جماعة «جباية الثمن»؟
عصابة الإرهاب اليهودية التي نفذت العملية الإرهابية الجديدة، فجر أمس، في قرية دوما بالضفة الغربية، تنتمي إلى مجموعة أكبر تعرف أعمالها باسم «جباية الثمن»، ولكن السلطات الإسرائيلية الرسمية، خصوصا في ظل حكم نتنياهو، تمتنع عن تسميتها باسمها الحقيقي. فهي «تنظيم إرهابي» بامتياز. يعمل أفرادها إرهابيين بكل معنى الكلمة. لديهم قادة وقيادات، ولديهم تمويل وأدوات. وتقاعس سلطات الأمن الإسرائيلية من جهة، وتعاطف المستوطنين معهم من جهة ثانية، يوفر لهم «دفيئة»، ينطلقون منها إلى عمليات إرهاب تتطور وتصبح أخطر وذات نوعية من يوم لآخر.
فقط قبل يومين، صرح ضابط كبير في الجيش الإسرائيلي قائلا إن هذه الجماعة تبدي ذكاء حادًا وتكتيكًا متطورًا. فمع أن عدد عملياتها قد انخفض، فإن نوعية عملياتها أصبحت أشد خطورة. وصدق. فقد أحرقوا عائلة بأكملها.
تأسست هذه الجماعة في مثل هذه الأيام من شهر يوليو (تموز) سنة 2008، في أعقاب الصدامات التي وقعت بين الجنود الإسرائيليين والمستوطنين في بؤرة استيطان تدعى «عادي - عاد». ففي حينه قررت حكومة إيهود أولمرت، الذي بدأ مسارًا للتفاوض مع الفلسطينيين، إزالة جميع البؤر الاستيطانية (نحو 100 بؤرة)، التي كانت قد أقيمت في السنوات العشر الأخيرة بتشجيع من حكومة آرييل شارون. قرار الحكومة بإزالة البؤر حظي برد فعل قاسٍ من المستوطنين، فقرروا مقاومته بالقوة. واختاروا طريقة «جباية الثمن». فكلما يتم الصدام معهم، أو تقوم الحكومة بهدم مبنى أقاموه بلا ترخيص، كانوا ينتقمون من الفلسطينيين. فينقذون اعتداءات ما عليهم.
في البداية، كانت تلك أعمالا فردية، أو بمجموعات محلية محدودة العدد والعدة. ولكنها شيئًا فشيئًا تطورت واتسعت واتخذت طابعًا أقوى وأقسى. وحسب صحيفة «هآرتس» 3 أكتوبر (تشرين الأول) 2014، يبلغ عدد أعضاء تنظيم «جباية ثمن» نحو 3 آلاف شخص. ويوجد بينهم جنود في جيش الاحتياط الإسرائيلي، مما يعني أنهم يكتسبون خبرات في العمل العسكري. وحسب طرق عملهم، التي تستند إلى اختيار قرى نائية، فإن 85 بلدة فلسطينية يعيش فيها ربع مليون إنسان معرضة لخطر اعتداءات هذه الجماعة. وقد نفذت منذ تشكيلها ما يقارب 700 عملية اعتداء عنيف.
وقد اختاروا ضحية لاعتداءاتهم، بيوت الفلسطينيين النائية وعددا من المساجد والكنائس والأديرة المسيحية والمقابر الإسلامية والمسيحية، ليس فقط في الضفة الغربية بل أيضًا في إسرائيل نفسها ضد فلسطينيي 48 ومقدساتهم. وعلى الرغم من أن أجهزة الأمن الإسرائيلية تعلن أنها تطاردهم، إلا أنها لم تقبض عليهم إلا في حادثين اثنين. الأمر الذي يعتبره الفلسطينيون تشجيعا لهم.
https://www.dohainstitute.org/ar/lists/ACRPS-PDFDocumentLibrary/document_3B564EC6.pdf