه يبدع فيما يتخذ من شعر التفعيلة أحياناً ليعبر عن مكنون نفسه وخفايا ضميره ونبضات قلبه فيجيء شعراً معبراً صادقاً .. ويزداد شعر التفعيلة لديه قوة إلى قوة وهو يعبر به واضح الصورة، صريح الهدف، رفيع المستوى في اللغة والعاطفة وحسن الأداء.
هذا الشاعر شارك في رسم صورة صادقة لحياة أبناء فلسطين خاصة وأبناء الأمة الإسلامية بوجه عام، بكل ما تحويه هذه الحياة من آمال وطموحات وآلام وأحزان، وهجرة وجهاد، ونصر وفتح وسيادة وتمكين .. فشعره مرآة تعكس بصدق هموم أبناء شعبه في فلسطين، وتعبر بعمق عن مشاعر أمته وأحاسيسها وتجلو أحزانها، وترسم معاناة ملايين المسلمين واهتماماتهم وطموحاتهم .. فالشعر عند خالد السعيد صرخة مدوية تدعو إلى الإيمان والاستقامة، وشعلة تستمد وقودها من دموع العين ومن دماء وريد القلب، لتغير الواقع المتخم بالجراح، فيقول هذي القصائد ليست سهرة ثملت في قلب باريس أو إحدى لياليها
كلا! وليست من الحكام طالبة حثالة الكأس كي تسري قوافيها
هذي القصائد من دمع ومن عرق ومن دماء وريد القلب نسقيها
لقد فهم شاعرنا الواقع وعرف أنه لا سبيل لعزتنا إلا من خلال شعلة الإيمان، ونراه يوقظ الأحاسيس النائمة عبر حديث الأقصى الحزين إلى مكة المكرمة، حديث الشكوى والأنين من جراء ذل الأسر وجفاء الأحبة والأهل، فيقول في قصيدة بعنوان "اسمعوا الأقصى" اسمعوا الأقصى ينادي أمه مكة يا أمُّ قولي للرسول
إنني ما زلت أدعو قومه قبل أن أغدو بقايا من طلول
فإذا قوم يسمون اسمه ولهم فعل كفعل ابن سلول
فأجابت مكة يا شؤمه من ترجى النصر من أهل الطبول
يا بني انظر تحقق رسمه ذا صلاح من فوق الأصيل
بعثر القبر وأمضى سهمه يملأ الأرض سيوفاً وخيول
يحرم الوجه المُعنّى بسمه طالما المنبر في أسر ذليل
عبر هذه المناجاة والحديث الباكي بين الأقصى ومكة، حيث يبث الأقصى شكواه وأنينه إلى مكة لتخبر سيد المرسلين بأن الأقصى ما زال يدعو قومه قبل أن يصير أشتاتاً وأشلاء .
لقد عبر الشاعر عن واقع الأمة المنكوبة بعدم معرفة الحقيقة وتشخيص الداء ومعرفة الدواء، فصور حالها القائم على الباطل ولتهريج، وذكرها بماضيها وبرجل المهمات الصعبة القائد المجاهد صلاح الدين ليقتدي به الشباب وينهضوا بأمتهم من كبوتها .. فالشاعر لم يكتف بالندب والعويل وإقامة المأتم على واقعنا بل إنه نظر إلى المعضلة وشخصها وأعطى الأمل والحل "إنه الحل الإسلامي" أن يكون الإسلام هو القائد والموجه للمجتمع في كل الميادين وكل المجالات ..
ولهذا فهو يكمل دور صلاح الدين فيقول:
يعشق المحراب يبغي لثمه بعدما فارقه الدهر الطويل
واستمع عبر الفيافي نغمه: نحن أهل القدس عنها لا نحول
هل رأيت النخل يحني جسمه نحن يا قدس خلقنا كالنخيل
هكذا عبر خالد السعيد بشعره الإسلامي عن معالم الحل ووجه الأمل المشرق.. بأن الأمة هي التي تصنع معلم التغيير من خلال بناء الذات ومن خلال تهيئة النفوس وربطها بالعقيدة الإسلامية.
لقد علمنا التاريخ أن أمتنا أمة متجددة وأنها كلما عثرت سرعان ما تنهض عثرتها .. وإن هذه الكبوة تحتاج إلى فارس يقود جند الإيمان، ويستثير هممهم .. وشاعرنا يستنهض الأمة قائلاً خيل الكرامة والشهامة أسرجوا ها هم فوارسها الكماة تدججوا
هيا ابعثوا خيل التحرر ضُمّراً تطوي الفيافي في ظلام وتدلج
قدحت سنابلها قلاع حصونهم وتثير نقع المعمعان وترهج
فلعل من بين الفوارس فاتحاً يمضي إلى الأقصى الأسير ويعرج
وعبر شعر الحماس الإسلامي الذي يثير في النفس كوامن العزة والنهوض بعد الكبوة يصرخ الشاعر سعيد حاثاً على التحدي أصحاب الهمم والشهامة ورافعي راية الحق ليسيروا مع الركب .. لعل ركبهم يصل إلى الأقصى الأسير فيفك أسره ويفك قيد المأسورين، ثم يواصل الشاعر هذا النغم الصاخب والإيقاع القوي قائلاً
يا رب يسّرْ قائداً لا ينثني ويكون في يمنى يديه المخرج
ويقود خيلاً عاديات جُرّبت فخيول من سبقوه كانت تعرج
وخيولهم كانت هجاناً علمت درب الفرار والفرار تهرج
حملت رجالاً تائهين وأغفلت معنى القداسة لم يقدها المنهج
إلى أن يقول:
السيف منطقه قوي أبلج والقول دون السيف مزر أعوج
ولقاء خصمك بالسيوف حصانة ولقاؤه دون الأسنّة مخرج
فالشاعر يرى أن المخرج بالقائد المسلم الذي يعبر بجنده الميادين.
ويوضح شاعرنا حال الإعلام العربي قبل النكبة والهزيمة وكيف كان يصور حال اليهود، فيقول في قصيدة جميلة بعنوان "قال المهرج"
هم حفنة في البحر نلقيهم إذا كنا نريد
فتجوعي أسماك ذاك البحر والداعي سعيد
ماذا عساهم يفعلون ونحن في الهيجا أسود
وبعد النكبة يتغير الخطاب فيصف هذا ويقول
قد جاءنا النبأ الموثق والمصدق والأكيد
"ليس اليهود كما يظن البعض فالدنيا يهود"
"لسنا نقاتل دولة صغرى فأمريكا تجود"
وأمام هذا الواقع المرير يدعو شاعرنا إلى الثبات في أرض الرباط، ويرد على هذا الواقع فيقول
إنّا باقون ..
لا يأس أخي لا بؤس أخي ...
إنّا باقون ..
ما بقي الزعتر والزيتون ...
إنّا باقون ..
ما بقيت آيات الإسراء وما بقي اللوح المكنون ..
من جبل النار وغزة هاشم أسمعها
إنّا باقون ..
سجدات الفجر توحدنا
وتفجرنا ألماً وشجون ..
آتون زحوفاً مؤمنة
تجتث الغرقد والطاعون
فجراً آتون
وعداً آتون
زحفاً آتون ولما قامت الانتفاضة واكبها شعر إسلامي مجاهد، كان ثمرة طبيعية للظروف والأحوال التي عاشتها القضية الفلسطينية، والواقع المحيط من حولها .. وكانت تجربة أدبية وفنية جديدة عبرت عن قضايا الإنسان الفلسطيني والعربي وواقعه وهمومه، وأصبح هذه الشعر صوت الجماهير والناس، فهو لم يخدم الحياة التي عاش فيها فحسب، بل ارتفع بذوق الإنسان وهمومه، من حياة التشرد والضياع والاغتراب، إلى الأمل العذب من خلال بث الحماس والعزيمة والرجولة .. وكان خالد السعيد فارساً من فرسان هذا الشعر، فسجل بشعره أحداث الانتفاضة حدثاً حدثاً .. استمع إليه وهو يصف ابن الانتفاضة الذي تربى على القرآن وحدد الهدف الذي من أجله يحيى ويعيش، فقال في قصيدة بعنوان "مرابطون"
صحب القرآن للقلب طويلاً فغدا بالله يقوى ويقاتل
فصنعت الحرف في الشعر فتيلا فإذا الألفاظ في الشعر قنابل
فامتشقت البيت رشاشاً أصيلا فغدا الشعب بأشعار يقاتل
والقوافي دمدم يردي قتيلا كل من ينكر حقي ويماطل
كلما أقرأ آياتي ذليلا فكت الآيات من قيدي سلاسل
وغدا القرآن للفتح سبيلا ولأعدائي نذيراً وزلازل
لست أرضى عن ذرى القدس بديلا لو غدت أرضي سجوناً ومعاقل
وعلى درب الانتفاضة يسقط في الميدان شهداء ويعتقل شباب ويودعون السجن، ويكون خالد السعيد واحداً من هؤلاء الشباب .. ويأتي عيد الفطر فينظم قصيدة يلقيها على المعتقلين في سجن مجدّو (في مرج ابن عامر) بتاريخ 15/4/1991، يقول فيها سل حادي الركب المهاجر إذ حدا هل نلتقي بجموع أهلينا غدا
واسأل حمام الأيك أين أحبة منهم سجين أو طريد شُرّدا
واستخبر النسمات عند هبوبها إذ داعبت طفلاً لحر أبعدا
قادوه منفياً يعاني قلبه ألم الفراق ودونه طعم الردى
ويسكن الروع المسعر سجدة همست بأنّا لن نضيع هنا سدى
يا من يرى ذئباً يثاب إذا عوى والبلبل الصداح يذبح إن شدا
العيد جاء وفي السجون شبابنا يا من يعيد العيد من أسر العدا
ويأتي عيد الأضحى ولا يزال الشباب في المعتقلات، فينظم خالد قصيدة بعنوان "رسالة العيد" يقول فيهاعيد يجيء وراء عيد والشعب يرسف في القيود
من دمعة الفطر السعيد لحرقة الأضحى المجيد
مأساتنا تزداد يوماً بعد يوم لا جديد
هذي ألوف قيدت خلف الحواجز والحديد
في كل يوم قادم نزجي الشهيد إلى الشهيد
ولما كثر الحديث عن الأسرى والمعتقلين الذي يزيد عددهم على خمسة آلاف معتقل من الشيوخ الصابرين والشباب الثابتين والنساء المجاهدات، والذين ما زالوا يعانون قسوة التعذيب وظلم الأعداء وتخاذل الأهل والأصدقاء .. كان لشاعرنا دور واضح ومؤثر في التعبير عن غضبة الشعب المرابط من خلال المهرجانات الأدبية واللقاءات الشعرية التي تصف هذا الحال، فنظم قصيدة بعنوان "قصة الأسرى"، قال فيها
في المرة الأولى وفي الأخرى سنظل نقرأ قصة الأسرى
صفحات سيرتهم لنا نور لا تغفلن من سفرهم سطرا
الصابرين بعزة شمخت فوق الجراح تعلم الصبرا
فالقابضون على الجمار هم والصانعون لشعبنا الفخرا
من يدعي نصراً ويهملهم جعل الهزيمة تشبه النصرا
والمنجزات بغير فرحتهم مهما علت لن تبلغ الصفرا
صنعوا لنا مجداً بتضحية وغداً سنكسر قيدهم كسرا
ولما خرج شيخ فلسطين الشيخ أحمد ياسين من المعتقل في الشهر العاشر من عام 1997، بعد سجن دام طويلاً، عمّت الفرحة أبناء فلسطين وخاصة عندما رأوا الشيخ بينهم .. وشارك خالد السعيد أبناء وطنه هذه الفرحة بقصيدة قال فيها
يأبى المهيمن أن تظل مقيدا قد خاب من حكموا عليك مؤبدا
حكم العزيز بأن يحطم قيدهم فقضى وقدّر للخروج وأيّدا
فخرجت من سجن البغاة مكرّما شعبي بيوم خروجكم قد أُسعدا
وأعزّ ربّ العرش فيك شعوبنا وأذلّ بنيامين ذلاً أسودا
سيظل سجنك وصمة من حقدهم خزياً يلاحقهم على طول المدى
حنّت إليك مساجد ومنابر ومجامع قد كنت فيها السّيّدا
يكفيك أنّ الناس طراً أجمعوا بسداد رأيك إذ كُسيت السؤددا
تبغي صيانة شعبنا ودمائه ليصب كل البأس في وجه العدا
يكفي حماساً أن قائد سيرها شيخ قعيد بالمهابة أسندا
ما هاب طغيان اليهود ومكرهم ما هادن المحتل لما هددا
ظلت حماسته مثالاً يحتذى للقاعدين الخائفين من الردى
وفي عام 1996م انتقل إلى رحمة الله تعالى الشيخ توفيق جرّار عالم جنين ومفتيها، وهو يؤم جموع المصلين في صلاة عيد الفطر في المسجد الكبير بمدينة جنين في اليوم الأول من شوال عام 146هـ .. فنظم شاعرنا قصيدة بعنوان: "دمعة على قبر مفتي جنين المرحوم الشيخ توفيق جرّار"، وصف فيها هذه الوفاة التي أكرمه الله بها، بعد صيام شهر رمضان المبارك، والوقوف في محراب المسجد الكبير يؤم المصلين في العيد .. وذكر في القصيدة بعضاً من مناقب الفقيد ومواقفه، وثباته في نصرة الإسلام، فقال
جد بدمع العيون بعد الفقيد ودع المحاريب في يوم عيد
جاءك الموت في صلاة وذكر فهنيئاً لك اختيار المجيد
كنت تفتي لنا برأي رشيد كنت تبدي لنا بنصح سديد
لك في الفضل سابقات توالت قد نصرت الإسلام منذ عقود
أسأل الله أن يعوض خيراً ولك الأجر في جنان الخلود
ولشاعرنا قصائد في الحوار تدل على خيال خصب، وروعة في التعبير، وقدرة فذة على العطاء والابتكار .. قدم فيها لوحات رائعة وصوراً أخاذة، نظمها بأسلوب مؤثر جميل .. منها قصيدة بعنوان"الشيخ الشركسي والفتى الفلسطيني"، أجرى فيها حواراً على لسان شيخ شركسي يقدّم لشاب فلسطيني والفتى الفلسطيني"، خلاصة تجربته في الحياة، ويحثه على أن يدافع عن عقيدة التوحيد وأن يتبنى فكر أمته وحضارة دينه الذي لا يعرف النكوص ولا الخذلان .. ويدعوه إلى الثبات في أرض الإسراء والمعراج، والاستعداد ليوم الثأر وتحرير الأقصى من الأسر ... يقول فيها شيخ جليل
رجل طويل
عيناه زرقاوان أشقر شعره زانته لحيه
بوقوفه: أبصرت أشجار النخيل
بركوعه: أبصرت حيفا والجليل
بسجوده: أبصرت يافا والخليل
بخشوعه: أبصرت أحزان القدس
بثباته: أبصرت زيتوناً وتيناً.
ظني به قد جاوز التسعين عاماً
وخلالها لم يحن إلا للذي أحياه هاما
بلسانه أحسست لكنة شركسي
بدمائه أحسست روح المسلمين
ووقفت أنظره بتوقير وود
ورأيته بشموخه السامي كطود
فسألته متلطفاً: يا جد قل لي قصتك
أغضى قليلاً ثم قال: وقصتك!
حدثت أنك من فلسطين الذبيحة
ومضى يقول:
أبُنيَّ إنا قد فررنا من مذابح بلشفيه
لا ذنب إلا أننا إسلامنا فيه بقيه
لكننا سنعود ..
مفتاح بيتي يا بني معلق حتى نعود
أغضى قليلاً ثم قال: وقصتك!
حدّثته أني الفلسطيني
ومضيت أحكي:
جدّي العجوز لطالما قد شد زندي
فرأيت مفتاحاً قوياً من نحاس
ويقول جدّي: وسط يافا بيتنا
فبكى العجوز الشركسي
وبكيت لكن ليس دمع المستكين
فدموعنا ستكون طوفاناً حكى طوفان نوح
طوفان ثأر غاسل عار الهزيمة والجروح
طوفان نار حارق كرت الإغاثة والنزوح
سنعود فوق الدمع والدم والعرق
سنعود نتلو آية الإسراء
في المسجد الأقصى وظل الصخرة الشماء وشاعرنا المربي الفاضل حريص على تربية براعم الإيمان وتقديم النصائح والتوجيهات التي ترسم لهم طريق الاستقامة وتعلمهم أدب الحياة .. فنراه ينظم أنشودة تعليمية للأطفال والأشبال، يقول فيها يا أحبائي أنتم ذخري فيكم يحلو قول الشعر
يا ثمرات الغصن الزاهي يا أمواجاً فوق البحر
يا لحن الأطيار بروضي يا أنغاماً عند الفجر
للإيمان تعالوا نشدو فيها نقضي أحلى العمر
مدرسة شمخت وازدانت واحتضنتنا نحو الصدر
هيّا هيّا اقتربوا منّي كي أسمعكم أغلى الفكر
أوصيكم فاستمعوا قولي لأُحفّظكم لبّ الأمر
ربّ الكون لنا معبود يعلم جهري يعلم سرّي
ولنا خير الخلق رسول أحمد يدعونا للخير
أوقات صلاتي أحفظها لا أغفل عن فرض الفجر إن صلينا وتزكينا فلنا الجنة أبد الدهر
أوصيكم بالأم حناناً منها العطف ونبع الطهر فأطيعوها وأعينوها فلها منكم حق البر
والشاعر خالد سعيد يرى أن للمرأة دور كبير في بناء المجتمع وصلاحه، وحتى تقوم المرأة بهذا الدور فلا بد أن تكون قدوة للفتيات الناشئات، وصانعة للمستقبل وبانية للأجيال .. وقد نقد في شعره الواقع الاجتماعي، وأشار إلى مشكلة الحجاب والسفور .. وهو يرى أن الجلباب سمة من سمات المرأة المسلمة، ورمز من رموز عزة الإيمان، فهو علامة صلاح وتقوى، ونور يبدو شعاعه جليّاً في دياجير الظلمة والانحراف التي تعيشها في هذا العصر .. وهو يصف هذا اللباس الشرعي، ويختار له أجمل الألفاظ وأجلّها، فيقول في قصيدة بعنوان"رسالة الخنساء"
كيف أخفي سعادتي وانتشائي عند مرأى الجلباب رغم العراء
وهو كالليل سابغ برسوخ خانق صرخة الجهول المرائي
وهو كالليل جنحه يتثنى حاضن شمس الهدى والعطاء
قيل هذا الجلباب شيء غريب قلت طوبى الفردوس للغرباء
غرباء في قومهم قرباء من جواد الرحمن يوم القضاء
وشاعرنا بهذه القصيدة أعطى قيمة كبيرة للتجربة الشعرية الإسلامية الحديثة، فقد استطاع أن يصور الجلباب بصور جميلة رائعة، نستطيع أن نقول أنها نقلة كبيرة في سيرة هذا الشعر فقد صور الجلباب في البيت الثاني أنه كالليل راسخ كرسوخ الجبال الشماء، وهو كالليل الذي يحمل تحت جناحيه شمس العفاف والعطاء ..
ويستمر الشاعر في إعطاء الصورة المتكاملة للجلباب فيقول:
إن هذا الجلباب رمز انتصار وثبات وهمّة وإباء
إن جيلاً ترعاه أمّ خمار لحريّ بالنّصر يوم اللقاء
وشباب ترعاه أم سفور مقرئ وجهه سمات الفناء
إنما الخمار ترس ودرع فارتديه لصدّ سهم العداء
فخماري عقيدتي وشعاري زينتي عفتي رمز بقائي
|
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: مشاهير فلسطين في العالم الجمعة 13 سبتمبر 2013, 10:32 pm | |
| تابع >>>>>
خالد السّعيد (1379 هـ، 1959م)
آثاره الأدبية:
1- ديوان "كيف السبيل"، (الزرقاء: مكتبة المنار)، 1985م. وقد كتب مقدمة الديوان الأستاذ يوسف العظم فقال: "استمعت يوماً إلى قصيدة يلقيها شاب بين جمع من أصحابه فوقر في نفسي وهتفت بلساني لمن حولي: ليكونن شاعراً بإذن الله. ومن يومها توطدت بيننا العلاقة، وتوثقت عرى الصداقة ومجالات الصلة في الفكر والأدب، وفي كل يوم كنت ألمح في الشاب ما يبشر بخير وما يؤكد أن مستقبلاً مشرقاً ينتظره، وهو يسير مع من يسير من شعراء الخير على خطى حسان !". عدد صفحات الديوان 69 صفحة، عدد القصائد 16 قصيدة.
2- ديوان "حجر وشجر"، صدر عام 1990م، وقدّم له الأستاذ خالد أحمد منها. عدد صفحات الديوان 110 صفحات، عدد القصائد 38 قصيدة.
3- ديوان "الأسرى أولاً"، صدر عام 1999م. عدد الصفحات 80 صفحة، عدد القصائد 37 قصيدة.
4- مجموعة شعرية صادرتها قوات الاحتلال في إحدى مداهماتها لبيت الشاعر (قبل أن تطبع).
قصائد مختارة من شعره
1
صوت المخيم
هذه القصيدة نظمها الشاعر عام 1983م، وصف فيها المخيم واللاجئ الذي أجبر على الرحيل عن أرضه وبلده وأهله ، ليعيش في ظروف قاسية معيشة الذل والخوف والبؤس والمهانة، وعبّر فيها عن واقع حياة الفلسطيني الذي وقع تحت الاحتلال وعانى حياة التشرد والضياع .. بأسلوب أخّاذ وعاطفة صادقة، وأفكار ناضجة من خلال التصور المعبر لواقع المأساة ..
وقد أجاد الشاعر في تجربته الشعرية هذه من خلال تصوير الكوخ المهدم في المخيم، وتذكر الدّيار التي أجبر أهلها على الرحيل عنها إلى هذا المخيم .. ووصف فيها حياة اللاجئ، وجعل من صوت المخيم الحزين الباكي لعنة تطارد جميع المتخاذلين حتى يتحرر أطفال المخيم من هذا الواقع ..
والشاعر وهو يصور الخيمة والكوخ الصغير جعل من واقع الطفل الجائع الراقد كحياة المخيم الواقفة الساكنة دون حراك .. جعل من حياته في الكوخ وما يعانيه من البرد الشديد صورة معبرة متعددة الجوانب ..
ومع هذا فإن شاعرنا لم يعش في قمم اليأس بل إنه جعل من شعره أملاً يشع وفجراً يقترب من أجل غد أفضل تتحرر فيه الأرض والإنسان.
أبيات القصيدة
تطرق الكوخ رصاصات البَرَد توقظ الطفل الذي جوعاً رقد
يفزع الطفل فيهوي مسرعاً فوق صدري وإلى كتفي استند
برد! خذها التقطها مصّها علها مرت على أرض صفد
علها مرت على زيتونة كان يروي زيتها أهل البلد
علها مرت على حيفا وقد أصبحت ذكراك حيفا تبتعد
كيف أُنسي صبيتي علمتهم أن بيتي وسط يافا لن يهد
كيف أُنسي صبيتي عاهدتهم سوف نمضي إن غداً أو بعد غد
كيف أَنسى وسط حيفا مسجداً طالما وجهي بركنيه سجد
لست أرضى بجنين وحدها بيتنا في اللد لِمَ لا يسترد
إن أردتم أن تُنسوا صبيتي ذكر حيفا فارقبوا لعن الأبد
واعلموا أن فلسطين غدت في دم الأطفال حلت كل يد
يعصف الريح ورعد قاصف وترى ابني فوق صدري يرتعد
يهجم الماء من السقف على خد الطفل فوقه الدمع جمد
تأخذ الطفل المُعنّى رعشة صاح "بابا" ثم "ماما" ثم قد
مدّ جسماً ناحلاً ثم انثنى ودَنا من أمّه ... ثمّ قعد
قلت هاتي ناوليه لقمة فتّشت في كل بيتي لم تجد
يا إلهي ليس يخفى حالنا نحن نحيا في عناء ونكد
ليس إلا أنت يا ربي لنا حسبنا الله هو الفرد الصّمد
فمتى جُمعتنا تأتي لنا هل سنبقى بين سبت وأحد
لم أُرَعْ إلا بصوت هاتف يملأ الروح ثباتاً .. وجلد
سوف يأتي فجر شعبي قاصماً ظهر ليل قد تمطّى واستبد
ألمح النّصر بجيل مؤمن بركوع وسجود .. وعدد
ستعود القدس يوماً للحمى ما بقي في أرضنا أمّ تلد
قصائد مختارة من شعره
2
كيف السبيل
هذه القصيدة نظمها الشاعر عام 1404هـ، بين فيها الواقع المهزوم لهذه الأمة في هذه الفترة من الزمان، وأشار إلى الأوضاع السياسية والهزائم العسكرية التي عاشتها القضية، وعرض مآسي شعب فلسطين ... من مطاردة وتشريد ومذابح ومصادرة للأراضي و.. و..
وأمام هذه المآسي والأهوال تساءل شاعرنا عن السبيل الذي نسلكه لنسترد حقوقنا ونحرر أرضنا ونطرد منها المحتل. وذكر الأمة بتاريخها المجيد وبأبطالها الميامين وقادتها المجاهدين الذين خاضوا معارك حطين وعين جالوت، ودعا الأمة إلى تربية جيل جديد وإلى إعداد كتائب الإيمان التي تحمل المصحف في يد والبندقية في يد .. وتمضي مع الفجر لتخوض معركة التحرير. وبين أن هذا الدرب ومع أنه شائك وطويل إلا أنه لا درب غيره يوصلنا إلى الهدف المنشود ..
هذا الشاعر عاش مع أرضه ووطنه، وتوجع وتألم لكنه لم ييأس، ولم يعش في دائرة الحزن تأكله الآلام، بل جعل من قصيدته أرجوزة لحن الأمل المرجو عبر التأسي بماض لم يمت، ومستقبل زاهر لأمة عظيمة لا ترضخ ولا تسكتين ... وأظهر من خلال الكلمة الشعرية مفهوم الارتباط بالأرض، وقدسية تحرير أرض الإسراء، وبين أن جوهر الصراع مع يهود ليس أرضاً فحسب، إنما هو صراع عقيدة .. ودعا في قصيدته إلى أن يكون الإسلام هو الموجه والقائد للمجتمع في كل الميادين.
أبيات القصيدة
مع كل مذبحة تجد ولا جواب سوى العويل
مع كل جرح في عروق عروبتي أبداً يسيل
يأتي يسائلني صديق من بلادي ما السبيل؟
كيف السبيل إلى كرامتنا إلى المجد الأثيل
مع كل تشريد لشعب صار جلداً للطبول
كيف السبيل إلى الخليل إلى المثلث والجليل
كيف السبيل إلى اجتثاث الحقد والداء الوبيل
كيف السبيل لنطرد الخنزير والقرد الدخيل
كيف السبيل لحرق غرقدهم وإنبات النخيل
لا تنصحي بالركون لكل مهزوم هزيل
لا تنصحي بالصمود الزائف القذر العميل
تبقى شعارات الصمود سليمة وأنا القتيل
تبقى شعارات الصمود تخوننا: أين المعقول؟
شربوا دمائي من عروقي نخب سلمِهم الذليل
رسموا طريق القدس من صنعاء حتى الدردنيل
مرمى الحصى عنكم أريحا لا تدوروا ألف ميل
ولمست قلب مُحدّثي وهتفت من قلب عليل
قلبي مليء بالأسى وحديث مأساتي يطول
أسمعته آيات قرآني بترتيل جميل
حدثته عن قصة التحرير جيلاً بعد جيل
ووقفت في حطين أقطف زهرة الأمل النبيل
ورأيت في جالوت ماء النيل يبتلع المغول
وهتفت ليست وحدة الرشاش تكفي يا خليل
أرأيت كيف ارتد رشاش الزميل على الزميل
بل وحدة الدين القويم ووحدة الهدف الأصيل
وبناء جيل مؤمن وهو الصواعق والفتيل
بكتائب الإيمان نحمي المصحف الهادي الدليل
تمضي كتائبنا مع الفجر الملثم بالصهيل
نمضي ولا نرضى صلاة العصر إلا في الخليل
هذا السبيل ولا سبيل سواه إن تبغِ الوصول
هذا السبيل وإن بدا من صاحب النظر الكليل
درباً طويلاً شائكاً أو شبه درب مستحيل
لا درب يوصل غيره مع أنه درب طويل قصائد مختارة من شعره
3
ورود الجراح
هذه القصيدة نظمها الشاعر عام 1996م بمناسبة ذكرى الإسراء وتجدد الانتفاضة .. وبعد تسع سنوات مرّت على بدء الانتفاضة التي شاهد فيها أبناء فلسطين العبر والحقائق التي فضحت أساطير العدو وكبره، وملأت قلوب جنده قلقاً ورعباً، وفي هذه القصيدة دعا الشاعر إلى الجهاد لتحرير أرض الإسراء، وأشاد بالشهداء الذين قدموا أرواحهم فداء لدينهم ووطنهم، ودعا الشباب إلى الاقتداء بهؤلاء الرواد الذي سبقونا إلى الشهادة، ووجههم إلى التعلق بالمساجد. وطالبهم بالتمسك بالقدس ووحدتها، ودعاهم إلى تحرير الأقصى الأسير .. وأخبرهم بأنهم ليسوا وحدهم في الميدان، وأن أحجار فلسطين وأشجارها ستكون معهم في معركة التحرير .. وهذا إشارة إلى حديث الرسول عليه السلام حيث قال: (لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر فيقول الحجر أو الشجر يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود)
أبيات القصيدة:
باب الجهاد مفتوح لا يغلق كالشمس تغشاها الغيوم وتشرق
والمسلمون خصيبة أجيالهم ومن ابتغى سبل العطاء سيرزق
يحيى مضى والله ربٌّ قادرٌ أمثال (يحيى) للجهاد ستخلق
يمضي الشهيد فنقتفي آثاره جيل قضى منا وجيل يلحق
منا الأواخر تقتدي بأوائل حبل التواصل في الجهاد موثّق
ديباجة الشهداء تلمع جدة نرِدُ المنايا راغبين فنسْبِقُ
ودروعنا نُسجت بأهداب التقى ومن ارتدى ثوب التقى سيوفق
وتعلقت أجيالنا بمساجد إن كان يستهوي سوانا الفندق
والعرب حول الموبقات تجمعوا وإذا دعا داعي الجهاد تفرقوا
وغدت مطاياهم هجان مذلة فمتى سيصهل في رباها الأبلق
تسع من السنوات مرّت وانقضت ولحلوها ولمُرّها نتذوق
ذكرى انتفاضة شعبنا عِبَرٌ لنا فيها الحقائق والرؤى والمنطق
فُضِحت أساطير العدوّ وكِبرُهُ قذفت به رعباً يشل ويقلق
ومصير أعداء الشعوب جهنم وشهيدنا في الخلد حيُّ يرزق
هل يستوي من لظى متقلب مع من يطير بجنة ويُحلّقُ
وإذا انتمى كل إلى حسب له كان السجين هو الأصيل الأعرق
من صبره وثباته ويقينه نسج الصباح خيوطه والمشرق
ياسين شيخ الصامدين تحية علمتنا كيف الحقوق تحقق
يا قدس إن بنيك حقاً من أبَوا تمزيق جسمك، والأعادي مزقوا
صفد لنا كتف وعكا هامة والزند غزة، والخليل البيرق
حطين تاج المسلمين لهامةٍ وعداً ستُنصَرُ والكتاب مصدق
وجبال هذي الأرض عظم جسومنا وديانها بعروقنا تتدفق
والمسجد الأقصى كتاب منزل أحجاره آياته تتألق
فيه الأذان حزينة أنفاسه فمتى يهز الخافقين ويخفق
وبراقنا والسور مثل سجله فإذا استهنا بالسجل يمزق
يا قدس جندك كالجبال رسوخهم وسيوفهم في المعمعان ستبرق
يا قدس يحميك الإله بجنده يحميك ربي أن يبيعك سرسق
يا قدس ماؤك سلسبيل رائق مهما شربنا من سواك سنشرق
القيد أدماها ودنس طهرها ليد تحطم قيدها تتحرق
يا قدس كم من هجمة همجية كانت على أعتاب سورك تسحق
ولآخر الهجمات يوم قادم تتجمع الأهوال فيه ويُطبّق
مسرى النبي غداً أسيراً ماله إلا الدما تفني القيود وتعتق
أحجارنا أشجارنا ستقاوم الـ محتل ينطقها الإله فتنطق
المصادر والمراجع
1- ديوان "كيف السبيل".
2- ديوان "حجر وشجر".
3- ديوان "الأسرى أولاً".
4- الدكتور جبر خضير: التيار الإسلامي في الشعر الفلسطيني المعاصر.
5- مقابلة مع الشاعر خالد السعيد في 4/11/1997.
*من كتاب أدباء من جبل النار
[1] ) التيار الإسلامي في الشعر الفلسطيني المعاصر، ص 298.
[2] ) ديوان "كيف السبيل"، ص 11.
[3] ) ديوان "كيف السبيل" ، ص 31.
[4] ) ديوان "حجر وشجر"، ص 58.
[5] ) ديوان "حجر وشجر"، ص 58-59.
[6] ) ديوان "كيف السبيل"، س 46.
[7] ) ديوان "كيف السبيل"، ص 46.
[8] ) ديوان "كيف السبيل"، ص 46-47.
[9] ) ديوان "حجر وشجر"، ص 25.
[10] ) ديوان "الأسرى أولاً"، ص 43.
[11] ) ديوان "الأسرى أولاً"، ص 31.
[12] ) ديوان "الأسرى أولاً"، ص 57.
[13] ) ديوان "الأسرى أولاً"، ص 15.
[14] ) ديوان "الأسرى أولاً"، ص 45.
[15] ) ديوان"حجر وشجر"، ص 37-42.
[16] ) ديوان "الأسرى أولاً"، ص 28.
[17] ) ديوان "كيف السبيل"، ص 27-28.
[18] ) ديوان "حجر وشجر"، ص 107.
[19] ) صحيح مسلم الجزء الثامن عشر ص 44.
|
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| |
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: مشاهير فلسطين في العالم الجمعة 13 سبتمبر 2013, 10:34 pm | |
| تابع >>>>
ألأستاذ / صالح جرّار شاعر أبّ
تحدثنا عن مجالات عديدة نظم فيها صالح شعره .. وما أكثرها وما أوقعها في النفس .. والآن جاء دورنا لنستمع من هذا الشيخ الوقور، المؤمن بقضاء الله وقدره، إلى شعره الذي نظمه بعد اعتقال ولده إسلام ..
إن حديث شاعرنا عن ولده إسلام حديث طويل .. طفلاً، يافعاً، وشباباً، والذكريات عن هذا الابن حلوها ومرها عديدة في المنزل وفي كل مكان حل فيه وكل بقعة شهدت آماله وآلامه .. فإسلام شاب في مقتبل العمر، وفي ريعان الشباب .. شاب نشأ وتربى في بيت التزام الإسلام عقيدة وسلوكاً ومنهجاً في الحياة، فكان نعم الابن لأب أديب صالح ..
هذا هو الإسلام .. شاب مؤمن خلص إيمانه من كل شائبة، وتحررت نفسه من كل خوف .. شاب وطن نفسه على الصبر والتضحية، وثبت على طريق الحق، وأقبل على سلعة الله الغالية، وأخلص النية وربأ بنفسه أن يكون مع الغاوين.
وقضى الله سبحانه بأن يقع إسلام أسيراً في أيدي الأعداء الصهاينة، وذلك في 16/8/2002م .. أما والده الوقور، المؤمن الصابر، الذي لا يعرف اليأس، وإنما ينتظر إشراقة الفجر، فقد احتسب وصبر، ولما اشتد به الحنين إلى ولده الأسير، وإلى إخوانه من الشباب الذين دافعوا عن وطنهم وأمتهم، نظم قصيدة بعنوان "حصاد عُمْر" ضمنها نجاوى فكره، وذوب نفسه المحترقة، فكانت هذه القصيدة تعبيراً عن خلجات نفسه، وتصويراً لومضات مشاعره وصدق عاطفته .. يقول فيها:
منذا الذي تبكيه بعد فراقه؟ منذا الذي ابيضت له عينان؟!
منذا الذي ودعت بعد غيابه طيب الحياة، وعزة السلطان؟
منذا الذي قد غاب بعد رحيله صدق الوفاء، ومنهل الظمآن؟
منذا الذي يفديه كل مجاهد بالروح كي يبقى على الأزمان؟
هو أنت يا وطني، ومعقل عزتي هو أنت يا أقصى، وقلب كياني
كم من شهيد قد قضى من أجله كم من جريح خر كالبنيان
ومهجر حرم الحياة بأرضه ومشرد قد تاه في البلدان
كم من أسير راسف بقيوده قد خانه الأوغاد في الميدان
حمل الأمانة في الجهاد وإنه يبغي حياة للثرى الظمآن
وقال فيها:
أترى تعود إلي إسلام النهى ببشاشة الوجه الجميل الهاني؟
أتعود يا إسلام تروي سمعنا بندى الحديث وطرفة الشبان؟
أتعود تمسح بالحنان جراحنا أتعود تُبصر بدرك العينان
أتعود كل الذكريات حقيقة وتنير بالحب الجميل كياني
أنا بالسنين الغابرات مولّهٌ إذ أنتم في الحضن نبض جناني
أنا بالعهود الخاليات متيم والولد حولي، والحنين عناني
حتى قضى الديان أن نشقى بهم فأصابهم سهم الزمان الجاني
منذا سواك إلهنا يهب المنى منذا يخلصنا من العدوان
لاهُمَّ قد ماتت شهامة ساسة من مسلمين ويعرب الخذلان
لم يبق إلاك الرحيم فهب لنا نصراً يعز به ذوو الإيمان
وبعد مرور سنتين من اعتقال إسلام حكم عليه الصهاينة الحاقدون بالسجن تسعة مؤبدات وفوقها سبع سنين، وذلك في 13/8/2004م .. فنظم الوالد الحزين قصيدة بعنوان "إلى ولدي الحبيب إسلام" فجاءت تصويراً صادقاً لمشاعر أبوة، تنفذ إلى أعماق النفس مع يسر التعبير وجمال التصوير .. فكانت تصويراً لفترات حياة عاشها، ونبضات قلب سجلها،÷ وومضات عاطفية غمرته، وفاضت على كل أب عاش هذا الشعور .. وكانت تجربة قاسية خرجت به من حدود الذات إلى أبناء المجتمع الذي يعيش فيه .. فكأنه حين خاطب ابنه إسلام، ناصحاً ومرشداً ومسدداً، إنما خاطب كل ابن نيابة عن كل أب .. فقال:
أنا ما ولدتك، يا بني، لكي تعذب في السجون !!
أنا ما ولدتك، يا بني، لكي تزيد لي الشجون !!
أما ما غرست الورد في الأحشاء كي أجنيه شوكاً !!
أنا ما حييت العيش في البستان كي أحياه ضنكا !!
كيف الطيور تطير، يا ولدي، ولم تؤت الجناحا ؟
أنت الجناح، بني، للشيخ الذي لقى الجراحا !
من لي لمر العيش . يا إسلام؟ هل ألقاك شهدا ؟
من لي إذا هو هوج الرياح تهب؟ هل ألقاك سدا ؟
إني انتظرت شبابك الريان، يا إسلام، دهرا
كيما أرى في ورضك الأطيار تغريدا وذكرا
لكن ذا الحلم الجميل، مع الشروق تبخرا
يا أيها الحلم الجميل، ألا تعود مبشرا ؟!
أنا في انتظارك، فلتعد بدراً ينير لي الطريق !!
أنا في انتظارك، فلتكن حبل النجاة لذي الغريق !!
وإذا أراد الله أمراً لا مرد ولا هروب
نحن العباد، ورحمة الديان ترجوها القلوب !!
يا رب فرج كربنا ! وارحم إلهي، ضعفا
أحسن خلاص أحبة فهم منائر دربنا !! ولما سمح له بزيارة ولده إسلام لأول مرة في سجن جلبوع، يوم الأربعاء الأول من محرم 1426هـ الموافق 9/2/2005م، نظم له قصيدة قال فيها:
وأطل إطلال الربيع بوجهه الحسن الجميل
تتلألأ الأنوار فيه فلا غروب ولا أفول
ما هذه الأنوار تشرق رغم عدوان وبيل
هي شمس إسلام البطولة، شمس إيمان أصيل
هي شمس من قهر الظلام بدربه النكد الطويل
هي طلعة رقصت لها الأشواق في الحلم الجميل
وجه توضأ من عبير الذكر فاتضح الدليل
هذي سبيل الحق للأحرار لا تسمع لقيل
من رام عليين فليسلك كما سلك الرسول
أبُني، لا تحزن فهذا الكرب آخره ظليل
أبُني، لا ندري تقادير الإله ولا خيار ولا بديل
فلتصبرن على قضاء الله فالأجر جزيل
أبُني، إن عزّ اللقاء ففي النعيم لنا مقيل
فهناك نسعد باللقاء الحلو في كنف الجليل
لكنني أدعو الإله لقاءنا قبل الرحيل قصائد مختارة من شعره 1
إيه يا أقصى
المسجد الأقصى .. مسجد مبارك تشد إليه الرحال، فهو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين .. أرضه أرض رباط، قضى الله سبحانه وتعالى بتقديسها، وبارك فيها وفيما حولها .. هذا المسجد أكرمه الله تعالى بكرامات لم يكرمها مسجداً غيره ..
فمن صخرته الشماء عرج رسولنا صلى الله عليه وسلم إلى السماء، وعلى أرضه المباركة أمّ محمد صل الله عليه وسلم الأنبياء، وفي أروقة الأقصى وساحاته أقام الصحابة دروسهم وحلقاتهم لنشر الإسلام في بلاد الشام، ومن السنن الجليلة التي دأب الصحابة على القيام بها، الإكثار من زيارة الأقصى، والإهلال منه بعمرة ..
هذه الأرض المباركة تآمر عليها الأعداء على مر الأيام والسنين .. وفي عام 1967 وقع الأقصى أسيراً في يد اليهود، فعاثوا في حرمه الفساد، وقاموا بإحراقه، وأخذوا يتآمرون لهدم بنيانه لإقامة هيكلهم المزعوم ..
وكان للشعراء الإسلاميين دور محمود في الدفاع عن هذا الصرح المقدس، وإثارة الهمم لإنقاذه .. ومن هذا الدور قصيدة شاعرنا صالح التي نظمها في 21/5/1990م، بعنوان: "إيه يا أقصى"
أبيات القصيدة
إيه يا أقصى فما أقسى البليّة فنيوبُ الغدر ما أبقت بقيه
عجز الوحش عن البطش الذي مارسته طغمة الخصم الدنية
طغمة الكفر التي ما عرفت غير أحقاد على خير البرية
أرجعت عهد "هلاكو" لابساً كل زيف من خداع المدنية
زرعوها في فلسطين وهل يزرع المجرم إلا الهمجية؟
هم أقاموها على أشلائنا فتمزقنا، ومن غير هويه
سرطان هي في مقدسنا يبعث الهول وأطياف المنيه
آخذ في المد لا يوقفه أي طب في القصور العربيه
فقصور العرب غشاها الخنا فتباهت بهوان التبعيه
ملأت أيامها يا ويليها بفجور وفسوق الجاهليه
إن هذا الداء لا يحسمه غير طب يصنع النفس الأبيه
إنه القرآن يبني أمة تسحق الباطل والنفس الغويه
إنه القرآن يعلي راية لبني الإسلام في القدس الشجيه
فأجيبوا داعي الله لكي تصنعوا النصر وأمجاداً عليه
اسألوا التاريخ عن عزّ مضى فعلام اليوم ترضون الدنيه
فاخلعوا يا قوم، أثواب الخنا والبسوا للعز أثواباً نقيه
لا تكونوا من هوان وتداً لا تكونوا لبني الكفر مطيه
أيها الساسة من أمتنا طغمة الكفر، ذئاب بشريه
أنشَبُوا المخلب في أحشائنا ثم هاجوا برؤوس بربريه
خلت الساحة من معتصم يدفع المكروه عن طهر الزكيه
غير فتيان تنادوا للفداء وبأيديهم كتاب ووصيه
ليس في الجعبة إلا حجر تقذف الخصم به كف أبيه
فاسألوا غزة عن جيل الفدا في فلسطين وأرض مقدسيه
اسألوا كل بلادي عنهم فهم الراية في جيل القضيه
بذلوا الروح ليحيا شعبنا في ظلال العز والأرض السخيه
أيها الساسة من أمتنا هل سمعتم صرخة الأقصى العليه
إيه يا أقصى، فهل أسمعتهم شهقة الطفل على صدر الوفيه
إيه يا أقصى فهل حدثتهم عن ضحايانا وأجيال فتيه
إيه يا أقصى، فهل خبرتهم كيف قاد العلج للسجن صبيه
إيه يا أقصى، فهل أنبأتهم كيف ذاق الأهل ألوان المنيه
كم ألوف جرعوا كأس الردى بيد الأوغاد، أشرار البريه
وبيوت أخمدت أنفاسها بيد الإجرام، يا هول البليه
يا لها مجزرة قد صعقت كل راء بعيون الآدميه
أي صخر صنع القلب الذي رضي التمزيق للنفس الزكيه
أيها المجرم لن تنجو من قبضة الله وأبناء القضيه
لك يوم فيه تجني علقماً ونجازيك على قدر الرزيه
قصائد مختارة من شعره
2
تعلموا المجد من أحجار فتيان
المتتبع لحركة أمتنا عبر تاريخها الطويل يلاحظ أن قوتها الكامنة تظهر على شكل انفجارات عاصفة تعصف بحالات الوهن والإعياء، وتلقي عن كاهلها أشكال الظلم والاستبداد .. وهذه الميزة في الأمة الإسلامية لا تتوافر في غيرها لارتباطها بكتاب الله تعالى وقدرته المعجزة على بعث الحياة في موات النفوس ..
هذه القوة الكامنة ظهرت في أرض الإسراء والمعراج، عندما قامت الانتفاضة العارمة والثورة الشاملة التي شهدتها ساحة الصراع في أرضنا المباركة .. فكانت ثورة شاملة أيقظت النيام وحركت الغافلين، وهزت من نكصوا على أعقابهم وغدروا بالقضية .. هذه الثورة انطلقت من عرين غزة، وعلت صيحتها فوق صخرة القدس، وتأججت نارها في جبل النار، وثارت ثائرتها في مثلث الرعب، وعمت أرجاء فلسطين من أقصاها إلى أقصاها .. ثورة خطط لها العلماء، وقادها الشباب، وأشعل فتيلها الفتيان، وهتف لها الشيوخ، وزغردت لها النساء .. إنها عزيمة من عزمات الإيمان، وحالة من حالات النضج الجهادي الذي هو نوع من التجديد لشباب الأمة ..
وهذه القصيدة نظمها صالح جرار- ابن جبل النار- في 15/10/1988م، وجهها إلى فتيان الحجارة الذين فجروا هذه القوة ،وسطروا أسطورة المجد لأمتنا في هذا الزمان، وردوها إلى نهجها الأصيل، وقادوها نحو غايتها النبيلة.
أبيات القصيدة
تلفّت الدهر في زهوٍّ فحياني أنا المدافع عن ديني وأوطاني
وراح ينظر في سفر الخلود فما تبين الدهر فيه غير عنواني
عنواني القمة الشماء تعشقها كل النسور! فمن يرضى بقيعان
قد سطّر الدهر عنواني وزيّنه بهالة النور من آيات قرآن
حروفه من دم الأبطال قد كتبت هل يكتب المجد إلا بالدم القاني
يا من تؤرّخ أمجاد الشعوب ألا تلقي عصاك لدى ثورات بركاني
فالظلم فجر بركاني وأطلقه كيف السكوت على تحطيم أركاني
كم عشت في بلدي حراً بلا كدر أعانق النور في حقلي وبستاني
حتى أتت دول الطغيان تسلبني حق الحياة على أرضي وبلداني
وتدعي أنها للحق حارسة من ذا يصدق قول الظالم الجاني
فذي بلادي، بقهر الحق، قد سلبت وسلموها لشذّاذ وقرصان
يا ويلهم مزقوا أهلي وموطنهم والعرب لا هون في أكناف شيطان
هذي فلسطين نار البغي تُحرقُها أمالها نجدةٌ من غيث عدنان
عاد التتار ولكن لا أرى قطزاً هل أقفر العرب من راع لأوطاني
يا ليت معتصماً بالله تبلغه هذي النداءات من أمّ وفتيان
يا ليت فينا صلاح الدين ممتطياً خيل الجهاد لفك المسجد العاني
ما بال قومي قد سدوا مسامعهم وأغمضوا العين عن إنجاد إخوان
ما بالهم فقدوا ميراث نخوتهم فاستعذبوا العيش في ذل وطغيان
لا تدّعوا أن سيف البطش أفسدكم فدونكم في بلادي ألف برهان
هذي انتفاضة شعبي ذروة شمخت تربّع المجد أعلاها بسلطان
تلك البطولات في الأقصى وجيرته هلا رفعتم لها رايات عرفان
من ذا رأى الفتية الأبطال تدهمهم عصابة الهود من قاص ومن دان
مدججين سلاح الفتك تأكلهم نار من الحقد تشبو منذ أزمان
لكن فتيتنا الأبطال في همم مثل الجبال، فإن العزم رباني
فتياننا في حمى الرحمان ثورتهم شتان ما بين رحمان وشيطان
سلاحهم حجر من قدس أرضهم وساعدٌ قد نما في ظل إيمان
يا للحجارة ترميها سواعدهم فتستحيل كمقذوفات بركان
تناوبوا الرمي حتى كنت أحسبهم طيراً أبابيل ترمي جيش عدوان
هذا يلوح بالمقلاع منتظراً جمع اليهود فيرميهم بإتقان
وهذه المرأة من فوق منزلها تفاجىء الهود إن لاذوا بجدران
وذا فتى في زقاق الحي مرتقب بالمولوتوف لحرق الخصم والجاني
أين التفتّ رأيت الشعب منتفضاً مثل النسور !! فهل نسر كبغثان
هذي فلسطين قد ماجت مدائنها وذي قراها تبدت مثل طوفان
فسل "جنين" وسل شتى شوارعها كم من شهيد قضى في صد عدوان
وسائل القدس أقصاها وصخرتها وغزة الأم عن أمجاد شبان
وطف بنابلس واذكر بلاطتها كذا الخليل وما ضمته أوطاني
فيها العجائب يرويها لكم حجري فيها البطولات هزت كل طغيان
أحجارنا بجناح الحق نطلقها فأين من حقنا أهواء شيطان
أحجارنا بارك الرحمان رميتها ورمية الحق تعلو كل بهتان
فقل لمن يدّعي الأمجاد من عرب تعلموا المجد من أحجار فتيان
فحبذا المجد تبنيه سواعدنا وتعتلي فوقه رايات قرآن
قصائد مختارة من شعره
3
في ظل الحضارة الزائفة
إننا نعيش في زمن طغت فيه حضارة الغرب على حضارة الإسلام .. حضارة الغرب التي تعتمد المادة أساساً لقيمها، وتهتم بتغذية الجسد والنفس، وتنحرف بهما إلى المتع والشهوات .. أما حضارة الإسلام فتقوم على التوازن بين حاجات الروح والجسد والعقل،وتعتبر الطهارة، وتزكية الأنفس، وتهذيب الأخلاق أسساً رئيسية من قيمها ..
وشاعرنا صالح الذي عاش حياته معلماً ومربياً وموجهاً للشباب، كان له دور كبير في توجيه الأجيال التي درسها ورباها على الفضيلة وغرس فيها الأخلاق القويمة .. ومن توجيهاته الكريمة، هذه القصيدة التي نظمها في 14/1/1986م، لتنبيه المسلمين إلى شرور هذه الحضارة الزائفة ..
أبيات القصيدة
هذي الحضارة في أدنى معانيها تعطي الجسوم وتنسى جوهراً فيها !
تقيم للجسم سلطاناً وهيمنة وتنبري لعذاب الروح تشقيها!
وآزرتها نفوس ضلّ هاجسها فزينت في دهاء سوء حاديها!
وشقوة الناس، مذ كانوا، نفوسهم تؤُزُّ أجسادهم شراً فترديها!
بئس الحياة إذا كانت توجهها تلك النفوس، وقد نامت نواهيها!
فتستحيل حياة الناس مجزرة ويمخُرُ الشر في شتى نواحيها!
يا حسرتاه على الإنسان قد عميت منه البصيرة وامتدت غواشيها!
يعمى عن الرشد في القرآن وا أسفا!! ويبصر الغي في دنياه تنزيها!
سمى الفواحش فنّاً من سفاهته وراح يسفك طهر الغيد حاميها!
وأين ما كان من أخلاق مؤمننا يروي طهارتها التاريخ تنويها؟!
وأين أجنحة طرنا بها شهباً فدانت الأرض قاصيها ودانيها؟!
أين الأُلى حملوا القرآن في رشد فعمّ نورهم الدنيا وما فيها؟!
هم الأباة، ورب الكون أرسلهم ليغسلوا الأرض من أدران طاغيها!
شقوا الطريق، نور الله مرشدهم وسنة المصطفى تجلو خوافيها!
هذا قتيبة، شرق الأرض حرره! وطارق الفتح، أرض الغرب يهديها!
حتى استقام لهم ما شاء ربهم من الأمور!! تعالى الله مجريها!
فأين نحن من الماضي المجيد؟ وهل صنّا الأمانة؟ أم ضاعت غواليها؟!
خنا الأمانة والأخلاق وا أسفا!! فاجتاح دولتنا الإعصار منهيها!
لو غير القوم ما في النفس لانكشفت هذي المفاسد، وانجابت طواغيها!
وبدلوا بهبوط العيش أجنحة تسمو بأمتنا، والله راعيها!!
فبالصلاح يظل القوم في شمم!! وبالذنوب يذل الله جانيها!! المصادر والمراجع
6- ديوان شعر بعنوان "رحلة الأيام"، 1989م.
7- ديوان شعر بعنوان "جهاد وشهادة"، ص 1990م.
8- مجموعة شعرية مخطوطة، نشرها في عدد من الصحف.
9- رسالة شخصية من الشاعر إلى المؤلف في 4/8/1991م.
10- مجلة الأدب الإسلامي- العدد التاسع عشر 1419هـ.
ـــــــــ *من كتاب أدباء من جبل النار
[1] ) ديوان "رحلة الأيام"، ص 44. [2] ) ديوان مخطوط.
[3] ) ديوان "رحلة الأيام"، ص 88.
[4] ) ديوان "رحلة الأيام"، ص 102.
[5] ) ديوان "رحلة الأيام"، ص 24.
[6] ) ديوان "رحلة الأيام"، ص 9.
[7] ) ديوان "جهاد وشهادة"، ص 80.
[8] ) ديوان "جهاد وشهادة"، ص 24.
[9] ) ديوان "جهاد وشهادة"،ص 61-65.
[10] ) ديوان "جهاد وشهادة"، ص 8-13.
) مجلة الأدب الإسلامي- العدد التاسع عشر- 1419هـ، ص 96 وديوان "رحلة الأيام"، ص 19-23.
|
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| |
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: مشاهير فلسطين في العالم الجمعة 13 سبتمبر 2013, 10:35 pm | |
| تابع >>>>>
الشيخ/ سعيد بلال
الشيخ سعيد بلال .. داعية مجاهد، وأب فاضل .. أمضى سنوات عمره في تربية جيل من المجاهدين .. كان يزرع أشجاراً شامخة كقلعة تربض وسط بحر من المحن والآلام .. وينسج مع زوجته الفاضلة "أم بكر" فصول حكاية عائلته الصغيرة بصبرهما وثباتهما على الدرب .. فكانا رمزاً من رموز الصمود في أرض الوطن ..
وهذه القصائد الثلاث التي نقدمها تحكي قصة أسرة فلسطينية مجاهدة معطاءة .. دفعت فاتورة العزة والكرامة عن شعب أعزل لا يملك إلا الإيمان بقضيته العادلة .. أبت هذه الأسرى إلا أن تقدم أبناءها الخمسة أسرى في سبيل الله .. وأهدت الوطن أغلى ما تملك .. صقوراً أبية لا تعرف الانحناء إلا لله .. تلك هي عائلة الشيخ سعيد بلال .. التي رسمت أروع لوحة .. تخايلت في جنباتها ألوان التضحية والكفاح ..
وليس بغريب أن يقدم الشيخ سعيد أبناءه الخمسة .. فهو نفسه تعرض للسجن عام 1980م، وتعرض للعقوبات الصهيونية الحاقدة، كالإقامة الجبرية لفترات طويلة لأنه يربي الأجيال على المقاومة والفداء .. كما تعرضت مكتبة الشيخ للحرق والتدمير، وهذا ليس غريباً على من حرق المسجد الأقصى ومصاحف القرآن الكريم في المساجد. ولقد تشابكت قصة حياة هذه الأسرة الأدبية، ما بين اعتقال وآخر لأبنائها .. يخرج أحدهم ليدخل الآخر .. وكان الفصل الأول باعتقال الابن عثمان في عام 1993م. وكانت بداية المشوار له ولإخوانه .. وبعد خروجه من السجن تعرض لمحاولة اغتيال في منطقة دوار نابلس، نجا منها بأعجوبة، فكان القدر يخبئ له محنة أعظم .. الحياة خلف قضبان السجون .. وهو يمكث اليوم في سجن عسقلان بعد حكم عليه بالسجين المؤبد، وما زال مثالاً للبذل والعطاء .. وهو الابن البار بأمه الحنون "صانعة الرجال" .. يسطر بأنين قلبه رسائل الشوق والمحبة .. فقد كتب عثمان رسالة إلى والدته بعد أن استمع إلى صوتها الحنون في برنامج "رسائل الأهل إلى المعتقلين" والذي يبث عبر الإذاعة الفلسطينية، فكتب لها بتاريخ 17/10/1998م كلمات يقول فيها:
"إن حقك علي أكبر من كبير .. ولأني أصغر من أوفيك حقك .. أداري عجزي بالكلمات .. وأستر تقصيري بعبارات تمتزج آهات الشوق فتخرج حرى ... من قلب مكلوم .. أعيته آلام البعد وصلته نيران الحنين .. أذكتها دموعك وعبراتك الطاهرة التي طالما ترقرقت على شبك الزيارة البغيض فانسكبت على جراح القلب فأثارتها .. لتستجيش مشاعر ما كان لها أن تهدأ يوماً ..
أمي .. لا أجد أجمل من هذا الاسم أناديك به، ولا أعلم .. ولأنه من المستحيل حقاً أن تترجم كلماتي بعض مشاعري .. أترك قلمي يائساً!! غير أن صوتك الذي سمعته قبل قليل من المذياع .. كان في نبرته ما فضح دمعاً حاولت إخفاءه .. فاستحثت تلك النبرة قلمي أخط هذه الكلمات علها تسكن وجع القلب .. وما كان ذلك.
أمي .. هذه ضريبة العشق المقدس الذي أرضعتني إياه منذ لحظات عمري الأولى ... هي فاتورة الحب الأبدي الذي غرستيه على طول سنوات عمري .. أن ندفعها بلا دموع .. رائع أن نسمو فوق الجراح نضغط عليها ونبتسم .. عيوننا ترنو إلى الأفق .. ترقب الفجر .. وكلها أمل .. مع خالص الحب .. عثمان.
أما معاذ فهو معتقل في سجن نفحه الصحراوي ومحكوم عليه 26 مرة مؤبد بالإضافة إلى 25 عاماً و24 شهراً، كما جاء في حيثيات الحكم الجائر الذي أصدرته المحكمة العسكرية الصهيونية، وذلك لزرع اليأس في نفس كل من يقاوم المحتل .. ولكن أنى لمن انتهج الإيمان درباً وأنار قلبه أن ييأس .. فرغم الألم والمعاناة يبقى الصمود والثبات ..
وفي رسالة بعثها معاذ لوالدته بعد خروجه من زنازين الجلمة يزين التحري والإصرار كلماته فيقول فيها:
أما إني عائد فترقبي فالفجر آت لا محالة كالقدر
سيزول ليل الظالمين بأرضنا ويحل سلم البوادي والحضر
هذا بيان للأنام جميعهم من عند خالقهم فهل من مدكر
آيات ربي في الكتاب صريحة النصر وعد والجنان لم صبر
من وحي إيماني أخط رسالتي فاعقل أخي رسالتي ثم اصطبر
روحي تتوق إليكم أهل الوفا والروح تأبى أن تذل وتنحصر
إن اللقاء مؤكد لا تيأسوا واليأس مرتعه وخيم مستطر
كم قد سعدت بذكركم في خلوتي يا شطر قلبي إنكم أحلى قدر
وأما اعتقال علي الابن الأصغر للشيخ، فقد كان له الأثر الأكبر في زيادة معاناة الأسرة .. إذ لم يشفع له فقدانه للبصر وكونه كفيفاً عند الصهاينة الذين اعتقلوه وأصدروا عليه حكماً بالسجن مدة عشر سنوات .. والتهمة الموجهة إليه أنه أحد صانعي المتفجرات !! وكيف للكفيف أن يصنع المتفجرات ..
اعتقل علي بعد شهر واحد من زواجه .. حيث سعت الأسرة لتزويجه مبكراً عله يجد من يساعده في قضاء حوائجه .. ويزيل عنه هموم الوحدة مع فقدان البصر وغياب الإخوة في السجون .. وهو الآن يصارع الجلاد والمرض في سجن عسقلان حيث يعاني من مرض في المعدة ..
ورابع هؤلاء الصقور هو عمر الذي تعرض للاعتقال في عام 1995م .. وأعيد اعتقاله في عام 2003م .. ليكمل الطريق مع إخوانه خلف القضبان ..
ورغم المعاناة التي فرضها الاحتلال لتضاف إلى مرض الشيخ سعيد بالسرطان، والأم بأمراض القلب .. ووقوع بكر الابن الأكبر للشيخ في الأسر بتاريخ 15/10/2003م بعد أن ذاق عذابات السجون في سنوات سابقة .. وانتظاره حكماً كبيراً ظالماً .. لا يرى الشيخ سعيد في أسرته أمراً غريباً عن شأن الأسر الفلسطينية التي تدفع ضريبة المقاومة ورفض الاحتلال ..
وتبقى عائلة بلال صامدة رغم الأيام العاتية، والليالي الحالكة .. تمتهن فن العطاء .. وتنتظر أن يحين الميعاد لتلاقي الأرواح من جديد .. ويأتي أوان تجتمع فيه القلوب[6]..
ومنذ اعتقال أبناء الشيخ سعيد حرصت سلطات الاحتلال على حرمان والدهم ووالدتهم من رؤيتهم، وأصدرت المحكمة الصهيونية قراراً بمنع والديهم من زيارتهم جميعاً، ولم يسمح لهم بلقاء واحد طوال سنوات اعتقالهم ..
وخلال جلسات محاكمتهم، أظهر الأب والأم رباطة جأش أذهلت الحاضرين في قاعة المحكمة، وقابلت "أم بكر" التي باتت معروفة بـ "أم الأسرى" القاضي الصهيوني عندما قال لها: يجب أن أحرق دمك على أبنائك فهم "مخربون" .. فردت بابتسامة ساخرة وقالت: "هم فداء الوطن". ولم تظهر ضعفاً أمام قاض آخر قال لها عندما نطق بالحكم على الابن الأصغر عبادة: "لا يحق لأم مثلك أن يكون لديها أبناء مثلك يُكفّنونها عند الموت لأنك أنجبت خمسة "إرهابيين"، ودولة إسرائيل ستحرص على حرمانك من رؤيتهم لآخر لحظة في حياتك.
وقد صدرت على أبناء الشيخ سعيد "القساميين الأربعة" معاذ، وعثمان، وبكر، وعبادة، أحكام زادت على (700) عام بتهم تتراوح بين عضوية حركة حماس، وحيازة أسلحة، والتخطيط لعمليات استشهادية، وتنفيذ هجمات مسلحة ضد وقوات الاحتلال .. وكانت سلطات الاحتلال قد أفرجت عن شقيقهم الخامس عمر ..
وقبل وفاة الشيخ سعيد بأشهر قليلة سمحوا له بزيارة أبنائه ورؤيتهم لعدة دقائق .. وفي أجواء مؤثرة، ضم الشيخ أبناءه الأربعة المعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي إلى صدره لأول مرة منذ عشر سنوات كان خلالها ممنوعاً هو ووالدتهم من زيارتهم بقرار من سلطات الاحتلال، لتحقق الأمل الذي عاش سنين طويلة ينتظر تحقيقه.
وقد وافقت سلطات الاحتلال على طلب محامي الشيخ، التقاط صورة له مع اثنين من أولاده وهم داخل المعتقل، فيما لم يسمح لوالدتهم بالاقتراب منهم واكتفت برؤيتهم من خلف الشبك والقضبان حيث رد مسؤولوا السجن على طلب المحامي السماح للأم بتقبيل أولادها الذين لم تراهم منذ عشر سنين بالقول:
" إن أمامها أربعة شهور أخرى حتى تبلغ الستين وبعدها ربما يسمح لها بذلك"[7].
ونختِمُ هذه المقدمة بأبيات شعر صادقة تنبض من قلب مفعم بالإيمان يحملها الوالد إلى فلذات كبده .. أبنائه الخمسة، فيقول:
نجم خماسي أضاء بلادي بسهولها وجبالها والوادي
هذا علي أو عبادة إنه من أكرم الأشبال والآساد
رغب الرجولة مركباً يعلو به آماله تسمو إلى استشهاد
عثمان قدوته وقدوة غيره لا ينحني من سطوة الجلاد
ومعاذ لا يخشى لقاء عدوّه بل مغرم بالطعن في الأكباد
عمر لعمري قائد لرفاقه قد ساسهم في حكمة وسداد
ومثابر لا ينثني عن عزمه وعن الطريق وكثرة الإجهاد
سل في مُجدٍّ وكيف كان صموده تعرفه من خصم ومن أنداد
لا تعجبوا فأخوهم بكر الذي جعلوه مسؤولاً عن الإعداد
فأعد جيلاً من شباب محمد سيواجه الأعداء يوم جهاد
وفي عام 1995 توجه الشيخ سعيد وزوجته "أم بكر" إلى عمان في رحلة علاج .. وكان اثنان من أبنائهما في المعتقل .. وفي فترة العلاج التي قضياها في عمان قامت السلطات الإسرائيلية باقتحام بيتهم في نابلس واعتقلت اثنين آخرين، فصار في المعتقل أربعة من الأبناء .. وبقي الخامس "الضرير" لوحده في البيت .. وكان اليهود قد قرروا هدم البيت ..
ولما عاد الشيخ وزوجته إلى نابلس نظم قصيدة بعنوان: "معاناة .. وأمل (1)"، يخاطب فيها زوجته في بيتهم، ويذكر فيها أحوالهم في الفترة الماضية، والأحوال التي صاروا إليها فيما تبعها من أيام .. ثم قصيدة ثانية بنفس العنوان .. فإلى القصيدتين:
أبيات القصيدة الأولى
معاناة وأمل -1-
يا شعر أنت عصارة الوجدان ورسالة التاريخ للأزمان
وهدية الإنسان من إبداعه وجمال حكمته إلى الإنسان
يا شعر هل أرخت عن أخبارنا هلا رسمت بريشة الفنان
صوراً عن الأجرام في حاراتنا وممارسات الظلم والطغيان
فأجابني الشعر الحزين بلهفة يا صاح اسمع منطق الخرسان
قد أنطقتهم شدة الظلم الذي قد جاوز الجلمود بالصوان
ملئت جبال القدس باستيطانهم لم تنتفع من كثرة التيجان
قد كان فوج واحد يكفي لها لو كان فوج كتائب الإيمان
ووقفت مشدوهاً وقلبي فارغ ومشتت الأفكار والأذهان
فالبيت كان يضاء من أبنائه نعم الشباب الغض كالريحان
ضاقت بهم جنباته في بهجة والبيت كان كحبة الرمان
والأم تفخر إذ ترى أنجالها هم خمسة من خيرة الشبان
قل أربع ولهم أُخيٌّ خامس قد زاد بلوى ضعفه عينان
عالجتها حتى يئست من الشفا قال الطبيب دعوه للمنان
هو طالب متفوق بذكائه نال الرضى ومحبة الأقران
قال الفتى دعني أعيش مسالماً في أسرتي وتلاوة القرآن
حمداً لربي إذ أصبت بناظري لكن تعويض الإله أتاني
هم قوتي هم عزوتي هم ناظري هم كل شيء إنهم إخواني
فارقتهم بل أبعدوا في قسوة والدمع من عيني أحمر قاني
من لي سواهم غير شيخ صابر والأم عانق حزنها أحزاني
يا لائماً ضعفي وقلة حيلتي وتدفقاً للدمع من أجفاني
أتلومني بعد الذي عانيته بمرارة ما كان بالحسبان
رباه خذني فالحياة مريرة رباه عفوك هدمت أركاني
لا (بكر) يأخذ في يدي إن أظلمت سبل الحياة ولا (معاذ) رعاني
(عمر) يساق مكبل يا حسرتي لا أرتجي الإسعاف من (عثمان)
أبتاه هل إن مت أحظى باللقا من إخوتي في جنة الرضوان
مهلاً بني فهذه أوهامكم ووساوس توحى من الشيطان
لا تنس أن الله عدل دائم واهدأ بني فيسرنا رباني
إن ضاقت الدنيا فقل يا خالقي رحماك يا ذا الجود والإحسان
رزق الإله مقدر لعباده سبحانك اللهم من نقصان
حاولت عيني أن تجود بدمعة لكن دمعي في الخطوب عصاني
يا شعر إنك دمعتي في محنتي وذخيرتي المثلى لدى الأشجان
فلجأت للشعر المرير أصوغه ألم الشجيّ يصاغ من ألحاني
يا شعر تلك بداية لحكايتي هلا شهدت بداية الطوفان
قد ضاق بحر الشعر في أحزاننا فافتح إلى الطوفان بحراً ثان
أبيات القصيدة الثانية
معاناة ... وأمل
-2-
يا أم غفران سوء الحال أعياني هاتي القراطيس أطليها بأشجان
يمناك تحضن بدراً دونه سحب سوداء تخفي جمالاً فيك رباني
لا تطرقي هكذا والرأس مسدلة كفاك صمتاً فقد هيجت أحزاني
يا أخت علان هل أرضعتم لبناً أم أرضعوا معه آيات قرآن
يا أم أربعة كنا نداعبهم كانت لنا معهم ساعات رضوان
في كل أمسية كانت سعادتهم إذ كان مطلبهم ألعاب صبيان
كنا نوفرها إذ كان قيمتها في سوق حارتنا قرش وقرشان
قد زادني الله من خير ومن نعم فضل الإله لعمري دائم داني
لكن مهبط وحي الله محتجز مسرى النبي وأيم الله أبكاني
هذا المكان له قدسية فرضت فكان من حقدهم حرق بنيران
قد أشعلوا النار في الأقصى وما فتئوا تخطيطهم دائماً تتبير بنياني
هدم البيوت وقتل في مرابعنا مستوطن غاصب في أرضنا راني
هذي حقوقي في أرضي قد اغتصبت يراد مني فوق الأرض فداني
وإن تألمت من أفعالهم غضبت كل العواصم كل الكفر عاداني
هذي الحقيقة قولي لست مفترياً هلا يليق بنا أن نكرم الجاني؟!
قال الشباب ألا أماه يا أبتي لا أرتضي ترفاً فالله ناداني
هيا اتركوني فمر العيش أطيب لي هل تألمون وعين الله ترعاني ؟!
ومن أراد لقاء الله يتبعني فقد عرفت طريقي نحو رحمان
هذي الحياة بذلك لا تليق بنا فالموت أكرم في ساحات ميدان
ربيتماني على حب الجهاد فتى لما بلغت أشدّي لا تلوماني
وكفكفوا الدمع فالدنيا مطلقتي وجنة الخلد بعد اليوم عنواني
أنا الشهيد وإن لم ينتهي أجلي فالسجن والقبر يا أماه صنوان
لست الوحيد فعندي ناصر وكفى عندي الرجال أسود خلف قضبان
نحن انتصرنا على الدنيا وزينتها فلا مجال لذل أو لخذلان
كلا بني فلا يأس ولا جزع فالله يحفظكم يا خير ولدان
لئن تغيب يا أبناء واحدكم هابين أظهرنا آلاف عثمان
قد غاب يوسف عن يعقوب فانتبهوا كي لا يكرر مكر القوم من ثان
بئر معطلة ألقوا الغلام بها وليبك والدهم، تبيض عينان
فالذئب متهم في سوء فعلتهم دم الأكاذيب مخلوط بقمصان
دار الزمان فصاروا ركعاً لأخ قالوا تفتت في أمعاء ذؤبان
الغدر طبعهم والذل ديدنهم سوء تآمرهم في كل أحيان
غيابت الجب ضجت من مكائدهم وقال يوسف لا تثريب إخواني
يا صبر يعقوب ما زلنا نلوذ به وصبر يوسف ممزوج بإحسان
مليار عبد ولا ترجى شفاعتهم قد فرقوهم لغسان وعدنان
عاد التتار وهولاكو يقودهم أين الجحافل من نجد لعمّان
يا مصر يا شام يا أتراك يا عرب ندعو لوحدة نيجيري وأفغاني
الغرب فرقنا والحق وحدنا فالقدس موعدنا في ظل إيمان
أين الخليفة يحيي مجد أمتنا فيحزم الأمر طاجيك وسوداني
هذي مواعظ إيمان توحدنا فجددوا العهد يا أبناء قرآن
هذي مواعظ إيمان تثبتنا فجددوا العزم يا إخوان عثمان أبيات القصيدة الثالثة:
-3-
معاذ .. ابن الشيخ سعيد بلال، خريج كلية الشريعة من جامعة النجاح الوطنية بنابلس .. محكوم عليه في سجون الاحتلال الصهيوني بالسجن 26 مؤبد + 25 سنة + 24 شهر. هذا الحكم كما صدر من المحكمة العسكرية الصهيونية ..
كتب إلى والده رسالة من سجن عسقلان في ثلاثة أبيات من الشعر، فأجابه شعراً بنفس الوزن والقافية- وذلك بعد الحرمان من زيارته لأربع سنوات- وأرسل القصيدة إلى السجن في الشهر السابع من سنة 2000 ميلادية.
الرسالة
أبتاه نهجك في الحياة حياتي نهجي بدين الله بالآيات
أبتاه عهدك لا يزال مقدساً سأظل حراً أو يكون مماتي
القلب يا أبتاه حي نابض رغم الدموع وشدة الزفرات
وقال بعد الأبيات الثلاثة: وبعد .. فهذه كلمات حرى خرجت من فؤاد اشتعل شوقاً لك والدي وأخي وشيخي وقدوتي .. فحق لمن كان له أب مثلك أن يفخر بأبيه .. فوالله إني لأحبك حباً لا أخال أحداً يحبه إياك قدري ..
ليست مجاملة ابن لأبيه .. ولكنها همسات صدق من شفتي قلبي .. آه يا أبتي الحبيب لكم أتحرق شوقاً للحديث إليك والسماع منك فكم أنا بحاجة إليك أكثر من أي وقت مضى .. وقد أكون أبتاه قد زدت إيلامكم ألماً على ألم عثمان ولكنها ضريبة الجهاد وقدر الله في التمحيص .. والله إني أرى يوم العودة بدت تباشيره تبدو خلف الأفق .. ولتعلمن نبأه بعد حين، مع تحيات ابنكم وتلميذكم البار .. معاذ.
الجواب
نهجي عظيم مثل فرض صلاتي نهجي بدين الله بالآيات
نهجي على درب النبي وصحبه سأصونه حتى تذوب وفاتي
عهدي مع الحسنين[8] أقدس بيعة طوبى لها من دعوة ودعاة
سأظل أعطي ما حييت لدعوتي روحي وعقلي أطلب الحسنات
عاهدت ماء الرافدين بأنني مثليهما المعطاء للخيرات
نرجو الثواب من الإله وغيرنا أموالهم تربو من السرقات
حوباً كبيراً يملؤون بطونهم لا يتقون الله في الشهوات
تلك المكاسب زائلات كلها مال اليتامى مفسد الغايات
يا أهل سامراء[9] أين صفاؤكم بل أين دمع العين في الصلوات
غسلوا قلوبهم بفيض دموعهم زلفى إلى الرحمن في الظلمات
كانت دموع الساجدين لربهم تحيي القلوب وتمسح الزلات
كان التراحم والمودة بيننا وكأننا جسد وحيد الذات
إن شيك منه خلية مرضت لها كل الخلايا تصدر الآهات
وتهب مسرعة لنجدة أختها لا تخش من ظلم وجيش عداة
غادرت بغداد الأحبة راغباً لأعيش في بلدي وفي حاراتي
وسألت في عمان أين أحبتي فوجدت ينبوعاً بأرض فلاة
فجماعة الإخوان هذي دارهم هذي بيارقهم على الشرفات
كانوا رجالاً كنت فرداً منهم كنا نحس الحب في النظرات
رحماء فيما بيننا لكننا كنا شداداً للكفور العاتي
الرعب مقذوف بقلب عدونا مع قلة التعداد والآلات
لكن إخلاصاً تجرد أهله وتجملوا بأخوة وثبات
المؤمنون الصابرون على الأذى والقائمون بأكرم الدعوات
هي دعوة الإخوان قد نادى بها (حسن البناء) بجمعه اللبنات
كتبوا رسائله بدمع عيونهم أقلامهم عزت على الكلمات
الله غايتنا وهل من قدوة غير الرسول الرحمة المهداة ؟!
دستورنا القرآن يحكم أمة بالعدل لا ظلماً ووأد بنات
أما الجهاد سبيلنا للفوز في عدل يفند شرعة الغابات
هدف لحسنى آملين بلوغه أو بالشهادة نبلغ الجنات
هذي مبادئنا عليها عهدنا والناس بين تثاؤب وسبات
طول الطريق أكل بعض شبابنا فتوزعت أهدافهم لشتات
قلنا لهم مهلاً ولا تتعجلوا وترقبوا إشعاع فجر آت
لسنا فصيلاً مثلما رغبوا لنا أو هيئة تدعى مع الهيئات
ما نحن إلا نبتة شرعية نرضي الإله ونرفع الهامات
والنبت يسمو للعلا بفروعه بلغ السماء ورتل الآيات
كلا ورب البيت لا نرضى سوى نهج الجماعة مصدر الرحمات
نهج الأئمة واضح ومدوّن قد سطروه بأوضح الصفحات
هي صبغة الرحمن عدل كامل وردت مع الإنجيل والتوراة
عاش النصارى واليهود بأرضنا براً وقسطاً دونما ثغرات
حكموا فساد ... فسادهم في موطني فتخيروا التقتيل والثروات
وتغطرسوا وتآمروا كي يطمسوا اسماً وأعلاماً لخير هداة
واسم الجماعة قائم لا يختفي وبحفظه فيض من البركات
واعلم بأن الله بالغ أمره لا بد للفرسان من كبوات
لكن صبر العارفين بربهم يسعفهم بعد الأذى بنجاة
فاصبر لعل الله يجعل مخرجاً وادعو الإله يفرج الكربات
والصبر مرٌّ يا بني مذاقه لكنه من أعظم القربات
عند الإله ثوابه يجزى به وفوق الذي يجزى على الطاعات
وارجع لسورة يوسف الصديق في آيات سورته كثير عظات
فالسجن كان طريقه لكرامة ما كان يبلغها بلا عقبات
يا فلذة من كبد شيخ صابر وأميمة صنو الصحابيات
هذا أبوك مصابه مثل الذي لاقاه يعقوب من المحنات
لله يشكو ما اعتراه من النوى ومع الأحبة دائم البسمات
ولداه غابا فاستدار لربه يشكو يبث الحزن في الخلوات
يعقوب كان بصبره متفائلاً فاستبدل المحنات بالمنحات
أعظم بها من محنة يعلو بها الصبار عند الله في الدرجات
وأرى بعين بصيرتي قرب اللقا لا أدعي علماً لغيبيات
لا تعجبوا إن قلت أقسم أنني أشتم ريحكما مع النسمات
فأقول يا رباه عجل في اللقا نصفي سجين يصدر الأنات
أما بقاياي التي هي حرة فالأمن يمنعها من الحركات
ولنا التجول في حدود مدينة وعلى حواجزها نرى الويلات
نصف وراء الشمس يجتر الأسى ونظيره يتجرع الحسرات
وشعارنا القرآن فاستمسك به نستبدل الحسرات بالفرحات المصادر والمراجع
1- جريدة السبيل- العدد 614، في 18/10/2005م.
2- جريدة السبيل- العدد 615، في 25/10/2005م.
3- مجلة نفحة- العدد الثاني، إصدار جمعية أنصار السجين في فلسطين.
4- مقابلة مع الشيخ حامد البيتاوي في عمان بتاريخ 20/2/2007م.
5- مقابلة مع السيد حكم الكيلاني في عمان في أوائل الشهر الثاني 2007م.
6- الشيخ نظمي حجة: كلمة بعنوان "دمعة وداع" في 21/10/2005م.
7- ديوان للشاعر مخطوط.
ــــــــــــــ * من كتاب أدباء من جبل النار
[1] ) مقابلة مع الشيخ حامد البتاوي في عمان بتاريخ 20/2/2007. [2] ) السبيل- العدد 615 في 25/10/2005م.
[3] ) مقابلة مع السيد / حكم الكيلاني في عمان في أوائل الشهر الثاني 2007م.
[4] ) ديوان للشاعر مخطوط.
[5] ) ديوان للشاعر مخطوط.
[6] ) مجلة نفحة- جمعية أنصار السجين- العدد الثاني، ص 70-72.
[7] ) السبيل- العدد 614، في 18 تشرين أول 2005.
[8] ) الإمام الشهيد حسن البنا والإمام حسن الهضيبي.
[9] ) تعرفت على دعوة الإخوان في سامراء وعشت معهم ثلاث سنوات هي أجمل أيام عمري.
عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الجمعة 13 سبتمبر 2013, 10:41 pm عدل 1 مرات |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: مشاهير فلسطين في العالم الجمعة 13 سبتمبر 2013, 10:39 pm | |
| الدكتور كمال رشيد (1360هـ، 1941م)
الدكتور كمال رشيد .. أديب إسلامي معاصر .. كاتب وصحفي وشاعر .. ومربٍّ فاضل، له دور كبير في تربية الشباب والناشئين وتوجيههم .. وله تجارب ناجحة في مجال الشعر والصحافة والتربية وأدب الأطفال.
وهو من الأدباء الذين حملوا هم القضية الفلسطينية بوصفها قضيتهم وقضية الأمة العربية والإسلامية .. وأحد الوجوه الأدبية والفكرية في الساحة الأردنية.
حياته ودراسته:
ولد الأديب كمال عبد الرحيم رشيد عام 1941م في قرية الخيرية إحدى ضواحي مدينة يافا بفلسطين .. وفي أحضان ساحل يافا الجميل وبيارات البرتقال المعطاءة عاش طفولته المبكرة في أسرة كريمة محافظة متدينة .. وما كاد يبلغ السابعة من عمره حتى وقعت النكبة الكبرى في فلسطين عام 1948م، واحتل اليهود مدينة يافا وما حولها .. وارتحل كمال مع أسرته إلى قرية بديا بمنطقة نابلس ودرس بمدرسة بديا من الصف الأول الابتدائي حتى الصف السابع.
ولما ضاقت بهم الحياة لقلة الموارد هاجرت الأسرة إلى مدينة نابلس، وسكنت مخيم عين الماء (1956-1967) .. ودرس كمال المرحلة الثانوية في مدرسة الجاحظ، وتخرج فيها .. وفي تلك الفترة اتصل بالحركة الإسلامية في نابلس وشارك في نشاط طلابها ..
ومع أنه بدأ العمل معلماً في مدارس مدينة طولكرم، إلا أن طموحه للعلم دفعه لمواصلة الدراسة الجامعية، فدرس في كلية الآداب بجامعة دمشق، وحصل على البكالوريس في اللغة العربية عام 1969م. ولما ذهب إلى دولة المغرب العربي للتدريس بمدارسها، درس في جامعة محمد الخامس بالرباط وحصل على شهادة الماجستير في علوم اللغة العربية وآدابها في عام 1979م. ولما عاد إلى عمان للعمل في إدارة المناهج، واصل دراسته العليا في الجامعة الأردنية حصل على الدكتوراه في علوم اللغة العربية وآدابها العربية وآدابها في عام 1996 بتقدير ممتاز، وكان موضوع الرسالة التي قدمها "الترادف في القرآن الكريم".
أما الدراسات والدورات العلمية والعملية التي اكتسبها في أثناء عمله بإدارة المناهج فهي:
- دورة في إعداد البرامج التعليمية في الإذاعة المدرسية/ مركز CEDO لندن 1973م.
- دورة تحرير الكتب المدرسية والمواد التعليمية / جامعة لندن 1988م.
- دورة لزيارة دور النشر البريطانية الكبرى (لونجمان- أكسفورد- هاينمان) 1989م .. وكانت هذه الدراسة بالتعاون بين وزارة التربية والتعليم الأردنية والمجلس الثقافي البريطاني في عمان ..
حياته العلمية
عمل الدكتور كمال رشيد بعد تخرجه من الثانوية العامة معلماً في مدينة طولكرم عام 1962م، في مدرسة الخالدية ثم في المدرسة العمرية .. وفي عام 1964م أعير معلماً للجزائر، وفي تلك السنة أصيب بكسر في رجله ودخل مستشفى الجامعة .. وفي المستشفى نظم عدداً من القصائد، ولكنها ضاعت منه .. وفي عام 1965م عاد من الجزائر إلى نابلس، وعمل معلماً في قرية "بيتا".
ولما حدثت النكبة الثانية عام 1967م، ووقعت الضفة الغربية فريسة للاحتلال الإسرائيلي، هاجر كمال إلى عمان وعمل معلماً في المدرسة المأمونية، وفي عام 1968نقل إلى مديرية المناهج عضواً لمبحث اللغة العربية. وفي عام 1975م أعير إلى المغرب العربي وعمل معلماً في الدار البيضاء، وعاد إلى عمان 1979م، بإدارة المناهج رئيساً لقسم الكتب المدرسية، ثم رئيساً لقسم التحرير، وقسم الإذاعة المدرسية.
ومن الأعمال التي قام بها في أثناء عمله بإدارة المناهج:
- كان عضو الفريق الوطني لتأليف كتب اللغة العربية.
- رئيس اللجنة الأردنية المحلية لمشروع "الرصيد اللغوي" التابع للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم.
- ممثل الأردن في لجنة البرامج التعليمية الموجهة للطلبة العرب في الأرض المحتلة التابعة للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم.
- فحص عدد من الكتب المدرسية لغوياً وتحريرها وإجازتها.
- تقويم الكتب المقترح اقتناؤها لمكتبات مدارس وزارة التربية.
- تمثيل الأردن في عدد من المؤتمرات التربوية واللغوية والتعليمية.
وانتهى عمل الدكتور كمال في إدارة الناهج في عام 1991م حيث أحيل على التقاعد.
وفي عام 1992م عمل رئيساً لتحرير صحيفة الرباط الإسلامية الناطقة باسم الحركة الإسلامية في الأردن، لمدة عامين.
وفي عام 1994م عمل في جامعة الزرقاء الأهلية (سنة التأسيس) مديراً للعلاقات العامة، وعضو هيئة التدريس لتدريس اللغة العربية لغير الناطقين لها.
وفي عام 1995م عمل مديراً عاماً للمدارس العمرية في عمان، وما زال على رأس عمله يمارس نشاطه التربوي والأدبي، ويوجه الأجيال وجهة سليمة تفيد الأمة والوطن.
نشاطه
لقد حفلت حياة أديبنا كمال بنشاطات متنوعة كثيرة، وفي مجالات متعددة من مجالات العمل التربوي والديني والأدبي والإعلامي.. فهو مؤلف وشاعر وباحث، وكاتب صحفي، وكاتب إذاعي، وكاتب للأطفال.. فمن أنشطته:
- إعداد وتقديم برامج دينية من إذاعة عمان لسنوات طويلة.
- إعداد وتقديم (30 حلقة) من برنامج ديني في إذاعة الكويت 1985م.
- إعداد مسلسل من عدة حلقات في إذاعة عمان (أشواق في المحراب).
- إعداد مسلسل من عدة حلقات لعدة سنوات لإذاعة عمان بعنوان: "الأسرة السعيدة".. تمثيليات اجتماعية.
- إعداد برامج تعليمية للمناهج الأردنية في مبحث اللغة العربية في إذاعة عمان.
- إعداد وتقديم برامج تلفازية تعليمية لمبحث اللغة العربية / التلفاز الأردني.
- كاتب صحفي في جريدة الدستور منذ عام 1997م.
- مشارك في ندوات فكرية وأمسيات شعرية مختلفة.
- مشارك في مهرجان المربد الشعري عام 1987م.
- محاضر في كليات المجتمع، وفي دورات المعلمين.
وللدكتور كمال ارتباط بعدد من الهيئات والجمعيات:
فهو عضو برابطة الأدب الإسلامي العالمية، وعضو برابطة الكتاب الأردنيين. وعضو في اتحاد الكتاب الأردنيين، وعضو في جمعية الدراسات والبحوث الإسلامية/ الأردن. وعضو المعهد العالمي للفكر الإسلامي، وعضو الجمعية الوطنية لرعاية الطفل / الأردن. وعضو الجمعية الأردنية للوقاية من حوادث الطرق، وعضو جمعية مكافحة التدخين، وعضو جمعية العفاف.
إنتاجه الأدبي:
1- ديوان "شدو الغرباء" – الجمعية العلمية للطباعة والنشر، عمان، 1983م.
2- ديوان "عيون في الظلام" – مكتبة المنار، الزرقاء، 1984م.
3- ديوان "القدس في العيون" دار الوفاء، المنصورة بمصر، 1990م.
4- ديوان "نسائم الوطن" –دار بلال، عمان، 1997م.
5- أشواق في المحراب – دار البشير، عمان، 1985م.
6- تأملات في السنة – دار البيرق، عمان، 1988م.
7- مجالس الإيمان- دار عمار، عمان، 1984م.
8- الزمن النحوي في اللغة العربية .. وهو في أصله رسالة ماجستير، ويطبع حالياً بدعم من وزارة الثقافة في هذا العام 2007م.
كتب للأطفال:
1- أناشيدي (جزءان) دار الفرقان، عمان، 1983م.
2- الخطأ والصواب.. في الصحة- الجمعية العلمية ودار عمار، 1984م.
3- الخطأ والصواب في السلوك- الجمعية العلمية ودار عمار، 1984م.
4- الخطأ والصواب في المرور- الجمعية الأردنية للوقاية من حوادث الطرق 2005م.
5- أقوال ومواقف- دار بلال، 1990م.
6- أشياء تنفعنا وتضرّنا- دار بلال، 2007م.
7- أخلاق إسلامية- دار عمار، 1990م.
8- عادات حميدة- دار بلال، 1990م.
9- سليم في المزرعة وقصص أخرى- دار عمار، 1990م.
10- أبو خليل والحلم الجميل –جامعة الإمام محمد بن سعود، 1992م.
11- في المسجد- جامعة الإمام محمد بن سعود، 1992م.
12- نحب هؤلاء (جزءان)- جامعة الإمام محمد بن سعود، 1992م.
13- أميّز بين الأشياء.
14- عشر قصص للأطفال.
وقد تناول أدب الدكتور كمال عدد من النقاد والأدباء، منهم الدكتور عماد الدين خليل، والدكتور محمود إبراهيم، والدكتور مأمون جرار، والدكتور عدنان حسونة، والأستاذ محمد صالح حمزة .. ومن هؤلاء من قدم وعرف بدواوينه الشعرية، ومنهم من كتب عنه في الكتب الأدبية، ومنهم من كتب في الصحف.
تجربته مع أدب الأطفال:
الأطفال في حياتنا أمانة في أعناقنا، فلا بد من إعطاء هذه الأمانة حقها.. وجميل أن يكون لنا أبناء فهم زينة الحياة، وأجمل منه أن يكونوا واعين مدركين، فلا يعيشون في معزل أو يتفتحون على شر.. فهؤلاء الأبناء فلذات أكبادنا، والواجب أن ننمي شخصياتهم، ونقوي مداركهم، ونثقف عقولهم، ونغرس فيها المفيد النافع، فالطفل عجينة تتكيف، وهو يأخذ المثل والخلق والأفكار مما يقرأ ويسمع .. فلا بد من تدريبهم على الحياة، وتلقينهم دروسها، واتباع الأساليب العلمية والتربوية المبنية على الخبرة والتجربة ..
ومن التجارب المفيدة في هذا المجال تجربة الدكتور المربي كمال رشيد التي بدأت في فترة مبكرة من حياته.. فبعد النكبة الثانية عام 1967م كانت هجرته من نابلس إلى عمان .. وفي عمان استكمل تكوينه النفسي والعلمي، وفيها توالت قصائده ودواوينه وأناشيده وكتبه، طباعة ونشراً وتوزيعاً.
وكان لمديرية المناهج التي عمل بها قرابة عشرين عاماً فضل كبير عليه .. فهي التي مكنته من الاطلاع على مناهج الدول العربية وكتبها المدرسية، كما بين له هذا الاطلاع افتقارها جميعاً إلى الكتابة في أدب الأطفال.
ومن فضلها عليه أيضاً أن عدداً من قصائده وأناشيده أخذت موقعها في الكتب المدرسية المقررة في الأردن، وأن عدداً من الدول العربية أخذ عنها، مثل الكويت والإمارات العربية.
وفي عمان عمل في قسم اللغة العربية في جامعة الزرقاء الأهلية، حيث العيش مع المكتبة والكتب والأساتذة والطلبة .. ثم عمل مديراً عاماً للمدارس العمرية، ومع أنه عمل إداري إلا أنه أيضاً عمل فني يتعامل مع المناهج والكتب الدراسية كما يتعامل مع الطلبة والمعلمين.
وكان لكثرة الترحال والتنقل، وتعدد الوظائف المتصلة بالكلمة والأدب والطفل، والتعليم، والمناهج، والصحافة، والعمل الجامعي والإدارة المدرسية .. كلها كانت محطات أثرت وأغنت وصقلت وهذبت تجربته.
وقد وضح لنا الدكتور كمال تجربته في موضوع "أدب الطفل ولغته" في نقاط فقال[1]:
أولاً: لقد تأخر ركب أدب الأطفال قياساً مع فنون الأدب الأخرى وغاب نقاده، وزهد فيه كثير من القادرين .. وهذا التأخير والنقص كان في الكم وفي النوع، فكتّاب الأطفال قليلون .. هذا مع أن المصلحة الوطنية والتربوية وكذلك المصلحة المادية التجارية تقتضي الاهتمام بأدب الصغار قبل أدب الكبار ليكون البناء متدرجاً .. وكذلك لأن مساحة انتشار أدب الصغار في الأصل أوسع وأشمل، فكتاب الأطفال يمكن أن يطبع ويباع بعشرات الآلاف من النسخ، بينما لا يزيد كتاب أدب الكبار عن الألف والألفين والثلاثة.
ثانياً: إن البيوت والمدارس والسارح وبرامج الأطفال ومجلات الأطفال بحاجة مستمرة لأدب الصغار لملء الفراغ في كل من هذه. وإذ نذكر هذا فإننا نحمد الله أن أدب الأطفال كثر واتسع وانتشر في السنوات الأخيرة، لوجود هذه المؤسسات وللاهتمام العالمي بالطفل وما تبع ذلك من اهتمام الدول ومنها الأردن .. كما جد جديد هو برامج الأطفال في الفضائيات، وهذه تقول هل من مزيد ..
ثالثاً: إن كثيراً مما ينسب لأدب الأطفال لا يستجيب لحاجات الطفل ولا يراعي اهتماماته ولا يدفع إلى سرعة الالتقاط أو الحفظ والتغني .. وإن كثرة النشر لهذا الكتاب أو ذاك لا يقوم دائماً على الجودة.
رابعاً: إن لأدب الطفل خصوصية غير أدب الكبار، مثال ذلك أن الشعر غير النشيد، وليس كل شاعر جيد قادراً على كتابة الأنشودة التي تشد الطفل وتسعده، وكذلك ليس الروائي الناجح قادراً على كتابة الأقصوصة والقصة القصيرة للطفل، وأقل ما يقال هنا أن الخيال للأطفال وأن المنطق والفلسفة وإعمال الفكر وقوة الحجة والتشريح الاجتماعي أو السياسي للكبار.
خامساً: إن النجاح الأول أو الخطوة الأولى في الكتابة للأطفال تبدأ من حسن اختيار الموضوع، بحيث يكون من اهتمام الطفل، ومن عالمه النفسي والعقلي والوجداني واللغوي .. وبعد هذا يأتي الحديث عن الصياغة، وعن عملية التبسيط أو التسهيل والصوت والموسيقى، ويأتي الحديث عن المعنى والمبنى، فما لا يفهم لا يطرب، وما تنافرت ألفاظه وحروفه فهو مرذول، وما افتقد الموسيقى تحول إلى حجر ..
لقد وضع ابن الأثير وغيره شروطاً للملاءمة والمناسبة في الكتابة للكبار شعراً أو نثراً، والأطفال أولى وأدعى أن توضع الشروط لأدبهم أو لما يقدم إليهم ..
وفي هذا أقول، لقد كانت تجربتي مع أولادي أولاً وأحفادي ثانياً أنني اتخذتهم نقاداً لما أكتب، أستحسن ما يستحسنون وأستبقيه، وأشطب ما لا يلتقطون ولا يقبلون، ولقد كانت وسيلة ناجحة أدعو غيري أن يجريها.
لا بد من تبسيط المادة التعليمية والتربوية، والنزول بالأفكار العالية الراقية إلى عالم الطفولة، لنبدأ معهم البداية الصحيحة.
سادساً: يجب أن يكون لكل مؤلف هدف، ويمكن أن يلتقي أكثر من هدف في المنتج الواحد، وأعترف هنا أنه غلب على مؤلفاتي الطابع التربوي التعليمي بحكم المهنة والتكوين .. ففي بعض كتبي للأطفال كنت أضع القصة القصيرة في صفحة أو نصف صفحة ثم أتبعها بعشرة أسئلة من النص، وقد وضعت لكل سؤال ثلاثة اختيارات ليختار الطفل الصحيح منها، إذن هذه القصة تحمل موقفاً تربوياً أخلاقياً، ثم يعقبها تنشيط لذكاء الطفل، وهذه القصة سهلة في جملها وألفاظها فيسهل فهمها، وتمتع قراءتها .. وهكذا يكون المنتج الأدبي موكباً يتحرك .. الفكرة، الصورة، اللغة، الموسيقى.
وتطبيقاً لهذه الأفكار التعليمية والتربوية النيرة .. ونظرة لبعض مؤلفات الدكتور كمال في أدب الطفل ولغته، نرى التنوع في الأهداف والأغراض وفي أسلوب التناول ..
ففي كتابه الذي بعنوان "أناشيدي" .. جاءت هذه الأناشيد نتيجة الشعور بحاجة أطفالنا إلى القول الممتع النافع يعمرون به قلوبهم وعقولهم، ويغنون به في الصباح والمساء، وقد توخى في هذه الأناشيد البساطة والعذوبة ما أمكن، وتحاشى فلسفة المعاني وتعقيدها، وتغنى بأبعاد يتفق عليها الجميع مثل: الإيمان بالله والنظر في ملكوت السماوات والأرض، وحب الناس، والجوانب الأخلاقية والسلوكية .. مراعياً اهتمامات الطفل ورغباته وتكوينه النفسي والوجداني واللغوي .. وجاءت الأناشيد في جزأين مصورين بأربعة ألوان، ذلك لأن اللون والصورة مما يناسب الأطفال ويرضيهم .. وقد افتتحها بهذا النشيد:
أحبائي
صغار اليوم
أبطال الغد الآتي
لكم جاءت أناشيدي
مع الأيام والسنوات
مع الأفراح والنكبات
من قلب
يرى فيكم غراس النصر والخير
وفي الأردن ناديكم
وفي كل بلاد العرب والإسلام
صوت الحق يدعوكم
فهيا للغد الآتي
لنور الشمس
للإشراق والأشواق
للقدس وغنى فيها للقدس وعمان، وللأردن وفلسطين ..
عمان يا عمان يا زينة البلدان
حبك في فؤادي على مدى الزمان
عاصمة الأردن أرض الهنا والحسن
أدعو لها باليُمْن والمجد والعمران
في البعد أو في القرب حاضرة في القلب
أدعو لها: يا رب بارك بها عمان
أما القدس، وهي تأخذ صفة القداسة، وهي أولى القبلتين، ففيها يقول:
القدس في العيون نفنى ولا تهون
ونحن جندها للنصر سائرون
مدينة الخليل لا تقبل الدخيل
النصر شأنها والذل يستحيل
وهذه جنين يغلبها الحنين
تجابه العدى دوماً ولا تلين
يا غزة الرجال يا ساحة القتال
يا نجمة في دلجة فداك كل غال
وغنى شاعرنا للوالدين، وللكتاب والوطن، وللعلم والعمل، وغير ذلك من الأناشيد الهادفة.
وفي كتاب "أقوال ومواقف" أسلوب حواري تمثيلي، ركز فيه على بعض المواقف المشرقة في حياة قادة المسلمين وعظمائهم، وربطها بالواقع .. والغرض منها استنهاض همة الجيل وربطه بماضيه بالحوار وليس السرد.
ومن ذلك أنه ألف كتاباً بعنوان "أشياء تنفعنا وتضرنا" تحدث فيه عن الأشياء النافعة والضارة في حياة الإنسان كالماء والكهرباء والسيارة، وجاء البحث على شكل حوار قصد فيه تبصير الأطفال بطرق التعامل الصحيحة مع الأشياء من حولهم.
وفي كتاب "أخلاق إسلامية" اعتمد على جلسة يومية بين الجد والأحفاد، اعتمد فيها أسلوب الحوار، أما الموضوعات فهي من صفات أخلاقية إسلامية مثل: النظافة، الأمانة، النظام ...
أما كتاب "عادات حميدة" فقد اختار فيه أربعين موقفاً في حياة الطفل اليومية .. تربوية سلوكية، اعتمد الصورة، ثم الشرح والتعليق على الصورة بما يجب أن يكون عليه الطفل في حياته اليومية.
وفي كتاب "سليم المزرعة" أورد قصة قصيرة هادفة، يتبعها عشرة أسئلة، لكل سؤال 3 إجابات ليختار الطفل الجواب الصحيح .. وفي القصة هدف تربوي واختبار للذكاء.
وفي كتاب "الخطأ والصواب .. في الصحة، وفي السلوك، وفي المرور" .. يعتمد عنصر المقابلة بين صورتين وعملين أحدهما خطأ والثاني هو الصواب .. موقف يترجم الصورة، وتحت كل صورة عبارة تفسيرية.
وفي كتاب "في المسجد" قصة صديقين يتوجه أحدهما توجهاً طيباً والآخر توجهاً شريراً .. وتكون هداية الشرير عن طريق المسجد.
وفي كتاب "أبو خليل والحلم الجميل" قصة مزارع ينظر أرضه ويحرسها، وابنه يذهب معه إلى المزرعة، ويأتي اللصوص ويطردهم الأب والابن يشاهد .. وهذه القصة رمزية لحياة الشعب الفلسطيني.
وفي كتاب "نحب هؤلاء" يتحدث عن مجموعة من المهن التي تقدم خدمات جليلة للمجتمع، ولكن الناس قد يُعرضون عنها، مثل الشرطي، الجندي، رجل النظافة، الفلاح .. والغرض من القصة إبراز قيمة هذه المهن وتعظيمها ..
وقد عمدت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية إلى نشر القصص الثلاث الأخيرة إيماناً منها بما للقصص من أهمية في إيصال المعلومات والأفكار إلى ذهن الطفل المسلم. شعره: الدكتور كمال رشيد .. شاعر مؤمن، رقيق الوجدان، صادق العاطفة، صاحب نفس نقية وروح صافية .. قال الشعر تعبيراً عن خلجات نفسه وتصويراً لومضات مشاعره.
كانت محاولاته الأولى لنظم الشعر أيام دراسته في المرحلة الثانوية .. ويمكن اعتبار البداية الحقيقية عام 1964م، في الجزائر، حيث الغربة والمستشفى والبعد عن الأهل ومرض الوالدة ..
وانساب الشعر من نفسه المفعمة بالمشاعر النبيلة، ومن فكره المنبثق من المثل العليا، ومن تصوره الإسلامي الواعي، ومن حبه الشديد لأرض الإسراء والمعراج، ومن فهمه العميق لرسالة الشعر .. فجاء شعره مرتبطاً بهدف سام وبرسالة كريمة، يعبر عن روح إسلامية، ويعالج الواقع في ضوء الإيمان ..
وقد قال الشعر في عدد من المحاور والمجالات .. قاله في الوطن والعقيدة، والرثاء والشهادة، وفي النواحي السياسية والاجتماعية، ووقف معظم شعره على وطنه، وصور به جوانب من المحن التي حلت بشعب فلسطين .. فتحدث عن ظلام المؤامرات والاحتلال والعدوان والخذلان ..
يقول الدكتور محمود إبراهيم في تقديمه لديوان "شدو الغرباء" عن شعره: إنني أشعر بالارتياح، حين أجد المادة الشعرية التي يقدمها "كمال رشيد"مرتبطة بالإنسان ارتباطاً وثيقاً، يبتدئ بعالم الأسرة، وينتهي بالإنسانية كلها ..
فشعره هو في الغالب الأعم، تعبير عن أحاسيس صاحبه تجاه ذوي قرباه، ثم تجاه من تربطه بهم صداقات ومودّات، ثم تجاه وطنه الأرض التي عاشوا عليها، ثم تجاه الشعب العربي الكبير الذي ينتمي إليه، ثم تجاه أمة الإسلام التي يكون العرب جزءاً منها، وأخيراً تجاه بني البشر عامة ..
والقارئ لشعره، لن يفوته أن يلحظ الصدق الشعوري في معظم ما يقرأ .. وأن يتبين شخصية الإنسان الودود الواصل للرحم، المنتمي بكل جوارحه إلى الأهل والوطن والعروبة والإسلام.
ويبقى شعره إيماضة أدبية مشرقة في الإنتاج الشعري المعاصر، سواء من حيث الرسالة التي يضطلع بها، بما تحتويه من إيحاءات كريمة، بخاصة للشباب، أم من حيث أسلوبه الذي يجتمع فيه خصيصتا الوضوح والجمال في آن معاً.
وقد راوح في شعره يبن الشعر العمودي الذي هو الأصل والشعر الحر الذي يرتضيه وليداً لا بديلاً للشعر العمودين شريطة أن تتوافر له خصائص الجودة والجمال والصدق[2].
أما مفهوم شاعرنا للشعر فقد وضحه وأجاب عنه عندما سأله أحد زملائه في قسم المناهج عن الشعر .. طبيعته ودوافعه .. فقال[3]:
"يا شاعر القسم هل للشعر شيطان أم أنّ واهبه للناس رحمان"
فأجاب:
يا سائلي ليس نظم الشعر قافية لكنه حِكمٌ تعلو وتزدان
لكنه العطر في الآفاق نبعثه لكنه نغم تمليه أحزان
وصورة كطلوع الشمس في خجل فيها من الحب ألوان وألوان
وهو النذيربشرٍّ إن عتا زمن وجاس في أرضنا ظلم وعدوان
وهو السبيل لتعبير لفيض جوى إن ضيم في عيشهم أهل وخلان
والشعر عندي شعور لست أكتمه وغاية الشعر إحساس ووجدان
ذاكم هو الشعر يا من جئت تسألني قلب ووجد وإشراق وإيمان
نكبة فلسطين في شعره:
شاعرنا كمال من جيل المحنة .. اكتوى بنارها وهو طفل، وعاشت معه صور المأساة التي حلت بأهله وبشعب فلسطين، فقد واكبها حدثاً حدثاً .. ولذلك فقد كان لفلسطين وطن الشاعر النصيب الأوفى من شعره، وكان للنكبات التي حلت بفلسطين أثر واضح على مسيرته الشعرية، كما استأثرت القضية بمشاعره وأحاسيسه وسيطرت على فكره، ووجهت شعره ..
وإن كانت نكبة 1948 قد تركت في نفسه صدى مؤلماً – إذ كان في سن الطفولة فإن نكبة 1967 كانت أشد هولاً وإيلاماً، ذلك أنه رافق الحرب التي وقعت فيها تعبئة إعلامية ولدت لدى الناس أوهاماً بالنصر كانت عاقبتها خيبة شديدة .. ولذا فإننا لا نجد عجباً عندما نقرأ قوله[4]:
علام أعيد القول أجترُّ ما عندي وعندي من الآهات أضعاف ما أبدي
ألا يا فتاة الحي لا تبعثي الشجا أقلِّي فإن القلب فيض من الوجد
ترى لو بكيت العمر ماذا يفيدني وقد طال ذاك الدمع إذ طال بي سهدي
فلسطين حبي ما حييت وإنني سعيد بها الحب ما طال بي عهدي
ومن نكد الأيام أني حرمتها فزاد حنين القلب من ذلك الفقد
وكذلك قوله[5]:
أضنيت نفسي وارتضيت عذابي وبكيت من وجد على أحبابي
صاحت فتاة فاستجاب خليفة لبيك إني للمعارك صابي
واليوم كل نسائنا ناديننا أين الرجال وأين أسد الغاب
ماذا دهى الصيد الأباة وقد غدت أوطانهم للخصم كالأسلاب
والأهل أضحوا في الخيام سيوفهم خشب وفي الأوطان صوت عذاب
الخصم يمرح في البلاد ويزدهي ويعيش أهل الأرض كالأغراب
وضاعت القدس، وكان ضياعها مبعث حسرة كبيرة في النفوس، وكان داعياً إلى استنهاض الهمم، والتطلع إلى ماضي القدس، وما أصابها، وما يسر الله لها من منقذين، والأمل في مستقبل يعيد الماضي المجيد ..
وفي زيارة لبيت الله الحرام ينظم شاعرنا قصيدة بعنوان "من وحي مكة" يستشعر فيها الصلة الروحية العميقة بين مكة المكرمة والقدس، فيقول[6]:
من وحي مكة جاء الدمع هتانا حراً نقياً يزيد القلب إيمانا
والشعر أينع في قلبي وأسعفني فكان سيفاً وأشواقاً وريحانا
صليت لله في البيت العتيق وقد شف الوجود وزاد القلب تحنانا
يا من يطوف ببيت الله معتمراً القدس طاف بها حقد وأردانا
وأمعن القتل والتشريد في مهج وجاء بالقول تزويراً وبهتانا
يا ساعياً تبتغي لله مقربة هلا سعيت لفعل يرفع الشانا
ويا جموع التُّقى ماذا لو التقت الأيدي على الحق تصلي الكفر نيرانا
تعيد للقدس للإسلام عزته وتجعل الأرض تحت الخصم بركانا
ومع ضياع القدس وإحراق المسجد الأقصى، وإطلاق الرصاص على المصلين فيه، لم تتوقف الاعتداءات .. ولم يكد يمر يوم أو بعض يوم إلا توالت .. وجاء دور مدينة يافا، التي غادرها شاعرنا منذ أيام الطفولة .. ولما قامت سلطات الاحتلال بالاعتداء على مسجد حسن بك في يافا، نظم كمال قصيدة قال فيها[7]:
من تربة المجد، من يافا وغوطتها أتيت أحمل آلامي وأخفيها
خرجت منها صغيراً لا أنيس له ولست أدرك ما الدنيا وما فيها
وسرت في فلوات العمر ملتمساً نهج الأباة، دروب الخير أمشيها
سعيت للنور، ليت النور يدركني حتى أخلص نفسي من مآسيها
سألت عن بلدي قالوا الغزاة أتوا وروّعوا أهلها، دكوا مبانيها
سطرت حبي على الأوراق فانسكبت على السطور دموع العين ترويها
لا تسألوا اليوم عن يافا وقصتها يافا الأسيرة قد ساءت لياليها
وأصبحت طللاً في الشعر نذكرها شوقاً إلى الدمع، في الأحفال نرثيها
ويصف شاعرنا حالة اليأس ومشاعر الإحباط التي استبدت بالناس في وطننا، نتيجة تشوه القيم وتبدل الأحوال، وتدهور الأخلاق، وشيوع المعصية، والتشجيع على الغواية .. فيقول في فقصيدة بعنوان "أحوال وآمال":
ماذا نرجي والأمور تبدلت والحال فوضى شأنها مقلوب
المال فينا ضائع وموزع يلهو به مستهتر ولعوب
هو لا يحس بما أضاع لأنه ما كدّ في كسب فكيف يلوب
ولكن الشاعر الذي يستمد تصوره للحياة من إيمان لا يستسلم لليأس الذي قد يطوف به طائف منه، ولذا نراه يبصر أملاً يطل عليه في عتمة المأساة، قد يكون له رصيد من واقع الأمة .. فهو يؤمن بأن في هذه الأمة قوة كامنة لو أحسنت استثمارها لتغيرت أحوالها، وهذا ما نجده لدى شاعرنا في قوله[8]:
رغم ارتكاس الحال رغم تشردي رغم اعتزال عقيدتي وكتابي
سيظل وجهي مشرقاً بيقينه بشروق شمس بعد طول غياب
ومع أن وقع النكبة وما تبعها كان شديداً على شاعرنا، إلا أن موقفه تعدل مع مرور الأيام، فاستعاد شيئاً من الأمل والتوازن بعد ظهور حركة المقاومة في فلسطين .. تلك الحركة التي كانت بعد النكبتين كالضوء في عتمة الليل الدامس. وقد تفاعل معها، وسجل كثيراً مما يتصل بها من وقائع وأحداث، وخاصة رثاء الشهداء ..
ونظم شعراً مؤثراً يبارك فيه الانتفاضة ومقاومة الاحتلال، ويشد على الأيدي المدافعة عن الوطن، وينفخ فيها روح الديمومة حتى يأذن الله بالنصر والتحرير.
وخصص من شعره ديواناً كاملاً لقضية القدس وفلسطين بعنوان "القدس في العيون" .. وصفه الدكتور عماد الدين خليل – وهو يقدم له – بأنه الذي تتمحور قصائده كافة حول هدفها الواحد، وتتجمع كلها لكي تقول شيئاً واحداً، وتصرخ بكلمة واحدة، فتجعل طعم النار في فم القارئ، ومسها في أطراف أصابعه حتى بعد مفارقة الديوان[9].
ومن الظواهر التي تلفت النظر في الحديث عن الانتفاضة بروز صورة الطفل المقاتل، فلم تعد الطفولة في لهيب الانتفاضة رمزاً للبراءة أو الوداعة أو صورة تبعث في النفس الإشفاق، بل صار الطفل أكبر من الرجال، يعلمهم دروس الضحية ويجعل لحياتهم معنى .. ومن ذلك قول كمال رشيد[10]:
علمتنا يا طفلنا الدرسا ذكرتنا من قبل أن ننسى
أنّ لنا أرضاً قد اغتصبت أن اليهود استوطنوا القدسا
أيقظتنا من بعد ما خدر أحييت فينا العزم والبأسا
حررت نفسك من مخاوفنا إن الفتى لا يعرف اليأسا
ولقد رفعت الصوت في ثقة من بعد ما كان الندا همسا
أطفالنا عرفوا سبيلهم وبهم سيرفع قومنا الرأسا
يتبع >>>>>>>>>> |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: مشاهير فلسطين في العالم الجمعة 13 سبتمبر 2013, 10:44 pm | |
| تابع >>>>>>>>>>
الدكتور كمال رشيد المحور الإيماني والاجتماعي في شعره: المحور الإيماني في الشعر يصور مشاعر المسلم في أدعيته وتسبيحاته وتأملاته التي يتوجه بها إلى الخالق عز وجل .. أو يناجي بها رسول الله صل الله عليه وسلم، من مدائح نبوية أو قصائد في المناسبات الدينية، مثل ذكرى المولد النبوي الشريف، والهجرة النبوية، والمناسبات الإسلامية الأخرى .. وقد أكثر شاعرنا من هذا اللون من الشعر .. ومن ذلك قصيدة بعنوان"من وحي مكة، ونشيد الهجرة، وقصيدة بعنوان "أنا مؤمن"، قال فيها[11]:
عابوا علي ترفّعي وإبائي وتمسكي بعقيدتي الغراء
قالوا تقي كيف يصبح شاعراً أوَ تُنسبُ التقوى إلى الشعراء
أنا نور هذا الكون إذ أنا مؤمن والمؤمنون أبرُّ بالضعفاء
قدمت للأوطان ما أنا مالك وصبرت في السراء والضراء
وطرق الدكتور كمال في شعره لوناً جديداً من الأدب الإسلامي .. لون فيه متعة للنفس، وصقل للحس، وتغذية للوجدان، وطمأنينة للقلب .. ففي كتابه: "أشواق في المحراب" نجد كلمات مضيئة، وأدعية صالحة، يلجأ فيها الإنسان إلى الخالق جل وعلا في كل أمر من أموره .. فالدعاء في الإسلام مخ العبادة، ولا يكون إلا مع الصدق والإيمان وحسن الظن بالله سبحانه .. ومن هذه الأدعية والنفحات قوله[12]:
يا إلهي
اجعل الإيمان زادي ومعادي يوم لا ينفع مال وبنون
واجعل القرآن لي نور فؤادي في حياة الزيف في ليل الظنون
يا إلهي
في سبيل أقوالي وأعمالي، ومخبوء فؤادي
في سبيل الله تسبيحي وما تحمل روحي
هو رب الناس، والأشياء .. ربي
وأنا العبد الضعيف،
منه أستلهم آمالي، وحاجاتي، وساعات انشراحي
حبه أصبح زادي وسلاحي
ورضاه بغيتي، سر نجاحي
يا صغاري:
اعبدوه .. فهو رب العالمين
واسألوه ... فهو رحمان رحيم
واعرفوه
في بديع الخلق .. في النطق .. وفي الرزق الكريم
إلهي
إلهي وفيك يطيب الرجاء ويحلو التذلل والانحناء
أتيت منيباً، فكن لي مجيباً فأنت الرحيم مجيب الدعاء
ظمئنا إلى النصر يا ربنا وتقنا إلى سيرة الأولين
نصرت النبي وأصحابه وكنت المجير وكنت المعين
فجابوا بفضلك رحب الدنا ونالوا الشهادة في الخالدين
"هو الحق يحشد أجنادها" ويمضي إلى النصر في كل حين
يا رب
يسر اللهم أمري واشرح اللهم صدري
وأنرْ قلبي وعيني واقضِ عني وأعنّي
في التماس الحق في دنيا الضلال
هدئ اللهم روعي واجعل اللهم دمعي
خشية منك ورحبا طاعة فيك وقربى
واجعل اللهم رضوانك سؤلي .. يا مجير
ليس مثلي من يطيق السير في لفح الهجير
أما المحور الاجتماعي في الشعر:
... فالشاعر إنسان يتفاعل مع ما حوله ويعبر عن ذلك التفاعل بأسلوب فني .. وقد تجلت العلاقات الاجتماعية في الشعر الإسلامي، في الأسرة .. الأبناء والبنات والزوجة والأم والأب والأخ، كما ظهرت في العلاقات الأخرى من قرابة وغير ذلك ..
وشاعرنا د. كمال شعره مرتبط بالإنسان ارتباطاً وثيقاً – تعاملاً وتوجيهاً- ومن ذلك وصيته لأبنائه التي تناول فيها توجيههم دينياً وتربوياً ووطنياً، فقال[13]:
أوصيك يا ولدي أن تحسن الأدبا أن تألف الدرس والتحصيل والكتبا
وأن تكون تقياً، نابهاً، يقظا وأن تقدم للأوطان ما وجبا
أن تجعل القدس في العينين ماثلة ألا تكل إذا ما المعتدي غلبا
هذي فلسطين صنو الروح يا ولدي وفي مرابعها سفر العلا كتبا
عاشت لنا مثلما عشنا لها زمناً طابت بنا مثلما طبنا بها حقبا
أخنى الزمان وعادتنا ثعالبه وطائر السعد عن أوطاننا غربا
توزعتنا صروف وانثنت همم ومن تقاعس عن رد العدا غُلبا
حلّ الدخيل بأرض ليس يعرفها وصاحب الأرض عن أوطانه اغتربا
لكنما أمل الأوطان فتيتها هم السبيل لرد الحق إن سلبا
أنتم رجاء فلسطين وعدتها وهل بغير شباب نبلغ السببا
الأرض أرضكم والعزم عزمكم فلا تكونوا لها إلا كما طلبا
ولا تخافوا مماتاً، إن عيشكم في موتكم في ثراها فتية نجبا
هذه عقيدتنا تلكم موائلنا والحر عن أرضه لا يعرف الهربا
ومن قصائده في التوجيه، قصيدته التي وجهها إلى الفتاة المسلمة وقد آلمه الحال الذي آلت إليه، من افتتان بالمرأة الغربية، ومحاكاة لها في زيها، وأسلوب عيشها، فتوجه إليها بالنصح، مبيناً لها أن الجمال يصونه الستر والحياء، ويزري به العري والتبرج، فقال في قصيدته "فتاة العصر"[14]:
ماذا يضرك لو سترت جمالا وحجبت عنا رقة ودلالا
يا من تعرت للرجال غواية ليس الجمال مع الحياء محالا
في البيت أنت بحالة لا ترتجى وإذا خرجت أتيتنا تمثالا
إن الجمال من الإله كرامة للسالكات طهارة وكمالا
وهو السبيل إلى الضلال لغادة تخذته سيفاً مشهراً قتالا
رفقاً بحالك يا فتاة تأدبي صوني جمالك، حققي الآمالا
وثقي بنفسك أنت سر حضارة عظمت وأعطت للورى أبطالا
وتعلّمي صنع الرجال فإننا في حال حرب تستزيد رجالا
ليس الجمال بنوع ثوب يُرتدى فالثوب لا يعطي النفوس جمالا
لكنما هو في فؤاد طاهر عرف الحياة فضيلة وكمالا
ونظم شاعرنا قصائد كثيرة للشهادة والشهيد، ولأم الشهيد، وقال:
كل القصائد للشهيد، للبأس للعزم الشديد
للحق للإخلاص للإيمان للنصر الأكيد
ومن الشهداء الذين رثاهم: محمد سعيد باعباد، وعبد الله عزام، وأحمد ياسين، والرنتيسي، يحيى عياش، والشقاقي، وشهداء الحرم الإبراهيمي، وشهداء مذبحة الأقصى، وشهداء عنبتا..
قال في رثاء الشهيد عبد الله عزام[15]:
وقف الدكتور عبد الله عزام قائداً مجاهداً في أرض فلسطين، وأبلى وصحبه بلاء حسناً في عمليات عسكرية ناجحة، ثم حيل بينه وبين هذا المدرج السماوي .. فانطلق إلى أفغانستان، حيث وحد الصفوف وخاض المعارك إلى أن استشهد هو ووالده محمد إبراهيم ..
لأنك في فم التاريخ معلوم ومشهود
لأنك عند رب العرش مرضي ومحمود
لأنك في قلوب الأهل والأحباب موجود
فما صح الذي قالوه، عبد الله مفقود
فلسطين التي تهوى وفيها كانت السلوى
وعنكم أجمل الأخبار ما زالت تروى
تودعكم بفيض الحب تشهد فيكم التقوى
والدكتور كمال، أديب اهتم بقضايا أمته العربية والإسلامية، وما عانته من مشكلات مع الاستعمار، وفي سعيها إلى التحرر والاستقلال .. ومع أن القضية الفلسطينية كانت أكثر القضايا ظهوراً في شعره، إلا أننا نجد له قصائد تتحدث عن قضايا الأمة العربية والإسلامية في شتى بقاع الأرض .. ومن ذلك قصيدته التي يقول فيها[16]:
والقدس عشاها القتام وقد ناح الأذان، وصوح المجد
هذي العراق دماؤها نزفت وعلى الحدود تمزق الود
لبنان غربان تحركها لم يبق فيها طائراً يشدو
أفغان جاء الحقد يقهرها يا ويح من يقتاده الحقد
فتن تظللنا وتتركنا مزقاً بها عوراتنا تبدو
قصائد مختارة من شعره
1
سعد
سعد بن أبي وقاص .. صحابي جليل، من السابقين الأولين في الإسلام، وأحد وجهاء الصحابة .. عرف بالفروسية والشجاعة .. وكان إذا رمى في الحرب عدواً أصابه ..
رافق رسول الله صل الله عليه وسلم في غزواته كلها .. وشارك في الفتوحات الإسلامية، وقاد معركة القادسية التي انتصر فيها المسلمون.
وفي هذه القصيدة يتحدث شاعرنا عن مجموعة من قضايا المسلمين المعاصرة في شتى بقاع الأرض، فيذكر القدس وما حل بها من نكبات، ويذكر لبنان والعراق وأفغانستان، ويتحدث عن الفتن التي انتشرت بها، وعن حالات الذل التي يعيشها المسلمون في تلك البلدان ..
وفي القصيدة يستدعي شاعرنا التاريخ ليستثير ما اختزنته ذاكرة المسلمين من فتوح وانتصارات وأمجاد يريد لها أن تتجدد .. فيجري حواراً مع الصحابي الجليل سعد رضي الله عنه .. ويتخذ من شخصية هذا القائد البطل مهرباً من الواقع السيئ، فيقول مخاطباً "سعد" رضي الله عنه:
أقبِلْ فأنت المرتجى سعد إن البناء يكاد ينهد
أقبِلْ فخيل الروم عادية وخيولنا أزرى بها القيد
ونلاحظ في القصيدة أن الحضور التاريخي لم يكن لسعد وحده فحسب بل ولرجاله الذين كانوا معه في الفتح .. وأن شاعرنا يقابل فيها بين خيولنا الساكنة التي ترسف في قيودها وخيول الأعداء التي تغير وتعدو .. ولن يكون الخلاص إلا بسعد آخر يجيء لكي يضرب على السكون ويعيد للتاريخ حركته مرة أخرى.
أبيات القصيدة[17]
أقبل فأنت المرتجى سعد إن البناء يكاد ينهد
أقبل فخيل الروم عادية وخيولنا أزرى بها القيد
نامت فوارسها وما برحت مربوطة في القيد لا تعدو
وبيارق النصر القديم غدت مطوية إذ ودع الأسد
لم يبق في ساح الوغى أحد يدعى فيصدق عنده الرد
لا صولة الفاروق تشهدها أبداً، ولا قدحت لنا زند
والقدس غشاها القتام وقد ناح الأذان وصوح المجد
هذي البلاد دماؤها نزفت وعلى الحدود تمزق الود
فتن تظللنا وتتركنا مزقاً بها عوراتنا تبدو
عميت بصائرهم فما عرفوا أين السبيل، وغيب القصد
فالورد شوك في عيونهم والشوك فيما قدروا ورد
والشهد مر إذ هم خبروا والعلقم المؤذي هو الشهد
عبث يمزق عزة سلفت أيام كان الحزم والجد
زمن يمر بغير ما ثمن عمر يضيع ودونه الرشد
والمسجد الأقصى يؤرّقه هذا العقوق يسوؤه البعد
والصامدون هناك طال بهم ليل الأسى أضناهم الوجد
يا سعد أقبل نحن في خدر والأفق لا برق ولا رعد
واجمع رجالك أينما وجدوا فهم رجال البأس إن عدوا
أحفادكم لانت قناتهم قعدوا عن الأمجاد وارتدّوا
يا قوم لست مقنطاً أبداً أملي كبير ماله حد
أن نرفع رايات عالية خفاقة، في قدسنا نشدوا
الله أكبر جاء موعدنا والنصر في الأقصى هو الوعد
قصائد مختارة من شعره
2
ثاني اثنين
القائد الشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي .. علم من أعلام الحركة الإسلامية في فلسطين .. وواحد من أبرز رموز الشعب الفلسطيني، ومن أبرز قادته التاريخيين ..
كان قائداً شجاعاً، وزعيماً سياسياً فذاً، اتصف بالجرأة والصلابة في قول كلمة الحق ..
اغتالته طائرات الاحتلال الصهيوني في قطاع غزة مساء السبت 17/5/2004، عندما أطلقت عليه مروحية صهيونية صاروخين باتجاه السيارة التي كان يستقلها وسط مدينة غزة، مما أدى إلى استشهاده واثنين من مرافقيه ..
وهذه قصيدة رثاء نظمها الدكتور كمال رشيد بعد استشهاد الرنتيسي .. ونشرها في جريدة السبيل .. وعدد فيها بعض صفات الرجولة والصدق والعفة والثبات على الحق، التي كان يتصف بها القائد الشهيد. .
أبيات القصيدة[18]
مت كما شئت سيداً وشهيداً وانأَ عن مجمع القعود بعيدا
قد عرفناك مذ وجدت شريفاً وعفيفاً وصادقاً وعنيدا
وعيوفاً يأبى الدنية يرجو لفلسطين عزة وصعودا
لبني قومه حياة اعتزاز وانتصار يجتث منها يهودا
صبر العيش عشته في اصطبار وكفاح حتى بلغت اللحودا
سجون الأعداء كنت فتاها ولظاها، وما أطلقت القيودا
ومع المبعدين عشت شهورا كان جمعاً مميزاً وفريدا
وشرفنا بأن نكون ضيوفا نستقي منكم الحدث الودودا
إن مرج الزهور كان امتطاء لذي المجد كان يؤوي أسودا
أبعدوا نخبة الرجال انتقاماً واعتقاداً أن لن تعودا
ثم عدتم للسجن وهو افتخار واقتدار وكنت عزماً حديدا
كم عبدت الرحمن في جوف ليل بدموع، وكم أطلت السجودا
كم رفعت اللواء، قدت جموعاً للجهاد الموصول تعطي العهودا
كنت لابن الياسين ساعد بأس كنت الابن المطيع والمحمودا
كنت ترجو رضاه وهو المعنّى كان شيخاً وكنت أنت المريدا
كم رعيت الشيخ الكبير بقلب وبكف، وكم خدمت القعيدا
نستقي منه حكمة ورشاداً وعناداً والعود ينبت عودا
ثاني اثنين إذ هما في حماس يتبارون من يصيب يهودا
يملآن الشباب حزماً وعزماً ويعدان للقتال أسودا
سبق الشيخ للجنان ولكن لم يطل لبثكم، فكنت الشهيدا
أيها الراحل المودع أبشر خلفك الذاريات تذرو الحدودا
أنت فينا والشيخ أحمد فينا أنتما في اللحود أغلى وجودا
سار من يعد شقيقاً وشريكاً، أباً، وابناً، حفيدا
جمعتكم حماس جمع وفاء قدمتكم قيادة وجنودا
كيف ننسى العياش حادي ركب كيف ننسى مع الأسى هنودا
كيف ننسى في الحالكات عماداً وجهاداً، وفارساً، محمودا
موكب النصر والشهادة ماض بعدما خط بالدماء الخلودا
يا فلسطين أبشري واطمئني إن يوم الخلاص ليس بعيدا
قصائد مختارة من شعره
3
سوف نبقى
فلسطين أرض وطن وعقيدة .. أرض طهر وقداسة .. أرض عزة ومنعة، فهي ملتقى الأنبياء، ومسرى رسولنا الكريم صل الله عليه وسلم.
تتمتع هذه الأرض بمكانة خاصة في التصور الإسلامي، وهي المكانة جعلتها محط أنظار ومهوى أفئدة جميع المسلمين .. وقد عني المسلمون بأرض الإسراء عامة وبمدينتها المقدسة خاصة عناية فائقة، منذ أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرباط فيها .. فعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم:"يا معاذ إن الله عزّ وجلّ سيفتح عليكم الشام من بعدي .. من العريش إلى الفرات .. رجالهم ونساؤهم وإماؤهم مرابطون إلى يوم القيامة. فمن اختار منكم ساحلاً من سواحل الشام أو بيت المقدس فهو في جهاد إلى يوم القيامة"[19]
في فترات الضعف والغفلة التي مرت بالأمة الإسلامية تعرضت هذه الأرض لكثير من مؤامرات الحاقدين وهجمات الطامعين .. وكان قدر بلاد الشام وخاصة فلسطين أن تتحمل معظم تلك الهجمات .. فقد هاجمها الصليبيون في تسع حملات صليبية، وهاجمها المغول والتتار، وهاجمها الفرنسيون .. وكان الهدف في كل هجوم منها القضاء على الإسلام وحضارة الإسلام .. ولكنهم طردوا منها جميعاً خائبين.
وفي أواخر القرن التاسع عشر تآمر عليها الصليبيون (الدول الغربية) واليهود والماسون، وأقاموا دولة لإسرائيل في فلسطين .. واستعملوا كل الطرق والأساليب من قتل وسجن وحرق وتدمير، لتهجير أهلها منها.
وأمام كل المؤامرات والإجراءات الحاقدة جاءت هذه القصيدة لتكون عنواناً بارزاً من عناوين الثبات .. ولتتحدث بلسان أبناء فلسطين وتقول:
اقتلونا واسجنونا، شردونا، مزقونا .. سوف نبقى .. اقتلونا
واسجنونا
شرّدونا
مزّقونا
واسلموا منا العيونا
ومن الأم من الابن من الزّوج احرمونا
افعلوا ما شئتم
لن ترعبونا
لن تناموا ما تريدون سنبقى
ذلك السّيف ما تريدون سنبقى
ذلك السّيف الذي يصبح ألفا
نحن لا نقبل ذلاً
نحن لا نعرف خوفاً
في البراري، بعد أن ودّعت داري وصغاري
في الفيافي، والمنافي
في دروب القدس، في غزة، في نابلس
في يافا وحيفا
في جنين النصر والفجر ارصدونا
حاصرونا واقصفونا
أبداً لن ترعبونا
اقتلونا
واسحلونا
في ثرانا، بدمانا غيبونا
سوف نبقى
عبقاً في الأرض، جذراً، وتراباً، وحصاداً
وشهوداً وعهوداً
سوف نبقى
لنعيد الحق حقاً
نسبق الأحداث سبقاً
نزرع الأرض لتبقى
نأكل الصخر ونشقى
نركب الصعب ونرقى
سوف نبقى
حقق الياسين ما كان ابتغى
بعده عبد العزيز انضم للموكب في ساح الوغى
إن يمت ألف، فألف جاهزون
من فجاج الأرض، من تحت الركام يخرجون
في دياجي الليل، في الظلمة، في وضح النهار يطلعون
وينالون الذي هم ينشدون
إن قتلتم شيخنا الملتف في ثوب الجلال
تم أتبعتم بأسد
برجال كالجبال
فاعلموا أنكم قدمتم
خدمة الأرض ،للأهل، وللعشاق
أذكيتم أفانين القتال
وكذا الأيام تمضي
وكذا الحرب سجال
المصادر والمراجع 1- ديوان "شدو الغرباء"، عمان، 1975م.
2- ديوان "عيون في الظلام"، عمان، 1984م.
3- ديوان "القدس في العيون"، المنصورة، 1990م.
4- ديوان "نسائم الوطن"، عمان، 1997م.
5- أشواق في المحراب، عمان، 1985م.
6-مجموعة كتب الدكتور كمال رشيد للأطفال.
7-الدكتور عدنان حسّونة : الشعر الإسلامي في الأردن، عمان: 2004م.
8- الدكتور مأمون جرار: الشعر في الأردن، عمان، 2002م.
9- مؤتمر أدب الأطفال- الجامعة الهاشمية، 2006م.
10- جريدة السبيل في 20/4/2004م و17/7/2006م.
[1] ) مؤتمر أدب الأطفال /الجامعة الهاشمية عام 2006م.
[2] ) ديوان "شدو الغرباء"، ص 7-11.
[3] ) ديوان شدو الغرباء، ص 95-96.
[4] ) ديوان شدو الغرباء، ص 22.
[5] ) ديوان شدو الغرباء، ص 28.
[6] ) ديوان "القدس في العيون" ،ص 65.
[7] ) ديوان "القدس في العيون"، ص 65.
[8] ) ديوان "شدو الغرباء"، ص 29.
[9] ) ديوان "القدس في العيون"، ص 8-16.
[10] ) ديوان "القدس في العيون"، ص 51.
[11] ) ديوان عيون في الظلام"، ص 20.
[12] ) أشواق في المحراب، ص 15.
[13] ) ديوان "عيون في الظلام"، ص 45.
[14] ) ديوان "شدو الغرباء"، ص 51.
[15] ) ديوان "القدس في العيون"، ص 33.
[16] ) ديوان "القدس في العيون"، ص 63.
[17] ) ديوان "نسائم الوطن، ص 60-61.
[18] ) جريدة السبيل في 20/4/2004م.
[19] ) الأنس الجليل في تاريخ القدس والخليل، ص 145. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: مشاهير فلسطين في العالم الجمعة 13 سبتمبر 2013, 10:45 pm | |
| الشيخ أحمد النحوي*
ولد الشيخ أحمد ابن الشيخ نديم النحوي سنة سبع وثمانين وثمانمائة وألف ميلادية ( سنة 1887) في مدينة صفد بلواء الجليل، شمال فلسطين وكان أبوه الشيخ نديم يتبوأ في تلك المدينة العربية العتيدة، منصب الإفتاء على مذهب الحنابلة، ويقال إن نسبه يتصل بإمام النحاة في عصره، الذي اشتهر باسم سيبويه المصري ومن ثم أطلق على هذا البيت لقب النحوي.
استهل الشيخ أحمد حياته العلمية بدراسة القرآن وحفظه في مكتب الشيخ جابر الحمد وظل فيه حتى ختم القرآن ثم أرسله أبوه إلى المعهد الأحمدي بجامع الجرار في مدينة عكا بشمال غرب فلسطين فلبث فيه نحو ثمانية أعوام، استظهر خلالها عدداً من كتب الفقه وأصول الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، ودرس كتاب الكشاف للزمخشري في تفسير القرآن الكريم، واستظهر كذلك كتب ابن هشام في النحو كقطر الندى وشذور الذهب وشروح ألفية ابن مالك كأوضح المسالك والأشموني وابن عقيل.
ثم عاد إلى صفد ليلي منصب إفتاء الحنابلة خلفاً لأبيه الذي كان قد وافته المنية في أخريات سنة ثمان وتسعمائة وألف ( سنة 1908) وبقي يشغل هذا المنصب حتى انسحب الأتراك من البلاد وآل الأمر فيها إلى الإنجليز، فترك صفد وذهب إلى القدس حيث شغل فيها منصب القضاء.
وفي سنة 1920 اشترك مع جماهير المصلين الذين اندفعوا من حرم القدس الشريف إثر صلاة الجمعة تجاه حي موشيوم الصهيوني الواقع شمال غرب المصرارة، خارج أسوار القدس القديمة، وقد ألحق هو ومن معه أضراراً جسيمة بمتاجر ومنشآت الصهاينة، وقتلوا منهم ثلاثة عشر فرداً، فألقى الإنجليز القبض على الشيخ أحمد النحوي ووضعوه بقشلاق القدس نحو ثلاثة أيام بلياليها أذاقوه فيها أشد العذاب، ثم أفرجوا عنه بعد أن ذهب إلى المندوب السامي وفد من وجهاء القدس برئاسة موسى كاظم باشا للمطالبة بإخلاء سبيل الشيخ أحمد ورفقائه، وقد أكد السيد موسى كاظم للمندوب السامي براءة ساحة الشيخ أحمد ورفقائه مما نسب إليهم وإن ما اتهمهم به اليهود لم يكن سوى محض افتراء.
وفي 21 من مارس سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة وألف، ترأس الشيخ أحمد النحوي المؤتمر العربي الفلسطيني الثاني الذي انعقد وقتذاك في مدينة حيفا من أجل النظر في الوسائل والأعمال التي يقتضيها الحال، وقد اتخذ المجتمعون في ذلك المؤتمر قرارات تتضمن المطالبة بوقف الهجرة الصهيونية وإلغاء وعد بلفور وإصدار قانون بتحريم بيع الأراضي لليهود والعمل على استقلال البلاد.
وفي عام 1929 قاد الشيخ أحمد النحوي إحدى فصائل المجاهدين ضد مستعمرات الصهاينة ومعسكرات الإنجليز، وقد هاجم غير مرة الصهاينة في حي هاكرمل بحيفا ومستعمرة الخضيرة بين حيفا ويافا وخاض معركة حامية ا****************س ضد القوات البريطانية في أخريات شهر مايو ( أيار ) من السنة المذكورة عند رأس العين التي دامت نحو يومين، وقتل عدد غير قليل من عساكر البريطانيين، كما استشهد فيها كذلك من المجاهدين نحو ثمانية، وفيها جرح الشيخ أحمد في عضده الأيمن ورجله اليسرى، وبذلك وقع أسيراً في أيدي الإنجليز.
وبعد أن تماثل للشفاء اقتاده الإنجليز إلى محكمة يافا مصفداً بالأغلال، وذلك في مستهل كانون الثاني ( يناير ) سنة 1930، وقد طالب محاموه رئيس المحكمة أن يفك قيود الشيخ أحمد طبقاً لما تقضى به تقاليد القضاء فلم يستجب القاضي الإنجليزي إلى طلب الدفاع، وأصر على أن يظل الشيخ أحمد في السلاسل والأغلال طيلة المحاكمة، وبعد جلستين صوريتين أصدر القاضي حكمه عليه بالسجن المؤبد مع الأشغال الشاقة، غير أنه لم يمكث في السجن إلا ثلاثة أعوام فقط إذ أفرج عنه في أوائل سنة 1933 حيث أصدر المندوب السامي عفواً عاماً عن جميع المسجونين بسبب الاشتراك في ثورة 1929، وكانت حكومة الانتداب تهدف من وراء ذلك العفو أن تظهر حسن معاملتها للعرب أمام لجنة التحقيق الملكية التي كانت قد ناطت بها وزارة المستعمرات البريطانية أمر التحقيق في القضية الفلسطينية على الطبيعة آنذاك.
وفي سنة 1936 عاد الشيخ أحمد إلى الجبال في شمال فلسطين حيث انضم إلى الشيخ عبد الرحيم قائد عام المجاهدين في جميع أنحاء شمال فلسطين أثناء ثورة 1936 المشهورة فنال الشيخ أحمد النحوي تقدير وإكبار ذلك القائد المغوار حيث ولاه رئاسة المحكمة العسكرية التي اختصت بالنظر في شؤون المجاهدين وأحوال المواطنين في إقليمي طولكرم وجنين، ولم يكن الشيخ أحمد ليقتصر على مباشرة مهام تلك المحكمة فقط بل كان يقوم إلى جانب ذلك بمختلف الأعمال العسكرية، إذ كان يشرف على توزيع الأسلحة بين المجاهدين وتقسيم الملابس والتموين بالعدل والإنصاف.
وفي أوائل سنة 1937 قاد معركة جبع وبلعة وخاض في أخريات آذار ( مارس ) معركة وادي بلاطه، وكانت مع نحو ألف جندي بريطاني جبلتهم حكومة الانتداب من جنوب ووسط البلاد لمحاصرة جند الشيخ عبد الرحيم، وقد ظل الشيخ أحمد النحوي يقارع الإنجليز ويمطرهم بوابل من الرصاص من سفح الجبل حتى نفد كل ما لديه من الرصاص والقنابل فوقع أسيراً في قبضة الإنجليز، ولكن بعد أن تمكن الشيخ عبد الرحيم قائد عام المجاهدين من الانسحاب إلى جهة عبته، ثم أخذ الشيخ أحمد النحوي إلى القدس حيث وضع في القلعة مدة خمسة عشرة يوماً بلا محاكمة ثم قدموه إلى محكمة صورية، وكان يبدو ناحل الجسم شاحب الوجه من الجوع والتعذيب، وبعد جلسة قصيرة لم ينطق فيها القاضي الإنجليزي بغير هذا السؤال هل أنت مذنب، فأجاب الشيخ أحمد بكل شجاعة ورباطة جأش : بل أنتم المذنبون ! .. فغضب القاضي الإنجليزي وأصدر حكمه الجائر بإعدام ذلك الشيخ الجليل شنقاً، وبذلك نال رحمه الله شرف الاستشهاد بعد حياة حافلة بمختلف أنواع الكفاح وشتى ضروب الجهاد. * من كتاب (مجاهدون في فلسطين) إصدار كتاب الجمهورية الديني. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: مشاهير فلسطين في العالم الجمعة 13 سبتمبر 2013, 10:46 pm | |
| حسن البحيري قصيدة الوطن الخالدة
يعد الشاعر العربي الفلسطيني حسن البحيري واحداً من أهم الشعراء في العصر الحديث لما اشتمل عليه شعره من سمات فنية تتجلى في جمال لغته ونصاعة ديباجته وعبقرية موسيقاه. وعلى الرغم من أن ظلال الرومانسية توشح قصيدته ذات الطابع الكلاسيكي إلا أن الشاعر كان يبحث عن خصوصية التجديد في العمود الشعري، وعن خصوصية الألم في رومانسيته.
ويتضح لقارئ دواوين شعر البحيري أن ثمة فارقاً في صورة الوطن الحبيب فلسطين أحدثته النكبة التي هزت أعماقه، ففي حين كان الوطن قبلها ظلال جمال منقطع النظير، وسعادة تتبدى من الألفة بينه وبين المكان، فقد ظهر الألم بعد النكبة على الصورة المكانية، وغدا أهم عناصرها. في ديوانه "أفراح الربيع" الذي صدر عام 1944 ظهر الوطن بشجره وقمره وكواكبه وأزهاره آية من آيات الجمال الخالد، فهو يقول عن قمر الكرمل (أفراح الربيع، ص 38):
بعـث الـمنى فهفا إلى آفاقه قـمر أطـل مـن الغيوم وأشرقا
ألقى على ماء الخليج شـعاعه فتضـاحك الموج اللعوب وصفقا كما يقول في وصف نجم فوق بحيرة طبريا (أفراح الربيع، ص 33):
يا حسن نجم لاح فوق بـحيرة وشعاعه الهادي على الماء انسـكبْ
والبدر، في ليل سجى، مـتألقٌ والموج عند الشط ذو شجن وصبْ أما حينما بدأ جرح النكبة بالانفتاح، وصار الدم الفلسطيني على مرمى القلب والعين، فقد صارت فلسطين عنده حبيبة عذرية لا يلتقيها، وصار يمتح مفرداته الشعرية من لغة الشعراء العذريين، فكان ثمة لوعة وحسرة وشوق ولهفة،إضافة إلى كثير من المفردات التي تنتمي إلى اللغة العذرية النابضة بإيقاع الفقد، يقول البحيري مصوراً لوعته (ظلال الجمال، ص59):
فلسطين يا لهفة في الضلوع يعز على الدهر سلوانها
ويا حرقة في مسيل الدموع يفيض من القلب هتّانُها
ويا حسرة لو غدت في الجبا ل لكان تصدّع صفوانها وهاهو ذا يخاطب المسجد الأقصى، ويبحث عن سبب حزنه، وهو يعرف تمام المعرفة أن حزنهما واحد، وكأني بالشاعر يبحث عن فسحة ما في الحزن الذي غلف حياته كلها (لفلسطين أغني 83):
وقفت في المسجد المحزون أسأله والنار في جنبات الصدر تستعر
وأدمع القلب تستتلي مصاوبُها من مهجتي دمَ عيني وهْيَ تنهمر
ما بال محرابك الطهريِّ تغمره ظلال هم دجـاها ليس ينحسر وضمن هذا السياق النفسي الذي صبغ شعره غدت فلسطين عنده دائماً إحدى ثنائيتين، فهي حاضرة حين يشعر بالألم، وحين ينظر في عيني حبيبته، وحين يصف خورفكان، وحين يعانق بردى، وحين يناجي طائراً في تونس أو الجزائر….. إلخ، غير أن لحيفا خصوصيتها، فهي المعشوقة الأكثر حضوراً وطيفها هو الموئل الذي يلوذ به الشاعر حين يعاني الغربة المكانية والنفسية، إنها مزاج الروح وجرح الهوى ودمعة العين التي لا تجف (لفلسطين أغني، ص77):
حيفا وأنت مزاج الروح في رمقي وعمق جرح الهوى في موجعي الخفق
يشدني لك شوق لـو غمست له يراع شعري في صوب الحيا الغـدق
ورحت بالحب والذكرى أصوره دمعاً على الخد أو حرفـاً على الورق
لجف حبري و لم أبلغ قـرارة ما ضمت جوانح صدري من لظى حرقي إن كل ما يحيط بالشاعر ومن يحيط به يذكره بحيفا، التراب، والزهر والبرتقال والأصدقاء، والأحبة، حتى إنه يرى حيفا حين ينظر في عيني حبيبته، يقول في واحدة من أروع قصائده التي تمتزج فيها صورة المرأة بالوطن مخاطباً حبيبته (حيفا في سواد العيون، ص ص 107، 109):
ما أشـرقت عـيناك إلا خانني بصبابتي صبري وحسن تجملي
وتحسست كفاي من ألم الجوى سهماً مغارس نصله في مقتلي
وتسارعت من مهجتي في وجنتي حمـر المدامع جدولاً في جدول
فلقد رأيت بلحظ عينك إذ رنت والتيه يكـحلها بمـيل تدلـل
حيفا وشاطئها الحبيب وسفحها وذرى تعالت للسماك الأعزل
ولمـحت بيـن سوادها وبياضها ظل الصنوبر في أعالي الكرمل وحين يذكر الشاعر دمشق التي عاش فيها عقوداً من الزمن، ولفظ آخر أنفاسه فيها، يتحدث عن جمالها، عن غوطتها وأشجارها، عن برداها، ولكنه لا ينسى في أية مرة أن يربط دمشق بحيفا ضمن بوتقة الجمال والحب، لنستمع إليه يقول (الأنهر الظمأى، ص ص 124، 127):
بل هذه جلق الفيحـاء مـاثلة ما حاكها من رؤى الأوهام حسبان
كأن حيفا كستها من مفاتنها ما ليـس يبـلغه بالوصـف تبيان
قد ضمها بردى شوقاً وأرشفها من صـرفه فثـراها منـه ريـّان وثمة ملاحظة جديرة بالانتباه في شعر البحيري، وهي أنه شاعر حساس، مخلص للحالة التي يعيشها بشكل لا حدود له، فعلى الرغم من أنه مؤمن بالله عز وجل إيماناً عميقاً، مواظب على أداء واجباته الدينية، وعلى الرغم من أنه أفرد ديوان تبارك الرحمن لشعر الوجد الإلهي الذي يتحدث عن الأرض والزهر والطيور والبحر والنجوم التي تجسد قدرة الله عز وجل، على الرغم من كل ذلك فقد جعله فقدان فلسطين يهتز، وجعل إيمانه باليقينيات يتزعزع أمام الصدمة الكبرى، يقول في قصيدة "فلسطين يوم الحشر والنشر": (الأنهر الظمأى، ص ص 97، 98):
سلوا المقادير هل في الغيب رحمـن ألواحـها في يديها الدهر إذعان
فكان في لوحه المحفوظ من أزل ااـ آزال للنـاس إعـزاز وإهـوان
وكان في اللـوح مقتـول و قاتله وكان في اللوح مسجون وسجّان
فكيف يقضـي بـجور ثم ينقمه وكـيف يرضى بعدل وهو ديان وإذا كانت المعلومات تشير إلى أن حسن البحيري كان قد اشترك بتنفيذ عمليات فدائية ضد المراكز الصهيونية والإنكليزية أيام الانتداب، فإنه كان أيضاً يؤكد على فعل المقاومة، ويفخر بأبطالها، ويرثي شهداءها، الذين سقطوا على طريق النضال، فقد فخر بأبطال ثورة 1936، ورثى الشهداء الذين ربطوا بين القول والفعل، وعلى رأسهم الشاعر الشهيد عبد الرحيم محمود الذي استشهد في معركة الشجرة 1948، يقول البحيري في رثائه (حيفا في سواد العيون، ص ص 88، 89)
دثـروه يالحريـر الأخضـر وادفنـوه في ثـرى من عنبر
كـيف يبكى موكب المجد إذا سـارللمجـد بليث هيصروظل البحيري مرافقاً للأحداث يصور فرح الوحدة بين سورية ومصر، ويحزن للانفصال، وتطربه انتصارات المقاومة، وقد رصد في قصيدته الطويلة (رسالة في عيد) بطولات الانتفاضة الأولى التي فجرها أبطال الحجارة عام 1987 في فلسطين، فقال (رسالة في عيد ص39):
ما من سلاحٍ في معاركهم تُصـدُّ به الجنودُ
إلا الحجارةُ في الأكف العزل والصبر الجليدُ
ومشـاعل الإيـمان يرفعها بمرّته الصمودُ
* * * فيما يتعلق بالسمات الفنية التي ميزت شعر هذا الشاعر الكبير فإن الاعتماد على رونق الشعر العربي القديم وديباجته أمر في غاية الوضوح عنده، واللغة التي تزين شعره صحيحة فصيحة، وإن كانت فصاحتها في بعض الأحيان تحد من انطلاقها وتحليقها في سماء الشعر، وقد ظهر أثر التقليد عنده، إضافة إلى الوزن واللغة على مستوى الإحالة إلى الشعراء الكلاسيكيين في القديم والحديث، إذ نقرأ على سبيل المثال هذا الشعر للبحيري الذي يضمن فيه أحد أبيات شوقي الشهيرة (الأنهر الظمأى، ص 82 _ 83):
تناجون المطـالب بالتمني عساها أن تجـيب وأن تجابا
وقبلي هب دون النيل داع ليكشف عن سنى الحق النقابا
تسنم هامة الإفصاح عوداً فقـال وقوله جلـى الصوابا
"وما نيل المطـالب بالتمني ولكـن تؤخـذ الدنيا غلابا"أما الصورة الشعرية فقد كانت في الغالب تقليدية يبذل الشاعر جهداً كبيراً في صياغتها، بدلاً من أن يبذل جهداً موازياً في اقتناصها، ولعلنا هنا نشير أن هذا الأمر لا يعدو كونه توصيفاً لشعر حسن البحيري إذ إنه بلا شك شاعر كلاسيكي من طراز ممتاز، يقول في وصف اندفاع الشباب العربي للدفاع عن الوطن، مستفيداً مما أنجزته الصورة الفنية في الشعر العربي (ابتسام الضحى، ص48):
إذا دعـت الأوطـانُ يوماً لبغية بأرواحنا الظـمأى أجبـنا نـداءها
نذود عـن المجـد التليد بصـارم شموس الضحى منه استعارت ضياءها كما يبرز أثر النص الآخر في شعره، وهذا ما يحسب لصالحه، في أكثر من قصيدة، فهو في قصيدة فلسطين يوم الحشر والنشر يفيد من مفردات القرآن الكريم ويتناص شعره مع سورة الزلزلة بشكل واضح، إضافة إلى كون هذه القصيدة في الأساس هي معارضة في الوزن والقافية والغرض الشعري لقصيدة أبي البقاء الرندي في وصف الممالك الزائلة (الأنهر الظمأى، ص99):
وإن تكن أزفت بالبعث آزفة دهماء فالكون أسداف وأدجان
فكيف والبعث لم ينفخ لمحشره صور ولم يُدنِ يوم الدين إيذان
والأرض ما أخرجت أثقالها فرقاً ولم يقل ما لها إنس ولا جان
* * * هكذا يبدو لنا الشاعر حسن البحيري شاعراً كلاسيكياً مجيداً، وعبقرياً من عباقرة الرومانسية الذي زاد على الرومانسيين في أنه مزج الألم الفردي بالجماعي، وإذا كان القدر قد خطف هذا الشاعر دون أن يحقق حلمه بالعودة إلى فلسطين وحيفا فإنه أكد في شعره أنه لن يفقد الأمل، حتى وإن كانت عظامه رميماً (حيفا في سواد العيون، ص ص 15،16):
وإما تولى ربيع الشباب وصوّح منه نـديُّ الزهَـرْ
وحُمّ الردى أجلاً في كتاب به من منايا البرايا سُوَرْ
فلا تيأسي من إيابي إليك وإن غيبتني طوايا الحفـرْ
فإني ولو حفنة من تراب سأرجع في قبضات القدرْ هامش:
لحسن البحيري خمسة عشر ديواناً شعرياً نشرت قبل وفاته منها: (ابتسام الضحى) و(حيفا في سواد العيون)، و(لفلسطين أغني)، (والأنهر الظمأى)، و(سأرجع)….، وله رواية مطبوعة بعنوان (رجاء)، وترجمات عن الإنكليزية لأوسكار وايلد، وله عدة دواوين شعرية مخطوطة وكتابات في النثر الفني، وتعليقات سياسية، ويذكر أيضاً أن مجموعة من الكتب والدراسات والرسائل الجامعية قد تناولت الجوانب الفنية والموضوعية لهذا الشاعر الكبير.
هاهو ذا يخاطب المسجد الأقصى، ويبحث عن سبب حزنه، وهو يعرف تمام المعرفة أن حزنهما واحد، وكأني بالشاعر يبحث عن فسحة ما في الحزن الذي غلف حياته كلها (لفلسطين أغني 83):
وقفت في المسجد المحزون أسأله والنار في جنبات الصدر تستعر
وأدمع القلب تستتلي مصاوبُها من مهجتي دمَ عيني وهْيَ تنهمر
ما بال محرابك الطهريِّ تغمره ظلال هم دجـاها ليس ينحسر وضمن هذا السياق النفسي الذي صبغ شعره غدت فلسطين عنده دائماً إحدى ثنائيتين، فهي حاضرة حين يشعر بالألم، وحين ينظر في عيني حبيبته، وحين يصف خورفكان، وحين يعانق بردى، وحين يناجي طائراً في تونس أو الجزائر….. إلخ، غير أن لحيفا خصوصيتها:
المسجد الأقصى في عيد ميلاد سيدنا المسيح عليه السلام: ألوان ص 87. فيـم الترنـم والصـلاة وفيم أجـراس تـدق
والمسجد الأقصى لنزف جراحه في الصدر حرق
ـ ابتسام الضحى 73.
ويل لنا أنـرى العـدا تنهى وتأمـر بالحرم
وبه ابن عبد الله صلـى المسـيح لـه ارتسم
ونرى مقاليد القيـامة في يـد الطـاغي تزم
وبها أبو حفص كركن البيت طوّف واستلم؟
ومعالم الحرية السمحاء أصفاد ورِقُّالوحدة العربية: رفض التعصب الأعمى للمذهب على حساب العروبة: ابتسام الضحى 99
إذ لا مصري ولا سوري ولا عراقي ولا مسلم ولا مسيحي ما دامت تجمعنا أرض العروبة:
لا يعرف العربي بالأحداث بالمصري والسوري واللبناني
فالشرق تجمعه العروبة عروة أدنت أقاصي مصر من بغدان
ص 101:ما بيننا عند التنادي مسلمٌ كلا ولا في جمعنا نصـراني فالشرق موطننا ونحن حماته بنفوسـنا والديـن للديـان فرحته بالوحدة بين سورية ومصر، الأنهر الظمأى ص47:
أيّ فجر لاح بالبشرى على أفق الوجودِ
صبحه من بهجة الإشراق في عيد سعيدِ
غنت الطير له في أيكها لحـن الخـلودِ
والندى والعطر زفّا طلعة اليـوم الجديدِ |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: مشاهير فلسطين في العالم الجمعة 13 سبتمبر 2013, 10:47 pm | |
| الشيخ أمين العوري كان رحمه الله مجاهداً مستتراً، قد بالغ في التقية، وأحاط نفسه بسياج سميك من الكتمان فلذلك جهله أكثر الناس، ولم يعلم بأمره إلا القليل. ولد الشيخ أمين ببلدة في شرق شمال فلسطين اسمها بيت عور ثم اصطحبه أبوه إلى القدس وهو في العاشرة من عمره حيث ولي منصباً رفيعاً في إدارة الإفتاء بالمجلس الإسلامي الأعلى.
ولما أشرفت سن الشيخ أمين على العشرين، أرسله أبوه إلى مصر لأجل تلقي العلم بالأزهر الشريف، فجاور فيه نحو اثنتي عشرة سنة، نال في نهايتها الشهادة العالمية المؤقتة، ثم عاد إلى فلسطين، حيث ولي منصب قيم الصخرة المشرفة ببيت القدس، ولم يلبث أن رقاه المجلس الإسلامي الأعلى إلى منصب أجل وأخطر من الناحيتين الدينية والإدارية، إذ أسند إليه منصب أمين سر الإفتاء ثم أضيفت إليه وظيفة مدرس التفسير بمسجد الصخرة شرفها الله، وقد ظل يدرس كتاب جامع البيان، في تفسير القرآن، للعلامة القرطبي، مع قيامه بمهام منصبه في إدارة الفتوى بالمجلس الإسلامي الأعلى حتى نال الشهادة.
كان الشيخ أمين رحمه الله، موضع ثقة جماهير المجاهدين، ومستودع سر قادة المناضلين في كل من القدس ونابلس والخليل، طيلة أيام ثورة سنة 1936، كما كان يتمتع بتقدير رئيس وأعضاء اللجنة العربية التي كانت تتولى وقتذاك أمر الإشراف على سير الثورة الفلسطينية، وتنظيم شؤون المجاهدين، ومن ثم أصبح الشيخ أمين يمثل حلقة الاتصال بين اللجنة العربية وقادة الثورة في جنوب فلسطين وشمالها، إذ كان رحمه الله ينتقل بين الخليل والقدس وبين القدس ونابلس لمباشرة عملية توزيع الأسلحة على جماعات الثوار، في تلك الجهات، وللوقوف على احتياجات المجاهدين ليبلغ بها لمسؤولين في اللجنة العربية من جهة، ولنقل أوامر وتوجيهات اللجنة المذكورة إلى قادة المقاتلين في تلك الأنحاء من جهة أخرى.
ولم يقتصر نشاط الشيخ أمين على حمل الأسرار والتنقل بالأخبار بين اللجنة العربية وبين الثوار، كما لم يقف كذلك جهاده رحمه الله في سبيل تحرير فلسطين من طغيان الصهاينة وعسف البريطانيين إبان ذلك الحين، عند مهمة نقل الأوامر والتوجيهات وإبلاغ الرغائب وبسط الحاجات في ترداده بين مختلف قيادات المجاهدين في جبال السامرة والقدس والخليل، من ناحية وبينهم وبين أعضاء اللجنة العربية من ناحية أخرى بل شارك طيب الله ثراه وأكرم مثواه، مشاركة فعلية في العمليات العسكرية ووضع الخطط التكتيكية لكيفية الإغارات الليلية على المستعمرات الصهيونية والمعسكرات البريطانية ...
وقد أخبرني شاهد عيان، أن الشيخ أمين العوري، قاد بعض فصائل المقاتلين من المجاهدين الفلسطينيين، في المعارك التي دارت رحاها بين العيزدية وأبو ديس على الطريق بين أريحا والقدس وفي جهة الطور وسلوان وقريتي شعفات وقلندية.
وفي اليوم الحادي والعشرين من شهر نوفمبر ( تشرين ) سنة ست وثلاثين، خرج الشيخ أمين من داره الكائنة في حارة السعدية بالقدس القديمة، ميمماً شطره المسجد الأقصى لأداء صلاة العصر، إذ كان قد اتفق من قبل على ( مهمة سرية ) مع أعضاء اللجنة العربية تستهدف نسف قطار البضائع القادم إلى القدس من تلقاء يافا وكان من المقرر أن يتلقى رحمه الله إشارة البدء في تنفيذ تلك الخطة إثر انقضاء صلاة عصر ذلك اليوم، وقد شرع الشيخ أمين في تنفيذ الخطة المذكورة حيث أظهر إمام المصلين اعتزامه القيام بجولة تفتيشية حول مساجد قرى بني حسن الواقعة في جنوب غرب بيت المقدس، أذكر منها على سبيل المثال بلدة عين كارم وقرية الروحة ومحلة تتر، وذلك بناء على قرار صادر من المجلس الإسلامي الأعلى بندبه للقيام بتلك المهمة الذي اتخذ فعلاً بقصد صرف أنظار الناس عن حقيقة المهمة الوطنية التي نيطت به، رحمه الله، ليكون في أدائها بمأمن من عيون الإنجليز.
خرج الشيخ أمين من باب السلسلة متجهاً نحو باب الخليل وهو أحد أبواب القدس المشهورة، فلما جاوزه أخذ سمته تجاه حي دار أبي ثور وظل سائراً على قدميه حتى انتهى إلى بركة السلطان حيث كان ينتظره أحد التكارنة وبين يديه حقيبة لا يختلف مظهرها في شيء عن حقائب رجال الوعظ المتنقلين بين مختلف القرى في فلسطين أثناء ذلك الحين فتابع معه السير حتى بلغا حي اليونان بالقدس الجديدة عند أول طريق بيت صفافة فقابلهما رجل يقود سيارة متوسطة الحجم، فأومأ إلى الشيخ بإشارة متفق عليها أن أركب معي، فأخذ رحمه الله الحقيبة من ذلك التكريري وأمره أن يعود من حيث أتى دون أن ينبس ببنت شفه كي تظل المهمة خفية حتى يقدر لها النجاح، ثم اتجه الشيخ أمين بصحبة قائد السيارة إلى بيت صفافة جنوب القدس الجديدة فبلغها وقت أن تعسجد الشفق واحتدمت زرقة السماء، وهناك أدى الشيخ أمين صلاة المغرب ثم تابع سيره إلى بتّير فوصل إليها قبيل العشاء بقليل حيث التقى هناك ببعض المجاهدين المنوط بهم تنفيذ عملية نسف القطار المذكور آنفاً، فأعطاهم الشيخ أمين الحقيبة طبقاً للخطة المرسومة، وكانت مليئة بالديناميت والمتفجرات.
وفي تمام الساعة الحادية عشرة من مساء ذلك اليوم، تم نسف القطار تحت إشراف وملاحظة الشيخ أمين الذي استشهد في تلك الحادثة إذ شجت رأسه إحدى الشظايا المتناثرة، واستقرت في مخه - رحمه الله -. * من كتاب "مجاهدون من فلسطين" إصدار كتاب الجمهورية الديني
|
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: مشاهير فلسطين في العالم الجمعة 13 سبتمبر 2013, 10:52 pm | |
| برهان الدّين العبّوشي (1330-1415هـ،1911-1995م)*
برهان الدين العبوشي.. مجاهد وأديب وشاعر.. من رجالات فلسطين، ومن رموزها الوطنية التي ناضلت وخدمت القضية الفلسطينية.. كان فارس سنان وبيان.. دافع عن بلده بيده ولسانه..
وما زال أبناء جنين الذين عاصروا شبابه وجهاده يرددون قوله:
من كان يطمع في الخلود في قلبها سكن الشهيد ففي فلسطين الخلود وبالشهيد غداً تعود
حياته ونشاطه:
ولد برهان الدين بن حسن قاسم العبوشي في مدينة جنين عام 1911م، وتلقى دراسته الابتدائية في مدارس جنين.. ودرس المرحلة الثانوية في كلية النجاح الوطنية بنابلس.. ثم توجه إلى لبنان في عام 1931، وأكمل دراسته الثانوية في الكلية الوطنية في الشويفات.. وكان في أثناء دراسته بكلية النجاح الوطنية يشارك في النشاطات الثقافية والحركات الطلابية. وكان زملاؤه يقدرونه ويحترمونه لما عرف عنه من روح وطنية وثابة وطموح لتحقيق آمال شعبه.. لذلك كان حاضراً في كل مناسبة تستدعي الحركة والنشاط.
التحق برهان بالجامعة الأمريكية ببيروت في عام 1933م.. وبسبب مواقفه الوطنية فإنه لم يتمكن من إكمال دراسته الجامعية فيها إثر صدور قرار فصله منها من قبل إدارة الجامعة في مطلع السنة الثانية من دراسته.. فعاد إلى فلسطين وعمل موظفاً في البنك الزراعي العربي (بنك الأمة العربية) الذي كان يرأسه أحمد حلمي باشا... فعمل في طبريا ثم نقل إلى القدس.. وأسهم في الحركة الوطنية الفلسطينية، فكان من جماعة (المفتي) الحاج أمين الحسيني، ومن المناصرين للشهيد عز الدين القسام.. وبعد عودته من بيروت انصرف إلى المطالعة حيث كان ميالاً إلى الأدب مما جعله يعيش حياة الشعراء من حيث التمرد على الواقع المهزوم وعدم الرضوخ للغاصبين المحتلين. وكان له نشاط في حيفا مركز النشاط العمالي في ذلك الوقت.. وشارك في ثورة 1936، وقام بحملة توعية في قرى فلسطين ضد البريطانيين والهجرة اليهودية إلى فلسطين.. فاعتقل في القدس، ونفي إلى منطقة عوجا الحفير على حدود سيناء، ثم نقل إلى معتقل صرفند، ولما بلغت مدة اعتقاله ستة أشهر أطلق سراحه، ثم اعتقل ثانية وأودع في معتقل المزرعة قرب عكا لمدة عشرة أشهر.. وبعد إخلاء سبيله هاجر إلى بيروت، ثم إلى دمشق ومنها إلى بغداد.. وعمل مدرساً بمدارس العراق من عام 1939 إلى عام 1941. واشترك في ثورة رشيد علي الكيلاني ضد البريطانيين عام 1941م .. وبعد فشل الثورة وصدور أمر بإلقاء القبض عليه، توجه إلى الموصل، وتم تهريبه بواسطة العشائر البدوية إلى دمشق .. ثم عاد إلى مسقط رأسه جنين .. وعاد إلى العمل في البنك الزراعي العربي في حيفا ثم في جنين .. وفي حيفا عين أميناً للسر في مقر جمعية الشبان المسلمين .. وأسهم في مشروع صندوق الأمة العربية بتوعية الفلاح الفلسطيني بالحفاظ على أرضه أمام جميع المغريات الصهيونية التي استهدفت استلاب الأرض بشتى الوسائل .. ولما كانت حيفا مسرحاً لحوادث كثيرة، فقد كان لبرهان الدين نشاط كبير، وخاصة أنه من الخطباء المعروفين في المظاهرات والمناسبات الوطنية بالإضافة إلى أنه كان خطيباً موهوباً يتمتع بصوت قوي ونبرة حادة وأداء خطابي جيد .. وفي سنة 1945 سافر إلى القاهرة مع الكشافة الإسلامية لشرح قضية فلسطين .. وشارك في معركة جنين عام 1948م مع المجاهدين الفلسطينيين ..
ولما توقف القتال في فلسطين، وانسحبت منها الجيوش العربية، أصيب برهان الدين بالإحباط، وهاجر إلى بغداد سنة 1949م، وعمل مدرساً للغة العربية .. وتنقل في مدن العراق المختلفة كالعمارة وسامراء والحلة والديوانية والنجف الأشرف، واستقر به المقام أخيراً في بغداد حيث أحيل إلى التقاعد من الثانوية المركزية عام 1972 بعد أن مكث فيها قرابة ثلاث عشرة سنة ..
وكان بعض أصحابه من وجهاء العراق من رجالات السياسة الوطنيين قد بذلوا جهوداً لمنحه الجنسية العراقية، فحصل عليها في عام 1951م ..
وفي عام 1952م تزوج من فتاة عراقية من عائلة آل الحافظ في مدينة الموصل، ورزقه الله ولدين هما "سماك وحسن".
وقد شارك شاعرنا في العديد من مؤتمرات الأدباء والكتاب العرب في بغداد والقاهرة وغزة، وألقى خلالها قصائد شعرية خاصة بتلك المؤتمرات .. وكان شعره يدرس في كلية الآداب بجامعة بغداد.
وفي عام 1991 منح وسام القدس للآداب والفنون من قبل السلطة الفلسطينية حيث قلده الوسام الرئيس ياسر عرفات بحضور وكلاء وزارة الثقافة العراقية وعدد من رجالات الثقافة والأدب العراقيين والفلسطينيين في بغداد.
جهاده:
كان برهان الدين فتى صغيراً لم يجاوز السابعة من عمره عندما قام الإنجليز بعد الحرب العالمية الأولى- باحتلال فلسطين .. ثم كان غلاماً يافعاً عندما بدأت الاضطرابات سنة 1922، و1924، و1927م .. وكانت هذه مقدمات للمقاومة التي بدأها الشعب الفلسطيني ضد الخطر المحدق وضد سياسات الإنجليز التي بدأ يتضح أنها تعمل على تنفيذ وعد بلفور بكل الطرق والأساليب لترسيخ الكيان الصهيوني الجديد في فلسطين ..
لقد تفتحت مدارك برهان على الدنيا مع هبوب المشاكل على وطنه ودفق الخطوب على شعبه، فكان يحس بما يجري من حوله ويشارك فيه .. وقد ظهرت لديه مواقف وطنية وهو في المرحلة الابتدائية من دراسته .. فقد روى رفاق طفولته بأن برهان قاد مظاهرة طلابية وهو في الصف السادس الابتدائي وذلك سنة 1922م، مما جعل السلطات البريطانية تعتقله وتقدمه للمحاكمة، إلا أنه أفرج عنه بسبب صغر سنه ولكونه لا يزال قاصراً .. ولكنه لم يهدأ وظل يتفاعل مع الأحداث التي كانت تتابع وكان يشارك فيها بنشاط وافر.
ولما أصبح برهان الدين شاباً كان وطنياً من جماعة المفتي الحاج أمين الحسيني .. ولم يكن يتردد في إظهار مواقفه الوطنية كلما لاحت له فرصة أو مناسبة .. وفي غمرة الأحداث كان في الحرم القدسي يوم جمعة، وبعد صلاة الجمعة قام بتحريض المصلين ضد الاحتلال البريطاني وتآمره على فلسطين .. ورددت الجماهير الشعار الخالد: الله أكبر !! الله أكبر!! ولم يكن برهان يقصد من تحريضه مجرد التفريغ العاطفي وأن يقتصر الترديد على جنبات الأقصى وساحاته .. ولذلك هتف بهم صائحاً: الله أكبر في الجبال وليس هنا في الساحات والميادين .. وكان برهان من رفاق الشهيد عبد القادر الحسيني، الذي لم يخذله في هذه الحادثة، ولم يتركه فريسة سهلة للإنجليز الذين حاولوا اعتقاله .. إذ أخذه عبد القادر إلى بيته بعد أن سلك به طريقاً بعيداً عن أنظار الإنجليز وعيونهم .. ثم قام بإخفائه أياماً ضلل الإنجليز وكفوا عن التفتيش عنه ثم أخرجه من القدس آمناً .. وكان ذلك أثناء عمله في بنك الأمة في القدس ..
وكان برهان الدين من المناصرين للشهيد عز الدين القسام .. وكان من الشباب الذين شاركوا في ثورة 1936م وكان لهم حضور في الساحة الفلسطينية، فقد قام برهان بحملة توعية في قرى فلسطين ضد البريطانيين، والهجرة اليهودية إلى فلسطين .. فاعتقل في القدس، ونفي إلى منطقة عوجا الحفير على حدود سيناء، ثم نقل إلى معتقل صرفند، ولما بلغت مدة اعتقاله ستة أشهر أطلق سراحه ..
ولما قام القساميون في يوم 26/9/1937 باغتيال "أندروز" الحاكم البريطاني الذي قدم للصهيونية خدمات كبيرة وأمعن في اضطهاد العرب، وضاعف جهوده لتنفيذ قرار التقسيم .. اعتقل برهان وأودع في معتقل المزرعة قرب عكا لمدة عشرة أشهر .. وبعد إخلاء سبيله هاجر إلى بيروت، ثم إلى دمشق ومنها إلى بغداد، وعمل مدرساً في العراق.
وكان عدد من الفلسطينيين قد ذهبوا إلى العراق على إثر انتهاء الثورة الفلسطينية، ثم إنهم أخذوا يتدربون على أساليب القتال الحديثة، وكان منهم المرحوم عبد القادر الحسيني، والشاعر عبد الرحيم محمود .. وكان برهان واحداً منهم، فقد كانوا إخوة جهاد تجمعهم آمال وتوحدهم آلام شعب تآمر عليه البريطانيون واليهود.
وعندما قام رشيد عالي الكيلاني بثورته عام 1941م انضم نفر كبير من هؤلاء الشباب إلى ثورته وساندوها وأيدوها ..وقد جرح برهان الدين في تلك الأحداث في معركة (صدر أبو غريب). ولما تم القضاء على الثورة تشردوا، وهرب برهان إلى سورية عن طريق الموصل ثم حلب ودمشق وإربد، وتسلل إلى فلسطين وعاد إلى أهله وذويه في جنين وعمل ثانية في بنك الأمة.
وكانت ملامح المؤامرة على فلسطين قد بدأت تتضح، وأخذت أهدافها تتبلور، وصار واقعها يترسخ .. ولذلك تصاعدت المقاومة الفلسطينية، وانخرطت كل فئات الشعب في رفض هذه المخططات التي كانت تهدف إلى تهويد فلسطين وزرع الكيان الصهيوني فيها.. ولكن المخطط كان أكبر من طاقة الشعب الفلسطيني، وكانت المؤامرة أكبر من قدراتهم المتواضعة وإمكاناتهم المحدودة ..
وفي عام 1948 كانت بريطانيا قد انتهت من التمكين لليهود، ومن تهيئة الظروف لإعلان دولتهم ..فأعلنت أنها ستسحب قواتها من فلسطين .. وفي تلك الفترة قامت الدول العربية بإرسال عدد من قواتها إلى فلسطين .. والتحق برهان بجيش الإنقاذ وقاتل معهم ضد اليهود، وتعاون مع الجيش العراقي، وشارك في معركة جنين مع المجاهدين الفلسطينيين .. وكان له دور جهادي مشكور ..
ولما بدأت القوات البريطانية تنسحب من فلسطين، وتسلم مواقعها للعصابات الصهيونية .. بدأ برهان الدين مع رفاقه في جنين يستعدون للدفاع عن مدينتهم .. وفي تلك الفترة بدأت القوات اليهودية تهاجم المدن الفلسطينية وتحتل القرى ..وعندما هاجم اليهود مدينة جنين بتاريخ 3/6/1948، كان برهان ورفاقه في الجهة الشرقية الشمالية ضمن مجموعات أخرى من المناضلين الذين قاموا من القرى للدفاع عن مدينة جنين .. وثبت الشباب على قلة عددهم وعتادهم- أمام القوات الغازية، واستشهد عدد منهم وجرح آخرون .. وأصيب برهان بجرح بالغ في كتفه، ونقل إلى المستشفى الوطني في نابلس للعلاج.
ولما قام الفلسطينيون والعراقيون بهجوم على القوات اليهودية التي كانت تتمركز في القرى التي استولت عليها شمال وشرق جنين، شارك برهان في تلك المعارك، كما شارك من قبل في الهجوم على المستعمرات في مرج ابن عامر.
وفاته في بغداد ... وتكريمه في جنين:
توفي برهان الدين وانتقل إلى جوار ربه بتاريخ 8/2/1995م، ودفن في مقبرة الشيخ معروف في الكرخ- بغداد .. وحزن عليه أهل جنين لأنه مات في ديار الغربة بعيداً عن وطنه الذي أحبه وناضل من أجله، ولم تكتب له الشهادة فيه وكان يتمناها، ولكنه مات في بلد الرشيد حيث انتقل إلى هناك بعد نكبة 1948م .. وقد نعاه أبناء جنين وأبنوه وكتبوا عنه وفاء له ولذكراه، وكتبوا عن نشاطه وجهاده ودفاعه عن وطنه.. وتحدثوا عن أدبه وأشعاره التي ما زالوا يرددونها ويحفظون الكثير منها ..
كتب عنه الشاعر المعروف، خالد النصرة في صحيفة النهار فقال:
"انتقل المرحوم برهان الدين العبوشي إلى الرفيق الأعلى في ديار الغربة في بلاد الرافدين بعيداً عن مسقط رأسه جنين وعن مرج ابن عامر، وبعيداً عن جسر خروبة وطريق نينية ومطارح الشباب أيام كان يجوب تلك المواقع والربوع والمروج ساهماً مفكراً ..
لقد أخذته الغربة قبل نحو خمس وأربعين سنة ... حملته من مروج جنين وجبالها إلى ربوع بغداد ومغانيها وهو في رونق الرجولة وأوج العافية، وها هي الأنباء تحمل إلينا نبأ وفاته.. ثم رثاه فقال:
لا توقظوه فقد قضى برهان وتلفتت لضريحه الأوطان
أودى غريباً لم يفز بعناقه وطن الشهيد ولا التقى الإخوان
جفت على فمه أغاريد الهوى والذكريات وماتت الألحان
وكتب عنه الأستاذ ياسين السعدي مقالاً بعنوان: "شاعر من بلدي" في جريدة القدس في 23/2/1995م .. وكان مما قاله: "بعد توقف القتال في فلسطين عام 1948، وانسحاب الجيوش العربية، لم يتحمل برهان الدين هذا الموقف وأصيب بإحباط كبير، وهاجر إلى بغداد سنة 1949م .. وهناك عمل في التعليم حيث كانت مؤهلاته تسمح له بمثل هذا العمل .. وكان يزور جنين في أوقات متباعدة .. وتوقف عن الزيارة عام 1958م عندما حصل انقلاب في العراق، وألقى قصيدة من إذاعة بغداد يمجد فيها ثورة 14تموز 1958، مما أثار حفيظة الأردن عليه، ولما استقرت الأمور بين عمان وبغداد عام 1964م واصل برهان زياراته، وزار والديه في جنين عام 1965م بعد انقطاع دام ست سنوات متواصلة ..
وبعد سقوط ما تبقى من فلسطين لم يستطع الحضور لأن السلطات الإسرائيلية كانت ترفض منحه تصريح زيارة مما ألهب مشاعر الحنين والشوق عنده إلى مدينته وأهله، وقد روى أحد حجاج مدينة جنين أنه التقى برهان الدين في الحج في منتصف السبعينات وكان يطوف ويسأل عن أهل جنين وعن أهله وذويه ليطمئن عليهم جميعاً .. وكان كلما التقى واحداً منهم يستقبله بالدموع وهو في قمة التأثر والانفعال, وعندما أدى فريضة الحج للمرة الثانية في عام 1981م التقى بعض أهل جنين في المدينة المنورة، وكان نفس الموقف السابق من الانفعال لذكر جنين وذكر أهله ومعارفه وأصدقائه .. وأخيراً مات برهان بعيداً عن أهله ووطنه، كما عاش غريباً عنهم".
وكتب عنه الأستاذ مخلص محجوب، في إحدى مقالاته عن مدينة جنين، نبذة طلب فيها من وزارة التربية والتعليم الفلسطينية أن تطلق اسم الشاعر "برهان الدين" على إحدى مدارس مدينة جنين تخليداً لذكراه.
وكتب عنه الأديب الأستاذ أحمد الجدع في كتابه القيم "معجم الأدباء الإسلاميين المعاصرين".
وكتبت عنه في الموسوعة الفلسطينية (المعدلة) في عام 2001 و2002، باعتباره أحد رموز الحركة الوطنية الفلسطينية.
وفي ذكرى وفاته أقامت وزارة الثقافة الفلسطينية بتاريخ 8/2/2004 حفلاً تكريمياً تخليداً لذكرى الشاعر برهان الدين .. حضره جمع غفير من أبناء مدينة جنين .. وألقى فيه المحامي أديب العبوشي كلمة نيابة عن الأهل، ذكر فيها نبذة عن حياة الشاعر وعن نشاطه وجهاده ..
الأعمال الأدبية للشاعر برهان الدين:
ترك لنا برهان الدين مجموعة قيمة من الكتب والمسرحيات الشعرية .. فقد صدر له في فلسطين كتابان وهما عبارة عن مسرحيتين شعريتين بالفصحى هما:
1- مسرحية "وطن الشهيد" .. صدرت في القدس عن المطبعة الاقتصادية عام 1947م .. حيث واكبت قرار التقسيم وبداية رحلة العذاب والتشرد الطويلة .. وتقع هذه المسرحية في 86 صفحة من القطع الوسط، وقد أهدى تلك المسرحية إلى شهداء فلسطين فقال:
أهدي الكتاب إلى الشهيد فخير ما يهدى إلى رجل الجهاد كتاب
قد رُمت أهديه المكارم كلها فإذا بها من فيضه تنساب !!
2- مسرحية "شبح الأندلس" .. صدرت في بيروت عام 1949م، عن مطبعة دار الكشاف .. صدرت والجراح عاديات نوازف .. وفصول النكبة ماثلة للعيان، وشبح فلسطين يوم ذاك يعانق شبح الأندلس فتمتزج دموع الشجين .. وقد تحدث في هذه المسرحية عن الصراع حول فلسطين منذ حرب 1948 حتى الهدنة وانسحاب الجيش العراقي .. وركز فيها على معركة جنين .. وفي آخر المسرحية سجل قصيدة الضابط العراقي المقدم محمود شيت خطاب، والتي ألقاها أمام الجماهير في جنين، يوم الاحتفال بالنصب التذكاري لشهداء معركة جنين، وذلك قبل انسحاب الجيش العراقي من جنين .. وكان مطلع القصيدة:
هذي قبور الخالدين فقد قضوا شهداء حتى ينقذوا الأوطانا
أما بقية كتبه فقد صدرت في العراق وهي:
3- عرب القادسية .. مسرحية شعرية، صدرت في بغداد عام 1951م.
4- جبل النار .. ديوان شعر، صدر في بغداد عام 1956م.
5- النيازك .. ديوان شعر، صدر في بغداد عام 1967م.
6- الفداء .. مسرحية شعرية، صدرت في بغداد عام 1968م.
7- إلى متى .. ديوان شعر، صدر في بغداد عام 1972م.
8- جنود السماء .. ديوان شعر، انتهى من كتابته عام 1974م، وصدر في الكويت عام 1985م، عن لجنة إحياء التراث الأدبي الفلسطيني.
9- مذكرات شخصية نثرية، بعنوان: من السفح إلى الوادي ألبي صوت أجداديصدرت في بغداد عام 1980م. شعره:
برهان الدين أديب عمر الإيمان قلبه، وحرك مشاعره، وهذب وجدانه .. وشاعر حمل بين جنبيه حساً مرهفاً وشاعرية فياضة، رفدها بالاطلاع الواسع والثقافة الدينية الممتزجة بالشعور الوطني الزاخر بحب الوطن .. أديب عشق الشعر وبرع في نظمه، وساعده على ذلك أدوات له من موهبة فطرية، ولغة سليمة، وظروف مواتية تأججت فيها المشاعر الوطنية .. فهو ابن ثورة عام 1936م، عاشها شاباً، ورافق إضراب الأشهر الستة .. وهو ابن النشأة السليمة وأيام الخير والبركة التي فتح عليها عينيه ..
من يطلع على شعره، يجد شعراً راقياً، وأسلوباً متميزاً، فيه من الجزالة والجمال ما يمتع النفس، ويغذي القلب، ويهز الوجدان .. فشعره أدب موجه لخدمة الإسلام والدفاع عن الوطن .. وقد استطاع من خلاله أن ينمي الإحساس بالوطن وبالقيم الدينية، وأن يسجل جهاد شعبه بكلمات مضيئة وعواطف نبيلة ..
وقد نظم برهان شعراً رائعاً معبراً، في أكثر الأغراض الشعرية المعروفة، وخاصة الوطنية منها وكان لفلسطين وطن الشاعر النصيب الأوفى من شعره، وكان للنكبات التي حلت بفلسطين أثر واضح على حياته الشعرية، ولهذا فقد استأثرت قضيتها بمشاعره وأحاسيسه، وسيطرت على فكره ووجهت شعره، فكان الإحساس بالنكبة لديه إحساساً كبيراً.
لقد سجل بشعره ما عانته فلسطين السليبة من ظلم وجور ومؤامرات، ووصف ما أعقب ذلك من نزح وتشريد، فكان يترجم الواقع وينقل المأساة بإحساس صادق وشعور بالمسؤولية .. وهو من خلال نظمه لم ينقل همه فحسب، وإنما كان لسان حال أبناء شعبه.. فعندما طلب الإنجليز من عرب فلسطين أن يحالفوهم في الحرب العالمية الثانية بعد أن نكلوا بهم أثناء ثورة سنة 1936م، وشردوهم وظاهروا اليهود عليهم .. فرد برهان الدين على طلب الإنجليز بقصيدة عنوانها "لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين" قال فيها[1]:
أرهقتمونا وقربتم منايانا واليوم تبغوننا ننسى ضحايانا
لم تتركوا فوقها أنثى ولا ذكراً إلا قتلتم له أهلاً وأخدانا
ولم تراعوا لأهل الدين حرمتهم بل انتبذتم وراء الجور صبيانا
زاحمتم الله في الدنيا فقوضكم وزلزل الأرض حيتاناً وعقبانا
وصاح فيكم فأشقاكم وشردكم وضاقت الأرض فيكم من خطايانا
ومنها قوله:
أبعدما بعتم صهيون حرمتنا وعرضنا تبتغون العرب إخوانا
لا كانت العرب إن مدت لكم يدها بغير سيف تجلت فيه أحزانا
إن كان لا بد أن تبقى مواطننا مستعمرات فإن الموت قد هانا
ولهذا فقد وقف برهان كثيراً من شعره على المجاهدين في فلسطين، يشيد ببطولاتهم، يشد على أيديهم، ويرثي شهداءهم، ويدعو لنصرتهم .. ففي عام 1936 عندما وصل إلى فلسطين القائد المجاهد سعيد العاص مع مجموعة من إخوانه من حماة .. وتوجهوا إلى جبال الخليل، وخاضوا معارك بطولية ضد الإنجليز، واستشهد القائد سعيد العاص .. فحياه برهان، ورثاه بقصيدة، فقال على لسانه[2]:
يا جبال الخليل حياك ربي أنت للأسد معقل ومهاد
لم تزل فوقك الكرامة تبدو فعسى مجدك القديم يعاد!
قد وقفنا لك النفوس رخاصاً ودعانا لك الهوى والجهاد
وذكر في مسرحية وطن الشهيد أسماء بعض المجاهدين في تلك الفترة فقال:
يعيشون كالآساد بين هضابها ولجمعهم ترتاح عين الناظر
هذا أبو نعواش حامي ظعنهأبوأبو وأبو جراد ذو الجبين الزاهر
وليوسف عليان نجم طالع يغشى الأعادي بالسلاح الباتر
انظر لعيسى التعمري وقد استوى فوق الربى مثل الملاك الطاهر
وانظر إلى البطاط في ربواتها يرمي الأعادي كالهزبر الكاسر
وكان برهان يعتز بالجهاد وبمقاومة قوات الاحتلال .. ومن ذلك قصيدته التي يقول فيها[3]:
نغامر لا نرضى سوى المجد موطنا ولسنا نبالي إن نأى الموت أو دنا
وقفنا له قلباً حديداً وأنفساً تحطم في أرجائها الموت والفنا
لنا حقنا الوضّاح لسنا نبيعه وكيف يبيع الحق من كان مؤمناً
وكان برهان في شعره حرباً على المتآمرين والخونة والمتخاذلين .. ولما باع آل سرسق- وهم أسرة لبنانية- أرضهم في مرج ابن عامر إلى اليهود، ثار برهان لكرامة هذا المرج الذي شهدت أرضه معارك تاريخية فاصلة، في مقدمتها معركة عين جالوت التي هزم فيها التتار أمام المسلمين، ومعركة المرج هزم فيها كليبر أمام أبطال جبل النار، كما شهدت غيرها من المعارك .. ونظم قصيدة بعنوان: "المرج الحزين"، قال فيها[4]:
مرج ابن عامر باعت مجدك العرب واستأسد الغرب والشرقي يحترب
قد كنت في الأمس فخراً من مفاخرنا وساحة فيك يجري العز والغلب
يبيعه العرب لا قلب لبائعه وإنما همه أن يكنز الذهب
يا مرجُ ما لكَ تجري فيك قافلة من الشقاء وذا واديك ينتحب
يا أمة البيد يا أهل العراق أيا أهل الشام إلى مَ اللهو واللعب!
أكلما صاح فيكم صائح وقرت آذانكم .. انفروا فالمجد يستلب
ولما قاربت بريطانيا على إنهاء مهمتها في فلسطين بعد أن مكنت لليهود وهيأت وضع البلاد لإقامة دولة لهم .. بينما كان العرب في تلك الفترة يغطون في سبات عميق ويحيون حياة لا تسر صديق .. نظم برهان أبياتاً في مسرحية "وطن الشهيد"يخاطب فيها نفسه فيقول:
عدنا إلى طبع الوحوش إذن على الدنيا العفاء
فليسعد المستعمرون ونحن نندب كالنساء
سيري فصدر الله أفسح من صدور ذوي الثراء
عيشي وموتي حرة فالحر عزته الوفاء
وبعد حرب 1948م والتي كان فيها اليهود يمتلكون أحدث الأسلحة التي انهالت عليهم في الدول الغربية، بينما لم يكن أبناء فلسطين يمتلكون سوى بنادق قديمة معظمها ليس له ذخيرة .. وبعد فرض الهدنة ووقف القتال، نظم شاعرنا أبياتاً في مسرحية "شبح الأندلس" قال فيها:
أخي ما ينفع الصمصا مُ الطعن والضرب
فهذا العصر عصر المد فع الرشاش والكتب
وفيه ذرة تكفي لحرق الأرض والسحب
فهيء جيلك الذرّ ي تبلغ مرتقى الشهب
مشى الغربيُّ في ركبٍ وسرنا نحن في ركب
ولو سرنا على نورٍ لسدنا أمة الغرب
وبعد عام 1949م، وقد وقعت الكارثة وحلت النكبة، واستولى العدو الصهيوني على معظم فلسطين .. قال برهان في مسرحية "شبح الأندلس" يعبر عن الحزن الذي غرس في قلبه:
فلا تعذلوني إذا ما جننت لأني غدوت بدون صواب!
تضيع بلادي وتنظر عيني وأرضى القعود وأرضى العذاب
وقال في مكان آخر من المسرحية:
لقد نسفوا البيوت ودمروها وما وجدوا هناك فتى رشيدا
ننام على الأذى ونفرُّ منهم وقد ملأت جحافلنا النجودا
وفي مكان آخر قال:
الذنب ذنب العرب كلهمو فلا تنسوا خلافهمو الطويل المزدرى
وعلامَ تختلف الرؤوس وما انتهوا من خصمهم وعلامَ قد فكوا العُرى
وله أبيات متفرقة من "شبح الأندلس" فيها عظة وبها عبرة، قال:
جثمت على صدري مصائب أمتي وكأنها جبل هوى من شاهق
حاولت أقذفه فناء بكلكل وطفقت أنحته بمعول حانق
ومع هذه الشدة التي ألمت بشعب فلسطين، والإحباط الذي أصاب برهان وأبناء فلسطين .. مع هذا كله فقد كان لبرهان ذكريات عزيزة ومواقف طيبة مع الشقيقة مصر ومع شعبها الأبي المجاهد .. فكان برهان قد ذهب إلى القاهرة سنة 1945م مع الكشافة الإسلامية لشرح قضية فلسطين وبعدها أبناء مصر المجاهدين الذين كانوا على صلة مستمرة مع القدس وفلسطين في عامي 46و1947م، وشاهد جهادهم في فلسطين عام 1948م .. ولتأكيد هذا التواصل نظم قصيدة قال فيها[5]:
سرى الركب مشتاقاً يحن إلى مصر يزفّ سلام القدس للبلد النضر
يُعبّر عن آماله بشبابه ويرفع آي الشكر للسادة الغر
إلى بلد فاضت أياديه بالندى على أمة شادت فسادت على الدهر
فهل عندكم يا أهل مصر بقية تبدل ذلّ القدس بالعز واليسر
فإن تسلمي يا مصر فالشرق سالم وإن تنفري ننفر إليك على ضمر
وإن تدعُنا يا نيل للروع نأته جنوداً فإن ّالشر يُقرعُ بالشر
نموت ونحيا والأخوّة ديننا ونهتف بالتوحيد حتى من القبر
وكان برهان شاباً وطنياً متديناً، امتازت ثقافته بطابعها الديني، ويظهر ذلك جلياً في شعره .. ومن ذلك قصيدته التي نظمها بمناسبة ذكرى الإسراء، وألقاها في دار الإخوان المسلمين بجنين في 16/6/1947م، وكانت بعنوان "في الرسول"، وهي أقرب ما تكون إلى النشيد .. قال فيها:
في البكور
في حمى الكعبة
طاف نور
يستجير
أمتي أمتي
يا غفور
انصر المؤمنين
واحفظ المسلمين
من أذى العابثين
يا إلهي الرحيم
أمتي
قد تولى الغريب
قبلتي
فاثبتي
للزمان المريب
اثبتي
أبشري لن يسود
في حمانا اليهود
اقصفي يا رعود
واخفقي يا بنود
وازحفوا يا جنود
واستعيدوا القديم
وطرق برهان في شعره موضوعاً تفرد به .. فقد نظم قصيدة طويلة بعنوان "الفرقان". اقتبس أبياتها من سور القرآن الكريم كلها، ووضع اسم كل سورة عنواناً لبيت أو أبيات شعرية اقتبسها من السورة .. والقصيدة مليئة بالحكم والمواعظ والتعاليم الإسلامية التي وردت في سور القرآن الكريم .. وهو بهذه القصيدة يدعو جميع المسلمين إلى الإقبال على تلاوة القرآن الكريم، تلاوة فهم وتفكر وتدبر والتزام .. وفيما يلي مقتطفات من هذه القصيدة[6]:
الفرقان
إله العرش يا من مد بحراً من الغفران أرجو منك غفراً
خلقت الكون من عدم فأضحى بفضل يديك آلاءً وسحراً
وهيأت الثرى رزقاً ومأوى وللأخرى جعلت الرزق أجرا
الفاتحة
وأنزلت الكتاب هدى ونوراً بفاتحة تزيد القلب بشرا
حمدنا واعتمدناه كتاباً يجود برحمة ويرد شرا
آل عمران
وكانت آل عمران وفاء تمد نساءنا براً وطهراً
النساء
فآلاء النساء تجل فعلاً وتمنح قلبنا حباً وقدرا
الأعراف والأنفال
وللأعراف نور وأي نور يتم بها سنا الأنفال بدرا
هود ويوسف
وحسبك عبرة أصحاب هود ويوسف إذ رماه ذووه مكرا
الرعد
ومن عجب نرى رعداً يدوّي بتسبيح ونسكت نحن كِبراً
إبراهيم
ولو كنا كإبراهيم عقلاً عرفنا الله لم نعبده صخرا
أقام بمكة حيناً وأمضى بأرض القدس عمراً كان فخرى
وفي أرض (الخليل) ثوى نبياً نعمتَ أيا (خليل) حمى وقبرا
فجد الأنبياء أبو أبينا رسول الله مجده وأطرى
فدع عنك افتئات يهود شؤم فليسوا منه إبراهيم يبرا
الإسراء
وليس لهم بقدس الله أرض لنا المسرى، بطه الله أسرى
مريم
ومريم حقها فينا فإنا نقدس طفلها سراً وجهراً
فقد ولد المسيح (ببيت لحم) وأنتم جئتم من مصر قسرا
طه
وطاها زارها ودعى ولبّى وعرّج في السماء وعاد فجرا
سيرجعها صلاح الدين منكم فبالإسلام عزّ صلاح الدين دهرا
الفتح
فجاهد ثم جاهد يوم فتح فكان جهاده للعزّ جسرا
وكان له من الأبطال جيل غزا العزّى بهم وأذلّ (نسرا)
وهيمن بعده الأبطال شرقاً وغرباً في فلسطين ومصرا
وجاء بعيدهم أضاعوا فذاقوا من ضياع الدين خسرا
البروج والطارق
يرى ذات البروج غدت لهيباً وطارقها غدا نتفاً وذرّا
القدر والبيّنة
فقم في ليلة القدر ابتهالاً ببينة وإلا متّ صفرا
الفلق والناس
أعوذ بخالق فلقاً صبيحاً برب الناس والأكوان طرا
من الشيطان إنساناً وجنّاً مفرق أمّة الإسلام شذرا
فبرهان ليرجو الله نصرا على الأعدا ويرجو منه أجرا
وأسأله تعالى العفو عنّا إذا متنا وعاد الكون قبرا
ولشاعرنا قصائد اجتماعية .. منها قصيدة بعنوان (الحيمن الإنسان)، نظمها في بغداد بتاريخ 25/3/1971م .. وأخذ معانيها من الآية الكريمة (فلينظر الإنسان ممَّ خلق) (الطارق: الآية 5).. هذه القصيدة فيها الكثير من التفكر في خلق الإنسان، وفيها عرض لمراحل ومسيرة حياته، منذ كان نطفة وحتى يعود إلى بطن الأرض .. قال فيها[7]:
يا (حيمناً) سال من ظهر إلى رحم حتى استقر على وهن وفي وخم
قل لي أكنت زعيماً في الحشا ملكاً أم كنت فيه أميراً غير متَّهم
أم كنت فيه جباناً لا تطيق فدى أم عالماً خاض بحر العلم والحكم
ومذ برزت تلقتك المنون يداً فرحت تصرخ يا مجنون من ندم
وقمت تدرُج فوق الأرض معتمداً على الجدار وفيك الوهن من قدم
وإن غدوت قوياً رحت منسجماً مع الغرور نسيت الماء في الرَّحم
كما نسيت الذي سوّاك مضغته فرحت تكفر بالرحمن ذي الكرم
غداً تعود لبطن الأرض تسألها نزلت من رحم أشقى إلى رحم
قصائد مختارة من شعره
1
الوطن المبيع
فلسطين .. أرض وطن وعقيدة .. أرض طهر وقداسة ..
فلسطين .. أرض قادة ميامين .. وأجداد فاتحين ..
فلسطين .. أرض رباط منذ دخلها الإسلام وإلى يوم القيامة ..
هذه الأرض تعرّضت لكثير من مؤامرات الحاقدين وهجمات الطامعين، في فترات الضعف والغفلة التي مرت بالأمة الإسلامية .. فقد هاجمها الصليبيون في تسع حملات صليبية .. وهاجمها المغول والتتار .. وهاجمها الفرنسيون في نهاية القرن الثامن عشر ليستعمروها ويقيموا فيها دولة لليهود .. وطردوا جميعاً منها بعد معارك طاحنة قادها أبطال الإسلام..
وفي أواخر القرن التاسع عشر تآمر عليها الصليبيون الجدد واليهود والماسون، ليقيموا فيها دولة لإسرائيل .. فبعد انعقاد المؤتمر الإسلامي الصهيوني الأول عام 1897م في مدينة بال في سويسرا، حاول هيرتسل التأثير على السلطان عبد الحميد الثاني بغية استيطان اليهود في فلسطين .. وكانت الدولة العثمانية في تلك الفترة تعاني من مشكلات مالية متعددة .. وكانت هذه الثغرة هي السبيل الوحيد أمام هيرتسل كي يؤثر على سياسة السلطان عبد الحميد تجاه اليهود .. يقول هيرتسل في مذكراته:
"علينا أن ننفق عشرين مليون ليرة تركية لإصلاح الأوضاع المالية في تركيا .. مليونان منها ثمناً لفلسطين، والباقي لتحرير تركيا العثمانية بتسديد ديونها .. ومن ثم نقوم بتمويل السلطان بعد ذلك بأي قروض جديدة يطلبها"..
وبعد محاولات كثيرة من هيرتسل، وضغوط متواصلة على الدولة العثمانية من أجل فتح أبواب فلسطين للهجرة اليهودية، قال السلطان عبد الحميد[8]:
"انصحوا الدكتور "هيرتسل" بألا يتخذ خطوات جدّية في هذا الموضوع، فإني لا أستطيع أن أتخلى عن شبر واحد من أرض فلسطين .. فهي ليست ملك يميني .. بل ملك الأمة الإسلامية .. لقد هاجد شعبي في سبيل هذه الأرض ورواها بدمه .. فليحفظ اليهود بملايينهم .. وإذا مزقت دولة الخلافة يوماً فإنهم يستطيعون آنذاك أن يأخذوا فلسطين بلا ثمن .. أما وأنا حيّ فإنّ عمل المبضع في بدني لأهون عليّ من أن أرى فلسطين قد بترت من دولة الخلافة وهذا أمر لا يكون .. إني لا أستطيع الموافقة على تشريح أجسادنا ونحن على قيد الحياة ..".
وأمام المواقف الصلبة للسلطان بعدم السماح لليهود بالاستيطان في فلسطين .. ركزوا هجومهم على دولة الخلافة .. فثبت في وجههم السلطان المجاهد عبد الحميد ثلث قرن من الزمان .. ولكن الهجوم والمؤامرات كانت أكبر وأقوى منه، فسقطت دولة الخلافة .. وتولت بريطانيا رعاية اليهود، والتمكين لهم في فلسطين .. وفي الفترة التي سيطرت فيها بريطانيا على فلسطين قامت بفرض الضرائب الباهظة على الفلاح الفلسطيني، ووضعته في ظروف صعبة .. وأطلقت السّماسرة من داخل فلسطين ومن خارجها لشراء الأرض بأي ثمن !!
وأمام هذه الهجمة المسعورة .. كان للعلماء والأدباء دور كريم في التوعية وتحريم بيع أي شبر من أرض فلسطين .. وكان لشاعرنا برهان الدين نشاط كبير في هذا المجال .. ومن ذلك نشاط هذه القصيدة التي نظمها بعنوان "الوطن المبيع"، وألقاها في مؤتمر صندوق الأمة العربية في جمعية العمال العرب بحيفا في 23/1/1945
أبيات القصيدة[9]
اخفض جناح الذل للوطن الذي رواك من أكوابه ورضابه
واحذر عذاب الله لا تكن الذي باع الأمانة فاكتوى بعذابه
إن بعتها بعت السماحة والندى بعت الكرامة أينعت بجنابه
أتُعزُّه لما حباك بخيره وتشيح عنه إذا الجواد كبا به
أسفاً عليك خرجت عن سنن التقى ورضيت بالذل المشين وعابه
لا بدع من هانت عليه بلاده هان العزيز عليه من أنسابه
إن كان تعظيم البلاد بشعبها فهو العزيز الحر في أترابه
أوَ كان تعظيم البلاد لمعدن فمعادن الأخلاق كل ترابه
ولقد عجبت لمن يبيع ترابه (الـ مجبول) بالدم، ما جرى لصوابه!؟
هل جن يا ليت الجنون حليفه فأصون نفسي عن جنون عتابه
كلا فقد ألفى هنالك أمة أخنى عليها دهرها بذبابه
فمضى يسمسر تارة ويبيع ما ترك الغزاة الصيد من أحسابه
لو كان يعلم في الشباب حمية لارتد من فزع على أعقابه
لا يأمنن النذل طول أناتنا فغداً يلاقي النذل كل عقابه
وطني فداه دمي وما ملكت يدي وإذا فديت قضيت بعض حسابه
كم من بنيه وإن أمنت لقاءه خصم تزمّل ماكراً بأهابه
والله لو جعلوا الكواكب في يدي لنبذتها تهوي على أعتابه
وأعز ما نرجوه نحن شبابه أن نحمل الرايات فوق هضابه
يابن البلاد وأنت كل رجائها يوم الجلاء اسمع نعيق غرابه
ما مسّ أندلساً يمسك مثله فابذل له تلحقه قبل ذهابه
وطن حواك بحاضنيه وقلبه أضحى يسام الخسف من أحبابه
قد شردوا العربي عن أوطانه قد جردوا العربي من أثوابه
لا تعذلوا الشعب الفتي فإنهم دسوا له سمّاً بحلو شرابه
انظر إلى البحر الخظم تلاطمت أمواجه غضباً على سلابه
يبكي الأساطيل التي كانت لنا أيعود أسطول لنا بعبابه؟!
(والكرمل) المحزون بعد هنائه يلقى الأذى والذل من أغرابه
قد أقفلوا الأبواب ما تركوا لنا والبيت يؤتى آمناً من بابه
ماذا تبقّى غير قاع أجرد نرعى مع القطعان من أعشابه
لهفي على الليث المهدد غابه قد كان أجدر أن يموت بغابه
والحر يدفع عن حماه بسيفه فإذا تحطم سيفه فبنابه
فلنمش للموت الزؤام كما مشى جيش النبي بشيبه وشبابه
جيش من الجبروت شقَّ طريقه في الأرض حتى أذعنت لحرابه
فهناك أوربا تدين بدينه وهناك يأجوج مشى بركابه
والبحر مضطرب تعج سفينه (ذات الصواري) خضّبت بخضابه[10]
والغرب تلميذ لنا فاعجب إذاً لمعلم قد سيم من طلابه!
زعموا بأن كتابه حل لنا عجباً وهل يشقيك غير كتابه![11]
حكموا الممالك بالكتاب فأزرق أو أبيض يغريك لمع سرابه
وهناك شرذمة تقول بقوله وبلاء الاستعمار من أذنابه
أإذا حرمنا دولة عربية نمنا على ضيم العدا وسبابه ؟!
لم تسمع الدنيا بمثل مصابنا ومصاب هذا الشعب من أنصابه
فإذا تململ للخلاص رأيتهم رفعوا سيوف البطش فوق رقابه
بلغ الأسى والحقد فينا مبلغاً قد كاد يخرج عن حدود نصابه
فلعل هذا الحقد يضرم نخوة في جيلنا ويهز من أعصابه
فيهب كالمجنون يدفع غارة تجتاحه في سهله وشعابه
فيزلزل الدنيا بغضبته كما قد زلزل الرومان في قرضابه
فالمجد لا يبنى بغير جماجم والمجد تحميه سيوف غضابه
إن كان الاستقلال يؤخذ عنوة والموت فيه فنحن من أربابه
قصائد مختارة من شعره
2
معركة جنين
معركة جنين من المعارك التاريخية الكبرى التي حدثت بين المجاهدين العرب، والقوات الصهيونية في فلسطين .. فعندما بدأت القوات البريطانية بالانسحاب من فلسطين عام 1948م- بعد أن مكنت لليهود فيهام قامت القوات الصهيونية بالإغارة على المدن والقرى الفلسطينية للاستيلاء عليها .. وفي السادس عشر من أيار بدأ اليهود بتنفيذ مخططهم للزحف على جنين ومنها إلى نابلس وطولكرم .. وقاموا باحتلال القرى الواقعة شمال جنين .. وحشدوا قوات ضخمة في منطقة العفولة .. وفي ليلة الخميس الثالث من حزيران 1948م، انطلقوا نحو مدينة جنين بجيش كبير زاد على الخمسة الآلاف .. ولم يكن في جنين في تلك الليلة سوى عدد من المناضلين من أبناء منطقة لا يتجاوز ثلاثمائة مناضل، فدافعوا عن مدينتهم دفاع الأبطال.
وتمكن جيش الهاجاناة من دخول المدينة واحتلالها .. وهب أبناء قرى جنين لنجدتها بما يملكون من بنادق قديمة وفؤوس وعصي .. ووصلت نجدة عراقية من خمسمائة جندي يقودها المقدم عمر علي ..
وبعد معركة طاحنة، تمكن الجيش العراقي والمقاومة المحلية من أبناء منطقة جنين، من إخراج اليهود من جنين وتكبيدهم خسائر فادحة .. وانتهت المعركة بنصر مبين للمجاهدين الذين أرغموا اليهود على مغادرة المدينة تاركين أكثر من ألف قتيل ..
وكانت جنين المدينة الوحيدة التي احتلها اليهود وأخرجوا منها بالقوة.. والأهم من هذا أن طردهم من جنين أخر احتلالهم للضفة الغربية بأكملها مدة تسعة عشر عاماً، أي حتى عام 1967م ..
وبعد المعركة أقام الجيش العراقي – قبل انسحاب من جنين- بالتعاون مع بلدية جنين نصباً تذكارياًمتواضعاً وسط المدينة، لشهداء معركة جنين .. وتم الاحتفال بإزاحة الستار عن النصب التذكاري، حيث ألقى أحد كبار الجيش العراقي في ذلك الوقت المقدم محمود شيت خطاب قصيدة رائعة، قال فيها:
هذي قبور الخالدين فقد قضوا شهداء حتى ينقذوا الأوطانا
وقال:
أجنين لا أنسى البطولة حية لبنيك حتى أرتدي الأكفانا
إني لأشهد أن أهلك كافحوا غزو اليهود وصارعوا العدوانا
وكان شاعرنا برهان الدين من الشباب المناضلين الذي شاركوا في القتال ودافعوا عن مدينة جنين .. وبعد النصر الذي تحقق نظم قصيدة بعنوان "معركة جنين" .. وقد نشرتها جريدة اليقظة البغدادية في 8/10/1948م، في عددها رقم "426".
أبيات القصيدة[12]
بينما الناس في أسى واكتئاب والمنايا تطوف فوق الروابي
وذوات الجناح تُلقي علينا لهب النار منذراً بالخراب
وأزيز الرصاص ينهلُّ (كالغيـ ث) ولاح الوجوم في كل باب
وشباب الحمى تساعوا أسودا من (جنين) وحولها كالعباب
يصدمون الغزاة بالعزم و (النا ر) كراماً وبالمُديِّ والحراب
وسلاح العدى حديد ونار وجناح يطير فوق السحاب
بينما الأهل بين كر وفر ورحيل ودهشة وارتياب
بينما الطفل قد تلاشى أبوه وذوات الحجاب دون حجاب
وذوو المال والوجاهة طاروا يتمنون جرعة من شراب
يتحامون بالغصون لتحمي لدغة الشمس وهي سوط عذاب
بينما الأفق مكفهر عبوس ليس في الحي غير نعق غراب
وشباب وبضعة من شيوخ لم يروا للنجاة غير سراب
بينما الفاتحون عمرو وسعد وصلاح في حسرة واكتئاب
بينما الناس بين هذا وهذا إذا بالبشير فوق الهضاب
فتساءلت مدنفاً ربِّ من ذا قال جيش العراق زين الشباب
جيش سعد وخالد وصلاح جيش ربِّ السماء ربِّ الكتاب
فتشهدّتُ ثم تُرتُ وإني أحمل الجرح تحت طي ثيابي
لأرى البأس والرجولة و (الإيمـ ان) تمشي مع الأسود الغضاب
ونسيت العذاب والهم والغم نسيت الأذى وهول المصاب
مذ رأيت الوجوه تَبسَّمُ (بالبشـ ـر) لجند العراق والأحباب
مذ رأيت الجنود تقتحم الخصم وترخي الحسام فوق الرقاب
مذ رأيت النجوم في العَلَمِ (الحـ ـر) تهادى على متون الروابي
مذ رأيت اليهود تهرب (كالبهـ ـم) وتلقي السلاح فوق التراب
كيف لا يبسم التراب وفيه بطل الرافدين حر الأهاب
قد أقمنا له المنارة ذكرى وهو في قلبنا عزيز الجناب
فاحفظوا حقه وصونوا ثراه بنفيس الدما وبالألباب
لا أرى هدنة تبرر نوما بل أعدوا وجندوا لحساب
مغرب الشمس يحسد الشرق فاحذر يا فتى المشرقين مكر الذئاب
حسبكم عبرة عذاب (فلسطيـ ـن) تردّت وأهلها في الخراب
قصائد مختارة من شعره
3
إلى متى
بعد فرض الهدنة في فلسطين وتوقف القتال، وانسحاب الجيوش العربية .. هاجر برهان عام 1949م إلى بغداد .. هاجر بجسمه ولكن الروح والعين والكبد بقيت في فلسطين .. هاجر وهو يحمل الأسى لما حل بأرض الإسراء من محن وابتلاء .. ولما أصاب شعبها من شتات ..
ومرت به الأيام والسنون، وهو يترقب يوم العودة الظافرة .. وينتظر اليوم الذي يعود فيه إلى جنين وفلسطين .. التي لم تبتعد عن مخيلته يوماً من الأيام ولا ليلة من الليالي .. ويهزه الشوق إليها ... فينظم قصيدة بعنوان "إلى متى" يبث فيها ألمه وحرقة كبده للمصاب الجلل، وطول الغثاء الذي حل بالأمة .. يدعو إلى الوحدة والإيمان والعزيمة، والإعداد لتحرير الوطن المغتصب ..
أبيات القصيدة
شط المزار ولكن قلبنا يَقِدُ والروح هائمة والعين والكبد
لقيا الأحبة يحييني ويؤنسني أمدُّ قلبي لهم إن لم تُمدَّ يدُ
علاني الشيب لكن لم ينل وطراً من همتي فمشيبي تحته أسد
ألم تروا أنني جددت أجنحتي فطرت من دجلة الأحرار أجتهد
أطير فوق رُبى الأردن ملتفتاً إلى فلسطين وهي القلب والجسد
لأنتشي بسجايا من شمائلها لعل قلبي الذي ينشق يبترد
فإنها نفحة من معشر ركعوا عند الخليج وفي الإسبان قد سجدوا
هنا ذكرت رسول الله حيث سرى على البراق وكل الخلق قد هجروا
إني لأنشد شعري الحر في بلدٍ جدّ الرسول به يصغي لمن نشدوا
لعل قوم رسول الله تسمعني آذانهم فيعودا مثلما وجدوا
لقد وقفت هنا من قبل ممتشقاً سيفاً وعدت لأبكي فيه من لحدوا
دعنا من الشوق ولنفحص مريضتنا ثم لنسائل أساة العرب لِمْ جمدوا
ما لي أرى الناس قد عزوا بتربتهم ونحن في أرضنا التمزيق والبدد
أما بهم نخوة ترجى لأنفسهم أم قلبهم مرض أم عينهم رمد
فيم احتفالكم والجن قد مردوا وذاك مسرى رسول الله مضطهد
إن الإباء ليأبى أن نحدّثه عن المكارم والأعراض تفتقد
ألم تروا كيف بتُّم ألف شرذمة شعارها الجبن لم يأبه لها أحد
هذا دخيل وهذا تابع وترى أخاك تقتله الأطماع والحسد
ملأتم الأرض تعداداً وأمتكم ذليلة يعتليها السيف والصفد
فنحن في الأرض آلاف مؤلفة لكننا كغثاء السيل ننجرد
وليس ينفعكم في ذلكم عدد فعدة الحرب تحمي الحق لا العدد
إن ثرتم فعلى الأوطان ثورتكم وخصمكم بينكم ما زال يحتصد
إلى متى ولهيب الذعر يُحجِمُكم عن خوض معركة في القدس تتقد
إن تبتغوا الله في الذكرى فدونكمُ مسرى الرسول فأدّوا حقه تجدوا
دعوا البكاء وخلوا الندب واعتمدوا على العزيمة والإيمان واتحدوا
إن اعتمدتم على الأقوال سفّهكم إلهكم ونأى عن أهله البلد
هل كان جيش صلاح الدين جيش دعا أم كان جيش جهاد صانه (الأحد)
القادسية واليرموك شاهدة لدين طه وذي (بدر) وذي (أُحُد)
تجللت كلها بالسيف أيده قرآننا في صدور زانها الزرد
قرآننا النور لم يترك لدارسه إلا الحقيقة أن الصدق معتمد
يا ما أحيلى شباب العرب زينهم قرآنهم في أتون الحرب إذ صمدوا
ومادت البيد واهتزّت بأندلس جبالها لشباب قادهم أسد
ونحن أحفادهم والشبل من أسد ومن يخلف تراثاً صانه الولد
تراثهم بات نهب الإنجليز ومن يهمل تراث أبيه عضّه الكمد
يبيع (بلفور) غيلاً ليس يملكه لما رأى قومنا من حوله قعدوا
أضحت فلسطين شاةً تستدرّ وما هناك من عربٍ يُرجّى بهم عضد
من مطلع القرن خضنا نارها أسدا ولم نكف ولكن جيرتي جحدوا
كنا ثلاثين نغزو جحفلاً لجباً من الصهاينة القوم الألى فسدوا
كانت لهم (أمريكا) عونهم مدداً ونحن لم يأتنا من يعرب مدد
إخواننا سلبونا كل قارعة ندكّ فيها قلاع الخصم وابتعدوا
وهادنوا معشراً ما كان هادنهم نبينا يوم خانوا الله وانتقلوا
ولو رأيت (علياً) عند (خيبرهم) يدكّ قلعتهم في شدقه الزبد
هات السلاح وأطلق سرْحَ لاجئنا على العدوّ يُذِقْهُ النار تتقد
يا من رأى أسداً يبكي بخيمته قد كبّلوه بقيد الذل واقتعدوا
تدارست نخوة الأحرار واندثرت في أمة ضجّ منها القيد والوتد
اللاجئون هم آساد أمتنا والنصر منهم وفيهم يثأر الولد
لا تحسبوهم حطاماً إنهم ذهب قد جاهدوا في سبيل الله واعتقدوا
وإنهم ليرجّون الجهاد غداً وفيهم الشَّيب والشبّان و(الصَّمَد)
المصادر والمراجع
1- مسرحية "وطن الشهيد"، صدرت عام 1947م.
2- مسرحية "شبح الأندلس"، صدرت عام 1947م.
3- ديوان "جبل النار"، صدر عام 1956م.
4- ديوان "إلى متى"، صدر عام 1972م.
5- ديوان "جنود السماء"، صدر عام 1985م.
6- أحمد الجدع: معجم الأدباء الإسلاميين المعاصرين، ج1.
7- خالد النصرة: جريدة النهار الأدبي- القدس، في 7/7/1989م.
8- صالح مسعود أبو يصير: جهاد شعب فلسطين خلال نصف قرن.
9- عبد العزيز الشناوي: الدولة العثمانية، ج2.
10- محمد عمر حمادة: أعلام فلسطين، ج2، 1988م.
11- ياسين السعدي: جريدة القدس في 23/2/1995م.
12- رسالة من المحامي أديب العبوشي للمؤلف.
ــــــــــــ * من كتاب أدباء من جبل النار [1] ) ديوان "جبل النار"، ص 76.
[2] ) مسرحية "وطن شهيد".
[3] ) أعلام فلسطين ج2، ص20.
[4] ) ديوان "جبل النار"، ص8 ... والمرج هو مرج ابن عامر الذي تقع على أطرافه حيفا وبيسان وجنين. وقد نشرت القصيدة سنة 1933م.
[5] ) معجم الأدباء الإسلاميين ج1، ص 209.
[6] ) ديوان "جنود السماء"، ص 4.
[7] ) ديوان "إلى متى"، ص2.
[8] ) د. عبد العزيز الشناوي: الدولة العثمانية، ج2، ص 990. وصالح مسعود أبو يصير: جهاد شعب فلسطين خلال نصف قرن/ ص 31.
[9] ) ديوان "جبل النار"، ص 12-13.
[10] ) معركة ذات الصواري العربية التي وقعت في البحر الأبيض المتوسط ين جيش الأمويين والرومان.
[11] ) إشارة إلى الكتاب الأبيض الذي أصدرته الحكومة البريطانية تفسيراً لحل قضية فلسطين.
[12] ) ديوان "جبل النار"، ص 24.
يتبع >>>>>>>>>>>
|
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: مشاهير فلسطين في العالم الجمعة 13 سبتمبر 2013, 10:55 pm | |
| تابع >>>>>>>>>> برهان الدين العبوشي
مقدمة بين يدي ملحمة "شبح الأندلس"الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله إمام البلغاء وسيد الفصحاء وعلى آله وصحبه ومن والاه ؛
فقد اتجهت عناية "مؤسسة فلسطين للثقافة" أن تربط حاضر القضية الفلسطينية بماضيها، وأن تنشدّ إلى أصالتها،وتحيي النمط الثقافي الحقيقي الذي كان سائداً في كافة مراحل قضيتنا منذ الفجر العربي الإسلامي لها عبر وحدة ثقافية تتكامل فيها مفاهيم العروبة والإسلام في ائتلاف وتناغم وانسجام، هذه النمطية كانت هي الغالبة على مشهدنا الثقافي الفلسطيني رغم أن ثمة تغييباً غير بريء جرى بحق إنتاج ثقافي غزير لم ينل حظه من الرعاية والاهتمام والنشر نظراً لشيوع تيارات فكرية وافدة على منطقتنا حظيت بدعمٍ أجنبي رغم غربتها عن امتداداتنا المرتبطة بجذورنا التاريخية والدينية والثقافية.
مسرحية " شبح الأندلس" الشعرية من هذا النمط المُغيّب رغم أنه نمط أدبي فني نادر وعزيز في الأدب الفلسطيني والعربي مما دفعنا أن نعيد تقديمه للجمهور ثانية بعد أن غاب عن الجمهور لأكثر من خمسين عاماً فلم يكد أحد يسمع به أو ينوّه به مما أدى إلى غيابه عن المشهد النقدي والأدبي، فلم يُسجّل عنه إلا القليل. وتأتي أهمية هذا العمل من جهة أخرى أنه أُلِّف في أشد السنين قتامة في تاريخنا الفلسطيني والعربي المعاصر لأن هذه المسرحية الشعرية أصدرها المؤلف عام 1949 في جنين يحكي فيها ذكرى النكبة الفلسطينية وإنشاء الكيان الصهيوني وجهاد شعب فلسطين ضد الاحتلال الصهيوني من خلال استحضار نموذج حيّ عايشه الشاعر وشارك فيه بسِنانه ولسانه، حيث أرّخ برهان الدين العبوشي لمعركة جنين البطولية التي شارك فيها الأهالي مع نفر من الجيش العراقي متلاحمين حتى تمكنوا من دحر العدوان وحماية مدينة جنين من أن تتحول إلى بقعة محتلة آنذاك كحيفا ويافا وعكا وبلدات الجليل الأعلى والأوسط. هذه المسرحية وثيقة تاريخية وأدبية خطيرة ومهمة تكشف عن تفاصيل جديدة من أرض الواقع، وتكشف عن جو سياسي قائم آنذاك يتعامل معه أهل فلسطين والجيوش التي ترابط فيها، وتحكي المسرحية عن جوانب هي في الغاية من الأهمية تتعلق بالأجواء النفسية، والمشاعر المختلطة، والإشاعات السائرة، والمواقف الرسمية والشعبية.
يتحدث المؤلف أن هذه المسرحية كانت تحمل اسم "أخت الأندلس" تشبيهاً لها بمآل الأندلس التي عاش فيها العرب المسلمون ثمانية قرون ثم طردوا منها إثر خلافهم وتنازعهم وتفرُّق كلمتهم، وهي تسمية متشائمة دفعت ببعض أصدقاء العبوشي أن يعترض عليها فعَدَل عن هذه التسمية إلى "شبح الأندلس" وهي تسمية لا تزال تحمل عمقها النفسي التشاؤمي إلا أنها أخفّ وطأة من إعلان التحقق من الهزيمة، رغم أن هذا التغيير لم يغيّر من قناعات الشاعر الغاضب الحزين.
المعاني والفِكَر:
يتفاعل الحس الوطني مع الحس القومي والديني بائتلافٍ بارز مؤثر يَشِي بالروح السائدة لدى قطاعات الشعب الفلسطيني آنذاك دون تعقيد أو فلسفة فهي صورة نفسية صادقة عن دواخل النفس وما تؤمن به في النظر إلى الأرض المباركة ومواجهة العدو المُريد احتلالَها.
ما ضَرَّ لو سلكوا طرائق دينِهم للمجد واتخذوا العروبة مصدرا
وحسُّه هذا لا يمنعه من انتقاد لاذع لأوضاع العرب والسياسة العربية الرسمية المتأثرة بحسابات المحتل البريطاني والفرنسي للبلاد العربية، فينعى على العرب خصامهم وعجزهم وروحهم الانهزامية ويندد بمواقف الزعماء السياسيين آنذاك.
ويحذر العبوشي مبكراً من قَبول العرب بالهدنة الأولى والثانية وقد حصل إثرهما ما حصل من ضياع للأرض وتشريد للفلسطينيين، ويحمل بشدة على سياسات التبرير المنهزمة وتصديق القوى الكبيرة، ويسخر من هذا المنطق المهزوم الذي سيؤدي إلى تقسيم فلسطين وإنشاء الدولة اليهودية.
ويحمل العبوشي على الخلافات السياسية بين الفلسطينيين ويدعوهم إلى الوحدة الوطنية لمجابهة عدوهم.
ويهاجم العبوشي الإشاعات المريضة التي أشاعتها بعض الأوساط السياسية لتبرير الهزيمة والتقصير من أن الفلسطينيين يبيعون أرضهم لليهود ويحكي في مقاطع مسرحيته عن عائلات عربية – يذكرها بالاسم - تسببت في هذه الخسارة ببيع أملاكها في فلسطين إلى اليهود.
مشاهد المسرحية:
تدور أحداث هذه المسرحية الواقعية في دوائر متصلة تبدأ ببقعة مفتوحة في المدينة وتنتهي بميدان المعركة فيها، مروراً بمعسكرات المجاهدين ومواضع رباطهم مع إخوانهم في الجيش العراقي وثلّة من الجيش السوري؛ ويلعب الدور فيها عشرات الشخصيات الذين يشكّلون في مجموعهم دور البطل مع بروز مسرحي محدود للشخصية اليهودية العسكرية في آخر مناظر المسرحية.
ويدور بين هذه الشخصيات حوار سياسي وفكري لا يتوقف تمتزج فيها المشاعر بالوقائع لترسم صورة واقعية حقيقية لتلك الحوادث المتصلة الأليمة.
وقد ركز العبوشي على البعد الشعبي في شخصياته، وأثنى كثيراً على دور الجيش العراقي المرابط في جنين، وامتدح قادة هذا الجيش المقاتل وخصه بمزيد ثناء وشكر على جلدهم وتفهّمهم لحقيقة المؤامرة السياسية الرامية إلى دفعهم للخروج عن نصرة أهلهم في فلسطين، ويخص بعض قادتهم الشهداء بإشادة شعرية في كثير من المواضع، ويبدو أن تلك العلاقة الحميمية دفعته للسفر إلى العراق والالتحاق بالحركة الوطنية العراقية وعضد منها معرفته السابقة ببعضهم أثناء لجوئه للعراق عقب ثورة 1936م .
والحوار الشعري الطويل هو اللون السائد في هذه الملحمة الشعرية نظراً لحاجة الشاعر إلى حشد مشاعره ومشاهده المكتظّة ليسجلها في موقف التوثيق والذكرى لهذه المرحلة الأليمة التي يختتم فصولها ببث نجواه وشكواه وحنينه إلى الأرض المحتلة التي سكنته في جميع دواوينه وأعماله.
هذه المشاعر المتأججة والأحداث الكبيرة جعلت من شاعرنا حكيماً يسرد للناس مواضع الحكمة فيحكي لهم قصة المتقاضيين على كبد إلى قرد كان ينتزع من الكبد ويزدرده بين كِفتي الميزان ليصل بالمتقاضيين إلى العدالة فكان العدل عند هذا القرد " الدولي" أن أكل الكبد كله محل النزاع فعدل بينهما بظلم كليهما.
وهو في حكمته غاضبٌ متوجعٌ من منطق متخاذل يسمعه ها هنا وها هناك:
إذا أنتَ لم تحسِنْ قتالاً فداوِنا وإن أنتَ لم تحسِن كلاماً فأنصتِ
العاطفة:
تمتزج لدى الشاعر مشاعر حرّى مؤلمة وهو يشاهد الكيد والتآمر والتقصير من جانب العرب بينما الأعداء مجتمعون على حربنا مصممون على هزيمتنا والتوسع في إقليمنا العربي فيطلق تحذيراته المنذرة بخطر اليهود وشرهم ورغبتهم في التوسع والتمدُّد إلى دجلة الفرات.
ورغم غلبة المرارة في مسرحيته التي تكاد تفضي بالشاعر إلى التشاؤم إلا أنه كثيرا ما ينفض شعور التشاؤم عن كاهله ويجدد الأمل مقروناً بالتحدي والإصرار والعزيمة ثم تتسرب إلى روحه الآملة مشاعر غاضبة من (الآمرين) زعماء الهزيمة، ولا يخفي مشاعر الإحباط التي ترافقه بعد ثلاثين عاماً من القتال والمناضلة منذ بداية الانتداب البريطاني وإقرار وعد بلفور.
هذه المشاعر المشحونة تخلق لدى شاعرنا حالة حسرةٍ مستديمة تلتقي في مفارقها كلُّ المشاعر المتضاربة.
الإيقاعات:
ونظراً لاتساع آلامه وأحزانه واختلاطها بمشاعر الغضب والتحدي والحسرة والإحباط فإن الشاعر يعبر عن مشاعره المختلطة تلك بألوان تعبيرية تطول وتقصر باستخدام البحور الطويلة تارة والبحور القصيرة والمتوسطة تارة أخرى.
ويمتاز الاستخدام الطويل بسرد المشاعر الروائية الحزينة وسرد الوقائع والأحداث والتفاصيل، بينما يمتاز الاستخدام القصير بالحواريات السريعة، والمواقف النهائية الحازمة.
وغالباً ما تكون هذه الإيقاعات موصولة بشحنة عاطفية متأججة تعطي للمسرحية نوعها الغنائي الذاتي ضمن روح ملحمية جماعية.
إننا إذ نعيد تقديم هذه التحفة الفنية فإننا نعيد الاتصال بماضينا القريب مع البدايات الأولى لنكبة شعبنا الفلسطيني بقلم شاعرٍ صادق المشاعر متين اللغة دقيقِ الحبك يحكي عن وقائعَ شاهدها وسمع عنها وشارك فيها في واحد من أجمل الفنون الشعرية التي تعتمد الحوار الدرامي الشائق لتوثق الأحداث والأحاسيس معاً.د. أسامة جمعة الأشقر برهان الدين العبوشي القامة والظل.. هذا شاعر فلسطيني كبير، يمكن أن نطلق عليه لقب (الشاعر المظلوم) ..
نسيه النقاد والدارسون لأسباب غير معروفة وحتى الذين أتوا على ذكره من أمثال سارة ديكان واصف في (معجم الكتاب الفلسطينيين) ومحمد عبد الله عطوات في كتابه عن الشعراء الفلسطينيين وغيرهما؛ فإنهم ذكروا أنه توفي عام 1970 مع أن الرجل عاش حتى عام 1995 أي أنهم غيبوه قبل ربع قرن من غيابه .
المنشأ:
ولد برهان الدين العبوشي في مدينة جنين في اليوم السابع من كانون الأول عام 1911، والده حسن قاسم العبوشي، وهو أصلاً من كفر عبوش قضاء بني صعب (طولكرم) ووالدته الحاجة مشخص بنت الحاج يوسف إبراهيم شيخ عشيرة (أبي بكر الحسن وأحمد الجابر) وإخوته حسني العبوشي (الإعلامي في الـ BBC) ورشدي (عمل مدرّساً في لبنان) وجمال تاجر حبوب معروف في جنين)، وشقيقتاه خيرية (متزوجة من رؤوف عبد الهادي) وسنية (متزوجة من ثابت مشتاق وكان ضابطاً في الجيش العراقي الذي شارك في معارك فلسطين عام 1948)، وقد أسست سنية مستشفى في جنين لمعالجة جرحى الحرب، وشقيق زوجها هو طالب مشتاق الشخصية العراقية المعروفة.
الثقافة:
أنهى برهان الدين العبوشي دراسته الابتدائية في مدارس جنين، والثانوية في كلية النجاح الوطنية (نابلس) ثم انتقل عام 1931 إلى لبنان ليتابع دراسته الجامعية في الكلية الوطنية في الشويفات، ويلتحق بعدها بالجامعة الأمير كية في بيروت عام 1933، وفي عام 1934 تم فصله من الجامعة بسبب مواقفه الوطنية والقومية، فعاد إلى فلسطين والتحق بالعمل في البنك العربي في طبريا، ثم نقل إلى مدينة القدس.
شارك برهان الدين العبوشي في ثورة فلسطين عام 1936 – 1939 واعتقل في مدينة القدس وتم نقله إلى (عوجا الحفير) في صحراء سيناء، ثم تم نقله إلى معتقل (صرفند الخراب) قبل الإفراج عنه.
وعاودت سلطات الانتداب البريطاني اعتقاله وزجّت به في معتقل (المزرعة) بعكا لمدة عشرة أشهر بعد مصرع الحاكم البريطاني (أندروس).
وفي عام 1939 انتدب للتعليم في العراق بعد رحيل الملك غازي، وشارك في العراق في الثورة التي قادها رشيد عالي الكيلاني عام 1941 وجرح في معركة (أبوغريب) وقام الثوار بتهريبه إلى الموصل بعد أن صدر أمر القبض عليه، وبواسطة رجال العشائر البدوية العربية تم تهريبه إلى دمشق حيث مكث فيها أياماً عاد بعدها إلى جنين، شارك مع المجاهدين الفلسطينيين والجيش العراقي في معركة جنين عام 1948 وجرح في تلك المعركة. ولما حلت النكبة نزح مجدداً إلى بغداد وسكن في شارع فلسطين ببغداد (حي 14 تموز) وعمل مدرساً لمادة اللغة العربية والدين، واقترن في العراق بمواطنة عراقية من عائلة الحافظ المعروفة في الموصل، وهي من عشائر السادة الحياليين الذين هم من نسل الإمام علي بن أبي طالب ( كرّم الله وجهه) وأنجب منها (سماك) و (حسن)، تطوع للحرب في حزيران عام 1967 وعاد إلى بغداد فقد انتهت الحرب قبل أن يتسنى له المشاركة فيها، وعاد عام 1973 وتطوع للقتال في فلسطين ولم يتسنّ له المشاركة بها.
وبرهان الدين العبوشي ليس مجرد شاعر ظهر في حياتنا، إنه علم بارز بين شعراء فلسطين الكبار أمثال إبراهيم طوقان وعبد الكريم الكرمي وعبد الرحيم محمود وغيرهم، ومناضل وطني جاهد في فلسطين والعراق، وشعره يتّسم بالجزالة والقوة، ترك لنا أربعة دواوين شعرية: (جبل النار) صدر عام 1956 و (النيازك) عام 1967 و (إلى متى) عام 1972 و (جنود السماء) عام 1974 وكلها صدرت في منفاه ببغداد.
وهو رائد المسرح الشعري في فلسطين، وله أربع مسرحيات شعرية هي: (وطن الشهيد) طبعت بالمطبعة الاقتصادية في القدس عام 1947 و( شبح الأندلس ) طبعت بمطبعة دار الكشاف ببيروت عام 1949 و ( عرب القادسية ) وطبعت في مطبعة المعارف ببغداد عام 1951 و( الفداء ) وطبعت بمطبعة البصري ببغداد عام 1968، وترك مذكراته (من السفح إلى الوادي.. أُلبّي صوت أجدادي).
وتحتاج كتابة المسرحية الشعرية إلى قدرة شعرية ترفدها قدرة فنية موازية على فهم المسرح وآلياته، ولذلك كان الإبداع المسرحي الشعري قليل في إبداع الأدباء الفلسطينيين في موازاة الأجناس الأدبية الأخرى، فلا يمكن أن توازي عدد المسرحيات الشعرية بعدد الدواوين، ولذلك يمكن وضع اسم برهان الدين العبوشي إلى جانب أبو خليل القباني وأحمد شوقي وعزيز أباظة وعدنان مردم بك وعلي محمد لقمان من رواد المسرح الشعري في مصر واليمن وسورية.
ولا يحضرنا من الأسماء في فلسطين غير العبوشي ومحي الدين حاج عيسى الذي وصلتنا مسرحيتاه الشعريتان (مصرع كليب) و (ابن شهيد).
ومسرحيات برهان الدين العبوشي لا تفتقر إلى تقنيات القصة كالسرد، أو المسرحية كاستدعاء الشخصيات والحوار والمواقف والأحداث المتعددة التي تتآزر معاً لتحدث بناء متكاملاً فنياً، وتتجاور فيها عدة أصوات لتحدث نصاً متآلفاًً فنياً غير متناثرة أجزاؤه أو متنافرة.
ومسرحية (شبح الأندلس) الشعرية التي تقدمها (مؤسسة فلسطين للثقافة) عمل درامي مثير، تجمع بين الشعرية والدراما في بناء قلّ مثيله في الأعمال المسرحية الشعرية.
النص يعتمد المعنى الثنائي للكلمة، أي الدلالة المعنوية وتفسيرها لكل كلمة عند المشاهد، فالكلمة تأخذ أكثر من معنى، إن كلمة شاعر–وهو أحد شخصيات المسرحية- تأخذ معنيين، أولهما الإحساس أو الشعور، وثانيهما المهنة، كما أن النص المسرحي يعتمد على التسلسل، أي أن كل كلمة تجرّ كلمة أخرى، والكثافة الشعرية والوزن الإيقاعي يظهر مسيطراً على الحوار، أما الإمتاع فيتحقق من خلال المشاركة في الفهم والوعي، وانطلاقاًً من هذا كان اختلاف المستويات اللغوية، فلغة العسكريين تختلف عن لغة الراعي التي تتسم بالبساطة والسهولة، والشاعر يزود المتفرج من وقت لآخر بالحقائق اللازمة عن المواقف التي أمامه، ويروي الأحداث ويعلق عليها ويقدم وجهة نظر تحليلية لما يجري.
وبرهان الدين العبوشي استطاع أن يحتل مرتبة متقدمة بين أدباء العراق من خلال مشاركته في المنتديات واللقاءات الأدبية في العراق كما في القاهرة وبيروت وآخرها ملتقى الأدباء العرب الذي عقد في بغداد عام 1969.
كما ربطت الصداقة بين العبوشي وأعلام العراق الأكثر شهرة من أمثال محمد بهجت الأثري (عضو مجمع اللغة العربية في دمشق) وأحمد عبد الستار الجواري (وزير تربية سابق) و اللواء الركن المتقاعد المرحوم محمود شيت خطاب (وزير سابق وعضو المجمعين العلميين العراقي والليبي وأحد ضباط الجيش العراقي الذين شاركوا في معركة جنين عام 1948).
في عام 1991 تم تقليد برهان الدين العبوشي (وسام القدس للآداب والفنون)، قلّده إيّاه رئيس منظمة التحرير الفلسطينية الأخ ياسر عرفات في بغداد، بحضور عدد من الأدباء الفلسطينيين والعراقيين منهم: جبرا إبراهيم جبرا (الروائي الفلسطيني) وحميد سعيد، وعبد الأمير المْعَـلـّه (وكيل وزير الثقافة العراقي) علماً أنه كان أحد طلاب الشاعر في مدينة الحلة في العراق، والدكتور صباح ياسين، ولكن هذا التكريم لم يُترجَم إلى عمل يخلّد ذكرى هذا الرجل ويحفظ مكانته وسط أعلام فلسطين الكبار، كما تم إدراج اسمه في موسوعة أعلام العراق لـ (حميد المطبعي).
لكن أبناء العبوشي لم يكفوا يوماً عن تخليد ذكرى أبيهم فطرقوا أبواباً كثيرة أملاً في إحياء ذكرى هذه القامة الرفيعة لدى أهل فلسطين إلا أن الأبواب كانت تفتح على إمكانيات عادية لا تفي بمكانة هذا الشاعر العظيم
وفاته
توفي برهان الدين العبوشي في بغداد في الثامن من شباط عام 1995 ودفن في مقبرة الشيخ معروف في الكرخ.
رحم الله الفقيد الكبير
شذرات شعرية
مَرّغْ جبينك في طهُور تُرابه
واسْجُدْ فإنّ الله في محْرابه
وامْش ِالهُوينى خاشِعا مُتَصدّعا ً
فلقد مَشَيْت عَلى رُفات تُرابه
واحْبسْ لِسانك أنْ تقول سفاهة ً
فالْبرّ والتهذيب مِنْ آدابه
واخْفضْ جَناح الذل للوطن الذي
روّاك من أكوابه ورِضابه
من قصيدة الوطن المبيع – ديوان جبل النار
يا ( حيمناً ) سال من ظهر إلى رَحِمِ
حتى اسْتقرّ على وَهْن ٍ وفي وَخم ِ
قل لي أكنت زعيماً في الحشا مَلكاً
أم كنت فيه أميراً غير مُتهَم ِ
أم كنت فيه جباناً لا تطيق فدىً
أم عالما ًخاض بحر العلم والحكم ِ
لو كنت تعلم لم تسبح بذيلك في
متاهة البول تبغي بيضة الرحم ِ
من قصيدة ( الحيمن الانسان ) – ديوان إلى متى؟
ذلّ البيان وساء فيه المنطقُ
لغة القنابل والمدافع أصدَقُ
لغة الفدائي الأبيّ ونهجه
وَزُحُوفه ووثوبه والمأزقُ
والموت يقحمه ويعرّك أذنه
طوراً رصاصا ً أو صواعق تحرق
من قصيدة الفداء – ديوان إلى متى ؟
نثر الجلا ّد على الأديم جَمَاجما
وتواثب الأبطال فيه ضَياغما
واستبسلوا فاستعذبوا وِرْدَ الردى
وتقدموا كالموج زاد تلاطما
صَدَموا الأعادي صَدْمة عربية ً
ذ ُعِر الزمان لهولها وتجهما
من قصيدة حيّ الشهيد ديوان النيازك
أيها الطامع في الدنيا أفقْ
أنت لا تدري غداً ما هو آت ْ
إحْذ َرِ الغفلة واعمل صالحا
كل ما قد تشتهيه تُرْهات
سوف يفنى المُشْتهى والمُُشْتهي
ويفوز المُرْتَضى والمُرضيات
من قصيدة النفس والعقل – ديوان النيازك
المسجد الأقصى إليّ اشتكى
وقرّح العينين لمّا بكى
يا حسرتا قد عقه أهله
لما رأوا درب الهوى مَسْلَكا
قد كان فيض النور إكليله
فما له أمسى بنا محلكا
إن كنت لا تدري فسََلْ سوره
عن أمّة الفاروق إن أدركا
ينبئك أن العرْب ماتوا ولم
يكتب لهم ربهم مهلكا
من قصيدة المسجد الأقصى لهم أم لك – ديوان النيازك
أرأيته والنار تلفح وجهه
وتلفه وتشب في أحشائه
والمصحف الميمون عند جداره
لا تستطيع النار حرق ضيائه
كم ذا سجدنا فوق دُرّة صحنه
ولكم لثمنا النور في أحشائه
من قصيدة المسجد الحريق – ديوان إلى متى
أطبق الليل بالأسى والسواد
وتقلّبت في فراش قتاد
فكأن الجحيم حشو دثاري
وكأن الهموم حشو وسادي
لا تكاد الأجفان تغمض جفنا
كلما لاح لي جبين بلادي
من قصيدة أيها النازحون – ديوان النيازك
ما لي أراك سيفا مُغمَدا
والسيف أجود ما يكون مُجَرّدا
فلقد عهدنا فيك ليثا أغلبا
يوم الكريهة لا تطأطئ للردى
والشيب ثار عليك غير مهادن
فكأنما أصبحت فيه مُصَفدا
وبلادك الحيرى تصَرّمَ حبلُها
وشبابها كالتائهين تشرّدا
من قصيدة ( كنت سهما ) – ديوان إلى متى
حَيّ العراق جحافلا وأسودا
حَيّ الجهابذة الأسود الصِيدا
حَيّ الكرامة والمهابة والندى
والسؤدد للعربي حَيّ الجودا
رَفت على شطيه رايات العلا
في متنها كتب الآله خلودا
ساس الممالك والبلاد فما ترى
في الأرض إلا دينه موجودا
من قصيدة ( حيّ العراق ) – ديوان جبل النار
في حِندس الليل والأبطال تصطرع
في ( تل خروبة ) والحرب تندلع
رأيت جُنداً بهالات وأجنحة
على حديد سَرَوْا كالبرق واندفعوا
كأنهم سَكَرات الموت قد وثبوا
على العِداة فما هابوا وما فزعوا
من قصيدة ( معركة جنين ) – ديوان جبل النار
لا يستريح القلب من وجدِ
حتى يناجي الحيّ في اللحدِ
لولا الشهيد لما تكلفنا
رَبّ الشهيد بشاهق المَجْدِ
قد عاش فينا قلبه يقظ
كالسيف ان شافوه من غمد
من قصيدة ( الشهيد) – لم تنشر في ديوان
تململ الليث واستشرى فتى مُضَر ِ وهبّ من نومة ٍكانت على قدَر ِ
وصاح لَبيك لمّا صاح صائحه
قد طال يومك يا ضرغام عن خطر
ثم انبرى كشواظ خَرّ من زُحَل
على جناح ٍ يهل الموت كالمطر
من قصيدة (تململ الليث) – ديوان جنود السماء
إذا مُتّ صِنديداً شَهيدا ً فأطْلِقا
ثلاث حمامات ٍ وَزُفا وغنيا
وإنْ مُتّ مثل الناس حَتفا فحَوْقلا
فحسبي تُرابٌ في بلادي علانيا
قَدْ كنت أرجو أنْ أموت مجاهدا
ولكنّ حظي قد أبى وقلانيا
من قصيدة ( أشواق محرقة ) – ديوان جنود السماء
سِرْ الى الحَرْب يا شبابُ و ناد ِ
كل ّ ليثٍ فدى العروبة صاد ِ
واشتر ِالموت بالحياة فإنا
قد غدونا وسيقة ً للعوادي
فرّقتنا النوائب السود حتى
طاولتنا أصاغِرُ الأوغاد
وابتلانا الزمانُ بالعسف والخسف
بلايا تذيب صلب الجماد
من قصيدة ( الى الحرب )- ديوان جنود السماء
نغامر لانرضى سوى المجد مَوْطنا
ولسنا نُبالي إن نأى الموت أو دنا
لنا حقنا الوضّاح لَسْنا نبيعه
وكيف يبيع الحَقّ من كان مؤمنا ؟
وقفنا له قلبا حديدا وأنفسا ً
تَحَطم في أرجائها الموت والفنا
نفوسا ً مُناها أن تبيد فتية ً
وتشرب مِنْ حوْض المنية آسنا
وتركب أفواه المدافع لا ترى
سوى عزمها الجبار ندا ً ومعدنا
من قصيدة ( زراعة الأرواح ) – ديوان النيازك
لقد كفرت أحزابنا فاكفروا بها
فقد عبثت خَمْرُ الهوى بصَوابها
وماذا ترَجّي من تماثيل ٍنُصّبنت
كأعْجَاز نخل قد خَلَتْ من لُبابِها
تَلُحّ علينا الحادثات بشرّها
وأحزابنا مَشْغولة ٌ بنصابها
وقد جمع الأعادي علينا جُمُوعَه
وأوطاننا تبكي لهَوْل مُصَابها
من قصيدة ( أحزابنا كفرت ) – ديوان النيازك
طال انتظاري للصباح فهل له
من عودة تجلو نَهَار (جنين)
فكأنما انْطَفَأتْ ذ ُكاءً أو اخْتفت
في بَطن ِ حوتٍ أو حَشَا تنين
لا تَنْفَعُ الشكوى إذا لم تَسْتَعِرْ
نار الوغى في القدس أو حِطّين
أبيات ثبتت في غلاف ديوان " إلى متى "
يا قوم داؤكم التفرق فانظروا
كم بالتفرق من أذىً كم أجهدا
والدرع ان تثلم به حلقاته
يلق العدو به الرجا إنْ سددا
أفلا ترون الخصم صفاً واحداً
فعلام صفي لا يكون موحدا
أُنظر إلى الأفلاك في جوف السما
تلتفّ حول الشمس كوناً مفردا
قصيدة كنت سهما ً– ديوان إلى متى
يا شعب غيرك لا يحل قضية
لعبت بها الأهواء ستة أدهر
باعوا حماك وأنت تنظر والدما
تجري وعيشك كالظلام الأكدر
وذوو الجلالة والسمو سلاحهم
إن أرغموا برقية المستنكر
إنّ البلادَ إذا جفاها أهلها
والأقربون عنت إلى المستعمر
يا شعبُ دونك والسلاح فلا أرى
منجاة عِز دونه في الأعصر
أما العزيمة والفرار والانخذال والاستكانة تلك دون تصوري
قصيدة " ثورة فلسطين في جبع وبلبع" - ديوان النيازك
قد أشغلونا في معارك فانظروا
ماذا جنيتم غير نار قصيدها
بلغوا النجوم ونحن في تابوتنا
ومتى استعزت أمة بركودها
فَلقوا النواة ونحن نفلق قلبنا ولسوف نفنى بالشعاع مبيدها
أفكلما قمنا لنجمع شملها
قام الخبيث يجدّ في تبديدها
قصيدة مصرع النسر – ديوان النيازك
لقد كاد هذا الشعب يفرُغُ صبرُه
وقد بات بالآلام والهمّ مُثقلا
كفى الشعب تعذيباً كفاه تصدعاً
أ نتركه يا قوم حيران مهملا؟
أخاف عليكم ثورة تستبيحكم
من الشعب تُسْقيكم من الغيظ حنظلا
تبيعونه بَيعَ المَتاع لتغتنوا وتمشون في النُعمى ويمشي مُكبّلا
قصيدة " تعالوا " ديوان جبل النار
|
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: مشاهير فلسطين في العالم الجمعة 13 سبتمبر 2013, 11:00 pm | |
| الكاتبة الفلسطينية كلثوم عوده فاسيليفا (1892 -1965)
حياتها: ولدت كلثوم عوده في مدينة الناصرة في 2 نيسان عام 1892 في دار "نصر عمده" في حارة الروم قرب العين، وسميت البنت الخامسة لهذه العائلة بـ"كلثوم" ومن الطبيعي أن استقبال البنت للحياة لم يكن استقبالاً حاراً لأن والدها نصر عوده كان يأمل بولد يخلد اسمه وفوق كل ذلك لم تكن البنت جميلة
بهذه الكلمات كتبت كلثوم عن ظهورها للحياة "لقد اُستقبل ظهوري في هذا العالم بالدموع والكل يعلم كيف تستقبل ولادة البنت عندنا نحن العرب، وخصوصا إذا كانت هذه التعسة خامسة أخواتها، وفي عائلة لم يرزقها الله صبيّاً وهذه الكراهية رافقتني منذ صغري فلم أذكر أن والدي عطفا عليّ يوماً، وزاد في كراهيتهما لي زعمهما أني قبيحة الصورة فنشأت قليلة الكلام كتومة أتجنب الناس ولا هم لي سوى التعليم .
ولم أذكر أحداً في بيتنا دعاني في صغري سوى "يا ست سكوت" أو يا "سلوله" وانكبابي على التعليم في بادئ الأمر نشأ من كثرة ما كنت أسمعه من أمي "مين ياخذك يا سلوله بتبقي كل عمرك عند امرأة أخوك خدامه" .
وأصبح هذا الأمر بالنسبة لكلثوم عوده كابوسا مخيفا ينبغي التخلص منه بكل ثمن ووجدت طريق الخلاص باللجوء إلى العلم، وكان العلم آنذاك من أصعب المهام على الإنسان خاصة إذا كانت فتاة .
توجهها نحو العلم
ووجدت كلثوم أن تستغل فرصة ما كانت تقوله لها أمها محاولةً إقناعها أن تذهب إلى المدرسة وتقول "العجيب في الأمر أن البنات اللواتي يذهبن إلى المدرسة للتعلم كن إما ذوات عاهات جسديّة أو قبيحات وبكلمات مختصرة ممن لم يتقدم أحد للزواج منهن". .
وتوجهت أنظار كلثوم إلى المدارس الروسية في الناصرة " لم أرَ باباً للفرح إلا بالعلم، ولم يكن سوى مهنة التعليم في ذلك الوقت تباح للمرأة … وقد كانت العادة قبل الحرب أنّ من يكون أول تلميذ في المدارس الروسية الابتدائية يتعلم في القسم الداخلي مجاناً، وبعدها يحصل على رتبي معلم فعكفت على العمل وبلغت مرادي، والفضل في هذا لوالدي إذ أن والدتي المرحومة قاومت بكل ما لديها من الوسائل دخولي المدرسة".
وعندما أنهت كلثوم عودة المدرسة الابتدائية انتقلت إلى دار المعلمات "السمينار الروسي" في قرية بيت جالا (بالقرب من بيت لحم )، وهناك تعلمت على يد الأستاذ خليل السكاكيني أحد أعلام الأدب العربي الفلسطيني وأحد أصحاب المدارس الأدبية في فلسطين، وقد كان له أثر كبير في توجيهها، أنهت دراستها في بيت جالا في السادسة عشرة من عمرها ثم عادت إلى الناصرة وأخذت تدرّس في مدارس الجمعية الروسية في الناصرة، وكان يزور مدارس الجمعية في ذلك الوقت مفتشون مبعوثون من قبل الجمعية الروسية.
ويجدر أن نذكر هنا أن العلامة كراتشكوفسكي كان قد زار فلسطين بين أعوام 1908 -1910، وفي أثناء هذه الزيارة تعرّف على المعلمة كلثوم، وعن ذلك كتب في كتابه "مع المخطوطات العربية"، وكنت قد قابلتها في الناصرة ذاتها، وكانت آنذاك معلمة ناشئة إلى جانب عملها في المجالات العربية أما فيرا كراتشو فسكي ابنة العلامة، فقد كتبت عن زيارة العلامة إلى فلسطين في الناصرة، تعرف أبي على معلمتين من مدارس الجمعية الفلسطينية أنهتا تعليمهما في مدرسة السمينار في بيت جالا، وقد شاركتا في رحلات ا.ي كراتشوفسكي في ضواحي الناصرة، إحداهما كلثوم عودة والتي تزوجت عام 1913 من الطبيب الروسي الذي عمل في مستشفى الجمعية في الناصرة ي.ك فاسيليا .
وتذكر فيرا كراتشكوفسكايا أن كلثوم أنشدت عند وداع المعلم كراتشكوفسكي الأغنية التالية :
أحبابنا قد وقفنا كي نودعكم
وقلبنا بلهيب الحزن يشتعل
حان الفراق فها أنا أودعكم
تذكروني حتى لفظت بخاطركم
وزودوني أيا عيني برؤيتكم
هيهات عيني بعد الآن تنظركم
خذوا فؤادي يذوب لوعة معكم
وغادروا قلبا يشكو من فرقتكم
فهل أودّع روحي أم أودّعكم
فسيروا بأمن فإن الرب يحفظكم
وعاد كراتشكوفسكي بعد أن أمضى سنة ونصف السنة في ربوع الشرق، تعرّف خلالها على الشخصيات الأدبية العربية في سوريا وفلسطين ومصر ليعود بعد سنوات ويلتقي بكلثوم عودة في سوريا .
زواجها ورحلة غربتها
تعرفت كلثوم عوده عندما كانت تعمل في المدرسة على الطبيب الروسي ايفان فاسيليفا طبيب المدرسة الداخلية الروسية في الناصرة، أحبّا بعضهما وعقدا على الزواج، وقد عارضت العائلة مشروع الزواج هذا أشد معارضة وروت كلثوم عودة للشاعر الفلسطيني عبد الكريم الكرمي ( أبو سلمى ) عندما التقى بها في موسكو سنة 1957 بأن بعض أفراد أسرتها العتاه طلب من أحد الصبيان أن يدفعها من أعلى سطح البيت عندما تعتليه فتقع على الأرض وتموت، وتستريح العائلة منها ومن عارها، فذهب الصبي وأعلمها بالقصة لتأخذ حذرها، ولكن رجلاً من أفراد أسرتها وهو ابن عمها نجيب عودة أخذ بيدها، وذهب هو وإياها والدكتور ايفان فاسيليف إلى القدس وعقد قرانهما (في كنيسة ) هناك، ثم عاد بها إلى الناصرة وجعل والدها وجميع أفراد أسرتها أمام أمر واقع، ويقال أن الدكتور ايفان تعهد بمساعدة والدها بالمبلغ نفسه الذي تدفعه كلثوم عودة إليه من راتبها كان ذلك عام 1913.
عاشت كلثوم عوده بعيده عن وطنها ولكنها ظلت دائما قلقه على مصيره، وتعاني ألم وطنها وحزنه .
نشاطها في أوكرانيا
فكانت عندما تخرج إلى العمل مع القرويات في أوكرانيا في مشروع الثورة الروسية للقضاء على الأمّيّة كانت تفكر بشعبها وبنات شعبها الرازحات تحت الظلم والقهر "فكنت كل يوم أحد أجمع نساء القرية التي أسكنها وأحدثهن في عدد من الموضوعات المتقدمة، وكنت أُسرُّ جداً وأفرح لفرح كل منهن عندما تقدر أن تكتب اسمها وكان بين تلك النساء من جاوزن الأربعين، ولكنهن كن يتعلمن بخفه الفتيات، نعم بين تلك القرويات وجدت نفسي، وما كان يكدر عيشي إلا تذكري أن هناك في وطني العزيز لا يقوم أحد بمثل هذا العمل، ليس في القرى وحدها بل وفي المدن، إن كل مظلوم يحن إلى مثله وأنا وجدت القرويات مظلومات في البشرية مثل نساء العرب، وأنا إحداهن فأخذت بيدهن، وكنت أشتغل بينهن بكل محبّة ورغبه فلم يكن عندي أوقات ضائعة للملل أو الضجر ولم أعرف في حياتي ما هو الاحتياج المادي والنفساني حتى ولا في تلك المجاعة الهائلة وتلك الحرب الأهلية الفظيعة".
حنينها لوطنها
وكانت كلثوم تشعر دائما بانتمائها إلى أمتها العربية وفخورة بأنها تنتسب إلى شعب يرغب بالتحرر ويسعى من أجل الاستقلال والحرية، فهي تعترف بأن المرأة العربية ترزح تحت ظلم واستعباد الرجل لكنها " وفي مواقف كثيرة برهنت للأوروبيين على أننا نحن نساء العرب وهم في وسط واحد". وفي عام 1924 تعود كلثوم عودة من أوكرانيا إلى مدينة لينغراد، وتلتقي بالعلامة كراتشكوفسكي فيأخذ المستعرب السوفييتي الكبير بيد كلثوم ويساعدها على الانتساب لجامعة لينغراد وتبدأ كلثوم مرحلة من النشاط الأدبي والفكري .
لقد ظلت كلثوم عودة على صلة بوطنها فلسطين إلا أن روسيا والشعب الروسي لم يعودا غريبين عنها فعندما طلب إليها بعض الأصدقاء العودة إلى الوطن اعتذرت وكتبت في مذكراتها " إن روسيا لم تعد غريبة عني، وقد أحببتها وأحببت الشعب الروسي، ووجدت مكاني أن أحيا في هذه البلاد في الثورة التي أحسستها في تلك الأعوام بقلبي أكثر مما فهمتها بعقلي".
عملت كلثوم عودة في لينغراد في حقل التدريس في المعهد الشرقي، وكان من ضمن برنامج المعهد تعليم اللغة العربية الفصحى واللهجات السورية.
لقد أوصلني حب معرفتي بتاريخ شعبي الفلسطيني وحبي لهذه الأم والمعلمة كلثوم عودة للتعرف أثناء فترة إقامتي في الاتحاد السوفييتي طالباً في كلية الصحافة في جامعة لينغراد إلى المؤرخة السوفييتية .د.نتاليا سيرجيفنا لوتسكايا العاملة في معهد الاستشراق وعقيلة المستشرق الذي قضى عمره في البحث عن تاريخ العرب فلاديمير لوتسكي صاحب "تاريخ الأقطار العربية الحديث "، وهي إلى جانب ذلك كانت إحدى تلميذات البروفسور كلثوم عوده، وكثيراً ما كانت تحكي لي لوتسكايا عند اللقاء بها في بيتها في موسكو عن ذكرياتها مع المعلمة الأم كلثوم عودة .
فلم تكن كلثوم عوده المعلمة تأتي إلى الصف تقدم دروسها وتقوم بواجبها المهني فحسب بل كانت أمّاً لكل طالب وطالبة . ولا زالت لوتسكايا تتذكر "وجه معلمتها الحازم" لقد علمتنا كلثوم عودة الكثير الكثير فقد غرست في قلوبنا حب الشرق وحب فلسطين، لقد غرست في قلوبنا محبة شعبكم الذي ناضل وما زال يناضل من أجل حريته واستقلاله، لقد تعلمنا الكثير من كلثوم التي كنت ترى دوماً في عينيها الشوق والحنين للوطن الأم فلسطين، وكانت كثيراً ما تتذكر الأيام الصعبة التي مرت بها عند انتقالها مع زوجها للعيش في روسيا، وأصبحت كلثوم مثالاً لجميع من عرفها ".
لقد تنقّلت كلثوم عودة بين الكثير من الأعمال، فعملت في القسم العربي في معهد الفلسفة واللغة والتاريخ في لينغراد عام 1933، وعند افتتاح معهد الاستشراق في موسكو سنة 1934 عادت كلثوم عودة للعمل في هذا المعهد، ثم انتقلت فيما بعد للعمل في معهد العلاقات الدولية وفي المدرسة الدبلوماسية العليا .
لقد حاولت في أثناء إقامتي في الاتحاد السوفييتي أن أصل إلى ما تركته لنا كلثوم عوده من مذكرات ووثائق وأوراق لكن للأسف الشديد لم أبلغ مطلبي للعديد من الأسباب . لقد غمرتني السعادة والفرح عندما تعرفت بابنة كلثوم عوده فيرا كاراتايف وهي إحدى بناتها الثلاث، وهن فيرا ولاريسا ولوردا .
من الصعب تصوير لقائي الأول بالسيدة فيرا كاراتايف، وبزوجها وأفراد عائلتها الذي سآتي على ذكر كل منهم، ففي عروق هذه المرأة تجري الدماء العربية وأنت تلاحظ ذلك في كل كلمة ترحاب تقولها لك، أما شريك حياتها غيورجي كاراتايف فهو أحد المحاربين القدامى وحدثني كثيراً عن المبادئ السامي للأممية التي يؤمن بها وهو يعتز ويفخر بالأوسمة التي تقلدها لما حققه من بطولات ومعجزات أثناء الحرب العالمية العظمى ضد الجيش النازي، ولا يزال البيت الذي جلسنا فيه تزينه آية قرآنيه قدمها أحد معارف كلثوم العرب هديّة لها في إحدى المناسبات، وصورة أخرى تزين الحائط منظر لعين العذراء في الناصرة بلد كلثوم عودة، وسجادة عربيّة تزينها كلمات عربيّة . كل شيء يدل على أنك جالس في بيت عربي، جلسنا نتبادل الحديث، وفجأة دخل رجل في الأربعين من عمره، وعرفتني به السيدة فيرا كاراتايف: أنه ابنها فلاديمير حفيد كلثوم عودة وهو أستاذ في المعهد التكنولوجي في مدينة لينغراد، وكانت برفقته ابنته غاليا، والتي طرحت السلام بكلمات عربيه فصحى، لقد سارت غاليا في الطريق التي حلمت بها جدتها، أن تدرس اللغة العربية وها هي الآن في كلية الاستشراق في جامعة لينغراد تدرس اللغة العربية وآدابها .
وبعد عام أي عام 1914 رحلت كلثوم مع زوجها ايفا إلى روسيا، ووصلت مع زوجها إلى بحر البلطيق إلى مدينة كرانشستات فسكنت هناك، وبدأت مرحلة جديدة في حياة كلثوم عودة، فقرة جديدة، رحله صعبة قاسية، فهذه الفتاة الفلسطينية التي جاءت من بعيد من بلاد الدفء والحرارة فجأة تجد نفسها في بلاد بعيدة باردة مثلجة ووسط حرب عالمية صاعقة، ففي هذه الساعة اندلعت الحرب العالمية الأولى فالتحقت بالصليب الأحمر التابع للجمعية السلافية وخدمت في سيبيريا وفي الجبال السوداء . وظلت تعمل إلى جانب زوجها إلى أن انتقلا عام 1917 إلى أوكرانيا، وكان آنذاك منتشرا وباء التيفوس فأصابت العدوى زوجها ايفان فاسيليف الذي فارق الحياة بعد صراع مرير مع هذا المرض، وبقيت كلثوم مع بناتها الثلاث ولم يكن عمر أكبرهن يتجاوز الخامسة وأصغرهن لم يمض إلى ميلادها سوى شهرين، عاشت كلثوم عودة هذه الفترة ظروفاً قاسية صعبة، تعرضت البلاد في هذه الفترة للجوع والبرد واندلعت في ثورة أكتوبر عام 1917، حرب أهلية قاسية استمرت فتره طويلة، وكان من نتائجها تدمير اقتصاد البلاد، ولكن هنا يجدر بنا أن نذكر أن كلثوم عودة بوعيها وقفت إلى جانب الثورة، وقد كتبت وفي وقت فراغي كنت أزور أطراف المدينة حيث يعيش الفلاحون وأتفقد أطفالهم الصغار المهملين وقت الحصاد، وكان قلبي يتقطع ألماً عندما أرى تلك العيون الملتهبة بالرمد فأغسلها بمحلول حامض البوريك وبعد تنظيفها أنقط محلول الزنك عليها .
توفيت في 24/11/1965، ودفنت في مقابر العظماء في مقبرة كنيسة في موسكو ، وعندما سُئل قريبها، السيد إبراهيم عودة، عن العبارة، التي يرغب بتدوينها على قبرها أجاب: "مثلٌ للأحياء يُحتذى"، وتم له ذلك فعلاً.
|
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: مشاهير فلسطين في العالم الجمعة 13 سبتمبر 2013, 11:03 pm | |
| الشيخ أديب السراج
ولد الشيخ أديب السراج سنة إحدى وتسعين وثمانمائة وألف ميلادية في مدينة القدس القديمة، بمنزل في حي باب الواد شمال غرب المسجد الأقصى المبارك، وكان أبوه يشغل وظيفة أمام جامع عمر بن الخطاب الكائن بجوار حارة النصارى بمدينة القدس.
وكان الشيخ إبراهيم رحمه الله شديد العناية بتربية ابنه أديب، كثير الحرص على أن ينشئه دينية، ومن ثم وجدناه يلحقه وهو لا يزال في صباه بالمدرسة الإسلامية بحي باب الساهرة الواقع في شمال شرق الصخرة المشرفة، وفيها درس العلوم الدينية كالفقه والتفسير والحديث وعلم الكلام والتوحيد والعلوم اللغوية كالنحو والصرف والمعاني والبيان والبديع بالإضافة إلى اللغة التركية، ولكنه لم يتم دراسته فيها إذ رأى والده أن يلحقه بالمعهد الأحمدي في عكا، وهناك أتم حفظ القرآن، وأتقن تجويده، واستظهر بعض كتب الفقه على مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه، وحفظ طائفة من الأحاديث الصحيحة ويقال أنه كان يحفظ ألفية ابن مالك في النحو، ومتن السلم في المنطق، ومتن الهداية في الفقه على المذهب المذكور.
وبعد أن قضى في المعهد الأحمدي بجامع الجزار في مدينة عكا نحو ثمانية أعوام عاد إلى القدس حيث ولي منصب شيخ سدنة الصخرة المشرفة، بقي يباشر مهام هذه الوظيفة حتى سنة إحدى وعشرين وتسعمائة وألف، حيث أصدر المجلس الإسلامي الأعلى قراراً بتعيينه رئيس هيئة الوعظ بالمسجد الأقصى، وبقي يباشر مهام منصبه ذاك حتى نقل إلى المحكمة الشرعية بالقدس القديمة، ولكن عمله هذا الأخير لم يمنعه من مواصلة دروس الوعظ والإرشاد في المسجد الأقصى إذ بقي يجلس بعد صلاة العصر من كل يوم قرب بئر الأرواح بداخل المسجد الأقصى للوعظ والتدريس.
وقد حضرت عليه في صيف عام 1935، وكنت لا أزال في عهد الصبا فأفدت منه كثيراً في الفقه والحديث، وكان الناس وقتذاك، يصفونه بالعمق في العلم والغزارة في لحفظ والوضوح في الشرح وقوة التأثير في الوعظ والإرشاد.
وقد استهل رحمه الله جهاده في سبيل تحرير بلاده من الانتداب البريطاني والمحافظة عليها من العدوان الصهيوني، بتلك الخطبة المثيرة التي ألقاها في جميع المصلين أثر صلاة الجمعة من شهر أيار ( مايو ) سنة إحدى وعشرين وتسعمائة وألف في مسجد الصخرة المشرفة، وذلك إثر قيام بعض الصهاينة بقيادة فلاديمير جابوتنسكي بالهجوم على بعض حوانيت العب في حي الباشورة الواقع بجوار حارة اليهود.
وقد أثار الشيخ أديب حماس المصلين فخرجوا من المسجد غاضبين ثائرين على أولئك الصهاينة المعتدين، فاتجهت جماعات منهم، وكان في مقدمتهم الشيخ أديب نحو حي الباشورة لنطلقوا منه إلى حارة الصهاينة، فاعترضهم الإنجليز الذين جاءوا للمحافظة على الصهاينة من غضبه جماهير العرب الثائرين، ولم يكونوا وقتذاك يحملون سوى العصي، ومع ذلك فإنهم لم يرهبوا رصاص الإنجليز ولا خافوا بنادقهم، بل اندفعوا نحو حارة اليهود في غضبة عارمة الأمر الذي جعل الإنجليز يمطرونهم بوابل من الرصاص فاستشهد بسبب رصاص الإنجليز الآثمين نحو ثمانية أشخاص وجرح خمسة وعشرين بجراحات مختلفة.
ثم قبض على الشيخ أديب وبعض رفقائه وأودعوا في القشلاق بقلعة القدس. كما اعتقلوا الإنجليز عدداً من الصهاينة وفي مقدمتهم جابوتنسكي.
ثم أصدر المندوب السامي أمره بالإفراج عن جابوتنسكي وجميع الذين اعتقلوا معه نم الصهيونيين من غير محاكمة رغم أنهم كانوا هم البادئين بالعدوان فاتخذ من ذلك موسى كاظم حجة للمطالبة بالإفراج عن الشيخ أديب وأصحابه.
وفي سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة وألف عاد الشيخ أديب إلى إثارة الجماهير ضد الصهاينة والبريطانيين، حيث خرج أثر صلاة الجمعة من أيام شهر نيسان ( أبريل ) على رأس جمهرة المصلين واتجه بهم إلى سراي الحكومة للاحتجاج على جلب الحكومة البريطانية بضعة آلاف من الصهاينة المهاجرين من أوربا إلى فلسطين ذلك الحين وقدم إلى المندوب السامي مذكرة وقعها معه وجهاء مدينة القدس للمطالبة بوقف الهجرة الصهيونية والعمل على استقلال البلاد.
وفي سنة 1929 كان الشيخ أديب أحد زعماء الثورة التي اندلعت شرارتها من المسجد الأقصى في تلك السنة ضد الصهاينة والبريطانيين والتي عمت جميع قرى ومدن فلسطين.
ويقال أنه كان مع الشيخ مهدي حسين. خرج هذا الأخير على رأس جمهرة من المصلين في أثناء تلك الثورة لمهاجمة الصهاينة على طريق حارة المغاربة.
وقد ظل رحمه الله يشارك مشاركة فعلية في جميع الثورات والمظاهرات الوطنية حتى انضوى جندياً تحت لواء الشيخ سعيد العاص في ثورة 1936 بصحبة السيد عيد القادر الحسيني.
وقد خاض رحمه الله مع الشيخ سعيد العاص معارك كثيرة ضد المستعمرات الصهيونية والمعسكرات البريطانية، أذكر منها على سبيل المثال معركة وادي السرار ودير الشيخ وشعفاط، ومعركة حسان المشهورة التي وقعت في أخريات شهر أيلول ( سبتمبر ) سنة 1923، وهي التي أصيب بها الشيخ أديب السراج بنحو خمس رصاصات رماه بها أحد الجنود البريطانيين فاستقر بعضها في جوفه وبعضها الآخر في رأسه فوقع على ثرى الوطن المقدس مخضباً بدمه الشذى ثم لحقت روحه بأسلافه المجاهدين من رجال الدين المخلصين في جنات النعيم.
* نشرت هذه الترجمة في كتاب(مجاهدون من فلسطين) من إصدارات كتاب الجمهورية الديني |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: مشاهير فلسطين في العالم الجمعة 13 سبتمبر 2013, 11:04 pm | |
| |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: مشاهير فلسطين في العالم الأربعاء 06 أبريل 2016, 9:59 pm | |
| مخلص عمرو أ.عبد العزيز أمين عرار
الأستاذ مخلص عمرو
(تربوي وصحفي ومناضل)
والده الشيخ صادق يحيى عبد الرحمن عمرو
ولد مخلص في مدينة الخليل 1907م
تعلم في مدارسها حتى الصف الثاني الثانوي ، بعد أن قام بافتتاح الصف الثاني الثانوي لثمان طلاب كان منهم: مخلص عمرو، عبد المعطي طهبوب، عبد الرحيم حمود، عبد المجيد الأشهب، احمد الدويك.
انتقل مخلص عمرو إلى دار المعلمين بمدينة القدس ، ودرس فيها سنتين ، ثم تقدم لامتحان شهادة الدراسة الثانوية الفلسطينية ونال شهادة الميتروكليشين سنة 1928م.
عمل في مدينة بئر السبع سنة 1928م معلما لسنتين ثم انتقل إلى مدينة مجدل عسقلان وبقي يعلم فيها حتى سنة 1938م.
العمل في الصحافة:
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية في 6/تموز/1945م ادر مخلص وأصدقاءه من المفكرين السياسيين والأدباء العدد الأول من مجلة الغد ، وكان مخلص ورفاقه قد شكلوا رابطة المثقفين العرب في جميع أنحاء فلسطين ومما يلفت النظر ويبرز أفكار هؤلاء المثقفين أنهم أطلقوا على أنفسهم رابطة المثقفين العرب.
صدر العدد الأول من مجلة الغد في 6/7/1945م ورسالة مجلة الغد كما هو على الغلاف وتواصلت حتى العدد الثالث والأربعين ومما جاء في صدر المجلة :" هذا الاسم الغد مجلة رسالة القومية الواعية والثقافة الحرة تصدر عن رابطة المثقفين العرب ، تعطي الدلالات الواضحة وصدق الانتماء القومي للأمة العربية وأنها قومية واعية وليست شوفونية وثقافتها حرة وديمقراطية".
وهذا يعبر عن الروح القومية السائدة عند الأستاذ مخلص عمرو وأصدقاؤه ، وهي من المثقفين العرب الفلسطينيين الذين انفتح وعيهم مع المثقفين العرب في باقي الأقطار العربية.
وعندما نتصفح الأعداد نجد أن الكاتب مخلص كان يسجل الافتتاحيات ويكتبها تحت اسم ابو هشام ( مخلص عمرو) ، وأحياناً بدون ذكر اسم وتحت كلمة (مجهول) ، وكتب معه فريق من المثقفين العرب منهم رؤوف خوري كاتب لبناني.
واصل مخلص عمرو رعايته للمجلة والكتابة فيها طيلة أعوام 1945 و1946و 1947م حتى توقفت عند العدد 43 حيث بدأ يحدث انشقاق بين الكتاب الفلسطينيين التقدميين على اثر الخلاف في الحزب الشيوعي الفلسطيني وتشكيل عصبة التحرر الوطني ، وقد اختار مخلص عمرو السير مع عصبة التحرر الوطني التي آمنت برفع السلاح في وجه الصهاينة والحفاظ على عقيدتهم القومية بوعي سياسي متميز عم مفهوم الحزب الشيوعي الذي سار في نظرة مغايرة مؤيدة لقرار التقسيم.
بعد عام 1948م رحل مخلص عمرو مع عبد المجيد ابو النور الحاكم العسكري المصري في الخليل وبيت لحم إلى غزة وعمل في سلك التربية والتعليم ثم عاد إلى مدينة الخليل في عام 1954م ، وعمل في الصحافة الفلسطينية ومنها : جريدة الدفاع وكان يكتب يوميا في احد الأعمدة مقالا بعنوان " في الصميم" ، وكان مسؤولا لوكالة الأنباء المصرية حتى عام 1957م.
لجأ مخلص عمرو إلى سوريا في عام 1958م بعد إسقاط حكومة سليمان النابلسي ، حيث كان معارضا للنظام الأردني ، وقد التحق بحزب البعث الأردني.
التقى مخلص في زيارته لسوريا بالأستاذ عبد الله الريماوي وقائد الجيش الأول في سوريا عبد المحسن ابو النور الذي كان صديقا لمخلص عمرو ، وتدارس هؤلاء إسقاط النظام الملكي الهاشمي في الأردن ، ولتجسيد هذه الأفكار الانقلابية تم الترتيب لتهريب الأسلحة من غزة إلى الضفة الغربية من خلال مخلص عمرو ومن سوريا إلى اربد من خلال حزب البعث.
كان ياسر عمر طالباً في كلية الحقوق بالجامعة السورية والذي عمل كحلقة وصل بين مخلص عمرو في القدس وعبد المحسن ابو النور وعبد الله الريماوي في دمشق ، وتم نقل الأسلحة إلى الأردن من سوريا ومن غزة إلى الضفة. وأخيراً اكتشفت الخطة وتم اعتقال مخلص عمرو ، ومعه مجموعة كبيرة من حزب البعث العربي الاشتراكي في الضفتين الشرقية والغربية وقد بلغ عددهم قرابة ثمانون عوا ، وتعرضوا للتعذيب الشديد على يد مسؤول المخابرات الأردنية سلامة مهاوش ، والذي عذب وأهان مخلص وجميع المعتقلين من حزب البعث.
بقي مخلص في سجن الزرقاء – العسكري – ونقل إلى سجن القلقة المسكوبية – بالقدس ، ودخل مستشفى الهوسبيس ، ونقل لمستشفى الأشرفية بعمان.
وكانت الجهود مبذولة للإفراج عن مخلص من خلال جمال طوقان حاكم الضفة العربية بحكم العلاقة بين عائلة عمرو بالقدس والخليل وحسن الكاتب صديق مخلص وصدرت الإرادة الملكية السامية من قبل الملك حسين بالإفراج عنه ، جاء القرار بالإفراج عنه ونقله إليه المرحوم ياسر عمرو وهو يرقد في المستشفى فقال:
دنت وظلال الموت بيني وبينها وجادت بوصل حين لا ينفع الوصل(1)
مصادر المعلومات:
أعداد مجلة الغد في سنوات 1945 و146 و1947
مقابلة وزير التربية والتعليم السابق المرحوم ياسر عمرو سنة 1997
(1) انظر الموسوعة الشعرية وزارة التربية والتعليم ، والبيت لابن عابس الكندي المتوفى 35هـ/656م. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: مشاهير فلسطين في العالم الأربعاء 06 أبريل 2016, 10:05 pm | |
| يوسف ضياء الدين الخالدي المقدسي
صرخة نارية في وجه مؤسس الدولة اليهودية هرتزل مع إسهامات بعض أقربائه في التصدي للصهيونية إعداد: محمد خالد كلاب
يعتبر الأستاذ يوسف ضياء الدين الخالدي (1842 – 1906 م) سليل عائلية مقدسية تاريخية ذات مجد أثيل وشيدت بآثارها الباقية إلى اليوم حضارة ما زالت تفتخر بها القدس وما حولها ..فهو واحد من عشرات الخالديين الذين أثْروا الحضارة مع إخوانه وأقرانه من هذه الأسرة والتي أنجبت طائفة من العلماء والصلحاء كالشيخ راغب الخالدي مؤسس المكتبة الخالدية والشيخ العلامة خليل الخالدي عالم عصره بالتراث والمخطوطات والعلامة الأديب محمد روحي الخالدي رائد البحث التاريخي الحديث وابنه العلامة أحمد سامح الخالدي وغيرهم.
ترجمته :
ولد الأستاذ يوسف الخالدي في القدس سنة 1842 م وبدأ حياته الدراسية في حلقات المسجد الأقصى وكان أبوه قاضي ولاية " أرضروم " في الدولة العثمانية ، وتولى يوسف عدة مناصب منها رياسة المجلس البلدي في القدس نحو 9 سنوات ، والترجمة في الباب العالي بالأستانة وهو يذكر في أحد رسائله أنه كان أحد أعضاء مجلس " المبعوثان " العثماني وعُيّن " شهبنداراً " للدولة العثمانية في ثغر " بوتي " من بلاد الكرج في روسيا، وعزل بعد ستة أشهر فقام بسياحة في البلاد الروسية واستقرّ في " فينّة " فكان كلما تولى عملاً في بلاد أعجمية حذق لغتها ودرس العربية بمدرسة اللغات الشرقية في " فينّة " مدة وولي إدارة مقاطعة " موطكي " في ولاية بتليس من بلاد الأكراد (بالأناضول الشرقي)فأتقن لغتهم ولم يجد عندهم كتاباً في قواعدها فألف لهم كتاباً في القواعد الكردية وكان يوسف قد لازم الشيخ جمال الدين الأفغاني وتوثقت علاقته به وكان من أجرأ دعاة الإصلاح والمطالبين بالدستور .
الخالديون وانتباههم لخطر الصهيونية وتحذيرهم منها :
شهد مطلع القرن التاسع عشر بروز قرن جديد وظهور أخطبوط خطير يسمى الصهيونية وذلك بعد عقد اليهود لمؤتمرهم الأول عام 1898 م في مدينة " بازل " في "سويسرا " بقيادة الثيودور هرتزل مؤسس الصهيونية ورئيس المنظمة الصهيونية ، وكان خلاصة الاجتماع هو السعي والتخطيط لقيام دولة صهيونية على أرض فلسطين وبدأوا يبثون سمومهم في الإقليم العربي مستغلين نفوذهم الصهيوني في الدول الاستعمارية الكبرى وعلى رأسها بريطانيا حتى استطاعوا امتلاك قرار جائر وهو ما يُسمى " بوعد بلفور " والذي يمنح اليهود حق في فلسطين إلى آخر ما هنالك من مؤامرات صهيونية استمرت حتى قامت حرب عام 1948 وبعدها حرب عام 1956 ثم حرب 1967 ولا تزال الحرب قائمة بين الفلسطينيين واليهود ..
ومنذ بداية بزوغ الصهيونية والفلسطينيون يحاولون التصدي لها والتحذير منها وكان لآل الخالدي في القدس نصيباً وافراً من التصدي والتحذير من خطر الصهيونية في فلسطين ..
لقد تنبه علماء آل الخالدي مبكراً إلى الخطر الصهيوني بعد بدء الهجرة الصهيونية في أوائل الثمانينات من القرن الماضي وذلك بعد مؤتمر اليهود الآنف الذكر فهذا الأستاذ نظيف بن عبد الرحمن بن محمد علي الخالدي يحاول قبل اندلاع الحرب العالمية الأولى الاتصال ببعض كبار زعماء الحركة الصهيونية في فلسطين ، لسبر غور أهدافهم ، ويسهم في لقاءات بينهم وبين شخصيات عربية بارزة من بينها محمد كرد علي وعبد الرحمن الشاهبندار وشكري العسلي ووتوقف هذه اللقاءات بعيد نشوب الحرب ..
وهذا الأستاذ روحي بن ياسين الخالدي يحذر في مقابلة صحافية مع جريدة " هتسفي " العبرية الصادرة بالقدس عام 1909 م من أن استمرار الهجرة الصهيونية والنشاط الاستيطاني في فلسطين قد يؤديان مستقبلاً إلى طرد العرب أهالي البلاد الأصليين من فلسطين ، ويخاطب الصهيونيين قائلاً : " لسنا مدينين لكم بشئ فقد فتحنا هذه البلاد من البيزنطيين وليس منكم " ويثابر روحي مع غيره من النواب العرب في طرح موضوع الصهيونية في مجلس " المبعوثان " الذي كان عضواً فيه ونائباً للرئيس ، وفي إحدى خطبه عام 1911 م ينبه إلى تكاثر عدد المهاجرين اليهود في فلسطين وبخاصة إلى سعة ما اشتروه من أراض في متصرفة القدس وإلى عدم جدوى تدابير الدولة العثمانية لتحديد الهجرة وضبطها وإلى خطورة كون نسبة العثمانيين من يهود فلسطين لا تتجاوز عشرة في المئة بينما الباقون من رعايا دول أوروبية.
ويستمر الأستاذ روحي في آخر سني حياته في كتابة دراسة بعنوان :" السيونزم أو المسألة الصهيونية " وتتضمن الدراسة فصولاً عدة منسقة الأسباب والدوافع التي أدت إلى قيام الحركة الصهيوينة في القرن العشرين ، وفي علاقة اليهود الدينية بفلسطين وعلاقتهم بالعرب والدول الإسلامية على مرّ العصور ، وفي مداولات المؤتمرات الصهيونية وقراراتها بدءاً بالمؤتمر الأول ، وفي المؤسسات الصهيونية واليهودية في فلسطين ، ويختم المؤلف الدراسة التي وللأسف لم ينهها قبل وفاته عام 1913 م بفص قائم على البحث الميداني عن جميع المستعمرات التي تمّ إنشاؤها ، مع إحصائيات مفصلة عن كل مستعمرة على حدة ومساحات الأرض التي اشتراها الصهاينة وبائعيها .
يقول الأستاذ وليد الخالدي: "وهكذا تكون هذه الدراسة – بلا منازع – أول دراسة أكاديمية مفصلة موثقة بالعربية في الحركة الصهيوينة في هذا القرن "ا.هـ
ويعتبر أقوى من تصدى من أفراد العائلة للصهيونية وكان جريئاً شجاعاً هو الأستاذ يوسف ضياء الدين الخالدي رحمه الله الذي وجه رسالة خطية إلى هرتزل مباشرة يحذره من مجئ اليهود إلى فلسطين حيث وجه يوسف الخالدي إلى ثيودور هرتزل رئيس المنظمة الصهيونية رسالة عبر صديق هرتزل كبير حاخامي فرنسا صدوق كاهن ، ومما جاء في الرسالة : " إن فلسطين تكوّن جزءاً لا يتجزأ من الأمبراطورية العثمانية ، وهي مأهولة اليوم بغير اليهود ، ويقدس هذه البلاد 390 مليون مسيحي و300 مليون مسلم ، فبأي حق يطالب بها اليهود لأنفسهم ؟ إن الأموال اليهودية لن تستطيع شراء فلسطين ، ولذا فإن امتلاكها لن يكون إلا بقوة المدافع والسفن الحربية ...لذا حتى حصل هرتسل على موافقة السلطان عبد الحميد على المخطط الصهيوني ، فعليه ألا يفكر بأنه سيأتي اليوم الذي يصبح فيه الصهيونيون أسياد هذه البلاد" ويأتي ردّ هرتزل في رسالة مباشرة – مليئة بالكذب والخداع - إلى يوسف ضياء الدين بتاريخ 19آذار/مارس 1899 م بالإفرنسية ويقع الرد في أربع صفحات وفحواه : أن الصهيونية لا تُبيّتُ إلا كل الخير للدولة العثمانية ولسكان فلسطين عموماً ، وأنها ستعين الدولة العثمانية على التخفيف من ديونها ، وأنه في حال عدم موافقة استانبول على المخطط الصهيوني فإن الحركة الصهيونية ستتوجه إلى بلدٍ غير فلسطين وأنها قادرة على إيجاد هذا البلد البديل "
يقول وليد الخالدي :" وهذه الرسالة هي الوحيدة الموجهة من هرتزل إلى زعيم عربي على ما نعلم " ا.هـ
وهذه صورة هذه الرسالة نقلاً عن موقع عائلة الخالدي على شبكة الإنترنت:
أقول : ولعل بجهود هؤلاء وأمثالهم من الغيورين على الأرض المقدسة وبمثل هذه المواقف والمواجهات والتصديات للغزو اليهودي إلى فلسطين كانت من جملة المواقف التي ثبتت السلطان عبد الحميد رحمه الله وجعلته يصر إصراراً عظيماً على أن لا يقبل بالمساومة على فلسطين مقابل مالٍ زائلٍ وفانٍ .
ففي عام 1901 م قام هرتزل بزيارة كانت الأولى من نوعها للسلطان عبد الحميد يرافقه :" إيمانول قره صو " زعيم الأقلية اليهودية التركية ، والحاخام " ليفي موشيه " وقد حاولوا أن يحصلوا على إذن يسمح فيه لليهود بالهجرة إلى فلسطين بصفتهم رعايا للدولة العثمانية ، كما حاولوا إغرائه بتسديد ديون الدولة العثمانية وقدرها ( 50 مليون جنيه ذهبي ) وتعادل : 150 مليون ليرة عثمانية ذهباً ، وهبة مقدارها ( 5 ملايين من الجنيهات ) تقدم لخزينة السلطان الخاصة .
ولكن السلطان رفض كل ذلك بإباء وشموخ وأعلن استحالة تحقق هذا الهدف ما دام على قيد الحياة وقال " إنكم لو دفعتم ملء الأرض ذهباً ، فضلاً عن ( 150 مليون ) ليرة ذهباً فلن أقبل بهذا بوجه قطعي ، ولقد خدمت الملة الإسلامية والملة المحمدية ما يزيد على ثلاثين سنة ، فلم أسود صحائف المسلمين آبائي وأجدادي من السلاطين والخلفاء العثمانيين ، لهذا لن أقبل بتكليفكم هذا بوجه قطعي أيضاً "
وقال في رسالة كتبها لشيخه في دمشق الشيخ " محمود أبو الشامات " يشرح فيها عروض هرتزل وإغراءات اليهود وقال بعد الجواب السابق :
" وبعد جوابي القطعي ، اتفقوا على خلعي وأبلغوني أنهم سيبعدونني إلى ( سلانيك ) فقبلت بهذا التكليف الأخير ، وحمدت المولى وأحمده أنني لم قبل بأن ألطخ الدولة العثمانية والعالم الإسلامي بهذا العار الأبدي الناشئ عن تكليفهم بإقامة دولة يهودية في الأراضي المقدسة " فلسطين" " ا.هـ
رحم الله السلطان عبد الحميد ، فقد ضحى بعرشه وملكه ومنصبه وخلافته في سبيل إنقاذ فلسطين ، وتعالى فوق كل الضغوط والإغراءات ،وبدأ بعده مسلسل التنازلات ابتداءاً بالثورة العربية الكبرى أو " الخديعة العربية الكبرى " وانتهاءاً " بأوسلو" و" كامب ديفيد " و" واي بلانتيشن " وهلمّ جرّا..
المراجع :
المكتبة الخالدية للدكتور / وليد أحمد سامح الخالدي 20-21
الأعلام للزركلي 8/235
الأعلام الشرقية لزكي مجاهد 2/831
المؤامرة الكبرى على بلاد الشام لمحمد فاروق الخالدي 78-81 |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: مشاهير فلسطين في العالم الأربعاء 06 أبريل 2016, 10:05 pm | |
| الشهيد سرور برهم (1903-1948) أول استشهادي فلسطيني
بقلم: خليل الصمادي
بالمصادفة اجتمعت مع عدد من الزوار والأصحاب والأصدقاء في إحدى المزارع القريبة من دمشق مساء الأربعاء 22/ 8/ 2007وطلب الداعي من الحضور التعريف حتى يتسنى للجميع معرفة بعضهم ، وبدأ التعريف محمد من صفد خالد من صفورية ، سعيد من الجولان المحتل ، الشيخ أحمد من الشام ، أبو ثائر من لوبية ، ونزار من كوسوفو طالب علم في دمشق ، ويحيى سرور برهم مدرس متقاعد من حيفا و..................... الشهيد سرور برهم
ذكرني هذا الاسم " سرور برهم " بمجاهد كبير سمعت عنه الكثير وأعادني أربعين سنة للوراء يوم كانت إحدى البقاليات القريبة من منزلي بمخيم اليرموك لمحمود سرور برهم الابن البكر للمجاهد سرور برهم ، يوم كنا نسمع من كبار السن أن المجاهد سرور برهم فجر سيارة مليئة بالأسلحة حتى لا يستولي عليها اليهود.
سألت الأستاذ يحيى أن يحدثنا عن والده سرور برهم ، ولكن يبدو أن أمراض الشيخوخة حالت بينه وبين سؤالي ، فلم يسمعني جيداً ، فما كان منه إلا أن هز رأسه قائلاً : " بارك الله فيك".
ولما رجعت إلى البيت وفي صباح اليوم التالي صبحت على الوالد أطال الله عمره أحدثه عن سهرة الأمس ، وسألته عن المجاهد سرور برهم ، فأمدني بمعلومات قيمة ، وطلبت منه كتابا ذكر هذه المعلومات فسرعان ما نزل إلى مكتبته ، وبحث في الفلسطينيات فأخرج لي كتابين : الأول للشيخ نمر الخطيب " من أثر النكبة " دمشق 1951 والآخر كتاب الشيخ عبد الرحمن مراد" صفحات عن حيفا ومعركتها الأخيرة دمشق 1991"..
ومما رواه المؤلفان عن الشهيد سرور برهم ، ومما سمعته من الوالد أدون ما يلي:
ذهب قائد حامية حيفا العربية المجاهد الأردني محمد حمد الحنيطي إلى بيروت ودمشق للاجتماع بالمسؤولين في الهيئة العربية العليا وباللجنة العسكرية العليا التابعة لجامعة الدول العربية ، كان برفقته سرور برهم وزوجته وعدد من المجاهدين ، وطلبوا إرسال أسلحة وذخائر ومتطوعين إلى حامية حيفا التي كانت تشكو من قلة الذخيرة والسلاح ، وأخيراً وبعد محادثات مضنية استطاعوا الحصول على شاحنتين كبيرتين ، مجموع حمولتهما 12 طناً ..
وسارت السيارتان برفقة الحنيطي الذي أصر على المرافقة بالرغم من نصائح الشيخ نمر الخطيب على السير في طريق آخر يسبق القافلة حفاظاً على سلامته ، وسارت السيارتان ورافقهما القائد الحنيطي بسيارة خاصة ، وسيارة بها سرور برهم وزوجته من بيروت لصيدا ، حيث انضمت إلى القافلة شاحنة مملوءة بأسلحة مرسلة من الهيئة العربية العليا لفلسطين ، واستمرت القافلة بالمسير حتى رأس الناقورة ، مركز العبور بين لبنان وفلسطين ، والذي كان تحت السيطرة الإنجليزية ، وتحت أعين ضباطها وجنودها الذين كانوا عيوناً لليهود ..
وأخيراً وصلت القافلة إلى عكا فاقترح سرور برهم على الحنيطي المبيت في عكا ، ونقل الأسلحة إلى حيفا عن طريق البحر ، فرفض الحنيطي ، وأصر على متابعة المسير ، وكذا نصحه بعض وجوه عكا، ولكنه أصر على المسير ؛ لأنه اعتبر أن المبيت في عكا نوع من الجبن والهزيمة ، وتابعت القافلة سيرها بعد أن انضم إليها عدد من المجاهدين العكاويين ، وعند وصول القافلة مدخل مستعمرة " موتسكين " الواقعة في منتصف الطريق بين حيفا وعكا كانت قد تنامت لليهود عن طريق جواسيسهم ، وربما عن طريق مركز الناقورة أخبار القافلة ..
يقول الشيخ محمد نمر الخطيب : " وقبل وصولها ب (7) كيلو مترا شاهد أحد رجال القافلة أن يهودياً كان يراقب وصول القافلة ، فلما رآها امتطى دراجته النارية وعدا أمامهم ، ففوجئ المجاهدون بإغلاق الطريق ببراميل كثيرة أو دبابة ، وعند توقف القافلة انهمرت عليها النيران من كل حدب وصوب ، فتسلل بعض المجاهدين واشتبكوا مع اليهود ، وقد استطاع سائق إحدى السيارتين المملوءة بالسلاح أن يفلت من الطوق اليهودي ، ويعكس سيره وينجو بالسيارة ، كما استطاعت سيارة صغيرة رافقتهم من عكا بالإفلات .
وكان باستطاعة سرور برهم أن يفلت أيضاً إذ كانت سيارته بالمؤخرة ولكن عز عليه أن يرى صحبه في المعركة ويتأخر عنهم ، فما كان منه إلا أن فتح باب السيارة وخلع سترته وطربوشه وسلمها لزوجه أم محمود قائلا لها : " اشهدي لي، اشهدي لي يا أم محمود" ، وتناول سرور بندقيته ، وأخذ يزحف على الأرض حتى وصل إلى قرب القائد الحنيطي وصحبه المنبثين في ميدان القتال فوجده قد استشهد ، ونظر إلى شاحنة الأسلحة فوجد اليهود قد صعدوا فوقها للاستيلاء عليها ، فعز عليه ذلك ، فتناول قنبلة كانت في جيبه ، واقترب من السيارة وألقى بها على مبدأ " علي وعلى أعدائي يا ربي " فخر الجميع صرعى بما فيهم الشهيد سرور برهم ، وقد احترقت جثته، وقد دوى شمال فلسطين بالانفجار ، وقد سمع من الحدود اللبنانية ، ورجت حيفا وعكا وما جاورهما ، لقد فتك هذا الانفجار بمئات من اليهود ، كما دمرت العشرات من المنازل اليهودية ، ومن شدة هول الانفجار أحدث حفرة عميقة على مسافة بعيدة ، كانت هذه المعركة في 17/3/1948.
ولم ينج من المجاهدين في هذه المعركة إلا مجاهد واحد في قصة عجيبة بل معجزة ، فقد كان مستلقياً على ظهره ، وإذا بالهواء الشديد من شدة الانفجار يرفعه إلى مئات الأمتار ، ويلقي به فوق إحدى عربات القطار المتجهة إلى عكا ، وهذا الرجل معروف باسم أبي طوق ، وكان سائقاً للقائد محمد الحنيطي ، وكان مجموع الشهداء العرب 14 شهيداً صلي عليهم جميعاً في الجامع الكبير ، ودفنوا في مقبرة الياجور بحيفا ، أما القائد محمد الحنيطي فلف بالعلم الأردني ووضع في سيارة متجهة إلى شرقي الأردن ، حيث دفن هناك في بلده رحمه الله .
لم أكتف بهذه المعلومات ، وأصررت على زيارة الأستاذ يحيى في مخيم اليرموك علني أسمع المزيد عن حياة والده..
قرعت الباب ففتح لي ابنا الأستاذ عمر وعمار اللذان كانا معنا في سهرة أمس فرحبا بي أشد ترحيب ، وبعد دقائق دخل الأستاذ يحيى ، ولما عرفوا مطلبي قدموا لي ما أريده..
قال الأستاذ يحيى ، وهو من مواليد حيفا 1938 وخريج جامعة دمشق قسم الجغرافيا : ولد الشهيد سرور برهم عام 1903 وقد أعقب ذكرين محمود ويحيى وست بنات هن ظريفة وفاطمة ونعمات ومنيفة وكوثر ونصرة ، أردف قائلا : كان والدي وغيره من المجاهدين شغلهم الشاغل الجهاد في سبيل الله ، وطرد اليهود شذاذ الآفاق الذين استولوا على البلاد ، ولكن كما يقولون العين بصيرة واليد قصيرة ، لم تكن الأموال متوفرة عند الناس ، كان الوالد يبيع فراش الصوف والأغراض الثمينة من أجل شراء السلاح ، كان بيتنا الواقع في وسط حيفا في شارع الناصرة مركزاً للثوار ومخبأ للأسلحة ، أذكر كبار القادة وهم يزوروننا والوالدة تعد لهم الأكل والشرب ، يسهرون ويتناقشون في أمور الثورة ...
اشترك الوالد في عمليات فدائية جريئة ، كما أنه تزعم جماعة الكف الأسود في حيفا التي كانت تلاحق العملاء والخونة ، كما أنه كان معاون قائد حامية حيفا ، ويردف الأستاذ يحيى قائلاً : أذكر يوماً أنني شاهدت كفيه محروقتين ، ولما سألت عن السبب أجابتني الوالدة رحمها الله : لقد كان يستعمل مدفع هاون جديد ، وقد حرقت كفاه من حمم النار .
سألته عن العملية البطولية التي قام بها الوالد إن كان يذكرها قال : كنت يومها في صيدا مع أخواتي البنات لاجئين مشردين ؛ لأن المعارك كانت على أشدها بين المجاهدين واليهود ، وقد ودعنا الوالد والوالدة مصاحبين قافلة الأسلحة ، ولم أنس يومها في صيدا عندما سمعت دوي الانفجار من هناك ، ولم أدر باستشهاد الوالد إلا بعد قدوم الوالدة إلينا وحدثتنا بما جرى.
مكثنا في صيدا مدة ، ثم انتقلنا إلى دمشق ، وسكنا مخيم اليرموك ، توفيت الوالدة أم محمود في الأردن لدى زيارتها لإحدى بناتها هناك ، ونقلت إلى مخيم اليرموك ، ودفنت في مقبرتها.
خرجت من بيت الأستاذ يحيى وأنا معجب بأن روح الجهاد والاستشهاد ما زالت تسري في بيته ، فولداه عمر وعمار حدثاني كذلك عن جدتهم أم محمود رحمهما الله ، وعن عمهم محمود أبي أحمد الذي توفي في اليرموك عام 1990 ، وعما كانا يحدثانهما عن جدهما ، وعن المجاهدين أمثال رشيد الحاج إبراهيم ، وفخري البرد ، وأحمد عمورة ، وسعيد عطية ، وغيرهم من المجاهدين والشهداء ، خرجت وكلي ثقة بأن الخير في أمتنا إلى يوم القيامة ، ويممت شطري نحو منتصف المخيم ؛ لأنني أذكر أنني عندما كنت في العاشرة من عمري رأيت شارعاً باسم " سرور برهم " متفرعا من شارع صفد ، ذهبت هناك لأتأكد من أن الشارع ما زال يحمل اسمه القديم فوجدته كما هو ، عندها شكرت بلدية المخيم التي ما زالت على عهدها القديم |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: مشاهير فلسطين في العالم الأربعاء 06 أبريل 2016, 10:06 pm | |
| شعراء مجهولون من فلسطين
... ابن سفر الغزي
إعداد الدكتور أسامة جمعة الأشقر
إبراهيم بن محمد الغزي، المعروف بابن سفر، المفتي الحنفي .
نشأ في غزّة، وسافر إلى مصر برعاية من جده الذي كان له شأن في إسلاميول عاصمة الخلافة العثمانية، وأقام يدرس العلوم هناك، فتفقّه خمس عشرة سنة على جملة من المشايخ ، منهم علي الضرير، و سليمان المنصوري، وغيرهما .
ورجع إلى غزّة بعد أن استوى عوده واشتد ساعده في العلوم الشرعية والعربية، ولقي العارف الصوفي مصطفى بن كمال الدين الصديقي، فأخذ عنه التصوّف وأتقنه . يقول الغزي في سلك الدرر: أخذ عنه الطريق ولقنه بعض أسمائه المنوطه به وصار له ملكة قوية في علوم القوم وخاض في بحرها وعام وهو مع ذلك يفتي على المذهب الحنفي ويقري بعض الطلبة ما أرادوه من منطق وبيان وغير ذلك .
توفّي ابن سفر سنة اثنتين وخمسين ومائة وألف بعد أن اشتد مرضه فأصبح كسيراً عاجزا عن الحركة ثم أصيب بالاستسقاء في آخر عمره فمات من أثر تلك العلل، ودفن بظاهر غزة.
كان له شعر كثير لم يصلنا معظمه ومعظمه في التصوف وهو ذو مستوى متوسط فما دون ، وما بقي معروفاً له من شعره ما أورده المؤرخ الفقيه الأديب نجم الدين الغزي الدمشق الشافعي حيث أثبت لن بعضاً من قصائده ومقطعاته ومخمساته، ومنها :
ترفّق رعاك اللّه بالصَّبِّ يا حادي ... ومل بي أيا هادي إلى شاطئ الوادي
إلى كعبة التَّطواف وانزل بشِعْبِ مَن ... تملّك قلباً ذاب بالوجد يا حادي
ويا راكباً بُزْلا عِراباً وواصلاً ... مقاماً لسُعَْدى ربةِ الخال والنادي
ويا هادياً تلك العرابَ وغادياً ... فديتك يا هادي – دخيلك - يا غادي
وقل يا حماك اللّه خلّفتَ مَغْرَما ... أسيراً مَشُوق القلب ِمن وَجْده صادي
يجنّ إلى لقيا الأحبة مُولَع ... يئن إذا برقٌ بدا دون ميعاد
وكنّت على نار الغرام ضلوعه ... إذا هب من سَلْع نسيم وأجياد
وإن بارق من ثَهْمَد لاح نحوه ... وقد فاح عَرْف الندا وطيب أوراد
ترى دمعه يجري َصبيباً كعَنْدَمٍ ... ويبدي زفيراً لا يحد بتَعْداد
فثنوا عليه باللقا بَعد بُعده ... وحنّوا وحيوه تحية أجواد
عسى تَنْطَفِي نار الفراق بقربكم ... ويطرب قريه على غصن مياد
عسى رأفة يدنو بها لمقامكم ... وبلبله يشدو لها فوق أعواد
عسى ترحموه عَطْفَةً وتكرُّماً ... فيحيى بكم يا سادة القرب والبادي
يحن إذا ما الليل جن لما يرى ... ويرقب طرف النجم في سيره العادي
يقول وقد ضاقت عليه مذاهب ... ولا كالذي جاب البلاد بلا زاد
ألا هل مخبر لي أخا الكشف والولا ... ومن لي معينا أرتجيه لإرشادي
بحقِّك كن لي ناصحاً ومؤيدا ... لمن ألتجي في كشف حُجْبي وأمدادي
وقوله مخمّساً أبياتاً للشيخ عبد الغني النابلسي الصوفي الشهير:
حكم اللّه جلّ فيها انبهارُ ... وعلى العقل مِن مداها استتار
فلذا قاله عارفٌ مختارُ ... رب شخصٍ تقوده الأقدار
للمعالي وما لذاك اختيار
مائلاً والهداية استقبلته ... ما هلا والعناية اكتنفته
خاملاً والارادة استحسنته ... غافلاً والسعادة احتضنته
وهو منها مستوجس نفار
فتراه إن قال قد قال حقا ... وإذا سار سار بالحق صدقا
لا مضراً يخشى ولا يتوقى ... يتعاطى القبح عمداً فيلقا
جميلاً ويستر الستار
وفقيهاً إن قال في الفقه أفتى ... تقياً حاز الفضائل شتى
وأخا الزهد بتّ دنياه بتا ... وفتىً كابد العبادة حتى
ملّ من ذاك ليلُه والنهار
إن "يروم" الإحسان يلقاه ضرا ... أو يذيع المعروف يرجع شرا
آخذا جانباً عن الناس طرّا ... يفعل الخير ثم يلقاه شرا
وإذا رام جنةً فهي نارُ
منح جل قادر مبتديها ... وشؤون لخلقه بمصطفيها
فهي حق إن رمت أن تجتليها ... حكم حارت البرية فيها
وحقيق بأنها تحتار
ليس يدري شخص إذا ما تجلت ... كيف إقبالها ولا إذ تولت
غير أنها أحوال في الخلق جلت ... وعطايا من المهيمن دلت
إن اللّه فاعل مختار
ومن شعره قوله:
ساقي الندامى بدالي ... بكأس خمر الدوالي
قديمة العصر تجْلى ... صرفاً بنور الجمال
وزمزم الكاس منه ... بريق شهد حلالي
وقال لي اشرب وعربد ... واصدح بها لا تبالي
شربت شرباً هنياً ... منه بدا ما بدا لي
حتى سكرت بحاني ... وما علمت بحالي
فغبت عني بسكري ... ولم أزل في توالي
سكرى بحاني حلالي ... فيه اعتكاف الليالي
فقيل لي ذا حرام ... عليك قلت حلالي |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: مشاهير فلسطين في العالم الأربعاء 06 أبريل 2016, 10:12 pm | |
| المذيع الفلسطيني الشهير الدكتور عمر الخطيب
المذيع العربي الفلسطيني الشهير الاستاذ الدكتور عمر الخطيب، والذي أشتهر في عالمنا العربي بمقدم برنامج بنك المعلومات وصاحبة الكلمة المميزة " يا سلام عليك " ومن الجدير ذكره عن الدكتور عمر الخطيب بأنه كان يعتبر من الشخصيات المقربة جدا والذي ربطته صداقة شخصية مع الملك حسين ملك الاردن .
ولمن لا يعرف الدكتور عمر الخطيب فاليكم سيرتة الذاتية .
حصل على شهادة المترك الفلسطيني في العام 1948 وعلى مترك لندن 1949. وفي العام 1956 حصل على بكالوريوس العلوم الاجتماعية من الجامعة الأمريكية في القاهرة، وعلى ماجستير الإذاعة والتلفزيون من جامعة السيراكيوز في أمريكا عام 1963. وفي عام 1972 حصل على الدكتوراة في الإعلام من جامعة ولاية أوهايو. تولى عدة مناصب منها رئيس قسم الإنتاج ومذيع في الإذاعة الأردنية عام 1959 وحتى عام 1962، ومراقباً عاماً للبرامج فيها، ثم مستشاراً لشؤون الإذاعة والتلفزيون في وزارة الإعلام السعودية ثم مديراً عاماً مساعداً لمؤسسة التلفزيون الأردني عام 1967 وحتى 1969، ومديراً عاماً للإذاعة والتلفزيون في أبو ظبي حتى عام 1970. في عام 1972 عُيّن مدير مكتب الجامعة العربية للإعلام في دالاس/ تكساس وحتى عام 1973، وفي عام 1975 عُيّن مستشاراً في وزارة الإعلام في دولة الإمارات العربية المتحدة حتى عام 1977، ثم عمل أستاذاً للإعلام في الجامعة الأردنية وجامعة الملك سعود وأستاذاً زائراً في جامعة ستانفورد في أمريكا من عام 1985 وحتى عام 1986، ثم أستاذا ًللإعلام في جامعة الملك سعود في عام 1986. له عدة مؤلفات وكتب بالعربية والإنجليزية، وعدد من البرامج الإذاعية والتلفزيونية من إعداده وتقديمه؛ منها "فكر واربح" الذي عرض في السعودية والأردن ومصر والإمارات، والندوة التلفزيونية "حوار"، والندوة التلفزيونية "FORUM" باللغة الإنجليزية، وبرنامج المسابقات التلفزيوني "بنك المعلومات". |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: مشاهير فلسطين في العالم الأربعاء 06 أبريل 2016, 10:14 pm | |
| سميح مسعود برقاوي
ذياب سليم حجة*
وُلِدَ الشاعر سميح عبد السلام مسعود حجة في قرية " برقة " قضاء نابلس بتاريخ ( 20/7/1932م )، حيث انْحدر من عائلة ريفِية تُقدِس الأرض وتَعْمل بها من أجل توفير حاجاتها المختلفة, وفي تلك الفترة كانت فلسطين واقعة تحت الانتداب البريطاني والهجرة الصهيونية وكانت المقاومة والثورة بدأت تظهر في أرجاء فلسطين، وما أن بدأ وَعْي الطفل يَتَفَتَح حتى صار يَسْمع عن الثورة والثوار وعن بطولتهم, وعندما وَقَعَت مَعْرَكة بِيتْ امْرين بين الثوار والإنجليز
أُصيبَ أبوه في تلك المعركة فأتى به الثوار سِراً إلى البيت فرَأى أباه والدماء تسيل مِنه فتأثر كثيرا وأخذ يَتَحَسَس مَلابس أبيه حيثُ اخْتَرَقت الرصاصة.
الْتَحَق بالكلية الإسلامية في مدينة " حيفا " وبقي فيها إلى أن قامت حرب عام 1948م وحدوث نكبة الشعب الفلسطيني, فاضْطَرَ أنْ يقطع الدراسة ويعود إلى قريته " برقة " وكان عُمره ستة عشر رَبيعا وَأُصيب بِخيبة أملْ بعد سُقوط غالبية فلسطين وهزيمة الجيوش العربية وإقامة دولة (إسرائيل) المَزعومة.
بعد انضمام الضفة الغربية إلى المملكة الأردنية الْتَحَق في الشُرطة الأردنية
وعمل في وادي موسى والخليل ونابلس, في تلك الحقبة زاد وعيه وانْضَمَ إلى صُفوف حزب البَعث العربي الاشتراكي وأصبحَ له نشاط تَحْريضي من أجل الدفاع عن فلسطين, وتَشَكَلت خَلايا داخل الشُرطة والجيش من أجل التغيير باسم تنظيم الضُباط الأحرار، ومن رفاقه كامل العَزَي أبو رومِل وعَزْمي مرار
والشهيد مُخْلِص عَمْرو وكان من قيادات هذا التنظيم شاهِر اليوسف و محمود المَعايطة وضافي الجمعاني، وفي عام 1958 تَعَرضت هذه المجموعات إلى الاعتقال حيث أُخِذَ الشاعر إلى سجن الزرقاء العسكري وخَضَعَ للتحقيق العنيف وكانت التهمة هِيَ مُحاولة الدِفاع عن فلسطين واسْتُشْهِد رَفيقه مُخْلِص عَمْرو بعد تَعَرُضِه لِلْكَوْي بالنار, ولمْ يَثْبُت عليه أي شيء وَحُكِمَ حُكْماً إدارياً من قبل حاكِم الخليل وقَضَى فترة سنتين ونصف السنة وَأُفْرِجَ عنه في عام 1960م.
وعادَ الشاعر إلى قريته وعاد يَعْمَل في الأرض ويَزرع شجر الزيتون وَرَفَضَ السَفَر إلى الخَليج حيثُ أنَّ إخوانه وأولاد عَمه سافروا إلى هناك. وعندما وقعت النَكسة في عام 1967م وسَقطت الضفة الغربية وقطاع غزة تَأثَرَ كثيرا وانْضَمَ إلى صُفوف الجبهة الشعبية القيادة العامة وشَكلوا خلايا سِرية في شمال الضفة الغربية تحتَ قِيادة محمد أمين خلايلة " أبو بكر" من قرية " جبع " قضاء جنين وقاموا بعدة عمليات مسلحة وعلى أثر ذلك تم اعتقاله هو ورفاقه في عام 1970م وقَضَى في سِجن جنين فترة سنة ونصف وخرج من السجن وعاد لِلعمل في الأرض فهو يعشق الأرض والزيتون .
في عام 1987م اندلعت انتفاضة الشعب الفلسطيني الأولى وبدأ الشعب الفلسطيني يقاوِم بِالحجارة فَتَأَثر كثيراً وفي تلك الأجْواء المُفعَمَة بِالمعنويات تَمَلك الشاعر اِلهام وَوَحْي الشِعر وبدأ يَتغنى بِالوطن والأرض والشَهادة والزَيتون وأطفال الحجارة وَنَظَمَ قصائِد مُؤثِرَة وأصْبَح يُلقيها في مَواكِب الشُهداء والمهرجانات.
ومن قصائِده ما هو مَنْظوم بِقافية وما هو مَنْثور وَدَعا الشعب في قصائِده إلى التَوَحُد والعمل بِنشاط والتعليم والجهاد وتكريم الشُهداء والمُناضلين والبُعْد عن السلبيات والقبلية والفِئوِيَة والتركيز على مَحاربة العدو الإسرائيلي من أجل إرْجاع فلسطين, وما زال الشاعر يَنْظُم القصائِد في أي مَوقف يتأثر به. من شعره: (إلى روح شهداء برقة الأبطال) لماذا تقتلونَ الفردَ مِنَّا إذا ما قال أبْغي العيشَ حرا
أما جَرَّبتمُ الإذلال قبلاً وذقتمْ من حياةِ الذلِ مرا
لماذا تغصِبونَ الأرض مِنَّا بكلِ وسيلةٍ علناً وسِرا
وأنتمْ تعلمونَ بأنَ حرباً يكون مآلُها كراً وفرا
إذا كنتَ انتصرت عليَ يوماً فرُبَ يكون بعدَ النصرِ خُسرا
وما منْ ظالمٍ في الأرضِ يبقى طويلاً ظُلْمهُ إلا تعرّى
تراجع بالضميرِ عن الخطايا وتُبْ للرشدِ لو أعملتَ فِكْرا
فإني لا أريد لكَ انقراضاً فلا ترجو إليَ مصير صَبرا
قتلتَ صِغارنا وكسرتَ عظماً ضربتَ شيوخنا وفعلتَ أخرى
كأنكَ قدْ عقدتَ اليوم حِلفاً مع الشيطانِ تنكيلاً وقهرا
فلنْ ترضى لك التوراة هذا ولمْ يَرسمْ لكم داود عُذرا
تزوجْ يا بُنيَ ولا تُبالي ولا تجْعلْ مِنَ الأوضاعِ عُذرا
أقِمْ حفلاً لِعرسِكَ دونَ خوفٍ وضعْ فينا تفاؤلةً وبُشرى
إذا ما خرَّ مِنَّا كل يومٍ شهيد فيه إصرارا وذِكْرى
نُودِعهُ بِإكبار وعزمٍ وَنُحيي عُرسَهُ نَعْشاً وقبرا
مِنْجَلي بالشَمسِ يَلمَعْ
لا تَخْجَلي مِنْي فأني أَحْرُث الأرض وَأزْرَع
هِيَ تُعْطيني مِنَ الخَيْرات ما نَجْني وَنَجْمَع
إنْ تقولي أنْت فلاح شَقِيٌ لَسْتَ تنفع
فَهِيَ الحَقيقة قُلتِها ليسَ في قلْبي مَوْقِع
قدْ أُناجي غُصْنَ زَيْتون تَدَلى فَهُوَ أبْدَع
هذه فأْسِي تَجُوس وتَنْكُشُ الأرْض وَتَقطَع
هذه الجُدْران نَبْنيها تَسْند التُربة تَمْنَع
فأنا فَلاحٌ فِعْلاً مِنْجَلي بالشَمسِ يَلمَع
وَأَبي قدْ كان أيْضَاً صامِدٌ في الأرْضِ أشْجَع
هكذا الأجْداد كانوا عَلمونا كيف نَصْنَع
أعْشَق الحَسْناء لَمَّا تَحْلِبُ الشاة وَتُرْضِع
وَأُحَيْي الأم تَدْعو في صَلاةِ الصُبْح تَخْشَع
أنا لنْ أرْضَى بِذلٍ أنا ما عِشْتُ لأرْكَع
أنا لله أُصَلي وَدُعائي فَهُوَ يَسْمَع
من علّم هذا الطفل
مَنْ عَلَّمَ هذا الشِبْل هتافاً يُرْعِب جُنْدِيا
مَنْ عَلَّمَ هذا الطِفل نَشيداً فَخْمَاً شَعْبِيا
مَنْ وَضَع القُوة فيه لِيَحْمِل عِبْئاً وَطَنِيا
وَيُدَحْرِجُ حَجَراً صَخْراً ضَخْمَاً جِنيّا
خَدَمُ سُليمان تَواروا نَسْيَاً مَنْسِيَا
سِر رَباني بِطِفل فلسطين جَلِيَا
مَنْ عَلَّمَ طِفلاً رَمْيَ الجَمْرات على إبْليسَ بِقُدْسي
مَنْ عَلّمَهُ حَمْلَ الشُهداء على الأكْتاف بِعُرْسي
مَنْ عَلَّمَهُ الْحَفْرَ وَدَفْنَ الشُهداء بِرَمْسِ
مَنْ عَلَّمَهُ الصّبْرَ على الْعَثراتِ بِبَأسِ
زَرَعَ الشَجَر الأخْضَر بَدَل المُجْتَث بأمْسِ
فَنَمَتْ أعْوادُ الزَيْتون مُبارَكةً وَنَمَت نفسي
مَنْ عَلَّمَ طِفلاً يُقْتَل بِرصاصة جُنْدِي خائِف
يَرْفَع هامَته يَتَحَدى مُحْتلاً زائِف
يَرْسُم بالأحْمَر أزْهاراً مِن دَمِه النازِف
تَعْبق بِالْعِطْرِ الْفَوَّاح زَخْمَاً عاصِف
وَتحيل الليل المُظْلِم نوراً كاشِف
مَن عَلَّمَ هذا الشِبْل يَنْفُخ أبْواقَ الحُرِيَة
وَيعيد الثِقةَ لِروح الأُمَه العربية
ويُقْسِم أنْ يَجْتَثَ أُصولَ الرَجْعِيَة
وَسَيَسْري السِر بِعَمان وَبَغداد وسورية
سِرٌ رَباني يَسْري دون هَوِيَة
مَنْ عَلَّمَ هذا الطِفلَ لِيَكْشِف دَوْرَ الحُكام
مَنْ سَلَّمَ أرضَ المَسْرى والناسُ نِيام
كان هَمي أنْ أرى أرضي جَميلة
يا ابْنَتي هلْ حلَ فينا غير آلام السنين
غيرَ بُعْدٍ وَشَقاءٍ وَفُراقٍ وَأنين
هَلْ يَدوم الحال هذا أمْ تهون
رُبْما نَبقى طَويلاً نَتمَنى أنْ نَكون
لكِننا نَرجو ونَرجو دائِماً في كل حين
صار هذا دون عِلمي في رُبا اَرْضي جُنون
هَلْ لِباغٍ مِنْ زَوالٍ إنْ أرَدْنا أنْ يَكون
*****
يا لأعلام تُرَفرِفُ فوق أرضي خافِقة
وَهِتافٌ صاخبٌ وَقلوب دافِقة
وَنَشيدٌ في عُلوٍ لِلجِبال السامِقة
وَرِياحٌ عاتِيات نائِحات خافِقة
وَزُهورٌ نادِيات يانِعات عابِقة
وَأريجٌ فوق أرضي مِنْ دِماءٍ عالِقة
بِهُمومٍ وَبَلايا أرضَ أهْلي غارِقة
*****
يا بَسْمَة فوق الشِفاهِ رَغْمَ كل مَصائِبي
فيها عِناد المخلصين فوق وَجْهِكَ صاحِبي
لا لنْ تَذِلُ لنْ تَسْتَكين كَتائِبي
سَيُعَشِشُ الأحْرار فوق خَرائِبي
فليَهْدِموا فوق الرُؤوسِ مَضارِبي
فأنا على عَهْدِ الأُباة السابِقين تَجارِبي
*****
سَأقول لِلجُبَناء ناموا في فِراشٍ مِنْ حَرير
لنْ تَموتوا مِثل أهْلي فوق أعْشاش النُسور
سَأقول لِلجُبَناء أنْتمْ مَيِتون مِنَ الضَمير
فعَدُونا لنْ يَرضى لِلجُبَناء مَوتاً مُسْتنير
فلن يَموت المَيتون وَلنْ يَعودوا لِلظُهور
فليَخْرَس الجُبَناء ليس لهمْ مَكان لِلعُبور
فطريق أهْلي واضِح نِعْمَ المَصير
*****
آه يا أُمْي تعالي دَثِريني بِالغطاء
وَاسْكُبي دَمْعاً على عاقٍ دَواء
وَاسْأليني أيْنَ أمْضَيت الشِتاء
آه يا ناكراً حُبْي دون عَيْب أو حَياء
كنت رَبَيْتكَ طِفلاً ساكِباً كُل عَناء
وَضَمَمْتُكَ في الأحْضان حُباً وَعَطاء
وَدَعَوْت الله دَوماَ ناظِرٌ نَحو السماء
فحَبَوْتَ وَدَرَجْتَ وَتعَلمْتَ النِداء
اِغْفِري لي أُمْي إني نادِم كُل مَساء
*****
كان هَمي أنْ أرى أرضي جَميلة
كان إخْلاصي عَظيمٌ مِثل أفراد القبيلة
كُلنا نَرْنو إليكِ يا شَذى عِطْر الخَميلة
دائِماً يَزْداد هَمِّي كُلما كُنْتِ عَليلة
هذا التَحَكُمْ مِن بَشَرْ
عَصْفور لَحَّنْ عالشَجَرْ، لَفتِة نَظَرْ !
لمْحِة حُزُنْ فيها ظَهَرْ .....
لَوْ كان في عِنا نَظَرْ ......
نِصْفْ الشهِر ليلة بَدِرْ ......
وِالنورْ شَعْشَعْ عَالبَشَرْ .......
عَصْفور لَحَّنْ عَالَشَجْر، لفتِة نَظَرْ !
مَرّيتْ مِنْ جَنْبْ القَصِرْ .......
أَنْوارْ حَوْلُه مْلألِئة .......
خَفافيشْ تِظْهَرْ تِخْتِفي .......
مِثلْ الشَرارْ بْيِنْطَفي .......
طَباخْ يُطْبُخْ بِالقِدرْ .......
عَصْفور لَحَّنْ عَالشَجَرْ، لفتِة نَظَرْ !
شُفتْ الصَبِية مْبَهْدَلي ......
لِعْيونْ مِنْها مْبَلَلِي .......
لِوْحوشْ تِنْهَشْ بِاللحِمْ ......
حُكْمْ القَوي ظُلمْ وقَهِرْ ........
عَصْفور لَحَّنْ عَالشَجَرْ، لفتِة نَظَرْ !
آخِرْ شَهِرْ أَفلْ القَمَرْ ......
وِارْتاحْ مِنْ هَمْ الأرِضْ ......
كَشَفْ الخَبايا بِالصِوَرْ ......
مِثقالْ ذرَة بِارْتِسِمْ ......
مَنْظَرْ طِفِلْ يِقذِفْ حَجَرْ .......
عَصْفور لَحَّنْ عَالشَجَرْ، لفتِة نَظَرْ !
كُلْ الصِوَرْ فيها أَلَمْ ........
فيها الضَمائِرْ تِنْعِدِمْ .......
ذَبْحْ الطِفِلْ مِثلْ الغَنَمْ .......
ذنْبُه رَفعْ راية وعَلمْ .......
قدْ عادْ فُرْسان التَتَرْ .......
عَصْفور لَحَّنْ عَالشَجَرْ، لفتِة نَظَرْ !
بِالله يا بَدْرَ السَما ......
تِحْفظْ صِوَرْنا مِن العَمى .......
اِعْلِمْ عَطارِدْ بِالخَبَرْ ........
وخَيَكْ زُحَلْ وِالمُشْتري ........
وكُلْ الكَواكِبْ وِالأُسَرْ .........
عَصْفور لَحَّنْ عَالشَجَرْ، لفتِة نَظَرْ !
زيتونا أَصْبَحْ حُطامْ ......
ما ظَلْ في عِنا ثمَرْ .....
أَطفالنا طَلَبُوا الطعام .....
وِالأهِلْ يُشْكوا مِن الفقِرْ ......
عَصْفور لَحَّنْ عَالشَجَرْ، لفتِة نَظَرْ !
الرِيحْ تِعْصِفْ بِالخَرابْ .......
وِالبُومْ يِنْعَقْ بِالوَعِرْ .......
وِالظُلُمْ يِطْعَنْ بِالحْرابْ .....
بَطنْ وظَهِرْ، عُنْقْ وصَدِرْ .......
عَصْفور لَحَّنْ عَالشَجَرْ، لفتِة نَظَرْ !
النَايْ تِصْدَحْ مِن بْعيدْ ......
نَغمِة حُزنْ راعِي الغَنَمْ .......
اِحْتار لِلأمْرْ لِجْديدْ .........
وِاغْتاظْ مِن وَقعْ الظُلُمْ .......
هَذا فِعِلْ ما هُو قَدَرْ .......
عَصْفور لَحَّنْ عَالشَجَرْ، لفتِة نَظَرْ !
كُلْ الأهِلْ يِبْكوا أَلَمْ .......
ويَعْطوا خَبَرْ تِلو الخَبَرْ .......
جَفّ المَدادْ مِن القلمْ .......
وِالقلبْ مِنْ حُزْنُه انْفَطَرْ .......
عَصْفور لَحَّنْ عَالشَجَرْ، لفتِة نَظَرْ !
رَبْي أَمَرْ ..... لا ما أَمَرْ ........
هذا التَحَكُمْ مِنْ بَشَرْ ........
والله أقْوَى مِنْ كُلْ ....... طَواغِيت البَشَر....... |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: مشاهير فلسطين في العالم الأربعاء 06 أبريل 2016, 10:17 pm | |
| الثائر الشهيد عبدالفتاح خدرج
الباحث: عبدالعزيز أمين عرار
مقدمة
تهدف هذه المقالة إلى التعريف بسيرة وجهاد الشيخ المجاهد البطل الشهيد عبدالفتاح خدرج ، الذي بدأ نضاله في ثورة 1936،وسجن من قبل سلطات الاحتلال البريطاني ، وقد عاش المعاناة والمكابدة في الحرب العالمية الثانية ، وانعكست الأوضاع الاقتصادية السيئة التي عاشها الشعب الفلسطيني في واقعه الحياتي .
تم اعتماد مذكرات الشهيد وتتكون من 71 صفحة من الخط الكبير.وبعض الروايات الشفوية،وبعض المراجع المكتوبة عن بلدية قلقيلية.
3ـ المقابلات الشخصية مع الذين عاشوا في عصره أو كانوا رفقاء وجيران له.
نشأة الثائر الشهيد عبد الفتاح خدرج
ما أكثر أبطال الأمة الذين بذلوا الروح رخيصة في سبيل الله والوطن، وقد عبروا عن بطولتهم التي نبعت من نفس شجاعة وإيمان عميق بالله وبحقنا في هذه الأرض المقدسة، ولكن قلة منهم الذين تذكرهم كتب التاريخ وتتحدث عنهم، ولكنهم بقوا في ذاكرة هذا الشعب المحروم من ابسط حقوقه، حتى إن لم تذكرهم كتب التاريخ فنحن نذكرهم ، وقد قمت بهذا العمل كرد دين علينا كإفراد شعب نقدمه إلى من رفض الذل واحتلال الأرض في وقت كان فيه الناس في حالة إحباط وجهل .
فقام هذا الشهيد وغيره من الأبطال الشهداء بالدفاع عن الأرض من دافع داخلي وديني بحت تحر كة الغيرة على الوطن ومصيره، فقاوم في أصعب أوقات الحياة،وأحلك الظروف، حيث كان الحال الاقتصادي في أسوأ ما يكون ،كذلك لم تكن هناك وسائل إعلام ولا محطات فضائية لنقل الأحداث ولا صناديق أسلحة تخزن وتتلف دون أن تطلق منها رصاصة، فكان المجاهد يدفع ثمن الرصاصة من قوت يومه ومن قوت عياله ليشتري بها بندقية ويبيع مصدر رزقه أو ذهب زوجته حتى يدافع عن أرض نسيها الساسة ولم ينسها المجاهدين الذين رووا بدمائهم الزكية الطاهرة أرض الوطن ، ومن بين هؤلاء المجاهدين كان الشهيد عبد الفتاح خدرج حاضرا في دوره ووعيه.
وهو مجاهد له تجربة في صناعة الأسلحة في محددته وقام بتصفيح سيارة بالحديد وجعلها آلة حربية تضاهي المصفحة ،فشاركت في المعركة قرب قرية جلجولية في عام 1948 ، وهذا يعني أن فكرة صناعة السلاح بالاعتماد على الخبرات والإمكانيات الذاتية للفلسطينيين مبكرة لدى الشهيد .
تعريف بالشهيد:
هو عبد الفتاح محمد خدرج من مواليد قلقيلية 1913م وفيها تلقى تعليمه الابتدائي بعد أن درس في كتاب القرية، نشأ في بيت عرف بالتقوى وشجعته والدته على القراءة الدينية، منذ نعومة أظافره (1) ( قلقيلية ماض ماجد وحاضر رائد ومستقبل واعد، منشورات بلدية قلقيلية 1997م،ص5)
درس الحاج عبد الفتاح خدرج في كـُتاب القرية في قلقيلية في ذلك الزمان، لأنها كانت قرية صغيرة ، وأكمل تعليمه حتى الصف الرابع ، وخرج منها لأسباب اجتماعية واقتصادية، حسبما ورد في مذكراته التي كتبها، ويستدل منها أن تعليمه لم يتعد التعليم الابتدائي .
رغم ذلك كان الشهيد يحمل هموم المثقف وهموم الأمة ويحياه يوميا ، وكان مطلعا على أمور السياسة وملما بأمور الدنيا والدين .
حياته العائلية
كان الشهيد يعيش عيشة متواضعة ويعمل في الزراعة ،كان صبوراً يتحمل كل ما يجري له ويتغاضى عن الكثير من المشاكل ويسارع إلى أعمال الخير، وملتزما بأمور دينه ويقوم الليل.
حدثنا ابن خاله داود حسين من سكان قلقيلية في 17/4/2006 م ،قائلاً:ـ
"كان رجل دين ولو كان موجوداً إلى الآن لكان من قادة التيارات الإسلامية، وأدى فريضة الحج، وكان هادئاً إلى أقصى الحدود متواضعاً مع الكبير والصغير ".
و حدثنا كذلك محمد يوسف سعادة داود بتاريخ 25/4/2006م قائلا:ـ
" كنت جاراً وصديقاً للمرحوم في فترات حياته وكان سمح الخلق مع الناس وكان متوسط القامة وممتلئ يوصف بعز الرجال وهو متدين ومحبوب لدى الناس والثوار تزوج من فتاة من قبرص من أصل تركي وكانت مسلمة، أنجب منها عدة أطفال وكان يسكن في حارة دار شريم أصل عائلته وتقع في الجنوب الغربي لمدينة قلقيلية في مواجهة العدو مباشرة ".
حياته العملية:
بدأ حياته العملية بالزراعة فكان مزارعاً نشيطاً يزرع لكي يكسب قوته فكان كما أورد في مذكراته يزرع الخضراوات مناصفة أو على حصة محددة لأنهم لا يملكون الأرض وكان يزرع البطيخ والبندورة ويضمن كروم العنب من بعض الكروم الواقعة في السهل الساحلي الفلسطيني وتقع غرب قلقيلية.
وبعد مهنة الزراعة تعلم مهنة الحدادة حيث كان من أوائل الحدادين في مدينة قلقيلية ومهنته هذه كان لها دور في نضاله حيث كان يصنع الأسلحة في محددته والألغام بهدف تزويد المجاهدين بها للدفاع عن ارض فلسطين ،وهذا حسب قول شهود عيان .
حدثنا داود سلمان في مقابلة أجريت في 17/4/2006م :
"كان حداداً وكان يصنع الأسلحة ويقول انه صنع قنابل وألغام وقام بتصفيح سيارة للهجوم على اليهود ".
وحدثنا محمود يوسف سعادة في مقابلة أجريت في 25/4/2006م "انه كان أول حداد في قلقيلية وكانت محددته تقع مكان دار يوسف أبو صالح وكان يصنع بها كل شيء "
ويستدل مما كتبه أنه عاش حياة كفاح وضنك وهذا الواقع رسم تفكير الشهيد ، ومثل ذلك تعلقه بأمور الدين ، وقد بين الشهيد في مذكراته التي سنوردها في الفصل الرابع أن الحياة في زمنه كانت صعبة والخير بها قليل والفقر كان يعم أنحاء البلاد كافة، وكانت في تلك الفترة أسعار المواد الغذائية مرتفعة بالنسبة للدخل الذي يجنيه الناس فكانت السلعة الأساسية في تلك الفترة هي البرتقال فكان الانجليز يفرضون ضرائب باهظة وصارمة على كل من يحمل البرتقال إذا ازداد عن الكمية المحددة .
حياة عبد الفتاح خدرج النضالية حتى استشهاده عام 1948م
بدأ الشهيد حياته النضالية بالمشاركة في أعمال ثورية وجهادية وأي مظاهرة ضد الانجليز حيث كان يصنع في محددته المتواضعة بعض حاجات المجاهدين وذلك لقلة العتاد عندهم.
كان الشهيد حسب قوله في مذكراته انه كان مولعاً في العمل الوطني ويحترم المجاهدين فكان يمتدح الحاج عبد الرحيم الحاج محمد قائد قوات الثورة في فلسطين من قرية ذنابة فقد قال انه يرى نفسه مخطئاً بان كتب اسمه بهذا اللون في دفتره ، ويجب أن يكون اسمه مسطراً بماء الذهب وقد وصف استشهاده بالفاجعة الكبرى.
ويذكر أيضا انه كان من المؤيدين للإخوان المسلمين في مصر وقام بزيارة لمصر أكثر من مرة لطلب المساعدة للثورة حيث كتب في مذكراته هذه الأشياء، وكان أيضا من المعجبين بعز الدين القسام وعبد القادر الحسيني ومن أنصارهم و من ساروا على دربهم ، يقول الأستاذ عبد الرازق رشيد في مقابلة أجريت معه في 18/5/2006م " كان يتلقى العتاد والتدريب من عبد القادر الحسيني وكان له اتصال مباشر معه ".
ويروى أيضا أنه ليس هو الوحيد فقد كان له أخ اسمه زكي قد استشهد وهو ذاهب في عملية لقطع الكهرباء عن كفار سابا فصعق بالكهرباء.
واما اخيه عبد القادر الذي اشرف على تربيته وتدريبه فكان له باع طويل في المقاومة الفلسطينية المعاصرة ،حيث انتمى لحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح ، وقد قام بعدة عمليات ونجح في زرع العبوات الناسفة في سيارات المسؤولين الصهاينة ،إلى أن تم القاء القبض عليه وسجن مؤبداً.
المعارك التي خاضها الشهيد
عندما هدأت الامور في البلاد عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية وانتظار وعود الانجليز قام رحمه الله في عام 1946م باداء فريضة الحج وعاد بعدها ليواصل مشوار النضال والكفاح من اجل كرامة وحرية وطنه، وفي 21/4/1948م.
عرف شهيدنا بجسارته وجرأته ولم يتوانى عن تقدم الصفوف الأولى في المقاومة لينال شرف الشهادة فتروي زوجته الى احفادها بانه كان دائماً يذهب في الليل ليهاجم اليهود وفي الأيام التي لا يذهب بها يقضيها قيام الليل، ومن اهم معاركه:
1ـ معركة الطيرة التي ذهب اليها بعض شباب قلقيلية لنجدة مدينة الطيرة من اليهود.
2ـ معركة بيارة الداعور حيث قام اليهود باحتلال هذه البيارة من العرب وتقع هذه البيارة الى الغرب من قلقيلية فما كان من الشيخ الداعور وهو صاحب هذه البيارة ان جمع اقاربة وبعض مجاهدي القرية ومن بينهم عبد الفتاح فقاموا بالهجوم على البيارة وخلال وقت قصير استطاعوا تحريرها من اليهود (1). ( مقابلة أجريت مع الاستاذ عبد الرازق رشيد في 18/5/2006.)
3ـ في شباط 1948 دمروا جسراً كبيراً من جسور السكة الحديدية تدميراً كاملاً يقع بين راس العين وبتاح وملبس (بيتح تكفا) وقام المجاهدين من ابناء القرى المجاورة بنسف جسور اخرى تقع على السكة نفسها (2).
حدثنا الاستاذ عبد الرازق ابو بكر في مقابلة اجريت معه بتاريخ 18/5/2006م حيث قال انه في هذا اليوم ذهب عبد الفتاح خدرج واخيه عبد القادر ومعهم مجموعة من ابناء قلقيلية لتدمير السكة الحديدية، فكان معهم ثلاثة اصابع من المتفجرات فقال ابحثوا عن احجار الطوب الفارغة في السكة الحديدية وذلك لوضعها فيها وقام بزرع المتفجرات ومدوا طريقا من البارود لاشعال المتفجرات، ولما لم يكفي هذا البارود قام بخلع حطته وارسل اخيه لاحضار السولار من بئر ماء قريب يعمل على السولار فاكمل هذه الطريق واشعلها لتفجر اثنين من الاصابع.
حينها بدأ الانجليز واليهود باطلاق النار بكثافة لمدة نصف ساعة وحين وقف اطلاق النار قال لهم انه يريد ان يذهب لاحضار المتفجرات التي لم تنفجر وقال لهم انه لا يريد ان يذهب معه غير اخيه، وبرر ذهابه هذا لاحضار المتفجرات لكي لا يستفيد منها اليهود ولان الثورة بحاجة اليها، ونجح باحضارها.
4ـ معركة هاكوفيش الاولى بتاريخ 6 نيسان 1948م وفيها هاجم المجاهدون العرب من قلقيلية المستعمرة التي تقع الى الشمال الغربي لمدينة قلقيلية.
حدثنا عبد الكريم برهم في مقابلة اجريت معه في 15/4/2006م انه عندما اشتد اطلاق النار كانت رابية(اي موقع متقدم) ما بين موقع المجاهدين وبين اليهود حيث تقدم إليها الحاج عبد الفتاح مع بعض المقاتلين وهم عبد الله عبد الفتاح سلامة ومناور من كفرجمال وحسن ابراهيم من قبلان، وعندما اشتدت المعركة انسحب عبد الله وانسحب مناور وتقدم علي الدية من العدو وكان هناك بما يقرب من 10 الى 15 شخص يهودي ، فاستشهد مناور وهو منسحب بالقرب من الدية وبقي الحاج عبد الفتاح وحسن ابراهيم الدية يقاتلون حتى استشهدوا واخذ العدو جثثهم ومن ثم سلمها الى المسؤولين في المدينة بعد يوم او يومين.
حدثنا داود سلمان في 17/4/2006م انه كان مع بعض رفاقه او مجموعة تتالف من ثلاثة افراد، ولما وقعت المعركة اشتد اطلاق النار وانسحبوا وتركوه وحده في الخندق في غرب قلقيلية فالتف عليه العدو من الخلف واطلق النار على رأسه وبقيت الخوذه على رأسه أكثر من خمسة سنوات معلقة في محددته وعليها اثار الرصاصات التي اطلقت عليه حيث اخترقت رأسه منهية حياة وقائد قل وندر أمثاله .
أثر استشهاده
حقق المجاهد أمنيته بعد تسطير ملحمة من البطولة والتضحية من أجل إعلاء كلمة الله ورفع الذل عن الاوطان.
كان الشهيد يتمنى الشهادة في كل مرة يخرج بها للقتال وكان يناضل في نهاره وليله ويهتبل الفرص مندفعا نحو غايته النصر أو الاستشهاد . كانت زوجته تروي لأبنائها قصة خروجه ليلاً و كلما عاد من عملية كان يلجأ الى الصلاة ويضرع الى الله القدير والدموع في عينيه ويتمنى ان يرزقه الله الشهادة.
نال الشهادة التي تمناها وذلك قرب رامات هاكوفيش حيث وقع رحمه الله في مصيدة الغدر اليهودي عندما اوهموه انهم عراقيون فاقتربوا منه كثيراً واحاطوا به وامطروه وابلاً من رصاص الحقد والغدر وكان رحمه الله ينتظر في ذلك الموقع مع بعض افراد الجيش العراقي واتفق واياهم على احضار كمية كمية من السلاح ليوزعها على المناضلين.
هبت قلقيلية وجوارها عقب سماعهم نبأ استشهاد هذا المناضل الكبير ورفع الاهالي اصواتهم بالتكبير والتهليل مرددين عبارات القسم بالانتقام لهذا البطل وشيع جثمانه الطاهر الى مثواه الاخير في جنازة مهيبة وكبيرة بعد ايام من استشهاده، وقد حضر جنازته الكثير من المجاهدين والابطال في كل انحاء فلسطين و توافد للتشييع بعض الاخوة من مصر وبهذا سجل تاريخ فلسطين صفحة ذهبية في كفاح قلقيلية التي كان عنوانها الشهيد الحاج عبد الفتاح خدرج (1). (منشورات بلدية قلقيلية ماض ماجد وحاضر رائد ومستقبل واعد 1997م ص96 )
زرع استشهاد المناضل عبدالفتاح بذرة المقاومة والعمل الوطني في نفوس الاطفال الذين نذروا ارواحهم فداءاً للوطن، فلم تتوقف المقاومة باستشهاده بل تواصل العمل والتضحيات فكان في كل يوم يسقط شهيد ويقتل من الاعداء وترك الشهيد بعده اخيه عبد القادر الذي لم يكن اقل منه وطنيه فقد كان مجاهداً ومناضلاً صلباً فكان مرافقاً وملازماً لأخاه في اغلب عملياته وتعلم عنه الكثير مثل صناعة الاسلحة والالغام فكان الجيش الاردني بعد التقسيم يستدعيه لتصليح بعض الاسلحة مثل المدافع والرشاشات في صوفين وذلك نظراً للخبرةالتي اكتسبها من مرافقته لاخيه طوال فترات المقاومة والنضال .
وضعت اسرائيل اسم عبد القادر على قائمة الاغتيالات من قبل المخابرات وبعض العملاء وكان هو يعرف ذلك عن طريق بعض العملاء وبعد ذلك ظهر التنظيم والمقاومة فانتظم هذا الرجل في المقاومة بعد عام 1965م الى ان اعتقل عام 1969م وحكم عليه بالمؤبد.
وبعد ذلك تم الافراج عنه في تبادل للاسرى وعاد ليعمل بنفس المهنة حداداً الى ان وافته المنية في حادث سير غامض.
مذكرات الشهيد
وهذه بعض صفحات من مذكراته والتي تبدأ بهذا الموضوع:
بسم الله الذي ألهمنا هذا وما كنا له مقرنين بسم الذي فطر السموات والارض وهو على كل شيء قدير اما بعد فهذا كتاب اريد ان اشرح فيه كيفية الحياة في عصرنا هذا ليكون تذكاراً لي ولمن بعدي والله يتولى الصالحين واني اوصي من قرأ بكتابي هذا ان يتعظ بهذه الوصية وانا احوج منه للايقاظ ولتقويم نفسي فنسأل الله الثواب وهي هذه الوصية:ـ
وصية سيدنا علي لاولاده
ولما ضرب ابن ملجم لعنه الله علياً رضي الله عنه دخل منزله فاعترته غشية ثم افاق فدعا الحسن والحسين رضي الله عنهما وقال:اوصيكما بتقوى الله تعالى والرغبة في الاخرة والزهد في الدنيا ولا تأسفا على شيء فاتكما منها فإنكما عنده راحلان، افعلا الخير وكونا للظالم خصماً وللمظلوم عوناً ثم دعا محمد ولده وقال له أما سمعت ما أوصيت به أخويك قال بلى قال فاني اوصيك به وعليك ببر اخويك وتوقيرهما ومعرفة فضلهما ولا تقطع امراً دونهما ثم اقبل عليهما وقال اوصيكما به خيراً فانه اخيكما وابن ابيكما وانتما تعلمان ان اباه كان يحبه فأحباه ثم قال يا بني أوصيكم بتقوى الله في الغيب والشهادة وكلمة الحق في الرضا وفي الغضب والقصد في الغني والفقر والعدل في الصديق والعدو والعمل في النشاط والكسل والرضا عن الله في الشدة وفي الرخاء يا بني ما شر بعده الجنة بشر ولا خير بعده النار بخير وكل نعيم دون النار حقير وكل بلاء دون النار عافية يا بني ما ابصر عيب نفسه اشتغل عن عيب غيره ومن رضي بما قسم الله لم يحزن على ما فاته ومن سل سيف البغى قطع به ومن حفر بئراً لاخيه وقع فيه ،ومن هتك حجاب أخيه هتكت عورات بنيه ومن نسي خطيئته استعظم خطيئة غيره ومن أعجب برأيه ضل ومن استغنى بعقله زل ومن تكبر على الناس ذل ومن خالط الأنذال احتقر ومن دخل مداخل السوء اتهم ومن جالس العلماء وقر ومن مزح استخف الناس به ومن أكثر من شيء عرف به ومن كثر كلامه كثر خطؤه ومن كثر خطؤه قل حياؤه ومن قل حياؤه قل ورعه ومن قل ورعه مات قلبه ومن مات قلبه دخل النار يا بني الأدب ميزان الرجل وحسن الخلق خير قريب يا بني العافية عشرة أجزاء تسعة منها الصمت الا عن ذكر الله والعاشرة في ترك مجالس السفهاء، يا بني زينة الفقر الصبر وزينة الغنى الشكر يا بني لا شرف أعلى من الاسلام ولا كرم أعز من التقوى ولا لباس أجمل من العافية يا بني الحرص مفتاح التعب ومطية النصب .
تعليق: سبحان من اعطاه هذا العقل واللسان الكريم إجعلنا من المتعظين بقوله بجاه النبي محمد صل الله عليه وسلم.
حظوظنا في السجن
أمر الله تعالى أن أسجن بضعة أيام وقد خرجنا باعجوبة وهو على كل شيء قدير سبحانه وتعالى ولكن ما طال الأمد الا ان ذهب عبد القادر ليشتغل في البرتقال هو وعبد الله الدعاس ومحمود ابو ذياب والشيخ خليل مسكه وفي طريقهم ليافا عن تل ابيب راكبين قارة* ولان الاطمبيلات ممنوعات فتشوهم وأخذوهم مع انهم لم يجدوا معهم شيئ ابداً ووضعوهم في سجن يافا وذلك في تاريخ 6/ذي القعدة/1357هـ وبعد ستة ايام قد فتش الجند دارنا ولم يكن موجود بها احد سوى زوجتي وكان التفتيش دقيقاً جداً ولكن الله على كل شيء قدير فانهم لم يتلفوا لنا شيء ولم يجدوا اي شيء عندنا والحمد لله رب العالمين والفضل ذلك كله للواحد القهار لك الحمد يا رب جربتك وعرفتك انت اهل التقوى واهل الوفا واهل الصدق وانت على كل شيء قدير سبحانك انت الحفيظ العليم وانت على كل شيء قدير يا رب سبحانك رقيب حفيظ تحافظ على من يعرفك وتستره، الله اكبر سبحانك عليّ عظيم فعال لما تريد وامرك المبرم بين الدول الله اكبر ومن أكبر منه حاشا وكلا ويمكرون والله خير الماكرين سبحانك ربي لا اله الا انت سبحانك ان كنا من الظالمين امنت بالله وملائكته وكتبه ورسله اللهم ثبتنا على دين الاسلام ولا تجعل الدنيا اكبر همنا والطف بنا في قضائك وقدرك لطفاً يليق بكرمك يا ارحم الراحمين يا واسع المغفرة يا رب العالمين يا الله يا الله يا الله ، وكذلك فتشت دور بقية الاشخاص الذين مسكوا معه ولم يمسكوا اي شيء ولكن دولة الضلال زجوهم في السجون اذ حكموهم ثلاثة اشهر بلا حق، ولا ايه حقيقة لك الله يا فلسطين كم فيك بلايا، لقد اصبح نباتك وهواك ومناخك كله نوائب وهموم الله الله كم تغيرت يا فلسطين في بضع سنين متى يرتاح فيك من فيك وصل الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم.
اللهم عافنا من غلبة الدين وقهر الرجال
انه بتاريخ 13/ذي الحجة/1357هـ قد ذهبت الى يافا لنشتري بطاطه وكان المطلوب على حصتي 350 قرش تقريباً ولم يكن معي منها شيء وكنت واضعاً امامي احد اصدقائي في هذا الطلب وهو المخلص ابراهيم الحاج مصطفى فأخذت منه ال350 قرش بأول اشارة له مني
· في طلبهم وقلت له ان يستعد لدفع 650 قرش اذا بعثت له في طلبهم فاجاب بالمثل اللهم اعني على رد نقوده ومعروفه وليس قصور مني بل يجب عدم نسيان اخلاصه واكثر امثاله يا الله وصل الله على سيدنا محمد.
انه بتاريخ شوال/1357هـ قد طوقت الكروم واخذونا الاثنين دون ان يظهر علينا اية تهمة فألفت حوت ما شاء الله لنا:
قصيدة السجن:
اول ما ابدى واقول صلوا على طه الرسول ينقذنا من كل هول سيدنا في المحشرا
ياما جرى وياما صار وياما مخفي في الاقدار سرحنا قبل نهار وروحنا اشكرا
ونحن نمشي بالطريق لاقانا اولاد الحريق والعسكر عملت تطويق وفتشونا مبادرا
وفتشوا كل الكروم ووقع في ذاك اليوم مئة رجل على المعلوم نقونا اولاد المرا
وركبونا في اطمبيل ووصلنا المركز بالتصجيل وهيئونا للرحيلاما ركبى مسوجرا
وسلمونا الى الجيش بطولكرم بعد التفتيش وقلوبنا صارت ترفش من اولاد الكلاب
وقصدونا على ناح وفكري براسي صاح وقال عبد الفتاح اين انت يا ترى
وقفونا امام العربان وعملونا فيها هالديوان وفي في القرنة قلتان علينا يشير ومشابرا
بحكم الموت انا قريت وبقلبي ياما بكيت وتمنيت يا ريتني ريت اكون بموتي مخيرا
لاتمنى من غير ميعاد واموت وسط الجهاد ولا يشتمونا الاوغاد في اسباع السحرا
وثاني يوم عصري ودورنا الاصلاحي وفي ادارة قويي ودونا برا
وزجونا في السجون مع شباب من فرعون واثنين ثلاثة مخ****************ن بوسط اوظة مخصرا
اما جيش الملاعين امطوق قرية رامين جابوهم خمسة وسبعين مثل اجرار مكسرا
واخذوا فرقة مساكين وقالوا انكم متهومين وبالثوار متصلين عددهم بلغ عشرا
اما الاوظة الشامية صارت غصة بعيني وفي عشرين ومي قضوا الليل مساهرا
ثلاث ليالي مجمعين فوق بعضهم كالسردين انتصر في مخصصين وقسموها مشابرا
خرفونا شي عجيب بلدتهم خريت تخريب وما بقي لهم نصيب في متاع ومتجرا
جابوا الكرسنة والقمحات وخلطوهن بالجبنات والحقوهن بالزيتات وخلطوا معهن ذرا
اما الاواني والمتاع تعبهم منهم قد ضاع وكل منهم اظهر شجاع وصابر نفسو مصابرا
وراح منهم خمسة وعشرين على جيش الملاعين تحت الظلم مساكين اما عيشة مقاهرا
والشغل طول النهار وشغلتهم نقل الاحجار والدورية يا حضار بوخذوهم للمخاطرا
وتصاوب منهم اثنين تصيحوا المساكن وقالوا عرب ومسلمين تصار الضرب ورا
اما ذنابة وبلعا ودير الغصون ام القلعا هذول وقعن وقعا مع القوم الكفارا
اما علار وعتيلحالة تحزن بالاصل خلوا التيلا بالتمثيل فوق بعضها مدمرا
واخذوا منها السكان وولعوا فيها النيران حتى صارت كالبركان هذا فصل البربرا وقتلوا اربع شباب وراحوا بدون حساب اين الام والاتعاب تيجي ذوق المرمرا اما الرجال بالسجون ثورت بالعقل جنونه واولادهم يبكون بدنا خبز من الذرا
مسكينه ياهالبلاد مبليي بقوم عناد وعملولنا مرصاد على الجاجة في الموكرا وخلوهم سعادين فوق بعضهم كالدزينةونسيوهم مسجونين حبسي ونسوي اشكرا ولا جواب ولا سؤال ولا منين انت تعال خذلك هالحكم والفال عدد ستة اشهرا
ومنهم يقول يا ريتني ييجي السجن قسمتي واريح لفكرتي ولا حكم الكفرا
ولا اشوف اخواني بالذلة والاهاني ويجري دمهم قاني يبكي قلب الحجرا لو ان العالم تشوف عم تعمل فينا السيوفوقطعونا بلا خوف غير نخز الميسرا غير قلع الشوارب وخلع كل الحواجب والشاطر منهم هارب غير قلع الا الاظفرا ياما جرى في جيوس كانت بالدنيا عروس وقتلوا منها نفوس عددهم نصف عشرا اين الدولة والتمديين عيب عليهم مسكينين نحن شعب امنين بلعونا عملنا ثورا
اما الدولة مخزيي صارت صفر بعينيي وغايتهم وحشيي اما امر بربرا
انزلولنا اوغاد وبدهم نعطيهم البلاد يفتكروها لعب اولاد اما تياسة كفرا
ليفهموا انا ابطال وشهدت لنا الرجال ازيلوا هالحكم من بال مثل نيل القمرا
يقروا تاريخ العربان بعرفوا انا شجعان ثابتين في الميدان حتى اخر حجرا
ظلمونا بكل مكان وامنوا غدر الزمان وما بقي غير النقصان هذه حالة مصورا
عملوا فينا العجايب ونحن نكتب مصائب بيجي يوم يا حبايب نستد الدين بمكاسرا احسن حالة لدمي انا انموت ثورجيوالا نوخذ حرية الهدنة تاخذنا ورا
ما داموا هم الاغراب صابرونا بالعذاب فكيف بينا عجاب ان هجمنا اشكرى
انا عن رأيي بقول حكم الدول قرب يزول لأن الظلم معقول اعظم لضم مخطرا
امر الله المثقال يزيل الراسي من الجبال وكل مقدر من الازال صلوا على خير الورا
الحالة التي وصلت اليها البلاد
ان الحالة التي وصلت اليها فلسطين تبكي قلب كل ذي حرارة وطنية الله اكبر، هكذا يجري بنا نحن العرب المسلمين الله اكبر من بلاد تدمرت كل من جياع باتوا يتأوهون خصوصاً في تاريخ 3/ذي الحجة/1357هـ اي في نفس يومنا هذا فلا تسمع الا تطويق كل يوم يضم البلاد من نابلس عنبتا وطولكرم وقلقيلية وخربةكفرثلث ودير استيا وهلم جرة الله اكبر اين البراح من هذا المراح أما ما يجري في بلدتنا قلقيلية فهو كما يأتي، صار منع التجول من بعد المغرب وكان سببها الفعلة الشنيعة من اليد المجرمة كسر الله تلك العقول فصار الجند يطوفون في البلد طوال الليل لا يقرون ولا يهجعون حتى انهم في ثاني يوم من منع التجول قتلوا حسين الحاج علي رحمه الله تعالى اللهم تغمده في فسيح جنانك فانه رجل طيب يا اسفاه عليه استغفر الله بل علينا، لقد صار الجند يطوقون الدور ليلاً حتى ان اغلب الناس قد تركوا دورهم التي يكثر مرورهم فيها وصاروا يطرقون دور اشخاص لهم وجود ليلاً في اغلب الاوقات من كانت داره قريبة من طريقهم يومياً يطرقونها وحتى كبسوا الدواوين وفتشوها، لقد افزعوا الاهالي واقول والله الحق لقد اصبح الرجل بداره غير مطمئن حتى لا يطمئن ان يفتح بيته بداره ليقضي حاجته او ان يتلي قراءة او بكاء طفل لانهم من رأوا ذلك بداره يطرقونها ولربما يؤدي ذلك الى قتله كما صار بحسين الحاج علي الله اكبر ما هذه الحياة البائسة، لقد اثقلت كاهلنا اللهم لا تدمها علينا انك على كل شيء قدير يا قوي يا شديد يا رب العباد والبلاد اللهم اني اسالك اللطف يا لطيف يامن لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين اللهم يا ولي الامور انقذ فلسطين يامن امرك المبرم بين الدول وصل الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين .
اللهم لا تجعل الدنيا اكبر همنا
انه بتاريخ 12/ذي الحجة/1357هـ اردنا ان نشتري بطاطه زريعة لارض دار صالح الحمدان التي اخذناها على المثلث وطلبنا منهم ان يدفعوا لنا ثلثيهم في ثمن الزريعة لنشتري البطاطه والزبل الافرنجي فكان جوابهم ان العاده هي ان تدفعوا انتم وتحاسبونا عند النماء وكان قيمة المبلغ تقريباً 650 قرش الله اكبر ومن اين لي ذلك ان ادفع نصيبي وتذكرت ان امر على عبد القادر في السجن وبعثت له نصف جنيه واعطيت والدي من النقود التي له علينا 30 قرشاً وانا على اخر رمق مطمئن على ستر المصلحة دون فضيحتها امام الناس ودون ان احتاج لطلب ممن رجح عليهم الظن واعانني متأملا بالله ان لا يثقل كاهلي بالدين وان يذللني له الله اكبر لقد سد الفضاء امامي من طلبهم الذي الذي اراه شيئاً جديداً خلاف العشر جنيهات التي اضمر ان اخذها من الصديق فلان فصممت ان لا اطلب من احد وليس الان وقتهم واريد ان اطلبهم دفعة واحدة لاني هكذا ارى من المصلحة واريد ايضاً ان لا يشعر شريكه بضعفي وهو عبد الرحمن ومع اني اغبط عليه في دفع الحصتين ونحن في عوز الى مشترى البطاطه غداً من يافا وروحت من الحراث المغرب ومنع التجول بقي له عدة دقائق فاراد ان ادير النقود لشريكه ليبعث على البطاطه ويحضرها وانا ارجح ان اعمل في برنيكه كيف العمل الان هو الوقت اللازم لحضور النقود وغيره تاخير تركت شريكه وذهبت في هذا الوقت الباقي الضيق لصديق لي احضر من على الاقل جنيهين مجيباً لسؤالي فشعرت بذلول نفسي امامي فتمدد كلامي وشعرت باني من الاموات وكان جوابه ااتيت الان واخذ يعتذر بكلام حق مع وجود همته غداً فكانت صدمة اخرى لعدم توفيقها وتمنيت عدم السؤال ورجعت فقلت اريد ان لا يشعر شريكه مصطفى وان تأتي البطاطه غداً فكيف البراح من هذا المراح إلهي (ماذا ترى فيما ترى يامن ترى ولا تُرى) فاحببت ان احدث شريكي باني اريد ارسال مكتوب الى ابراهيم الحاج مصطفى مع من يريد احضار البطاطه ليأخذ من العشرة جنيهات الان في الوقت السابق للاوان، واخيراً بنظرنا الاثنين من المناسب ان نؤجل هذه المهمة لبعد غد لاتم عملي انا من برنيكه عساني اذهب الى يافا بنفسي اللهم اذكر لي هذه الاونة التي لحقنا بها الفقر وهي ومشاهدتي حول هذه الاطفال التي تطلب ان تعيش واخيرنا ثواب ذلك واجعل لنا من عبيدك الصابرين لقائك وقدرك والطف بنا يا ارحم الراحمين يا واسع المغفرة يا رب العالمين يامن لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين عاملني بغناك يا مجيب دعوة المضطرين يا الله يا الله يا الله اللهم اجعلني غني شاكراً ولا فقير صابراً وانت على كل شيء قدير وكرمك وسع كل شيء اللهم اغني بي عن ابراهيم وهو اول عشمي في خلقك لاعانتي فاقبل توسلي اليك واجعلني مديوناً لك ولا لأعز اصدقائي يا الله يا الله يا الله مالي غيرك وسواك فلا تطردني اني اليك من القاصدين وصل الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم.
تطويق المسجد بتاريخ 27/ذي الحجة/1357هـ
على اثر اخبارية الى الحكومة عند شيت اليهودي بعث نفراً من الجند من طرفه الى طولكرم واحضوا معهم بوليساً بريطانياً من طولكرم وفي وقت تحكيم الظهر تماماً ما احتاط الجند المسجد وعلى ظهر المسجد من الشمال والجنوب وكل الناس مجتمعين تماماً لصلاة الجمعة، وكان افراد من حامولتنا يحملون المسدسات تحفظاً من الخائن فارس العزوني وعند اتمام الصلاة اخرج الجند الناس من باب واحد وفتشوهم وبعد خلاص الناس نزلوا في المسجد وفتشوه تفتيشاً دقيقاً ولموا جميع الحصر وغمروا الحفر وفتشوا المصاحف لهم عرباً ومسلمين، النهاية وجدوا ستة مسدسات واربعة وخمسين طلقه وخرجوا والقوا القبض على سبعة اشخاص منهم اربعة من البلد والباقون اغراب ولكنهم والله ما جاهدوا ولا عاكسوا الحكومة بشيء اللهم ما اجهل الحكومة وقد اوجعت هذه الحالة جميع البلد لعنة الله على الخائنين الذين خانوا انفسهم ودينهم ووطنهم ونسأل الله ان ينقذ البلاد مما تعانيه من الازمة بجاه الرسول صل الله عليه وسلم.
الفاجعة الكبرى
انه بتاريخ 8/صفر/1358هـ قد اذاع الراديو على هذا الشعب الكبير نبأ مقتل قائد قوات الثورة في فلسطين وهو (عبد الرحيم الحاج محمد) من قرية ذنابة، وارى نفسي مخطئاً بان اكتب اسمه على هذا اللون ولا يكون مسطراً عندي بماء الذهب وباعظم من ذلك ان كان يوجد عندي وما كان الناس يسمعون هذا الخبر حتى اضربت جميع البلاد الفلسطينية وجميع السيارات ومرفأ يافا اضراباً عاماً وشاملاً وحزناً على هذا البطل الشهيد ذا الدين القويم الذي ضرب مثلاً علا للثورة بجهاده الشريف الخالص لاعلاء كلمة الله، في عصر ذلك اليوم ردد الخبر بان القتيل غير باكمال حتى حقى المصاب على البلاد وفي ثاني يوم تحقق الخبر وبقي الاضراب مستمراً ورفعت الاعلام السوداء وحقاً ان الشعب اصيب بفاجعة كبرى، كأن كل فرد من الشعب قد فقد احب الناس اليه حتى اصابه هذا الوجد والالم عليك رحمة الله باكمال.
سيرته في الثورة
كان هذا الرجل هو من اول العاملين في ثورة فلسطين والمخلصين لها حتى بلغت السنة الرابعة والثلاثين وقد ظهرت الثورة مرة اخرى، وما زالت اعماله الشريف ترفعه درجة درجة حتى قاد الثورة في فلسطين واقر له جميع الشعب بالطاعة دون ان يكلفوا بذلك، وكان هذا الرجل حكيماً عاقلاً شجاعاً مخلصاً لله تعالى في جهاده ولا تأخذه في الله لومة لائم ذا سيرة حسنة مع الشعب لين شديد جبار، وربما كانت مواقفه بوجه الاستعمار هي العامود الفقري في جسم الثورة ولا استطيع ان اذكر اكثر من هذا حيث لم اعرف عنه ما يتطلبه موقف المدون للحاجة الى معرفته تمام المعرفة ومعاشرته زمناً طويلاً حذراً ان يغلط بجانب هذا الشريف مع السلامة باكمال فزت بها دنيا واخرة وهنيئاً للفائزين.
مسكينة يا فلسطين
الله اكبر كيف الخلاص من هذه الالام كل يوم فلسطين تفاجئناً بهمّ جديد يا الهي اهل فلسطين دون لها ولاهلها الشقاء والمتاعب الى يوم يبعثون يا رب لا ارى عصراً هادئاً صافياً على فلسطين يا رب هل تصيبنا الفواجع على شان نحن ساكنين في فلسطين ام السبب حيث موجود افراد خونة باعوا انفسهم بالدرهم وبالدينار يا رب انك تسأل كل عن نفسه فكيف يا رب تفجع هذا الشعب المسكين بمقتل عبد الرحيم بذنب فرداً خائناً ام هي يا رب فلسطين ام تريد يا رب لقاء هذا الاسد الحقيقة كلها فواجع فلسطين ان خرجنا منها عار علينا وان بقينا مش مرتاحين الله اعلم خلقت في القضاء والقدر بهذا الشكل ليميز الله الخبيث من الطيب وليظهر الصالح من الطالح والشقي من السعيد نسأل الله ان يكتب لنا الشهادة مع القبول ورحمة الله عليك باكمال له منا الفاتحة. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: مشاهير فلسطين في العالم الأربعاء 06 أبريل 2016, 10:18 pm | |
| الثائر الشهيد عبدالفتاح خدرج
اعتقال عبد القادر
انه اعتقل يوم الجمعة بتاريخ 29/12/1938م في تل ابيب وكان ذاهباً ليشتغل في البرتقال وبعد ايام قلائل ذهبت ليافا وقد سالت الدكتور سعيد الدجاني ليكلف احد الناس ان كان يستطيع فكلف ضابطاً بذلك ولكن لم يفد، الحكومة لا تسمع الموظفين العرب وكم بحثت وترجيت وكله ذهب ادراج الريح وقد اخذنا اخر جواب ان ترك الامر خوفاً من ان تتمسك الحكومة بهم اي عبد القادر والذين مسكوا معه، وقد شعرنا بخير بانهم حكموا ثلاثة اشهر فبعثنا له استرحامات بالانجليزية لحاكم اللواء الجنوبي القائمقام بيافا فلم يفد ذلك وبعد انتهاء المدة حكم ثلاثة اشهر اخرى فبعثنا له ايضاً ثلاثة استرحامات للحاكم والقائمقام ولم يفد ذلك وبعد قبل انتهاء المدة بقليل بعثنا له استرحامات على لسان الوالدة والمخاتير وطلبنا اطلاق سراحة او نقله للمدرسة الاصلاحية لانه صغير في السن فانتهت المدة فحكموه ثلاثة اشهر ايضاً فضاقت حالتنا وتاثرنا كثيراً فذهبت بنفسي الى نابلس لدار طوقان لان لنا معرفة معهم حيث الوالد وقف بيارى عندهم وقد عملت تحريراً على لسان والدي ليساعدونا في المهمة التي نرغبها ومع الاسف لم نتمكن من مقابلة احدهم فذهبت بنفسي لسليمان طوقان لانه المعارض المشهور وكلمته مسموعة عند الحكومة فوجدت عليه الحرس بالمسدسات وقال تكلم فطلبت ان انفرد به فابى وبقي سامعاً ما اقول له عن معرفتنا بهم حتى قلت نريد مساعدتك لنا فان لنا اخا معتقلاً فاجاب بانه لا يتدخل بنهره وطردني فسكت برهة ورجعت قافلا فاردت ان اهب للشكعة فتغلب علي عقلي ومنعني ثم رجعت ثاني يوم للبلد ولما وصلت طولكرم ذهبت لدائرة الاصلاحية واخذت تصريحاً ليافا وكتبت استرحامات وقدمتهم لرئيس القسم وقائم اللواء حتى مضى ما لم يقل عن شهر من الثلاثة اشهر الثالثة حتى بدأت الحكومة تطلق سراح المعتقلين فاستنظرناه ثم ذهبت امي ومرت عمر الحاج حسن ومريم عندهم وقد بعثنا قبلها له اغراض واكل ومرتبانات مع مرت عمر الحاج حسن ومرة ايضاً معها وبعثنا اختي ورده وبعثنا له اول مرة 50 قرشاً وبعث لنا مع وردة اختي 75 قرشاً لانه كان يبدي طواقي واخر مرة لم ياخذ نقود وبقيت المصلحة حتى اطلق سراح محمود ذياب التي القت عليه القبض الحكومة معهم وانه اشار ان السبب بذلك اخاه بواسطة دار طوقان لانه بياري عندهم فلما سمعت ذلك انهدمت قوتي واقول الحق اني روحت الى الدار يائساً وقد اثقل كاهلي الهم وتركنا المصلحة واطلق سراح عبد الله دعاس والشيخ خليل تبع مسكه وهم ايضاً مسكوا معه فلما اتت البشارة لهم ذهبت مسرعاً امتطي بسكليت وانتظرنا القطار فلم يكن معهم عبد القادر فرجعت ولله الحمد راجياً من الله اخراجه هذا ما مر علينا عقبات من جراء اعتقال عبد القادر مع اني لم اذكر اية مشقة فما عانينا من نفس الذي وقع وانه كان طيلة اعتقاله همنا الوحيد نرجو الله اخراجه وصل الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم.
يوم النزوح عن البلدة قلقيلية والهبوط في يافا
انه بتاريخ 13/رجب/1358 الموافق 28/اب/1939م كان هذا اليوم يوم نزوحنا عن البلد وسكوننا في يافا وان جميع ما نملكه في هذه الاونة جنيهين ونصف تقريباً مع اني لا اعلم ما يوفقنا اليه الله من العمل والحصول على المعيشة ومع ان عندي وخز الضمير على ذلك مستبشراً بالمستقبل فنسأل الله التوفيق على كل شيء انه على كل شيء قدير.
بقيت اصابر نفسي حتى خرج عبد الفتاح من السجن وقد اسلمته ارض دار صالح الحمدان وكان فيها ما لا يقل عن 13 دونم بندوره ودونمين ملفوف ودونم قمبوطة ودونم فجل ونصف دونم سبانخ ودونم بيتنجان وقد تركت عنده الوالدة واخوتي ورحلت بعيالي واخذت الوالدة معنا ليطمئن قلبها مؤقتاً وان في حسابي ايضاً ان يأتي اخي على اخر الخضريات وان يشتغل في البرتقال بآخر السنة ثم ندخل في شركة السكب حداداً انشاء الله في ما ذكرنا وانا اتدبر في عمل لي ثم ادخل ايضاً حداداً اشاء الله فنسأل الله التوفيق لما يحبه ويرضاه وصل الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم.
آلام الحياة
(اللهم حياة فذة في العلا واما الخلاص من الدنيا على خير)
يلد احدنا ويعيش هذه الساعات الطويلة ويموت ولم يحمل له الاثير اي اثر، يموت ولم يحدث اي خير، يموت ولم يرض قلبه بعمل ماجد يتحدث عنه الناس، لا هو عمل لله ولا هو عمل للناس ما هذه العالم التي مثلنا ما هي الا اسراب من البرغش توجد كثيرة لحكمة عند الله وان لله في خلقه شؤون، لقد وجعتني الحياة، لقد امضيتها وانا جاداً في طلب الخبز ولم استطع انزال الاثقال عني ولقد وجعتني هذه الحياة ولو فرضت اني استطيع الرغد في العيش لذهبت مسرعاً الى العلم والعسكرية، ما احلى الجهاد في سبيل الله عز وجل اما شرف او عظمة او تلذذ بالفوز اما بالاستشهاد واما بالاستشهاد فأمامك الجنة الله اكبر ما احلى الجهاد في سبيل الله عز وجل اللهم لا تمتني الا شهيداً مقبولاً تاركاً الدنيا بلا شهوة فيها ولا رغبة في الحياة اللهم ماذا اصنع وهذه الحياة حياتنا هل اخترق السموات ام ابلغ الجبال طولا الهي من لم ترفعه ذل اللهم اسألك العون لاعيش طليقاً حراً عزنا للمسلمين مكللا بالنجاح في جميع اعماله الهي الفوز لذات ربما تكون من نعيم الجنة فاسالك اللهم ان لا تكبتني في الحياة وفي الممات الهي لما ارى صورة عسكرية اسلامية تتمالك قلبي وتهز جوارحي الهي لما اقرأ عن رجل مخلص مخلص اود لو اجتمعت معه في الحياة حتى اره واتلذذ في اعماله الهي لقد اتعبتني الحياة لما ارى رجلاً صانعا اتقن صنعته اهيج واحب ان اراه الهي لقد اتعبتني الحياة ان رأيت عابداً متوفقاً تاخذني الغيرة وأود ان اكون ذلك العابد المنعزل الذي لم يعرف الا ربه الهي لقد اتعبتني الحياة لم اسمع بعالم مشهور او بخطيب متكلم وزعيم مخلص او جندي شجاع او قائد مدبراً او رجل زاهداً الا اتقد شوقاًَ له ولتقليده فاى متى هذه الحياة وماذا استطيع ان انجز منها في الاعمال الشريفة يا اسفاه لقد وجدت في عصر يصعب علي تنفيذ رغباتي فيه بين امة ميته ودولة استعمار، لقد كبر حجر العثرة الذي بالطريق الا اذا شئت يا رب العالمين فأمرك بين الكاف والنون وكم من وضيع رفعته وكم من كافر هديته وكم من يائس فرجت عنه ولبيته وانت الله تحكم بين عبادك وانت على كل شيء قدير قلل لله الامر والتدبير وكل امر وليه الله هو اذ يشاء قدير وصل الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم.
فلسطين المعذبة
ان ناتج البرتقال هذا الموسم لم تباع منه ثمرة واحدة خارج فلسطين ويا اسفي علا معاشنا عطلته الحكومة بحجة انه ايام الحرب وانه في العام الماضي مش مع ان الخطر عليهم لا فرق وفي العام الماضي كفلت الحكومة المشحونات وسهلت الطرق اما هذا الموسم فلا شيء الا ما يضرنا وانهم قد اعطوا قرضاً لاصحاب البيارات على شرط ان يأخذوا منهم ثمر هذه السنة بقيمة القرض للجيش فما نشعر الا والحكومة رفضت ان تأخذ من ثمر فلسطين شيء وطالبت بقرضها وبعد ذلك لم يتركوا صاحب البيارة التي يعمل بالاف الجنيهات ان يبيع منها بالقرش وكان يباع الاطمبيل مهما كانت سعته بـ30 او اقل وعلى الشاري القطف بل منعت ذلك وقالت نريد ان نبيعه باثمان غالية لكم يا اهل فلسطين فعملت انذاراً بالجرائد بانه ممنوع ان يحمل اي شخص اكثر من 10 كيلات برتقال ومن يوجد معه اكثر لازم يحمل رخصه وتأخذ الحكومة رسم على الطون 250 قرش وتريد ان تستده من القرض فهنا ابتداءاً من يوم الانذار الى الان لم يباع من اي بيارة شيء وبل وقفت الحالة وبقي الثمر وراقبوا الناس على البرتقال كمثل شيء ومهرب ففرغت منه الاسواق بالمرة فرجع الناس بعد مضي شهر الان في التفكير باراحة الشجر من الثمر وايش يحتاج مصروف قطع واخراجه من البيارة مثلاً فكسدت المسألة اكثر من اول نسأل الله الخلاص على خير ان الله المعين البصير بالعباد نسأل الله العفو والعافية والراحة عند الموت والخلاص من الدنيا على خير وصل الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم.
الحرب واستفادة بعض الناس منها
ولا احب ان اذكر قبل ابتدائي بالموضوع بأن هذا ليس مستبعد فاني انا مثلا مر عني حروب عالمية اثنتين والان عمري 29 سنة ومن تذكر مثل ما سأشرح لم يستبعد رشح الحجر ومطامع الدول.
اني اعرف الكثير من الاناس اصحاب تجارة قبل الحرب وقد خبأ لهم القضاء والقدر بان تأتي لهم هذه الحروب بالغنى والمال الجزيل مما يدهش العقول فهذا امر قد صادفهم على غير قصد فلو كان رجل مجرب على حذر لاستفاد لان مطامع الدول كثيرة التقلب والتغير ويلزم ان تكون هذه التجارة من الشيء الذي يمنع استيراده من الخارج فكثيراً من التجارات صاحبة القرش بلغت خمسة فمثلاً لحق في رخص الورق صار خمس دفاتر بنصف قرش فبعد الحرب صار كل واحد بنصف قرش وهلمجرة ان لكل زمان نظرة ونوع التجارة تنفق بها ويرى الحاضر ما لا يرى الغائبوعلى المرء ان يستعمل عقله والتوفيق على الله وصل الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم.
الاضطراب في الحياة
اقول هذا بتاريخ 20/ربيع الاول/1360هـ ان الحالة في البلاد تتخبط مرة في الحاجيات ومة في الحبوب ومرة في الذهب ومرة بكذا ومرة بكذا او مرة بكذا خصوصاً بدأ الناس يشعرون بالتأكيد يتأخر الانجليز في الحرب ونحن من الجملة كان في هذا التاريخ نملك 23 جنيه جنيه فلسطيني معنا منهم 21 جنيه وتلك الاثنين قرضه مع الوالد فخشينا عليهم فمرة نقول بدنا نبني لعبد القادر بحصته فيهن ومرة نقول نشتري خرفان وبدنا نشتري فراش لزومنا فقلقنا في الامر حتى شاورت ابراهيم الحاج مصطفى فاشار علي بأ، نصرفهم بالعملة المصرية لانها مكفولة وكنت قبلاً عملت الاستخارة ودعوت بأن يوفقنا بما فيه الخير فوفقنا لصرفهم مصري فصرفنا الليرة وقرشين ونص فلسطيني بليرة مصري فنسأل الله ان يلطف بالبلاد والعباد وان يرحمهم انه رؤوف رحيم واسأل ايضاً ان ينهي هذه الحرب رأفة بالمسلمين ويدمر الكافرين بجاه النبي عليه الصلاة والسلام وصل الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم.
تاريخ بناء مئذنة قلقيلية
انه بتاريخ 15/شوال/1360هـ قد شرع في حفر اساس المئذنة فحفرت اربعة امتار وظهر الرمل وحفر ايضاً متر في الرمل وصارت خمسة امتار وقد صب في الاساس متر شمينتو خمل وقد شبكت الشومينتو بتراويس حديد وجسور وخوازيق شقف حديد ما سد اللزوم وخلطت باحجار صن ايضاً وصار الينا في هذه الحفرة التي يبلغ مربعها ما لا يقل عن 300 الى 310 طين وشيد ورمل واحجار صن وصار يبنون وجه احجار ووجه صرار وهلمجرة اي قبل وجه الارض عملت شبكة حديد قضبان مخ****************ن الغلظ 16 ملم و10 ملم و8 ملم وامتدت صبة الشومينتو مع قضبان الحديد في اساس باب المسجد وكان سمك شومينتو متر تمام وبعد ان نشفت وضعوا اربع اسهم حديد من الكبار حتى شكل وسطهم مربع وصبوا عليهم شومينتو في المربع فقط وارتفاعه ربع متر على الاقل الى 40 سنتيمتر على الاكثر وبعدها صار البناء الى النهاية وقد انتهيت بتاريخ 16/ربيع الاول/1361هـ وقد وضع في اعلاه هلال اهدته شركة السكب بيافا للمأذنة مكتوب في هلاله ـ الله ـ وقد احضروه عندي وقد قدحت عاموده الذي سيمسك في البناء وقد طولناه بأن وضعناه في داخل ماسورة 10 انش ونصف وقدحتها قدحين وبشمتهن وقدحنا الماسورة من تحت ووضعت فيها قضبان رفاع عشرة ملم حتى يمسك بالشومينتو واما القاعدة التي عليها الضرابزين فقد طلبوا مني ان بأن اقدح احجارها بالاجرة خروقاً وقد الخرق 16 ملم ونزول الخرق سنتمتر ونصف في كل حجر 11 خرق وقد اقترحت عليهم بان يضعوا فيها جلول الصقت السقف بشمينتو بيضا ولم تنفع فوضعنا شيد قدم لها الجلول ابراهيم احمد صالح مجاناً فمسكت فوراً وهي كما تظهر في المأذنة حتى شرع في اتساع الجامع من جهة الشمال بل تم بعدها وبدأ قبلها وقد تبرع بعمارته الحاج يوسف يوسف الحسين فقد بنى حائطه وبنى العقدتين الشماليين من كيسه الخاص وعابت احدى العقدات في الوسط من الاول القديمات اي شقت في وسطها ما تدخل الريشة لضعف ركبتها فدعموها من الشمال بأسهم حديد وخشب ما دعمها دعماً قوياً حتى عقدتا الخانتين الشماليتين بجانبها وقد لصقوا على شقتها 5 ورقات سيكارة حتى يروا اتزيد ام لا فلم تزد وعند انتائها من القصارة والكلس بوشر في اول رمضان في تبليط المسجد وقد كلف ما يزيد عن مشة جنيه وقد تم بعون الله تعالى وتوفيقه ونسأله الله تعالى ان يجزي اهل بما اسدوه في هذا المشروع الخيري ويرجع كل الفضل لمبائرات البلدية وما نظمته من لم الاعانة وشراء ما احتاج المسجد من شومينتو او بلاط وغير ذلك بكل جد ونشاط حتى انتهى العمل واقول الحق انه لم يبق احدهم في البلد الا وساهم في هذا المشروع الخيري حتى واهل البلد الساكنين في الخارج وصل الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم.
حوادث الحرب وما دفعت الناس اليه من الاسعار والسفاهة
انه بتاريخ 10/ذي الحجة/1360هـ بلغ سعر اللحم بقلقيلية الخروف بستة قروش والسمار باربعة والبياض الغير ناضج بخمسة، اشتريت يوم العيد وقية للهريسة بقرش ونصف الطقطاق كذلك، الفستق بقرشين الوقية وبقية المربيات بقرش ونصف، وبلغت اسعار الاحذية نصف البوت 140 قرش والبوت كامل 200 قرش، نصف النعل بـ 27 قرش واشترينا شقة ديمة لعبد القادر وكان سعرها المعتاد 40 قرش وهي احسن الديمايات فاخذناها بالجهد 122 قرش عدا البطانة والخياطة، بلغ سعر قنطار البطاطه للزريعة 10 جنيهات من البطاطه الزحلاوية لنرجع في مسألةاللحم فانه الشيخ بحيفا انه من اللحامه من كان يذبح الحمير ويبيع لحمها بالخفية ومن العشية من كان يذبح البساس ويقدمها في مطعمه ويزعم انها ارانب فلا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم نسأل الله الخلاص على خير وصل الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم.
صورة التحرير الذي بعثته للشيخ احمد الداعور وتقريب هو
لاني كتبته تذكراً عن ذاك
حضرة الشيخ احمد ادامه الله امين
اما بعد، حملني على ان ارسل هذا التحرير لك ولاخوانك ورغبتي في صداقتكم وحنان قلبي على عهدنا بالثورة حينما كنا نعمل يداً مع يد وقد جعلناك زعيمنا تعمل لله وللوطن (قصد بهذه خوفاً من تقديم التحرير للبوليس) تعلمون ان اساءة اخي قد وقعت بدون علمنا ولا مؤامرتنا وتعلمون موافقتي الحق في اي مكان وزمان وربما حدثكم ابراهيم العبد الغني حينما ضرب خليل اخي عبد القادر وعطل يدها وعندما تباحثنا اشار هو ان نجمعهم الاثنين ونحن الاثنين فأشرت ان هذا لا ينفع من اقاربك وانا اعلم اعمامي ونجمعهم حتى لو تلاعب احدهم يضربوه ولهم نظرة اوسع منا فمع شغل عمي احمد لم اتمكن باسرع من ذلك وقع ما وقع وانظروا موقفي مع ابننا المضروب ووجود شهود ولم نفكر برفع دعوة وقصدتم ضررنا بالسجن وتسليم باروده للبوليس لا سمح الله وما دفعكم لهذا الا الكبرياء لو كانت لله لرفعكم بها وانظر لحسن نيته حيث مكنكم من نفسه بالشهود ولكن ايش بدي اعمل في عبد القادر هكذا مشيئة الله ولقد البستم الدعوى ثوباً خشناً لم تلبسه وكبرتموها وهي صغيرة ولك الله ابى الا ان يحلها محلها وسيحلها غداً انشاء الله وان موعدكم الصبح اليس الصبح بقريب.
لقد قصدتم بكل رغبة تسليم البارودة:ـ الم يعز عليك تسليمها وانت كدت ان تريق دمك في الثورة للحصول عليها( قصدت بهذه ايضاً لمتع تقديمها الى البوليس وان تكون هذه لكمة متوسطة في التحرير وخوفا من مزع الفوقا) وهي من سلاح الوطن فان كان يرخص عليكم تسليم سلاحا فستعلمون اي منقلب تنقلبون وكم اتخبط غيظاً على اخي حيث شهر هذا السلاح عليكم كما تزعمون مع انه يقسم بالله انه انه لم يشهره عليكم ولا قصد ذلك، اليس من الغدر ان تعاملوا هذه القلوب الراجفة في حبكم بهذه المعاملة، تذكر حينما تشاجرت مع المعلم في المدرسة واتى المفتش على البلدية ليبحث في هذه المسألة فلم يسعني هذا الا ان سكرت دكاني وذهبت استرق السمع لاقف على ما ستؤول اليه قصتك اما الان والله لا اقول الا الصحيح نريد منكم ان ابراهيم العبد الغني ان يسحب دعوى ابنه بدون مقابل ولا غدر في غيره فانتم اللذين امامنا وان ابيتم الا ارتكاب الهوى واطلاق للنفس عنانها فلا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم كفاك انك اعرف الناس فيّ وفيمن يشد ازري عملنا ما استطعناه تجاه اخ عزيز اعود فأقول ان رغبتي حسم الشر وحفظاً للصداقة ونسال الله التوفيق.
عبد الفتاح 20/رجب/1361هـ
.... اجار التومبيل فتأكدت انهم لا يريدوا ان يسقطوا الدعوة فرجعنا على البلد وها نحن تحت مشيئة الله وعند وصولنا البلد سأل عمي احمد ابراهيم العبد الغني ما اذا عملتم اتريدون اسقاط الدعوى فاجاب لا.
وقد اشرت على عمي عمي احمد انه غداً لم يأتي معنا وانا اتدبر معهم في الصلح احسن لا سمح الله ما يقع حكم كثير ونندم وفي الصباح سبقناهم على طولكرم ولما اتوا اذ بمحمد المصطفى نزل ايضاً فاسرعت وسألته عساه معه خبر جديد فأجاب ان رشيد انتحنى والولد بقي ساكتاً ولا اعلم ما في نفسه فقلت له اسمح لي ولحقتهم وقلت لخليل حيث اتى بدون ابيه ومعه محمد نمر عطية شاهد ومعهم حسن احمد عوينات فقلت له السلام عليكم ماذا عملتم ياخليل نحن ولا شيئ وماذا عملتم انتم فقلت انا البارحة ان الشيخ احمدج ورشيد طلبوني وانا مارر من الطريق وافهموني انهم ما امر برفع دعوه ولا ذهبوا الحكيم لاخذ رايون وانهم يسعون بكل خير ونحن لما رأيت ذلك قلت لاعمامي ان المسألة كذا فارفعوا ايديكم من هذه المسألة الان لان دار الداعور انسحبوا منها والمسألة والمسألة بقيت لنا ولدار ابراهيم العبد الغني والان نحن لم يحدث بيننا دموم ولا مس عرض والناس تحل مصالح اعظم من هذه وما زالت المسألة منا لكم انتم الذي تيدوه قوامون به مهما طلبتم وتباحثنا بغير هذا كثير النهاية اعطى وعد على اسقاط الدعوى وانا قلت له ان يكن انت لم تطلب شيء نحن مستعدون لكل مصاريفك وفارقتهم لأعلم عبد القادر ووقفت معه واذا بمحمد نمر عطية يظهر عدم ارتياحه فاجبته نحن لم نوعد لم نبطل ان احب الان ادفع له ما يريده فلا بأس وانت تعهد له هو المختار وقلت طمنه.
محاكمه:ــ طلب عبد القادر فلما دخل قال له الحاكم الذي كانت معك البندقية واطلقت عيار ناري قال لا يا سيدي دعوة مختلفة فقال له قف هنا وطلب خليل فقال له يا سيدي اصطلحنا فقال الحاكم قل كيف جرى معك فقال اصطلحنا فأمره الحاكم ثانية وهنا بدأت المسألأة على اصلها وقد وقف الشاويش يدافع عن عبد القادر بكل قوة وفعلاً افاد وقد استكفى الحكم بشاهد واحد نا قال الشاويش لعبد القادر ما تقول قال يا سيدي بحب ان المحكمة قضيتي وشرحها له فقال الشاويش اطلب الشاهد الثاني معك فسمع الحاكم فقال من الذي تكلم ثلاث مرات وقد حملق وغضب فقال الشاويش انا يا سيدي فانتهره وقال له كيف تكلمه وهو يعطني افادة ممنوع فقال امرك يا سيدي وجلس فقال الحاكم للشاويش انت تقول في رابودك اطلاق عيار ناري باله نارية اذن في اله اين هي انا اريدها على الطاولة هنا كمثل المتهم بقتل قتيل ولم يوجد القتيل على وكيف نحكم على ولا اشي اسمع القرار يا عبد القادر ان المحكمة تعتقد انك الذي اطلق النار واشتركت بالجرح فحكمت عليك بدفع خمسة جنيهات او بسجن شهر فقلت له ادفع فدفعهم وروحنا بسلام وقلت لخليل احسب مصروفك فقال للحكيم 25 قرش و17 البارحة يعني 42 فقلت له 50 غيره ماذا بكل بشاشه حتى تحمس وتردد في اخذهم وقلت له اذ فعلت للشهود شيء ودفعت لهم اجرتهم ذهاباً واياباً.... روح بعد الظهر فلما نزل سألته فقال لي العصر وعندما تفارقنا وعدني لانتظره فلما دنى وقت العصر اتظرته لنخرج ولم يسألني لاتي معه الى المركز فلحقته وقلت اي وقت قال الان وذهب لدكان احمد النصر ونقلوا ما لا يقل عن 25 شوال طحين ثم ذهب وجلس في البوسطة لا يقل عن ربع ساعة ثم وانا واقف ثم قال واراد ان ان يذهب على البيادر فلحقته فقال فقال خذ معاك ثلاث ورقات بول واذهب امامي فانتظرته في الطريق فلما اتى قلت له اذا كان البوليس الذي اخذ التحقيق يمكنه ان يغير شيء اعطه جانباً جديد فهبنا وانتظرته قبال قهوة ابو العباس فجلس هو مع العسكر وفقدته فلم اجده فلحقته على الباب فقال لي ان البوليس تبع التحقيق يقول دبروها مع الشاويش وانا صيدتي جرارة ونحولها لحاكم الصلح ورب لا يحكم اكثر من اسبوعين او ثلاثة او جزاء الدين والكفالة الى الغد ففي الصباح ذهبت الى القنب منتظرا الشاويش وكان صباح الجمعة فكفلته وخرج.
طلبت من اعمامي انهم يطلبوا من الحامولة مقابل دار الداعور ما رفعوا الدعوة ولم يقفوا على احد وارادوا ان يرموه في داهية وتسليم البارودة مع مسألة مثل هذه من اولاد جهال ولم يذهب عبد القادر بمؤامرة منا لذلك نطلب منهم باسم حقنا هو سحب دعوتهم والا فحقنا لا نصفطه فعملوا واتى التبليغ معرفاً بيوم الجلسة في تاريخ 3/8/1942م فلم تعمل الحامولة له شيء فذهبت قبل المغرب الى الدار وكان الغد الجلسة وكتبت مكتوباً الى الشيخ احمد الداعور ملوماً اياه ومعرفته بحقنا وطالباً منه اسقاط الدعوة ومهدداً اياه بالرقة واللين مما يكون تارة يخوفه وتارة يقربه وقد كان تحريراً خطيراً مما حمله ان اتى بسرعة وتجادلنا بشدة وكدنا نكل الاثنين واخرا قال وبعدين قلت ما ترى المستشار لازم يكون امين قال كلفوا انفسكم واسألوا الحامولة لماذا هملت وتفارقنا وقد شعرنا بخطورة ما تباحثنا به فذهبت الى عمي احمد ومحمد العبدالله وقصصت عليهم ما وقع فلامني عمي احمد فقلت اشار علي محمد العبد الله قبلاً ومع ان المكتوب لم يمسنا بسوء ولا يقدر ان يظهره لا للحكومة ولا لاحد لاني عارف ما كتبت به فقال محمد العبدالله انا رأيي ان عبد الفتاح يسأل محمد المصطفى ليكون ذلك تنبيهاً لهم فان اهملوا فيكون ذلك حقاً لنا على الحامولة وعلى دار الداعور فذهبت ابحث عنه واذا هم بالمهمة فتركتهم وفي الصباح مررت عن الواد واذا بالشيخ احمد ورشيد قاعدين عند دار ابراهيم العبد الغني فطلبوني فميلت وصاروا يفهموني كيف انهم ذهبوا ليضربوا خليل الخلاصة قالوا له ان الحامولة طلبتنا وقالوا بدنا تسقطوا الدعوة فقلنا لا بأس ونحن ننتظر بابراهيم وولده فقلت اسمحوا لي انا وفارقتهم فأجاب رشيد بانهم يريد مصاريفهم وان الوالد يأتي فعسى نبلغه فقال عمر احمد اتركهم فقام محمد المصطفى وذهب لرشيد ثانياً ونحن ذهبنا لزكي ففي طولكرم سألنا البوليس تبع قلقيلية لما الى الان انها تأجلت لأن الحاكم لم يأت وغداً الجلسة اصطلحتم، فلم يجيبوا بشيء واردنا ان نرجع في الاتومبيل واذا بابنه ابراهيم العبد الغني يحاول ان يعطي ابن احمد العوينات.......
مشترى ماكنة الاوكسجين
قد تم شراء هذه الماكنة في 12/رمضان/1364هـ وقد تعطلت لها اربع ايام حتى تمكنت من شراؤها والذي اتعبني فيها شراء جرة الهواء والكبريت وقد امضيت اول يوم وانا اتجول في الاسواق وأفهم الاسعار وقد كنت من قبل اربعة اشهر راغباً في شرائها وبقيت اؤجلها حتى تمكنت من النقود وقد احتجت قرضاً سبعة عشر جنيهاً ولو ان منالهم سهلاً عليّ لم اشتريتها فمنهم عشرة جنيهات من اخي زكي واثنتين من امي وخمسة من محمد سعيد سلامة والحمد لله باتت هذه الليلة جميعها جاهزة للتجربة صباحاً انشاء الله يبارك الله فيها ويجعلها منفعة للمسلمين.
الطبيب يقول ان والدي في اخر حياته
بتاريخ 10/ربيع ثاني/1365هـ في صباح هذا اليوم قد ذهبت انا وامي وزكي لزيارة ابي فقررنا زكي لخدمته في النهار وينام في الخان عند ابراهيم الحاج مصطفى في الليل حتى يدبر الله امراً وامي أتت لتسامحه فلما دخلت وجدت ابي نائم مقلب العينين فاتح فاه قليل لا يخفى بتأخير فأتى التمرجي المصروف بحذاقته وهو فرحان فقال يا عبد الاحسن روحوه فهو فانه تعبان واذا مات هنا تتغلبوا فيه حتى يروح فذهبت للدكتور وسألته وقال الاحسن روحه فقلت له الن تجرحه قال لا مش محوجة وهنا قد ثقل علي كيف الغيار عن رجله وهي منتنة ومفتحة وتسيل وسخ ما يزعج الخواطر ويجرح القلوب فقال لي فرحان بعينك الله اذا كان تغير له مرتين او ثلاثة وهنا دفعت اجرة الاسبيطار وكان موجود اسعد الحاج حسن فقلت له اذهب وآتي باتمبيل فجاب وركبنا معه وافهمته ان امي اتت لتسامحه فقال خلي امك تركب بجنبي ولما نزلناه من الاتمبيل الى الدار تغيرت حالته وارتخت اعضاؤه وكأن لا روح فيه ولما وصلنا البيت ارخى رأسه على الكرسي وقد بال ماءاً على نفسه ففرشنا له وكان عندي كاوشوك تبع عجل اتمبيل فقطعته نصفين وشققته كالثوب وغطينا الفرشة به وغطيناه بشريطة حسنة ونيمناه وفي الليل نبهتني مرت ابي ان تعال فجئت وكان قد مضى ثلثي الليل تقريباً فمكثت عنده تارة أقرأ قرآن وتارة دعاء وقبل الفجر قد اتى عمي احمد وبقي للصبح وثاني يوم قد اتيت تقريباً من نصف الليل وبقيت للصبح مرة اقرأ وتارة اضطجع حتى اصابني البرد وشعرت بتعب في جسمي من البرد فرأيت ثاني يوم ان انام عندهم فأحضرت فرشة ومخدة ولحاف ونمت قريباً منه حتى امكنني من اول كلمة يقولها وكت واقفاً فوق رأسه محضراً له ما شاء وكان طيلة هذه البرهة حاضر العقل والسمع والبصر والشم ولا يخفى عليه شيء هنا طلبني وقطعت وهو تعبان وصل الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم.
ـــــــــ * فرمشية :كلمة إنجليزية الأصل وتعني الصيدلية |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: مشاهير فلسطين في العالم الأربعاء 06 أبريل 2016, 10:19 pm | |
| رحلة كفاح عبدالباري عطوان من عامل في مصنع ثم سائقًا لجرار رش حشرات الى الاعلامي العربي الاول
فيما يشبه التسابق على تسجيل تفاصيل وحيثيات معاركهم الإعلامية والسياسية التي خاضوها على إمتداد سنوات عمرهم، يسرد أربعة صحافيين عرب ينتمون إلى جنسيات مختلفة يوحدهم الإغتراب الذي تعددت اسبابه وتنوعت تجاربه وإختلفت مدياته في مسيرة عقود من الزمن رسمت ملامحها بكل سلبياتها وإيجابياتها خطوط أعمارهم، وحيث العطاء متواصل لإرضاء النفس والآخرين وحرص على تقديم ثمرة تجارب تنوعت بين الخاص الذاتي والعام الذي له علاقة بالآخر والذي سيكون هو المستهدف من الذكريات المدونة في كتب أربعة، أنجز واحد منها ويوشك آخر على الإنتهاء، فيما تجري كتابة إثنين آخرين حاليًا. ففي كتابه يعرض الصحافي السوري عرفان نظام الدين تجربة سياسية وإعلامية إرتبطت بتاريخ مرحلة مصيرية عاشتها الأمة العربية ليقدمها من خلال معايشته لها ولقاءاته مع صانعي ملامحها وأحدائها... بينما بقدم الصحافي الفلسطيني عبد الباري عطوان سيرة لقضية بلاده وأمته من خلال فصول حياتية عاشها وشارك فيها، منذ أن ولد في مخيم للاجئين إلى أن وصل إلى لندن عبورًا بمحطات عربية عدة صنعت تجربة غنية حافلة يقدمها الى القارئ الغربي باللغة الانكليزية وللشباب العربي والمسلم الذي عاش في الغرب. أما الصحافي الفلسطيني بكر عويضة فهو يقدم تجربة مرحلة احتراف لمهنة الصحافة امتدت لأكثر من 40 عامًا... في حين يكشف الصحافي السوري محيي الدين اللاذقاني التاريخ السري للاعلام العربي من خلال معارك عاشها اثرت فيه وتركت ملامح غضب في نفسه لكنها لم تتمكن من إحباطه.
وفي هذه الحلقة الثانية من سلسلة لقاءات اجرتها "ايلاف" مع الصحافيين الاربعة يتحدث عبد الباري عطوان رئيس تحرير يومية "القدس العربي" الصادرة في لندن عن كتابه (من منفى الى منفى) الذي يصدر في آذار (مارس) المقبل . ويسجل عطوان الصحافي العربي الفلسطيني المتنقل من منفى الى اخر قبل ان يحل في لندن رئيسًا للتحرير واللاجئ الفلسطيني الذي ولد في مخيم من أسرة كبيرة تضم سبعة أولاد وثلاث بنات حيث توفي الوالد في عمر 42 عامًا بسبب إصابته بقرحة في المعدة سيرة مرحلة عاشها تحمل تداعيات جيل عاش النكسات واحدة تلو الاخرى . فقد عاش عطوان في مخيمات الانروا "وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين" وتعلم في مدارسها وتربى على مبادئ العزة والكرامة و التحرير او كما يقول "تعلمت أن أمشي مرفوع الرأس وعلى أننا امة عربية واحدة ولنا عقيدة إسلامية سمحاء وعظيمة... تربيت ان أقول كلمتي ولا أخاف.. وان أقف دائمًا مع المظلومين والمحرومين".
كتاب بعد كتاب
يقول عطوان في حديث مع "ايلاف" ان فكرة كتابه الجديد (من منفى الى منفى) تأتي بعد نجاح كتابه الاول باللغة الانكليزية الذي صدر عام 2006 وعنوانه (التاريخ السري للقاعدة) والذي ترجم الى 15 لغة وطبع 7 مرات في بريطانيا و3 مرات في الولايات المتحدة ودول اخرى. وعن سبب كتابته باللغة الانكليزية، وليس العربية، أشار إلى ان سوق الكتاب العربي بائر حاليًا والمؤلف العربي لا يحظى بالتقدير والاحترام اللذين يستحقانهما من دور النشر العربية، ولا يعرف المؤلف حقيقة ارقام كميات الطبع ومقدار التوزيع حتى وصل الامر ببعضها الى ارغام المؤلف على دفع نفقات طبع مؤلفه إليها قبل طبعه . وقال انه يفضل الكتابة بالانكليزية ليخاطب القارئ الاخر غير العربي، لكنه اشار الى انه لم يرغب في جمع نصوص محاضراته التي القاها في الجامعات الاوربية او مقالاته الافتتاحية بالقدس العربي وانما فضل ان يكتب عن موضوع حيوي يشغل العالم في عصرنا الراهن . واوضح انه من هنا جاءت اهمية الكتاب وانتشاره الامر الذي دفع كبريات الصحف البريطانية والاميركية للكتابة عنه ومنها الصنداي تايمز في لندن والواشنطن بوست في واشنطن والتي قالت انه اهم كتاب صدرعن القاعدة . لكنه يعبر عن الالم موضحًا انه في الوقت الذي لقي فيه الكتاب ترحيبًا واشادة غربية فإن اي صحيفة عربية لم تكتب عنه.
للغرب... لنا كتابنا العرب
واضاف انه اراد من مؤلفه ذلك ان يقول للغرب ان لدينا كتابًا عرب يستطيعون الكتابة ويحسنونها حتى اصبح الكتاب مرجعًا في الجامعات العالمية. وأوضح انه يقع بسبعة فصول وتحدث بإسهاب عن تنظيم القاعدة من خلال مقابلته لزعيمه اسامة بن لادن في تورا بورا في أفغانستان... وعن سيرته الذاتية وعن نشاط القاعدة في اوربا والعراق وشمال افريقيا والصومال وعن مستقبل القاعدة والعمليات الاستشهادية وجذورها والتطرف او الجهاد في الاسلام وجذوره الفكرية والسياسية مع اشارات الى الاصول الاسلامية. وقال انه تناول فيه الجهاد الالكتروني والصراع بين القاعدة والمواقع الجهادية وبين المخابرات الغربية وكيف ولماذا استغنت القاعدة عن الفضائيات مثل الجزيرة ولجأت الى النشر الالكتروني . واشار الى ان الكتاب سطر بطريقة علمية اكاديمية موجهة الى القارئ الغربي مشفوعًا بوثائق مدونة. ويضيف عطوان بعد استعراضه لكتابه الاول الذي نال شهرة عالمية اكثر منها عربية الى ان نجاح ذلك الكتاب عن القاعدة وتاريخها السري قد حمله مسؤولية العمل على ان يكون الكتاب الجديد بالموضوعية والدقة نفسها التي كان عليها الاول.
من منفى الى منفى
وقال ان كتابه الجديد وهو باللغة الانكليزية كذلك وبخمسمئة صفحة سيحمل عنوان "من منفى الى منفى" وهو قصة كفاح من لاجئ فلسطيني في مخيم الى شاشات التلفزيون العالمية. موضحًا انه يتحدث فيه عن القضية الفلسطينية والعربية الاخرى من خلال مسيرته المهنية .. من الطفولة ولماذا ولد في مخيم للاجئين .. وعن معاناة الناس الحقيقية في المخيمات الفلسطينية من خلال قصص حقيقية موثقة عن شخصيات ورموز على احتكاك معهم. كما سيتحدث الكاتب فيه عن انتقاله الى الاردن وكيف عمل في مصنع لتعليب الطماطم ثم في عمان سائقًا لجرار رش حشرات وسائقا لسيارة ازبال وذلك بين الاعوام 1967 و1970 . ويضيف انه يسرد في هذا الكتاب الذي يؤمل صدوره في اذار (مارس) المقبل قصة صعود المقاومة والمنظمات الفلسطينية وعلاقاتها بالعرب والعالم. وكذلك عن مرحلة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات واتفاقات اوسلو بين الفلسطينيين والاسرائيليين .. وحديث عن المفكر الفلسطيني الراحل ادوارد سعيد والشاعر الفسطيني محمود درويش كما يسرد عبد الباري عطوان قصة انتقاله الى القاهرة ودراسته في الجامعة هناك ويتحدث عن مصر في اخر عام من حياة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وعن الفرق بين مرحلة السادات وزمن عبد الناصر من خلال تجارب واقعية بين عامي 1970 و1974 وعن كل شيء في مصر في تلك المرحلة مشبها ذلك بانه اقرب الى الرواية والادب السياسي. كما يتناول كذلك الحديث عن انتقاله الى ليبيا والعمل في صحافتها بين عامي 1974 و1976 حيث يتحدث عن صحافتها وثورتها والمسيرة السياسية التي شهدتها .
وينتقل عطوان في رحلة مذكراته الى الحديث عن رحلته الى السعودية التي عاش فيها بين عامي 1976 و1978 وعمله في الصحافة هناك ويسرد في كتابه الجديد انطباعاته عن الثروة النفطية فيها وكيف غيرت المجتمع السعودي من خلال سرد وتحليل علمي وتاريخي موثق . وبعدها ينتقل الى الحديث عن رحلته الى لندن التي اقام فيها منذ عام 1978 وحتى الان وعن الصحافة والاعلام الغربي وعلاقة عبد الباري عطوان مع القنوات والصحف الغربية ثم حرب الكويت واحتلال العراق وكيف تناول الاعلام هذه الاحداث ودوره في ذلك.
سيرة ذاتية وتحليل سياسي وادبي
ويضيف عبد الباري عطوان واصفًا كتابه الجديد بأنه مزيج من السيرة الذاتية والتحليل السياسي والادبي والروائي والسياسي. ويقول انه موجه الى الشباب العربي الذي ولد ونشأ في الغرب بشكل علمي مقبول من خلال قصص ورحلات واقعية ومفارقات مبكية ومضحكة في الوقت نفسه. ويؤكد انه لم يكتب كتابه هذا لتمجيد النفس او لتصفية حسابات مع صحافيين او زعماء سياسيين .. وانما هو حديث عن تجربة، وما احاط بها بكل سلبياتها وايجابياتها بشكل موضوعي وواقعي، قائلاً " اني استغل تجربتي السياسية والاعلامية لشرح المرحلة من خلالها". واوضح انه لم يكتب في مؤلفه الجديد خاتمة او استخلاصات كما فعل في كتابه السابق عن القاعدة، موضحًا انه تجنب ان يقدم فيه "وعظًا سياسيًا او اجتماعيًا " وانما هو اراد تعريف القاريء لماذا يظل الطفل الفلسطيني حافي القدمين ولا يلبس حذاء حتى يصل عمره الى السادسة .. ولماذا يعاني اللاجئون في مخيماتهم وكيف وصلت بهم الحال الى هذه الحال". وقال انه يقدم في كتابه هذا صورة مختلفة عن المخيمات .. وعن الانسان العربي .. وعن الاعلام وكيف تعامل مع العرب وقضاياهم بشكل يثير اهتمام القارئ الغربي الاسلامي غير العربي .. ويقول انه كتاب يقول "هذا احنا العرب". ويوضح ان هذا ليس تعاليًا على القارئ العربي لأنه سيكتب له في وقت لاحق . ويؤكد عبد الباري عطوان ان كتابه الجديد يتناول موضوعاته من دون تجريح او تطاول على احد او مهاجمة انظمة او اشخاص او تصفية حسابات .. وانما الهدف منه هو تقديم مادة علمية قائلاً: "اريده ان يكون مرجعًا لكل الجامعات ولكل المكتبات". *ايلاف
تشي رحلة عبد الباري عطوان، رئيس تحرير جريدة االقدس العربيب في لندن، والوجه المعروف اعلاميا في وسائط الإعلام العربية والاجنبية، بحس شاعري، لانها تحاول استعادة ارض هي ارض الكلمات كما سماها الشاعر الكبير محمود درويش، وهو بالمناسبة يسميه في مذكراته مع اداورد سعيد بالفلسطينيين العظيمين. وهي رحلة تغطي اربعة عقود من الرحيل والبحث الدائم عن فرصة ومكان في العالم، هي رحلة تستبطن في داخلها فكرة االعصامية ورفض ان يخضع الفلسطيني لشروط السياسة والظروف وان يكون ضحية للخرائط، فهو كإنسان يجب ان لا يفقد الامل بالعودة لحلمه الاول، وهو ما يتمناه الكاتب هنا في السطور الاخيرة من مذكراته ولكن في اتجاه آخر يجب ان يواصل البحث واجتراح الممكن. للوهلة الاولى تبدو مذكرات عطوان اارض الكلمات: رحلة فلسطينية من المخيم الى الصفحة الاولىب عادية في طموحها اذ انها تقدم سيرة صحافي وكاتب ارتبطت صورته بالدفاع عن العراق وفلسطين وقضايا المضطهدين ضد الهيمنة الامريكية الجديدة في المنطقة العربية. اضافة لكون عطوان منذ لقائه مع زعيم القاعدة في اللقاء الصحافي المعروف عام 1996 اصبح معلقا عن قضايا القاعدة وما يتعلق بما اسمته امريكا االارهاب الاسلاميب وكان نتاج العلاقة كمعلق ومحلل ومهتم بمصير القاعدة وتطوراتها كتابه الاول ا اسرار القاعدةب الذي ترجم الى عدة لغات منها العربية. نفهم ان عطوان لم يكن يطمح لكتابة سيرته، لكن الفكرة جاءت من الناشرة والاديبة اللبنانية الراحلة مي غصوب، مؤسسة دار الساقي للنشر في لندن، وهي نفسها كاتبة سيرة عن رحلة مغادرتها من بيروت، التي قدمت من خلالها اطياف الحرب الاهلية، ولهذا يكرس الكاتب الكتاب لذكراها. لا يقدم لنا عطوان سيرة سياسية او تفاصيل حياته الصحافية ذلك ان كاتب المذكرات او اي نوع منها يقع احيانا في خداع التفاصيل الكثيرة. فكتابة السيرة من اكثر الانواع الادبية خداعا لان الكاتب يحاول ان يبرر، ويخترع روايته عن التاريخ والاحداث، وفي السير الذاتية يتجادل التاريخ بالأنا. ويبدو هذا واضحا في مجمل الرواية التاريخية عن الثورة المصرية عام 1952 اذ اننا امام روايتين، تلك التي رواها وقدمها ادباء المحنة من الاخوان المسلمين، وتلك التي قدمها مؤرخو الثورة ومعها رواية الدولة عن نفسها وصورتها. في رواية عطوان يضعنا عن رحلته هو نفسه خلال احداث اربعة عقود وهي سيرته ورؤيته للاحداث، اذ انها تبدأ في الحقيقة منذ خروجه من رفح الى عمان لمتابعة دراسته في عمان اواخر الستينات ومن هنا يبدأ خيط الاحداث بالتطور ليقودنا الى لندن وقصة صحيفة االقدس العربيب التي يقول انها مشروع عربي للصحافة المستقلة التي تدافع عن حرية الرأي والمضطهدين وتبشر بكتابة جديدة.
جمهورية المخيم الفاضلة
كثيرا ما يقال ان االقصةب الفلسطينية هي واحدة، حياة وادعة زراعية في قرية او بلدة، رحيل للمخيم، ثم كفاح وحنين للوطن االفردوس المفقود وهنا في مجمل الحكاية الفلسطينية يتم التركيز على فكرة االتغريبة الفلسطينية ولهذا عندما عرضت المحطات العربية مسلسل التغريبة الفلسطينية الذي كتب نصه وليد سيف، وجد كل فلسطيني صورة عنه في تلك الحكاية، ولكن حكاية وليد سيف توقفت حيث بدأت رواية عبدالباري عطوان. لا يفهم من هذا ان هناك تقارباً بين الحكايتين لكن ما حدث للفلسطيني بعد الخروج وتكون المخيم وولادة اجياله وذاكرته اصبح رهن ابنائه. وعطوان يكتب بهذه الصفة من ولد بعد النكبة بعامين في خان يونس وتوزعت طفولته وصباه بين مخيمي دير البلح ورفح. وهو مثل اي فلسطيني يتحدث عن وطنه الصغير المسروق ااشدودب كأي فلسطيني حفظ ذاكرة المكان بطريقة فولكلورية تهم الانثروبولوجيين. لكنه عندما يتحدث عن مدرسته ومدرسيه في مدارس وكالات الغوث وشقاوات الصبيان وصباه قرب البحر يكون اقرب للحقيقة، لان اشدود وان مر بها في زياراته الاخيرة، حيث اصبحت مستوطنة للمهاجرين الروس، لم تعد الا صورة من الماضي. في المخيم يحدثنا عطوان عن اثر النكبة على والده، فالرحلة من القرية الى اللامكان، حولت طبيعة كفاح الفلسطيني من مواجهة القادمين الغرباء في القرية الى مواجهة الحياة ومتطلباتها، لا يعني هذا نسيان الهم الاكبر وهو المشاركة في تحرير فلسطين. يقول عطوان انه ورث الكثير عن والده ا محمدب الذي توفي باكرا، القرحة التي وأدت شبابه مبكرا وتقاطيع وجهه، فهو على خلاف اشقائه وشقيقاته لم يرث ملامح امه الجميلة ازريفةب ويقول انه حمل اسمين اعبدالباريب وسعيد فبينهما جاءت هويته. يحدثنا عطوان عن رحلتين قام بهما والده للقرية التي احتلها الصهاينة من اجل الاطمئنان على البيت واخذ بندقيته التي اصبحت مصدر عذاب له عندما سجن وعذب في السجن الذي كانت تشرف عليه الادارة المصرية، وعندما مات الوالد مات حانقا على الاشقاء الذين عذبوه وسجنوه لانه كان يريد الدفاع عن وطنه وحقه. في ذاكرة الصبي يختزن عطوان قصصا عن فولكلور المخيم، شقاوات الصبيان وسرقة حقول الخيار ، و االتشعبطب على اشجار النخيل لسرقة بعض من تمراتها، وانغماس باللعب على الشاطئ والسباحة وهو يقص علينا قصصا فيها من المرح والسخرية المرة عن غياب الفرص واختراع الفلسطيني وسائله للنجاة والتسلية، فهو يتحدث عن عمله مع الصيادين الذين يستخدمون الديناميت لصيد الاسماك ونجاته من سمكة قرش هاجمت قارب صيدهم. وينقل لنا قصصا عن الغيبة والنميمة في المخيم، امرأة سيئة السمعة مع رجال الشرطة سيئي السمعة. ويقول عطوان ان امبروكةب تلك المرأة التي داست على قيم المجتمع تظل امرأة جديرة بالانتباه فهي مصدر اعجاب ليس لتصرفاتها ولكن لشجاعتها. والغريب ان مبروكة قتلت اثناء الانتفاضة لعمالتها وانتهى واحد من ابنائها شهيدا، حيث غسلت شهادته عار الام. وهناك ابله المخيم الذي قتلته رصاصات المحتلين وهو في طريقه لبيت المرأة التي كانت تعتني به على كل االاصعدة.ا
محطة اردنية صعبة
في حياة عطوان اماكن صنعت قصته، المخيم يظل مركزها لكن الاماكن تتحول الى مدن واولى هذه الاماكن كانت عمان، عاصمة الاردن التي ذهب اليها لاكمال دراسته الثانوية، ووقع من اجل ذلك على بيان بعدم العودة لرفح ان اراد الخروج من القطاع، ويتحدث عن رحلة الخروج للعالم فبمجرد مغادرته المخيم دخل عالما مختلفا هو عالم المدينة الذي سيصنع حياته، وتبدو مدن الضفة ومدن الخليل جديدة عليه. وعلى خلاف كتاب المذكرات يتجاوز رحلة اجتياز الجسر بين الضفة والاردن، ونجده في عمان يسكن مع العمال والسخرة في غرف كئيبة غير صحية، ومع ان ذاكرته عن عمان ليست جميلة اذ فيها شعر بصعوبة التحرك كفلسطيني وعمل في مصنع للطماطم االبندورةب وهو عمل متعب ومرهق للنفس والجسد، ثم عمله في بلدية عمان في رش المبيدات، الا أنه في عمان تفتح على عالم القراءة مما عزز فكرته في ان يصبح صحافيا وهي الفكرة التي عبرت عندما انتقلت العائلة من دير البلح الى مخيم رفح بعد وفاة والده حيث اصبح رب العائلة نظرا لغياب شقيقه الاكبر عبدالفتاح في السعودية. عاش عطوان في عمان في وقت كانت فيه الثورة الفلسطينية مركزية في حياة البلد، وهو ان كتب عن تاريخ الثورة هناك الا انه لا ينقل الا حسا بسيطا عما كان يجري في هذا البلد، من نزعات ثورية والتي جاءت بعد ان اعلن الملك حسين قولته الشهيرة اكلنا فدائيونب بعد انتصار الكرامة. ومع ذلك يشير الى اعجابه بالفكرة التي كان يدعو اليها مؤسس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الدكتور جورج حبش، حيث شهد تدريبات لبعض عناصرها في مصنع الحلويات الذي عمل به سائقا وموزعا للحلويات على دكاكين العاصمة. لكن اهم ما يميز رحلته في العاصمة الاردنية حديثه عن غزل البنات وكونه مركز اعجابهن خاصة في ايامه الاخيرة، والانفتاح هذا يختفي عندما يرحل الى مصر، حيث لم تكن هناك امامه فرصة لاثارة اعجابهن، فهن اي البنات من عائلات غنية، ومن جنسيات عربية مختلفة، وهو لم يكن مهتما بالحديث معهن الا كزميلات في الجامعة. بعد عمان يرحل عطوان للاسكندرية لفترة حيث يكمل دراسته هناك، ويتحدث بمرح عن مصر الناصرية التي قدم فيها نفسه كثوري، وكيف ظل ناصر رمزه في الامس والآن وغدا، وكيف القى خطابا نيابة عن الثورة الفلسطينية في ساحة التحرير ، ودراسته في مدرسة االعروة الوثقىب التي لم تكن الا صورة ممسوخة عن مدرسة الاصلاح الاسلامي التي دعا اليها الافغاني وعبده. في الاسكندرية، مدينة التنوع يعيش عطوان لحظة وفاة االزعيمب جمال عبد الناصر، فقد كان لحظة اعلان الوفاة في السينما يشاهد افلاما عندما دخل شخص اخذ يعنف المشاهدين لانهم يتمتعون والزعيم اماتب. القاهرة كانت المحطة الثالثة او الرابعة من رحلة عطوان، حيث كان طالبا في جامعتها في قسم الصحافة، جامعة القاهرة، وفي مدرسة الصحافة يتدرب في مجلة االمصور'، ويختار تغطية النجوم واخبار الفن لدهشة المسؤول عن تدريب الطلاب، والذي كان يعتقد ان كل فلسطيني يحب ان يكون سياسيا. في القاهرة يعيش بعض الشقاوات البريئة مثل دخوله النادي الليلي للاستماع لعليا التونسية، وكيف قامر بمصروف شهر لحضور حفلة لفريد الاطرش، لكن القاهرة بمرح سكانها تظل مكانا اجمل من عمان كما يشي سياق السيرة. في العاصمة المصرية اكتشف عطوان أنه موسيقار فاشل عندما حاول تعلم العود على يد استاذ مشهور في العود، مع انه يقدم صورته بطريقة نمطية، ويركز على كرشه وعمامته كما اكدتها افلام تلك الفترة. نهاية دراسة كل طالب الجامعية وحمله الشهادة، تعني بداية مرحلة جديدة لكل طالب، الا الفلسطيني الذي لا يعرف ما هي محطته الثانية، وعلى خلاف تبادل العناوين والارقام ليس للفلسطيني عنوان، وهو ما واجهه عندما طلب استاذه فؤاد شهاب عنوانه، فلم يكن لديه عنوان، وكان راغبا في اكمال دراسته العليا في الجامعة لكن الامن منعه، ومن هنا لم يجد الا السفر االهريبةب الى ليبيا في رحلة طويلة كسائق رجل اعمال مات سائقه. كانت ليبيا اول مرحلة في عمله الصحافي ويذكر انه عمل في الصحافة بسبب مقال عن ايران وبروز اصحاب العمائم السوداء، والذي نشر في الصفحات الاولى بسبب تغير الموقف الرسمي الليبي من الشاه، لكن الحياة الصحافية في ليبيا لم تكن مثالية لصحافي شاب ففيها من القيود ما فيها، وتدخل الجهات العليا، ومن هنا قرر السفر لجدة، التي كانت حجرا اخر في عمله الاعلامي، فهو وان لم ينجح في البداية الا باعطاء دروس خصوصية لاميرة سعودية الا انه عمل في صحيفة االمدينةب التي شكل فيها رؤيته، لكن جدة مثل اي مدينة عربية ليست مدينة مثالية للعمل الصحافي. وجاءت الفرصة من خلال العمل في صحيفة عربية ستصدر من لندن، حيث تلقى عرضا قبله بعد تردد وبناء على نصح احد معارفه الذي قال له ان لندن تظل احسن من اي مدينة عربية. جاء عطوان للندن، وعمل في الصحيفة الجديدة لكنه تركها بسبب خلاف على طريقة تغطية الانتفاضة، ففوز فريق كرة انكليزي كان اهم من توعية الناس بما يجري لاطفال الحجارة. وبعد استقالته من الصحيفة عمل عطوان مديرا لمكتب االمدينةب في لندن. لكن العاصمة البريطانية هي التي تركت اثرها عليه، في مجال الرؤية والطريقة التي نظر فيها للامور وهي المدينة التي اتخذها موطنا له. ويقدم هنا نظرات عديدة عن الصدمة الثقافية، ووحدة الغريب فيها وحياة العازب ومحاولته للدراسة، وعلاقاته الشخصية مع صديقين من اصدقائه الخلص، بكر عويضة وعادل بشتاوي، وهو لا يكشف الا ما هو ضروري عن خفايا العمل الاعلامي. وفي مركز هذا يكتب تاريخ مولوده االقدس العربيب التي ولدت اخداجاب ثم تطورت وعملت على اختراق السياج المفروض عليها كونها صحيفة اتغردب خارج السرب، وكيف ولدت من نقاش على هامش المؤتمر الوطني الفلسطيني، في الجزائر عندما طرح الفكرة وليد ابو الزلف، من جريدة االقدسب المقدسية. ولم تكن الصحيفة في مسيرتها التي قاربت العشرين من دون مصاعب، فقد صعدت جبلا شامخا، قابلت في اثنائه مشاكل من محصلي الضريبة، ومن الدعاوى القضائية ومن التهديدات من جهات متعددة، ويشير الى تهديدات تلقاها من الامن الاردني بان ذراعه طويلة، قادرة على الوصول اليه واخرى من الامن السوري، وثالثة من منظمة كوكلوكس كلان العنصرية الامريكية التي تخصصت في قتل السود، ويشير الى الشائعات التي تنتشر عن دعم صدام حسين له، ويقول انه التقى مع القائم باعمال السفارة العراقية في لندن مرة، مظفر امين في عشاء، وعرض مساعدة الجريدة ماليا، الا انه رفض العرض. ويشير لمشاكل التوزيع والطاقم الصغير واهم اازمةب عانتها الصحيفة عندما جاء محصلو الضرائب لاغلاق الصحيفة ووقوف العاملين مع مستقبلها. يقول عطوان انه مارس كتابة القصة في بدايات حياته الصحافية لكنه تركها بسبب انشغاله بالعمل الصحافي مما دعا احد زملائه الى الكتابة قائلا ان القصة خسرت كاتبا مهما. في السيرة الحالية نلاحظ حسا من الدراما والقطع والاقتصاد في التفاصيل والرحيل للمجهول كما في مشهد وصوله طرابلس حيث حمل حقيبته على ظهره وسار للمجهول، كصورة عن طريقة الكتابة الادبية. ظهور عطوان في عناوين الاخبار والصفحات الاولى تأكد من خلال تجربته الصحافية وعبر قناة االجزيرةب وتأكدت اكثر بمقابلته الصحافية مع زعيم القاعدة بن لادن.
لقاء مع بن لادن
لكن القاعدة كانت جزءا من ثالوث اثر على حياته وشهرته وهو ثالوث متناقض عرفات ـ صدام ـ بن لادن. فقد استطاع عطوان التحرك بين اطراف المثلث دون مشاكل الا بعضا منها مع الراحل ياسر عرفات. بن لادن التقاه عام 1996 اما صدام فلم يره اثناء واحد من مؤتمرات القمة العربية في بداية الثمانينات من القرن الماضي انعقد في تونس وعرفات عاش معه وخبره عن قرب وعلاقته معه تعود الى اكثر من ربع قرن، وهو يكتب هنا بثقة عن عرفات،غضبه وطريقته في الادارة وكونه رجل علاقات عامة من الدرجة الاولى، وعرفات الانسان والزوج والمحب، مشيرا الى ان البعض تحدث عن زيجات عرفية للرئيس الراحل وزوجته سها التي لاحظ غرام عرفات بها اثناء رحلة للهند، وعرفات ما بعد اوسلو، الذي وافق على اللعبة لشعوره ان امريكا بدأت تحضر بديلا عنه في الضفة، وعزلته الاخيرة، والاقتراح المصري الذي وضعه عمر سليمان مدير المخابرات المصرية على الطاولة امام عرفات لانهاء حياته السياسية. بالنسبة لصدام لم يلتق به عطوان مع انه تلقى رسائل منه، ودفاع عطوان لا يعني دفاعا عن سجل صدام في الحكم لكن عن العراق الذي يواجه مؤامرة امريكية. ويتحدث عن حرب الخليج الاولى عام 1991 والسبب الذي جعل صدام يمارس العناد ويرفض الخروج من الكويت،في رحلة عطوان للندن، يسجل صورة عن تاريخ العرب فيها، ويكتب عن قريتهم في اايجوارد رودب وعن الخداع الذي كان يتعرض له الاغنياء منهم، وعن النوادي الليلية التي تستورد بنات من شمال افريقيا يتعرضن للاستغلال من قوادين وترمى فيها الاموال هكذا ااذا كان اليونانيون يكسرون الصحون فاننا نحن العرب نشك الدولارات في وسط الراقصات'، وقصة الصحيفة مع راقصة اسمها املايينب التي انتهت بتسوية خارج المحكمة معها. ويكتب عن اليسار البريطاني الذي يبدأ رافضا راديكاليا ثم ينتهي لتبني مواقف المؤسسة الرسمية باستثناء اسماء معينة من مثل ارثر سكارغيل الذي دافع عن الاتحادات العمالية وتوني بن وعن علاقته مع جورج غالواي. وفي هذا الاتجاه يسجل ملاحظة صحيحة ان اليسار العربي ليس بريئاً هو الاخر فهو اما يركب القطار الامريكي او يصبح اسلاميا. واهم ما في قصة لندن، هي ملاحظته لانتشار الاسلاميين في لندن، ومقابلته مرة مع حارس أحد النوادي عندما كان يكتب تقريرا عن السياحة العربية، هذا الحارس صار ابو حمزة المصري، ويتحدث عن السعودية ومشاكلها مع المعارضين الاسلاميين، ومقابلته مع ابو قتادة المعروف في الصحافة البريطانية بكونه اسفير بن لادن في اوروباب وابو مصعب السوري الذي طلب منه ان يكون مراسل الصحيفة في كابول، ويحمد الله انه لم يفعل. ويكتب عطوان عن غرامه بالرياضة وكرة القدم التي اورثها لابنه خالد، وزواجه االتقليديب من رفيقة عمره باسمة وقلقه على اولاده وتقصيره في تعليمهم العربية ورحلة العودة الى فلسطين ثلاث مرات وامنية النهاية هناك قريبا من تراب والده وامه. قصة عطوان استثنائية من ناحية ظروفها وتفاصيلها تركز على جانب الكدح والعمل الدائب ومحاولة الالغاء كما فعلت صحيفة سعودية عندما حجبت صورته التي ظهرت في لقاء وفد من المسلمين للقاء رئيس الوزراء البريطاني السابق. كما يشير فيها الى انقطاع التواصل مع ادوارد سعيد على خلفية فكرة الاقصاء، مع انه لم يفقد احترامه له ككاتب منجز في الادب والسياسة. قصة مليئة بالكثير من التفاصيل، فيها مرح قد يحبه او لا يحبه القراء ولكنها اسيرة فلسطينيةب عاشت على الحافة بين المنفى والعودة، وظلت تحن لرائحة الام والوطن، سارت في متعرجات كثيرة، مدن ووجوه واحداث، ولكنها ارادت التماهي بحلم العالم الممتد كبحر غزة والانحياز للبسطاء والفقراء. في السابق كنت افضل من بين السير الذاتية التي كتبها فلسطينيون ، مهاجرون، مناضلون، منفيون، سيرة ابو اياد افلسطيني بلا هوية التي كتبها بالتعاون مع اريك رولو، وسيرة او يوميات المربي والفيلسوف خليل السكاكيني اكذا انا يا دنياب التي ارتبطت بمراحل تكويني وسأضيف اليهما سيرة عطوان اارض الكلمات .
' كاتب من اسرة 'القدس العربي'
عدل سابقا من قبل ابراهيم الشنطي في الأربعاء 06 أبريل 2016, 10:52 pm عدل 1 مرات |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: مشاهير فلسطين في العالم الأربعاء 06 أبريل 2016, 10:22 pm | |
| السيرة الذاتية للناقد والأكاديمي المعروف أ.د.محمود السمرة
يحيى القيسي صدرت أخيرا بعنوان " إيقاع المدى " عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في عمان وبيروت ، لتكشف عن خفايا من شخصية هذا المثقف والباحث الأردني الغنية بأصوله الفلسطينية ، وعمقه العربي ، وانفتاحه على العالم ، إذ تتيح المجال للقارئ للتعرف عن قرب على ما شكل هذه الشخصية وصقل معارفها وبوأها مناصب أكاديمية وثقافية رفيعة ، وحبا واحتراما في قلوب تلاميذه ومن عرفه عن قرب ،وقد أعجبت السمرة مقولة ماركيز ليصدر بها كتابه " الحياة ليست ما يعيشه أحدنا ،وإنما هي ما يتذكره ، وكيف يتذكره ليرويه " ،ولهذا تبدو صفحات كتابه منسجمة مع هذه العبارات ، فهو يقوم على استعادة ذكرياته منذ طفولته في قرية " الطنطورة " في فلسطين ، مرورا بدراسته في حيفا ثم القاهرة ولندن وحتى عمله في الكويت والأردن ، ولكنه لا ينتقل في كل مرة في سرده بشكل خطي ،ولا يتقيد في شكل فني محدد ،ولا في كتابة كل موضوع بانفصال ،إذ سرعان ما يقوده تذكره إلى الانتقال زمنيا أو مكانيا بشكل سلس حسب ما تقتضيه طبيعة الموضوع أو اجتهاده الخاص ،والكتاب بمجمله يشكل وثيقة اجتماعية وثقافية وتاريخية ليس عن السمرة فحسب بل عن الأماكن التي زارها أو عمل فيها مثل وزارة الثقافة الأردنية ومجلة العربي الكويتية .. ،ومن الواضح أن الرجل يملك الكثير ليقوله أو يتذكره ،ولكنه كان انتقائيا في بعض الأحيان ليضيء جانب دون غيره ،وليقول أشياء ويغيب أشياء أخرى ، فثمانين عاما لرجل في مثل تجربته لا بد تمتلأ بالكثير من الأحداث الهادئة أو العاصفة ،والمواقف الصعبة والسهلة ، وإن كان أشار إلى كثير منها في كتابه .
أول ما انطبع في ذهني وأنا أكمل قراءة هذه المذكرات تلك العاطفة التي ما زالت متوهجة في قلب الرجل لزوجته رغم مرور أكثر من خمسين عاما على هذا الزواج ،وهو يورد رسائله إليها ،وشوقه العارم ،أيام كان يدرس في لندن وهي تعمل في الكويت أو تعيش في رام الله ،وكأنه ما يزال يحمل الوهج نفسه الذي كتب فيه ، ولعل في ذلك درس حقيقي عن مدى ما يمكن أن يصنعه الحب والوفاء في زمن صارت فيه هذه الكلمات تظهر غير ما هي عليه ،وصارت نادرة يعض عليها البعض بالنواجذ ،أما في خلاصة تجاربه الحياتية من الحكم والوصايا فتلك أيضا كلمات مكثفة اختزلت كل ما يريد قوله بعيدا عن الوعظ والارشاد ، إذ جاءت عفوية ومن قلب صادق .
يقول السمرة ملخصا هذه التجربة الطويلة " علمتني الحياة سر السعادة التي قد يبحث الإنسان عنها طيلة حياته فلا يجدها ،وقد يصيبه الوهم مرة بأن أهم أسبابها الثراء ومرة بأنه المنصب الرسمي أو المركز الاجتماعي ،فلا يجدها في أي منها ،ولكني بعد هذه الرحلة الطويلة الحافلة على يقين بأن القلوب السعيدة هي القلوب العامرة بالمحبة " ص200.
أول الدروس في " الطنطورة "
يبدأ السمرة سيرته من ولادته في "الطنطورة" نحو منتصف العشرينات من القرن الماضي ،والطنطورة احتلها الإسرائيليون وطمسوها بعد مذبحة لأبنائها ،ويتذكر السمرة شاطئها الساحر على البحر الأبيض المتوسط وسمكها الشهير ، وفيها درس الابتدائية ،وتعلم السباحة ،وكيف انه كاد أن يغرق مرتين ، وهذا ما سبب له " فوبيا " من الأماكن المغلقة فيما بعد ،ويروي تفاصيل الأعراس والنقوط والشباب الذين كانوا ينتظرون الإعلان عن بكارة العروس بشاشة ملطخة بالدم " ولما كبرت أخذت أعجب أشد العجب من هذه الممارسة ،ولا شك أن هذا الذي كان يجري يدل على سذاجة متناهية " ص 22 ، ويروي أيضا تفاصيل مدرسة القرية التي كانت تضم أربعة صفوف ،ومعلمه " فرج " خريج دار المعلمين في القدس ،وأنه كان لا بد أن يذهب إلى حيفا لإكمال دراسته بعد الصف الرابع ،وقد وافق والده داود الذي يعمل في صيد السمك إلى أن يدرس في حيفا بصعوبة نتيجة الوضع المالي للأسرة " وأخيرا وافق والدي على أن أذهب للدراسة في حيفا شريطة أن يكون ترتيبي الأول في كل فصل ، وفي كل سنة ،وهذا يعني أنني إن كنت الثاني فإنني لا أصلح لأن أتعلم لأنني فاشل ، هكذا كان يرى الأمور رحمه الله ،وقد بقي سيف ديموقليطس هذا مشرعا ومسلطا على رقبتي طوال سني دراستي ،ولكني لم أعطه الفرصة لتدميري ،وإن كان دوما يمثل لي تهديدا مرعبا طاردني طوال سني دراستي حتى الدكتوراه ،ولم يستطع أن ينال مني ،وبهذا أثبت لوالدي أنني أصلح للدراسة ،أصبحت عندي عقدة نفسية ،لكنها عقدة مفيدة .." ص 24 .
في الفصل الذي يليه يخصص السمرة الحديث لسنوات دراسته في حيفا ثم انتقاله في بعثة إلى الكلية العربية في القدس ، ويشير في سياق ذلك إلى الأحداث التاريخية الحافلة في فلسطين وأثرها على الحياة اليومية ، ولاسيما ثورة الشهيد عز الدين القسام 1935 ،والإضراب الذي عم فلسطين عام 1936 ,وهو هنا يسوق العام في ظل الخاص ، ومن الواضح للقارئ أن السنوات الست التي قضاها السمرة طالبا في حيفا كانت صعبة عليه لا للمواد التي يدرسها من أجل أن ينال المرتبة الأولى فحسب بل للظروف الحياتية بعيدا عن أهله ، أما الكلية العربية التي التحق فيها عام 1941فهو يقول عنها إنها معهد فريد من نوعه وفي مستوى التدريس فيه " وأنا مطمئن إلى أن ما حصلته من المعارف فيها كان الأساس المكين لكل معرفة تالية ،وهذا يصدق علينا جميعا طلبة الكلية .." ص 34.
وكان الأساتذة من خريجي الجامعات البريطانية وبينهم انجليز , وكان التدريس على غرار المدارس الإنجليزية العريقة كما يروي ،وقد درس فيها اللغات اللاتينية والإنجليزية واليونانية إضافة بالطبع للمواد الأخرى من فلسفة وأدب وتاريخ وغيرها ,وهو يصف القدس وصف عاشق لها ،كما يروي كيف تعرف على الشاعر عرار هناك " .. وكان من زملائي من شرق الأردن ناصر الدين الأسد وذوقان الهنداوي ونوري شفيق ،ومن ناصر ولأول مرة أتعرف على مصطفى وهبي التل ( عرار ) شاعر الأردن ،وأسمع منه شعرا أعجبني ,ويوما قال لي ناصر " إن عرارا هنا في القدس فلنذهب لزيارته في الفندق " وذهبنا وكان لقاء قصيرا ..وقد ابتدأ من هنا اهتمامي بعرار فحققت ديوانه وكتبت عنه ،ووجهت أحد طلبتي إلى تحقيق ديوانه وكتابة رسالته للماجستير .." ص 40 ،وفي رحلته إلى قريته عبر حيفا بالباص شاهد لأول مرة الفتاة التي هفا لها قلبه ،وأصبحت فيما بعد زوجته وهي " سهام اليحيى " ابنة قريته ووالدها كان محاميا مشهورا ،وكانت هي خريجة دار المعلمات في رام الله ،وتحتل علاقته بهذه المرأة جزءا كبيرا من كتابه ،إذ إنها كما يظهر لنا قد شكلت السند العاطفي القوي للرجل منذ بداية انطلاقته ودراسته لا سيما في لندن إلى اليوم ، وعلى عكس ما بدت علاقة زميل آخر له هو الناقد المرحوم د.إحسان عباس مثلا مع زوجته في سيرته " غربة الراعي " والتهميش الذي طالها فإن السمرة هنا يعلي من شأن المرأة زوجة وحبيبة ورفيقة درب شاركته في السرّاء والضراء ،وليس المقام هنا بالطبع مقارنة السيرتين وسبب الاختلاف في الطرحين لكن هذه المسألة استوقفتني في سياق عرض التجربة .
سنوات حافلة في القاهرة والكويت ولندن
مرحلة القاهرة جاءت عبر إيفاد السمرة للدراسة في جامعتها عام 1947 , وكان قد سبقه إليها صديقاه محمود الغول وإحسان عباس ،وقد التحق بقسم اللغة العربية فيها ،وسرعان ما حدثت نكبة العام 1948 واحتلت الطنطورة وجرت فيها مذبحة مريعة قتل فيها الكثير من معارفه وأقربائه,وأصبحت عائلته لاجئة في طولكرم ،وعانى مثل الكثير من الطلبة الفلسطينيين حينها من آثار النكبة في الغربة ،ويتذكر بعض أساتذته في الجامعة مثل شوقي ضيف ،وأمين الخولي وأحمد أمين ،ويروي السمرة رفقته لإحسان عباس وكيف كان الرجل كريما يؤثر الطلبة المحتاجين على نفسه رغم فقره ووجود عائلته معه ، وفي الفصل الرابع من السيرة يخصص السمرة الحديث عن " مخاض الخمسينات " حيث تجربته في العمل في الكويت ،ومن ثم الدراسة في لندن ، ويقول في ذكرياته عن تلك الفترة أي في العام 1950 واصفا الكويت
" ...البيوت متواضعة ،والشارع الوحيد المسفلت فيها كان شارع الشيخ فهد الممتد من بوابة الجهرة حتى الصفاة،وهي وسط البلد ....ص 63, وكان الماء ينقل بالسفن من البصرة إلى الكويت ويدور الباعة به على الدور يبيعون ونادون : شط ..شط أي ماء من شط العرب ...ولكن لم يلبث أن تغير كل شيء بعد سنوات قصيرة " ص 64 .
وينتقل الرجل في وصفه للكويت التي قضى فيها الأعوام من (1950-1956 ثم 1958-1964) إلى تطورها فيما بعد وإلى غزو صدام لها وتشريده لأهلها ، وإلى الفلسطينيين الذين كانوا يعيشون فيها لمدة أربعين عاما قبل أن يفرقهم الغزو وتبعاته ، أما القادمين الجدد منهم إلى عمان فيقول السمرة عنهم " والشيء المؤلم أن هؤلاء القادمين الجدد نمت في نفوس بعضهم كراهية للفلسطينيين الأردنيين المقيمبن أصلا في الأردن ، فتصوروا أن هؤلاء الفلسطينيين فرحون لما حل بهم وما أبعد هذا عن الواقع ...،كما أن بعض سكان عمان من الفلسطينيين أصلا أصيبوا بنفس الداء من الغيرة والحسد أوالقلق من أن يشاركهم فلسطينيو الكويت في قوتهم ورزقهم، وكم من المؤلم أن تكون نتائج حرب الخليج الأولى سببا للتنافر بين الأخوة بدل التلاحم والاتفاق في وجه العدو المشترك الذي يهددهم جميعا .." ص 67 .
عمل السمرة معلما في الكويت أول الأمر ، وعاد إلى الضفة وتزوج ممن أحب عام 1952واصطحبها معه إلى الكويت حيث عملت في التدريس أيضا ، وجاءته فرصة إكمال دراسته في لندن عبر بعثة من المركز الثقافي البريطاني ،وسافر مع زوجته عام 1956 تاركا طفليه رائد ومي عند أهله في طولكرم ، وقد سافرإلى لندن بحرا من بيروت إلى إيطاليا مرورا بالاسكندرية ثم عبرالقطار إلى باريس مرورا بالنمسا
وسويسرا حتى وصلا لندن ،و هو يروي ذكرياته بالتفصيل عن هذه الرحلة وجماليات المدن التي مر بها ، وفي لندن ( التي كانت رؤية أحد العرب فيها تعد حدثا ص 79 ) سجل في جامعة soas الشهيرة في موضوع " أثر الحضارة الغربية والدراسات التبشيرية في الفكر الاسلامي في بلاد الشام من 1860-1920 " وهو موضوع صعب ومهم كما يقول ،وقد اضطرت زوجته للعودة إلى فلسطين بسبب نشوب حرب السويس وخشية أن تفقد طفليها ، ومن هنا ابتدأت نار العاطفة المشبوبة تؤثر في السمرة ويورد الكثير من الرسائل التي كان قد أرسلها إليها ،ولكننا لا نرى كقراء رسائلها إليه أي أننا نقرأ الأمر من جهة واحدة ، والرسائل في الحقيقة ليست مخصصة لبث الأشواق فحسب بل في التعريف ببعض أحواله في لندن وتطور دراسته ، وهي إذن تفيد هنا في كسر صوت السارد لتحل محله الرسائل ، وفي ذلك نوع من التغيير المحبب والمشوق لمتابعة القراءة .
يقول في رسالة بعثها يوم 28 آذار 1957 " الحبيبة العزيزة سهام : قبلات مغلفة بنار الحب المشتعل الذي يجري في الدم ويملأ القلب ، ويسيطر على الفكر ،هذه كلها أطبعها عجلة حانية مداعبة على عينيك ووجنتيك ، وكل قسمات وجهك الحبيب لتمسح آثارالدمع الذي سببته لك رسالتاي ....لقد كنت أشعر أيتها الحبيبة خلال هذه المدة المشؤومة المنصرمة أن الحياة الجميلة العزيزة التي كنت أحيا بها ولها قد انسابت من بين أصابعي انسياب الماء فلا أكاد أصدق وأضغط على هذا الرأس المرهق لأفكر فلا أجد إلا رأسا تعبا كأن فيه خلايا من النحل قد تركت فيه لسعاتها لا عسلها .." ص 100
وينتبه السمرة من جهة أخرى إلى غنى تجربته اللندنية في تزويده بالمعارف والثقافة فهنالك دور السينما والمسارح والمكتبات والمتاحف والحدائق ,وهناك الدراسة الأكاديمية الرزينة التي نذرنفسه للتفوق فيها ، كما استطاع أن يكسب رضا مشرفه سارجانت المعروف بصرامته ، وفاز أيضا بجائزة جامعية رفيعة هي " روفن " ، ولكن أطروحته القيمة ما تزال لم تنشر إلى اليوم كما يقول .
جاءت فرصة جديدة في الكويت للسمرة في نهاية الخمسينات لتأسيس مجلة( العربي) وللعمل نائبا لرئيس التحرير د. أحمد زكي وقد استمرت هذه التجربة القيمة حتى العام 1964 حينما رغب بالعمل أستاذا في الجامعة الأردنية حديثة التكوين حينئذ ،رغم أن سنوات العربي كانت حافلة بالكتابة في زاوية " كتاب الشهر " وفي التعرف على الثقافة العربية ونشرها , ومما يذكره في هذا السياق أن رؤساء الدول الذين كانوا يزورون الكويت يحرصون على زيارة المجلة واخذ مجلدات من أعدادها كهدايا قيمة ، ومن الواضح أن الرجل يكن لتلك السنوات الكثير من الذكريات الطيبة ،إذ كان على وشكأن يمنح الجنسية الكويتية تكريما لجهوده ، لكنه آثر العودة للأردن ، ومما يورده في سياق النشر وعلاقته بالأدباء حكايته مع السياب الذي أرسل له مرة قصيدة مرفقة برسالة منه يذكر أنه يريد نشرها ويطلب إرسال مكافأتها له ليشتري بها دواء
" ...وقرأتها ولم أفهمها ، فعرضتها على الدكتور أحمد زكي وبعد أن قرأها سألني : هل فهمتها ؟ قلت : لا ، قال : إذن لمن سننشرها ؟ ولم تنشر وأرسلنا له المكافأة وكانت المفاجأة أن الكتاب المسجل المرسل إليه وبداخله الشيك ردّ إلينا دون أن يفتح ،وقد كتب عليه : " المذكور قد توفي " ص 122 .
الأردن بين الوزارة والجامعة
الفصل السابع والذي يليه ،أي النصف الثاني من السيرة خصصه السمرة لعمله في الأردن الذي ما يزال متواصلا منذ أربعين عاما ،ويصف الجامعة الأردنية الوليدة وشوارع عمان في العام 1964 ، وكيف كان سكنه مقابل الأرض المقام عليها اليوم المركز الثقافي الملكي كان يبدو بعيدا عن عمان ..! ويصف أيضا الأسعار الزهيدة للبضائع والسيارات والعقارات حينئذ ، ويرى أيضا أن الجامعة الأردنية قد انتقلت بشكل نوعي مع قدوم د. عبدالسلام المجالي رئيسا لها ، ويروي كيف كان الملك المرحوم الحسين يزورها دوما ويعتبرها المركز الأهم بعد القوات المسلحة ،و كيف تراجع التعليم اليوم وأصبحت هذه الجامعة تضم أربعين ألفا من الطلبة بعد أن خطط لها أن لا يزيد العدد عن 12 ألفا في أي حالة من الأحوال لضمان نوعية الطلبة بعيدا عن الجانب التجاري الطاغي اليوم ، وقد تولى السمرة منصب نائب رئيس الجامعة من 1973- 1989 ثم رئيسا لها , ولا يتحدث كثيرا عن هذه السنوات ، بل يمر إلى الشخصيات العالمية التي كانت تزور الجامعة ،وأعتقد أن فترة عمله في الجامعة قد ظلمت في هذه السيرة من ناحية ما فيها من غنى وأحداث وأبعاد أكاديمية وحياتية ،وربما يأتي أوان الكشف عنها في جزء ثان من سيرته كما نأمل حتى يتعرف الجيل الجديد على هذه التجربة ويستفيدوا منها العبر والدروس ، ولا أدري ما الذي منع الرجل من التركيز أو التفصيل ولو قليلا على حياته الأكاديمية في الأردنية و جامعة البتراء الخاصة فيما بعد ،وذهابه إلى تطوافه السياحي أو السياسي أو الخاص في بعض دول العالم مشرقا ومغربا وشذرات من ذكرياته هناك وما رأى من الطرائف أو الغرائب ، ومن هذه الدول العراق وزيارته للطائفة اليزيدية قرب الموصل،واليمن وقصر بلقيس ،وبلد المليون شهيد ومقابلته لهواري بومدين ، وتونس والمغرب ،وباريس وألمانيا الشرقية والغربية ، قبل تحطيم الجدار ، والنمسا ومدريد وأميركا ، كما يخصص فصلا من سيرته لرحلات دول الشرق الأقصى وما رآه فيها ، وهذه الرحلات تبدو متفرقة عبر مسيرته الممتدة ،وفيها من التوثيق الكثير والمفيد للقارىء عن النواحي الاجتماعية والثقافية والسياسية ، أما الفصل العاشرفكان مخصصا لتجربته في وزارة الثقافة إذ عين في حكومة الشريف زيد بن شاكر وزيرا للثقافة في نهاية العام 1991 ,ويخلص في هذه التجربة إلى القول " وتبقى وزارة الثقافة عند المسؤولين نافلة يمكن الاستغناء عنها دون أن يخسر الوطن شيئا وما أبعد هذا عن الدور الحضاري للثقافة الذي به يقاس تقدم الأمم " ص 190
حصاد الرحلة والحكمة المقطّرة
في الجزء الأخير من الكتاب هناك خلاصة شديدة الإيجاز والتكثيف لما وصل إليه الرجل في خبراته الحياتية ,وهو يصف أيضا مشروعه الكتابي بقوله " إن اهتماماتي في الكتابة تتوزع بين النقد الأدبي وعلاقة أمتنا بالغرب والقضية الفلسطينية والرواية ،ومما كتبته " النقد الأدبي والإبداع في الشعر " و " القاضي الجرجاني : الأديب والناقد " ومما ترجمته في النقد الأدبي " القصة السيكولوجية " لمؤلفه ليون إيدل ،وكتاب روائع التراجيديا في أدب الغرب " ، و" هنري جيمس " و أرنست همنغواي " ،وشغلتني القضية الفلسطينية فنشرت فيها المقالات الكثيرة في مجلة العربي ولي فيها كتاب " فلسطين :الفكر والكلمة " وكتاب " فلسطين :أرضا وشعبا وقضية " ،وأنا أؤمن أن المثقف لا يجوز أن يقف صامتا من القضايا المصيرية التي تهدد الوطن والأمة " ص 198 ،وهناك أشياء كثيرة تؤلم الرجل اليوم مثل الفهم البدائي للتراث والمعاصرة ،والهوة التكنولوجية والحضارية بين العرب والعالم ،والتطرف الضار والتزمت اتلمغلق ،وعدم وجود الستراتيجية في العمل العربي المشترك وغيرها ، أما ما انتهى إليه من الأفكار فمنها :
" علمتني الحياة أنها تفتح ذراعيها للأنسان النشيط الجاد ،وأن من جد وجد ولو بعد حين،وأن الإنسان حامل القيم محبوب ويقدره حتى من خلوا من القيم لأنه يجسد لهمما يحرتمون ..., وأن من يظهرون لك الحب ليسوا بالضرورة أقربهم إليك ،وأن من يخالفونك الرأي ليس بالضرورة أبعدهم عنك ،...وأن خير فضيلة هي التواضع، تواتضع العارف وامتلاء القلب بالمحبة فلا يترك المرء للحسد والضغينة والحقد مكانا في نفسه لأن هذه تمرض النفس وتشقي الإنسان .." ص 200
بقي الجزء الأخير من الكتاب الذي ضم مقتطفات من مجموعة من الشهادات التي قيلت في حق الرجل في تكريم مؤسسة شومان له 2001 ،ورابطة الكتاب الأردنيين 2003 , ومن الذين كتبوا شيئا في السمرة إنسانا وأكاديميا وباحثا وناقدا : إحسان عباس ، خالد الكركي ، فوز السهيل ، صلاح جرار، زياد الزعبي ، فهمي جدعان ،إبراهيم السعافين ، سمير قطامي ، فريال العلي ،إضافة إلى قصيدة لحيدر محمود وبعض هؤلاء من أصدقائه أو من طلبته .كما ضم الكتاب كشفا بما صدر للرجل من كتب ، وهي تزيد عن الخمسة وعشرين كتابا ما بين التأليف والتحقيق والترجمة .
هنا أختتم ببعض ما قاله د. إحسان عباس في زميله وصديقه د.السمرة :
" ... عرفته إنسانا دقيقا ،محافظا على مواعيده ، منظما في كل شيء ،ويقدر النظام في الآخرين ،كما عرفته ميالا للأناقة ،وشيء من الترف ، وهما صفتان تستدعيهما المناصب التي احتلها بجدارة ، ومرات يخيل إلي أن أبا الرائد نشأ على مبادىء غاندي،وأرجو أن لا يفهم من ذلك أنه يلجأ إلى العنف السلبي ، نعم هو بعيد عن الحدة والمشاغبة ، ولكن بحر الطنطورة الهادىء نفسه قد يثور أحيانا ويغضب . إنه امرؤ يركب سفينة العقلانية في أكثر حالاته .." .ذ |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: مشاهير فلسطين في العالم الأربعاء 06 أبريل 2016, 10:23 pm | |
| المناضلة فاطمة خاصكية (أبو دية) زوجة المناضل محمد أبو دية
تاريخ النشر: 02/07/2007 - 10:11 ص
أجرى المقابلة عبد العزيز أمين وعبد الهادي حسن في 2/8/1987
واحدة من النساء المناضلات كانت تشجع وتدفع زوجها وتشاركه النضال والكفاح في ثورة 1936ـ 1939 وحرب 1948، عرفت باستخدامها الجيد لأنواع عديدة من الأسلحة،وفي واحدة من أعراس كفرثلث عام 1956 أطلقت الرصاص بدلا من الزغاريد .
كتبها أ.عبدالعزيز أمين عرار
قمت برفقة صديقي عبد الهادي حسن من جلجولية بزيارة بيتها في قرية عسلة،التي التقينا بها قبل وفاتها بعام . قدمي لنا معلومات عن بطاقتك الشخصية ؟ * اسمي فاطمة خاصكية ولدت في قرية طيرة بني صعب ،في المثلث الجنوبي ،ولدت عام 1902م على وجه التقريب تزوجت من المرحوم المناضل محمد أبو دية من قرية كفر ثلث ،والذي هاجر للطيرة مع أهله أوائل القرن العشرين ، وقد توفي عام 1955 في حادث طرق .
* حدثينا عن أولى القصص النضالية في حياتك الثورية . * كانت أولى الأحداث التي واجهتها في حياتي، أنى رأيت جنديا تركيا يحمل كمية كبيرة من القمح ، ومنذ رأيته عرفت أنه من قمحنا ومن حقولنا في الطيرة فضربته بسبب سرقته لنا، وأخذته مكبلا إلى ضابطه فأوسعه هو الآخر ضربا.
* هل تذكري شيئا عن الحرب العالمية الأولى ؟
*كما قلت إنني أذكر تحركات الجند الأتراك حول الطيرة ثم حديث الناس يومها عن العمليات التي أشرف عليها أمير العرب فيصل الأول،والذي تعاون وآل العظم واتفقوا بينهم على كسر شوكة الأتراك ونجحوا يومها في قطع الطريق على الترك وحسم نصر الحلفاء في هذه الحرب .
*يذكر البعض انك ساهمت في ثورة 1936م وحرب 1948 فهل كان الفضل في ذلك لزوجك ؟
* المسألة ليست مسألة تفضل أو عدمه وإنما هناك إحساس وطني مشترك عند كلانا. لكنني كنت السباق لدفع زوجي للانضمام "لفصيل عارف عبد الرازق " احد القادة العامون للثورة ،وكان ذلك بعد أن حلمت ذات مرة أنه جاء يعرض على زوجي ليعملا سويا ،وحدثت زوجي عن حلمي هذا فتقبل الفكرة وذهب بنفسه إلى هناك وأصبح واحدا من قادة الثورة .
*حدثينا عن دورك ودور زوجك في الثورة الفلسطينية 1936ـ 1939م *كان زوجي قائدا من قواد الفصائل يحضر السلاح والمال للثوار من سوريا، وأنا بدوري كنت مسئولة مخزن التموين.
وقد لعبنا هذا الدور حتى خرجنا من طيرة بني صعب إلى الضفة الغربية عام 1948م.
*ما أبرز الأعمال النضالية والكفاحية التي عملتيها لمصلحة الثورة العربية الفلسطينية؟ .
*سجن زوجي في عام 1936 فوضعت يدي على الذخيرة في أثناء غيابه وغياب مساعديه من قواد الثورة أمثال سعيد عطية (مجدل الصادق) وأحمد البيطار من يافا .
وسعيت بكل جهدي لكي يخرج من اعتقاله ولتحقيق هذه الغاية قمت بتعيين وتوكيل محامين من القدس ويافا ، كذلك حملت السلاح ونقلته من مكان لآخر ـ فعلى سبيل المثال لا الحصر ـ ، قام البريطانيون بفرض الإقامة ومنع التجول على أهالي الطيبة في المثلث ،وساعدت أحد الثوار من قرية الطيبة خشي أن يقبض عليه الإنجليز ومعه سلاحه ، ولهذا خبأت مسدسه في لباسي ،ومررت غير خائف بجانب الجنود البريطانيين.
وفي أحد الأيام نقلت سلاحا إلى ثوار "سكنوا سكنة درويش" في ضواحي مدينة يافا ، ومن هؤلاء كان الثائر مصطفى علي.
* هل لديك ان تذكري لنا أكثر اللحظات حرجاً في تقرير مصير حياتك؟ * كانت أكثر الظروف حرجا ،حينما اعتقل زوجي محمد ابو دية ،وقد عينت له محاميا وذهبت بنفسي على غير عادة النساء إلى المحامي اليهودي هنري كتن بالقدس ،وهناك هددته بمسدس كنت احتفظت به في عباءتي أنه إذا لم يساعدني مساعدة مخلصة ساقتله ، وبطبيعة الحال انصاع المحامي اليهودي إلى الأمر وأسهم معه عزيز شحادة دورا إيجابيا في خروجه من سجن المسكوبية بالقدس .
* يقال أن عديدين من الثوار امتازوا بالغش والخداع ونهب أموال الناس فما هو قولك في هذا الحديث !!.
*هذا حديث صحيح ولا هراء فيه لكنه لا يمكن أن ينطبق على جميع الثوار.
ثائر كفارس العزوني كان يشترط على كل قرية ينزل فيها أن يذبح الناس لثواره الدجاج البلدي بينما لم يكن هذا الحال عند زوجي.
ولقد اجتمع زوجي وفارس في قرية الزاوية بهذا الشأن ونصحه بالتخلي عن هذه السياسة واختلفا مع بعضهما البعض بعد أن أمر فارس مختار قرية الزاوية بذبح عشر دجاجات لفارس وثواره.
*ما هو موقفك حيال خلاف زوجك مع بعض القادة الآخرون؟ *اذكر ان فارس قدم الى قرية الطيرة وصار يتمادى بأوامره ليفرض علينا ضيافته .
*فقلت له إن إمثالك لا يستحقون الضيافة وهددته بأن يخرج من القرية حالا وإلا سأحضر كبار وشيوخ القرية ،وبالفعل حدث ذلك وبينا له ولهم الصلاحيات ومسؤولية كل قائد عن منطقته(مجموعة القرى التي تتبعه ).
*ذكرتي أنك كنت مسؤولة عن مخزن السلاح ، فهل تلقيت تدريبات عليه ؟
*تدربت على مختلف أنواع الأسلحة المعروفة لدى قادة الثورة والجيش العربي في حينه ومنها :ـ برن نمرة 2، توركين نمرة 2، بارودة فرنسية ،بارودة المانية ، بارودة ايطالية ،قنابل ،مدفع 3 عقدة استخدمناه في حرب 1948م.
*ذكرتي أنك قاتلت في الثورات المتعاقبة ،طيب كيف أمكنك التوفيق بين حياتك الأسرية والنضال ؟
*كلفت والدتي بالعناية بأولادي ،وانخرط بدوري في الثورة
*الم تحاولي جر النساء إلى صفوف الثورة والثوار؟ *ما من شك في ذلك فقد قمت بحمل الماء ومساعدة المناضلين وعلى رأسهن ابنتي .
* أي اللغات تتقنين وهل تعلمت القراءة والكتابة ؟ * لم اتعلم بالمدارس على الإطلاق ،إلا أنني أتكلم التركية والعبرية والعربية وشيئا من الإنجليزية.
*الم يتضايق أ من دورك كامرأة تناضل في صفوف الثوار ؟ . *مع أن المجتمع العربي يقف في كثير من الأحيان ضد اختلاط الجنسين ويتهيب من دور المرأة النضالي إلا أنني مارست هذا الدور بكل حرية تامة وقد دعمني وشجعني لتأدية رسالتي زوجي وأقربائه وأصهاره وعلى رأسهم المرحوم المناضل حسن عبد الله عضو اللجنة القومية في القرية .
*الم تواجهي النظرة الغريبة أو الاستهتار لجنسك ؟ *واجهت موقف بارد من أحدهم حيث أخذ مني بارودة ليقاتل بها في حرب 1948م. وبعد حين من الزمن رجع وبها خراب فعرضته للتعزير ، وقلت بان زوجي يحضر السلاح من سوريا وأنت تخربه وأمراته أن يصلحها ويرجعها حالا .
وبالفعل أرجعها وهي صالحة للاستعمال .
ومضت أيام قلائل كنت احرس بلياليها مخزن السلاح التابع لزوجي ولمناضليه ، فجاء شخص بمنتصف الليل وبصورة غريبة ، حيث اوحت لي انه يحاول قتلي او اقتحام المخزن ،ونهرت عليه لكنه لم يرد جوابا ،فاطلقت النار على قدميه وصرخ عاليا وتقاطر اهل القرية ،وحدثتهم عن الامر ،ونقله زوجي الى المستشفى الوطني بمدينة نابلس ،وقال لي الناس هذا فداء صرمايتك.
*صف لنا شيء عن نضالاتك وعلاقتها بنضال اهل القرية والجيش العراقي في الحرب العربية ـ الاسرائيلية عام 1948 م.
*عند بداية حرب 1948 جاء الى قرية الطيرة شخص يدعى العموري إدعى بقيادته للنضال وكان حرامي محترف فامرت العموري بالخروج من القرية وقمت بتوجيه عملية النضال جنبا لجنب مع زوجي محمد ابو دية ونجحنا في ابعاد العدو عن القرية ونكوصه الى الوراء .
وفي هذه الحرب كنت مسؤولا عن 100 شخص من ابناء القرية والقرى المجاورة ،وقد حذرتهم بأن لا تطلق رصاصة واحدة في غير موضعها الصحيح ، وحذرتهم من العقاب وهددتهم بدفع(10) قروش عن كل رصاصة لا تذهب في غير موضعها الصحيح .
وفي هذه الحرب شهدت خذلان الضابط العراقي مدلوك بيك وصديقه السوري فلكزته في صدره لتخاذله في الحرب فبكى وقال ماكو اوامر !!
لكن هذا لم يمنحنا من التعاون مع ضابط وجنوده آخرين رفضوا الانصياع للاوامر وقد تلقى المناضلون الفلسطينيون منهم كل تشجيع ونجح الجميع في احتلال رمات هاكوفيش .
*تحدثتي عن تعاون جرى ما بينكم وبين قواد وجنود من الجيش العراقي ،فما هي نظرتهم لك ولنضالك ؟!
*أنا كنت في وسط الخندق وبين فريق من الضباط والجنود وقد ارتديت الكوفية والعقال ،وقد استغرب الضابط العراقي مدى معرفته ومشاهدته لي.
وكان أن دعاني ب "أم المناضلين " ووهبني ضباط وقادة الجيش العراقي وسام الرافدين تقديرا منهم لدوري
*ماذا فعلت وزوجك بعد انتهاء القتال ؟؟ * كانت الطيرة القرية الأخيرة من القرى التي صمدت وقاتلت في حرب 1948. ووشى الواشون أنني وزوجي سبب هذا التحريض وغيره فكان أن توجه زوجي في البداية إلى الأردن وسلم نفسه لمركز شرطة قلقيلية ،وجاءني خبر يقول أن اليهود أباحوا للجنود إطلاق النار عليك فقررت ترك القرية واللحاق بزوجي.
وتوجهت بدوري إلى فلامية، ومن هناك أرسلت من يبلغ زوجي أنني قادمة والتقينا.
* يقال إن كيدهن عظيم، فهل يا ترى وقفت مواقف تسامح على غير ما يقال ؟!!. *حينما التقيت بزوجي في مدينة قلقيلية أمرني بالرجوع حالا إلى قرية الطيرة لإحضار الأولاد والبنات والمتبقيين هناك ،وكم كان الموقف حرجا وخطرا بالنسبة لي حتى إنني شعرت أن الدنيا "سدا أسود في وجهي وأنا ويلي على أولادي وويلي من السجن الذي اكرهه كرها شديدا "،لكنني ذهبت لأحضر الأولاد سرا ومررت بجندي يهودي مستلق ونائم كان بإمكاني قتله والنقمة من أعدائي لكنني تركته على نومه الهنيء بعد أن تذكرت أطفالي.
وتوجهت إلى قرية فلامية ،ومنها أرسلت من يبلغ زوجي أنني قادمة والتقينا.
*هل تعتقدين بحتمية انتصار العرب في قضيتهم ؟ *إذا لم ننتصر بالسلم فسننتصر في الحرب ،والتاريخ هو المعلم لنا جميعا .
*الم يوجد غيرك نساء برز دورهن في الثورات والحروب العربية المختلفة ؟! *كانت هناك "فاطمة ابو غزالة "وابنتها صفية ، التي استشهدت بينما كانت تحمل الماء للثوار العرب في عام 1936.
*كيف تنظرين لقضية فلسطين، وكيف يمكن وصفها !! *يمكن وصفها بالدبرة النغناغة (البثور التي لا ينتهي قييحها )، وهناك دفتر يدعى دفتر فلسطين يحاول الجميع استغلاله لصالحهم .
*كيف تنظرين لقضية فلسطين،وكيف يمكن وصفها !!
*ما هي نظرتك للنساء الفلسطينيات في البلاد ؟! *هناك نساء مناضلات فاعلات وخادمات لأسرهن ومجتمعهن من يقلن أن ست البنات وهن محومرات مبودرات ليس لهن الا المكياج والمساحيق
*ما حكمتك في الحياة ؟ * علينا أن لا نخشى الموت ،لأنه حق وأرى أن من يهاب الموت يموت ومن لا يهاب الموت لا يموت أبدا ،لأن الخلود والذكر الطيب هو للشجعان الأبطال |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: مشاهير فلسطين في العالم الأربعاء 06 أبريل 2016, 10:25 pm | |
| عبد الرحمن الجيزاوي... مصارع من فلسطين
عصام الخالدي عند الحديث عن الرياضة في فلسطين وخاصة في العشرينيات لا بد من ذكر مصارع شاب ذاع اسمه في كل أنحاء المعمورة وقد نشرت الصحف كثيرا من الحوادث عن بطولة المصارع اليافي عبد الرحمن الجيزاوي الذي اشتهر في فن المصارعة في جمهورية التشيلي التي رحل اليها في أيلول عام 1926 عندما كان عمره لا يتجاوز العشرين عاماً. وما أن وصل هناك حتى التقى بأحد مسؤولي الجالية العربية الذي أخذ على عاتقه تقديمه لرجال الرياضة و للصحف والمجلات. وقد احيت هذه الجالية هناك حفلة خاصة قام هذا الشاب بألعاب مدهشة مما لفت انظار الحضور ولا سيما مراسلى الصحف .[1]
ففي رسالة من جرجس الياس أبو صباح نشرت في جريدة "فلسطين" في 23 تشرين ثاني سنة 1926 تحت عنوان "مصارع يافي يشتهر في الشيلي". يقول فيها "وصل إلى هذه الديار مند شهرين الشاب العربي المدعوعبد الرحمن الجيزاوي من يافا (فلسطين) وهو لا يتجاوز العشرين من سنه ومهنته الصراع ورفع الاثقال ولي الحديد. رأيت أن لدى هذا الشاب من الاستعداد والقوة البدنية ما يدهش فأخذت على عاتقى تقديمه للصحف والمجلات ولرجال الرياضة البدنية في هذا الثغر ، ولهذه الغاية احيينا حفلة عرض فيها العابه على الجمهور وخاصة على الجالية العربية فكانت حفلة حافلة اكتظ بها المكان بأبناء الجالية العربية في الثغر ، وبأبناء البلاد وقام الشاب المذكور بألعابه المدهشة مما لفت نظر الجميع ولا سيما مراسلى الصحف. ومما اراه جديراً بالذكر من العابه المدهشة دور ليّ القضبان الحديدية وثخنها 30 ملمتراً فقد كان يطويها حول رأسه وذراعيه وحول عنقه كما تطوى الأسلاك الدقيقة والأغرب من ذلك أنه استلقى بظهرة على لوح خشبي سميك دقت فيه المسامير فبرزت رؤوسها المحددة فوضع الرجال على صدره (بيانو) ضرب عليه العازف بالنشيد الوطني لهذه البلاد مدة عشر دقائق فوقف الجمهور احتراماً حتى إذا ما انتهى العزف دوى المكان بالتصفيق الحاد. وقد طلب رجالا عديدين للصراع فنزل إليه مصارع إيطالي يزن 95 كيلو أي بما يزيد عنه بنحو 30 كيلو فنازله في 3 تشرين الأول على احد مراسح الثغر بحضور جمهور كبير يعد بالألوف بينه جميع ابناء الجالية العربية، وبعد عراك عنيف تغلب العربي على الإيطالي ورمى به إلى الأرض مرتين فأعلن الحكم فوزه . فهرع ابناء الجالية إلى المرسح ورفعوه على الاكتاف وهم يهتفون : فلتحيى فلسطين ! فليحيى العرب! فليحيى عبد الرحم الجيزاوي! وقد نشرت عنه الصحف هنا عدة مقالات صدرتها برسمه مثنية على قوته المدهشة خصوصاً وأنه لا يزال فتى حديث السن. وسينازل في هذه الأيام عدة مصارعين وقد كتبت لي الجمعيات العربية في العاصمة تدعوه للحضور لعرض نفسه والعابه على الجمهور".
وفي خبر اخر في "فلسطين" في 21 تشرين 1927 يقول فيه جاءنا من سنتياغو الرسالة الآتية:
"حضرة الفاضل صاحب جريدة فلسطين الغراء.
قرأت منذ مدة على صفحات جريدتك الغراء شيئاً عن انتصار البطل العربي اليافي عبد الرحمن الجيزاوي في مصارعته للإيطالي دوغينيتي في في مدينة فلباريزو وكيرمو كوتيس في مدينة كيوطا من اعمال هذه الجمهوريدة فاسمحوا لي أن اكتب لكم شيئا عنه في مصارعته الاخيرة.
بتاريخ 16 أيار الماضي نازل مصارعاً روسياً يهودياً يدعى جوزه طلما وهو شاب في عنفوان شبابه ولم يتجاوز السادسة والعشرين من سنه عالي القامة واسع الصدر عريض المنكبين مفتول الذراعين يزن 98 كيلوغراماً فكنا نرى عبد الرحمن امامه كالطفل حتى أن كثيرين من الحاضرين هزءوا بالبطل العربي وعدوا منازلته سخافة. وابتدأت الدورة الأولى فوثب عبد الرحمن على اليهودي وقبض عليه قبضة شديدة تملكه بها فرفعه بين يديه كالطابة وحاول أن يطرحه إلى الأرض ، ولكن الروسي دافع عن نفسه وتملص من بين يديه وقبض عليه من عنقه وضغط عليه ضغطا شديدا اضطره إلى الانبطاح على الأرض ومن ثم اخذ اليهودي يبذك كل جهده ليرفعه عن الارض ولكن قرع الجرس المنبىء بانتهاء الدورة حال دون ما يريد فلم يتمكن من زحزحته شعرة واحدة.
وبعد دقيقة وهي مدة الاستراحة القانونية ابتدأت الدورة الثانية فكان عبد الرحمن فيها يلعب باليهودي لعباً حتى قطع هذا الأمل من الانتصار وتأكد الفشل. وفي الدورة الثالثة نهض عبد الرحمن وقبض على خصمه القبضة المعروفة بمفتاح نلسن ..... وبعد ثوان القاه إلى الأرض فكان انتصاره......... وفي 16 تموز نازل مصارع آخر يدعى البرتوربي ، وهو اعظم مصارع في هذه الجمهورية وربما أيضا في أميركا الجنوبية كلها، وهو رجل معتدل القامة متناسب الاعضاء يدل ظاهره على القوة المكتسبة بالرياضة وبطل قدير مطلع على شؤون واسرار المصارعة لا يقل وزنه عن المائة كيلو ، وقد خشينا أن يفشل معه عبد الرحمن لأن القوة التي اشتهر بها ذلك المصارع كانت مدهشة ومخيفة.
ولكن الله وهب عبد الرحمن لذة النصر رغم صغر جسمه ووزنه الذي لا يزيد عن 71 كيلو. وقد انذهل المتفرجون في اثناء الصراع وتحيروا من قوة عبد الرحمن وسرعته ولياقته التي اذاقت خصمه العذاب والتعب. وفي الدورة السابعة أي بعد مرور 35 دقيقة في نضال عنيف وصراع هائل تمكن عبد الرحمن من الفوز عليه وقلبه على ظهره بواسطة تلك الحركة الشهيرة بمفتاح نلسن.
هذا اهم صراع اتاه عبد الرحمن في هذه البلاد لأن المصارع التشيلاني المذكور خبير بالفن وذو قوة مدهشة وقد رأيناه يلعب بعبد الرحمن بحيث رفعه مرة بين يديه إلى أعلى رأسه ودار به مراراً عديدة قاصداً أن يتملكه الدوار ولكن ذهب كل ذلك عبثا وقد قابله عبد الرحمن في الدورة التالية بحركة مثلها فرفعه بين يديه كما يرفع اللعبة رغم قوته وثقل وزنه وكنا نسمع الحضور على اختلاف اجناسهم يصرخون : "فليحيى البطل اصغير! فليحيى العربي عبد الرحمن!" وفي الحقيقة انني لا استطيع أن اصف لكم تماما فرح أبناء الجالية وسرورهم بفوز عبد الرحمن وانتصاراته المتوالية......
ويسرني أن افيدكم أن جمعية الشبيبة الفلسطينية المؤلفة من شباب راق والتي تنظر إلى مواطنها بعين الاهتمام والمساعدة وتفتخر ببطولته وشجاعته اعظم افتخار لم تستطع أن تظل صامتة حيال هذه الانتصارات وللاعتراف ببسالته اهدته مدالية من ذهب جميلة الحفر والزخرف كتب عليها "جمعية الشبيبة الفلسطينية الى المنتصر دائما البطل العربي عبد الرحمن الجيزاوي سنة 1927". وهذه هي الجمعية الوحيدة في هذه الجمهورية التي ساعدت البطل عند قدومه إلى هذه البلاد واقامت له حفلة في اجمل مسارح العاصمة وعرفته إلى الشعب ووهبت له جميع دخلها، واذكركم أنكم نشرتم شيئاً عن هذه الحفلة".
كانت اخبار هذا المصارع الشاب تنشر بشكل دائم في صحيفة "لوس تمبوس" أي "الاوقات" اليومية في سانتياغو عاصمة الشيلي وهي لسان حال الحكومة الرسمي وتطبع اكثر من 120 الف نسخة في اليوم. في آب عام 1928 قابل الجيزاوي وزير خارجية الشيلي حيث هنأه الأخير على شجاعته وسأله إذا كان جميع ابناء امته العربية في مثل بطولته فأجاب البطل اليافي: "إنني بالرغم مما اتمتع به من القوة اتجاسر واقول لفخامتكم بكل حرية انني اضعف شخص بين ابناء امتي!".[2]
[1] اعتمد الكاتب في هذا المقال على ثلاث رسائل من الجالية العربية في التشيلي نشرت في صحيفة "فلسطين" في الأعوام 1926و1927و 1928 [2] صحيفة "فلسطين" 9 تشرين الأول 1928 |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: مشاهير فلسطين في العالم الأربعاء 06 أبريل 2016, 10:25 pm | |
| رجا العيسى... صحافي فلسطيني. وبقايا من الذاكرة..
حين أصبحت فلسطين وسادة للغرباء!
أحمد مروات
مدينة يافا التي تذكرها رجا العيسي دوما بشاطئها ومقاهيها وبرتقالها والعبير الذي رسخ أريجاً في مخيلته الذي يشتمّه أبناء عصره ممن ولدوا في يافا فلسطين.
كان الشعار الذي أحبه رجا العيسى ونادى به في قطاع الصحافة قرابة ربع قرن في فلسطين قول مصطفى كامل. "ليست الحرية بعزيزة على قوم يعملون للحصول عليها. ويجتهدون في نيلها.. فالصخرة تدوب وتتفتت بسقوط المياه عليها قطرة.. قطرة." مؤتمر الصحافة الفلسطينية في حيفا 1932
مدينة يافا منشأ الصحافة الفلسطينية
ولد الصحفي رجا العيسى في مدينة يافا عام 1922 تميزت عائلته بالفكر والأدب والسياسة ونبغ منها شوامخ ونوابغ حملوا لواء الشعر والصحافة والأدب منهم والده عيسى العيسى مؤسس صحيفة فلسطين عام 1911. وحنا عبد الله العيسى صاحب مجلة الأصمعي التي صدرت في بيت المقدس عام 1908. ويوسف العيسى الذي أسس صحيفة ألف باء في دمشق عام 1920. أنهى رجا دراسته الثانوية برام الله ودخل الجامعة الأمريكية ليتخرج منها حاملا شهادة بكالوريوس في العلوم السياسية عام 1943.
اشتغل في جريدة فلسطين التي حملت هموم الشعب الفلسطيني طوال صدورها وخاصة قبل المشهد الأخير . والشتات و التي آلت إلى إدارته بعد وفاة والده وظل يعمل بها إلى أن حلت النكبة الفلسطينية عام 1948.
حملته هذه الكارثة للسفر لمصر حيث استقر عامين ومن ثم رجع لبيت المقدس وعاد لإصدار صحيفة فلسطين التي حملت على أكتافها تاريخا طويلا من النضال القومي في السنوات الطوال التي صدرت بالقدس (1967-1950 ) ثم استقر رجا العيسى في عمان وانتخب نقيبا للصحفيين.
مطابع صحيفة فلسطين وحين قرر المسئولون في الأردن دمج صحيفة فلسطين في جريدة الدستور وإصدارها في عمان. كتب رجا العيسى مقالة افتتاحية مؤثرة في عام 1967. بعنوان " بيني وبينها رفقة وحياة "أحلام طفولة. وعواطف فتوة. وعزم شباب. وسهر ليال، حيث يقول رجا العيسى :
"رأيت النور وهي عنواني للتحدي. ومنبر للتبصير ودعوة للإعداد. وشحذ للهمم ونداء لمقاومة الغزوة الصهيونية ومؤامرات الاستعمار".
ويورد العيسى مقالا آخر نشر في كتاب "يافا. عطر مدينة" عام 1988 من عمان. حيث ترجع به الذاكرة لفلسطين ويافا قبل النكبة وعن الصحف الفلسطينية وأهمها "فلسطين" الذي تربى بها حتى المشهد الأخير..
• في يافا كانت " فلسطين" صحيفتنا!
كل معدات جريدة فلسطين الطباعية وكل مخازن الورق وحتى كل أملاكها المادية فقدت! حتى مجموعات الصحف والأعداد القديمة والمسودات كلها فقدت مع دخول الاحتلال الصهيوني عام 1948. أنا كنت دائما ابحث عن أعداد فلسطين القديمة ابتداء من عام 1911 وحتى عام 1948.
مع أننا رحلنا عن يافا فقد تركنا مجموعتين من أعداد الجريدة كاملين في المكاتب ومجموعتين من الجريدة باللغة الانجليزية التي كنا نصدرها تحت اسم فلسطين
عدد من صحيفة فلسطين أنا أظن أن الأعداد موجودين بميكروفيلم في مؤسسة الدراسات الفلسطينية في لبنان , وأيضا في الجامعة الأردنية وأظن أن في الجامعة العبرية القسم المتبقي وهو الأكبر وبالنسخ الأصلية!.
• كاريكاتير لأول مرة في صحيفة فلسطينية!
كان في الجريدة صور قديمة أيضا والمصورين المشهورين لا اذكر أسمائهم! وكان عندنا الكاريكاتير ولأول مرة أدخلت في جريدة فلسطين وحتى إننا من أوائل الصحف العربية والعالمية حيث كانت الصور الكاريكاتورية تمثل الأحداث الزمكانية التي حلت بالبلاد مثل الإدارة الانتدابية وحروبها المستمرة مع ألمانيا وغيرها وصولا إلى الثورة العربية والمظاهرات وغيرها من مشاهد القومية العربية التي لم تكمل !!
الصور كانت تعمل على طريقة زنكوغراف , لان الصورة الأصلية تتطلب ساعتين إلى ثلاث ساعات حتى تصدر. عدد 24 حزيران/يونيو 1936 "فلسطين " كانت تصدر حتى شهر نيسان 1948. كل الصحف توقفت في يوم واحد، بعد أن اتفقوا أن يغلقوا بدأ اليهود في إطلاق راجمات الألغام على مدينة يافا بشكل مكثف جدا. وبقدرة قادر امتلأ البحر سفنا من أجل أن تركب بها الأهالي والبشر وهذا ما حصل فقد ترك أهالي يافا البيوت والمصالح وحتى موظفي الصحيفة والكتاب والمراسلين. كلهم راحوا.. كلهم راحوا.. ما ظل حدا! أنا قبل أسبوعين من الإغلاق سافرت لمصر وما قدرت ارجع. حتى رجعت أول مرة في نوفمبر من بيروت وبعدين على مصر ورجعت ليافا من البحر من الإسكندرية..
ذهبت مرة أخرى لمصر وما تمكنت من الرجوع ليافا.. لأن السفر كان متعذرا وصعبا.. ما كان سفر بالبواخر ولا سفر أرض أو الجو ولاشيء. حتى آخر طائرة خرجت من مطار اللد عام 1947.!!
يافا مركز الصحافة الفلسطينية:
كانت يافا مركز الصحافة.. بالإضافة إلى هذا كانت مركزا لمحطة إذاعة الشرق الأوسط العربية وهي تابعة للجيش البريطاني..
كانت يافا مركز صحافة وثقافة وعلم "زي ما كانت طول عمرها"..
عدد 28 حزيران/يونيو 1936 كان بدال ما نروح عالقدس يلي هي العاصمة كان مدير المطبوعات ينزل أسبوعيا على يافا من شان الصحافيين.
صحافة وقانون طوارئ
بالنسبة لظروف الحرب كان في قوانين طوارئ في فلسطين, وكانت تطبق على الصحافة أيضا. يعني إغلاق الصحف أو نشر أوامر تتعلق بالحرب. خصوصا سياسة بريطانيا في الحرب!!
طبعا ما كان الانجليز ليسمحوا بتضخيم الخلافات بين العرب واليهود حيث كانوا يعتقدون أن وقت الحرب لازم كل شيء يكون هادي حتى لا يؤثر على المجهود الحربي البريطاني!
كان الانجليز يعتبرون أننا في فلسطين في حالة حرب مع ألمانيا!!
الصحافة بذلك العهد تأثرت تأثرا كبيرا بالحرب. وبقيت هذه الصحافة تعمل حتى جاءت نهاية الحرب عام 1945. حصلت تغيرات كثيرة في سياسة الهجرة الصهيونية.
عدد 29 تموز/يوليو 1939
وجاءت لجان التحقيقات لفلسطين وما تبعها. انتهاء بقرار التقسيم عام 1948.
الصحافة العربية في تلك الفترة تولت المركز الريادي الحر في توجيه العرب الفلسطينيين ضد الأطماع الصهيونية التي كانت تهدد البلاد.
في يافا كانت تصدر ثلاث صحف يومية , والصحف اليومية كان أولها "فلسطين" وهي أقدم صحيفة يومية بدأت عام 1911 واستمرت حتى عام 1917 عندما حجبتها السلطات التركية ونفي صاحبها ومؤسسها والدي الأستاذ عيسى ألعيسي. حتى رجع من المنفى عام 1920 وسمح له بإصدار فلسطين مرة أخرى بنفس العام..
كان هناك في يافا صحف أخرى مثل جريدة "الدفاع" وصاحبها إبراهيم الشنطي. وكانت أيضا جريدة "الشعب" ورئيس تحريرها الأستاذ كنعان أبو خضرة ومعه شاب متحمس حيث قاموا سويا بتأسيس شركة لإصدار هذه الجريدة.
الصحف التي كانت تمول من أصحابها والإعلانات كانت خفيفة، مثل الوفيات، ووسائل تجارية بسيطة، حيث كانت تأتي بأعداد قليلة خاصة المواد الإعلانية الأجنبية من الخارج التي كانت تبيع بضاعتها بكافة المدن الفلسطينية.. كانت الدنيا مش زي هاي الأيام.. كانت رخيصة وتكاليف الطباعة قليلة وتكاليف النشر أيضا متواضعة ومعقولة.. كان عدد الموظفين في كل جريدة محدود جدا.. ففي إدارة التحرير مثلا كان حوالي عشرة مع المراسلين..
الصحف كانت تصدر أربع صفحات فقط وفي سبعة أيام في الأسبوع…
فلسطين بالانجليزية
في عام 1930 أصدرنا جريدة باللغة الانجليزية أسبوعية باسم فلسطين. وكان يرأس تحريرها رجل هندي اسمه أخضر محمد روشن وهو من خريجي جامعة أكسفورد ومن علماء اللغة العربية واللغة الانجليزية.
وقد تميزت هذه الجريدة أنها كانت تنشر رسومات الكاريكاتير. وهي الأولى والسباقة في كل الصحف العربية…
كانت الصحف بمعظمها تطبع بين 10 و15 ألف نسخة وكان أكثر المبيع في مدينة حيفا فقد كانت بسكانها من اكبر المدن الفلسطينية في ذلك الوقت. وأحوالها المادية أحسن من بقية البلاد وبعد ذلك تأتي يافا والقدس ونابلس في الدرجة الثالثة..
جريدة فلسطين بيني وبينها رفقة وحياة
أول شغله اشتغلتها في حياتي كانت الصحافة. حيث كنت اذهب من محل للأخر وأشوف وأتعلم كل شيء حتى أتمكن منة. تارة المطبعة وتارة التنظيفات. والإدارة. والتحرير وكل شيء!
استقر بي الحال بقسم التحرير في الإدارة عند الأستاذ يوسف حنا والأستاذ داوود العيسى والاستاذ أكرم ألخالدي..
أما الأخبار فقد كانت فقد كانت تطلب عن طريق وكالة " الأنباء الفرنسية " ووكالة " الأنباء الألمانية " منها الأخبار الخارجية وحتى الداخلية. وفي عام 1945 بدأت تأتي التلبتر (المذياع)، وكان فية نشرة لوكالة الأنباء العربية التي انضمت إلى رويتر فيما بعد. ومن القصص التي مازلت اذكرها ان صحيفة "فلسطين" قدمت عشرات المرات للمحكمة وأقفلت بأمر المحكمة عدد من المرات. حتى غيرنا من الصحف كانت تقفل وتعاقب وخاصة أثناء الحرب..
أخي العربي.. لا تطلق علينا الرصاص حوشوه[1] لليهود!!
من الأحداث التي لم أنسها في حياتي هي محاولة اغتيال رئيس التحرير يوسف حنا من قبل بعض عناصر الثوار. بسبب موقفة السياسي تجاههم. إلا أنه لم يصب بمكروه حينها راح الأستاذ يوسف حنا وكتب مقالة وهي من أجمل المقالات التي قرأتها وكانت بعنوان " أخي العربي " كيف تطلقوا الرصاص علينا بدل ما توجهوه إلى اليهود.. حوشوه لليهود في المستقبل!!
حتى أنني أتذكر أن الواقفون وراء هذا الاغتيال قدموا الاعتذار ليوسف حنا وقاموا بتقبيل رأسه لشدة اللهجة في المقالة وعاطفية اللهجة المفرطة..
[1] أي اجمعوه وأبقوه. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: مشاهير فلسطين في العالم الأربعاء 06 أبريل 2016, 10:29 pm | |
| يوسف ضياء باشا الخالدي أول من فاوض تيوثودر هرتزل!.. وأول من مثّل فلسطين في البرلمان العثماني..
1842- 1906 أحمد مروات* رئيس بلدية القدس ونائبها في مجلس المبعوثان الأول 1877. سياسي قدير وخطيب جريء ناصر الإصلاح والدستور وعارض السياسة الحميدية. كاتبا مثقفا منفتحا على الحضارة الأوروبية، تنبه إلى أخطار الحركة الصهيونية، وكتب في ذلك إلى زعمائها وعلى رأسهم هرتسل. وبالجملة فهو أحد أبرز الأعلام الفلسطينية الأفذاذ في تاريخ فلسطين في العهد العثماني.
هو يوسف ضياء الدين بن محمد علي قاضي مرعش وأرضروم ، وحفيد موسى الخالدي قاضي الأناضول من ناحية الأم. طلب العلم صغيرا في جوار الأقصى وأراد إتمامه في الأزهر ولكن والده رتب له عن طريق مطران الكنيسة الإنجيلية في القدس أن يدرس في الكلية البروتستانتية في مالطا، فبقي مدة سنتين حتى تدخل أخوه الأكبر ياسين ونقله إلى الأستانة لدراسة الطب. ولكنها لم تستهوه فتركها بعد سنة واحدة والتحق بكلية روبرت كوليديج الأمريكية للهندسة وقد تأسست سنة 1863، وبقي بها سنة ونصفا ترك الدراسة بعدها بسبب وفاة والده وعاد إلى القدس. وقد شاهد في الأستانة افتتاح المدارس الحديثة ونمو حركة الإصلاح فحاول تطبيق ذلك في القدس. ونجح سنة 1867 - 1868 بمساعدة راشد باشا والي سوريا بإنشاء أول مدرسة رشيدية في القدس بعد جهود كبيرة، ولكن خاب أمله لأنه لم يتعين مديرا للمدرسة التي تسلم زمامها تركي جيء به من اسطنبول.
وعرض عليه منصب رئيس بلدية القدس فقبله وتقلده مدة ست سنوات، فنفذت في عهده مشاريع عديدة لتطوير المدينة مثل إنشاء الشوارع وإصلاحها وصيانتها، ومد شبكة المجاري وتعبيد طريق صالحة لسير العربات بين القدس ويافا بالتعاون مع متصرف القدس. ولكنه اختلف مع كامل باشا متصرف القدس الجديد، وبتدخُّل من والي سوريا عزل عن منصبه.
في بداية سنة 1874 تعين صديقه راشد باشا من حزب الإصلاح وزيرا للخارجية، فدعاه إلى الأستانة كي يعمل ترجمانا في الباب العالي. وعمل في وظيفته تلك ستة شهور تعين بعدها نائبا للقنصل العثماني في بوتي الميناء الروسي على البحر الأسود، وعندما أقصي راشد باشا عن وزارة الخارجية خسر الخالدي منصبه ، فأراد أن يتعرف على البلاد الروسية وقام بزيارة طويلة إلى تلك البلاد مرّ خلالها باوديسا وكييف وموسكو ثم بطرسبورغ ومنها في نهاية كانون الثاني 1875م، إلى فيينا حيث كان راشد باشا سفيرا لبلاده، وهناك بمساعدته حصل على وظيفة مدرس اللغة العربية بمدرسة اللغات الشرقية .
وفي تلك الفترة من شبابه أظهر اهتماما بالأمور السياسية وشؤون الطوائف الدينية في القدس، وعلى رأسها الطائفة اليهودية. ففي شهر آب سنة 1875 كتب من فيينا رسالتين عن أوضاع اليهود في القدس نشرتها جريدة الجويش كرونيكال البريطانية يعقب في الأولى على تقارير مراسل الصحيفة عن أوضاع اليهود الصعبة في القدس وكان عددهم آنذاك 15 ألفا ، أما رسالته الثانية فبمناسبة زيارة الصهيوني الثري موزس مونتفيوري إلى فلسطين وفيها ينصحه بمساعدة طائفته عن طريق بناء المدارس، ليتعلموا صنعة مثمرة ولا سيما الزراعة فيعيلون عائلاتهم بشرف بدل انتظار أموال الجباية السنوية وتوزيعها عليهــم "حلوكاه".
في آب 1875 عاد الخالدي إلى القدس لترتيب بعض الأمور العائلية، ولكن إقامته امتدت فتأجلت عودته إلى فيينا واختير مرة أخرى لرئاسة البلدية. وفي بداية سنة 1877 اختاره مجلس إدارة القدس نائبا عن المتصرفية في مجلس المبعوثان العثماني، ونافسه على المنصب عمر فهمي الحسيني ولكنه فاز عليه بنسبة ثمانية إلى أربعة.
عضويته في البرلمان
كان الخالدي النائب الوحيد عن فلسطين في أول برلمان عثماني، وواحدا من أربعة عشر عضوا عربيا من بين أعضائه المائة والعشرين وخلال الدورتين القصيرتين لذلك المجلس في 1877 - 1878 ثبت أنه نشيط ومتحمس لفكرة الدستور والإصلاح، وقد برز في مقاومته ونقده سياسة السلطان عبد الحميد وازدراؤه الدستور. وقد تنبه إلى مواقفه الجريئة مراسلو الصحف فنشروا تصريحاته ونبذا من أقواله في البرلمان، وفي 13 أيار وصفه يوجين شيلر القنصل الأمريكي في العاصمة العثمانية بقوله "أثار يوسف باشا زوبعة في البرلمان بجراءته وفصاحته ولدهشتي أنه يتكلم الانجليزية والفرنسية بطلاقة. يوسف ضياء ليبرالي مثل جمهوري فرنسي في السياسة والدين. ورغم كونه مسلما فإنه اختار العيش داخل دير يوناني. إنه ينتقد السلطان والموظفين الفاسدين والأتراك بشكل عام بألفاظ فظة وليس هذا بغريب فهو عربي والعرب لا يحبون الأتراك !!. مرسوم تعيين يوسف ضيا الخالدي رئيسا لبلدية القدس 1877 ولكن السلطان عبد الحميد الذي ضاق ذرعا بالبرلمان والدستور ونقد المعارضة لسياسته حل البرلمان في 13 شباط 1878 وبعد يومين في 15 شباط تقرر نفي عشرة أعضاء بارزين من المعارضة على رأسهم يوسف الخالدي وركب أعضاء البرلمان السفينة فارس النمساوية التي غادرت استانبول في 20 شباط.
وصل الخالدي ميناء يافا في 14 آذار ومنها إلى القدس فتسلم رئاسة البلدية مرة أخرى وفي تشرين الأول سنة 1878 أرسله رؤوف باشا على رأس أربعين فارسا لإحلال النظام في الكرك، وكان المتصرف يخطط لإقصائه، وفي خريف سنة 1879 واتته الفرصة لذلك حيث جرت انتخابات لمجالس الإدارة والمحاكم المحلية . فأبعد عن رئاسة البلدية وعين مكانه عمر فهمي الحسيني، فسافر مرة أخرى إلى فيينا حيث صدر له في السنة التالية ديوان لبيد العامري الشاعر المخضرم الذي عمل على جمعه حين درس العربية في مدرسة اللغات الشرقية، وقد اعتمد المستشرق الألماني هوبر تلك الطبعة في نقل شعر لبيد إلى الألمانية سنة 1891.
في سنة 1881 عاد إلى فلسطين وتعين قائمقاما في يافا، ثم بمرجعيون في السنة التالية، وبعدها تعين حاكما عاما على مقاطعة مولطكي في الشمال الغربي من تبليس الواقعة في الشمال الشرقي من تركيا، وهناك أتقن الكردية فوضع قاموسا أسماه التحف الحميدية في اللغة الكردية صدر في الأستانة سنة 1893. ويظهر أنه كان تصالح مع الباب العالي والسلطان عبد الحميد فعاد للعيش في الأستانة. وقد ذكره السياسي والكاتب البريطاني أمري في مذكراته "حياتي السياسية" ص 69 حيث يقول: إن يوسف ضياء شاب متحمس، تمتع في الماضي بحرية واسعة في البرلمان في نقد الدولة وسياستها وذلك يعود إلى أنه بدأ حياته في بيت عزت باشا سكرتير السلطان عبد الحميد وحتى في قصر السلطان وبحضوري كان يوسف ضياء الصريح يردد على مسامع الباشا الحديث عن شرور نظام عبد الحميد وهذا يسمعه بخنوع ويطلب منه فقط ألا يرفع صوته عاليا . كما قال عنه السياسي البريطاني المذكور في كتابه أن هذا الباشا العجوز ( سنة 1896م ) كان لطفه وكرمه يغمران حتى الجواسيس الذين يترقبون خطواته خارج بوابة داره.
وقد تردد يوسف ضياء على مجلس الشيخ جمال الدين الأفغاني في تلك السنوات حتى توثقت بينهما عرى الصداقة.
يوسف ضياء والصهيونية:
أظهر يوسف ضياء اهتماما بالغا في أمور السياسة والحكم، وأيد الإصلاح والتطوير خاصة في موطنه القدس، وبعد المؤتمر الأول للحركة الصهيونية ومحاولاتها المنظمة تطبيق المشروع الصهيوني على أرض فلسطين تنبه الخالدي إلى هذا الخطر، وكتب في الأول من آذار سنة 1889 رسالة إلى تيودور هرتسل بواسطة حاخام الطائفة اليهودية في فرنسا وأحد زعماء الحركة الصهيونية " صدوق كاهن " وجاء في رسالته :" لا يمكن التغاضي عن حقائق الواقع التي يجب أخذها بالحسبان. ففلسطين تكون جزءا لايتجزأ من الإمبراطورية العثمانية وهي مأهولة اليوم بغير اليهود . ويقدس هذه أكثر من 390 مليون مسيحي وثلاثماية مليون مسلم، فبأي حق يطالب بها اليهود لأنفسهم ؟ إن الأموال اليهودية لن تستطيع شراء فلسطين، ولذا فإن امتلاكها لن يكون إلا بقوة المدافع والسفن الحربية ؛ إن الأتراك والعرب يعطفون على اليهود بشكل عام. ولكن هناك منهم من أصيبوا بحمى الكراهية لليهود مثلما حدث في أرقى الشعوب المتحضرة، كما أن المسيحيين العرب لا سيما الكاثوليك والأرثوذكس يكرهون اليهود بشدة. لذا حتى لو حصل هرتسل على موافقة السلطان عبد الحميد على المخطط الصهيوني فإن عليه ألا يفكر أنه سيأتي يوم يصبح فيه الصهيونيون أسياد هذه البلاد؛ ومن الضروري من أجل سلامة اليهود في الدولة العثمانية أن يتوقف تنفيذ المخطط الصهيوني عمليا. إن العالم واسع الأرجاء وفيه كثير من البلاد غير المأهولة التي يمكن إسكان ملايين اليهود المساكين فيها، ولعلهم يجدون فيها السعادة والحياة الآمنة كشعب. وقد يكون هذا الحل الأمثل للمشكلة اليهودية ، فبحق الله اتركوا فلسطين بسلام".
ورد هرتسل على رسالة الخالدي في 19 آذار سنة 1899. فاقترح في رسالته أن يعيش اليهود بسلام في الدولة العثمانية مقللا من الصعاب والمشكلات التي قد تثور مع العرب. ثم أضاف: "إن الصهيونيين لا ينوون تجريد العرب من أملاكهم بل العكس سوف يثرون من جراء إدخال الأموال اليهودية للبلاد " ويظهر أن هرتسل حاول أن يوسط الخالدي عند السلطان عبد الحميد على الخطة الصهيونية ولذا فقد أنهى رسالته بقوله" إذا لم يوافق السلطان عبد الحميد على الخطة الصهيونية لتمويل ديون الإمبراطورية العثمانية، فإن الصهيونيين سيذهبون إلى بقعة أخرى من العالم"
توفي يوسف ضياء الخالدي سنة 1906م في العاصمة العثمانية اسطنبول، وقد ظل حتى آخر أيامه مثل صديقه الأفغاني مراقبا تحت عيون السلطان عبد الحميد، وقضى يندب حركة الدستور والإصلاح التي نشأت معه وآمن بها حتى آخر أيامه....
ـــــــــــــــ *أرشيف الناصرة الفلسطيني.. *مصادر....
1. الموقع الرسمي لعائلة الخالدي..
2. أعلام فلسطين في العهد العثماني ..
3. ألأرشيف العثماني باسطنبول . |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: مشاهير فلسطين في العالم الأربعاء 06 أبريل 2016, 10:30 pm | |
| الشاعر علي فوده
إعداد : قاسم فرحات شاعر فلسطيني عرف على مدى حياته القصيرة بمواقفه الرافضة للاحتلال الإسرائيلي، والمؤيدة لقضية شعبه الفلسطيني، فطبعت شخصيته بطابع التمرد والثورة .....
وقد اشتهرت له قصيدة ( الفهد ) التي غناها الفنان اللبناني مارسيل خليفة والتي منها:
إني اخترتك يا وطني
حبّاً وطواعية
إني اخترتك يا وطني
سراً وعلانية
إني اخترتك يا وطني
فليتنكر لي زمني
ما دمت ستذكرني
يا وطني الرائع يا وطني ...
هذه القصيدة التي لا يعرف معظم سامعيها أنها لهذا الشاعر المبدع.
· ولد الشاعر علي يوسف فودة في الأول من نيسان عام 1946 في قرية ( قنّير ) قضاء حيفا ..
·وعلى إثر نكبة العام 1948 لجأ مع عائلته إلى الضفة الغربية وصار تابعاً للإدارة الأردنية وذلك قبل نكسة العام 1967 واحتلال الضفة.
· درس في طولكرم وفيها حصل على شهادة الثانوية العامة عام 1964.
·انتقل إلى الضفة الشرقية ليكمل تعليمه في معهد المعلمين في ( حوارة ) وتخرج من هذا المعهد سنة 1966.
·ظل في الفترة بين عامي ( 1966- 1970 ) مدرساً في مدرسة ( أم عبهرة ) في ناعور (شمال عمّان ) وقد ظل يعمل في مدارس عمّان حتى العام 1976.
·في العام 1969 أصدر مجموعته الشعرية الأولى ( فلسطيني كحد السيف ) .
·في العام 1973 انضم إلى رابطة الكتاب الأردنيين.
·في العام 1976 غادر الشاعر عمّان إلى بغداد حيث كتب هناك بعض قصائد مجموعته (منشورات سرية للعشب ) ثم انتقل فترة قصيرة إلى الكويت ثم استقر به المطاف في بيروت في العام نفسه ( 1976 ) لينضم إلى صفوف المقاومة الفلسطينية إلى جانب عدد كبير من المثقفين والمبدعين ممن رؤوا خلاصهم مرتبطاً بالمقاومة وفعاليتها ، لكن علي الذي يحمل في شخصيته عوامل الرفض والتمرد على نحو شبه فطري ظل أميل على الشغب والصعلكة ، ولم يستطع أن يكون جماعياً أو منضوياً تحت لواء المؤسسة ولذا تعرض للسجن في بعض الفترات
·أصدر مع مجموعة من أصدقائه مجلة ( رصيف 1981 ) لتمثل ثقافة الهامش والاختلاف بعيداً عن المؤسسة وقد صدرت منها بضعة أعداد قبل أن يختلف مع أصدقائه " الرصيفيين " مرة أخرى ويواصل إصدارها على شكل جريدة بصورة فردية مستقلة.
·ولعل علي فودة الشاعر الوحيد الذي قرأ نعيه وتابع وقع موته على أصدقائه، إذ أصيب بشظية في أحد شوارع بيروت ، ونقل إلى المشفى ، فأذيع نبأ موته وكتب أصدقائه مراثيهم ووداعهم ، ولكن الشاعر استيقظ مؤقتاً من الموت وقرأ الصحف، ورأى كم يحبه الآخرون حتى أولئك الذين رفضهم واختلف معهم، ثم عاد إلى الموت النهائي في ( 20 – 8 – 1982 ).
وقد وظف الياس خوري قصة موت ( علي فودة ) في روايته باب الشمس لما في هذا الموت من اختلاف ودلالة على الأحوال الفلسطينية الفريدة حتى في استشهادها وغيابها. وتجيء القصة على لسان شخصية روائبة راقبت هذا المشهد ( مشهد علي فودة وجريح آخر ) في المستشفى:
" أذكر أنه جاء جريحاً إلى المستشفى ، جلبوه مع جريح آخر، وكان الدم يغطيهما، الجريح الأول كان شبه ميت ، ودمه متجمد على جسده اليابس. لا أعلم من كشف عليه وأعلن وفاته . فتمّ نقله إلى براد المستشفى تمهيداً لدفنه . ثم اكتشفوا أنه حيّ، فنقل على عجل إلى غرفة العناية الفائقة، وهناك اكتشفنا أنه كان شاعراً. الصحف التي صدرت في بيروت أثناء الحصار ، نشرت عنه المراثي الطويلة. وعندما استيقظ الشاعر من موته،وقرأ المراثي شعر بسعادة لا توصف . كان وضعه الصحي ميؤوساً منه، فقد أصيب في عموده الفقري و تمزقت رئته اليسرى، لكنه عاش يومين، كانا كافيين كي يقرأ كل ما كتب عنه، قال إنه سعيد، ولم يعد يهمه الموت، فلقد عرف اليوم معنى الحياة، من خلال الحب المصنوع من الكلمات. كان علي - وهذا هو اسمه - الميت السعيد الوحيد الذي رأيت في حياتي كأن كل آلامه امّحت. عاش في سريره، وسط أكوام المراثي، يومين جميلين، وحين مات، كان كل شيء قد سبق أن كتب عنه، فنُشر نعيه الثاني في أسطر قليلة في الصحف، ولم ينتبه أحد لموعد تشييع جنازته، فشيعناه من المستشفى إلى مقبرة المخيم، ولم يكن عددنا يتجاوز أصابع اليد الواحدة "
مؤلفات الشاعر علي فوده:
أصدر الشاعر علي فوده خمس مجموعات شعرية وروايتين وأعماله هي ...
المجموعات الشعرية:
1. فلسطيني كحد السيف: دار عويدات ، بيروت / 1969
2. قصائد من عيون امرأة : دار عويدات ، بيروت / 1973
3. عواء الذئب :منشورات فلسطين الثورة ( م . ت . ف _ الإعلام الموحد ) / 1977
4.الغجري : دار عويدات ، بيروت / 1981
5. منشورات سرية للعشب : دار العودة وا تحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين ، بيروت / 1982
الروايات:
1. الفلسطيني الطيب : دار ابن خلدون ، بيروت / 1979
2. أعواد المشانق : عمّان / 1983
مختارات من شعر علي فودة:
بأبي أنت وأمي:
(من قصيدة : أغنيات الوطن) وطني .. قلبي يناديك وصوتي وأخي في ديرة الأغراب يبكيك وأختي.
من عيون الموت في تلك البلاد.
من بوار الأرض فيها.
من أناس فقدوا الحس فباتوا كالجماد.
وطني .. أواه يا أحلى وطن
لو يغطينا لحاف واحدٌ يوماً
فننفى في السرير
لو يرى النور الضرير
لو تراني وأراك
آه ما أحلى صباك! وطني
كم أنت وفيٌّ يا وطن
و أنا كنت، وما زلت وفيّا
فأنا كالعهد فيّا
أبداً ما زلت أفديك طفلاً
وصبياً
وعجوزاً سوف أفديك
فأنت الأهل والخلان في قلبي اليتيم
أنا مفتاح لقيدي
و أنا العبد الذميم
أنت كل الناس عندي
أنت في لحمي ودمي
وطني ..
بأبي أنت وأمي ... الرصاصة:
أزت بأجواء المدينة
ثم استقرت في جدار البيت
أزت
فهزت روعة الصمت
وعمقت جراحنا الدفينة
أزت
فشقت قصتي – يا أخوتي – نصفين
فنصفها الأول ضاع
ونصفها الثاني
قال: وداعاً
ثم مضى يرسم للعالم لوحتي الحزينة!
* * *
أزت
قيل عنها كل ما قيلْ
ولم تكن سوى رصاصة
تبحث عن قتيلْ!
دم الشاعر:
أمهلوني قليلاً.. ألا تستطيعونْ؟ !
مُصّوا دمي .. إنّما قطرةً قطرةً علّني أشهد البرق وهو يُغنّي بمرج ابن عامرَ أو في الجليلْ بعدها .. فلأكنْ أوّل الشهداء وآخرهم ولأمتْ في البراري قتيلْ ! **** أمهلوني قليلاً.. تعبتُ فها هو سهمٌ بقلبي وسهم بساقي وسهم هناك وسهم هنا
آه.. كيف اختلفنا على ذلّنا؟ كيف باشرنا الدخول، الخروجَ - وكيف ابتدأتمُ مُطاردتي؟ كيف كانت بداية رجمي؟ وفي أيّ عاصمةٍ؟ أيّ دغلٍ؟ وأي القبائل قد حاصرتْني؟وأيّ القبائل قد ناصرتْني؟ كأنّي عميتُ .. كأنّي نسيتُ الذي ليس يُنْسى كأني شُفيتُ من الطعنة الحاقدهْ إنما.. آهِ كم أشعر الآن أني غريبٌ عن اللهجة السائده
آه.. كم هي قاسية هذه اللحظة الفاسدهْ فالبناديق يأتمرون بأمر الصناديقِ ينهونَ أو يأمرونَ وقد يَعزلونَ وقد يَقتلونَ وقد .. يا بلادي الحبيبة.. انهم السمّ في المائدهْ وفواتيرهم أبداً .. تطلب الفائدهْ ! **** أمهلوني قليلاً.. فلي بينكم وردةٌ أحمرٌ، أحمرٌ، أحمرٌ لونها أرأيتم دمي.. نازفاً تحتها نازفاً فوقها نازفاً حولها أرأيتم؟ إذن أمهلوني قليلاً .. ألا تستطيعونْ؟ ! |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: مشاهير فلسطين في العالم الأربعاء 06 أبريل 2016, 10:31 pm | |
| الشاعر الدكتور عبد الرحمن بارود كلمات وأحاسيس تتفجر جهاداً ومقاومة
بقلم: محمد حسين منصور
كم تعذّبت وأنا أبحث عن مادةٍ تكفي لكتابة مقال عن الدكتور عبد الرحمن بارود، وعانيت من شحّ أو عدم وجود المصادر التي تتكلّم عنه. كنت أسعى بدأب وأسير في طريق وعر ولا أجد في نهاية الطريق إلا معلومة صغيرة لا تسمن ولا تغني من جوع، والغريب أن هذه المعلومة -على صغرها- تعطي الباحث دفعة قويّة وتشعل في روح إصراره عزيمة تزيدها الصعوبات توهّجاً وسمّواً وألقاً، حتى منّ الله علينا بمقال موجزٍ كتبه الأستاذ إسماعيل الخالدي عن الشاعر، ومنه استقيت التواريخ وتفاصيل التحصيل العلمي، وبالإضافة إلى كمٍّ من معلوماتٍ ضنّت بها علينا مصادر تراجم الشعراء.
عبد الرحمن بارود ليس شاعراً عادياً، وأمامه يعجز قلمي أن يسوق ترجمة تحكي تراجم الشعراء الفحول، إنما عند الحديث عن بارود أجد أسئلة كثيرة كبيرة جدّاً تفتحها في وجهي رياح غاضبةٌ عاتبة عاتية، فأين هم رموز الحركة الإسلامية من الأدباء والشعراء؟ ولماذا غاب دورهم الريادي في قيادة الحركة الثقافية بشكل العام والأدبية بشكل خاص طيلة المدّة السابقة؟ هل أغفلهم الإعلام حقاً؟ أم إنهم زهدوا بدورهم حتى وصلوا إلى حدّ نسيهم الناس وغفلت عنهم الجماهير؟ وإلى متى هذه الحال؟
قد لا نكون في معرض نقاش قضيّة ضخمة بحجم قضية غياب أو تغييب الأديب الإسلامي عن الساحة الثقافية الفلسطينية على وجه الخصوص، ولكني أحببت الإشارة إلى هذا الأمر حتى أبدأ مادّتي بتثبيت فكرةٍ مهمة في أذهان أرباب الأقلام الملتزمة والصادقة، ومنهم شاعرنا، وهي أن المنابر الثقافية اشتاقت إليكم، بل عتبت عليكم، وأغضبها في كثيرٍ من الأحيان جفاؤكم وقسوةُ قلوبكم التي استطابت البعد عن مدارجها، ولو أن تلك المنابر نطقت بلسان الحال لجمّعت كل معاني العتب ووضعتها بين يدي الدكتور عبد الرحمن بارود.
ولد الشاعر الدكتور عبد الرحمن أحمد جبريل بارود عام 1937، في قرية من قرى غزّة تسمّى (بيت دراس) وهي إحدى قرى اللواء الجنوبي لفلسطين، تميّزت بكثرة المجاهدين ووفرة الشهداء الذين روّوا ترابها بزكي دمائهم.. في 16/3/1948 خاضت القرية معركة ضد الصهاينة تمكّن فيها أهل بيت دراس من صدّ العدو وردّه خائباً، وتكرّرت هذه البطولة في شهر أيار/مايو من العام نفسه مع فارق غير بسيط، إذ عاد الجيش يجرّ معه مئتين وأربعين جثّة لمئتين وأربعين قتيلاً صهيونياً، ثم شهدت هذه القرية في 21/5/1984 معركة سطّر فيها (البدارسة) سِفراً خالداً في ذاكرة الوطن، وقدّموا خلال هذه المعركة التي تحوّلت إلى مذبحة أكثر من مئتين وستين شهيداً، وبهذا الموجز الهامّ جدّاً عن قريته ستتضح للقارئ بعض من جوانب القامة الشعرية السامقة الثائرة التي يحملها بارود بين جنبيه.
على إثر المذبحة المروّعة هاجرت أسرة شاعرنا من بيت دراس إلى معسكر جباليا للاجئين الفلسطينيين في شمال قطاع غزّة وكان عبد الرحمن طفلاً في الحادية عشر من عمره.
دخل عبد الرحمن بارود مرحلة جهادية طويلة ومشرّفة، وأقصد هنا جهاده في التحصيل العلمي، فقد تلّقى تعليمه الابتدائي في مدرسة بيت دراس الابتدائية وأكمل بعد تشريده منها في مدرسة الإمام الشافعي ثمّ في مدرسة فلسطين الثانوية، وكان في كل المراحل الدراسية من أوائل الطلبة. ثمّ درّس في مدارس الأونروا عدّة شهور وذهب بعدها إلى مصر ليكمل دراسته الجامعية في جامعة القاهرة – كليّة الآداب بمنحة من وكالة الغوث الدوليّة وحصل على درجة الليسانس أو (البكالوريوس) في الأدب العربي بتقدير جيّد جداً مع مرتبة الشرف عام 1959. وكأفضل طالب شرفيّ في جامعة القاهرة بدأ شاعرنا وبمنحة من الجامعة دراسة الماجستير وحصل عليها بتقديرٍ ممتاز مع درجة الشرف الأولى في أواخر عام 1962. ثمّ بدأ بعد ذلك دراسة الدكتوراه في الأدب العربي وحصل عليها بتقدير ممتاز ومع درجة الشرف الأولى أيضاً عام 1972، ثمّ تعاقد للعمل في جامعة الملك عبد العزيز في مدينة جدّة السعودية، وكان ذلك في العام نفسه الذي حصل فيه على شهادة الدكتوراه وبقي فيها إلى أن تقاعد عام 2002.
شاعرنا الآن شيخ جليل وقور، كريم الخلق، رفيع الذوق، طيّب المعشر، لا يملّ الإنسان حديثه، وإن حدّثته أنت فلن تجد منه إلا حرصاً جمّاً على الاستماع إليك، ولن تلمس إلا اهتماماً بالغاً بكل كلمة تقولها، يكرم ضيفه ولا عجب في ذلك فأبوه الشيخ أحمد جبريل بارود كان معروفاً بكرمه، فعلى قلّة ذات يده كان لا يدخل بيته للأكل إلا مصطحباً معه أحد فقراء القرية ليطعمه مما أطعمه الله، وشاعرنا كأبيه يعظم وفادة الضيف، ولذلك صار بيته في جدّة معلماً ومقصداً لكلّ طالب خيرٍ وفضلٍ من الفلسطينيين والعرب والمسلمين.
أنموذجات من شعره
لن نستطيع مهما أطلنا أن نجمع إلا نزراً يسيراً جدّاً من فيض عطائه الغزير، فبارود شاعر فحل مكثرٌ، وجلّ قصائده من المطولات، و لكنها ليست كأيّ مطولات، فكلما طالت القصيدة عند بارود تألقت أكثر، وشدّتك إليها أكثر، وأدخلتك في جوّها النفسي أكثر.
تأثر الدكتور بقضايا الأمة وعلى رأسها قضية فلسطين التي أعطاها الكثير، وآمن بأن الطريق الوحيد لاستعادة الوطن السليب لا يكون إلا بالعودة إلى الإسلام العظيم، وأعلن بارود تمسّكه بهذا الدين، وظهر ذلك في شعره جليّاً، واستمرّ على درب ذات الشوكة فلاقى ما لاقاه من الألم والعذاب ومصادرة الحريّة، واستنكر على اللاهثين وراء أكذوبة صهيونية أمريكية يقال لها زوراً (السلام):
يا حمام السلام! عُدْ يا حمامُ
لا يفُلُّ الحسامَ إلاّّّّ الحسامُ
في زمان الصقور صرتم حماماً!!
كيف يحيا مع الصقور حمام؟
أيُّ عرسٍ هذا؟ تزفّون ماذا؟
ولماذا يطبّلُ الإعلام؟
ثكِلتْ أمّكم.. أليس لديكم
غير (عاش السلام) (يحيا السلام)؟! سار عبد الرحمن بارود بقلمه مع الانتفاضة المباركة التي اشتعلت واشتدّ عودها يوماً بعد يوم، حتّى صارت أملاً لكل فلسطيني حرّ، بل لكل حرٍّ في هذا العالم، وأنهت انتفاضتنا عامها الأول وتعاظمت معها الآمال، وازداد التلهف في نفوس المخلصين الظامئة إلى فجرٍ جديدٍ تشرق فيه شمسنا التي طال غيابها: عام مضى والتحدي في بدايته
والانتفاضة نار الله تلتهب
شبِّي إلى أن يفرَّ الليل محترقاً
ويُقبلَ الفجر في أعقابه يثب
شبِّي لظىً.. ودعي من يرطنون لنا
فصرعة العصر أن يستعجم العرب
نادى شاعرنا بأعلى صوته وأطلق صيحاته المدوّية علّها توقظ نفوس وقلوب وعقول أولي الأمر منّا. واستنكر عليهم بقاء السلاح في مخازن ليأكلَه الصدأ والهوان، فالقدس قدس العرب والمسلمين، والنصر الذي سيتحقق هو نصر لكل العرب والمسلمين، فهل يعقل أن تسكت قاذفات العرب وأسلحتهم في وقت تكلّم فيه الحجر الفلسطيني فأبان وأفصح وأفهم وأفحم؟!!
بَـيْنَ المُحيطينِ لِـيْ أَهْلٌ ذَوُوْ عَـدَدٍ
وَجِيْـرَةٌ عَـرَبٌ لا يَـمنعونَ قِـرَى
سَـمعتُ صَوتَ سِـلاحٍ فِي مَخازِنِكُمْ
يَبْـكيْ عَليَّ طَوالَ الليــلِ مُعْتَـذِرا
خَمسـونَ دَبَّـابـةً فِي الحي تَقصِفُنـا
كَمْ قَهْقَهَتْ إِذْ رَمَيْنا نَحْوَها الحَجَـرَا!
لَـوْ كُنتُ أَحْمِلُ صَاروخـاً عَلى كَتِفيْ
أَوْ أَرْبَجيهـاً كَفانِي وَجْهَهَـا القَـذِرَا
مَا للحـدودِ حَوالَيْنـا مُغَلَّقَـةً
لَمْ نَسـتَطعْ مَعها وِرْداً ولا صَـدَرا
أَطْلِقْ يَـدَيّ وَفُـكَّ الحَبْـلَ عَنْ عُنُـقِيْ
وَافْتَـح لِيَ البَابَ وانْظرْ بَعْدُ كَيْفَ تَرى
لَـوْ تَجْعَلُ السَّـدَّ يَا مَولايَ طَوْعَ يَدِيْ
أَلْفَيْتَ مِلْيونَ شَارونٍ قَدِ انْدَحَـرَا
أما الشهداء الأحياء الأبرار فقد شكّلوا مادّة رئيسة في أعمال بارود، غنّى الشهادة وتغنّى بها، وكتب للاستشهاديين حروفاً خالدة تشعّ صدقاً وعشقاً وتمسكاً بهذا النهج المبارك، فها هو يتكلّم بلسان حال ابن جنين البار الاستشهادي البطل سعيد الحوتري:
شُـدوا علـيّ حزامـيَ المحشـوَّ بالـمـوتِ الــزُؤام
زيـدوهُ عشـرَ قنـابـلٍ فالـيـومَ يــومُ الانتـقـام
أشوي بهِ في النارِ مَنْ بنَوا (الكنيستَ) مـن عظامـي
هذا الحِزامُ بهِ تضيء الشمـسُ فـي غَسَـقِ الظـلام
هذا جـوادي الفحـل.. أمسـحُ وجنتيـهِ مـنَ الغـرام
يحكي جهنّمَ حين يَصهَـلُ فـي القَطيـع.. بـلا لجـام
سَأظـلُ كابوسـاً لعزَ الديـن.. قُــدّ مــن الـرخـام
ومن منّا لا يحفظ الأبيات المؤثرة التي قالها الدكتور عبد الرحمن بارود في رثاء الاستشهادي البطل سعيد الحوتري، هي أبيات ثائرة أوقدها سعيد الحوتري في نفس شاعرنا فانسابت قصيداً ألهبت قلوب السامعين، وباشرت قلوبهم بخطاب شعري مؤثر أبدع بارود في إيراده مختاراً أقوى الألفاظ لأروع معاني الجهاد والثورة النابعة من تعاليم ديننا الحنيف:
لا أستقيـلُ ولا أقيـلُ.. أقـول مـا قــالَ الأســودُ
عَنـتِ الجبـاهُ لِعـزكَ العالـي.. ومَجّـدكَ الـوجـودُ
أنـا فـي كنانـةِ سيـدِ الثقليـن صــاروخٌ جـديـدُ
وعلـى الزنـادِ أصابعي فـإذا انطلقـتُ فـلا أعـودُ
لا يَنقُـصُ الأجَـلُ المسطـرُ فـي الكتـابِ ولا يـزيـدُ
أنـا مِـن بنـي القسّـامِ إنْ مـادَ الجِبـالُ فـلا أميـدُ
رثى بارودُ شيخَ شهداء فلسطين أحمد ياسين، وتجلّى رثاؤه في قصيده ضمّت أكثر من خمسة وثمانين بيتاً، في كلّ بيت منها قنبلة يفجّرها شاعرنا في وجوه الصهاينة الذين اغتالوا شيخاً قعيداً قارب السبعين من عمره، وكل بيتٍ أيضاً كان نهراً من البرد والسلام والبشرى على صدور قومٍ عشقوا الجهاد وبايعوا وباعوا أنفسهم لله جلّ في علاه:
أَزِفَ الرَّحيلُ أَخا الوغى فَتَرجَّلِ
واصعْد إلى قِمَمِ الرَّعيــلِ الأَوَّلِ
عبُد العزِيز أَخُوْكَ حَرَّابُ العِـدا
طَوْدٌ أَشَمُّ وهَضْبَةٌ من جَنْــدلِ
قَسّامُنا، فِيْنا يُرى، وصلاحُنا..
والشيخُ فرحان، وليثُ القَسْطــلِ
ذُرِّيّةٌ.. دُرِّيّةٌ.. بَدْريَّةٌ
يَحْلُوْ لَها -في اللهِ- طعْمُ الحَنْظَلِ إلى أن يقول:
قَفَزَتْ حماسُ اليومَ أعْظَـمَ قفـزةٍ
بَرَكاتُ مَنْ أبوابُهُ لم تُقْفَــــلِ
صارت حماسَ المُسْلمينَ جميعِهِمْ
وغدا لَها في السَّاحِ أَعْظَمُ جَحْفَلِ
لو كُلُّ صُهْيونيَّةٍ عَلِمتْ بمـــا
سترى غداً هِيَ وابْنُها لمْ تَحْبَـلِ
شارونُ! غالٍ عندنا دَمُ أَحْمَـــدٍ
واللهُ عَنْ دمِ أَحْمَدٍ لمْ نغْفُـــلِ
أَبْشِرْ.. سَتَصْرَخُ: ليتَ أُمِّيْ لمْ تَلِدْ
مَلْعُوْنَةٌ (جانِيْتُ) أُمُّ (هِرِتْزلِ)
تماماً كما توقعت.. سرقنا.. انتهت المساحة المعدّة للمقال على المجلّة ونحن لا نزال على أعتاب هذا الشاعر المجيد، لم ندخل بعد قصره الشعري المنيف، ولكن حروفه لامست شغاف قلوبنا، ملكتنا بسحرها، وسحرتنا بصدقها، وهزّتنا بقوّتها.. هذه هي صليات القصائد التي تسير جنباً إلى جنبٍ مع صليات البنادق.. وتقودنا إلى مرحلة قديمة من الأدب الفلسطيني الملتزم المقاوم واجبٌ علينا إحياؤها، مرحلة يتربع على عرشها شعراء بزّوا الفحول، ودفعوا مهر أشعارهم عذاباً وألماً وحريّة، وفي مقدّمة هذا الزحف المهيب يسير الدكتور عبد الرحمن بارود. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: مشاهير فلسطين في العالم الأربعاء 06 أبريل 2016, 10:32 pm | |
| الشيخ محمد الحاج موسى عرار
إعداد:عبد العزيز أمين عرار
قد يتحرج الإنسان الكتابة عن أحد أقربائه ولكنني وفاء للتاريخ ليس أكثر، ورغبة مني في سبر غور بعض صفحات التاريخ ووفاء للمخلصين من شعبنا أكتب هذه الصفحات من حياة عمي الشيخ محمد الحاج موسى، وقد شدني لموضوعه وعيه المبكر ورفضه للحالة التي سادت في المثلث الجنوبي أيام الحكم العسكري، حيث رفض التعاون واهتم بجمع قطع السلاح لغاية الكفاح وترقبا لليوم المنتظر.
ولد محمد في أسرة فلاحية وقد عمل أبوه في الزراعة والفلاحة في أراضيه التي توزعت في السهل والجبل في غرب خريش وعند رأس طيرة ومغارة الضبعة والمدور وكفرثلث،وكان ذلك في عام 1925.
كان والده أحد الفرارية ورفض التجنيد في الحرب العالمية الأولى ، وقد لاحقته الجاندرمة التركية، وتنقل بين خريش وكفر ثلث وكفر قاسم ومعه ابن عمه عبد حسن عبد السلام، وقد ضايقت الجاندرمة أهله، وسلبت الأبقار حتى يسلم نفسه، وفي الحرب العالمية الأولى قتل منهم ثلاثة، ورماهم في قبر النبي عند بلدة كفر قاسم، وفي عام 1920 شارك في ثورة الشيخ شاكر أبي كشك وهجومه على ملبس وسجن بسبب ذلك في سجن عكا مدة 6 شهور بتهمة حيازة سلاح عثروا عليه في أرضه "حرائق دار عرار"، وفي عام 1936تعاون مع قادة الثورة وقدم لهم بعض السلاح القديم الذي كان بحوزته، وعندما بلغه خبر فرض طوق على القائد فوزي القاوقجي ذهب مع بضعة شباب للمساعدة في فك الطوق عنه، ثم عادوا بعد أن أبلغوا في قرية صير أن الطوق انتهى، وأخيراً اتجه الحاج موسى للتداوي عند اليهود في ملبس بعد أن ألم به مرض العضال وكان من عادتهم الذهاب للتداوي في رعنانيا وملبس وسبية، ولكنهم حاولوا قدموا له كأساً من السم وشك فيهم، فرفض شربه وأعادوه إلى جلجولية ومات فيها.
ترك زوجتين وثماني أولاد كان محمد أكبرهم. وكان عمره ساعة وفاته قرابة 47 عاماً.
تأثر حال محمد باليتم وقد ضربه أحد المعلمين الشيوخ في عينه وآذاه، وأخذ يعمل في حراسة مزارع البطيخ عند قرية بيار عدس العربية، وفي عام 1946 أتهم بقتل شخص من كفر ثلث وسجن في سجن عكا، ومع أنه أنكر التهمة الموجهة له، لكن مصيبته كانت في شهادة المقتول قبل أن فاضت روحه إلى باريها.
حكم على محمد بالإعدام وتوجه أقاربه لزيارته ما بين حزين ومغموم، وهو يلبس بدلة حمراء اللون، لكنهم عادوا ورفعوا قضية في محكمة الاستئناف، وقبل أن يأتي قرار بإعدامه.
تم هدم سجن عكا بتاريخ 4أيار 1947 من قبل مجموعة من المنظمة الصهيونية "اتسل" وعدد أفراده واحد وثلاثون الذي كان يضم بين جدرانه 460 سجيناً عربياً و163 يهودياً وكان الهدف إخراج المساجين اليهود (1).
نجح محمد كباقي المساجين بالهرب وقبل أن يتمكن البريطانيون من فرض الحواجز العسكرية في عكا وحيفا ونهاريا، ونجح محمد في لبس ملابس نسائية واتجه صوب قرية حرفيش وبدورهم أخذوه إلى لبنان، وعرضوا عليه إما الذهاب لعائلة جنبلاط أو عائلة الأسعد وهم شيوخ لبنان البارزين في منطقة الجنوب اللبناني، وحل ضيفا عند الشيخ أحمد خليل الأسعد "أبو كامل" في بلدة الطيبة، لمدة سبع شهور، وعومل كأولاده، وعرض عليه الزواج من ابنته سكينة، ولم يوافق بسبب ارتباطه وخطبته من ابنة عمه حفيظة موسى عيسى، ووفاء لها حيث صبرت وبعد صدور قرار التقسيم عاد لقرية خريش وكفر ثلث ووجد الفرصة سانحة للقتال مع المناضلين الفلسطينيين رغم أنه كان بعين واحدة، حيث كانت العين الثانية قد أوذيت بسبب ضربة المعلم في طفولته.
عرف محمد بعزة نفسه وحفاظه على العرض والشرف وكان يكره الضيم ولا يصبر عليه، ففي عام 1948هاجرت عديد من أبناء القرى والبدو إلى خريش وكانوا في ضيافة أهلها وفاق عددهم عدد أبناء خريش، وكان من بينهم بعض شيوخ القبائل البدوية الذين نصبوا خيامهم بالقرب منها، ومنهم العمريون، والطرايفة، والخولية، وبيار عدس والجرامنة والسواركة وعرب أبو كشك، والمر، وقد ولا حظ محمد أن أحد الشيوخ يسيء الأدب في تعامله مع خدمه وعبيده بما يسيء لسمعة قريته خريش فلم يصبر، فاستهدف أحدهم بقنبلة يدوية ألقاها ليلاً على خيمته لكنها لم تنفجر ووقعت في الوحل، فقرأ الرسالة وفهم مضمونها؛ مما أجبره على ترك خريش والخروج إلى جلجولية المجاورة، كذلك استهدف أحد المخاتير المشبوهين بعمالتهم للصهاينة.
استقر محمد وإخوانه في خريش عندها أخذت الفئة السيئة من أصحاب الأخلاق الفاسدة والمرتبطين بالصهاينة يعرضون عليه العمل في تهريب البقر والدواب من وإلى الكيان الصهيوني، فرفض حيث أدرك أن البعض يحاول توريطه، ولما عجزوا عن تحقيق مأربهم راحوا يتآمرون عليه ويدفعون إدارة الحكم العسكري للضغط عليه للتعاون مع الاحتلال أو إجباره على ترك البلاد وفي عام 1950 اعتقلوه في مركز مستعمرة ملبس لمدة شهرين دون سؤال أو جواب، وبعد شهرين أخذوا يوجهون تهما ومنها قتل عربي في قضية جنائية واستكمالاً لحكم البريطانيين والاشتراك في حرب 1948 والتعرض لأشخاص، وأنكر التهم.
ولجؤوا إلى طرق أخرى منها الاختيار بين التعامل والارتباط معهم أو السجن المؤبد، وحاولوا إقناعه من خلال الضابط أرفلي الذي كان والده على صداقة مع بعض أبناء خريش منذ تأسيس مستعمرة ملبس وبينهم علاقات تجارية وحضر المدير العام للمخابرات ريكلين ومعه أرفلي بحجة أنه صديق معروف لأبناء خريش وأنه سيساعد في الإفراج عن محمد فقط مقابل أن يبدي حسن نية وتعاونا في تقديم المعلومات والمساعدة .
لكنه رفض وقال: أتريدون ممن أطلق هذه اللحية وأمسك بلحيته أن يتحول إلى عميل لا والله مهما كان الثمن ومهما كانت النتيجة.
تم الحكم عليه مدة 15سنة ولكن إخوانه وأقاربه في خريش وجلجولية قاموا بتوكيل رئيس نقابة المحامين "الإسرائيليين" للدفاع عنه ودفعوا له 1500 ليرة "إسرائيلية"، وحولت القضية إلى (محكمة العدل العليا "الإسرائيلية")،ونجح في تخفيف الحكم عنه بعد أن نقل إلى سجن تلموند وأخيراً أفرج عنه في عام 1955.
عمل محمد في الزراعة برفقة إخوانه ، وذات يوم بينما كان راجعاً إلى جلجولية وجد أطفالاً يلعبون في قنبلة عند مقام أبي العون الغزي الشافعي، فأخذ منهم القنبلة، ولكن رجال الشرطة وحرس الحدود قد وصلوا جلجولية بعد ساعة وقد اعتادوا المرور يومياً إلى مستعمرة يرحيف عند خط الهدنة، وقام أحد المخاتير بالتبليغ عنه، وقبل أن يصلوه قذفها بين الحشائش الطويلة، وأنكر حيازته لأي سلاح، ولم يعثروا عليها وبحثوا في تخشيبته فوجدوا قساطورة وبلطة وسكين ودفتر دون فيه جميع مجريات الأحداث التي جرت في مذبحة كفر قاسم، فاتخذوها ذريعة لسجنه ،واتجهوا به جهة الشمال على طريق جلجولية الطيبة، وكانوا يتحدثون ويهمسون بالعبرية ويبحثون في طريقة قتله والتخلص منه، تظاهر بعدم معرفته وسماعه للعبرية، وبينما كانت سيارة الجيب العسكري تمر من قرية الطيرة الصعبية وتمر من بين قطيع من البقر وتقترب من حقل للذرة أسقط نفسه وهرول منها قبل أن يتمكنوا من اللحاق به وفر إلى الضفة الغربية عن طريق فلامة.
وصل الضفة الغربية وتخفى في أراضي كفر ثلث وخربة كفر قرع عام 1957، وأخذ أقاربه يرسلون له الطعام ،وبعد فترة سلم نفسه لحكومة الأردن التي سجنته في سجن طولكرم لمدة عام وعرضوا عليه الرجوع إلى جلجولية فرفض لأن حياته مهددة بالخطر، وأفرج عنه وأقام في مدينة نابلس، وقام بدفع دية المقتول من بلده وجرت صلحة بين عائلتي غرابة وعودة، وفي عام 1962 عمل في حسبة نابلس ولم يطل به المقام حيث توفي في يوم الجمعة 4/5/1962 اثر سقوط الباب الخلفي لسيارة الشحن.
المراجع:
(1)الكردي فايز ،عكا بين الماضي والحاضر،دار البشير ،عكا 1972ص 145
(2) مقابلة أجريت مع والدي أمين موسى عرار.
(2) رواية توفيق عبد القادر أبو صفية. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: مشاهير فلسطين في العالم الأربعاء 06 أبريل 2016, 10:35 pm | |
| أنطون جميل داود نسف مقر الوكالة اليهودية في القدس*
علي ضاهر إبراهيم
لا شك ان هذه الوكالة هي الجهاز التنفيذي للحركة الصهيونية العالمية، وكانت بنايتها أشبه بقلعة مغلقة تضم أقبيتها وثائق نصف قرن من النشاط الصهيوني، وقد أحيطت هذه الوكالة بسور فولاذي ارتفاعه ثلاثة أمتار ويتولى حراسته عدد من جنود الهاغناه، كما زرعت الشوارع المؤدية إليه بقضبان حديدية وبراميل مملوءة بالمتفجرات، لتحول دون وصول أية سيارة، إلا ضمن حدود ضيقة، وكان على الداخل إليها أن يحمل تصريحا خاصا وهويته الشخصية.
وكان بطل نسف هذا الوكر هو المجاهد البطل (أنطون جميل داود) واليك وصفا لعملية النسف حسب ما جاء في مخطوط الدكتور قاسم الريماوي على لسان المجاهد البطل.
ولد المجاهد أنطون داود في مدينة بوغوتا عاصمة كولومبيا في أمريكا اللاتينية، عام 1909 م، وأتم دراسته الثانوية في مدرسة باغوتا، والتحق بكلية (سانت جونز) في القسم التجاري وتخرج منها عام 1930 م، ثم التحق بجيش أمريكا الوسطى حيث حصل على رتبة ملازم أول، واشترك في القتال ضد الجيش الأمريكي في المكسيك، وحصل على رتبة كابتن بفضل شجاعته في معركة جبال لاسيجوفيا، حيث كان يقود فرق الرشاشات، وبعد انتهاء المعركة عاد إلى بيته في هاندوراس عام 1932 م حيث أسّس شركة طيران مدنية سميت (تاكا) بالتعاون مع الدكتور باونز الأمريكي وجيمس ويلزبات والطيار الاسترالي بركس.
ولما سمع بنشوب حرب بين كولومبيا (مسقط رأسه) وبيرو، اتجه إلى كولومبيا للاشتراك في الحرب، وما أن وصل حتى وضعت الحرب أوزارها سنة 1933، ثم اتجه إلى فرنسا عن طريق البحر، وبقي في باريس عند أقاربه آل جاسر سنة كاملة، ومن هنا عاد إلى بيت لحم في فلسطين (مسقط رأس آبائه وأجداده) مارّا بمرسيليا، وهناك تعرف على عدد من اليهود، واستطاع الوصول إلى فلسطين بدون جواز سفر على اعتبار أنه يهودي مهاجر.
ولما حضر الموظف البريطاني المسؤول عن التحقيق في جوازات السفر في ميناء حيفا، وطلب منه جواز السفر، أبلغه أنه يهودي فقال له الموظف: هيا أسرع مع جماعتك فورا. ولم يحاول إعاقته وسهّل نزوله إلى البرّ.
استضافه مرافقوه اليهود إلى تل أبيب حيث حلّ في بيت يقع في (75 شارع اللنبي) في تل أبيب حيث تعرف عليها، ثم طلب من مضيفيه الذهاب لزيارة القدس وبيت لحم والناصرة فقالوا له: إن هؤلاء (أهلها عرب وقطّاع طرق). لكنه ذهب إلى يافا، ومن هناك اتجه إلى القدس فبيت لحم سنة 1935، ولما نشبت ثورة 1936 خشي من الالتحاق بها، مع تشوقه وحبه لإنقاذ بلاد أجداده وحبه للحرب بسبب عدم إتقانه للّغة العربية، لهذا آثر ان يخدم بلاده عن طريق التحاقه بقوة البوليس الفلسطيني، فالتحق به عام 1936، ونقل إلى مركز زخارين وهناك أخذ يعمل لصالح بلاده مستغلا مركزه الرسمي.
وفي أحد الأيام أطلق أحد المجاهدين النار على يهودي فقتله بالقرب من زخارين، وأراد اليهود الانتقام من القرية العربية المجاورة واسمها (مراديس)، فطوقوا العمال بالليل وألقوا القبض على رئيس العمال، وهو من المجاهدين ويدعو (مصطفى) وقد وضع اليهود مسدسا في جيبه وسلموه لمركز البوليس في زخرون، ولما علم أنطون بذلك، ذهب إلى مكتب الأحوال وتمكن من الحصول على المسدس، فأتلفه من الداخل ووضع علامات على جميع قطعه الداخلية بمبرد رفيع، وأعاد المسدس إلى الخزانة وسجل رقمه على علبة سجاير، وأبلغ المتهم بضرورة إنكار المسدس، واتصل بأهله ليطلبوه للشهادة، ولما قدم مصطفى المذكور للمحكمة العسكرية وشهد ضده ضابط المركز اليهودي، تقدم انطون فشهد بأن الضابط اليهودي قد أعطاه المسدس المذكور قبل ثلاثة ايام من تاريخ القبض على مصطفى، وطلب إليه إصلاحه بصفته خبيرا في الأسلحة، ولما تأكد من عدم صلاحيته أعدته إليه وقال: ان المتهم مسلم وأنا مسيحي من كولومبيا ولا تربطني به أية علاقة أو معرفة...
وهكذا كتبت النجاة للمتهم الذي كان سيشنق حتما، على يد هذا الرجل الشهم، وحدث ان ذهبت قوة من البوليس لتفتيش بيت أحد المجاهدين في القطمون ومعهم أنطون، ولما ذهب الضابط لإحضار المختار، انسلّ انطون إلى صاحب البيت بسرعة خاطفة وأعلمه الخبر، وأخذ بندقية الرجل ودفنها بعيدا... ولما حضر الضابط، وأمر بتفتيش البيت لم يعثر على شيء، وهكذا كتبت النجاة لعائلة كبيرة بفضل جهوده... ولما شكّت السلطات في أمره، أوقفته عن العمل، لكنه اتصل بواسطة جماعة من جمعية الشّبان المسيحية بالقنصلية الأمريكية، حيث اشتغل فيها عام 1947 م، في قسم التأشيرات، وهناك استطاع أن يتعرف على أسرار القنصلية الأمريكية، من خلال البرقيات والمكالمات التليفونية، كما تعرف على فتاتين إحداهما من الأرغون والثانية من أفراد الهاغناه، وتعملان في القنصلية، ومن خلال ذلك عرف ان جميع قوى اليهود السياسية والعسكرية، تحت إمرة الوكالة اليهودية ولا صحة لما يقال عن اختلاف مع بعض المنظمات.
كان الميجر (انجرونوفيتش) ملحقا عسكريا في القنصلية (وقد علمت أنه على اتصال دائم بالوكالة اليهودية هو وزوجته، وهما يسكنان في حيّ القطمون العربي، وأذكر أنه في إحدى الليالي، أقام الميجر حفلة ساهرة في بيته، ضمت عددا من الشخصيّات المهّمة، فتسللت حتى وصلت خلف صخور تطل على الدار، وفي هذه الأثناء حضرت سيارة صغيرة تقل شخصين من رجال الوكالة اليهودية، الذين يترددون على القنصلية. فنزل أحدهما وأطلق صفيرا، فخرج على الأثر الميجر المذكور، وقابلهما وسلم كل منهما الآخر شيئا لم أتبين حقيقته، وبعد نصف ساعة انفجر لغم كبير في القدس، وفي هذه اللحظة صممت على نسف الوكالة اليهودية لأنها مصدر الجرائم الرئيسية، ولا فائدة بدون تدميرها ودكها من أساسها، ومن هنا قررت العزم على تنفيذ هذا الأمر ولو كلفني أعز ما أملك من حياة أو مال....)
عرفت بفضل وجودي في القنصلية، وبطريقة سرّية أن ضابطين من أعظم الشخصيات البارزة في الوكالة اليهودية، سوف يحضران إلى القنصلية الأمريكية صباح يوم السبت في تمام الساعة العاشرة، فذهبت إلى عاملة التليفون اليهودية واسمها (فكتوريا) وقلت لها:
(ان غدا السبت وأنت امرأة ولك أولاد. وأنا أريد أن أعمل مكانك لتقضي عيد السبت مع أهلك وأبنائك، فسرت سرورا عظيما وقالت: لا مانع عندي إذا وافق القنصل...)
وكلمت القنصل قائلا: إن هذه السيدة خجلانة منك بسبب غيابها يومين في الأسبوع الماضي وابنها مريض وأنا مستعد أن اشتغل مكانها غدا، فوافق القنصل وقدّر شعوري نحوها، وبإنسانيتي رفقة بها وبابنها المريض، ومن شدة سروره وتقديره وعد بإعطائي إجازة يومين، مقابل ذلك الشعور فقال: كيف أستطيع مكافأتك يا أنطون.. فقلت لها: يكفي أن تعرفي أن العرب عندهم شهامة، ولا تمنعهم أعمالكم معهم عن بذل المعونة لكم.
وبقيت تلك الليلة في القنصلية، ولما سألني القنصل عن سبب تأخري حتى ساعة متأخرة من الليل أجبته: إنني لا أتمكن من الذهاب إلى بيت لحم لبعدها، ولأنني لا أستطيع أن أترك التليفون...
وفي تلك الليلة رسمت خطة كانت كالتالي:-
صعدت إلى غرفة القنصل التي كانت خالية في الساعة الثامنة من صباح يوم السبت، ورفعت سمّاعة التليفون، ووضعت (شيئا ما) بين السماعة ونقطة ارتكازها على جسم التلفون ووضعت بينهما عود كبريت لتفصل بين السماعة والجسم، وبفضل ذلك بقي التليفون مفتوحا، بالرغم من أنه مقفل، وبفضل هذه العملية، أصبح في إمكاني أن أستمع من مكتب التوزيع الهاتفي إلى جميع الأحاديث التي ستدور بينهم وبين القنصل في غرفة مكتبه، ومنها استطعت معرفة؛ (إن من بين الحاضرين ضابطين من كبار ضباط الجيش الأمريكي، وهما ينويان على تأليف قوى الميليشيا اليهودية، وأنهم سيعقدون يوم الخميس الموافق 11/ 3/ 1947 م اجتماعا في تمام الساعة العاشرة في دار الوكالة اليهودية، وكان هؤلاء يقطنون في فندق (عدن) بالقدس، وقد عرفت بعد ذلك أن الميجر المذكور يتردد كثيرا على هذا الفندق...)
وفي الحال اتصلت بالقائد عبد القادر الحسيني، وأعلمته بالموضوع وبالخطة لتجهيز الألغام...
وفي صباح يوم الخميس 11/ 3/ 1947 ودّعت زوجتي وأولادي الوداع الذي كنت اعتقد أنه الأخير، وذهبت إلى مكان عملي في القنصلية كالمعتاد، فغافلت موظفي القنصلية، وأخذت السيارة في تمام الساعة 8:45 وذهبت إلى المدينة القديمة، حيث وضعت اللغم فيها، وفي تمام التاسعة وخمس دقائق توجهت إلى هدفي المنشود، حسب الخطة المرسومة التالية:-
(كان عليّ أن أجتاز قبل الوصول إلى الهدف حاجزين انجليزيين، وأربعة حواجز يهودية، وكنت أحمل مسدسين أوتوماتيكيين وقنبلتين يدويتين وأربع علب سجاير أمريكي، ولما وصلت الحاجز الأول من حواجز المناطق المنظورة، والتي يتولى حراستها الجنود الانجليز، حييت الحارس بالانجليزية، وقدمت له سيجارة أمريكية فقال: شكرا. وبهذه الطريقة اجتزت الحاجزين. وعند وصولي إلى أول حاجز للهاغناه في شارع الملك جورج، حضر إليّ الضابط المسؤول وأربعة من رجال الهاغناه الموكول إليهم أمر الحراسة، وكلّمني بالعبرية فقلت له: إنني أعرف قليلا، تكلم معي بالاسبنيولية أو الانجليزية، وسألني إلى أين أنت ذاهب فقلت له:
ألا تعرف أنني ذاهب من القنصلية الأمريكية لإحضار الشخصين العسكريين من غرفة رقم 14 في فندق عدن إلى الوكالة اليهودية.. ؟
فلما سمع ذلك قال: أهلا بك... تفضل.. فشكرته، وقدمت لكل واحد منهم سيجارتين أمريكيتين واجتزت الحاجز الثاني بنفس الطريقة، وبرباطة جأش. لأنني أيقنت أن أمامي هدفي، وأن وراء وصولي الموت المحقق، وبعد ان اجتزت الحاجزين، وقفت أمام فندق (عدن) واشتريت جريدة (البالستاين بوست)، وأخذت اقرأ. فيها وأنا في السيارة كأنني أنتظر أحد الأشخاص، وفي هذه الفترة ضبطت ساعة توقيت الانفجار، ووضعتها على العشر دقائق، وعدت إلى دار الوكالة من حيث أتيت، وأوقفت عند الحاجز الأول. فقال لي المسؤول أين الضابطان اللذان ستحضرهما؟ فقلت له: لقد أجلا الموعد حتى الساعة الحادية عشرة والنصف... فبدلا من الانتظار سأذهب لأتناول قطعة من الساندويش. صّدق الرجل كلامي، وقدمت له سيجارة أخرى، ثم واصلت سيري في طريقي إلى القنصلية الأمريكية عن طريق شارع الملك جورج مارا بالوكالة اليهودية، وقبل وصولي إلى أرض الوكالة أوقفت أمام الحاجز الثاني، وكلمت حرّاسه بالاسبنيولية (وهي اللغة المحببة لدى اليهود الاسبنيوليين)، وأبلغت قائد الحرس أن الشخصين قد تأخرا حتى الساعة الحادية عشرة والنصف وقدمت له علبة سجاير فشكرني وقال:
- عندما تعود يجب أن تحسب حسابك أن نقضي بعض الوقت، لنتحدث في الأوضاع الحاضرة فأنا أتشوق للتحدث بالاسبنيولية... وهنا تقدمت إلى الساحة.. ساحة الوكالة اليهودية. وكانت هذه الساحة محاطة بشريط كهربائي على شكل بكرة، وقد وضعت براميل مملوءة بالمتفجرات في المدخل وتدلّى من البكرة سلكان كهربائيان، وفي مؤخرة البكرة يوجد جرس كهربائي، إذا ضغط عليه حصل تيار كهربائي قوي يدفع البراميل إلى الأمام مسافة كبيرة، تحطم أية قوة تقف أمامها مهما كان ثقلها، وهذه الترتيبات للحيلولة دون اقتحام باب الوكالة بالقوة....
وما أن وصلت حتى فتح المسؤول الحاجز على مصراعيه لاعتقاده أنني احمل الضابطين معي في السيارة (سيارة القنصلية الأمريكية) للاجتماع... ولما دخلت الساحة، وشاهد الحارس أنه لا يوجد أحد بداخل السيارة سواي حتى صرخ: عربي... عربي... فأسرعت في الحال وأدرت محرك السيارة واتجهت إلى الحائط الذي تقع فيه مكاتب الكيرن كايمت ومكاتب الملة اليهودية ومركز الماني، وقربت السيارة إليه، وكنت أعلم أن اللغم قد أوشك أن ينفجر، لأنني وقتّه في ساحة فندق عدن على عشر دقائق، حيث مضى نصفها على الأقل في الطريق، ونزلت بسرعة من السيارة وأقفلت بابها، ورميت بالمفتاح بعيدا حتى لا يتمكن اليهود من فتح الباب ورفع الألغام إن هم قبضوا عليّ..
وعلى إثر صيحات الحارس.. عربي... عربي.... هجم عدد كبير من قوات الهاغناه من الداخل والخارج نحوي، فألقيت القنبلة الأولى (وكنت أحمل قنبلتين من نوع ملز) ولكنها لم تنفجر، وألقيت الثانية فلم تنفجر، وعندها استللت المسدسين اللذين أحملهما ووضعت السيارة خلفي للدفاع عنها وعني، وفي هذه الأثناء شاهدت مصفحة للهاغناه، تقف على بعد خمسة أمتار مني على شمال الشريط الموصول إلى شارع الملك جورج، ولا أحد فيها عندها وجّه إلي الحارس المقيم على الزاوية الشمالية من الوكالة صلية رشاش، فأطلقت عليه طلقتين من مسدسي، فأصابته إحداهما، فسقط على أكياس الرمل التي أمامه، ثم قفز أحد ضباط الهاغناه إلى سيارة تقف بجانب المصفحة، وأخذ منها مسدسا، فلما لمحته أطلقت عليه النار فأصبته وخرّ صريعا، وارتمى تحت قدمي مضرجا بدمائه، وعند ذلك وجه أحد حاملي رشاش هوشكس النار تجاهي، من البناية المقابلة لعمارة الوكالة صليتين من الرصاص، ولم يتمكن من مواصلة الرمي خشية أن يصيب رجاله الذين احتشدوا في الساحة.
وفي هذه اللحظة نزل احد الضباط من بناية الوكالة من الجهة اليسرى، وفي الحال أطلقت الرصاص عليه من مسدسي فهوى على وجهه وسقط منه المسدس الذي كان يحمله، فخرجت منه رصاصتان أصابت أحد الجنود المتقدمين نحوي...
ولما لاحظت أن قوة الخصم قد زادت من الجهة اليسرى شعرت بحراجة موقفي، وتأكدت من ان اللغم سينفجر حتما بعد لحظات، وفي الحال ألقيت بنفسي على الأرض وتدحرجت حتى أصبحت تحت المصفحة اليهودية وبسرعة فائقة، تدحرجت من تحت المصفحة وفجأة وجدت نفسي في الشارع العام.. وفجأة وجدت نفسي أترنح يمنة ويسرة، وشعرت أنني أكاد أطير في الهواء... كان اللغم قد انفجر، فطيّر العمارة وجميع ما حولها من استحكامات وأكياس الرمل. وما ان تمالكت شعوري ووقفت على قدمي، حتى رأيت سيارة خضراء يهودية تقف وسائقها في حالة ذعر شديد، فأسرعت نحوها، وضربت السائق على رأسه بعقب المسدس فأغمي عليه وأنزلته من السيارة، وصعدت عليها، وأدرت محرك السيارة وبسرعة جنونية سرت حتى وصلت تراسنطة، ولما سمعت زامور الخطر تركت السيارة، بعد أن أخذت منها رزمة ملفوفة، وسرت إلى جانب الطريق المزروع بشجر الزيتون، حتى وصلت كراجا يملكه رجل عربي، وهناك حشوت المسدسين وجهزت نفسي لمغادرة مدخل المنطقة المحظورة، الذي يتولى حراسته الجنود الانجليز، وكان يحرسه ثلاثة من الانجليز يحمل أحدهم رشاش برنّ، كما يحمل الآخران أسلحة أوتوماتيكية، فلما وصلت إليهم وقد قررت القضاء عليهم إن حاولوا التعرض لي، إلا أنني وجدتهم مذعورين من شدّة الانفجار، ويحملقون في أعمدة الدخان المتصاعدة، وتقدمت إلى الشاويش وقلت له: لقد نسف الانجليز عمارة الوكالة اليهودية.. فصاح بي... اذهب من هنا حالا..
وهكذا تمكنت من الخروج من المنطقة المحظورة، ومنها توجهت إلى الحرم الشريف، ومنه إلى مدينة أريحا، ومن أريحا إلى نابلس حيث تناولت الكنافة...
ثم توجهت إلى بير زيت لمقابلة القائد عبد القادر، وفعلا قابلته في رام الله في بيت الدكتور سليمان سليم، وعندها قدمت له المائة جنيه التي كانت ملفوفة في سيارة اليهودي وكانت ثمنا لبنزين شركة شل، وقلت له:
(هذه غنمتها من اليهود وهي ملك للقيادة). فرفض عبد القادر أن يأخذها وأصررت على ذلك، فما كان منه إلا أن أخذها وعدّها، فوجدها ناقصة خمسة جنيهات فتناول من جيبه خمسة جنيهات وأعادها جميعا إلي وقال: «إنها حلال لك حرام على غيرك».
وبعد ذلك انتقل انطون إلى خارج فلسطين، ورغم محاولاته للعودة إلى صفوف الجهاد إلا أن المصلحة العامة اقتضت بقاءه خارج البلاد محافظة على سلامته...
وهكذا خطط المجاهد «أنطون جميل داود» ونجح في تدمير الوكالة اليهودية وما جاورها من عمارات أخرى، واندلعت النيران والتهمت بسعيرها المكاتب اليهودية بما تحويه من ملفات وأسرار وسجلات... كما أصاب التدمير بيت المال اليهودي، ومكاتب المجلس الملّي اليهودي... وكانت خسارة اليهود في هذه العملية 36 قتيلا... وجرح حوالي 100 بعد أن كان اليهود يعتقدون أن دار الوكالة أمنع من عقاب الجو.....
*المصدر: عيسى خليل محسن ـ فلسطين الأم وابنها البار (عبد القادر الحسيني) ـ دار الجليل |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: مشاهير فلسطين في العالم الأربعاء 06 أبريل 2016, 10:36 pm | |
| مقابلة مع الشاعر الفلسطيني صبحي ياسين
غزة ـ خاص مؤسسة فلسطين للثقافة
صبحي ياسين..شاعر فلسطيني مغترب، ولد ونشأ في مدينة غزة عام 1945م وأتم فيها دراسته وصولا للمرحلة الثانوية ليلتحق بعدها كحال الطلبة الغزيين بالجامعات المصرية حيث حط به الرحال في جامعة الإسكندرية كلية الآداب قسم اللغة العربية ليتخرج منها حاملا شهادة الليسانس في اللغة العربية وآدابها عام 1968 . عمل مدرسا للغة العربية في الجزائر عام 1969ثم انتقل إلى البحرين فالجماهيرية الليبية، وأخيرا استقر في دولة الإمارات العربية بعد رحلة تنقلات واسعة لفلسطيني لاجئ بلا هوية ولا أرض.
الشاعر صبحي متزوج و لديه أربعة أبناء وبنت، وله كذلك من دواوين الشعر المطبوعة سبعة دواوين، لإلقاء الضوء على تجربته الشعرية، كان لنا معه هذا الحوار.
1- متى بدأت تبحر في دنيا الشعر والمشاعر؟
عهدي به قديم كنت أميل إلى جيده وأنفر من رديئه، وفي المرحلة الثانوية كانت بدايات المخاض غير الجاد وفي المرحلة الجامعية كان ما كنت أصبو إليه، أما عن الديوان الأول فأحمد الله الآن أنني لم أكن قادرا حينها على طبع أو نشر ورقة واحدة حيث الظروف المادية القاسية عام 1970م حيث ولادة الديوان الأول غير المطبوع حينما كنت أعمل في الجزائر وكان المد الشيوعي عارما آنذاك وكانت الكتابات انعكاسا للتيار الجارف، بعد سنوات راجعت ما كتبت حيث هدأ التيار ثم تلاشى وتغيرت القناعات وبعدها حكمت بالإعدام على كل ما كتبت حتى عام1979.
وبعد فترة نقاهة مُرة طالت قليلا عدت للكتابة من جديد وفي عام1987كان الديوان الأول (من وحي الحجارة ( .
ثم توالت الدواوين سراعا وكأن رغبة في تعويض ما فاتني من وقت ألحت وبعنف، فكان على التوالي ودون ظروف تذكر دواوين: دمعة في عين القدس، لن نركع، السراب، مخاض الهزيمة،صهيل وهديل، على الأعراف( وهو قيد الإنجاز) وديوان غزلي لم أجرؤ على نشره!
2- كونك ولدت قبل نكبة 48 وعاصرت نكبة 67 وتنقلت كفلسطيني مغترب بين دول عدة، هل تعتبر الشاعر صبحي ياسين شاهدا على العصر؟
اعتبر نفسي شاهدا على عصر عشته وقصائدي تؤرخ للمرحلة ذات الطابع الاستسلامي (فلا سلام بلا وطن) مهما بصموا ومهما ركعوا ومهما زحفوا، هذا المبدأ دفعت ثمنه سنة 1995فوجدت نفسي وأسرتي على الرصيف نتسول تأشيرة أو إقامة وهيهات أن يكون ذا لفلسطيني يحمل وثيقة سفر مصرية! لكن أقولها صادقا - لا منافقا- هذه الوثيقة هي من سمح لي بالدخول دون الجميع حيث أقيم الآن في دولة ما (تلك التي لم ولن تركع).
3- ما مدى أثر الاغتراب عن الوطن؟
كل الأثر...فالغربة صهرت في داخلي معادن متناثرة وصنعت منها معدنا واحدا به نكافح وبه نواجه وبه نكون وبه نعيش وبه نكتب، الغربة والصمود تياران دفاقان في صدورنا ولهما الأثر كله في طرائق تفكيرنا وللحدود مذاق خاص في غربتنا حيث الشتائم والضرب أحيانا في الماضي السبعيني!!
يا صاحب الشأن لا جُرمٌ ولا ذنب فيم الشتائم والتهديد والضرب
****** هذا الجواز وذي الأوراق قد ختمت
وفي الحقيبة ثوب فوقه ثوب
******* تهز ذيلك لو مر الغريب بكم
ويطفح الود والترحيب والحب
****** لا تحسبن سكوتي عنك من وجل
قد يصمت الحر إن ينبح به كلب
4- كيف تقيم الأداء الشعري للمشهد الفلسطيني؟
أرى أن الساحة الفلسطينية كما الساحات الأخرى حبلى بالجديد القادم من جيل يستلهم مبادءه من الجذور الممتدة في شرايينه، لا المبادىء المستوردة والمعلبة (لست ضدها ولكن لكل زمان ومكان وإنسان من المبادىء ما يناسبه ( وأرى أن هناك ثلاثة تيارات تجري في محيط الشعر أولها: تيار يجريه شعراء سادوا ثم بادوا أو أبادوا أنفسهم أدبيا سعيا وراء عالمية لا أثر للقضية فيها، وهم شعراء حفظناهم وحفظنا لهم في الستينات وما تلا، والثاني: تيار يجريه أنصار الحداثة ولا أحد ضد الحداثة لكن للحداثة رجالها وصعاليكها وما أقل رجالها وما أكثر صعاليكها، الثالث: تيار الوسطية يكتب من الشعر بنمطية قديمة وحديثة، أما عالمية القضية من خلال القصيدة فلا أعتقد أن أحدا أصاب الهدف في ذلك ومن ادعى العالمية فقد وصل العالمية ناسيا القضية، لأن القضية عند الغرب لها مفاهيمها الخاصة المورثة صهيونيا فهي بحاجة لجهود متنوعة ومكثفة.
4- ما مدى دعم المؤسسات لثقافة العودة؟ كتبت الكثير ونشرت الكثير وانتسبت للكثير وعانيت الكثير ولم يتصل بي أقل القليل هذا مقياس شخصي وعليه أقيس لأنني واحد من كم متراكم والأمر بحاجة لانتفاضة أدبية فقد تراكم الغبار
5- ما هي طموحات الشاعر صبحي ياسين؟ طموحاتي كشاعر أن أرى شعرا يكون فيه الشاعر قريبا من الناس ليسمعوه لا أن يغني على سطح القمر ويطالب الناس المهمومة والمشغولة أن تصعد إليه، كمواطن فلسطيني أطمح أن أحمل معنى هذه الكلمة عمليا فأكون مواطنا له وطن يعيش فيه، أما كمواطن عربي فأطمح أن يأتي اليوم الذي يكون لنا فيه علم واحد وجواز سفر واحد كما لنا دين واحد وتراب واحد |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: مشاهير فلسطين في العالم الأربعاء 06 أبريل 2016, 10:36 pm | |
| الشاعر العربي الكبير محمود درويش يفوز بجائزة الأركانة العالمية للشعر تاريخ النشر: 24/06/2008 - 12:52 م
مراد القادري*
بيت الشعر في المغرب
اجتمعت بمدينة فاس لجنة تحكيم جائزة الأركانة العالمية للشعر التي يمنحها بيت الشعر في المغرب، برئاسة الشاعر محمد الأشعري، وعضوية الشعراء المهدي أخريف، رشيد المومني، حسن نجمي، والناقدين عبد الرحمان طنكول وخالد بلقاسم، وقررت بالإجماع منح الجائزة في دورتها الثالثة للشاعر العربي الكبير محمود درويش.
وسيتم تسليم درع الجائزة في حفل ينظم بالرباط يوم 24 أكتوبر 2008 تعقبه قراءات شعرية للشاعر الكبير محمود درويش بمسرح محمد الخامس.
وجدير بالذكر أن جائزة الأركانة العالمية للشعر التي تمنح هذه السنة بدعم من صندوق الإيداع والتدبير، سبق أن فاز بها كل من الشاعر الصيني بي ضاو (2002)، والشاعر المغربي محمد السرغيني (2004).
ويرجع اختيار بيت الشعر في المغرب لشجرة الأركانة رمزا لجائزته الشعرية العالمية، لكونها لا تنبت إلا في المغرب، وتحديدا جنوبه، بين الأطلس الكبير وحوض ماسة. وجائزة الأركانة العالمية للشعر هي جائزة للصداقة الشعرية، يقدمها بيت الشعراء المغاربة لشاعر يتميز بتجربة في الحقل الشعري الإنساني، ويدافع عن قيم الاختلاف والحرية والسلم.
وجاء في حيثيات تقرير لجنة التحكيم أن :
الشاعر محمود درويش أرسى لتجربته الإبداعية وضعا اعتباريا خاصا، في المشهد الشعري العربي والعالمي، بما جعل منها لحظة مضيئة في تاريخ الشعر الإنساني. في هذه التجربة، خطت قصيدته كونيتها وهي تنصت لقيم الحب والحرية والحق في الحياة، من غير أن تتنكر لدمها الخاص. إنصات اكتسى ملمحه الشخصي من وعي الاستضافة المتفردة التي يهيؤها الشعر لهذه القيم، دون أن ينسى جوهره وسره. من نبل هذه الاستضافة ووعورتها، جماليا، رسخ الشاعر محمود درويش، ولايزال، القيم الخالدة، مؤكدا، في منجزه الكتابي وعبره، أن المادة الرئيسة لهذا الترسيخ لغة لا تتنازل عن جماليتها وبهائها واستنباط الجوهري فيها، الذي به ننفتح على الجوهري في الوجود ذاته. وهذا الوعي الجمالي هو ما جعل الحلم والمكان،في شعره، غير منفصل عن إرساء لغة تحتفي بمجهولها وتنشد أسراره.
انطوت تجربة الشاعر محمود درويش على أزمنة ثقافية متباينة. ولم تكن هذه الأزمنة تضمر معرفة عميقة بالشعر وجغرافياته وحسب، وإنما كانت تضمر، أيضا، وعيا حيويا بأن الشعر منذور للتحول والإبدال والتجدد، بما يجعله مشرعا دوما على المستقبل. ذلك ما تشهد عليه الإبدالات الشعرية في تجربة محمود درويش، بندوبها الممتدة لما يقارب نصف قرن.
لم يكف محمود درويش، منذ أن وعى أن الشعر مصيري، عن البحث عن القصيدة في الألم والفرح، في الحياة والموت، في الورد والشوك، في الكلي والجزئي، من غير أن يفرط في شهوة الإيقاع، أي في الماء السري للقصيدة.
وفاء الشاعر محمود درويش للبحث عن الشعر ظل يوازيه حرص على خلخلة الحجب التي تولدت، في مرحلة معينة، عن قراءة اطمأنت للخارج في مقاربة شعره، ناسية الرهان الجمالي الذي ينهض به الداخل. بهذا الوفاء كما بهذا الحرص أَمَّنَ محمود درويش لقصائده أن تنأى،باستمرار، عن نفسها، مستندا في ذلك إلى معرفة بالشعر وإلى قدرة مذهلة على الارتقاء بالقضايا، التي تفاعل معها، إلى أعالي الكلام، تحصينا للشعر. إن هذه الأعالي هي الوجه العميق للمقاومة، التي لا تنفصل في تجربته، عن الجمالي.
إقامة الإنساني،بألمه وحلمه ومفارقاته،في أعالي الكلام، مكنت الشاعر محمود درويش من الكشف عن تجذر اللغة وشموخها في مجابهة الاقتلاع بمختلف وجوهه؛ الاقتلاع من المكان ومن التاريخ ومن الوجود. مع الشاعر محمود درويش، نستوعب ممكن اللغة الشعرية وخطورتها. ممكن الانغراس في الأرض،ساريا في الصورة والإيقاع والجمالية المنسابة في مفاصل القصيدة. جمالية على عتباتها تتعرى مظاهر التوحش والدمار والقتل التي يتصدى لها شعر محمود درويش بأسراره الخاصة.
والشاعر محمود درويش من مواليد قرية البروة بفلسطين سنة 1941.
صدرت له عدة مجاميع شعرية، من بينها :
أوراق الزيتون - العصافير تموت في الجليل – أعراس - مديح الظل العالي - حصار لمدائح البحر - ورد أقل - أحدى عشرة كوكبا - لماذا تركت الحصان وحيدا - سرير الغريبة، جدارية -لا تعتذر عما فعلت - كزهر اللوز أو أبعد.
رئيس سابق لرابطة الكتاب والصحافيين الفلسطينيين.
أسس مجلة الكرمل.
حصل محمود درويش على عدة جوائز، من بينها :
جائزة لوتس - درع الثورة الفلسطينية - جائزة الأمير كلاوس - جائزة العويس الثقافية - جائزة فولدن ريت العالمية - جائزة الإكليل الذهبي.
ـــــــــــــ * عضو الهيئة التنفيذية لبيت الشعر في المغرب |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: مشاهير فلسطين في العالم الأربعاء 06 أبريل 2016, 10:37 pm | |
| الأديب ميخائيل نعيمة ورحلة العلم في الناصرة فلسطين (1902 – 1906)
أحمد مروات ولد هذا الأديب في بسكنتا في لبنان بعد إنهاء دراسته في قريته التي كان يرأس إدارتها خليل بيدس ابن الناصرة ومن خريجي السيمنار الروسي (دار المعلمين) ألح على ميخائيل بأن يلتحق بمدرسة الناصرة لينهل منها العلم وينال شهادتها العلمية التي تأهله بأن يكون معلما…
فمن ما كتبه نعيمة في سيرته الذاتية سبعون يتحدث عن سفره إلى فلسطين فيورد..
"كان عالمي رحما مغلفة بظلمات ضمن ظلمات. فأصبح سريرا صغيرا من خشب يغمره النور في النهار والظلام في الليل. ثم بيتا صغيرا سطحه من تراب وأرضه من تراب. ثم حيا في ضيعته. ثم ضيعة بخراجها الممتد إلى أعالي الجبال المحيطة بها. وها هو.. قد آن سفري إلى الناصرة.. يمتد بعيدا بعيدا إلى فلسطين. وأين أنت يا فلسطين. يا أرض الميعاد التي تدر لبنا وعسلا؟ أين أنت يا حلم موسى وسبية يشوع بن نون. ويا حبيبة داوود وسليمان. ويا ملهمة اشعيا وكاتب سفر أيوب. ويا مسرحا تعاقبت علية ادوار أنبل حياة وفصول أفجع مأساة منذ مأساة عدن؟ وأين أنت يا ناصرة النجار يوسف وخطيبته مريم التي منها بطل تينك الحياة والمأساة؟
لله ما أبعدك يا أرض اللبن والعسل. وهل فيكما ما يعني هذا اليافع الذي لم يكمل بعد عامه الثالث عشر. وهل فيكما ما يغنيه عن وكره المتواضع.. وعن أهله..؟"
هكذا تخيل نعيمة فلسطين والناصرة وكأن رجلاه ستطأ الجنة.. فقد كانت له هذه البلاد بوصفه أرض القداسة ومهبط الأنبياء.. واللبن والعسل..
من قرية بسكنتا الجبلية حمل نعيمة معه ورقة النفوس (الباسبورت) ويمم إلى فلسطين بحرا متجاوزا حدود بلدته ومنشأه وبجعبته ريالا مجيديا وهو الزاد للمأكل والمشرب.. وكم تمنى ميخائيل نعيمة بأن تكون هذه النقود في البيت مع أهله لما لهم بحاجة أكثر منه…
ما هي إلا أيام حتى تكحلت عيناه بعروس فلسطين حيفا العربية التي احتضنت الساحل بجمالها..
نزل نعيمة بشوارعها وقد ألبسته أمه لتلك السفرة قمبازا جديدا.. علاوة على طربوش أحمر ومداس جديد..
وصف نعيمة تلك الزيارة لحيفا بشوارعها وبيوتها العريقة والسكة الحديثة وبما فيها الناس والجمال والحمير والبغال والكلاب والعربات تلهب ظهور جيادها أسواط الحوذيين وهم ينادوها بأعلى صوتهم "ظهرك يا حرمة.. وجهك يا أفندي.. جنبك يا عتال…
فيها النساء المؤزرات.. المحجبات.. والرؤوس المعممة والمتقلنسة والمطربشة..
فيها باعة المرطبات يحملون القراب أو القناني الزجاجية الكبيرة ليطفئ بها الشاري أو السائر نار ظمئه..
وفي أيديهم صحون من النحاس لا ينفكون يقرعون بعضها ببعض وينادون.. "بورد يا عطشان!"
يتحرك نعيمة للسفر إلى الناصرة ترافقه الذاكرة لما رأته عيناه وسمعته أذنيه من أحاسيس وصور وانطباعات…
إلى الناصرة إلى مدينة بشارة ومنشأ المسيح عليه السلام…
العربة تسير متخطية التلال والسهول ومشاهد الطبيعة وجبال الجلبوع التي لم تخفيها حتى أكبر السحب…
تلك هي المناظر التي شاهدها ميخائيل حين تخطى الطريق بين حيفا والناصرة..
المسكوبية! المسكوبية الناصرة يا أفندي هكذا أعلن سائق العربة أو الحوذي بأعلى صوته ليستيقظ نعيمة من غثاء السفر الذي انهكه والذي استغرق ثماني ساعات..
ترجل نعيمة ماشيا متلفتا تتفقد عيناه معالم وأسرار هذه المدينة..
في زقاق ضيق وأمام بناية كبيرة هي المسكوبية أو دار المعلمين فتح الحاجب الباب الكبير الذي يستقبل به الطلاب في كل صباح ودخل الصبي وشخص الطلاب بوجه غريب جاءها من سفح صنين البعيد يطلب النور.. يطلب الهداية.. ويطلب المعرفة…
هكذا بدأ نعيمة مشواره مع العلم في الناصرة ولمدة 6 سنوات كان غذاؤه الكتاب والقرطاس..
عقب تخرجه من السيمنار عام 1906 تلقى نعيمة منحة تعليمية وسافر إلى باريس والتحق بجامعة السوربون عام 1912. ثم التحق بجامعة واشنطن لدراسة الحقوق ونال الشهادة سنة 1916 لكنه لم يمارس المهنة لانشغاله في الأدب..
أسس مع جبران خليل جبران ونسيب عريضة وإيليا أبو ماضي الرابطة القلمية وكان أمين سرها عشرة أعوام.. لكنها أغلقت أبوابها مع وفاة جبران خليل جبران عام 1931.
عاد إلى لبنان وتفرغ للكتابة.. وفي عام 1935 زار مدينة الناصرة بدعوة من النادي الأدبي الذي كان يرأسه أديب جرجورة والذي يعد من أهم النوادي التي تهتم بالثقافة وكان رئيس البلدية سليم بشارة عضو شرف فيه ويشجع النادي بنشر الثقافة ولم يعط أهمية للمحسوبيات والطائفية والاستعلاء مثل يومنا هذا!!! |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: مشاهير فلسطين في العالم الأربعاء 06 أبريل 2016, 10:38 pm | |
| الكتاب "الظواهر" في تاريخنا الفلسطيني الحديث محمد أبو عزة
نستطيع باطمئنان أن نضع اسم "محمد عزة دروزة" و"خيري حماد" إلى جانب أسماء الكتاب والأدباء العرب الظواهر أمثال "أبو العلاء المعري" و"الحافظ ابن عساكر" و"جلال الدين السيوطي"، وسأقول لماذا؟.
لقد ترك "أبو العلاء المعري" كتابا من ثمانين جزءا هو "الأيك والغصون" وهو مجرد كتاب واحد من عشرات الكتب التي تركها المعري.
ووضع "ابن عساكر" تاريخ دمشق في ثمانين مجلدا، أما "جلال الدين السيوطي" فقد ترك لنا خمسمائة مؤلف تتراوح بين الموسوعة الكبيرة والرسالة الصغيرة.
وقد كتب الكاتب الأردني المدقق المرحوم "يعقوب العودات" الشهير بـ (البدوي الملثم) أن المرحوم محمد عزة دروزة خلف تراثا من التأليف قوامه( أربعون) كتابا، من بينها كتاب "تاريخ الجنس العربي" من تسعة أجزاء، و"حول الحركة العربية الحديثة" من ستة أجزاء.
كما أحصى الباحث الدكتور حسين عمر حمادة الآثار المكتوبة التي تركها المؤرخ الموسوعي "محمد عزة دروزة" فقال إن عدد صفحاتها يزيد على اثنين وعشرين ألف صفحة، إلى جانب مخطوطات لكتب غير منشورة، هي عبارة عن مذكرات متنوعة المواضيع يزيد عدد صفحاتها على ستة عشر ألف صفحة، هذا إلى جانب مئات الأحاديث الإذاعية والمقالات السياسية والإسلامية، والمحاضرات الأدبية والاجتماعية والتاريخية والتربوية.
أما "خيري حماد" فقد صدر له 119 كتابا بين مترجم ومؤلف، وأهم مؤلفاته "قضية فلسطين" و"قضايانا في الأمم المتحدة" و"ثورة الجزائر" و"أعمدة الاستعمار البريطاني في الوطن العربي" و"أهداف الاستعمار في الجنوب العربي"..
أما أهم مترجماته فهي: تاريخ الحرب العالمية الثانية، ومذكرات تشرشل عن الحرب العالمية الثانية، ومذكرات ديغول عن الحرب العالمية الثانية أيضا، وتاريخ ألمانيا الهتلرية ذي الأجزاء الأربعة الكبار من تأليف المؤرخ الأمريكي "وليام شيرر".. ومعظمها ترجمة عربية نبيلة عن اللغة الإنكليزية.
ولذلك أقول إننا نستطيع باطمئنان أن نضم اسم محمد عزة دروزة واسم خيري حماد إلى أسماء عظماء المؤلفين والمؤرخين الذي ملأوا المكتبة العربية والعالمية بآثارهم، وأن نقول عن الرجلين بأنهما من "الظواهر" وقد سبقنا إلى ذلك الكاتب والمفكر العربي المصري "أحمد بهاء الدين" – يرحمه الله- عندما كتب عن خيري حماد فقال إنه "الرجل الظاهرة".
وسيرة المؤرخين الكبيرين الراحلين تتقاطع في كثير من المحطات، فكلاهما ولد في نابلس، أولهما محمد عزة دروزة ولد في ثمانينات القرن التاسع عشر، وثانيهما خيري حماد ولد في عام 1919.
الاثنان تلقيا العلم في فلسطين، واشتركا في الثورة الفلسطينية عام 1936، وانتقلا إلى العراق عام 1939، وأودعا السجن لاشتراكهما في ثورة رشيد عالي الكيلاني، ثم عادا إلى فلسطين واشتركا في ثورة 1947-1948، وخرجا منها، وتلاقيا في دمشق وبيروت، ثم طواهما الموت من دون أن يطوي التراث الذي خلفاه، والذي بوأهما مكانة رفيعة، إلى جانب عظماء المؤرخين العرب والمسلمين |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: مشاهير فلسطين في العالم الأربعاء 06 أبريل 2016, 10:40 pm | |
| الدكتور نقولا زيادة
محمد أبو عزة
في السابع والعشرين من تموز (يوليو) عام 2006م عندما كانت المدفعية الصهيونية تحرق الحجر والشجر والبشر في قرى وبلدات الجنوب اللبناني، والطائرات (الإسرائيلية) تغتال العمارات الآهلة بالسكان في الضاحية الجنوبية من بيروت .. غيب الموت المؤرخ الفلسطيني اللبناني السوري (الدكتور نقولا عبدو عبد الله زيادة)، الذي كان الأديب الراحل (ظافر القاسمي) يطلق عليه تحبباً لقب (ابن زائدة)- نسبة إلى (معن بن زائدة)- لعلمه وتواضعه ورجاحة صدره- مات شيخ المؤرخين العرب في منزله في بيروت عن عمر 99عاماً- فهو من مواليد كانون الأول (ديسمبر) عام 1907، ووري الراحل الكبير الثرى بصمت لا يليق بقامته الشامخه.
والدكتور نقولا زيادة ولد في حي باب مصلى بدمشق لأبوين فلسطينيين جاءا من مدينة الناصرة بفلسطين، واستقر بهما النوى في دمشق الشام.
وقضى نقولا زيادة طفولته في دمشق، وهي طفولة معذبة، فعندما كان في الثامنة من عمره تم تجنيد والده في (حرب السفر برلك)- الحرب العالمية الأولى- وتقرر نقل المجندين إلى السويس حتى قبل أن يتلقوا التدريبات الضرورية، وتم تجميع العسكر في التكايا والأديرة والجوامع وأطلقوا عليهم اسم (السوقيات)، أي أولئك الذين سيتم سوقهم إلى الموت بنيران المدفعية البريطانية على ضفة السويس.
ويروي الدكتور نقولا زيادة نتفاً من الذكريات المحفوظة عن تلك المرحلة:
"في يوم من الأيام أخبروا أمي بمرض والدي ونقله إلى المستشفى، لم يقولوا لها أي مستشفى ولا وضعه الصحي، وبات علينا أن نفتش عليه، وكنا أنا وأمي نتناوب عملية التفتيش، تذهب أمي وأبقى أنا مع أخي الصغير، وفي اليوم التالي أقوم أنا بالتفتيش. وكنت أنا في سن الثامنة ومع ذلك فقد زرت كل المستشفيات التي كانت تحت الإدارة العسكرية العثمانية.
وفي يوم من الأيام كان دور أمي بالتفتيش، ولما رجعت إلى البيت كانت تحمل كيساً لم أعرف محتوياته، وقالت لي ثلاث كلمات فقط: نقولا، أبوك مات!! وعرفت أن ثيابه ومقتنياته البسيطة كانت في الكيس الذي جلبته معها.
-مات (عبدو عبدالله زيادة) قبل أن يصل إلى جهة السويس، أصيب بمرض من الأمراض التي تفشت بين (السويقات)، وأدخل المستشفى، وتم التثبت من موته في المستشفى-.
المهم أن أمي نادتني وفتقت الفرشة وأخرجت منها شقفة قماش ملفوف فيها ليرة عصملية ذهب وقالت لي: نقولا، هذا كل ما معنا ...
وأدركت يومها معنى كلمة (هذا كل ما معنا)، أدركت أهميتها وصعوبتها أكثر من إدراكي لموت والدي!!
وإذا كنت قد خفت من الموت، فإنني خفت أكثر من الفقر، الموت موت، لكن الفقر أنت لا تعرف حالك وكيف بدك تعيش.
كنت أرى أمي تشتغل وتتعب حتى تعيّْشنا، وكان علي أن أجتهد في مدرستي لكي أنجح واشتغل وأعيل أمي وأخويّ الاثنين .."
قضى نقولا زيادة طفولته في دمشق الشام، وصباه وشبابه في فلسطين، وبسبب الظروف المادية القاسية اختار أن يكمل دراسته في دار المعلمين الابتدائية في مدينة القدس بدلاً من الالتحاق بالجامعة الأميركية أو غيرها، فالدراسة في دار المعلمين تنتهي في 3 سنوات، يتم تعيينه بعدها في سلك التعليم ويقبض الراتب في آخر الشهر، وبالتالي يستطيع إعالة أمه وأخويه.
ويروي الدكتور نقولا زيادة ذكرياته عن موقف جمعه مع أمه قبل التحاقه بدار المعلمين:"قبل ما أدخل دار المعلمين بعدما نجحت بالامتحان، كنا بزيارة عند جيران إلنا، ونحن راجعين وقبل ما ندخل البيت، وقفت أمي وقالت لي: نقولا، أنا بشتغل حتى أعيشك أنت وأخوتك، رح ابعتلك كل شهر مائة قرش (جنيه واحد) مصروف إلك، ما إلك حق تدخن من اللي أنا بتعب فيه، لما تحصّل مصرياتك دخّن"، وما دخنت حتى صار عمري 32 سنة ...
وتخرج نقولا زيادة من دار المعلمين في مدينة القدس عام 1924 انخرط بعدها في سلك التعليم، وتنقل بين مدارس: ترشيحا وعكا الثانوية والكلية العربية في القدس، كما علم في بعض مدارس دمشق، لكن حلم الالتحاق بالجامعة ظل يلح عليه.
يقول عن ذلك:"بعد إحدى عشرة سنة من تخرجي من دار المعلمين في القدس صحلي الالتحاق بالجامعة، كان إخوتي الاثنين صاروا يشتغلوا، دبروا حالهم، فذهبت إلى بريطانيا للالتحاق بجامعة لندن".
ومن جامعة لندن حصل على بكالوريس في التاريخ، وأيضاً على دكتوراه في التاريخ الإسلامي، وتخرج عام 1950 ليعمل بعدها أستاذاً للتاريخ العربي في الجامعة الأمريكية في بيروت، والجامعة الأردنية وجامعة القديس يوسف في بيروت، كما اشتغل مشرفاً على رسائل الدكتوراه في التاريخ العربي بين عامي 1973 و 1987.
ولم تشر الدراسات التي تناولت نشأة الدكتور زيادة إلى وجود قرابة عائلية بينه وبين الأديبة المعروفة (ماري زيادة) التي اشتهرت باسم (مي زيادة)، والتي ولدت في مدينة الناصرة بفلسطين عام 1886 لأب لبناني اسمه (الياس زخور زيادة) وأم سورية الأصل فلسطينية المولد.
والمعروف أن (مي زيادة) تلقت دراستها الابتدائية في الناصرة- مسقط رأس والدي نقولا زيادة- والثانوية في عينطورة بلبنان، وانتقلت عام 1907- وهي السنة التي ولد فيها نقولا زيادة- للإقامة في القاهرة مع أسرتها.
ومن عجيب المصادفات التي استوقفتني في سيرة الأديبة والمؤرخ، أن (مي زيادة) كانت تتقن العربية والفرنسية والإنكليزية والألمانية والإسبانية والإيطالية، ومثلها كان الدكتور نقولا زيادة يتقن العربية والإنكليزية واليونانية واللاتينية والألمانية.
في مطلع شبابه كتب نقولا زيادة العديد من المقالات، ونشر أعماله الأولى في الصحف والمجلات السورية آنذاك، وصدر له عام 1943 أول كتاب بعنوان (رواد الشرق العربي في العصور الوسطى)، وتتابعت بعدها دراساته الموسوعية التاريخية حتى وصلت إلى نحو أربعين كتاباً بالعربية وستة كتب بالإنكليزية.
ومن أبرز كتبه: وثبة العرب- العالم القديم في جزئين- صور من التاريخ العربي- شخصيات عربية تاريخية- صور أوروبية- عالم العصور الوسطى في أوروبا- قمم من الفكر العربي الإسلامي- أيامي- المسيحية والعرب- مشرقيات.
لم ينخرط الدكتور نقولا زيادة في أحزاب أو تنظيمات سياسية كما فعل العديد من الفلسطينيين ولم يسمح للسياسة أن تشغله عن حياته الفكرية والثقافية والتربوية، وإن كان لم يغفل عن تدوين أخبار رجال السياسة والفكر والأدب والتربية ...
في مذكراته التي صدرت تحت عنوان (أيامي .. سيرة ذاتية) التي صدرت عام 1992- حين كان عمره 85 سنة- أخذ عليه بعض الدارسين أنه لم يؤرخ للقضية الفلسطينية وهو الفلسطيني الناصري –نسبة إلى الناصرة- وهو قال عن هذه المذكرات في مقابلة صحافية في نيسان عام 2003:" لم أجرب أن أكتب مأساتي فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية بالذات، الذي ذكرته في كتابي وتحدثت عنه وكتبته في سوى ذلك، كان محاولة لتوضيح المأساة العامة .. مأساة الشعب الفلسطيني وفلسطين بالكامل، لكن أنا لم أكتب تاريخاً لهذه الفترة، ولا أدري لماذا تجنبت ذلك؟ إن كان عمداً أو مجرد اشتغالي بشيء آخر، يعني أنا لم أؤرخ للقضية الفلسطينية، مثلاً لمحات منها أن الزعماء الفلسطينيين وجميع الزعماء العرب لم يفهموا تماماً معنى (وعد بلفور) بوطن قومي لليهود في فلسطين على أن لا يؤذي هذا الطوائف غير اليهودية الموجودة في فلسطين .. لما أُعطي هذا (الوعد) كان عدد اليهود في فلسطين لا يتجاوز خمسة أو ستة بالمائة .. يقول الوعد عن الـ 95 بالمائة (أن لا تتأذى من هذا الأمر)، يعني الفكرة من الأول فيها شيء، هذه واحدة، الشيء الثاني حاييم وايزمن أول رئيس لـ (دولة إسرائيل) كان أستاذاً في جامعات لندن، كان كيماوياً، وهو أعلن في سنة 1921 في إنكلترا أن فلسطين ستصبح يهودية كما هي بريطانيا بريطانية، يعني الغاية من الأصل كانت ليست مجرد (زاوية) أو (قرنة). الغاية كانت (فلسطين لليهود)، هذه لم يفهمها الزعماء الفلسطينيون والعرب، لذلك الوفد العربي الفلسطيني الأول الذي ذهب إلى إنكلترا سنة 1921، جرّب أن يطلب من الحكومة أن تلغي (وعد بلفور)، ما أدركوا أهمية وعد بلفور!!
الشيء الثاني فيما تقدم من الزمن، كان هم الزعماء أن يكونوا زعماء، وبعدين بيهتموا بالقضية .. فيه فرق بين أن تكون القضية هي الأساس عندك والزعامة تأتي على طريق القضية، لكن كانت القضية تأتي عن طريق الزعامة ... يمكن يكون هذا السبب ما خلاني أكتب تاريخ القضية الفلسطينية)).
رحل الدكتور نقولا زيادة من دون أن يؤرخ للقضية الفلسطينية، وليته فعل |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: مشاهير فلسطين في العالم الأربعاء 06 أبريل 2016, 10:41 pm | |
| المؤرخ الفلسطيني أحمد خليل العقاد 1
محمد أبو عزة في عام 1946، صدر في يافا بفلسطين كتاب بعنوان (من هو Who Is Who ) يعرف برجالات فلسطين ويقدمهم لأبناء الأمة، وقد قدم صاحب الكتاب أحمد خليل العقاد في كتابه زهاء أربعمائة ترجمة لشخصيات فلسطينية عاملة في مختلف الميادين من علم وصناعة وتجارة وسياسة وما إلى ذلك، في أثناء حياتهم، بقصد إرشاد الناس إلى بعضهم بعض، وإقامة المعاملات والمنافع المتبادلة على أساس التعارف.. وحين مات الرجل عام 1976 –بعد ثلاثين سنة من صدور كتابه الآنف الذكر- لم يجد من يكتب عنه، وحين جربنا الولوج إلى عالم الراحل أحمد خليل العقاد، لم نجد إلا معلومات قليلة، منها أنه رائد الصحافة العربية في فلسطين وأول من أرخ لها في كتابه (تاريخ الصحافة العربية فل فلسطين 1876-1948)، ولد في يافا سنة 1916، وتلقى علومه في مدرسة دار العلوم الإسلامية والمدرسة الثانوية الأميرية في مدينة يافا.
وأنه كان متعدد المهن فقد عمل بالنجارة عدة سنوات، وفي سنة 1935 عين معلما في مدرسة (سلمة) الأميرية –إلى الشرق من مدينة يافا- لكنه استقال من وظيفته هذه بعد سنة واحدة ليعمل محررا صحفيا في يومية (الجامعة الإسلامية) التي كان يملكها الشيخ سليمان التاجي الفاروقي، وما لبث أحمد خليل العقاد أن انتقل منها إلى (جريدة فلسطين) اليومية التي كان مالكها ورئيس تحريرها (رجا العبسي)، ثم غادرها إلى يومية (الدفاع) التي كانت مملوكة لإبراهيم الشنطي الذي ترأس تحريرها أيضا. وبقي العقاد فيها حتى عام 1936. وفي بداية ثورة 1936- 1939 الوطنية الفلسطينية، اعتقلت سلطات الانتداب العقاد لثلاثة أيام مع ثلاثة صحافيين، وبعد الإفراج عنه سافر إلى بيروت حيث عمل مدرسا للغة العربية والتاريخ في مدرسة العزيزية، وعاد إلى فلسطين سنة 1940 وأصدر جريدة (المهد) وبعد سنتين أسس مكتب الصحافة والنشر في مدينة يافا، وهو أول مكتب عربي قام بأعمال الصحافة والنشر والدعاية في فلسطين.
وبعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها بعدة أشهر، أسس العقاد مجلة (الرأي العام) الأسبوعية، وكانت تلك المجلة رائدة المجلات الكاريكاتورية في فلسطين.
انخرط العقاد في الأنشطة النقابية حيث أسس سنة 1945 نقابة عمال النجارة الفلسطينية وانتخب سكرتيرا لها –وكان قد افتتح سنة 1945 مصنعا أو ورشة لصناعة الموبيليا- كما اشترك في تأسيس (جمعية العمال العرب) وانتخب عضوا في هيئتها الإدارية.
وحين نشطت جماعة (الإخوان المسلمين) في فلسطين غداة الحرب العالمية الثانية انضم العقاد إلى شعبتها في يافا.
وبعد نكبة 1948 لجأ العقاد مع أفراد أسرته (زوجته وبناته الثلاثة) إلى الأردن، وهناك أصيب بالشلل سنة 1960، وبقي كذلك حتى وفاته سنة 1976.
وعلى الرغم من وضعه الصحي، فقد استطاع العقاد بمساعدة رفيقة دربه السيدة (رفقة) أن يضع كتابيه الهامين. (تاريخ الصحافة العربية في فلسطين) –صدره عام 1966-، و(تاريخ الصحافة العربية في المملكة الأردنية).
كيف استطاع العقاد أن ينجز هذين الكتابين الهامين وهو المشدود إلى كرسيه، من دون حول أو طول.
لإضاءة هذا الجانب من حياته، طلبنا من ابن أخته وزوج ابنته المحامي اليافاوي سميح جبر الذي كان قريبا منه جدا، فكتب لنا هذه الانطباعات.
أحمد خليل العقاد.. خالي كما عرفته
المحامي: سميح جبر
"كان يجمع صحفا فلسطينية قديمة ويطلب حفظها في صندوق خاص أثير لديه.. وكان يتصفحها أحيانا بمساعدة زوجته، ولم أكن أفهم سبب اقتنائه لهذه الصحف.. كنت أسأله دوما: خالي، لماذا تحتفظ بهذه الصحف؟.. وكان يبتسم ويقول لي: ستعرف فيما بعد.. ثم شاهدته يذهب مع امرأة الخال إلى المطبعة، ويعود ذات يوم محملا بقوالب خشبية فيها (كليشهات) هذه الصحف ويحفظها في البيت، وبعد أيام صدر الكتاب (تاريخ الصحافة العربية في فلسطين، صحافة ما قبل النكبة) وفيه صور جميع الصحف ولمحة عن كل منها وتاريخ تأسيسها واسم صاحبها ورئيس تحريرها واهتماماتها. وأحدث هذا الكتاب ضجة كبيرة ولاقى اهتماما واسعا من الرأي العام الفلسطيني ومن الصحافيين الفلسطينيين بشكل خاص ومن مجمل المثقفين العرب بشكل عام.. عندها فهمت لماذا كان يقتني هذه الصحف وما هي الغاية من وراء ذلك، وعرفت قيمة هذه الصحف القديمة وقيمة هذا الجهد الذي سبق صدور الكتاب وبشكل عام تعاظمت لدي قيمة هذا الرجل.
كان خالي أحمد خليل العقاد مقعدا بفعل المرض.. شلل رباعي كامل.. لا يستطيع تحريك أي شيء في جسمه سوى رأسه، وكان عندما فاجأه المرض في الأربعينيات تقريبا من عمره.. في عز رجولته، في قمة عطائه.. امتثل لإرادة الله وقبل المرض على علاته ورضي أن يكون حيا وميتا في نفس الوقت.. يحتاج إلى الآخرين في كل شيء حتى في حمل السيجارة التي لم يتخل عنها طيلة الفترة الباقية من عمره.. وكانت زوجته –تلك الإنسانة التي أصبحت حماتي فيما بعد- هي يديه ورجليه، وهي التي تحمله من السرير إلى المقعد المتحرك ومن المقعد المتحرك إلى السرير، وتجولت معه في كل رحلاته.. تدفع المقعد أمامها وهي تحمل السيجارة له طيلة سبعة عشر عاما متصلة، كان صابرا على مصابه بل ضحوكا متفائلا دوما.. نسي الشلل ونسي المصاب واستمر يوزع النكات يمينا وشمالا في صمود وقبول بالواقع المرير وحب للحياة فيما يدعو إلى الذهول. وكنت أتأمله وأرى فيه بطلا من أبطال الحياة مناضلا عنيدا في قبول الواقع رغم قساوة هذا الواقع ومرارته. وتعلمت منه هذا الصمود.. وكلما عانيت في حياتي من أية صعوبة فيما بعد كانت تتراءى لي صورته وتقول لي: اصمد.. مازالت الحياة بخير.. اقبل ما أنت فيه.. يوجد في الحياة دائما أصعب وأصعب.. وأراه يبتسم، بل يضحك.. وابتسم أنا وأضحك.
إن في حياته ما هو أهمّ من أنّه صحفي كبير ومؤرخ وأديب وشاعر .. إنّ في حياته درس لكلّ أولئك المكتئبين اليائسين أن تعالوا وشاهدوا إنساناً لا يحرك من جسمه بالكاد إلا رأسه ويحتاج إلى مساعدة الآخرين في كلّ شيء، في جلوسه ونومه ونظافته وتغيير وضعية جلوسه كلّ خمس دقائق، وطعامه وشرابه وتدخينه وتجواله، لا يستطيع أن يخدم نفسه إطلاقاً إلا بمساعدة زوجته التي رضيت أيضاً بمصيرها ووقفت إلى جانبه، في درس آخر لكلّ الزوجات في العالم .. وقفت سبعة عشر عاماً تخدم هذا الرجل في صمت ودون أية شكوى أو تذمّر .. تخدمه طيلة النهار والليل، في وفاء ودوام كامل وشعور بالواجب – ولهذا الموضوع حديث آخر- هذا الرجل رغم كلّ ما قلناه كان يستقبل الصباح على كرسيه المتحرك ضاحكاً باسماً بصبر وقبول يثير العجب .. تقولوا لهؤلاء المكتئبين قولوا لأولئك اليائسين الحزانى الذين يملكون أنفسهم على الأقل يملكون أيديهم وأرجلهم ويستغنون عن الآخرين في كلّ شيء قولوا لهم، تعالوا وانظروا كيف يكون القبول بالواقع وكيف يكون تحدي هذا الواقع وكيف يكون الصبر والصمود والتعايش مع الحياة كيفما كانت هذه الحياة .. لا بل والعطاء أيضاً مع كلّ هذا الطريق المسدود .. فقد كان له أن يكون إنساناً سلبياً فهو في شلل كامل وعجز كامل ولا يريد المجتمع منه شيئاً ومعفى من كلّ شيء، ومع ذلك أصرّ إلا أن يكون معطاء وفاعلاً ومؤثراً ومنتجاً .. كان يجمع المصادر ويصنفها ويملي ما يريد أن يكتب على بناته الثلاث ويحفظ قصاصات الصحف والمجلات (والكليشهات) الخاصّة بهذه الصحف، وقد آلى على نفسه أن ينفذ الكتاب الذي كان يحلم بتنفيذه أيام كان واقفاً على رجليه وقد نفذه، وصدر الكتاب:" تاريخ الصحافة العربيّة في فلسطين"، ولم يخطر في بال أحد أنّ واضع هذا الكتاب هو ذلك الإنسان الحي الميت الذي لا يستطيع أن يحرك بالكاد إلا رأسه وأثبت بشكل عملي دون أدنى مبالغة، ونحن شهود عايشناه يومياً، أن الإنسان لا بدّ أن يصل إلى مبتغاه إذا كانت لديه إرادة صادقة وقدرة على التحمّل والصمود مهما كانت الصعوبات ..
رحم الله أحمد خليل العقاد .. خالي الذي تعلمت منه الكثير
إلى هنا انتهت شهادة ابن أخته وزوج ابنته المحامي سميح جبر.
وبتقليب حياة المحامي سميح إبراهيم جبر، وقعنا على قصة تستحق أن تروى، يعود تاريخها إلى الرابع من كانون الثاني عام 1948، وقصة أحداث ذلك اليوم الدامي مثبتة في صحيفة الدفاع في العدد 3850 الصادر بتاريخ السابع من كانون الثاني عام 1948 وصحيفة الدفاع كانت تصدر في يافا آنذاك، ويرأس تحريرها إبراهيم الشنطي، وعدد الجريدة محفوظ بين الجرائد الفلسطينية التي كان العقاد يجمعها.
صباح الرابع من كانون الثاني من عام 1948، جلب مجموعة من الصهاينة سيارة شاحنة كبيرة، ملأى بالمتفجرات وموصولة بجهاز توقيت، وأوقفوها بجانب سرايا الحكومة القديمة في يافا التي كانت مخصصة في ذلك الوقت للشؤون الاجتماعية ورعاية الأطفال، وتقع هذه السرايا في وسط شارع وسوق إسكندر عوض بيافا، وهو الشارع الذي كان يعج بالناس أثناء النهار.
وانفجرت السيارة وتداعت السرايا، وتقوضت جميع الأبنية والدكاكين حولها، وسقط مئات القتلى والجرحى العرب، حتى أن عمال الإنقاذ ظلوا يبحثون عن الجثث تحت الأنقاض عدة أيام، وفي نفس التاريخ نفذ الصهاينة جريمة أخرى في عمارة فندق السميراميس في القدس .. وكان بين الضحايا الذين سقطوا في يافا: الحاج إبراهيم جبر- والد المحامي سميح جبر وزوج شقيقة أحمد خليل العقاد- وكذلك أشقاء إبراهيم: عبد الوهاب جبر والحاج أحمد جبر وعبد الفتاح جبر .. كما كان بين الضحايا أعضاء النادي العربي بيافا: غالب راغب الدجاني وزكي هاشم الدرهلي، وسعيد إسماعيل شنبر وسعاد الزبن ونمر المدهون .. ومعظم هؤلاء الضحايا كانوا يقومون بعملهم الإنساني في مركز الخدمات الاجتماعية بيافا .. كما كان بين الضحايا الذين قتلوا في فندق سميراميس الصحفي صبحي شفيق الطاهر .. والضحايا جميعهم من أبناء يافا والمجدل ونابلس والقدس ..
وما تلبث أرملة المرحوم إبراهيم جبر أن تغادر منزل الأسرة في حي المنشية بمدينة يافا بعد أشهر قليلة، لتنضم إلى قافلة المشردين مع أبنائها الخمسة، وأكبرهم في التاسعة من عمره، واستقر بهم المطاف في الأردن، ثم في سورية حيث التحق سميح بمدرسة الأيتام، وليبدأ بإعالة نفسه ومواصلة تعليمه حتى أصبح محامياً.
وكان خاله أحمد خليل العقاد يرعاه بالشكل الذي تسمح به حالته الصحية، ومن خاله تعلم التفاؤل والإصرار. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: مشاهير فلسطين في العالم الأربعاء 06 أبريل 2016, 10:42 pm | |
| الشيخ حسن اللبدي
سبعة مشاهد من ذاكرة مفقودة
نظمي الجعبة*
حقيقية، وقد تكون هي الشئ الحقيقي الوحيد في هذه المأساة. أما قدرة العقل على التصديق، فليس من واجبي نقدها.
على أي حال قد نستطيع في المستقبل استكمال كتابة باقي فصول هذه الملحمة، ان استطاع أحد القراء إضافة أية معلومة قد تساعدني في المستقبل على استكمال الرواية، وإلا ستبقى هذه الشهادة غير المكتملة واحدة من الروايات الكثيرة، وفصل من فصول المأساة الفلسطينية التي لم تكتمل بعد. المشهد الأول
الشيخ حسن محمد اللبدي، كغيره من أبناء قريته، كفر اللبد، الواقعة إلى الجنوب من طولكرم وعلى بعد خطوات من بلدة عنبتا، غادر قريته ليعمل إماما لجامع أبو ديس )على الحدود الشرقية لمدينة القدس( على مقربة من المسجد الأقصى. اشتهرت كفر اللبد منذ نهاية القرن التاسع عشر، بالإضافة إلى زيتونها ولوزها، بعدد المتعلمين الذين غادروا القرية بحثا عن العمل، تماما مثل
غيرها من قرى فلسطين في حينه، حيث أصبحت حواضر فلسطين تستقطب الكفاءات، وشكلت منطقة القدس، بالإضافة إلى يافا وحيفا، إحدى نقاط الجذب الأساسية لأهل كفر اللبد، الذين اشتغلوا أما في التعليم او في المؤسسات الدينية.
ولا نعرف على وجه اليقين متى وصل الشيخ حسن إلى القدس، لكن أغلب الظن وصلها مع زوجته وطفله الرضيع الوحيد )غازي( حوالي العام 1936 ، والتحق به لاحقا شقيقه عبد الله الذي عمل محاسبا في القدس، والذي تزوج من سيدة من عائلة خضر المقدسية، وتزوجت أنا لاحقا ثمرة من ثمرات هذا الزواج.
كان الشيخ يقضي معظم أوقات فراغه في المسجد الأقصى مدرسا او قارئا للقرآن او مشاركا في حلقات الدرس والنقاش. واشتدت النقاشات بلا شك في رحاب الحرم القدسي الشريف خلال هذه الفترة، حيث اندلعت ثورة العام 1936 ، ويمكن الاعتقاد بأن الشيخ حسن كان جزء لا يتجزأ منها، حيث أن أصوله القروية وعلاقاته، لعبت دورا هاما في انخراطه بنشاط سياسي لا نعرف عنه الكثير، سوى بعض التكهنات.
وعلى أغلب الظن أيضا انه في بداية العام 1939 ، حاصرت شرطة الانتداب البريطاني المسجد u1575 .لأقصى بعد أن طاردت ثوارا التجأوا داخل المسجد، فوقف أهل القدس كعادتهم حتى اليوم مدافعين عن حرمة المسجد ومانعين الشرطة البريطانية من اقتحامه، وكان من ضمن المدافعين الشيخ حسن اللبدي، والذي وقف في فتحة بوابة المسجد مانعا الشرطة والجيش الانتدابي من الدخول. وحين أصر أحد ضباط الجيش على الدخول، استل الشيخ حسن خنجره، الذي لم يكن يفارقه، وطعن في الضابط مقتلا.
اعتقل الشيخ حسن، وحكم عليه بالإعدام كما جرت العادة في حينه، لكن الحكم قد خفف إلى السجن المؤبد، بسبب كونه رجل دين وبسبب أيضا حركة الاحتجاج التي اندلعت على خلفية هذا الحكم. أرسل الشيخ سجينا إلى سجن عكا، حيث انضم إلى مئات السجناء الذين عجت بهم 1939.
أقبية السجن خلال ثورة 1936
استمر والد زوجتي، شقيقه الوحيد، وزوجة الشيخ )ام غازي( التي سرعان ما فارقت الحياة، وولده الطفل غازي بزيارة الشيخ حسن، كلما سنحت الظروف، سواء المادية ام السياسية، بسفرهم من القدس إلى عكا. وحتى الآن لا شئ غريب، فقد كان هذا حال كثير من العائلات الفلسطينية، التي كانت تتنقل بين المعتقلات الكثيرة التي انتشرت في أنحاء مختلفة من فلسطين الانتدابية.
تربى غازي، ابن الشيخ بعد وفاة والدته، في كنف عمه عبد الله )والد زوجتي(، ولم يصلني الكثير من المعلومات حول هذه الفترة، حيث أن والد زوجتي )عبد الله( قد فارق الحياة في ريعان شبابه عام 1967 ، ولم تنتقل ذكرياته حول شقيقه الشيخ حسن إلى أبناءه بسبب صغر سنهم، وبسبب انقطاع التواصل مع الشيخ حسن كما سيأتي ذكره.
وانقطعت عائلة اللبدي عن /5/ سقطت عكا بيد القوات الصهيونية بتاريخ 18/1948 زيارة الشيخ حسن بسبب سكناهم في المنطقة التي أصبحت تعرف بالضفة الغربية، ولم تستطع العائلة عبر الصليب الأحمر او عبر أي واسطة أخرى معرفة مصير الشيخ وما حل به، واعتبرته في عداد المفقودين على أحسن الأحوال وفي عداد الأموات على أسوئها. كبر ابن الشيخ )غازي( وانتقل للعمل في عمان، ومات أخو الشيخ أثناء حرب حزيران عام 1967 ، تاركا حفنة من الأطفال أكبرهم لم تتجاوز الثامنة عشر من عمرها، واشتغلت الذاكرة بمصاعب الحياة والنضال ضد الاحتلال الإسرائيلي بعد العام 1967 ، ولم يعد في الذهن مساحة تستوعب الشيخ حسن او أي شئ من ذكراه.
ولم يكن غازي يأتي من عمان إلى القدس إلا في المناسبات الهامة، مثل حفل زواجي، ولم أكن قط قد سمعت قصة والده واختفاءه، ولم يأت أحد على ذكرها أمامي، لا أعرف السبب، قد تكون نسيت تماما، u1602 .د تكون بسبب أن لا أحد سوى والدة زوجتي يعرف الشيخ حسن، لا أعرف السبب ولم أعرفه. كل شئ عادي ولا يوحي بجديد. وعجلة الحياة تطحننا جميعا، وهم العيش تحت الاحتلال لا يترك فراغا لهموم أخرى، فان وجدت همشت إلى أقصى درجة. فعائلة اللبدي، وبالأحرى الشباب والفتيات من أبناء عبد الله، ارتبطت بالقضية الفلسطينية والنضال الوطني بسن مبكرة ومنذ أوائل السبعينات من القرن العشرين، وأصبحت أجندة العائلة لا تتسع إلى شئ آخر مهما عظم شأنه.
المشهد الثاني
في ليلة ماطرة من ليللي كانون الثاني من شتاء عام 1982 ، كنت وزوجتي هيفاء في زيارة عادية ودورية إلى عائلة زوجتي في أبو ديس. التفت العائلة كبيرة العدد بأنسبائها وأولادهم حول مدفأة الكاز الشهيرة بعلاء الدين، كعادتنا كلما سنحت لنا الفرصة، وكانت جلستنا التي تستمر إلى الصباح لا تخلوا من الهم الوطني وأين أصبحنا ومن منا في المعتقل ومن منا مرشح للاعتقال.
لم يكن الاعتقال من حظ عائلة اللبدي لوحدها، فقد جرت العادة في السبعينات من القرن العشرين ان يتم الزواج من داخل التنظيم السياسي )زواج داخلي(، هذا الأمر عزز العلاقات السياسية من جهة، لكنه زاد من المعاناة العائلية من جهة أخرى، حيث أنه لم يكن من النادر ان يدخل المعتقل عددا كبيرا من العائلة وأنسبائها في آن واحد، ولم يكن هذا الأمر نادر الحدوث في في حالتنا تلك.
دخل إلى البيت شاب من أبو ديس اعتاد زيارة العائلة بين الفينة والأخرى، ولم » العادية جدا « الليلة تكن لهذه الزيارة، كما هو الحال في كل زيارته، أية مناسبة، فبيت عائلة زوجتي لم يفرغ من الزوار أبدا، فقد انخرطت كل العائلة بالعمل السياسي، وكان من المعتاد ان يرتاد البيت الكثير من الزوار، حتى لمجرد الدردشات المعتادة، كما اشتهرت العائلة بالليبرالية الاجتماعية مما يعني إمكانية الزيارة بدون موعد مسبق، وقد تتم بلا مبرر، اللهم التواصل الاجتماعي والاطمئنان على الحال وبامتياز، وكلما » حكواتي « او لمعرفة آخر التطورات السياسية. أبو محمود ليس بزائر عادي فهو جمع في جعبته حكايات جديدة، وهي لا تعد ولا تحصى، وكلما عرف بوجودي في أبو ديس، كان لا يتردد الولوج إلى البيت بدون ميعاد ليقص حكاياته المليئة بالطرف والأكاذيب والمبالغات، حتى يبكينا من شدة الضحك، وكنت دائما أنتظر بشغف زياراته عند وصولي إلى أبو ديس. وكان يحلو له دخول مبارزات الكذب التي يتقنها ولا أحد من الكذابين الطريفين في أبو ديس يستطيع مجاراته بها. والحقيقة تقال أنني كنت أنتظر u1587 .ماعه على أحر من الشوق. في تلك الليلة، وبعد أن أشبعنا قهقهة، هم بالمغادرة، لأن عليه الذهاب باكرا إلى عمله، وقبل ان يقفل الباب خلفه، التفت متسائلا:
أتعرفون شيخا طاعنا بالسن في مستشفى الأمراض العقلية الواقع في دير ياسين )أصبحت تسمى بعد العام 1948 ب كريات شاؤول( يسمى الشيخ اللبدي. لم ألتفت إلى السؤال ولم أعتقد بأن أحد قد التفت إلى ذلك.
قفزت حماتي من مقعدها ملقية السؤال على أبي محمود:
كم يبلغ من العمر؟
لا أعرف فقد تجاوز بالتأكيد سن الثمانين، لكن صحته ما شاء الله، أجاب ابو محمود، وأضاف: وهو دائم الصلاة والتعبد، أبيض البشرة، خفيف الظل، حجمه صغير لكن لطيف، مثل الملائكة تماما.
جحظت حماتي، وتمتمت بكلمات لم أفهمها في بادئ الأمر، فاستفسرت عما قالته، فتمتمت مرة أخرى، وهي امرأة قليلة الكلام قضت شبابها في تربية أبنائها بعد ان تركها زوجها أرملة في ريعان شبابها، ولم تعبر عن مواقفها إلا نادرا، لكننا كنا نفهم ما تريد قوله عبر نفثات سجائرها التي لا تتوقف ليل نهار. ولم أكد أرفع حاجبي متسائلا عن سر هذا الاهتمام غير المعتاد من حماتي، حتى قالت: سلفي )أي شقيق زوجي(، يمكن ان يكون سلفي.
وكغيري من الحضور لم نفهم شيئا. بعد التقاط الأنفاس وطرح عشرات الأسئلة، روت حماتي قصة الشيخ حسن حتى العام 1948 . وبالتأكيد لم يصدق أحدا أن هناك علاقة بين ذلك اللبدي القابع في مستشفى الأمراض العقلية في دير ياسين وبين الشيخ حسن عم زوجتي، والذي لم تكن زوجتي هيفاء تعرف عنه شيئا سوى أنه ابو ابن عمها غازي، الذي أصبح بمكانة والدها بعد العام 1967، أي بعد رحيل والدها، وهو الذي زف لي زوجتي يوم زفافنا. ولم تذكر زوجتي او حماتي او أي من الأبناء والبنات هذا الشيخ الجديد الذي سيقتحم حياتي وحياتنا جميعا. لقد اكتشفت أنهم على دراية بعمهم المناضل الذي قبع في السجن ومات، ولا شئ غير ذلك.
وحتى نكسر الشك باليقين، اصطحبت زوجتي ووالدتها في اليوم التالي إلى دير ياسين، فأنا أتقن العبرية ويمكنني تدبر أمري مع الإدارة الإسرائيلية.
يقع مستشفى الأمراض العقلية في قرية دير ياسين على السفح الشمالي الغربي لتلة دير ياسين المطلة على بقايا قرية لفتا المهجرة. ومبنى المستشفى هو من المباني العربية القليلة التي بقيت شاهدة على دير ياسين وقصة مذبحتها الشهيرة، تم تحوير المبنى، بإضافات جديدة وفتحات إضافية لا تتلاءم وشكله التاريخي بحيث يصعب تشخيص صورته الأصيلة، إلى مستشفى للأمراض العقلية، وكأن دير ياسين لم ينقصها سوى هذا!!. والمبنى المتطاول الشكل مبني من الحجر المقدسي الصلب مازال محافظا على لون حجارته البيضاء الزاهية، فقد أبى ان يفرض الدهر عليه شروطه.
قرعت جرس الباب، فخرج علينا شاب يهودي في مقتبل العمر، سألنا بالعبرية عن هدف الزيارة. فطلبت مقابلة الشيخ اللبدي الذي يقبع في المستشفى، فسأل عن العلاقة، فكان من السهل إثباتها باستخدام هوية حماتي. دخلنا إلى حجرة مربعة، سقفها عقد عربي متقاطع، ناصعة البياض، نظيفة، يحيط بجدرانها مقاعد خشبية بسيطة، لا تتلاءم وارتفاع سقفها الشاهق، ولا أبهة المبنى في أيام عزه. ما هي إلا دقائق حتى دخلت علينا سيدة في نهاية العقد الخامس من العمر، وسألت ان كنا نتقن العبرية، وبعد الإجابة بنعم، قدمت نفسها كمرشدة اجتماعية تعمل في المستشفى، ثم سئلت، ان كنا نزور الشيخ اللبدي لأول مرة، فأجبت بنعم، ثم أردفت تتساءل لماذا لم نزره قبل ذلك. لم يكن باستطاعتي رواية القصة التي سمعت جزء من فصولها في الليلة السابقة،
فقد خفت أن تحولني إلى أضحوكة، وتدخلني مستشفى الأمراض العقلية، فلم يعد أي شئ ينم عن أمر عادي. تحججت أمامها بأننا نريد أولا التأكد من صحة التشخيص، وبعدها سنروي لها الحكاية من البداية حتى لو غربت وطالت روايتها، وحتى لو حولتني إلى أضحوكة. فطلبت منها زيارته أولا ان لم يكن لديها مانع، فقالت: لا شئ يضر الشيخ، فهو بالكاد يدرك ما يدور حوله، وقد يساعده مشاهدة وجوه جديدة.
المشهد الرابع
مضت دقائق قليلة على وصولنا، لكنها كانت الدهر كله او لنقل ردحا طويلا منه، ماذا لو كان فعلا بطلنا هو الذي يقبع في الغرفة المجاورة؟ ماذا يمكن ان يقول لنا بعد هذا الغياب؟ هل هو فعلا مجنون حتى يقبع هنا وكيف يا ترى سيكون هيكله بعد كل هذه السنين وهل ستستطيع حماتي تشخيصه؟ عشرات الأسئلة دارت في ذهني، لكنها مشوشة ولا أستطيع أنا نفسي فهم محاورتي لذاتي، فكيف سأستطيع ان أدير نقاشا مع من خلف جدران هذه الغرفة؟
ما هي إلا بضع دقائق حتى دخل الغرفة رجل صغير الحجم نحيف يلبس جلابية بيضاء، لا يمكن تقدير عمره، فقد تخطى الأعمار التي أعرفها، تتدلى من ذقنه لحية ناصعة البياض واصلة بين رأسه وصرته، لف رأسه بقطعة قماش بيضاء مشكلا بذلك عمة على طريقة أئمة المساجد، احدودب ظهره بعض الشئ، لكن بشكل أقل بكثير ممن هم في سنه، خطواته واثقة تدل على ثقة وعزة وشدة بنيان، بسمة طبيعية غير مصطنعة بريئة u1605 .رسومة على محياه وكأنها لم تفارقه منذ قرون عديدة، عيناه صغيرتان لم أدرك لونهما لشدة غورهما في واد سحيق، على الرغم من عدم وجود تجاعيد كثيرة في وجهه. لم أتمالك نفسي، فقد لفت بي الأرض حتى أوشكت على السقوط، لم أدرك للوهلة الأولى ما أرى، ملاك، تماما مثل تصاوير الكنائس لجبريل وغيره من الملائكة، بالفعل نسخه ليوناردو دافنشي ووضعه في قباب الكنائس التي زخرف. ولم أدرك أين أنا ولا لماذا أنا هنا.
سرعان ما تمالكت نفسي ورممتها او لنقل رممت ما يمكن ترميمه في مثل هذه المواقف، أما زوجتي فقد فقدت القدرة على الكلام واحمر وجهها وانكتم نفسها، أما حماتي فقد تهاوت على الكرسي، وخيل لي أنها استشاطت غضبا، وهي التي لا تغضب او لا يبدو عليها الغضب أبدا. انتقل نظري بينها وبين ذلك الواقف بين أيدينا ولا يدري لماذا هو هنا ولماذا نحن هنا وما الذي جمعنا ببعض بموعد او بدون. وبالرغم من أنه لم ينبس ببنت شفة، إلا ان علامات الاستغراب قد بانت على محياه، لكن دون ان تفارقه البسمة البريئة التي كادت ان تقتلني. وأخيرا نطقت حماتي:سلفي، هذا الشيخ حسن، هذا ابو غازي.
هل هذا صحيح ؟ هل أنت مدركة ومتأكدة مما تقولين؟ سألتها بعصبية بالغة لا تخلو من لخوف والتردد، ولعلني كنت أتمنى ألا تتعرف عليه.واردفت وقد اغرورقت عينيها: بالتأكيد، هو، هو، ولا يمكن ان يكون إلا هو.
أطبقت كفي على كفه اليمنى وقد اقشعر بدني حين لامستها وتمنيت من كل قلبي ان لايكون هو، هروبا من قصة لن تفارقني باقي حياتي. أجلسته على الكرسي بيني وبين حماتي بعد أن ظل واقفا يراقب مشهدا في غاية الغرابة، ولم يفتح فمه، فقد ظل يحملق بنا، وازدادت بسمته اتساعا. بادرته السلام، فرد بلسان عربي فصيح على عادة الأزهريين ورجال الدين، وبمخارج أحرف واضحة ومكتملة، وأكملت قائلا: هذه زوجة أخوك عبد الله وأنا صهرهم، متزوج من ابنة أخوك، هذه هيفاء، أنت لا تذكرها فقد كنت في السجن حين ولدت.
دقق الشيخ النظر فينا متنقلا بيننا واحد تلو الآخر، وبتركيز واضح على حماتي، وازدادت بسمته إلى حد بدا أنه يزدريني او لنقل يزدري ما أدعي. مرة )زوجة( عبد الله صبية صغيرة وهذه ختيارة، مقهقها وهازا بدنه النحيف الشفاف الذي لا يكاد يكون إلا هيكلا عظميا مغطى بجلابية بيضاء.
أدركت الأمر بسرعة، فقد أفصح عن اسم أخيه، كما أن حماتي قد تعرفت عليه، لا بد اذا أنه الشيخ المنسي، الذي نسيته النكبة من ضمن ما نسيت على شاطئ المتوسط بين أسوار عكا الجزار. لا أعلم ماذا حدث لذاكرته، أين توقفت، وفي أي مرحلة؟ لا بد من الكشف عن الأمر، فقد زاد الشيخ فضولي. لم تعد القضية قرابة تجمعنا، فالأمر أعظم من كل القرابات، فقد أيقظ في الشيخ حسن فضول المؤرخ الذي تقع يديه على وثيقة نادرة لم يشاهدها أحد من قبل، لكنه أيقظ في أيضا المآسي الإنسانية التي خلفتها نكبة أهل فلسطين. ولطالما استمعت في صباي إلى قصص العائلات المنكوبة التي فقدت أبنائها وبناتها في مكان ما وبتاريخ ما او فقدتها في اللاتاريخ واللامكان. ما أكثر أهل فلسطين الذين فقدوا أقرباء لهم دون أن يعلموا متى وأين. وكان من النادر ان تنتهي قصصهم نهايات سعيدة، على طريقة الأفلام، كما هو الحال بهذا الفيلم الذي أحياه.
أما المؤرخ الذي هو في داخلي فقد نظر بعقله، كلما استطاع استعادته، على ان الأمر لا يتعدى مخطوطة تعج بمعارف لم يسبقني إليها أحد، فهل سأنجح في الكشف عن المكنون؟ وبعد نقاش مع الأطباء والإدارة حول أية معلومات توضح تاريخ الشيخ حسن، استسلمت للأمر، لا وثائق ولا سجلات في المستشفى تثبت شخصيته.
اذا هل سقط عليكم الشيخ حسن من السماء؟لا، حول إلينا من مستشفى للأمراض العقلية في تل أبيب.ألم يحول معه ملف؟
كلا، فقط حوالة استلام.
هل لي بعنوان المستشفى في تل أبيب فقد أجد عندهم ملفه؟
طبعا.
دكتور، هل أستطيع أخذه معي إلى البيت؟
ولم يتردد الطبيب المشرف على المستشفى:بكل تأكيد وقع واستلم.
ان استلام طرد من البريد في إسرائيل يحتاج إلى .» وقع واستلم « لم أستطع تصديق ما أسمع جهد كبير وإثباتات ووثائق كثيرة، ما الذي يجري، وهل فعلا ما سأستلمه هو عم زوجي الذي لا مازالت تتردد في أذني منذ » وقع واستلم « ؟ تعرفه ولا تعرف عن قصته شيئا، وبماذا أورط نفسي . وقع واستلم « ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا وأدار مدير المستشفى ظهره وذهب. وأنا وقعت فعلا واستلمت، ثم غادرت ومن معي بمعية الشيخ حسن. إحساس لا يوصف، وفخر ليس له حدود، ان صحت القصة، فانا أقوم بتحرير أقدم سجين فلسطيني!!! رأسي يعج بالأسئلة...، صداع...، مشاعر متضاربة... هل ما يدور حولي مسرحية من باب الخيال الهلوودي؟ يا لنفسي التي تتعبني، ولطالما وعدت نفسي بعدم توريطها بقصص جديدة، إلا أنها كانت تفشل دائما أمام أول امتحان، او حتى بدون امتحان.
المشهد الخامس
في السيارة، ما بين دير ياسين وأبو ديس، تفادى الشيخ حسن النظر إلينا، ولو أنه كان يختلسه بين الفينة والأخرى، محدقا عبر نافذة السيارة بكل ما نمر به من بنايات وسيارات وناس، ولكن دون تعليق، وكلما توغلنا في القدس ازداد تحديقا، ولم يتجاوز حديثنا كلمات المجاملة الغنية في اللغة العربية. ويبدو أننا جميعا، ما عدا الشيخ حسن، كنا تحت صدمة الحدث او غير مصدقين لما حدث. وصلنا إلى أبو ديس قبل الظهر بقليل. لم يكن أحد باستقبالنا، فلا زغاريد ولا ذبائح ولا مهنئين بتحرير السجين على عادة أهل فلسطين. لا أحد يدري بغنيمتنا، وحتى نحن لا ندري، حتى اللحظة، بما عدنا به.
هذه أبو ديس يا شيخ، ألم تكن شيخها وإمامها؟
نظر الي مقربا عينيه الصغيرتين بعضهما إلى بعض ومجمعا تجاعيد جبهته حتى ازدادت الجبهة صغرا على صغرها:
امبلى )بمعنى بلى(، كنت إمام أبو ديس، لكن الذي أرى ليس ابو ديس، هذه اليابان، ابو ديس خربة صغيرة، وهذه بلد، بسم الله وما شاء الله، كبيرة.
لنقل بأن أبو ديس التي كانت حتى العقد الرابع من القرن العشرين قرية صغيرة وأصبح بلدة كبيرة واسعة الامتداد، فلا غرابة اذا لم يشخصها الشيخ او يتعرف عليها بعد طول الغياب، فلا بأس، لا بد شوف يا شيخ، هذه فدوى، وهذه ماجدة، وهذه عائشة، وهذا محمد، وهذه هيفاء، وهذا ماجد، وهذه هناء، هؤلاء أبناء عبد الله.
سرح الشيخ قليلا وأمعن الفكر، لا أدري أين ذهبت به الذاكرة، هل حاول حثها على الاستذكار، ولكن يستذكر ماذا؟ أي ذاكرة تلك التي يطلب منها أن تستجيب بعد غياب دام أربعة وأربعين عاما؟ فقط ابن أخت زوجتي، الذي كان في ربيعه الأول، استحوذ على انتباه الشيخ، الذي تناوله ووضعه في حجره، وقد استمر الطفل باللعب بلحيته الطويلة البيضاء. ألم يكن غازي، ابن الشيخ حسن، في سنه عندما اعتقل الشيخ؟ الشيخ يستهتر بنا جميعا ويتجاهل أسئلتنا. انه يبحث في وجوهنا وفي حيطان المنزل عن شئ، لكن عن أي شئ؟ لا أدري ويبدو أنني لن أدري.
قلت في نفسي، لا بد من معرفة الحقيقة. اتصلت بسلطة السجون الإسرائيلية، بل ذهبت إلى هناك لمعرفة ماذا حدث للشيخ، لا شئ في السجلات، ثم ذهبت إلى وزارة الصحة الإسرائيلية، لا شئ حتى تنقلاته بين المستشفيات ومن ضمنه مستشفى برديس حنا )إلى الشمال الغربي من طولكرم( لم تتم بأكثر من مذكرة نقل. فهل فعلا لا يوجد ملف أم أنهم يخفون المعلومات حتى لا
تتحول إلى قضية قانونية من الممكن ملاحقتها، لا أدري أين تقبع الحقيقة. أين كان الشيخ حسن كل هذه السنوات، ماذا مر عليه، ألا توجد طريقة لنبش ذاكرته؟ أم أنه لا يريد؟ أيريد ان يعاقبنا لتركه كل هذه السنوات؟ هل أدرك u1575 .لنكبة وما حدث لأهل فلسطين، وهل أدرك ان زيارته كانت مستحيلة؟ لكن لا بد من استمرار المحاولة، والوقت ملكنا، كما اعتدنا القول كلما فقدنا الحيلة.
لم أستسلم للقدر، ومن لا يبحث لا يصل إلى الإجابات، ولا بد ان أعرف الحقيقة او لنقل لا بد من الاقتراب من الحقيقة. ثم جاءت الفكرة الألمعية: الحرم الشريف لم يتغير فسيسارع الشيخ بالتأكيد التعرف عليه. ذهبنا سويا ونفسي مليئة بالأمل. دخلنا الحرم من باب الأسباط )البوابة الشرقية للقدس والتي تقود إلى باب الحرم الذي يحمل نفس الاسم(، حيث نفس الطريق التي كان يسلكها الشيخ بين الحرم وأبو ديس، سارع الخطوات داخل الحرم الشريف وبهمة بالغة ملتفتا إلى كل الاتجاهات، مما زاد في الأمل بنبش الذاكرة من أعماقها، صعدنا الدرجات المؤدية إلى قبة الصخرة حتى انبثقت كل القبة شامخة متلألئة أمام عينيه، ولم أتمالك نفسي بالرغم من وعدي لها ان لا أتدخل تاركا الشيخ على سجيته، وأنا سأراقبه عن بعد فقط، فسارعت إلى طرح السؤال: يا شيخ، أليست هذه قبة الصخرة التي تعرفها ؟ امبلى، نفسها تماما.
رقص قلبي فرحا لهذا التقدم الدرامي، وقلت في نفسي أن الوصول إلى الحقيقة أصبح في متناول يدي، الآن سأجعله يروي، وسأحفز ذاكرته لأسجلها بدقة، وستكتمل الفصول المفقودة من الرواية، وسأحظى بسبق سأحسد عليه بالتأكيد. ولكن قبل أن استرسل في أفكاري فاجأني الشيخ حسن: بس هذه اليابان... شوف لابسة الناس مثل الفرنج، مش بس الرجال حتى الحريم ببنطلونات... كمان اليابان بنو قبة صخرة!! والله مسخرة.
لم أعرف لماذا هذا الإلحاح على اليابان وما علاقة اليابان بالشيخ. لقد أضاع الشيخ في نفسي الأمل فلعنت اليابان التي أصبحت تلاحقني بلا مبرر. ولاحقا عرفت ان بعض مناطق الريف وهو على ،» اليابانجي » الفلسطيني تسمي الغريب، حتى لو كان من قرية مجاورة واستقر عندهم، بالأغلب اصطلاح دخل العامية عبر اللغة العثمانية، حيث أن كلمة يابانجي تعني الغريب باللغة
العثمانية. وبالرغم من هذا جلس الشيخ إلى عامود من الأعمدة الكثير في المسجد الأقصى وافترش محرمته وتيمم، ثم أقام الآذان، وصلى تحية المسجد، وصلى ركعات كثيرة لم أقم بعدها. لقد عمل كل شئ، إلا ما تمنيت أن يقوم به، التذكر.
اتصلنا بعمان بولده غازي، الذي لم يصدق خبر العثور على والده بعد كل هذه السنين، وكان غازي قد تجاوز في العقد الخامس من العمر، وحضر غازي إلى القدس لرؤية والده وكله شوق.
كيف يكون لغازي أبا بعد هذا العمر؟ ولم يتعرف الشيخ على ولده، لكن فرحة غازي تجاوزت كل الحدود، أيعقل أن يلتقي بوالده الذي لم يعرفه أبدا، معتقدا أنه يتيم الوالدين؟ كان المنظر الأحادي الجانب لا يمكن وصفه. غازي يقبل كل بقعة في جسد والده والدموع تغمره، بل أن بكاءه قد وصل الى مسامع من الجيران الذين حضروا جزء من المشهد. الكل يبكي ويفرك عيونه، لم يعد أحدا يخشى البكاء او يستحي منه. لقد وحد البكاء جميع من حضر، إلا الشيخ فقد وقف في وسط الجمع مستغربا ما يدور، ولا يدري لم يبكي الجميع. لا أنكر أنني رأيت نظرات الشفقة علينا في عيونه، لكن الاستغراب كان أقوى وأوضح، وسيطر صراخ غازي على الموقف: يابا أنا ابنك، يابا أنا غازي، يابا رد علي. وكلما زاد الصراخ، زاد العويل.
دون تحقيق أي تقدم، وان كانت هناك ألفة ،» لإطلاق سراح الشيخ حسن « انقضت الأيام الأولى نسبية قد نشأت بينه وبين محيطه الجديد، لكنه ما انفك الطلب العودة إلى المستشفى:
الضيف ثلاثة أيام وثلث، وها أنا قضيت معكم أطول من ذلك، رجعوني. لا أدري ما كانت عليه شروط الحياة الشيخ أثناء اعتقاله او بعد تنقله بين المستشفيات.
كان يحمل في جيبه قطعة قماش )منديل( يلف داخلها حفنة من التراب، وقبل الصلاة كان يفردها ويتيمم عوضا عن الوضوء، كما يقتضي الشرع الإسلامي في حالة عدم توفر المياه او لنجاسة المياه، وعندما كان ينتهي من التيمم، كان يلف المنديل بحرص شديد ويربطه كصرة ويضعه بكل تأني وحرص في جيبه من جديد، ولم ندري أبدا من أين هذا التراب ولماذا يحمله معه أينما ارتحل.
وحين عرضنا عليه الوضوء، بدلا من التيمم، رفض بشدة، مع أنه كان يستحم يوميا، وكان شدي الحرص على نظافته. وبعد الانتهاء من التيمم، كان يعتلي السرير ويؤذن للصلاة بمواعيدها، ثم يقيم الصلاة على السرير. ولم أره أبدا يقيم الصلاة على الأرض، حتى لو فرشنا له سجادة الصلاة.
المشهد السادس
لم أستسلم أمام إصرار الشيخ عدم فتح ذاكرته لسجلي، ورحت أفكر في أسلوب آخر، واعتقدت أنني وجدته: لنشد الرحال إلى كفر اللبد، فلم تكبر القرية ولم تتطور، لأن أبنائها يتركونها دائما باتجاه المدن الفلسطينية بحثا عن لقمة العيش، ولا بد أن تستيقظ ذاكرة الشيخ هناك.
شددنا الرحال، الشيخ، وغازي، وأنا وآخرون من العائلة. لا شئ يثير الشيخ أثناء رحلتنا من القدس عبر نابلس إلى الطريق المؤدية إلى طولكرم، لكنه كان يمعن النظر ويراقب بدقة متناهية، وأحيانا ينظر إلى الخلف عندما تمر السيارة عن حقل مغروس بالزيتون، ويلصق نظره بالحقل إلى أن يغيب خلف المتعرجات. حين اقتحمت السيارة مدينة نابلس لم أشعر بأن شيئا قد تغيير، لكن ازداد تركيزه على المباني والناس، لكن لا شئ يوحي بمشاعر جديدة، كل شئ عادي وكأن الشيخ يمر من هناك كل يوم، ويشاهد نفس المناظر. وصلنا إلى بلدة عنبتا، ولا جديد يمكن تسجيله، ومن منتصف البلدة انعطفنا إلى الجنوب الغربي وصعدنا الجبل باتجاه كفر اللبد، طريق صعب ضيق يصعد بشكل فجائي وحاد بين مباني أهالي عنبتا، وفي قسمه العلوي يقطع حقول الزيتون إلى نصفين. لم تقطع السيارة أكثر من مئتي متر صعودا، حتى انقض الشيخ على معصمي صارخا كف )أي قف( هنا، وكف العربية )أي السيارة(.
فرملت في منتصف طلعة الجبل، وفتح الشيخ باب السيارة، ولا أعرف من أين له مهارة فتح باب السيارة، وبدأ يهرول صاعدا، وكأن قوة غريبة قد دبت فيه. لحقنا به بعد أن ركنت السيارة على قارعة الطريق. وبعد أن صعد أكثر من خمسين مترا، وفجأة تمدد الشيخ على الأرض وبدأ ينثر التراب على رأسه منتحبا بشدة حتى احمرت عيناه، ولم تكن عيوننا أقل حمرة من وقع ما شاهدناه، وذلك للمفاجأة التي لم نكن قد تحضرنا لها. صحيح أننا بحركتنا هذه أردنا مساعدة الشيخ على استعادة ذاكرته المنسية، او ذاكرته المكبوتة تحت سنوات من الوحدة والعزلة والقطيعة والمعاناة، لكننا لم نكن مستعدين لهذا الشكل من الدراما، فقد كان وقعها في نفوسنا شديد جدا.
وكما استلقى الشيخ على الأرض فجأة، وقف الشيخ على قدميه فجأة أيضا، وبدأ يهرول من جديد، وبسرعة لا تقل عن الأولى:
هذه حبلة خالتي ظريفة، هذه خلة عمي أحمد، هذا مارس...، هذا جدار...، هذه حاكورة....، هذه صبرات...، هذه لوزات... )أسماء قطع الأراضي في الريف الفلسطيني، وهذه الأسماء تعكس على الأغلب الشكل الطوبوغرافي للأراضي(. تسمرت في مكاني ولم أتمالك نفسي، فانفجرت بالبكاء من جديد، لكن ليس بغزارة بكاء الشيخ. وأخيرا وصلنا إلى مرادنا، لقد نطق الشيخ، وانطلقت ذاكرته، ولم يبقى بيننا وبين الحقيقة سوى جلسة تدوين، هكذا منيت نفسي على الأقل.
استمر الشيخ الصعود حتى وصلنا إلى قمة الجبل، وحين طلت بيوت كفر اللبد، حث الخطى بعد أن أصبحت الأرض شبه مستوية، إلى أن وصلنا إلى بيت الشيخ، البيت الذي شهد مسقط رأسه، وهو البيت الذي كان الشيخ يسكنه كلما عاد إلى كفر اللبد، خاصة في موسم الزيتون من كل عام. دفع الشيخ الباب بيده، فانفتح، فدخل، وكأنه لم يغب عنه أبدا. وجلس في صدر البيت المعقود بعقد عربي مفترشا الأرض وتربع. فهل بدأت الآن رواية الحكاية وما علي سوى شحذ قلمي وتسجيل الحكاية بعد العودة إلى البداية؟
لم تمضي دقائق على وصولنا حتى انتشر الخبر في القرية كانتشار النار في الهشيم، فتدفقت الجموع وكأنه يوم الحشر، لم يبقى أحدا في بيته، والكل يروي للكل، لا أعرف عدد صيغ الحكاية الواسع، في حين تحولق كبار السن » العقد « التي كانت تروى، الكل يحاول اختلاس النظر الى داخل حول الشيخ وعجت بهم الغرفة الواسعة. الكل يحاول أن يثبت صلة القرابة بالشيخ: أنا ابن عمتك فاطمة.
وأنا سيدي )أي جدي( ابن خالتك.
وأنا.......
وأنا....
لم أعد أتذكر كل القرابات التي ظهرت فجأة في سماء القرية، لكن القرية اتحدت في هذا اليوم كعائلة واحدة، ولم يعد أحد لا يرتبط بأحد بقرابة ما. لقد ارتبط كل سكان كفر اللبد بالشيخ حسن، وحولهم عبره إلى عائلة واحدة. شئ لم يتكرر بالتاريخ المديد لكفر اللبد. الكل يتبارى فتذكير الشيخ بشئ مشترك يربطه به، وصغار السن من سكان القرية لم يفهموا ما يدور حولهم، لكن
الأمر كان أشبه بسيرك جدير بالمشاهدة، والشيخ أشبه بتحفة يمر من أمامها كل عشاق الفن، ويمر من أمامها كذلك كل من لا يفقه بالفن شيئا، لكنه يجب أن يشاهد اللوحة.
مرت ساعات ونحن على هذا الحال وبالكاد نبس الشيخ ببنت شفة سوى رد السلام وهز الرأس والتحليق بفكره بآفاق لا أحد يعرفها. ومع كل ما يدور، لم تفارق تلك البسمة الطفولية البريئة ثغره، والحق يقال بأنني الآن، بعد مرور كل هذا الوقت على قصتي هذه، التي أضعها بين أيديكم، لم أعد بقادر على تحليل تلك البسمة، وان وصفي لها سابقا قد يكون سذاجة مني، أهي
طفولية أم سخرية؟ لم أعد أعرف.
لقد تعرف الشيخ على الأرض لكن ليس على الناس، ولم يربط بين الاثنين، تغيير الناس بقيت الأرض في ذاكرته كما هي، كما كانت بكل تقسيماتها وملكياتها، لم تنتقل، لم تتحرك،.»يابانجية « لم تتغير، ولم تصبح اليابان، لكن الناس أصبحوا،» أطلق سراحه « نام الشيخ في بيته، في مسقط رأسه، ولم أشاهده قد نام بذلك العمق منذ ان أهو الإحساس بالطمأنينة والعودة إلى الديار، ام أنه التعب من هول ما رأى في يوم واحد، يتجاوز ما رآه في أربعين سنة ونيف؟ وصباح اليوم التالي لم يختلف عن مساء اليوم الذي سبقه، كل شئ عادي ومدونتي لم تزد كثير سوى وصف الأحداث، لكن لا حقائق جديدة عن الماضي.
وفي اليوم التالي ذهبنا جميعا لزيارة أرض الشيخ )الخلة( التي تبعد عدة مئات من الأمتارعن وسط القرية، وتكرر المشهد، نثر للتراب على الرأس والمسح على أشجار الزيتون وتقبيلها، وانهمار لدموع الشيخ ودموع كل من شارك في تلك الرحلة إلى البرية، لقد كان المشهد جللا، مسيرة جماعية لسكان القرية، كأنه موسم لولي من أولياء القرية، مئات من الشباب وكبار العمر،
ولم تخلو المسيرة من النساء. واشترك الجمع بذرف الدموع، وكأنها كانت مناسبة لإطلاق دموع حبست لعقود، وفي مثل هذه الأحداث يسمح البكاء دون أن يلام الباكي. مرة ثانية قام الشيخ بكل شئ يمكن توقعه إلا الكلام، وزادني بذلك إحباطا.
المشهد السابع والأخير
غازي يصر على نقل الأب إلى الأردن ليقضي معه ما تبقى له من أيام. وهذا حق لا يستطيع أحدا منا إنكاره عليه، حتى أنا المتشوق جدا إلى البحث عن نهاية سعيدة لهذه الرواية التي لم أستطع كتابة إلا خاتمتها، وحتى هذه لم أستطع كتابتها بشكل كامل بعد. وهنا بدأت المشكلة.
للسفر وثائق ثبوتية لا بد من توفيرها، فالشيخ لا يحمل أية وثيقة. فحين أصدرت الجنسيات الأردنية لسكان الضفة الغربية بعد العام 1951 ، لم يكن الشيخ من سكانها فقد كان في مكان ما لا نعرف أين، لكن بالتأكيد لم يكن في الضفة الغربية. فأين كان الشيخ حسن يا ترى؟ ما الذي حدث له؟ من الممكن انه قد بقي في سجن عكا حين سقط السجن بيد اليهود أثناء حرب عام 1948 ، وقد فتحت أبواب السجن وهاجر من هاجر وهجر من هجر، لكن الشيخ لم يكن يملك ذاكرة يعود إليها، كما عاد من رافقه بالسجن.
على أغلب الظن، وذلك وفق أكثر الاحتمالات، فقد ذاكرته في مرحلة ليست بعيدة عن العام1948 ، لكن بالتأكيد قبلها. وحين تم الاستيلاء على سجن عكا لم يملك اليهود سوى تحويله لى مستشفى للأمراض العقلية، لتبدأ رحلته من جديد في أقبية مجهولة له ولنا. لقد خرج الشيخ سن من التاريخ ولا نعرف أين وصل في رحلته وحيدا. لم يكن صعبا على الشيخ حسن تذكر ما م يتغير من الأشياء، الأرض مثلا، لكنه لم يتذكر حتى أولئك الذين عاصروه وقابلوه لاحقا، فهل م يتذكر فعلا ام أنكر الذاكرة، تحميلا لنا المسؤولية عما جرى له. لم يعرف الشيخ حسن بأن ليهود قد سيطروا على غالبية أرض فلسطين مشكلين دولة إسرائيل، ولم يكن يضمر لهم حقدا ولاكرها، ولكن كل حقده كان متوجها اتجاه الإنجليز، المسؤولين عن كل شئ. لم يفهم شرحنا له عن الاحتلال الإسرائيلي عام 1967 والذي مكننا الالتقاء به. انني أستطيع أن أسجل قائمة طويلة بما لم يفهمه او يستوعبه الشيخ حسن، ولكنني لا أستطيع إلا تسجيل قائمة صغيرة بما ما زالت ذاكرته قادرة على حمله. لكنه كان حملا ثقيلا بكل المعايير. وبقيت الأرض خزان الذاكرة الوحيدة لدى الشيخ حسن.
وبمساعدة مختار القرية، قمنا بتحضير الأوراق الثبوتية الضرورية لتعبئة طلب لاستصدرا جواز سفر أردني، يؤهله الدخول إلى الأردن. لكن كيف سنخرجه عن الجسر باتجاه، وهو لا يحمل هوية إسرائيلية. هنا كان لا بد من العودة إلى المستشفى لاستصدار وثيقة تثبت شخصيته ومكان استطعنا ،» لمن يهمه الأمر « وجوده. وبمساعدة هذه الوثيقة المكتوبة باللغة العبرية والمعنونة.» إسرائيل « استصدار تصريح مغادرة للشيخ عبر جسر اللنبي على اعتباره كان مقيما دائما في» الحقيقة » وبالفعل، وبمساعدة هذه الأوراق التي لم يكن لها أي شكل قانوني، وكلها لا تمت لصلة، غادر الشيخ، بعد وداع حافل في أبو ديس إلى عمان.
وبعدها، لم أرى الشيخ أبدا، وكل ما أعرفه عنه جاء من روايات ابنه غازي وأحفاده. لقد أخبروني ان الشيخ كان يغادر منزل ولده، الكائن في طلعة المصدار المؤدية إلى منطقة الوحدات في عمان الشرقية، يوميا ويحث السير في كل الاتجاهات بحثا عن شئ لم يعرفه أحد، ولم يتأكدون من أنه يعرف عما يبحث. وكان أحد أحفاده يسير في أعقابه إلى أن يتعب، فيأتي بسيارة تعيدهما إلى البيت من جديد، ليتكرر المشهد في اليوم التالي وهكذا يوميا بلا كلل وبلا ملل.
وعلى ما يبدو فقد افتقد الشيخ حسن رتابة حياته الهادئة والوديعة في المستشفى فكان يحاول العودة اليها، العودة إلى ذاته التي افتقدها في خضم الاستقبالات ومقابلة وجوه لا تعني له شيئا، ذاته التي افتقدها في ظل الضغط الهائل عليه ليتذكر ما نسيه او تناساه، ذاته التي هربت من الواقع وحلقت في سماوات لم نبلغها، ولن نتمكن من بلوغها.
ولم تكن عمان بأقل قدرا وحظا من ابو ديس والقدس وكفر اللبد. فقد انتشر خبر الشيخ في أرجاء المدينة المليونية، وتهافتت الصحافة عليه، الكل يريد ان يصل إلى الحقيقة، والكل كان نصيبه منها ليس بأكثر من نصيبي. كما لم تتوانى المؤسسات الرسمية والشعبية عن القدوم إلى بيت العائلة المتواضع، فوصول الشيخ إلى بيت ولده حول البيت إلى مزار لم يعهده من قبل، فتدفقت الوفود وكل محب للاستطلاع. وطلعت الصحف الأردنية بتغطيات صحفية غطت صفحات كاملة:
الشيخ حسن اللبدي يتحرر من « وكتبت صحيفة أخرى ،» الشيخ حسن يخرج من بين الأموات « عمان تحتضن السجين المحرر الشيخ حسن » و ،» سجون الاحتلال بعد قضاءه أكثر من أربعين سنة وهكذا. اذا لم يعد الشيخ حسن شخصية ....» مأساة فلسطين تتجسد بالشيخ حسن « ،» اللبدي غريبة، فقد أضحى من u1571 .علام عمان، ومن رموز القضية الفلسطينية، هكذا أصر على الأقل مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في عمان. لم يشاور أحدا الشيخ حسن في هذه المكانة التي اكتسبها، لكنها كانت بالتأكيد غير مريحة له، فاستمر الهروب إلى حيث لا ندري.
أكثر من ثلاثة أشهر حتى فارق الحياة. وسار في جنازة الشيخ » تحرر الشيخ « لم يمضي على آلاف المشيعين وامتلأت الصحف الأردنية نعيا، لا أعرف ماذا نعو الرمز، الضحية، البقاء، الكارث النكبة، الانتداب، سجن عكا، المستشفيات الإسرائيلية...لا أعرف، لكن الشيخ رحل دون أن أستطيع معرفة ما اكتنز في داخله من جزء هام من تاريخ القضية الفلسطينية. فهل فعلا فقد الشيخ الذاكرة؟ وان كان الأمر كذلك متى؟ أم أنه رفض التذكر احتجاجا علينا وعلى غيرنا؟ وهل قتلته الحرية التي لم ينعم بها أبدا؟ لكنه رحل حاملا أسراره وروايات ثمينة عن مأساتنا. رحل ومعه، او ليس معه، إجابات على ألف سؤال وسؤال.
ــــــــــ * المدير المشارك، رواق، مركز المعمار الشعبي، ومحاضر في التاريخ الإسلامي - جامعة بير زيت |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: مشاهير فلسطين في العالم الأربعاء 06 أبريل 2016, 10:46 pm | |
| الدكتورة صبا عبد الحميد الفاهوممن رائدات النساء الفلسطينيات 1923 - 2004 من أحمد مروات تعتبر صبا الفاهوم من رائدات النساء الفلسطينيات اللواتي عملن في الحقل الوطني الفلسطيني بمثابرة وهمة عالية والتي تكللت ثمارها بتأسيس الاتحاد النسائي في القدس الشريف بعد تأسيس المنظمة عام 1964. وأن اسمها وتاريخها لهو كبير وخاصة في التاريخ النسوي المعاصر في فلسطين فهي من مواليد الناصرة عام 1923 عاصرت الأحداث الفلسطينية خاصة المشهد الأخير الذي رسم من خلاله النكبة الفلسطينية عام 1948 . أنهت دراستها الابتدائية والإعدادية في الناصرة . ومنذ نعومة أظافرها كانت تشعر بحب الوطن وقامت وأحست بواجب النضال ضد الاستعمار البريطاني ومحاربته من خلال مشاركتها في المظاهرات والهتافات الحماسية في المدرسة وقد تسلقت الأسوار والجدران تصرخ وتحمل الشعارات بكل شجاعة وصمود ملتحفة الكوفية وتحتضن العلم الفلسطيني بكل بسالة.. [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]تتلمذت صبا طفولتها وشبابها على يدي شقيقها المناضل دياب الفاهوم السجين الأمني الذي ذاق مرارة الانتداب البريطاني ومرارته وسجن مرات عديدة خاصة بعد اتهامه باغتيال حاكم الجليل البريطاني اندروز عام 1937 ومنها فقد ذاق مرارة التعذيب وزج بغياهب السجون المظلمة سنوات عديدة . حيث كان معلمها الأول وكما تأثرت بنضاله مما تشكل عندها الوعي السياسي.. تخرجت صبا في القدس في دار المعلمات ونالت شهادة التدريس وعلمت في المدرسة الإسلامية التي أسسها المجلس الإسلامي الأعلى في الناصرة عام 1933 في إحدى بيوت عائلة أبو حمد .. إذ كانت تعلم طالباتها العلم إلى جانب ذلك محاربة الاستعمار ومجابهته. ومع سقوط الناصرة في 16 تموز كانت صبا في الميدان كمتطوعة في الإسعافات الأولية لجرحى جيش الإنقاذ والفرق التي دافعت عن المدينة قبيل سقوطها.. خرجت صبا مع ذويها مع من خرجوا من الناصرة إلى بيروت واستقرت في المخيمات وبالتحديد عين الحلوة ثم سافرت لبغداد وتخرجت من إحدى جامعاتها ونالت الليسانس في الآداب الانجليزي ثم سافرت وعملت في صيدا لبنان وتابعت من هناك نشاطها الوطني والسياسي . [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]إذ اهتمت بالقضايا الوطنية النسائية فقد كانت من النشيطات في الحركة القومية لمحاربة المحتل الانكليزي وقد كتبت الكثير من المقالات في هذا الصدد على صفحات الصحف اللبنانية . في عام 1964 حضرت صبا الاجتماع التأسيسي الأول للمجلس الوطني الفلسطيني في القدس كونها عضوا وألقت به قسما فلسطينيا .. " لن ننساك فلسطين … ولن نرضى بوطن سواك .. وبقي هذا القسم محفورا في ذاكرة العديد من أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني .. أتمت صبا تعليمها الأكاديمي العالي ونالت الماجستير في اللغات من الجامعة الأمريكية في بيروت . ومن ثم حصلت على شهادة الدكتورة من الجامعة نفسها .. ومنها فقد سافرت للعراق وعملت محاضرة في جامعة المستنصرية في بغداد وبقيت تعمل بها حتى عام 1993 . كما عينت عضوا في اللجنة الإدارية وجمعية لبنانية تدعى النساء اللبنانيات يعملون برئاسة رشا ألخالدي زوجة الدكتور وليد الخالدي المؤرخ المقدسي الأصل .. وقد أصدرت هذه الجمعية العديد من النشرات السياسية التي فندت المزاعم الإسرائيلية وتثني الحقائق المتعلقة بالقضية الفلسطينية عام 1948 . عنيت بعمل المرأة وبالانتخابات وكان طريقا لتحقيق الديمقراطية وللنضال السياسي وطريقا لحصول المرأة على حقها الاجتماعي . اهتمت بأهمية الأعلام العالمي مما دعاها للانضمام إلى المنظور النسائي الدولي للعدل والسلام والحرية wolf Women international league for peace and freedom . كانت المؤسسة النسوية برئاسة السيدة أنيسة النجار . وناضلت صبا بكل قواها من خلال هذه المنظمة النسائية لتثبيت فرع لفلسطين ونجحت بذلك في تثبيت عضوية فلسطين في المنظمة رسميا عام 1989 . شاركت وحضرت العديد من المؤتمرات الدولية مزودة بسلاح المعرفة والتوثيق . ففي مؤتمر استراليا التي شاركت به قارنت أمام الحضور ما بين عنصرية إسرائيل وجنوب أفريقيا . وكذلك في مؤتمر المرأة بالصين عام 1995 . وساهمت أيضا في أعمال المؤتمر الذي نظمته المنظمة النسوية الدولية في أمريكا عام 1997 وساهمت في إعداد أربع ورقات عمل حول موضوع المؤتمر تحت عنوان " عالم خال من الأسلحة النووية " حيث أوليت الموضوع خاصة عن الإرهاب ففرقت بين إرهاب الدولة المتمثل في الاحتلال الإسرائيلي والدفاع عن النفس وشرعية المقاومة .. كتبت كتابا سياسيا بالإضافة إلى مقالاتها وأبحاثها السياسية الأكاديمية .. ومن كتبها السجينات والموقوفات الفلسطينيات في سجون الاحتلال الإسرائيلي نشر عام 1975 بمناسبة يوم المرأة العالمي . كما نشرت كتابا عن المرأة الليبية حيث ترجم الى 5 لغات .. كتبت صبا مئات المقالات والانتقادات والمداخلات في الكثير من المناسبات والأحداث .. حول المستعمر والقضايا المتعلقة بالقضية الفلسطينية وعلى رأسها صورة المرأة وتمثيلها في السياسة السياسية والاجتماعية .. شاركت صبا في المؤتمر الأول للاتحاد العام للمرأة الفلسطينية الذي عقد بالقدس عام 1965 . تأسس الاتحاد النسائي العام للمرأة الفلسطينية بعد تأسيس منظمة التحرير ليكون قاعدة من قواعد المنظمة وممثلا شرعيا ووحيدا للمرأة داخل الوطن وخارجة وإطارا شعبيا ديمقراطيا يجمع كلمة المرأة الفلسطينية ويوحد صفوفها وينظم طاقاتها للمشاركة في جميع النشاطات السياسية والاجتماعية والاقتصادية .. وحدد الاتحاد العام هدفا أساسيا للمرأة الفلسطينية وهو السعي إلى دمجها في حركة تحرير وطنها من المحتل وحق تقرير المصير وحق العودة وبناء الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف..كما وضع الاتحاد نصب عينيه رفع مستوى وعي المرأة الفلسطينية ومشاركتها في صنع القرار على مستوى الأحزاب السياسية والاتحادات والمنظمات الجماهيرية .. كانت صبا الفاهوم من أوائل النساء الفلسطينيات اللواتي عملن في الاتحاد العام النسائي التي شكلته السيدة وديعة الخرطبيل في لبنان .. عملت في المخيمات الفلسطينية في صيدا وعين الحلوة وشاتيلا وشكلت لجان عمل جماهيرية . وكانت أول من بادر بتدريب الفتيات على الإسعاف الأولي في الميدان .. مناضلة جماهيرية صلبة . وأستاذة جامعية متمرسة . وكاتبة وباحثة سياسية شديدة الحماس لخدمة شعبها وقضيتها حلمت الدكتورة صبا بالرجوع لوطنها ولمدينتها الناصرة .. الحلم الذي لم يفارقها حتى آخر لحظة من حياتها حيث توفيت ودفنت في عمان بقرب ضريح طفلة اسمها فلسطين في 12/5/2004م. |
|
| |
ابراهيم الشنطي Admin
عدد المساهمات : 75802 تاريخ التسجيل : 28/01/2013 العمر : 78 الموقع : الاردن
| موضوع: رد: مشاهير فلسطين في العالم الأربعاء 06 أبريل 2016, 10:47 pm | |
| إدوارد سعيد (1) خارج المكان ... داخل المكان ... ؟!محمد أبو عزّة في أيلول (سبتمبر) عام 2003، رحل المفكر والمبدع والناقد الأدبي الفذ البروفيسور (إدوارد سعيد). [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]وقد أحدث رحيله في حينه حزناً كبيراً لدى قطاعات واسعة من المثقفين العرب الذين أدركوا أهمية الدور الذي لعبه في الدفاع عن القضية الفلسطينية في المحافل الثقافية والسياسية الدولية. حتى عام 1967 كان (إدوارد سعيد) مجرد كاتب أمريكي من أصل فلسطيني، يهتم بالمدرسة البنيوية التي تولي الشكل الفني للعمل الأدبي أهمية كبيرة، وكان نجاحه في اختصاصه هذا مشهوداً. وحتى حزيران (يونيو) من تلك السنة أيضاً، لم تسجل الرقابة الأميركية أو الصهيونية أي نشاط سياسي على البروفيسور فيما عدا أنه (من أصل فلسطيني). وكان أن شنت (إسرائيل) المدعومة من الولايات المتحدة عدوانها الشهير في الخامس من حزيران 1967، ودهش الرجل- وهو الموضوعي المحايد- من حجم الظلم الوقح الذي وقع على الشعب العربي –(عامة) وعلى الشعب الفلسطيني (على وجه الخصوص)، وبدأت الأسئلة تلح عليه .. [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]ما هي المشكلة الفلسطينية؟ · من هو الفلسطيني؟ · إلى أي حد أنا فلسطيني؟ وبدأ رحلة البحث عن أجوبة لهذه الأسئلة على أرض الواقع، فتوجه إلى الشرق الأدنى وبدأ يتعلم اللغة العربية، ويقابل الناس، ويدّون الملاحظات .. إلى أن تشكلت لديه مجموعة من التصورات، صاغها في كتابه (القضية الفلسطينية). وكانت الأسئلة التي طرحها في كتابه ذاك (أسئلة من رجل أمريكي، تربطه عاطفة ما بالقضية الفلسطينية)، أي أنها لم تكن أسئلة فلسطينية. كما أن كتابته كانت موجهة للأمريكيين وليس للفلسطينيين .. ومع ذلك فإن كتابه القضية الفلسطينية قوبل بالغضب والسخط من الحركة الصهيونية والأمريكان الصهاينة وقطاعات من المثقفين الغربيين المتصهينين .. لمجرد أنه يحمل تلميحاً إلى حقيقة وجود الشعب الفلسطيني. ومن الأصوات التي نبحت على الكتاب والكاتب صحيفة (الغارديان) البريطانية، التي نشرت مقالة بعنوان (مشكلة بلا حل)، حاول كاتبها البرهنة على أن الفلسطينيين ليسوا شعباً، وحين عجز عن إثبات فريته، خلص إلى القول: حتى لو كان الفلسطينيون شعباً، فإن هذا لا يعني أن يكون لهم دولة (!!) إن هناك شعوباً كثيرة لا أرض لها ولا دولة، فلماذا لا يكون الفلسطينيون من هذه الشعوب. لقد ذكّرت الغارديان في مقالتها تلك بالمذكرة التي رفعها الصهيوني الأمريكي (وليام بلاكستون) إلى المؤتمر المسيحي اليهودي الذي عقد في شيكاغو عام 1891 وجاء فيها: "إن القوى الدولية انتزعت بلغاريا وصربيا ورومانيا ومونتينغرو واليونان .. من الأتراك وأعادتها إلى أصحابها الشرعيين، فلماذا لا تعاد فلسطين إلى اليهود، وطنهم بحسب توزيع الله للأمم!!" وقد وجهت تلك المذكرة آنذاك بنصها وفصها إلى الرئيس الأمريكي (بنجامين هاريسون) وإلى عدد من رؤساء أوروبا، بعد أن تم تذييلها بتواقيع وبصمات أصابع رئيس المحكمة الأمريكية العليا، ورئيس مجلس النواب الأمريكي، وروكفلر- الجد وغيرهم. أما عن مصير السكان العرب الفلسطينيين، فلسوف نرى اللورد بلفور ما غيره يعلن عام 1917: إن الصهيونية متجذرة في تقاليد قديمة، واحتياجات حالية، وآمال مستقبلية .. ذات أهمية أعمق بكثير من رغبات وأهواء 700 ألف عربي يقيمون الآن في الأرض القديمة ..!! ومع أن (إدوارد سعيد) لم يطرح في كتابه (القضية الفلسطينية) وجهة نظر الفلسطينيين البسيطة التي تقول (إن فلسطين هي أرض الفلسطينيين، وإن الإمبراطورية البريطانية والولايات المتحدة هي التي طردت الفلسطينيين عام 1948 من بعض هذه الأرض لتبني دويلة (إسرائيل)، ثم عادت هذه الدويلة وبدعم من أمريكا واحتلت كل أرض فلسطين عام 1967 .. وإن كل ما يريده الفلسطينيون هو استعادة أرضهم وتقرير مصيرهم عليها..الخ مع أنه لم يطرح ذلك في كتابه، فإنه أصبح (كاتباً رجيماً) لدى أنصار الصهيونية الذين رأوا فيه حالة من حالات المجابهة مع النظرة الاستشراقية والاستعمارية في قلعتها العاتية والطاغية (أمريكا). ولكن ذلك لم يمنع إدوارد سعيد من مواصلة البحث، وكان إن وضع كتابه (خارج المكان out of place ) الذي قدم فيه مقاطع من سيرة الطفولة والانتقال من المجتمع العربي في فلسطين ومصر إلى المجتمع الأمريكي الذي صار يحمل جنسيته. [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]في (خارج المكان) كتب إدوارد سعيد: تخترع جميع العائلات آباءها وأبناءها، وتمنح كل واحد منهم قصة وشخصية ومصيراً، بل إنها تمنحه لغته الخاصة .. وقد وقع خطأ في الطريقة التي تم بها اختراعي وتركيبي في عالم والدّي وشقيقاتي الأربع، فخلال القسط الأوفر من حياتي المبكرة لم أستطع أن أتبين ما إذا كان ذلك ناجماً عن خطئي المستمر في تمثيل دوري، أو عن عطب كبير في كياني ذاته" ما هو هذا الخطأ؟ إدوارد لا يقدم إجابة، ويكتفي بتقديم قراءة لحياة أسرة فلسطينية ثرية كانت تعيش في القدس، ثم انتقلت إلى القاهرة، والعلاقات التي تجمع أفراد هذه العائلة .. يحكي عن الوالد –(وديع) كما يسميه- حامل الجنسية الأمريكية الذي يفاخر بوطنه (الطارئ) أمريكا، ويضيف أنه صدق ذلك الانتماء لفترة من طفولته قبل أن يشعر بإرباك الهوية في المدارس التي ارتادها في القاهرة وشعر معها بأنه (خارج المكان). ويبدو في (خارج المكان) وقد عاش شتاتاً بعد شتات، وبدا في بداية حياته كشخص تمتلكه الحيرة وعدم الثقة بالنفس من الحضور الطاغي للأب والأم معاً، خصوصاً الأم (هيلدا) التي احتلت مساحة واسعة من السرد والوصف، وقدراً من التحليل، فظهرت بوصفها المركز في البيت، الكل يدور في فلكها، قبل أن ينتقل إلى التباس الاسم الإنجليزي (إدوارد) الاسم العربي (سعيد) .. يقول: لقد سلخت أكثر من خمسين عاماً من عمري كي اعتاد على اسم (إدوارد)، أو لكي أشعر بضيق أقل حيال الاسم، وهو اسم إنجليزي بعيد الاحتمال عن أن يكون مقروناً بـ (سعيد) وهو اسم عائلة عربي حميم .." "لقد أخبرتني أمي أنني سميت بهذا الاسم (إدوارد) اقتداء بأمير ويلز الذي كان رائع الجمال عام 1935 وهو عام ولادتي، وإن (سعيد) كان العلامة التجارية لعائلة تضم أعماماً وأولاد أعمام مختلفين .. غير أن هذا الأساس (المنطقي) لأسمى تهاوى حين اكتشفت أن (لا أجداد لاسم سعيد ؟!). لقد حاولت أن أجد رابطاً بين هذا الاسم الإنجليزي والاسم العربي ولكن دون جدوى، ولذلك كثيراً ما كنت أربط الاسمين معاً وألفظهما بشكل سريع كي لا يبين أي منهما ..". منذ مطلع السبعينات وإدوارد سعيد يطرح الأسئلة ويواصل الاكتشاف وبالتأكيد فإنه اكتشف أن لجدّه (سعيد) أخوة وأخوات، وأبناء عمومة وخؤوله .. وهو ما حاولت الصهيونية نفيه وحجبه عن سابق تصميم وتصور. إنّ إدوارد سعيد في الحقيقة فلسطيني من أصل جزائري، جاء أجداده إلى فلسطين في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، مع هجرة الجزائريين إلى فلسطين التي بدأت عقب تهجير الأمير عبد القادر الجزائري. وكان والده (وديع) مسلماً، وجدّه (سعيد) ووالد جدّه كانا كذلك.. وإلى الحكاية من أولها. |
|
| |
| مشاهير فلسطين في العالم | |
|