بلال حسن التل - االسياحة... مسألة هوية
الكثير من الفيديوهات التي بثها من البحر الميت، من صنفوا على أنهم مؤثرين، تثير السؤال عن الهوية التي نريدها للسياحة الأردنية ،وهل هي سياحة المتعة و"الفرفشة"بحيث يصبح بلدنا مقصدا لطالبي المتعة، فتكثر فية الملاهي وعلب الليل على غرار ما كان عليه الحال في شارع الحمرا وساحة البرج في بيروت قبل دمارها؟ وهل تصب في هذا الهدف موجة المهرجانات الترفيهية التي اجتاحت بلدنا هذا العام؟ وبالتالي هل يريد البعض منا أن ننسى تنوع المنتج السياحي الأردني ،كما نسيه ضيوف بحيرة لوط من المؤثرين، وأول ذلك السياحة الدينية التي نمتلك كل مقوماتها،فهي غير مقصورة على مؤتة وما فيها من مقامات يظن البعض أن إجلال أصحابها وأولهم جعفر بن أبي طالب مقصور على طائفة واحدة من المسلمين وهذا تجاهل لحقيقة تاريخية كبرى تؤكد أن حب آل البيت واحترامهم محل إجماع سائر المسلمين على اختلاف مذاهبهم وأعراقهم ولغاتهم،إضافة إلى أن مؤتة تضم في جنباتها ثلة من خيرة صحابة رسول الله عليه السلام ،في مقدمتهم عبدالله بن رواحة ،وزيد بن حارثة ،وفي مؤتة وقعت أول مواجهات الإسلام خارج جزيرة العرب ،وأظن أن إنشاء بانوراما لمعركة مؤتة سيكون عامل جذب سياحي للأردن، وكذلك الحال لو فعلنا الأمر نفسه في موقع معركة اليرموك في شمال الأردن ،خاصة وأن اليرموك من المعارك الحاسمة في تاريخ البشرية.
كثيرة هي المعالم الدينية الإسلامية التي من شأنها أن تجعل الأردن قبلة السياحة الدينية في الأردن مسار رسول الله إلى الشام ،وفيه الشجرة التي استراح تحت ظلها عليه السلام ،وفيه الدير الذي بشر به الراهب بحيرة بنبوة سيدنا محمد،وحذر عمله من مكر يهود به أن عرفوه، وفي الأردن أضرحة أمين الأمة أبو عبيدة ،وقاضي رسول الله معاذ بن جبل وابنه،وفيه ضريح ضرار بن الأزور ،وضريح شرحبيل بن حسنه وضريح عبدالرحمن بن عوف ،وفي الروايات أن تراب الأردن يضم أربعة وعشرين ألف صحابي وكل هذه مقومات السياحة الدينية تجعل للأردن مكانة خاصة في قلوب أكثر من مليار مسلم ،ناهيك عن أنها يمكن أن تدر عليه المليارات أن نحن أحسنا توظيف كل مقومات السياحة الدينية ،خاصة وأن لدينا في الأردن أماكن مسيحية مقدسة في طليعتها مغطس المسيح عليه السلام ، بالإضافة إلى الأماكن التي زارها عليه السلام في الأردن، ناهيك عن أن الأردن يحتضن سلسلة من أقدم الكنائس المسيحية في التاريخ،مما يشكل رافدا مهما للسياحة الدينية.