حملات شيطنة الفلسطينيين… هذه أسبابها
الحملات الإلكترونية التي تستهدف الفلسطينيين على شبكات التواصل الاجتماعي وتحاول تشويههم وتسخيف قضيتهم، دائماً ما تتزامن مع موجة تطبيع عربي أو خليجي مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وهذه الظاهرة لا يمكن أن تكون بالصدفة، وإنما هي مدبرة ومدروسة ولها أهدافها، وهنا الحكاية.
ما يحدث منذ بدأت موجة التطبيع الأخيرة مع الاحتلال هو، أن الحملات التي تستهدف الفلسطينيين وتنال من نضالهم وصمودهم تتقاطر واحدة تلو الأخرى، من خلال الإعلام التقليدي أو الإلكتروني، أو عبر شبكات التواصل، والحقيقة أن هذه الحملات لا تستهدف الفلسطينيين، وإنما هي في الحقيقة تهدف إلى تبرير التطبيع وتسويق الإذعان الرسمي العربي لدولة العدوان الإسرائيلي، وذلك عبر ادعاءات ضالة تنال من الفلسطينيين.
ثمة حملة جديدة شهدتها شبكات التواصل الاجتماعي مؤخراً للنيل من الفلسطينيين، وهذه الحملة كانت متزامنة مع زيارة رئيس دولة الاحتلال إسحق هرتسوغ إلى دولة الإمارات، كما أنها تزامنت مع تسريبات تتعلق ببرنامج التجسس الإسرائيلي “بيغاسوس” وتورط بعض الدول العربية بصفقات مع الاحتلال، من أجل الحصول على هذا البرنامج واستخدامه ضد المعارضين، أي أن الحملة ضد الفلسطينيين تأتي بالتزامن مع جملة فضائح لأنظمة عربية، بعضها يقوم بالتطبيع العلني والآخر سراً ومن تحت الطاولة، ويتم الكشف عنه عبر وسائل الإعلام الأجنبية والإسرائيلية.
جيوش إلكترونية مدفوعة الأجر، تهدف للتطبيل والتسحيج للأنظمة السياسية المطبعة، وتهدف للتغطية على السقوط الذي تهوي إليه هذه الأنظمة
هذا التزامن لا يُمكن أن يكون بمحض الصدفة، والشواهد السابقة تدل على ذلك، إذ في كل مرة كانت تنزلق فيه بعض أنظمة الخليج إلى التطبيع مع الاحتلال، كنا نشهد حملة لتشويه الفلسطينيين وشيطنتهم، وذلك من أجل تبرير التحالف مع عدوهم، وهو الاحتلال الإسرائيلي. والحملة الأخيرة لا يمكن إلا أن تكون في هذا السياق، حيث إنها محاولة للتغطية على زيارة رئيس دولة الاحتلال إلى الخليج، وتحليقه فوق الأراضي المقدسة. مع كل محطة تطبيعية جديدة ومع كل قاع جديد يصله المطبعون، يتم تنظيم حملة إلكترونية ممنهجة لتشويه الفلسطينيين وشيطنتهم، وكيل الاتهام لهم، وذلك للتغطية على أي انتقاد محتمل ضد التطبيع، وهذا يعني بالضرورة أن القائمين على هذه الحملات ليسوا سوى جيوش إلكترونية مدفوعة الأجر، تهدف إلى التطبيل والتسحيج للأنظمة السياسية المطبعة، وتهدف إلى التغطية على السقوط الذي تهوي إليه هذه الأنظمة، وتهدف أيضاً إلى تقديم القرابين للمحتلين من أجل نيل الرضا.. والأهم من ذلك كله أن هذا معناه، أن هذه الحملات المرتبة سلفاً والمدفوعة الأجر لا تُمثل الرأي العام الحقيقي، ولا تُعبر عن ضمير الناس، إذ لا يزال الشارعُ العربي موحداً من المحيط الى الخليج خلف قضاياه العادلة، وما زلنا في كل مواجهة بين الفلسطينيين والاحتلال نسمعُ الضمير الحي والحقيقي لهذا الشارع، من دون أي تزوير ولا تدليس وبعيداً عن الجيوش الإلكترونية. واقع الحال أن الأنظمة العربية المطبعة، التي ارتمت في أحضان الاحتلال مؤخراً، تريد تغيير الثقافة العامة للإنسان العربي، وتريد غسل دماغه بما يجعله يقبل بالاحتلال كدولة طبيعية في هذه المنطقة، وفي الوقت ذاته تريد هذه الأنظمة أن تنزع من قلوب شعوبها التعاطف مع فلسطين وشعبها وقضيتها، ولذلك يتم تنظيم حملات تشويه الفلسطينيين المتزامنة مع محطات السقوط في مستنقع التطبيع.
والصحيح أن هذه الأنظمة العربية تُخطئ لو اعتقدت بأنها ستنجح في هذه المهمة، أو تلك، فلا إسرائيل ستصبح جزءاً طبيعياً من هذه المنطقة، ولا الشعوب العربية ستكره الفلسطينيين، أو تتنكر لقضيتهم التي هي قضية القدس والمسجد الأقصى، لأنه في نهاية المطاف لا يصحُ إلا الصحيح، ولا يمكن أن تستوي الأحوال في هذه المنطقة إلا بعد انتهاء الاحتلال، والتوصل إلى تسوية منطقية وعادلة للقضية الفلسطينية، وهذه التسوية بطبيعة الحال يجب أن تضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة.. هذا هو الوضع الطبيعي في العقل العربي وكل ما سواه هو الاستثناء.